وأشف ما أوردوه في إبطال هذه المسألة /73/ ونظائرها المعارضة، فإنهم قالوا قد ثبت أنه لو أخبرنا الصادق أن هذا الجسم قد اختص بصفة لعلمناها على الجملة، ثم إذا أخبرنا ثانياً بان تلك الصفة جوهرية أو كائنية فإنا نعلم ثانياً غير ما علمناه أولاً، فيلزم أن يتعلق علمنا بصفة للصفة او مزية مطلقة.
قالوا: ومتى التزمتم حصول مزية نقلنا الكلام إلهيا في صحة الإخبار عنها جملة وتفصيلاً حتى يلزم ما لا يتناهى من المزايا. قالوا: فإن قلتم أن كون الجوهر جوهراً مما لا يعلل فلا يلزم أن يكون مفارقة الججوهرية للسواد معللة بصفة.
قيل لكم: وكذلك كون الذات جوهراً ما لا يعلل، فلا يحتاج إلى صفة تكون قد فارق بها السواد، وقد أجاب الشيخ الحسن رحمه الله تعالى في هذا بجواب غير مقنع، وحاصله أن الذات مما يصح العلم بها على انفرادها ولا نعلم تبعاً لغيرها، فإذا اخترنا الصادق بوجود ذات في الجملة لم يجز أن نعلم وجودها وكونها ذاتاً إلا تبعاً للعلم بمجردها حتى لو لم يعلم مجردها ما صح منا أن نعلم وجودها ولا كونها ذاتاً، فلم يكن بد من أن نعلم بخبره الثاني أمر زائد عليها؛ لأنها قد علمناها، فأما الصفة فهي لا تعلم على انفرادها، وإنما نعلم تبعاً للذات على كل حال، فإذا أخبرنا الصادق بثبوت صفة جاز أن يكون ذلك خبراً عن بعض لوازمها وتوابعها المضافة إلى الذات المختصة بها، فإن كونها صفة وكونها ثابتة من لوازم مجردها وجائز أن يعلم بعض لوازم الصفة وإن لم يعلم مجردها ويكون العلم الثاني متعلقاً بمجردها هذا إذا كانت من الحقائق المفردة التي لا يتركب من جنس وفصل كالوجود وإن كانت مما يتركب من جنس وفصل كالكائنية، فإن كونها كائنية تجمع بين المتحركية والساكنية، فلا بد أن يحصل بخبره الثاني في هذه الصورة غير ما حصل أولاً من التوابع واللوازم ولا يلزم تسلسل اللوازم والمزايا بل ينتهي ذلك إلى الحقائق المفردة، وحينئذ يكون العلم الثاني علماً بمجردها، ولقائل أن يقول: إن أكثر هذا الكلام لا طائل فيه ولا فرح؛ لأن الدليل الذي استدللتم به على أن العلم بكونه جوهراً لا بد أن يتعلق بصفة زائدة على الذات هو بعينه حاصل فيما عارضناكم به من الصفة، وهو انه تعلمها صفة من لا يعلمها جوهرية ولا كائنية، فإن دل هناك على ثبوت مزية دل هنا أيضاً من غير فرق.
وأما فرقكم بأنه يجوز أن يعلم بعض لوازم الصفة من دون العلم بعينها بخلاف الذات فهو مبني على محل النزاع، فإن عند الخصم أنه يعلم عين الشيء بالخبرين جميعاً في الصفة وفي الذات، ولكن يعلمها بالأول جملة وبالثاني تفصيلاً. على أنه لا فرق بين وراء اتفاقهما فيما جعلتموه دليلاً على ثبوت المزية، فيجب أن يدل في الموضعين وأن يكون للمزية مزية لحصول ذلك الدليل في كل مزية تعرض.
وقولكم /74/ بتسلسل اللوازم في الحقائق المركبة حتى تنتهي إلى المفردة غير مخلص من وجهين: أحدهما أن ما جعلتموه دليلاً على الأمر الزائد في الذوات وفي الصفات المركبة هو بعينه حاصل في الحقائق المفردة.
والثاني أنه ما من أمر يقصد إلى تحديده إلا ويمكن تركيبه من جنس وفصل إذا جُدّ جداً معنوياً. يوضحه أنه ما من صفة معينة من وجود أو غيره إلا ويجمعها وغيرها كونها صفة، ويكون جنساً لها ويفصلها عما عداها نوعها وقبيلها فلا وجه لجعل بعض الصفات مفرة وبعضها مركبة، فيلزم حصول أمر زائد في الجميع عند الخبر الثاني إذاً هذا فلا يستقيم جواب الشيخ الحسن رحمه الله تعالى، إلا أن يصح ما يقوله أهل المنطق من أن لوازم الأشياء ولوازم لوازمها لا يتناهى ولا ينحصر من الأمور السلسة والنبوية، ولهذا بعينه عدلوا عن التحديد باللوازم العرضية إلى الذاتيات، قالوا: لأن الذاتيات منحصرة، فيمكن أن نجمع في حد بخلاف اللوازم، ولوازم اللوازم، فإنها لا تنحصر وتحي الوطن والوطن يلازمه الملامسة والملامسة يلازمها الكون والكون يلازمه التحيز والتحيز يلازمه الوجود، والوجود يلازمه الحدوث، والحدوث يلازمه المحدث، والمحدث يلازمه القادرية، والقادرية يلازمها الحياة. وهلم جرا على هذا المنوال، فإن صح هذا صح كلام الشيخ الحسن، وألزمنا أنه لا فرق بين الذات والصفة في أن كل خبر خاص يفيد لازماً من لوازم ما أفاده العام.
فصل
وقريب مما تقدم الاستدلال على أن للجوهر بكونه متحيزاً حال وبكونه موجوداً، وإن كان الكلام في هذا الفصل آكد من حيث قد ثبت أن المعدوم شيء لكن ذهب أبو إسحاق التصيبيني إلى أن التحيز هو الوجود.
لنا أن التحيز واجب والوجود جائز، وبعد فالجوهر يضاد الفناء بشرط الوجود والتضاد مقتضى عن التحيز، فلو كان التحيز هو الوجود لكان الشيء شرطاً في نفسه وللزم التضاد في كل موجود، وبعد فالجوهر يدرك على التحيز، فلو كانت هي الوجود لكان قد أدرك على الوجود فيلزم مثله في كل موجود لتماثل الوجود، وبعد فالموجودات تشترك في الوجود ولا تشترك في التحيز.
فصل
والذي يدل على أنه له بكونه كائناً حال أنه يستحيل كونه في جهتين في حالة واحدة ولا وجه لهذه الاستحالة إلا حصوله على صفتين ضدين.
وبعد، فنحن نفرق بين كونه في جهة وبين كونه في جهة أخرى، فلا بد من أمر يعلل به كما سيأتي، وذلك الأمر إما أن يرجع به إلى وجود معنى هو الكون، وهو باطل؛ لأن التفرقة ضرورية دون الكون، ولأن الطريق إلى الكون هو الصفة، وإما إلى عدم معنى وهو باطل؛ لأن عدم المعنى مع الجهتين على سواء، فكان يلزم حصوله فيهما دفعة واحدة، ولأن عدم المعنى يترتب /75/ على ثبوته، فإذا لم يرجع بها إلى ثبوته فأولى إلى عدمه، وأما إلى انتفاء صفة وهو باطل؛ لأن انتفائها مع الجهتين على سواء، ولأن الأمور الثابتة لا تعلل بالنفي هاهنا، وأما إلى كيفية صفة هي الوجود، وهو باطل؛ لأن كيفية الصفة يتبعها، فكان يلزم أن لا يحدد كونه كائناً في الجهة إلا إذا تحدد وجوده على أن الوجود صفة متماثلة والكائنية تتضاد بحسب اختلاف الجهات، وإما إلى ثبوت صفة وهو المطلوب.
فصل
ولا يثبت للذات في حالة العدم من الصفات إلا الصفة الذاتية، ودليل ثبوتها في حالة العدم هو أن الجوهر يستحقها لذاته لبطلان سائر وجوه التعليل وذاته ثابتة في كل حال. وبعد فقد وجب تحيز الجوهر عند الوجود واستحال عند العدم فلا بد من مؤثر في التحيز، وذلك المؤثر لا يصح أن يكون فاعلاً لما سيعرف ولا يصح أن يكون هو الوجود؛ لأن تأثير الوجود في التحيز تأثير شرط لا تأثير إجياب وإلا لزم في كل موجود أن يتحيز ، بقي أن يكون المؤثر صفة ذاتية وهي إما فتجدده فيحل محل التحيز في الاحتياج إلى التعليل فلا يكون تعليل التحيز بها أولى من العكس وإما مستدامه وهو المطلوب. وبعد فقد ثبت أن الذوات تماثل وتختلف في حالة العدم؛ لأن بعضها إما أن يسد مسد البعض في ما يكشف عن صفتها الذاتية على التفصيل أو لا، والأول هو التماثل، والثاني هو الاختلاف، والذي يكشف عن الصفة الذاتية هو المقتضى عنها إلا أنه قد يكشف على التفصيل كالتحيز فإنه يكشف عن ذاتية هي جوهرية فيدل الاشتراك فيه على التماثل، وقد يكشف على الجملة كصفة كون الشيء معلوماً، فإنه يكشف عن ذاتية مجملة لا ندري أجوهرية هي أم سوادية، فلا يدل الاشتراك فيها على التماثل، إذا ثبتت المماثلة والمخالفة فهي إما أن تثبت للذات بمجرد كونها ذاتاً وهو محال لاشتراك الذوات كلها في ذلك وإما أن يثبت لكونها ذاتاً مخصوصة كما يقوله أبو الحسين، وهو باطل؛ لأنا نقول له: بماذا هي مخصوصة، هل بكونها ذاتاً فيلزم تماثل جميع الذوات أو بأمر زائد وهو المطلوب، وهذا قد أورده أصحابنا دليلاً مستقلاً على إثبات الجوهرية وما عارضهم به أصحاب أبي الحسين من أن معنى المماثلة حاصل في الصفات وأن الجوهرية في حكم المماثلة للجوهرية الأخرى، فكان يجب أن يثبت صفات أخرى للصفات، فهو غير لازم؛ لأن المماثلة الحقيقية لا تثبت إلاَّ في الذوات، ومعنى قول أصحابنا أن الصفات تجري مجر المتماثلة هو أنها لو كانت ذوات لكانت
متماثلة، فالتماثل فيها مقدر، وليس يجب إذا علل الحكم المحقق بصفة إن تعلل المقدر بذلك، وإما أن تثبت المماثلة لمعنى، وهو محال؛ لأن المعنى لا يختص بالمعدوم /76/ ولأن المعنى يماثل مماثلة ولأن ما أثر فيه المعنى فهو جائز، وأما إن ثبت الحكم وهو محال لأنها إنما ثبتت لأمر ذاتي وقد تقدم أنه لا ذاتي في الأحكام، وأما إن تثبت بالفاعل وهو محال لأن الفاعل لا يؤثر إلا في الحدوث وتوابعه، ولأن الفاعل يماثل فيحتاج إلى فاعل آخر، ولأن المخالفة تثبت للباري تعالى وهو لا فاعل له، ولأن ما يؤثر فيه الفاعل جائز، والمماثلة والمخالفة تثبت واجبتان وأما إن ثبت لصفة ذاتية منتظرة كما يقوله أبو إسحاق بن عياش حيث أثبت التحيز ونفى الجوهرية وهو باطل؛ لأن هذه الأحكام ثابتة حال العدم فلا يصح في المؤثر فيها أن يتراخى عنها.
بقي أن نثبت لصفة ذاتية ثانية حال العدم وهو المطلوب إلا أن الشيخ أبا عبد الله يقول: إنها هي التحيز، وينفي الجوهرية، ويجعل أحكام التحيز من شغل الجهة ونحوه مشروطاً بالوجود، ويبطله أن هذه الأحكام التي هي شغل الجهة ونحوه حقيقة في التحيز، وبها يتميز عن غيره فلا يصح انفصالها عنه كصحة الفعل مع كونه قادراً فلا يثبت التحيز إلا حال الوجود، وفي ذلك كونه غيراً للجوهرية.
فصل
ولا يتزايد من هذه الصفات إلا المعنوية أما الذاتية فلأنها لو تزايدت للزم أن تكون الذات مماثلة لنفسها لحصولها على ما لو حصل عليه غيرها لماثلها؛ ولأن إثبات صفة بكون ثبوتها كانتفائها لا يصح إذ لا طريق إليه، ولأن الصفة إنما تتزايد بتزايد المؤثر فيها كالمعنوية أو بتزايد المقتضى لها أو شرط الاقتضاء ككونه مدركاً، والذاتية لا تستند إلى شيء يصح فيه التزايد، ولكل هذه الوجوه يبطل تزايد المقتضاة الكاشفة عن الذاتية كالتحيز، ولأنه كان يصح إن يعظم الجزء الواحد حتى يصير كالجبل بأن يتزايد تحيزه، ولكلها يبطل تزايد الوجود، ولأنه كان يصح أن يثبت للسواد وجهان في الوجود يقابلان وجهي البياض، ثم كان يصح حصوله على أحدهما، فلا ينفي البياض على الإطلاق، ولأنه لو صح التزايد حال الحدوث لصح حال البقاء، وفيه اتحاد الموجود، ولأنه لو كان له بالوجود صفات لصح أن يحصل على بعضها بقادر وعلى البعض الآخر بقادر آخر، وفيه صحة مقدور بين قادرين، ولأن القادر لو أثر في أكثر من صفة للمقدور لصح مثله في تأثير العلة، فكان يصح أن يمنع أحدنا سكنات كثيرة بحركة واحدة لها وجودات كثيرة، وأما المعنوية فيصح فيها التزايد لتزايد المؤثر فيها، فإذا كثرت الأكوان وجب كل واحد منها كائنية، وكذلك إذا كثرت القدر ونحو ذلك مما يوجب، وكذلك يصح تزايد بعض المقتضيات لتزايد مقتضيه أو لتزايد يشترط الاقتضاء ككونه مدركاً يتزايد بتزايد كونه حياً، ووجود المدرك.
فصل
عند الجمهور أن التحيز صفة واجبة مقتضاة عن الجوهرية؛ لأنه لا يجوز أن يتحيز الجوهر لمجرد ذاته وإلا تحيز في حال العدم، فكان يصح حلول المعاني فيه فيثبت فيها التضاد فلا يصح عدم الضدين، وكان يشغل الجهة فيتعذر علينا التصرف في بعض الجهات بأن يكون فيها جواهر معدومه ويتعذر ملاقاة الجوهر لستة أمثاله عند الوجود بأن يلاقيه من بعض جهاته جواهر معدومة، ولا يجوز أن يتحيز لوجوده، وإلا لزم في كل موجود أن يتحيز لتماثل الوجود، ولا يجوز أن يتحيز لحدوثه لمثل ذلك، وللزوم أن لا يتحيز حال البقاء، ولا لحدوثه على وجه؛ لأنه لا وجهه يشار إليه هذه حالة بخلاف بخلاف وجوه القبح، فإنها معقولة، ولا يجوز أن يتحيز لوجود معنى؛ لأن التحيز واجب والمعنوية جائزة يصح أن لا يحصل بأن لا يحصل المعنى، ولأن المعنى لا يوجب له إلا بأن يختص به بطريقة الحلول وذلك يقف على التحيز فكيف يقف التحيز عليه، ولأن المعنى إنما يوجب لصفته المقتضاة، والكلام فيها كالكلام في التحيز، ولا يجوز أن يتحيز لعدم معنى أولى وأحرى، ولأن المعنى المعدوم مع جميع الأشياء على سواء، ولا يجوز أن يتحيز بالفاعل، وهذا هو الذي يشتبه الحال فيه، وهو موضع الكلام في أن سائر صفات الأجناس لا يكون بالفاعلين.
وخالف فيه الشيخان أبو الحسني وابن الملاحمي. لنا لو كان تحيز الجوهر بالفاعل لصح أن يوجده الفاعل ولا يجعله متحيزاً كما صح أن يوجد الكلام ولا يجعله حيزاً، فكان ينسد طريق العلم به إذ لا نعلم الجوهر إلا بالتحيز بل يصح أن يجعله سواداً بدلاً من تحيزه كما صح أن يجعله الكلام أمراً بدلاً عن كونه نهياً، فتنسد طريق العلم بالمماثلة والمخالفة؛ لأنهما يثبتان للصفة الذاتية والطريق إليها التحيز بل كان يصح أن يجعله سواداً متحيزاً، إذ لا تنافي بين الصفتين ولا ما يجري مجراه، فكان يلزم إذا قدرنا طرو ضد، وهو البياض أن ينفيه من حيث هو سواد لحصول التضاد، ولا ينفيه من حيث هو متحيز لفقد التضاد، فيكون موجوداً معدوماً، ولا ينقلب علينا في كون الكلام أمراً نهياً لاستنادهما إلى ضدين وهما الإرادة والكراهة ولا في كون الفعل حسناً قبيحاً لاستناد القبح إلى وجه والحسن إلى زواله.
واعترض الشيخ محمود هذا الدليل باعتراضات كلها مبني على أن المعدوم ليس بذات، وأن وجود الشيء وتحيزه، وهو نفس ذاته، وسلف إبطاله.
قال: ولو سلمنا أن للمتحيز صفة وللسواد صفة لم يلزمنا صحة الجمع بينهما، بل ذلك مستحيل بما أنهيتم إليه الكلام من وجوب كونه /78/ موجوداً ومعدوماً.
وأجاب عليه الشيخ إسماعيل بن علي الرازي بأن هذا المحال أدى إليه مذهبك، فلا يصح الانفصال به كما لا يصح للمجسم أن يقول لا يلزم مني بالتجسيم أن يكون الله محدثاً لتأديته إلى المحال.
واعترض بأن مذهبي لا يؤدي إلى المحال؛ لأن هذه الصفات وإن تعلقت بالفاعل فإنما تتعلق به على الوجه الذي يصح دون الوجه الذي يستحيل، فكما أن القادر يقدر على الضدين ولا يقدر على الجمع بينهما لتأديته إلى المحال كذلك يقدر على هذه الصفات ولا يقدر على الجمع بينها لتأديته إلى المحال أيضاً، وهذا حسن. فالأولى في الجواب أن يقال لا نسلم استحالة الجمع بين الصفتين لأجل ما ذكرت؛ لأن هذا المحال إنما يلزم حال طرو الضد، وطرو الضد أمر منتظر، وقد لا يحصل، ووجه الاستحالة والتنافي لا بد أن يكون حاصلاً في كل حالة، فإن قال وجه التنافي هو أن التحيز يصح حلول البياض والسواد يحيله فلا يجتمع مصحح ومحيل لشيء واحد.
قلنا: إنما يصح حلول البياض بشرط أن لا يكون الذات سواداً كما أن كون الحي حياً، إنما يصحح كونه جاهلاً بشرط أن لا يجب كون عالماً.
فصل
والصفات ضربان: متعلقة وغير متعلقة.
فالمتعلقة: هي الصفة التي تستدعي بمجرد ثبوتها ثبوت حكم بين ما اختص بها وبين ذات أخرى، ولا يثبت إلا كذلك.
قلنا: التي يستدعي بمجرد ثبوتها احترازاً مما يستدعي بكيفية ثبوتها كالصفة الذاتية، فإنها تستعدي المخالفة، لكن بكيفيتها، وهو كونها ذاتية عند من لا يجعلها تستدعي ذلك بمجردها.
وقلنا: بين ما اختص بها وبين ذات أخرى احترازاً من كونه حيا، فإنها تستدعي بمجرد ثبوتها ثبوت حكم، وهو صحة أن يقدر ويعلم، لكن بين ما اختص بها وبين صفاته التي هي كونه قادراً وعالماً لا بينه وبين ذات أخرى.