وأما النكتة الثانية: فاعلم أن الوجه الذي لأجله وجب فيمن قدر على الشيء أن يقدر على جنس ضده أن الدال على قدرته على الشيء وجوب وقوعه بحسب فضده وداعيه وهذه الطريقة موجودة في جنس ضد مقدور القادر بلا محالة فإن من قدر على تحريك الجسم يمنة قدر على تحريكه يسرة، وقد ثبت أن القدرة تتعلق بالضدين وكذلك .... الموجبة عنها وقد خرج عن هذه الطريقة الشيخان وأبو عبدالله في أحد قوليه لأنهم جعلوا السهو ضداً للعلم، وجعلوا أحدنا قادراً على العلم دون السهو وأجازوا أن يكون القادر قادراً على الشيء دون جنس ضده.
قوله: إذا كان له ضد يحترز مما لاضد له كالتأليف والصوت والاعتماد فإن القادر على ما هذه حاله لايقدر على جنس ضده إذ لاضد له في العين ولا في الجنس.
وأما النكتة الثالثة: فالموجب لقوله على جنس ضده وكونه لم يقل على عين ضده أن عين الضد قد يكون مقدوراً لقادر آخر فلا يصح قدره هذا عليه لاستحالة مقدور بين قادرين عندهم، مثاله: أن يوجد أحدنا كوناً للجوهر في جهة ثُمَّ يأتي الآخر فينقله من تلك الجهة ففاعل الكون الأول لم يكن قادراص على ضده بل القادر عليه الذي أوجده ولكن فاعل الأول يقدر على مثل الكون الذي نفاه مطلقاً وهو جنس ضد له.
فإن قيل: قد يكون القادر على الشيء قادراً على عين ضده وإن لم يطرد فكان الأولى أن يقول على عين ضده أو جنس ضده.
قلنا: لو قال كذلك أوهم أن قدرته على جنس الضد بدلاً عن قدرته على عين الضد وأنه إذا كان قادراص على عين الضد لم يكن قادراً على جنس الضد وليس كذلك فإنه قادر على جنس الضد مطلقاً سواء قدر على عين ضده أو لا.
فائدة: لها تعلق بما تقدم اعلم أن المقدورات المتضادة تنقسم إلى قسمين مقدورات للباري تعالىومقدورات لنا فمقدورات الباري تعالى تنقسم إلى قسمين، منها ماله ضد من جنسه، وهي الألوان والروائح والطعوم، ومنها ما ضده من غير جنسه وهي الجواهر والشهوة والحرارة والرطوبة فإن أضداد هذه من غير أجناسها إلاَّ أن تكون الرطوبة لها أنواع متضادة على ما جرى في بعض كلام أبي هاشم فلها ضد من جنسها.
ومقدوراتنا تنقسم إلى قسمين، فمنها ماله ضد من جنسه كالأكوان والاعتقادات والظنون، ومنها ما ضده من غير جنسه وهي الإرادة.
قوله بعد ذكر الشبهة الأولى والجواب إلى آخره: اعلم أن ظاهر كلام المصنف التسليم أنَّه لايصح اختيار الجهل مع حصول العلم لما ذكره من أنَّه واجب الوجود لوجود سببه فلا يصح اختيار الجهل بدلاً منه لأن الجهل لاسبب له يوجبه كما سيأتي، وإنَّما يقع بدعاء الداعي إليه وما يكون واجباً أولى مما يقع بالداعي فأما بعد ذلك الوقت فلا يتأتى هذا الجواب، إذ ليس العلم حينئذ بواجب الوجود وإنَّما يحدده الفاعل باختياره عند تذكر نظره المتقدم لا أنَّه واجب عن سبب لكن الشبهة لم ترد إلاَّ على لزوم أن يختاره في الحالة لاثانية من صحة اختياره النظر فالجواب إذاً صحيح فإن أرادوا لزوم صحة اختياره في الحالة لاثالثة من النظر أو ما بعده فهو ملتزم وقد ذهب أبو هاشم إلى أنَّه لايصح اختيار الجهل مع حصول العلم من دون عارض.
وقال أبو علي: يصح اختياره ولامانع من ذلك وهذا الخلاف فيما إذا كان العلم مكتسباص فأما إذا كان ضرورياً فالإتفاق على العلم إلاَّ عند حدوث عارض لاسيما والعلم مما يستروح إليه ويعد معداً لمنافع والعارض لاذي يعرض دون العلم ليس إلاَّ ورود شبهة يختار عندها الجهل انتهى.
وهذا الاحتجاج إن صح فأكثر ما فيه أن العالم لايدعوه الداعي إلى اختيار الجهل من دون شبهة ترد عليه فلا يختاره مع عدم الشبهة لعدم الداعي ولحصول الداعي له إلى سكون النفس لما فيه من الاسترواح فأما أن يخرج القادر عن صحة قول الجهل وعن قادريته عليه فلا وإذا كان قادراً غير ممنوع صح منه فعله إذا عرفت هذا فالأولى أن يقال أما في الوقت الثاني من وجود النظر فلا يصح اختيار الجهل لما تقدم، ولعل أبا علي لايخالف في ذلك، وأما بعد ذلك وعند فعله للعلم ابتداء غير موجب عن نظر فيصح مطلقاً سواء وردت شبهة أو لم ترد هذا من جهة القدرة وإن لم يقع فلفقد الداعي والله أعلم.
قوله في الشبهة الثانية لوجب أن يعرف صحة صفة ما كلفه. قال الفقيه قاسم: أرادوا بصفتها كونها مقدورة وكونها تقتضي سكون النفس.
قيل: وكونها اعتقاداً يتضمن إثبات الباري.
قوله: إذ لو علمها لما كلف النظر يعني لو حصل له معرفة الاعتقاد الذي هو علم يقتضي سكون النفس وهو ما كلفه كان يعرف أن الذي كلفه من العلوم اعتقادان للعالم صانعاً لما كلف النظر بل كان يفعل ذلك الاعتقاد الذي كله ابتداء.
وقد أجاب ابن الملاحمي عن هذه الشبهة بأنه لايعتبر في العلم بما كلفنا إلاَّ معرفة جنس ذلك المكلف به وأن جنسه مقدور لنا ولايعتبر معرفة عين المكلف به وأنه مقدور لنا ونحن نعلم أن العلم جنس متميز عن غيره من الأجناس مقدور لنا يحصل معه سكون النفس، وهذا كاف فيما كلفناه.
قوله: على أن معرفة شبيهاً يقوم مقام معرفتها قد ذكر الأصحاب أن المكلف به إن كان مبتدأ لا علاقة له بغيره كالإرادات والكراهات والأنظار فإنه لايكلف به حتَّى يعلم صفته وإن كان له تعلق بغيره لامن حيث أنَّه مولد له وجب العلم أيضاً بصفة المكلف به كتكليفنا بالأخبار عن كون زيد في الدار فإنه لايحسن تكليف أحد به حتَّى يعلم صفة خبره وأنه مطابق وذلك بأن يحصل له العلم بكون زيد فيها، وإن كان لما كلفه تعلق بغيره من حيث أن ذلك الغير مولد له فإن كان المكلف به مسبباص عنه غير مبراح كالتأليف مع الكون فإنه لايصح التكليف به حتَّى يعلم صفته أيضاً، وإن كان المكلف به مسبباً متراخياً عن سببه فإن أمكن معرفة المسبب فلا بد من العلم به قبل التكليف كإصابة السهم وإن كان العلم بصفته غير ممكن كانت معرفة سببه تقوم مقام معرفته كمسألتنا هذه فإنه لايمكن معرفة صفة المعرفة قبل حصولها فكفى معرفة صفة سببها.
وقد ذكر ابن متويه في التذكرة أن الذي يكلفه من الأفعال ينقسم إلى ما يكلف به، وإن لم يعلم صفته وهو العلم فيكفي في تكليفنا به علمنا بالنظر وإلى ما لابد من معرفة صفته قبل فعله ليصح التكليف به، وهو سائر مقدورات القدر وقد حكى بعض أصحابنا جواباً للغزالي عن أصل الشبهة وهو أنا قبل العلم به تعالى لانكلف العلم وإنَّما تكليفنا في الابتداء متعلق بتحصيل النظر ثُمَّ إذا ولّد العلم كلفنا بعد ذلك بتحديد ذلك العلم، وقد علمنا صفته قال: وما ذكره غير صحيح لأنا لم نكلف بالنظر إلاَّ لتحصل لنا به المعرفة الواجبة فلو لم يجب علينا المعرفة في الابتداء لم يجب علينا النظر، وهو صحيح على قاعدة العدلية لكن الغزالي بنى على أصله أن الواجب لايجب إلاَّ سمعاً، وأن المعرفة لم تجب إلاَّ سمعاً، والنظر لم يجب إلاَّ سمعاً لا لأجل وجوب المعرفة فيصح على ذلك القول بأن السمع أوجب النظر أولاً ولم يوجب المعرفة.
قوله: قلنا المشقة في سببها لا كلام في أن الفعل إذا كان مكلفاً به فلا بد من حصول مشقة لأجله إذ التكليف مأخوذ من الكلفة وهي المشقة ويجعلونها خاصة التكليف لكن لايشترط أن تكون المشقة فيه نفسه بل إن كانت فيه كالصلاة والصوم والحج وإلاَّ ففي سببه كالمعرفة فإنه لامشقة فيها بل تقع بها الاسترواح لزوال الشك عندها وطمأنينة النفس لكن المشقة في سببها وهو النظر، فإن المشقة فيه معلومة وإن لم تكن كمشقة أفعال الجوارح، أو فيما يتصل به كقراءة القرآن بالصوت الحسن فإنهما مع التكليف بها إذ هي مندوبة وواجبة في الصلاة لامشقة فيها بل يلتذ القارئ بها لكن المشقة فيما يتصل بها وهو حراسة النفس عن الرياء والعجب ومحبة السمعة وكذلك جماع الرجل لزوجته أو مملوكته فإنه قد ورد أنَّه يستحق الثواب فالمشقة في نضره لنفسه عن سواء ما يحل له ومعلوم حصول المشقة في ذلك.
فإن قيل: إنَّما يتأتى هذا الجواب في العلم المسبب عن النظر فأما العلم الذي يجده الواحد مباحاً لا يعد حال فإنه لاسبب له فيقال: المشقة في سببه.
قلنا: أما الذي يحصل مبتدأ لا عن سبب فالمشقة فيما يتصل به وهي توطين النفس على ما دفع ما يرد عليه من الشبه.
فائدة
اعلم أنَّه لافعل من أفعال القلوب يجد الفاعل له مشقة في فعله وويتبينها من نفسه إلاَّ النظر.
قال ابن متويه: ومتى ..... عن لحوق المشقة بالفكر خاصة وظهورها فيه دون غيره فلا علة يمكن ذكرها، ومن الجائز كونه معللاّ ونحن لانصل إليه أي إلى معرفة علته ومن الجائز أن يكون من باب ما لايدخله التعليل. قوله: لنهي عن الجهل يعني عن الجهل بنفس ما كلف بمعرفته لأن التكليف بالمعرفة هو الأمر بها والأمر بها يتضمن النَّهي عن ضدها فإن من قال لعبده قف في هذا المكان فقد نهاه عن الذهاب إلى غيره لا بإيراد صيغة للنهي عنه، وإذا كان هذا مرادهم على ما ذكره بعضهم فهو غير مسلم لأن الصَّحيح أن الأمر بالشيء ليس نهياً عن ضده لا لفظاً ولامعنى، وموضع ذكره أصول الفقه.
قوله: ولو عرف الجهل عرف تحقيقه أنَّه إذا نهى عن الجهل فلا بد أن يعرفه ليمكنه الاحتراز عنه وإذا عرف الجهل عرف المجهول لأنَّه إذا عرف أن اعتقاد ألاَّ صانع لعالم جهل فمعرفته لذلك لايكون إلاَّ مع معرفة الصانع فإذا اعتقد ثبوته حصل له عن هذا الاعتقاد سكون نفس عرف أن ما يضاده وهو اعتقاد ألاَّ صانع جهل قوله والكلام على أهل التقليد أي الكلام على إبطال مذهب القائلين بأنه جائز في مسائل أصول الدين، واعلم أنَّه لابد من تقديم بيان حقيقة التقليد في اللغة وفي الاصطلاح وحقيقته الاصطلاحية وإن كان قد تقدم ذكرها في المتن فذكرها ههنا أولى ليكون المطلع على الأدلة مستحضراً لها.
فنقول: أما التقليد في اللغة فهو مصدر قلد تقلد، ويستعمل في جعل القلادة في عنق الحيوان وقلادة كل حيوان بحسب ما يعتاد أن يوضع في عنقه في كل وقت وموضع، فقلادة المرأة من الحرز ونحوه وقلادة الإبل من مفتول الصوف والقطن والشعر، وقلائد الخيل من الأدم ولها هيئة مخالفة لقلائد الإبل، ونحو ذلك ذكره بعضهم. وأما حقيقة التقليد اصطلاحاً فقد تقدمت وأجود ما قيل في تحديده: قبول قول الغير من غير حجة ولاشبهة زائدة على حاله ولفظ القبول يتضمن القبول بالقول والظن والاعتقاد فأي ذلك كان فهو تقليد، وقلنا زائدة على حالة ليدخل من اتبع قول غيره لما يرى عليه من سيماء العلم والعفاف والورع فإنه يسمى مقلداً ولايصير بهذه الشبهة غير مقلد لأنها شبهة لم يرد احتجاجاً على المسألة ولاتصويراً لدليل عليها ولايكاد يتبع مذهب ذاهب إلاَّ لشبهة يرجع إلى حاله وأوصافه مع عد ذلك تقليداً وهذه الحقيقة لها شبه باللغوية لأن العالم والعامي كل واحد منهما علق ما أراد في عنق صاحبه فكل واحد منهما يسمى مقلَداً أو مقلِداص بفتح اللام وكسرها فيسمى العالم مقلَداً بالفتح لأن العام جعل ما يذهب إليه ويدين به كالقلادة في عنقه وبالكسر من حيث أنَّه جعل قوله قلادة في عنق العامي والعامي مقلِد بالكسر من حيث أنَّه جعل ما يدين به كالقلادة في عنق العالم وبالفتح من حيث أن العالم جعل مذهبه كالقلادة في عنقه والأدلة على عدم جواز التقليد ههنا ما ذكره المصنف.
قوله: أو دلالة فيبطل التقليد. فيه سؤال وهو: أن يقال ما أنكرت أن يكون الاستدلال طريقاً لبعض والتقليد طريقاً لبعض فلم حكمت لأجل ما ذكرت ببطلان التقليد.
وجوابه، من وجهين: أحدهما أن عند أكثر ........... للتقليد أن التقليد هو الطريق لكل أحدٍ وأنه لاطريق إلاَّ هو إذ صرحوا بالمنع من النظر والاستدلال وقد صح بما بينه أنَّه لابد أن ينتهي التقليد إلى من علم ما علمه عن غير تقليد.
وثانيهما: أن المراد أنَّه يبطل من حيث لم يحصل الاكتفاء به مطلقاً بل لابد من العلم على كل حال.
قوله: لكان أحق الناس بأن يقلده الأنبياء.
يقال: هل لظهور المعجز فلا كلام لكن ذلك لايسمى تقليداً أو مع عدم ظهوره فلم حكمت بأ،هم أحق فإنهم مع عدم المعجز كغيرهم إذ لامزية.
فإن قلت: أحق لعصمتهم.
قيل: لايعلم العصمة إلاَّ لظهور المعجز لكونه لايظهر على من تجوز عليه الكبائر.
قوله: إلاَّ أن الإمَّعة المحقب دينه الرجال. الإمعة والإمّع: الذي يكون لضعف رأيه مع كل أحد ولا يقال امرأة إمعة لأن ذلك لايقال للنساء. والمحقب دينه: المردف له أي الجاعل دينه محقباً أي مردفاص. وروى الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين في أنوار اليقين عن ابن عباس قال: كان أمير المؤمنين عليه لاسلام كثيراً ما ينشد:
إذا المشكلات تصدين لي ... كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجال ... أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدرة الأصغرين ... أقيس بما قد مضى ماغبر
قوله: ونحو ذلك كثير. يعني: كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: < من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله والتدبر لكتاب الله والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزل ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه ذهب به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين الله على أعظم زوال> وقد أحسن القائل:
ما الفرق بين مقلد في دينه ... راض بقائده الجهول الحائر
..... رما بها أعمى على ... ...... الطريق الحائر
تنبيه
قال الحاكم في شرح العيون: قال أبو هاشم المقلد يستحق عقوبتين أحدهما لكونه أقدم على ما لايأمن كونه جهلاً، والثانية على ترك النظر وكل واحدة من المعصيتين كبيرة.
قوله: في شبههم، ولم يكن يأمرهم بطلب العلم الدقيق أي كالعلم بإثبات الأعراض والاستدلال على حدوثها وعلى أن الجسم لم يتقدمها والعلم بأن كونه تعالى قادراص صفة لاحكم أو أنَّها متعلقة بأجناس مقدورات العباد وأعيان سائر المقدورات وغير ذلك من غوامض علم الكلام قوله لأن الإكراه لايتصور في باب العقائد يعني لأن المكره على العقيدة أكثر ما يحصل من إكراهه أن يظهر أنَّه قد اعتقد وكلامه غير مقطوع بصحته ولايمكن الاطلاع على ما في قلبه وسيأتي تحقيقه في باب الأمر بالمعروف.
قوله: وبالجملة فإن الكتاب والسنة إلى آخره. لابد من بيان طرف من ذلك في باب النظر إن شاء الله تعالى.
قوله: لو كلف النساء العوام بهذه الأصول والاستدلال عليها بالدلة الغامضة إلى آخره. اعلم أن الإمام يحيى قد ذكر مراتب التوحيد في كتاب التمهيد وذكر فيه ما يقرب من كلام من أ>از التقليد في حق العوام والنساء ونحوهم وذلك أنَّه قسم التوحيد إلى أربع مراتب:
المرتبة الأولى: الإقرار بالوحدانية والأخبار بأن لا إله إلاَّ الله فهذا الخبر يوصف بأنه توحيد لا .... أن الله تعالى واحد، وزعم عباد أن قول القائل: لا إله إلاَّ الله ليس بتوحيد، قال: ولو كان توحيداً لوجب داومه لأن التوحيد يجب أن يكون مستداماً.
قال عليه السلام: وهذا خطأ لأنَّه لايمتنع أن يوصف بأنه توحيد وإن لم يكن دائماً.
ثُمَّ قال عليه السلام: وفائدة هذا الإقرار التبرؤ عن الشرك وإحراز الرقبة عن القتل وتحصين الأموال عن الأخذ إلاَّ بحقها وتثبت لقائلها أحكام الإسلام في الظاهر والسرائر علمها عند الله تعالى.
قال عليه السلام: المرتبة الثانية: اعتقادهم مضمون هذا اللفظ مجملاً تقليداص، وهذه هي حالة المقلد، ومن قصدعن بلوغ مراتب النظر وصاحبها سالم في الدارين مهما سلم اعتقلاه عن زلل، عند أكثر العلماء خلافاً لطوائف من المتكلمين فإن صاحب الشريعة كان يقبله من العراب ولو كلفهم العلم اليقين لعجزوا عن إدراكه لقصور إفهامهم.
المرتبة الثالثة: هي الوصول بمقدمات النظر إلى معرفة حقيقة ذاته تعالى وصفته وحكمته وأفعاله وأنه واحد لاشريك له وهذه هي حالة العلماء الأفاضل الذين وصلوا بحقائق الأدلة والبراهين فحصلوا على انشراح الصدور وطمأنينة الأنفس ويرد اليقين وبين هذه المرتبة والتي قبلها بون عظيم فإن هذه درجة الأولياء وتلك درجة الضعفاء وفي هذه المرتبة تفاوت درجات أهل النظر في تحصيل هذه المعارف على جهة الإجمال وعلى جهة التفصيل ثُمَّ تتفاوت درجاتهم في تفاصيلها فيتفاضلون لذلك في سرعة الوصول إلى المعرفة وحراستها عن الزلل وكل ذلك سهل ويسير على من وفقه الله تعالى وثبته.
فأما المرتبة الرابعة فقد تقدم ذكرها وهي: حصول العلم الضروري للأنبياء والأولياء.
إذا عرفت هذا ففيه طرق من يقول من أجاز التقليد كما سبق له من موافقة من أجاز حصول العلم الضروري.
وقوله عليه السلام: ولو كلفهم العلم اليقين لعجزوا عن إدراكه. هو القريب من أحوال من ذكره من الأعراب والعبيد والنساء أو أكثرهم، وإن كان الحاكم قد ذكر في (شرح العيون) أنَّه من مامن عامي إلاَّ ويمكنه أن ينظر في الدقائق ويعلمها. قال: وذلك يظهر في معاملاته وأفعاله فإن عامياً لو شاترى كوزاص واشترى غيره كوزاً مثله فقال البائع للعامي كوزه بدرهمين وقال للآخر بدرهم لم يقبله العامي بل يقول هما من جنس واحد والقدر واحد والوقت واحد والصفة واحدة فالفضل لابد أن يكون لأمر ما.