ومن قولهم أنهم ينفون عن الله سبحانه إرادة حوادث العالم وربما أضافوها إليه لأنه خلق أصولها، وربما قالوا خلقها، ثم يقولون بالفطرة فإذا سألتهم قالوا: لم نقصدها ولم نردها، وربما قالوا بالإحالة وهم ينفون الأمطار والثمار والنبات والحيوانات والموت والحياة عن الله سبحانه، إلا أن منهم من يقول: هي فعله بما ذكرنا من فطرة، أو إحالة، وهم يثبتون البعث والنشور، وينكرون الصحف والميزان، والصراط، والشفاعة، والحوض، ويستبعدون ما يحكى، ويردون الآثار النبوية زادها الله جلالة وحدة من عظم ثواب الله سبحانه لأوليائه، وبما هجنوا بذلك، وسمعنا ذلك من بعضهم أنه قال: وما يريد المؤمن بألف حوراء؟ وهم يردون ظواهر كتاب الله سبحانه وينزهونه عن فعل جميع ما قدمنا، وعندنا أن ذلك ردة وكفر من قائله وأنهم إن حاربوا إمام الحق ولهم شوكة جاز قتل مقاتلهم، وسبي ذراريهم؛ وذلك لأن الأئمة وعلماء الأمة أجمعت على أن من ردَّ ظاهراً من ظواهر كتاب الله سبحانه، أو خبراً من معلومات دين نبيه صلى الله عليه وآله وسلم كفر بلا خلاف ولم يعصمه مجرد الشهادتين، لأن أكثر أهل الردة ما عطلوا شيئاً من الدين، إلا أنهم منعوا الزكاة من القائم بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد علم من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة وجوب تسليمها إلى ولاة صاحب الأمر في الإسلام، وقال أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو منعوا عقالاً مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحاربتهم عليه بمشهد الصحابة فلم ينكر عليه أحد، فكان إجماعاً وإجماعهم حجة على ما ذلك مقرر في مواضعه من أصول الفقه، فإذا قد تقرر لك ذلك والله سبحانه يقول في سورة البقرة: ?يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ
السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ?[البقرة:21، 22]، وربما أنكروا نزول القرآن وقالوا: في قلب الملك الأعلى لا يفارقه، وقد صرَّح سبحانه بنزوله في آي كثيرة منها في الآية بعد هذه الآية، وهي قوله تعالى: ?وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ?[البقرة:23]، ?وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ?[البقرة:41]، فقد رأيت امتنان الحكيم سبحانه على خلقه بما منحهم من الأرزاق، وهيَّأ لهم من الأرزاق، وأخرج من الثمرات، وأنزل من الأمطار، ونهى عن جعل الأنداد؛ لأن من أنكر ذلك فقد جعل لله سبحانه أنداداً؛ ومن جعل لله أنداداً فهو كافر بالإجماع، وصرَّح بنزول القرآن كما رأيت، وتحدّى الجاحدين لكونه من عنده بالإتيان بسورة من مثله، وقال تعالى في هذه السورة: ?وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ?[البقرة:99]، فجمع الكفر والفسق في مقابلة إنكارها.
واعلم أن القرآن الكريم مشحون بوقوع الأمطار، والرياح والغمام، والنبات والثمار، والزروع والأنهار، والحيوانات ومنافعها، والأرزاق وأجناسها من منته على خلقه وأن التناقص في الثمار والنفوس والزرع والأولاد والجدب والجوع والآلام التي هي الصوت، والفقر الذي هو البأساء، والموت منه سبحانه فذلك منه تعالى للترغيب وهذا منه سبحانه للترهيب، والقرآن ظاهر لمن أظهر التعلق بالإسلام بوجوده في جميع أقطار بلدان أهل الإيمان، ولا تخلو سورة منه عن دلالة إما تصريح وإما إشارة، ولابد إن شاء الله تعالى من كتابين كبيرين: أحدهما على الباطنية في نسف آرائها وتبيين عيبها وكفرها، والثاني على المطرفية في بيان ردتها وبغيها عمن أظهرت الانتساب إليه من أئمة الهدى، فإذا تقرر ذلك بيَّنا أحكام الفريقين في مقتضى شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما أطبقت عليه أئمة الهدى، وإنما خصصنا هؤلاء بالذكر لانتسابهم إلى الشيعة، وكون اعتقادهم منفراً للأمة عن اتباع الذرية الزكية، فهم عندنا من الأخسرين أعمالاً ?الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا?[الكهف:104]، وإذا قد فهمت المقصود فلنرجع إلى ذكر ما يتعلق بهذه السورة الشريفة دون غيرها من الرد عليهم، والتحقيق بالصدق لما ذكرنا، قال سبحانه مخاطباً لبني إسرائيل في نبيه عليه السلام في حال تيههم وظلمهم: ?وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ?[البقرة:57]، فلم يمنعه تعالى ظلمهم لأنفسهم من إتمام النعمة عليهم، وإصباغ أرزاقهم لبلوغ الحجة فيهم، وفي مثله قوله تعالى: ?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنَ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ?[البقرة:126]، وهم ربما قالوا رزق المطيع سبحانه ولم يرزق العاصي وهذا عند عامتهم.
وأما عند أهل التحقيق فرزق العاصي والمطيع حصل بغير قصد من الله سبحانه،بل بالفطرة والإحالة والحركة، فقد رأيت اختياره سبحانه بأنه يمتع الكافر قليلاً؛ لأن متاع الدنيا قليل ثم يضطره الموت وغيره من أسباب الهلاك إلى عذاب النار؛ لأنه برزقه له وجب عليه حمده وشكره، وبكفره لا لأنه استحق النار، قال تعالى في الامتحان والبلوى في هذه السورة: ?وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ?[البقرة:155] الجوع: من أنواع الجدب، والخوف على وجهين: خوف من الله تعالى، وخوف من أعدائه وهما جميعاً في الحكم من جهته؛ لأنه لولا تعبدنا بعداوة أعدائه لم نخفهم، ولولا تعبدنا بطاعته لم نخف مخالفة أمره، ونقص من الأموال والأنفس، أنواع المال معروفة ونقصها ظاهر بالموت من حيوانها، وبتلف من جمادها، ونقص الأنفس: الموت والأمراض على أنواعها، والثمرات نقصانها بما يحدث من الآفات فيها، وكل هذا بغير حاجة منه سبحانه إليه، وإنما أراد بلوانا بالصبر لنفع يعود علينا، كما ابتلانا بالشكر لأمن يرجع إلينا فتدبَّر ذلك تصب رشدك، موفقاً إن شاء الله تعالى .
وقد كرر سبحانه ذكر الآيات في الكتاب، وما ينتفع به ذوو الألباب، فقال تعالى في هذه السورة: ?إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ?[البقرة:164]، فقد بين تعالى في هذه الآية من امتنان والاستدلال على وحدانيته بما لو شرحنا مقتضاه لما أتينا عليه إلا في كتب كبيرة، فسبحان من لا تنفد كلماته، ولا تنقطع آياته، فقد جمعت هذه الآية كثيراً مما نازعوا فيه وأنكروا، وهي صريح لا لبس فيه وهو إيجاب النظر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، وما منَّ به سبحانه من جري الفلك السيار بما ينفع الناس، والإخبار والإسرار، وما أنزل سبحانه من الأمطار، فأحيا به الأرض بما أظهر منها من الزرع والأشجار والثمار والأزهار، وما خلق من الحيوانات المختلفة الأجناس المتفاوتة الأعمار، من قول من رصدها أن الحية لا تموت حتى تقتل أو يميتها الجبار، وأن البعوضة وعمرها ثلاثة أيام، والذباب أربعون يوماً، وكل ذلك تقدير العزيز العليم، وأي وكيف كان فلا تكليف علينا فيه، وليس هذا من مقصودنا ولكنه عرض، وفي ذكر كل شيء من تقدير الحكيم سبحانه عرض وتصريف الرياح الأربع ومكافاتها التي في حكم البيع وما علق بها من المصالح والمضار، فالمصالح للاختبار، والمضار للاعتبار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض، فسبحان من أقله ورفعه، وبسطه وقشعه، وأمطره وأقلعه، وجعل في جميع ذلك آيات لقوم يعقلون، فنسأله أن يجعلنا من العاقلين له، الراضين حكمه، وقال تعالى في توسع الرزق في هذه السورة الشريفة: ?وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ
يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ?[البقرة:212]، وفيها قوله تعالى في القبض والبسط: ?وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ?[البقرة:245]، وقال تعالى في اختصاصه بفضله من يشاء من عباده في هذه السورة الشريفة قال: ?إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ?[البقرة:247]، وفي مثله قوله تعالى: ?تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ?[البقرة:253]، وذكرنا هذه الآيات لأنهم ينكرون أيضاً أن يختص الله سبحانه برحمته من يشاء وأن يفضل بعض خلقه على بعض في شيء من الأشياء؛ لأن عندهم المساواة واجبة على الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
ولما كان مقصودنا في هذه الرسالة الشافية إن شاء الله تعالى الاختصار، فلنذكر ما يتعلق بالرد على هذه الفرقة من آيات القرآن الكريم، ونعينه لك في كل سورة كما فعلنا في الأخبار.
فهذا فيما يختص بالمطرفية دون الباطنية؛ لأن الباطنية في مكنون علمهم نفي النبوة وأن القرآن ليس بكلام الله سبحانه، وإنما هو كلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم وربما رجعت المطرفية إلى قول الباطنية لأنهم يقولون: إنما النبوة فعل النبي دون أن تكون فعل الله، وقد سمعنا ذلك من بعضهم وناضرنا عليه وأخزينا وجهه فيه لله عز وجل؛ لأنا قلنا: ما فعله؟ قال: حركة وسكون، وهم يحصرون في فعل العبد في حركة وسكون. قلنا : هل النبوة أحدهما أو مجموعهما، فإن كانت حركة بطلت بالسكون، وإن كانت سكون بطلت بالحركة، وإن كانت مجموعهما تضادت ولا يجوز ذلك، وإن كان كل فعله وكله لا يجتمع لأن الآخر يأتي بعد الأول، وإن كان حكم فعله فلا يتم إلا بعد الموت، ونبوته في حال حياته صلى الله عليه وآله وسلم وإلا كان كاذباً في دعواه، وإن كان ما مضى فقد بطلت نبوته وهو حي لاستحالة بقاء ما مضى فعله، وإن كان ما بقي فلم يحصل بعد وهو يدعي النبوة ناس غير واقع.
وهذه إشارة نستدل بها على غيرها، ونعمل في ذلك كما عملنا في الأخبار، بيَّنا لك مواضعها دون الإتيان على جميع ذكرها، وإنما نذكر الجميع في الكتاب الذي وعدنا به إن شاء الله تعالى.
واعلم أن الظواهر التي أنكرتها المطرفية أربعمائة آية وخمسة وثلاثون آية، لا تحتمل التأويل، ولا تفتقر إلى ضرب من الاستخراج والتعليل، لو أن أمة من الأمم جحدت آية منها لقضى أهل العلم بكفرها وردتها، ووجب على الأمة قتالها وحل سبيها، فما ظنك بأئمة الهدى، كيف لهذه الآيات المتظاهرات الباهرات التي لا شك عند أحد في صدقها وصدق من جاء بها، فإذا شئت تعيين مواضعها ففي سورة البقرة إحدى وعشرون، وفي سورة آل عمران ثمان آيات، وفي سورة النساء ثمان، وفي سورة المائدة تسع، وفي سورة الأنعام ثلاث عشرة، وفي سورة الأعراف تسع عشرة، وفي سورة الأنفال اثنتان، وفي سورة التوبة آية، وفي سورة يونس ست آيات، وفي سورة هود آيتان، وفي سورة يوسف عليه السلام آية، وفي سورة إبراهيم عليه السلام ست آيات، وفي سورة الحجر ثمان آيات، وفي سورة النحل سبع وعشرون آية، وفي سورة بني إسرائيل سبع عشرة آية، وفي سورة الكهف خمس آيات، وفي سورة مريم آية، وفي سورة طه ثمان آيات، وفي سورة الأنبياء عليهم السلام أربع آيات، وفي سورة الحج خمس آيات، وفي سورة المؤمنين عشر آيات، وفي سورة الفرقان ثلاث عشرة آية، ومن سورة الشعراء تسع آيات، ومن سورة النمل إحدى عشرة آية، ومن سورة العنكبوت إحدى عشرة آية، وفي سورة الروم ثمان آيات، وفي سورة لقمان تسع آيات، وفي سورة سجدة الجرز ثمان آيات، وفي سورة الأحزاب آية، وفي سورة سبأ ست آيات، وفي سورة الملائكة عليهم السلام ثمان آيات، وفي سورة يس تسع آيات، وفي الصافات ست آيات، وفي سورة ص ثلاث، وفي سورة الزمر إحدى عشرة آية، وفي سورة المؤمن ثلاث آيات، وفي سورة حم السجدة تسع آيات، وفي سورة حم عسق تسع آيات، وفي سورة الزخرف تسع آيات، وفي سورة الدخان آيتان، وفي سورة الجاثية خمس آيات، وفي سورة الأحقاف أربع، وفي سورة محمد عليه وآله السلام آيتان، وفي سورة الفتح آية، وفي سورة الحجرات آية، وفي سورة ق ست آيات، وفي الذاريات آية،
وفي الطور ثلاث آيات، وفي النجم ست آيات، وفي سورة القمر آية، وفي سورة الرحمن آية، وفي سورة الواقعة ثمان آيات، وفي سورة الحديد ثلاث آيات، وفي سورة المجادلة آية، وفي سورة الحشر آية، وفي سورة الجمعة آية، وفي سورة التغابن آية، وفي سورة الطلاق آيتان، وفي سورة الملك ثلاث آيات، وفي سورة نون أربع آيات، وفي سورة الحآقة ثلاث آيات، وفي سورة الجن آيتان، وفي سورة المزمل آيتان، وفي سورة المدثر آية، وفي سورة القيامة خمس آيات، وفي سورة هل أتى آية، وفي سورة المرسلات سبع آيات، وفي سورة النبأ أربع آيات، وفي سورة النازعات ثلاث، وفي سورة عبس خمس آيات، وفي سورة كورت آيتان، وفي سورة انفطرت آيتان، وفي سورة المطففين آيتان، وفي سورة انشقت آيتان، وفي سورة البروج آيتان، وفي سورة الطارق آية، وفي سبح آية، وفي سورة الفجر آيتان، وفي سورة القدر آية، وفي سورة القارعة آية.
والأمة قد أجمعت على تكفير من ردَّ خبراً من أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعلومة التي لا تجهل التأويل وراد الآية التي هذا حالها أدخل في باب الكفر، فما ظنك بمن ردَّ ما ذكرنا من الآيات الشريفة، على أنا لم نذكر الآيات المتكررة للتأكيد بمعنى واحد، بل اكتفينا بالآية الواحدة عما يجانسها، وإذا تأملت كتاب الله سبحانه علمت ذلك.
فأما لو ذكرنا ما يفتقر إلى التعليل والاستدلال ويستخرج بالتدريج والاستنباط، ويوصل إلى العلم بالنسج على هذا المنوال لكان ذلك الجم الغفير ولما تعرت صورة واحدة عن آيات جمة، ولكنا أردنا أن يعلم المستبصر العلة التي لأجلها قطعنا بردتهم وأخرجناهم عن دائرة الزيدية بل عن دائرة المسلمين، وعلى أنا نلزمه عدة آيات وهم ينكرون نزول القرآن كما قدمنا الحكاية.
ولما كثرت عشرتنا لهم، علمنا من حالهم أنهم ينكرون مذهبهم في حال، ويظهرونه في حال، ويرون ذلك قبالة وحزماً، ويرون بجواز الكذب في نصرة دينهم وقوة مذهبهم، ودفع الضرر عنهم وعن أحوالهم، ولا يستمر إنكارهم، بل ربما ينكرون في المقام تحمية الجدال، فيناظرك مناظرة شديدة على تحقيق ما أنكره.
والنسبة إلى زيد بن علي عليه السلام تقتضي مطابقته؛ فإذا كان الأمر كذلك ذكرنا لك فصلاً نرويه بالإسناد الموثوق به إلى أبي عيشان الأزدي قال: دخل علينا زيد بن علي الشام أيام هشام بن عبد الملك فما رأيت رجلاً كان أعلم بكتاب الله منه، ولقد حبسه هشام خمسة أشهر يقصُّ علينا ونحن معه في الحبس تفسير الحمد وسورة البقرة يهذُّ ذلك هذاًّ، وذكر القرآن فقال فيه: واعلموا - رحمكم الله - أن القرآن والعمل به يهدي للتي هي أقوم، لأن الله شرفه وكرمه، ورفعه وعظَّمه، وسمَّاه روحاً ورحمة، وشفاءً وهدىً ونوراً، وقطع منه بمعجز التأليف أطماع الكائدين، وأبانه بعجيب النظم عن حيل المتكلفين، وجعله متلواً لا يملّ، مسموعاً لا تمجه الآذان، وغضاً لا يخلق على كثرة الردِّ، وعجيباً لا تنقضي عجائبه، ومفيداً لا تنفد فوائده، واعلموا رحمكم الله أن القرآن على أربعة أبواب: حرام وحلال لا يتسع بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتأويل لا يعلمه إلا الله، وهو ما يكن مما لم يكن، واعلموا رحمكم الله أن للقرآن ظهراً وبطناً وحداً ومطلعاً فظهره تنزيله، وبطنه تأويله، وحده فرائضه وأحكامه، ومطلعه ثوابه وعقابه.