دليل، قال تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون} وهذا صريح في محل النزاع.
ومثله قوله تعالى: {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث} ولا شك أن المراد بالذكر القرآن بدليل قوله تعالى: {إلا استمعوه} وقوله: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وقوله: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} وقوله: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} وقوله: {وإنه لذكر لك ولقومك} ونحو ذلك، والسبب شهد بهذا لأنهم كانوا يلغون ويلعبن عند نزول القرآن وتلاوته، وقال تعالى: {نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً} فوصفه بأنه منزل، والقديم لا يصح عليه النزول، ووصفه بأنه حديث والحديث نقيض القديم، ووصفه بأنه كتاب، والكتاب مأخوذ من الاجتماع الكتبية، والاجتماع إنما تعقل في المحدثات، ووصفه بأنه متشابه والقديم لا يتشابه، وقال تعالى: {ومن قبله كتاب موسى} رداً على الذين قالوا: {هذا إفك قديم} وما كان قبله غيره فهو محدث، وقال تعالى: {كتاب أحكمت آياته} وما أحكم فهو محدث.
ومثله قوله: {والقرآن الحكيم} معناه المحكم، كما قال الشاعر:
وقصده تأتي الملوك حكيمة .... قد قلتها ليقال من ذا قالها
وقال تعالى: {في لوح محفوظ} {وإنا له لحافظون} والقديم لا يحتاج إلى من يحفظه، وقال تعالى: {من لدن حكيم خبير} وما كان من لدن غيره فهو محدث، وقال تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} إلى قوله: {ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير} فبين أنه قادر على مثل ما ينسخ، والقديم لا يصح كونه مقدوراً ولا منسوخاً؛ لأن النسخ هو الإزالة.

فصل [في شببهم]
قالوا: قال تعالى: {إنما أمره إذا /323/ أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}.
قالوا: فإن كان قوله كن قديماً فهو المطلوب وإن كان محدثاً احتاج إلى كن أخرى.
والجواب: لا شك أن لفظة كن حروف يتقدم بعضها على بعض، وبعدم تأتي وجودها، وذلك لا يتأتى في القديم.
وبعد، فكن لا تؤثر في وجود شيء، ولا في عدمه، وغلا وجب أن تؤثر إذا صدت منا؛ لأن الحروف متماثلة.
وبعد، فالآية على مذهبنا أدل لأنه تعالى أخبر بأنه إذا أراد شيئاً قال له، وغذا للشرط، والشرط إنما تدخل في المستقبل، فيجب أن تكون الإرادة حادثة، وأن تكون لفظ مقارناً لها.
وبعد، فقد عقب كن بالمكون الذي هو محدث بلا خلاف وما يعقبه المحدث فهو محدث.

وبعد، فلسنا نخبر حمل الآية على ظاهرها؛ لأن ذلك يقتضي أن يقول لمعدوم كن وذلك لا يصح؛ لأنه كيف يخاطب المعدوم، وإنما أراد المبالغة في سرعة وقوع المراد، وعند أن يريده كأنه بمنزلة ما يقال له كن فيكون، وليس هنا كقول حقيقة ويصير هذا بمنزلة قوله تعالى: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين} فإنه تعالى لم يقل لهما ولا قالتا له، وغنما هي لسان الحال ومبالغة في عظيم قدرته وتعريف بأنه يخترع الأشياء اختراعاً في الوقت من دون تراخٍ ولا معاناة مشقة.
شبهة
قالوا: القرآن يشتمل على أسماء الله والاسم هو المسمَّى، فيجب أن يكون القرآن قديماً، واستدلوا على أن الاسم هو المسمَّى بقوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى} وكذلك فأحدنا بقوله يقول: طلقت زينب وأعتقت زينب، والطلاق إنما يقع على الشخص المسمَّى، وكذلك إذا حلف أحدنا فقال: والله وبالله ويقول: بسم الله، قوال الشاعر:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما .... ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
والجواب: لو كان الاسم هو المسَّمى لكان إذا ذكر أحدنا النجابة ينجس فمه أو الحلاوة أن يحلوا أو النار أن تحرف فمه وخلافه معلوم، ولهذا قال الشاعر:
لو كان من قال ناراً أحرقت .... فمه لما تفوه باسم النار مخلوق
وبعد، فلو كان الاسم هو المسمَّى، ومعلوم أن لله أسماء كثيرة مختلفة لوجب أن يتعدد بتعدد أسمائه لاختلافها.
وبعد فالقرآن عندهم قائم بذات الله وأسماء الله من جملة القرآن، فيجب أن يكون الله من جملة القرآن حتى يكون أمراً ونهياً.

وبالجملة كلاماً، ويجب أن يكون قائماً بنفسه، وهذا واضح السقوط.
وبعد، فلا خلاف أن التسمية محدثة، ولا فرق عند أهل اللغة بين الاسم والتسمية، ولهذا يقولون سميته اسماً حسناً وسميه حسنة.
وبعد فليس بأن يستدل على /324/ قدم القرآن بما فيه من أسماء القديم أولى من أن يستدل على حدوثه بما فيه من أسماء المحدثات.
وبعد، فلا شك أن الأسماء تتبع الاختيارات والمواضعات وتختلف باختلاف الأعراض والمسمى لا يجوز عليه التغيير.
وأما ما ذكروه من الحلف بالله وأن الطلاب يقع على الشخص، فليس فيه دلالة على ما ذكروه، وإنما يريد أحدنا أن يظهر ذلك من نفسه، فلا يمكنه ذلك إلا بالعبادة التي يتميز بين الشيء وغيره، ولهذا وضعت الأسماء فإذا قال طلقت: زينب فمعناه الشخص المسمى بهذا الاسم: كإن اقتصر على الاسم للإختصار، ولهذا قد لا يختصرون ويقولون: مررت بالرجل المسمى فلاناً، وأما بسم الله الرحمن الرحيم، فإنما نقرأه لما لنا في ذلك من المصالح كسائر العبادات، وأما البيت فمجاز، ولسنا ننكر المجازات.
على أن لفظة اسم مفحمة عندنا زيدت لاستيفاء الوزن.
فصل [في كيفية حدوث القرآن وكيفية إنزاله]
قد ثبت أن القرآن الكريم وسائر أفعال الله تعالى نعمة يحدثها في أي وقت شاء وعلى أي وجه شاء بحسب المصلحة وما تقتضيه الحكمة وكيفيَّة ذلك أن يوجده الله مخترعاً لاستحالة المباشرة والتعدي في أفعاله ولا يوجده إلا في محل من حيث أن على محله يسمع وتضاد لو ثبت له ضد وتفضل بينه وبين ما يخالفه، فلو جاز وجوده لا في محل لانقلب جنسه وأيضاً لو وجد لا في محل وقدر وقوع التضاد في هذه الحروف لوجب أن يكون تضادها على مجرد الوجود، فكان لا يوجد حرفان مختلفان في العالم.
فإن قال: كيف يكون الباري متكلماً بكلام موجود في غيره.

قيل: كما يكون منعماً بنعمة موجودة في غيره، فقد بنا أن كلامه كغيره من سائر نعمه على أن أهل التحصيل منهم لا ينكرون وصف الله بأنه متكلم بالكلام الذي أسمعه موسى من الشجرة ومعلوم أنه حروف وأصوات، وإذا ثبت أنه لا يوجد إلا في محل فالعقل يجوز وجوده في كل محل، لكن لا يمتنع أن يكون في موجودة في بعض المحال صلاح كوجوده في اللوح المحفوظ والحصى والشجر، وكما لا يفعله تعالى في محل مخصوص إلا لوجه حكمة، وكذلك لا يوجده في وقت مخصوص إلا لوجه حكمة، فلا يمتنع أن يكون في تقادمه وجه حكمة وصلاح للملائكة أو غيرهم وعلى هذا يحمل ما ورد في الأحاديث من أن الله أوجده في اللوح المحفوظ من قبل أن يخلق آدم عليه السلام.
وأما كيفية إنزاله فهو أيضاً بحسب المصلحة التي يعلمها الله، وقد ورد السمع بأنه أنزل إلى سماء الدنيا دفعة واحدة، ثم كان ينزل منها شيئاً بعد شيء بحسب الحاجة والأسباب المقتضية لذلك، وقد بين الله تعالى وجه الحكمة في نزوله شيئاً بعد شيء، فقال: {لنثبت به فؤادك} وقال: {لتقرأه على الناس على مكث} /325/ وعلى الجملة فلا يقع فعله تعالى إلا على وجه حسن.

القول في صحة وصف القرآن بأنه مخلوق
اعلم أن الخلق في اللغة هو التقدير، يقال: خلقت الأديم، هل يجيء منه مظهره أم لا، ومنه قول الشاعر:
ولا يائط بأيدي الخالقين .... ولا أبدى الخوالق إلا حبذ الأدم
وقال زهير:
ولأنت تقري ما خلقت وبعض القوم يخلق لا يفر
أي إذا قدرت قطعت مبالغة في أنه إذا عزم فعل وقول الحجاج:
إني إذا وعدت وفيت ....وإذا خلقت فريت
وقال تعالى: {إذ تخل من الطين كهيئة الطير} أي تقدر، وقال: {فتبارك الله أحسن الخالقين} أي المقدرين} وقال تعالى: {ويخلقون إفكاً} أي تقدرونه، وفي الاصطلاح: قيل إيجاد الفعل مطابقاً للمصلحة من غير زيادة ولا نقصان.
وقيل: إيجاد الفعل مخترعاً وكله حسن، ولهذا لا يصح طلاق لفظ الخالق إلا على الله تعالى.

فصل
ذهب أبو هاشم وأبو عبد الله إلى أن الخلق معنى وجعله أبو هاشم من قبيل الإرادة، وجعله أبو عبد الله من قبيل الكفر، قال: ولو لا السمع ما أطلقت الاسم على الله.
والجمهور يجعلونه إيجادا ًمخصوصاً كما سلف.
ويلزم أبا هاشم وأبا عبد الله صحة مخلوق بين خالقين لصحة أن يزيدان ويتفكرا فيه.
شبهتهما بنت زهير فإنه اثبت الخلق ونفى القرى.
وأجيب بأنه لا دلالة في ذلك؛ لأن الخلق هو التقدير، وهو ثابت سواء أثبت القرى الذي هو القطع أم لا.
والمراد المبالغة في أنه إذا قدر قطع بخلاف غيره، وألزم أبو هاشم أيضاً أن يوصف بأنه مخلوق وهو معدوم لصحة إرادته حينئذٍ، وكذلك يلزم أبا عبد الله.
فصل
قال أهل الحق: يصح وصف القرآن بأنه مخلوق كما يصح وصفه بأنه محدث، وقال محمد بن شجاع وغيره من البغداديين: يوصف بأنه محدث لا بأنه مخلوق توهماً منهم أن المخلوق هو المفتعل المكذوب.
وأما أهل الخير فيمتنعون من وصفه بأنه مخلوق لامتناعهم من وصفه بأنه محدث بناء منهم على أن القرآن معنى قائم بالنفس وأنه قديم ونحن ننفي الكلام النفسي كما تقدم، وإن كان لو سلم لهم ثبوته لكان لقائل ان يقول: ما أنكرتم أنه محدث وقائم بذات الباري تعالى، فإنكم مالم تفسروا القيام بالحلول لا يمكنكم المنع من قيام المعنى المحدث بذاته تعالى.
وبعد، فمكالمتهم في الحقيقة إنما هي في الكلام النفسي وبيان أن القرآن هو هذا المسموع، فإن المحققين منهم يسلمون لنا أن القرآن لو كان هو هذا المسموع المعروف لكان محدثاً مخلوقاً، ونحن قد قررنا ذلك بالحجج الواضحة وأبطلنا أساطيرهم فيه.
ثم أنا نستظهر في هذا المكان بأدلة مفردة فيقول: لا فرق عند أهل التحصيل بين المخلوق والمحدث إلا من باب الأعم والأخص. وبعد معنى الخلق حاصل فيه إما بالمعنى اللغوي فهو أنه مقدر، وإما بالمعنى الإصطلاحي فهو أنه مطابق /326/ للمصلحة من غير زيادة ولا نقصان ومخترع.

وبعد، فكل شيء لا بد أن يكون خالقاً أو مخلوقاً، فإن لم يكن القرآن خالقاً فلابد أن يكون مخلوقاً، وبعد فقد قال تعالى: {إنا جعلناه قرآناً عربياً} والجعل هنا هو الخلق مثله في قوله تعالى: {وجعل الظلمات والنور} أي خلق.
وقد روي هذا التفسير عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
وبعد ففي الحديث كان الله ولا شيء بم خلق الذكر ولا شك أن القرآن ذكر وكذلك سائر ما أنزل الله نبض الكتاب.
وبعد فقد قال الله تعالى: {وكان أمر الله مفعولاً} {وكان أمر الله قدراً مقدورا} {وكان أمراً مفعولاً} ونحو ذلك، والقرآن من أوامر الله لا سيما على أصولهم، وفي الحديث: ((ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من سورة البقرة وأعظم ما فيها آية الكرسي)) والمروي عن عمر بن الخطاب: ((اعملوا بالقرآن ما اتفقتم فيه فإن اختلفتم فيه فكلوه إلى خالقه)).
فصل [في شبههم]
أما شبهة البغداديين فهي أن قالوا: المخلوق هو المكذوب المفتعل، ومنه قولهم قصيدة مخلوقة ومختلفة، وقوله تعالى: {ويخلقون إفكاً ونحو ذلك}.
والجواب: لا يسلم ذلك وإنما المخلوق حقيقة هو ما قدمنا ذكره.
وبعد، فقد وقع الإجماع على صحة وصف كلام الأنبياء والملائكة بأنه مخلوق مع أنهم منزهون عن الافتعال والكذب.
وأمَّا قول العرب قصيدة مخلوقة ومختلفة فمعناهم منسوبة إلى غير فاعلها، وكما يكنون عن ذلك بقولهم مخلوقة ومفتعلة يكنون عنه بقولهم محدث فلا فرق بين الخلق والإحداث في ذلك، وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم إن صح أن ((القرآن كلام الله فمن قال أنه مخلوق فقد كفر))، فإن معناه أن من قال أنه منسوب إلى غير الله فقد كفر.
وأما قوله تعالى: {ويخلقون إفكاً} فلا دلالة فيه؛ لأن المعنى يقدرونه ويزورونه.
وأما قوله: إن هذا إلا اختلاق، فمعناه افتعال لا أصل له، ولسنا نجوز وصف القرآن بأنه مختلق ولا مفتعل.

وأما شبهة المجبرة فهي ما تقدم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((القرآن كلام الله فمن قال أنه مخلوق فقد كفر))، كما تقول العرب قصيدة مخلوقة، أي منسوبة إلى غير قائلها.
على أنه أحادي، والمسألة قطعية.
ومعارض بما تقدم من قوله عليه الصلاة والسلام: ((ما خلق الله من سماء..)) الخبر وبما ورد به الكتاب من أنه محدث.
شبهة
تعلقا بقوله تعالى: {ألا له الخلق والأم} قالوا: ففصل بين الخلق والأمر.
والجواب: هذا تعلق فارغ ليس فه دلالة على أن الأمر ليس من خلقه.
وبعد، فقد صرح بأن الأمر له والقديم لغيره، وبعد، فعند كثير من الناس أن الخلق غير المخلوق وإن وضع أحدهما مكان الآخر بالعرف.
والمعنى، قيل: أفرده بالذكر للتعظيم كقوله: {وملائكته وجبريل}.
وقيل: أراد بالخلق /327/ المكلفين، وبالأمر التكليف، فكأنه قال: ألا له المكلفون والتكليف، ولا يمتنع استعمال الخلق الخلق في المكلفين فقط، فإن ذلك كثير في العرف، ولهذا يقال: اجتمع الخلق على باب الأمير، وفي البلد الفلاني خلق كثير، والراد به الناس، ويقال: يوم يجمع الله الخلق.
شبهة
قالوا: لو كان القرآن مخلوقاً لصح أن يموت.
يروى أن بعض مشيختهم ناظر عدلياً في خلق القرآن ثم جلس من الغد ليُعزيه، قيل له: ما الذي أصاب الشيخ حتى جلس هاهنا؟ فقال: إن قل هو الله أحد مات البارحة فجلست للتعزية.
وهذا هو الزيغ الشديد والضلال البعيد، وهو أهون من أن يستغل بإبطاله، وإنما هو بضيق عطنهم وظهور عواتبهم وانسداد مناهج الحجاج عليهم يشتغلون أبداً بالتشنيع الذي لا يعجز عنه أحد من الناس، ويقال لهذا المتعجرف :لا شبهة عندك في أن السماء مخلوقة والأرض والجمادات والأعراض، فهلا جلست للتعزية بها ومن بلغ في التجاهل إلى هذا الحد، طوي عنه الكلام ولم يجعل أهلاً للمناظرة.

الكلام في النبوءات
النبوءة فعولة من الإنباءن إن استعملت بالهمز، ومن الرفعة إن استعملت بالتشديد، وهي والرسالة في الاصطلاح سواء وهي ما تحملّضه الإنسا عن الله إلى الخلق من غير واسطة بشر.
قلنا: ما يتحمله الإنسان احترازاً مما تحمله الملائكة إلى الأنبياء، فلا يسمى نبوة وإن كان قد ذكر في المحيط أن الملك يسمى نبياً، وفيه بُعد؛ لأن ظاهر الاصطلاح، والعرف أن الأنبياء من الأناسي فقط.
وأيضاً فقد قال تعالى: {وملائكته ورسله} فالعطف هاهنا لا بد أن يدل على التغاير؛ إذ لا يمكن أن يقال عطف الرسل للتعظيم.
وقلنا: من غير واسطة نشر احترازاً من العلماء فإنهم وإن تحملوا عن الله إلى الخلق، لكنه بواسطة بشر هم الأنبياء.
والنبي فعيل بمعنى منبي اسم فاعل أو بمعنى مُنبَى اسم مفعول، وهو كل إنسان يتحمل الرسالة إلى آخره وفي صحة استعماله بالهمز خلاف بين الشيوخ.
والحق جوازه وإنما أنكر عليه السلام على القائل يا نبئ الله بالهمز؛ لأنه فهم من قصده الحط بهذا الاستعمال.
وقال الشيخ محمود هو المؤدي عن الله ما كلف أداءه من غير واسطة آدمي.
وقالت الفلاسفة: هو المختص بنفس هي أشرف النفوس لها قوة تقبل من العقول أكثر مما تفيضه على غيرها فتُطالع الغيوب في اليقظة كما تراه سائر النفوس في النوم، وهذا مبني على هوسهم في النفوس والعقول وقد بطل.
فصل
ولا فرق عند أصحابنا بين الرسول والنبي، وأما قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول ولا نبي} فقالوا: لا يدل على الفصل كقوله: وجبريل، وقوله: وفاكهة، ونخل، ورمان، فإنه لا يدل على أن جبريل ليس من الملائكة وأن النخل ليس من الفاكهة.
ويمكن اعتراضه بأنه وجد للعطف معنى وهو التعظيم في قوله: {وملائكته وجبريل} وفي قوله: {النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} ومن نوح بخلاف قوله من رسول، ولا نبي فإنه /328/ لا يعقل للعطف وجه هنا إلا المغايرة.

50 / 75
ع
En
A+
A-