فصل [في عذاب القبر وسؤال الملكين]
لا خلاف بين الأمة أن أهل النار يعذبون قبل يوم القيامة غلا ما يحكى عن ضرار سواء كان في القبر أو لم، لكن فإن كثيراً من الناس لا يعبر بأن يصلب أو يحرق أو تأكله السباع ونحو ذلك، ولكن عبَّر عنه بعذاب القبر؛ لأنه الغالب. وقد ورد السمع بما يدل على ذلك.
قال تعالى حكاية عن أهل النار: {ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} وإنما يكونان إماتتين إذا أحياهم في القبر، ثم أماتهم، والإحياء في القبر إنما يكون لعذاب أو بشارة، ولم يذكر الحياة التي هم فيها؛ لأن ظاهره معلومة لا تحتاج إلى ذكر.

فإن قيل: الإماتة الأولى هي خلقه إياهم بعد أن كانوا أمواتاً، كما قال {وكنتم أمواتاً فأحياكم}.
قلنا: إن لفظة الإماتة لا تطلق إلى بعد حياة لا حقيقة ولا مجازاً.
وأما لفظة الموت والموات فتطلق على الجمادات مجازاً.
وأما قوله تعالى: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} فالمراد في الآخرة.
دليل، قال تعالى في آل فرعون {النار تعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب} فبين أنهم يعرضون على النار قبل يوم القيامة، وإنما يكون ذلك مع الحياة، وقد تأوَّلها بعضهم على التشبيه، أي كأنهم يعرضون وبعضهم على أن فيها تقديماً وتأخيراً تقديره ادخلوا آل فرعون أشد العذاب وكله خلاف الظاهر.
دليل، قال تعالى: {مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً} والفاء للتعقيب، وهذا جيد إن كان المراد بالإغراق الموت وقد وردت الأحاديث ف يذلك نحو قوله عليه السلام: ((القبر روضة من /369/ رياض الجنَّة أو حفرة من حفر النار))، ومر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان من كثير، أي عندهما أو بالنسبة غلى من له طاعات كان أحدهما يمشي بالنميمة والآخر لا يستنزَّ من البول.

وأما سؤال منكر ونكير فهو أيضاً من جملة عذاب القبر أو بشارته وقد ورد الأثر بأنهما يأتيان الميت فيقعدانه بعد أن أحياه الله تعالى وأكمل عقله وشاهدانه على صورة حسنة يستر بهما ويجري مجرى البشارة بالجنة إن كان من أهل الخير فقط وعلى صورة هائلة فجيعة إن كان من أهل النار، ثم يسالانه عن ربه ودينه ونبيِّه، فإن كان من أهل الثواب ثبته الله فأجاب بالصواب فأحسنا له الكلام وبشرَّاه وأدخلا عليه سروراً عظيماً، وإن كان من أهل العقاب كان بالعكس فنسأل الله العظيم أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
فإن قيل: إن تسميتهما بمنكر ونكير تسمية ذم وذلك ممنوع في الملائكة.
قلنا: إنما تكون التسمية ذماً بالقصد غلى ذلك، ألا ترى أن العرب قد سمت بالكلب والصخر ويحق ذلك ولم يكن ذماً والغرض بهذه التسمية ما يرجع إلى فقد المعرفَة بهما وإنكارهما وما يرجع إلى نفور المعذب منهما وكراهة مشاهدتهما، ولما يرجع إلى عظم خلقهما وهائل فعلهما.
فإن قيل: متى يكون هذا السؤال وسائر عذاب القبر؟
قلنا: لم يرد على تعيين وقته دليل وجائز أن يكون في أوقات الدنيا، ولا يلزم عليه أن يسمع ويرى؛ لأن في ستره عن الناس صلاحاً يعلمه الله تعالى، وربما أن الصلاح في ذلك يرجع إلى زوال الإلجاء، فإنا لو شاهدنا شيئاً من عذاب أهل القبور لكنا ملجئين غلى فعل الطاعة وترك المعصية، ويجوز أن يكون في البرزخ بين النفختين.
قيل: وهو الأقرب لقوله تعالى: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} والبرزخ هو الأمر الهائل.
فصل
وأما الميزان فقد أثبته الجمهور على الحقيقة للآيات الواردة به، ولما يروى عنه عليه السلام أنه يكون عند كل كفَّة ملك، فإذا رجحت كفَّة الخير نادى الآن فلاناً سد سعد سعادة لا شقاوة بعدها ابداً، وإذا أرجحت كفَّه اليسرى نادى الآن فلاناً قد شقي شقاوة لا سعادة بعدها أبداً.

وأما وزن الأعمال فليس على الحقيقة؛ لأنها إعراض ومما لا يجوز عليه الإعادة، ويجوز أن يجعل الله في إحدى الكفين نوراً علامة للطاعة، وفي الأخرى ظلم علامة للمعصية، ثم يرجح أحدهما، ويجوز أن يكون الأعمال مكتوبة في صحائف توضع صحائف الطاعة في كفِّه وصحائف المعصية في كفِّه، وفائدة ذلك تعجيل المسرة أو الغم فيكون ذلك جارياً مجرى الثواب أو العقاب، ويكون في العلم به لطفاً للمكلفين في الدنيا.
وقد ذهب بعض الشيوخ غلى أن المراد بالميزان في الآخرة العدل، وهو خلاف الظاهر، ولا /370/ ولا موجب للعدول عن الظاهر، ولو كان كما ذكره لما كان لذلك الثقل معنى.
فصل
وأما الحساب وبشر الصحف وإنطاق الجوارح، فمما لا يمكن إنكاره، وفائدة جميع ذلك ما يرجع غلى اللطف في العلم به، وصورة الحساب أن يخلق الله فيهم علماً ضرورياً بما لهم من الحسنات والسيئات، ولهذا صح منه تعالى بسرعة، وليس على حد المحاسبة في الشاهد.
وأما إنطاق الجوارح فهو بأن يخلق الله تعالى فيها الكلام كما يفعله في الحصى والشجر أو بأن يبنيها بنية يصح منها الكلام ولا يقف على اختياره.
فصل
وأما الصراط فهو الطريق، قيل: وهو طريقان في الآخرة طريق إلى الجنة وطريق إلى النار، وعلى هذا يحمل قوله: {فاهدوهم غلى صراط الجحيم} وقوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} في أحد وجوهه وقيل هو جسر على جهنم يتفسح لأهل الجنة فيمرون عليها بسهولة ويتضيَّق على أهل النار ويضطرون عليه حتى إذا بلغ أحدهم إلى سمت مكانه من جهنم، يسأل الله السلامة وعلى هذا يحمل قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} إن كان الضمير عائداً إلى النار فيكون ورود المؤمنين النار بهذا المعنى صحيحاً من دون فزع، ولا ألم، بل ربما يزداد سرورهم لتيقنهم السلامة منه، ويكون في العلم بذلك لطف للمكلفين في الدنيا.
فصول في بيان أن الله تعالى يفعل بالعصاة ما يستحقونه وينبغي أن يتكلم في مقدمتين لا بد من ذكرهما.

أحدهما: في بيان معنى الصغيرة والكبير.
والثانية: في بيان معنى أن في اللغة ألفاظ للعموم.
أما المقدمة الأولى فالكثيرة هي ما يستحق عليها صاحبها من العقاب في كل وقت أكثر مما يستحق من الثواب في كل وقت.
قلنا: صاحبها ولم يقل فاعلها؛ لأن الكبيرة قد تكون من باب التروك.
وقلنا في كل وقت؛ لأنه ربما يفعل طاعة يستحق عليها عشرة أجزاء من الثواب في كل وقت، ثم إذا لبث عشرة أوقات صار له مائة جزء من الثواب، فلو فعل معصية يستحق عليها أحد عشر جزءاً من العقاب في كل وقت لكانت كبيرة بالنظر غلى عشرة الثواب التي يستحقها في كل وقت ولا غيره بما اجتمع له في الأوقات الماضية؛ لأنه لا يستحقه في كل وقت.
والصغيرة هي ما يستحق صاحبها من الثواب في كل وقت أكثر من عقابها في كل وقت، والاحتراز ما تقدم.
وقد ورد السمع بأن في المعاصي صغائر وكبائر، قال تعالى: {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة} وقال تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} وقال تعالى: {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان}، فجعل العصيان قسماً بالنار وليس إلا /371/ الصغائر.
وقد اختلف الشيوخ في هل من حق الصغيرة أن يكون محقَّقة بأن يكون لفاعلها ثواباً يكفر عقابها أو يجوز أن يوصف بذلك تقديراً بمعنى أنه لو كان له ثواب لكفر عقابها، فقال: بالأول بعضهم وقال بالثاني آخرون وهو خلاف في عبارة وفائدته هل للكافر صغائر أم لا، واتفق الشيوخ على أنه لا يجوز التعريف بجميع الكبائر؛ لأنا نعلم إنما عداها صغير فيكون في حكم المغربين به، فأما بعد فعلها فيجوز كصغائر الأنبياء، ولا يلزم أن يكونوا مغربين بها؛ لأنهم لا يقطعون بأن الذي نفى من ثوابهم بكفر عقابها مرَّة أخرى، وكذلك لا يكون نحن مغربين بفعل مثلها؛ لأنا لا نقطع بأن لنا ثواباً نكفر عقابها ، فأما بعض الكبائر فيجوز أن يعرفها بأعيانها نحو الزنا وشرب الخمر وقتل النفس.

وبالجملة، ما كان عليه عقاب في الدنيا وما عداه قبل لا نقطع بكون شيء منه كثيراً، وقيل: نقطع بذلك فيما يتناوله وعيد يخصه كالكذب والغيبة.
وأما المقدمة الثانية فقد ذهب الجمهور إلا أن في اللغة ألفاظها للعموم وهي من وما وأين ومتى وأي في الاستفهام والمجازاة وكل وجميع والنكرة في النفي والجمع المضاف والاس المفرد والجمع إذا دخلهما اللام بحسب خلاف بين الشيوخ.
وقالت المرجية: ليست للعموم، ثم اختلفوا فقال بعضهم: هي للخصوص، وقال بعضهم: هي مشتركة بين العموم والخصوص، وقال بعضهم: هي المقدر المشترك، أي لا يفيد إلا العموم ولا الخصوص ولا يمنع منهما، وقال بعضهم بالوقف مطلقاً، وقال بعضهم: به في الأخبار خاصة.
لنا: أن الاستغراق معنى عقله أهل اللغة ومستهم الحاجة غليه، فيجب أن يضعوا له لفظاً لقوَّة الدواعي مع القدرة.
قال الخصوم: يجوز وإن عقلوه إلا يضعوا له كفعل الحال والاستقبال، والاعتماد سفلاً وعلواً ورائحة المسك والكافور.
قلنا: كلامنا في معنى يسند الحاجة إلى العبارة عنه.
على أنهم قد وضعوا لهذه الأشياء ألفاظها لكنها مركبة، فقالوا: زيد يفعل الآن أو غداً أو اعتماد سفلي ورائحة مسك، قالوا: الاشتراك بين الكل والبعض معنى عقلوه أيضاً كمن يريد أن يشكك على غيره.
قلنا: لذلك لفظ يخصه نحو: جاءني إما كل الناس وإما بعضهم.
دليل من في الاستفهام إما حقيقة في البعض مجاز في الكل وهو باطل، وغلا لما حسن أن يجيب بذكر جميع العقلاء، وإما مشتركة بينهما وهو باطل، وغلا لما حسن أن يجيب حتى يستفهم السائل عما سأل، فيقول: أعن الرجال تسأل أو عن النساء؟ وإذا قال عن الرجال قال: أعن العرب أم العجم؟ وإذا قال: عن العرب، قال: أعن ربيعة أم مضر؟ وهلم جرَّا إذ ما من لفظ يجيب به إلا وهو مشترك عند المخالف ومعلوم /372/ استقباح هذه الأسئلة.

دليل، يصح الاستثناء في جميع ما يعدم ذكره وذلك علامة العموم؛ لأن من حقه أن يخرج من الكلام مالولاه لوجب دخوله تحته.
قالوا: يخرج ما لولاه لصح دخوله لا مالولاه لوجب.
قلنا: فكان إذا يصح الاستثناء من الجميع المنكر نحو أكرم رجالاً إلا زيداً وهم قد منعوه لكونه يخرج ما لولاه لصح دخوله لا مالولاه لوجب، وتأوَّلوه حيث ورد بأن المغني ليس بعضهم زيداً.
وبعد، فالاستثناء من الأعداد يخرج ما لولاه لوجب دخوله نحو على عشرة إلا درهماً.
وبعد، فقد قال أهل اللغة: الاستثناء إخراج بعض من كل ومالم يكن الكل مستغرقاً لهو بها بعض.
دليل، لو كانت هذه الألفاظ مشتركة بين العموم والخصوص لكان التأكيد في نحو رأيت القوم كلهم، يريد السامع التباساً، ومعلوم أنهم يقصدون به الإيضاح، ولو كانت حقيقة في الخصوص لتعد العموم بكل لفظة من ألفاظ التأكيد درجة.
دليل، قد رجع أهل اللغة في إفادة العموم إلى كل ونحوها.
دليل، إذا قال ضربت من في الدار نافاه لم أضرب من في الدار وناقضه لم أضرب بعض من في الدار، ومع الخصوص والاشتراك لا منافاة ولا تناقض.
دليل، إذا قال قائل: ما ضربت رجلاً أكذبه، قول الآخر: ضربت رجلاً، ومنه قوله تعالى: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} تكذيباً للذين قالوا {ما أنزل الله على بشر من شيء}.
دليل، فهم عثمان بن مظغون رضي الله عنه العموم من قول البيت: (.. وكل نعيم لا محالة زئال).
فقال: كذب فإن نعيم أهل الجنة لا يزول، وكذلك فهم ابن الزنعرى العموم من قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من..} الآية، فألزم النبي عليه السلام أن تكون الملائكة وعيى عليه السلام من أهل النار؛ لأنهم قد عبدوا.
دليل، إذا قال السيد لعبده: من دخل داري أكرمته، فإنه يكون عاصياً بترك إكرام بعضهم.

شبهة المخالفين أنه لا بد من طريق إلى العلم بكونها للعلوم؛ إذ لا يعلم بالبديهة والطريق، أما مشافهة أهل اللغة، وذلك مفقود؛ لأنا لم نرهم أو الخبر المتواتر عنهم وذلك مفقود، وإلا كنا نشارككم في العلم به أو الآحاد وهي لا توصل إلى العلم.
والجواب: يعلم ذلك بالأدلة المذكورة، بل الضرورة بعد استقراء اللغة، ثم يقلب السؤال عليهم سواء دعوا أنها للخصوص أو مشتركة، غلا أن وروده على أهل الاشتراك ك من حيث قد سلموا وضعها للعموم، وادعوا أنها أيضاً وضعت للخصوص.
قالوا: كما نستعمل في العموم نستعمل في الخصوص.
قلنا: على جهة المجاز.
قالوا: لو كانت للعموم لكان الاستثناء منها نقضاً.
قلنا: معارض باستثناء الدرهم من العشرة.
والتحقيق أن هذه الألفاظ تدخل بالوضع على الجميع، وبالقصد على ما عدا المستثنى، فيستثنى ليتبين بذلك من دخلت عليه بالقصد، فلم يكن المستثنى نقضاً؛ لأن المتكلم لم يرد ما تناوله الاستثناء.
قالوا: إذا قال ضربت من في الدار حسن من السامع أن يستفهم فنقول: أضربت الكل أو البعض، ونقول: هل /373/ ضربت زيداً فيهم.

قلنا: إنما يحسن الاستفهام إذا ظن السامع سهو المتكلم أو تساهله فيستثنيه بالسؤال أو يتوهم أن المتكلم لا يتحقق دخول بعض خصوص، والسائل شديد العناية أو يتوهم أن المتكلم أطلق اللفظ العام مجازاً أو حصل فيه قرينة عند السامع تقتضي خروج بعض كأن يكون في الدار أخو الضارب أو بعض أعزته، فيقول: أضربت أخاك، فلمثل هذه الوجوه بحسن الاستفهام.
ثم يقلب عليهم السؤال: إذا كان اللفظ للخصوص أو مشتركاً فنقول: لا فائدة في الاستفهام؛ لأن كل جواب أجيب به فهو خاص أو مشترك.
قالوا: لو كانت من للعلوم في نحو قوله: من عندك، لجرت مجرى أكل العقلاء عندك، وجواب هذا بلا أو بنعم لا بالتعيين.
قلنا: لا نسلمه لأنها سؤال عن كل واحد من العقلاء لا عن كلهم، فهي تجري مجرى قوله: أزيد عندك أم عمرو؟ حتى يأتي عل جميع العقلاء، وجواب هذا يكون بالتعيين لا بلا ولا بنعم.
ثم نقلب عليهم السؤال إذا كانت للخصوص أو مشتركة.
شبهة القائلين بأنها للعموم في غير الوعيد أن الغرض بالوعيد التخويف الذي يكفي فيه الظن بخلاف الأمر والنهي، فإنه تكليف، فلا بد فيه من إزاحة علة المكلَّف.
والجواب: أن المتوعد إذا سمع هذه الألفاظ فإما أن تفيد العموم من جهة اللغة عنده، فيجب حملها عليه كالأمر وهو المطلوب؛ لأن الغرض بالخبر الإفادة، فلا بد أن يقصد المتكلم باللفظ ما وضع له أو بدل قرينة على مقصوده، وإما أن يكون غير مفيد للعموم عنده، فلا يجوز له أن يحملها على العموم، فلا يحصل التخويف.

فصل [في أن وعيد الكفار مقطوع به]
بمعنى أنه يوصل إليهم ما يستحقونه، وهذا مجمع لعيه إلا ما يحكى عن مقاتل بن سليمان وبعض الخراسانيَّة وبعض الكرَّاميَّة، فذهبوا إلى أن المشترك لا يعاقب وأنه لا معنى للشرك غير أنهم يسيرون هذا المذهب وهم محجوجون بالإجماع، وبأنه معلوم ضرورة من دين النبي وصريح الكتاب.
فصل [في أن وعيد الفساق مقطوع به]
بمعنى أنه يفعل بهم ما يستحقونه من العقاب، وقد خالف في ذلك المرجئة وقطع بعضهم على أنهم غير داخلين في الوعيد، وتوقف البعض الآخر، وهذا هو الإرجاء الحقيقي.
لنا: الكتاب والسنة، أما الكتاب فآيات منها قوله تعالى: {ومن يعص الله ورسوله ويتعدَّ حدوده يدخله ناراً} قالوا: الجمع المضاف يقتضي الاستغراق، والفاسق لم يتعد جميع حدود الله.
قلنا: وكذلك الكافر، فكان يلزم بطلان فائدتها. على أن تساق الآية.
وأيضاً فقوله: {وتلك حدود الله} إشارة إلى حدود محضورة، فقوله عقيب ذلك: {ومن يتعد حدود الله} يجب أن يصرف إليها.

58 / 75
ع
En
A+
A-