اعلم أن القائلين بتأثير النجوم فرقتان، أحدهما: هؤلاء الذين ذكر المصنف وهم فرقة من الفلاسفة وغيرهم وخلاصة مذهبهم القول بقدم النجوم وتأثيرها في جميع ما تحدث في العالم من حياة وموت وآلام ونبات وأمطار وحر وبرد ونحو ذلك ثم افترقوا فمنهم من قال على جهة الإيجاب وهي غير حية ولاقادرة وإنما يصدر ذلك عن طبائعها وهم الأكثر ومنهم من قال على جهة الصحة والاختيار وهي حية قادرة مدركة عالمة.
والثانية: أقروا بالصانع المختار، وقالوا: بأنه أحال التدبير إلى هذه النجوم وأن المتولي للعالم سبعة منها زحل والمشتري والمريخ والزهرة والشمس وعطارد والقمر وقيل في حصرها مرتبة على مراتبها في الارتفاع والعلو.
زحل شري مريخه من شمسه ... فتزهرت بعطارد أقمار
فهي عندهم في طبقات السموات على هذا الترتيب ولهم أقوال، وتفاصيل في مذهبهم يطول شرحها.
قوله: (وقالت الدهرية). هو بفتح الدال على قياس التشبه نسبوا إلى الدهر لقولهم بقدمه ونسبتهم التأثير إليه وأنه يعقب ما أبلاه بما يجدده، قيل: وقد صار بالاصطلاح اسماً لمن نفى الصانع المختار سواء أثبت مؤثراً غيره أو لا.
قوله: (وقالت الطبايعية بالطبع). اعلم أنهم يزعمون أن الأفلاك قديمة متحركة لذواتها وحين تصادمت حدث من تصادمها العناصر التي هي الهوى والماء والأرض والنار.
قوله: (الأربعة الأصل المذكورة) يعني في مقالة المطرفية.
قوله: (بحسب الاعتدال وعدمه وقوته وضعفه) قالوا: فالحيوان يحصل عن اعتدال المزاج حيث تم الاعتدال والنبات يحصل عن الامتزاج المتوسط ويحصل عما دون ذلك المعادن ونحو ذلك من خرافاتهم.
قوله: (وقالت الفلاسفة). أراد الفلاسفة الإسلاميين وسموا إسلاميين لحدوثهم وتجدد مقالاتهم بعد بعثة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وإقرارهم بشيء من الإسلام كالتصديق بالله والقول بحدوث العالم وإن خالفوا من جهة المعنى ولم يزد المتقديمن لأن المحكي عنهم نفي المؤثر رأساً والله أعلم.

قوله: (وحية أيضاً) يعنون السبع السموات التي هي الإلاك فهي حية عندهم لأنهم يجعلون لها نفوساً لاحتراكها.
قوله: (هذه المادة القابلة للكون والفساد) يعني الأجسام وغيرها الصادرة عن العقل الفعال هي القابلة للكون والفساد.
قوله: (من ضلالاتهم وهو سهم الذي يطول ذكره.
اعلم أن مذاهب الفلاسفة وغيرهم من هذه الفرق متضربة غير منحصرة وحكايات الأصحاب عنهم مختلفة ومذاهبهم أقرب إلى الالتباس والاشتغال بها لا ثمرة له وقد حكى بعض أصحابنا عنهم أباطيل ومقالات ركيكة لاسيما عن الباطنية وكلها من باب الهوس الذي هو ضرب من الجنون.
قوله: (والدليل على صحة ما يقوله أهل الإسلام) وهو قول من تابعهم من أهل الكفر مبني على القول بالصانع المختار وهذه الدلالة التي شرع في تحريرها تسمى دلالة الأكوان وطريقة الدعاوى، وأول من حررها ولخصها الشيخ أبو الهذيل وتابعه عليها من بعده من المعتزلة وذكر الشيخ أحمد بن محمد الرصاص أن أول من أشار إليها إبراهيم صلى الله عليه كما حكى الله عنه في أنه الأفول، وهي قوله تعالى: {فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي}، والكوكب قيل المشتري، وقيل الزهرة والقائل هذا ربي إبراهيم، قال: وقوله على جهة الاستهزاء بما كان يعتقده أبوه وقومه ولهذا حقق الاستهزاء بقوله: {لا أحب الآفلين}.
وقال جار الله: هو قول من منصف خصمه مع علمه أنه مبطل فيحكى قوله كما هو غير متعصب لمذهبه لأن ذلك أدعى إلى الحق وأنجى من العنت ثم نكر عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة، قال صاحب الجوهرة: فجعل ينقل النيرات دلالة حدوثها وأنها غير قديمة وإن لم يكن في كلامه تصريح بذكر الأكوان لكن الأفول ينقل والتنقل لايكون إلا بالأكوان.

وقال جار الله: أراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال ويعرفهم أن النظر الصحيح مود إلى أن شيئاً منها لايصح أن يكون إلاهاً لقيام دليل الحدوث فيها وأن وراءها محدثاً أحدثها وصانعاً صنعها ومدبراً دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها.
وقيل: بل أول من ابتدأها أبو الهذيل، وكلام إبراهيم عليه السلام غير قاض بذلك لا بإشارة ولاتصريح. وعن المؤيد بالله عليه السلام أن الصحابة كانوا يستدلون بالتأليف فيقولون: العالم مؤلف وكل مؤلف وله مؤلف.
وقيل: كانوا يقولون كون السماء والأرض والأشجار ونحوها على هذه الهيئة التي يعجز عن تركيبها البشر وتقصر عنها الآلات تدل على أن لها صانعاً غيرنا.
قوله: (وهذه الدلالة تنبني على أربع دعاوى). حقيقة الدعوى: الخبر الذي لايعلم صحته ولافساده إلا بدليل مع خصم منازع، فقولنا إلا بدليل ليخرج قول القائل السماء فوقي والأرض تحتي، لن هذا مما يعلم صحته لابدليل فلا يسمى دعوى ولو وقع فيه نزاع وإنما هو خبر فقط، وقولنا: مع خصم منازع. لأن الدعوى لاتسمى دعوى إلا مع حصول النزاع خلافاً للرازي فقال: بل يسمى دعوى وإن لم يكن ثم نزاع. قيل: وهو مخالف للغة لأن للدعوى عندهم أربعة أركان عدوى ومدع ومدعَى عليه ومدَّعى فيه، والمذهب يخالف الدعوى من وجهين أحدهما: أنه لايشترط فيه النزاع والثاني أنه يكون بالخبر والاعتقاد والظن والدعوى لاتكون إلا خبراً فعلى هذا يكون أعم منها من الوجهين فكل دعوى مذهب وليس كل مذهب دعوى.

واعلم أن الدعاوى أربع وتعيينها على ما ذكره في الكتاب فأما ترتيبها فالواجب تقديم الأولى منها لأنها كلام في إثباتها والبواقي كلام في أوصافها ولايمكن معرفة وصف الشيء إلا بعد معرفة ذاته كما مر غير، وأما الثانية والثالثة فقد قال السيد الإمام: لاترتيب بينهما وحدوثها وجب تقديم الثانية كما وجب تقديم الأولى وذلك كأن يقول: لأن الأجسام لم يحل من ههذ الأكوان المحدثة وإن لم يكن فيها إشارة إلى حدوثها لم يجب تقديمها وإن كان أولى لأنها كلام في صفة الأكوان يخصها، والثالثة: كلام في حكم لها مع الجسم ، وأما الرابعة فالظاهر من كلام أصحابنا وجوب تأخيرها، وقيل: إن كانت واردة على كيفية تتضمن الإشارة إلى سائر الدعاوى بأن يقال: الجسم لم يحل من هذه الأكوان المحدثة ولم يتقدمها فوجب أن يكون محدثاً مثلها وجب تأخرها لأن في ذلك ذكر الأكوان، والحكم عليها بالحدوث والمقارنة فيجب تقديم تلك الدعاوى والدلالة عليها، وإن لم تكن واردة على ذلك الوجه بأن يقال فيها لاجسم إذا لم يحل من المحدث ولم يتقدمه وجب أن يكون محدثاً مثله لم يجب تأخيراه إذ لايترتب ذلك على الدعاوى الثلاث الول والذي يجري في كتب الأصحاب هو الكيفية الأولى فيجب تأخرها لنها كلام في حكم الجسم مع الكون بعد الحكم عليه بالحدوث والمقارنة فلا بد من تقدمها عليها ولاكلام في حسن تأخرها على الإطلاق.
قال المصنف رحمه الله: (أما الدعوى الأولى) إلى آخره.
اعلم أن الكلام في الدعوى الأولى يقع في ثلاثة مواضع الأولى في حكاية المذهب وذكر الخلاف، الثاني في فوائد تتعلق بالأكوان، ألثالث في الدلالة على صحة المذهب.
أما الموضع الأول: فالخلاف كما ذكره من جهتين، قوله: (والأصم وحفص وهشام).

الأصم من النواصب وحفص من المجبرة وهشام من المجسمة، وقد وسط رحمه الله إبطال مذهب المخالفين في الجهة الولى بين حكاية مذهبهم وحكاية مذهب المخالفين في الجهة الثانية لأنه قول ضعيف وليس الذي يفتقر إلى بسط في الدلالة إلا إبطال قول المخالفين في الجهة الثانية.
قوله: (وحصولها في الجهات يتضاد الدليل على تضاده) امتناع اجتماعه فلا يمكن أن يكون الجوهر في وقت واحد في جهتين ولايمكن صرف تلك الاستحالة إلا إلى التضاد.
قوله: (لأنه غير مقدور لنا) سيأتي الدليل على ذلك في مسألة نفي التجسيم فأما هذا الجسم الذي فرض الكلام فيه فيخصه وجه آخر وهو أنه موجود اصل وما كان كذلك فليس بمقدور.
قوله: (ولأنه موجود قبل التحريك) يعني فإذا عرف أنه كان موجوداً من قبل فاتحاد ما هو موجود وحاصل محال فلابد من أن يكون هذا الأمر الذي علمنا ضرورة حصوله ووجوده أمراً غير الجسم.
قوله: (فكأنك تقول لاشيء) يعني حد الزاني (يزيد على لاشيء| يعني حد القاذف، وإنما لزمه ذلك لنه إذا قال في العشرين أنها لاشيء فلا فرق بينها وبين المائة والثمانين في ذلك.
قوله: (وبعد ففيها) الضمير عائد إلى الأعراض جملة.
قوله: (وإنما يرجع الاستدلال إلى التفصيل) يعني لايقال إذا كانت تعلم ضرورة للعلم بحسن كثير منها وقبح كثير فلم احتجتم إلى الاستدلال على أن ههنا أموراً زائدة فإنا إنما نستدل على التفصيل وهو أنها ذوات فليست بصفات ولا أحكام ولا أجسام فأما أن ههنا أموراً زائدة فيعلم ضرورة.
قوله: (وبعض المتأخرين) لعله أراد الإمام يحيى بن حمزة لأنه يذهب إلى مذهب أبي الحسين في ذلك بل في أكثر المسائل ومن الباقين لكونها ذواتاً. ابن الخطيب وغيره من أصحابه.
تنبيه
اعلم أن المسمين بنفاة الأعراض هم المخالفون من الجهة الولى لأن أ÷ل الخلاف في الجهة الثانية يعترفون بثبوتها وإ، حكموا بأنها صفات.

وقد قيل: لا قائل بالنفي من كل وجه إذ الصفات معلومة ضرورة وههنا جهة أخرى من الخلاف فإن النظام لم يثبت من الأكوان بل من الأعراض إلا الحركة.
وأما الموضع الثاني ففيه ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى
في حقيقة الكون وأقسامه وما يتصل بذلك فحقيقة الكون: ما يوجب كون المتحيز في جهة ما والكائن هو الثابت في جهة ما على وجه الاستقلال، وقلنا: على وجه الاستقلال ليخرج العرض لأنه عند المتقدمين في جهة، وحقيقة الكائنية كون المتحيز في جهة ما.
وأما قسمته فهو ينقسم إلى حركة وسكون واجتماع وافتراق وكون مطلق.
وأما حقائق أقسامه فحقيقة الحركة: الكون الموجب كون المتحيز في جهة عقيب كونه في جهة أخرى بلا فصل. قلنا: بلا فصل احترازاً من أمرين أحدهما أن يكون الجوهر في جهة ثم ينقل إلى أخرى ويلبث فيها إلى الوقت الثاني فإنه في الوقت الثاني لايسمى حركة لأنه تخلل بين كونه في الجهة الأولى وبين كونه في الثانية في الوقت الثاني فصل وهو الوقت الأول وثانيهما من أن يوجد الله تعالى جوهراً في جهة ثم يعدمه ثم يعيده في جهة غير تلك الأولى فلا يكون الكون الذي فيه في تلك الجهة الخرى حركة لحصول الفصل بين كونه في الجهة الأولى وفي الجهة الثانية.
وحقيقة المتحرك: الكائن في جهة عقيب بلا فصل وحقيقة كونه متحركاً كونه كائناً في جهة عقيب كونه في أخرى بلا فصل، وحقيقة السكون الكون الموجب كون المتحيز في جهة وقتين متصلين فصاعداً أو الموجود بعد مثله مالم يعدم ذلك المثل.

قلنا: متصلين احترازاً من أن يوجد الله تعالى جوهراً في هة كائناً فيها يكون ثم يعدمه ثم يعيده ويعيد فيه ذلك الكون في تلك الجهة فإن هذا الكون وإن أ,جب كون الجوهر كائناً في جهة في وقتين فليس بسكون لعدم اتصال الوقتين وكذلك لو أوجد الله تعالى كوناً في جوهر في جهة ثم نقله منها ثم رده إليها بذلك الكون بأن يعيده فيه فإنه لايكون سكوناً لما تقدم. وقلنا: والموجود عقيب مثله ليدخل ما إذا أوجد الله تعالى أو الواحد منا كوناً في جوهر في جهة وبقي كائناً فيها بذلك الكون وقتين فصاعداً ثم أوجد فيه حال كونه فيها كوناً آخر لن تسكين الساكن جائز على الأصح، فإنه سكون وإن قدرنا أنه لم يوجب كون المتحيز في جهة في وقتين بل انتقل ذلك المتحيز ثاني وجوده فيه، وقلنا مالم يعدم ذلك المثل احترازاً من أن يوجد تعالى جوهراً في جهة ثم ينقله إلى أخرى ثم ينقله في الوقت الثالث إلى الجهة الأولى فهذا الكون قد وجد عقيب مثله فليس بسكون لما كان قد عدم ذلك المثل وحقيقة الساكن الكائن في الجهة وقتين متصلين فصاعداً، وحقيقة كونه ساكناً كون المتحيز في جهة وقتين متصلين فصاعداً وحقيقة الاجتماع الكونان الموجبان كون المتحيزين كائنين في هتين على جهة المماسة ولى هذا فقس.
حقيقة المجتمع وكونه مجتمعاً، وحقيقة الافتراق الكونان الموجبان كون المتحيزين في جهتين على جهة المباينة وعلى هذا فقس، حقيقة المفترق وكونه مفترقاً.
تنبيه

قد عرفت من معنى الحقيقة المذكورة أن الاجتماع كونان وهو الذي يذكره الأصحاب في كتبهم وكذلك الافتراق. وقيل: الأجود أن الاجتماع كون واحد وكذلك الافتراق ولكن يشترط في تسميته اجتماعاً أن يماس محله جوهراً ىخر، وفي الافتراق أن يبيان محله جوهراً آخر فعلى هذا يكون في الجوهرين المتماسين اجتماعان وفي المتبياينن افتراقان، والمعنى واحد، وإنما الفائدة هل يسمى كل واحد من الكونين المذكورين اجتماعاً أو اسم الاجتماع يشملهما وكذلك الافتراق فهو خلاف في العبارة وحقيقة الكون المطلق الكون الموجب كون المتحيز في جهة ما عند ابتداء حدوثه وعلى هذا فقس وحقيقة الكون المطلق الكون الموجب كون المتحيز في جهة ما عند ابتداء حدوثه وعلى هذا فقس، حقيقة الكائن يكون مطلق وكونه كائناً يكون مطلق.
واعلم أن هذا الكون إن لبث به الجسم في الجهة وقتين فصاعداً عاد سكوناً وإن وجد في جوهرين على سبيل القرب كان اجتماعاً أو على سبيل البعد كان افتراقاً وقد يكون حركة على ضرب من التقدير، وهو أن يوجد الله الجوهر في جهة ثم ينتقل ثاني وجوده فيعدم الكون المطلق ثم ينتقل إلى الجهة الأولى بذلك الكون المعدوم بأن يعيده فيه الله تعالى فقد أوجب كون المتحيز في جهة عقيب كونه في أخرى بلا فصل فيصير حركة ولايسمى كوناً مطلقاً لأنه لايسمى بذلك إلا الحاصل في المتحيز عند خروجه من العدم إلى الوجود والكون المطلق مما يختص تعالى بالقدرة عليه لأنه لايمكنا تعدية الفعل إلى الغير، وفعل كون فيه إلا بالاعتماد الموجود في الوقت الأول في محل ذلك الكون وفي الوقت الأول الجسم معدوم وظاهر كلام الجماهير من أصحابنا أنه لايتشرط فيه أن يكون في جوهر خلقه الله ولم يخلق معه غيره.

وقال الفقيه محمد بن يحيى بن ...: لابد من ذلك. واعترضه بعضهم بأنه يلزم عليه ألا يصح وجوده من الله تعالى لأنه تعالى لايخلق شيئاً إلا بعد خلقه من الأحياء من ينتفع به وذلك الحي لايكون إلا متركباً من جواهر متعددة وكلام المتكلمين مصرح بأن الكون المطلق فعل الله وله أن يقول: أكثر ما يقتضيه ما قلته أنه لم يوجد فأما أنه لايصح وجوده فلا لأنه يصح منه تعالى خلق جوهر منفرد ولا كلام في قدرته على ذلك، وإن قيل أنه لايصح منه فعله فمن جهة الحكمة لامن جهة القدرة مع أنه يصح من جهة الحكمة بأن يعلم الله أن في خلق هذا الجوهر المنفرد وتقديمه على سائر الأحياء والجمادات لطفاً لمن سيكلفه في المستقبل فيكون ذلك وجهاً في جواز تقديمه، وإذا تأملت لم تجد خلافاً له فائدة وإنما هو في العبارة فقط وهل يسمى كونه مطلقاً مع كونه اجتماعاً وافتراقاً أو لا.
واعلم أنه إذا وجد جوهر مع وجود جوهر آخر فالكون الذي فيه يسمى اجتماعاً أو افتراقاً ولايسمى حركة ولاسكوناً فيكون مطلقاً بالنسبة إلى الحركة والسكون غير مطلق بالنسبة إلى الاجتماع والافتراق والذي سمى هذا الكون بالكون المطلق هو الشيخ أبو هاشم وإنما سماه بذلك لأن لفظة الكون أعم ولحالات الجسم أشمل والمراد بقوله: مطلق أنه لم يقيد بقيد زائد على مطلق الكونية.

إذا عرفت ما مضى وأردت حصر الأكوان قلت: الكون إما أن يوجب كون المتحيز ف يجهة عند ابتداء حدوثه أولاً إن كان الأول فهو الكون المطلق وإن لم يكن كذلك فلا يخلو إما أن يصير به الجسم إلى جهة عقيب كونه في أخرى بلا فصل أو لايكون كذلك، إن كان الأول فهو الحركة وإن كان الثاني وهو أن يلبث به المتحيز في الجهة وقتين فصاعداً من غير فصل أو يوجد في متحيز لابث في الجهة وقتين أو أكثر فهو السكون ثم لايخلو الكون إما أن يوجب كون المتحيز في جهة مع حصول كون غيره في متحيز مماس له أولاً إن كان الأول فهو الاجتماع وإن لم يكن كذلك بل أوجب كون محله في جهة مع حصول آخر في متحيز مباين له فهو الافتراق.
الفائدة الثانية

29 / 158
ع
En
A+
A-