ومن (تفسير الثعلبي) في قوله تعالى: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23] بإسناده قال: اختلفوا في قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين أمر الله تعالى بمودتهم، فأخبرني الحسين بن محمد الثقفي العدل، رفعه إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه لما نزلت ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قالوا : يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟قال: ((علي وفاطمة وابنيهما صلوات الله عليهم أجمعين وسلامه)) قال ودليل هذا التأويل ما رواه بإسناده، ورفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسد الناس لي فقال: ((ما ترضى أن تكون رابع أربعة، أول ما يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذريتنا خلف أزواجنا، وشيعتنا من خلف ذريتنا)).

ورفع إلى أبي حاتم عن أبي هريرة قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فقال: ((أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم)) فليت شعري هل علمت الأمة هذا الحديث فهو في نقلها أو لا؟ وإذ علمت هل علمت أن معاوية وولده حاربهم أم لا؟

وبإسناده إلى السدي عن أبي الديلم قال: لما جيء بعلي بن الحسين صلوات الله عليه أسيراً فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرن الفتنة، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: قرأت آل حم؟ قال: نعم، قال: قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم. قال قرأت: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?؟ قال: أأنتم هم؟ قال: نعم.

وبإسناده إلى علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي، ومن صنع صنيعة إلى ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه غداً إذا لقيني يوم القيامة)).

وقد ذكر في تفسير الآية أقوال منها ما قدمنا، ومنها أنها في ولد عبد المطلب، ومنها أنها في الجنس من ولد عبد مناف وبني هاشم وبني المطلب، فكل واحد من هذه الأقوال لمن ذكرنا صفوه دون كدره؛ لأنهم خلاصة الخلاصة وصفوة الصفوة بلا اختلاف في ذلك.

وبإسناده إلى جرير بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من مات على حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة، ثم منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العرس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوار قبره الملائكة بالرحمة، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة)).

ومن كتاب (المصابيح) تصنيف أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء، بإسناده عن أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة في بعض الحاجات، فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فكشفه فإذا الحسن والحسين على وركيه فقال: ((هذان ابناي وابنا بنتي اللهم إني أحبهما وأحب من أحبهما)) وهذا في ذكر ذريتهما وأتباعهم .

ومن كتاب ابن المغازلي رويناه عنه، ورفعه بإسناده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يا علي إن شيعتنا يخرجون [من قبورهم] يوم القيامة على ما بهم من العيوب والذنوب ووجوههم كالقمر ليلة البدر، وقد فُرِّجت عنهم الشدائد، وسُهّلت لهم الموارد، وأعطوا الأمن والأمان، وارتفعت عنهم الأحزان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، شرك نعالهم تتلألأ نوراً، على نوق بيض لها أجنحة، قد ذللت من غير مهانة، ونَجُبتْ من غير رياضة، أعناقها من ذهب أحمر، ألين من الحرير لكرامتهم على الله عز وجل)).

هذا في فضل أهل البيت عليهم السلام ، وفضل شيعتهم، ووجوب اتباعهم، وفوز تابعهم، بما لا يختص به غيره، فلو روينا ما روت الشيعة في ذلك بأسانيدها لطال الشرح، ولكنا نريد الوفاء بما شرطنا في أول الكتاب، وهل بعد هذا رحمك الله من مطلب، وهل بعد وضوح المنهاج من مذهب، وإذا تقررت وظهرت، واستمرت الأدلة واشتهرت، فكيف المذهب، وإلى أين المهرب، وهل تصح طاعة بغير ائتمار؟ وهل تثبت مودة مع معصية؟ قال الشاعر:
هذا محال في المقال بديع
إن المحب لمن يحب مطيع

تعصي الإله وأنت تأمل حبه
هيهات لو أحببته لأطعته

فكيف تصح دعوى ولاية آل محمد ومودتهم مع بغضهم، والتنفير عن طاعتهم، وترك الاعتماد على قولهم، ما قولكم فيمن استخان دليله، وشتم هاديه، ونابذ مرشده، ونازع نصحه، فنعوذ بالله من ضرر الفتنة، ووضوح المحنة، ومكابرة الدليل، ومعاصاة النصيح، ومخالفة الحبيب، وموالاة المضل، وإذ قد تقرر وجوب التمسك بهم تصريحاً وتمثيلاً لقرنهم بالكتاب الكريم، فكما أن الكتاب واجب الاتباع فكذلك هم، وأمّن الصادق مع ذلك من الضلال بشرط التمسك بهم وذكرهم بلفظ (لن) وهي لنفي الأبد فلا خوف مع ذلك، وجعلهم بمنزلة سفينة نوح، ومعلوم أنها العاصمة من القاصمة، فأخبرنا بتطهيرهم وهو لا يخبر إلا بالحق، وأيد ذلك لنا رسوله بأنهم المرادون، وأُوجبت علينا محبتهم في كتابه الكريم في أول حم، وفسره لنا نبيه برفع الألباس لئلا يقع عندنا أن المراد غيرهم، وبين لنا أنهم عترته وأهل بيته، ومنع من شركهم في الأيمان يدخل معهم، وبشر بالخير لسابق فضله.

فإن كان التقليد مخلصاً فَلِمَ لا نقلدهم أمرنا؟ وإن كان الدليل متبعاً فَلِمَ لا نقبل الدليل فيهم؟ وإذا كان ذلك كذلك فكيف يحسن الظن في معاديهم؟ وقد ثبت بما تقدم عداوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاديهم، وولايته لمواليهم، وحربه لمن حاربهم، وسلمه لمن سالمهم، وما حكم مبغض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندك وقد علمت أن من أبغضهم فقد أبغضه، وما حكم مؤذيه؟ وما حكم محاربه وهل يكون ذلك كفراً أم لا؟ وهل يعلم منزلة بعد الكفر بالله في معصية تبت إن كان لك بنفسك حاجة، أو كانت لك إلى الله رجعة، فكم من هالك فيهم وناج بهم، وهل تعلم إن كنت ممن يعلم أن فعل بني أمية وبني العباس فيهم سلام الله عليهم ما يسوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو يسرُّه؟ فإن كان سره فكفاك من الدين انسلاخاً، ومن الملة خروجاً، ومن الإسلام مروقاً، وكيف تجعل قتل الذين يأمرون الناس بالقسط ديناً، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((أقرب الناس موقفاً مني يوم القيامة بعد حمزة وجعفر رجل منا أهل البيت خرج بنفسه فقاتل إماماً ظالماً فقتل)) فكيف تصوِّبُ من خطَّأه رسول الله، وتخطِّئ من صوَّبه؟! ولو كان الخروج على أئمة الظلم معصية لما عظم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حال من فعله ووعده بالقرب من مقامه المحمود، ولما أطبق علماء الأمة على تصويبه وتقوية أمره، كيف يكون هادياً للأمة ضال، ومقيم الحدود عليها محدود كما قال الشاعر:
أبو خالد تجلد الحد مسور

أيشربها صهباء كالمسك ريحها

وذلك أن مسور بن مخرمة نسب يزيداً لشرب الخمر فأُمِرَ به فَجُلِدَ الحدّ، فيا محسن الظن بيزيد أتعرف أن يزيداً إن تأهب في إنكار هذا عنه فهل يمكنك إنكار تحريم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمدينة بين عير إلى ثور وإلى كذا وكذا على اختلاف الأحاديث، ومنع الشرع فيها من قتل القنابر والعصافير والحمام واليمام، وأنواع الصيد، وقطع أغصان الشجر؛ فإن نازعت في هذا أتيناك بما رويناه بالإسناد الموثوق به في صحيح البخاري بإسناده عن إبراهيم التميمي عن أبيه قال: خطبنا علي عليه السلام فقال: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله تعالى، وما في هذه الصحيفة. قلنا: وما في الصحيفة؟ قال: فيها الجراحات، وأسنان الإبل، والمدينة حرام ما بين عير إلى كذا؛ فمن أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً، ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك، وذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلماً فعليه مثل ذلك، فهل يقع الشك في أن قتل ستة آلاف رجل مسلم من المهاجرين وأبناء المهاجرين، والأنصار وأبناء الأنصار، ونهب المدينة ثلاثة أيام وإيطاء الخيل حوالي قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرب، ولا يختلف رجلان مسلمان بأن قتل حمامة أو عصفور حدث، وإذا حرم قطع غصن من أغصان شجرها فقطع عنق المسلم أدخل في باب التحريم.

وقد أكدنا وكررنا نريد المبالغة في الهداية والتعرض للأجر والمثوبة وذكرنا نبذاً مما تضمنه الصحاح، والثعلبي ومسند أحمد بن حنبل، وفيها ما قد علمنا وأعلمناك تنبيهاً، منها: ((علي مني وأنا منه))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سبك فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((حربك حربي وسلمك سلمي)) فهل علمت أيها المسلم أن معاوية خال المسلمين الذي تهافتوا في حبه، وجعلوا الخئولة عاصمة من عذاب الله سبحانه، ولم يجعلوا ولادة آزر لإبراهيم عليه السلام عاصمة فنعوذ بالله من الشقاوة .

فهل علمت أن معاوية حارب علياًّ عليه السلام أو سبه أو لم تعلم بذلك؟ فإن علمت أنه سب علياًّ أو حاربه فأفض على نفسك وعليه بما شئت من تصديق كلام الصادق صلى الله عليه وآله وسلم أو تكذيبه إن شئت أن تكتب في زمرة المكذبين، نعوذ بالله منهم.

فأما دفع هذه الآثار فلم ندع لك إليه سبيلاً؛ لأنا روينا لك من الآثار التي أنزلت الأمة صحتها منزلة صحة كتاب الله سبحانه، وجعلوها حجة لهم في أديانهم، وسبيلاً مذللاً في معالم شرعهم، فحللوا بها وحرموا، ونقضوا وأبرموا، ونعوذ بالله أن نكون من المؤمنين ببعض ومن الكافرين ببعض، ونسأله التوفيق لما يحب ويرضى، وأن يجعل لوجهه بعدنا وقربنا، وبغضنا وحبنا، وأن يحشرنا مع الصالحين.

فقد روينا عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من أحب عمل قوم شرك معهم في عملهم، ومن أحب قوماً حشر معهم)) وما نقول إذا دعي كل أناس بإمامهم وجاءت الزيدية بأئمتها الذين يقضون بالحق وبه يعدلون من ذرية الصادق الأمين الذين غضبوا لله، وباعوا نفوسهم من الله بيعاً كرهوا فيه الإقالة والاستقالة، وضربوا بأسيافهم قدماً لتكون كلمة الله هي العليا وقدح الدين المعلى، فطابق أبو فراس معنى حالهم في قصيدته الميمية التي رد فيه على ابن سكرة فقال فيها :
ولا يضيعون حق الله إن حكموا
ومن بيوتكم الأوتار والنغم

لا يغضبون لغير الله إن غضبوا
تبدو التلاوة من أبياتهم أبداً

وإذا قد تقرر ذلك بالنصوص الصحيحة أن عنوان الإيمان حب علي بن أبي طالب، وأن أحداً لا يدخل إلا بجواز من علي بن أبي طالب وأنه باب دار الحكمة وباب الجنة فمن أحق بهذا الأمر من أتباعه، وقد ورد في الصحاح أن ببغضه يعرف المنافقون وبحبه يعرف المؤمنون، فكن من شيعته وأتباعه لتكون قد أخذت بالوثيقة، وتجوز على الحقيقة؛ وما يلحق بباب الزيدية في أول الرسالة أنهم ثلاث فرق: بترية، وصالحية، وجارودية، ومعظمهم الجارودية وهم أهل الحق منهم، والآخرون قد أخطئوا في بعض الاعتقاد، وإذا تقرر عندك هذا الباب فاعلم أن الشيعة قد دخل فيها من ليس منها بسبيل، وهم الذين بغضوا إلى الأمة أتباع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فانتسبوا إليهم ليستروا بجلالهم عظم كفرهم، ويستدرجوا الأغمار إلى شركهم بسحرهم، فمنهم الغلاة وهم فرقة كبيرة لا تحتمل الرسالة تفصيل ذكرهم، وهم مراق عن الدين أعداء الكتاب وأهله، ونسبهم الباطنية وهم وإن لم يعدوا في فرق الإسلام لانسلاخهم عن الدين، وخروجهم عن الملة، واستخفافهم بالشريعة النبوية، وتعلقهم بمذهب المجوس في ارتكاب المحرمات وإباحة المحظورات، فإنا نذكرهم لانتسابهم إلى آل محمد - صلوات الله عليه وعلى آله - ومحرمهم على الغرام بأنهم متعلقون بولي آل محمد وذريتهم، وسترهم لكفرهم بالكتمان، والله عز من قائل يقول : ?وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ?[آل عمران:187]، وقال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ?[البقرة:159،160]، فجعلوا يأخذون العهود على الكتمان،

ويلبسون الكفر بالإيمان، واستصدقوهم ومن شاكلهم في قولهم أنهم من الشيعة المتبرئين من حارب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعلوهم غرضاً لأذيتهم بغير بصيرة، فنحن إلى الله سبحانه منهم براء.

وكذلك الإمامية فإنهم يقولون في الصحابة مثل مقالتهم، إلا أن الإمامية من فرق الإسلام، وقد أخطئوا عندنا في الإمامة وفي ذم الصحابة وسبهم.

أما الباطنية: فإنهم يتأولون الشرائع ويقولون المقصود بها معاني وهي إشارة ورموز إلى غيرها.

وعندنا من أسرار كفرهم الجم الغفير، ولولا الاقتصار في هذه الرسالة لذكرناها، وإنما جملة الأمر عندهم أن من عرف تلك المعاني سقطت عنه التكاليف الشرعية ولا شيء عليه بعد معرفة الحقيقة، فإن كان تركه للعبادة الشرعية ينفر الناس عنه لزمه القيام بها لتأليف الناس، لا لكونه مصلحة في نفسها فافهم هذا، واعلم أنه التعطيل المحض، والكفر الصريح، ونجمت في الزيدية فرقة يقال لها: المطرفية بعد الخمسين والأربعمائة للتأريخ المبارك، وكثروا وليس لهم أصل مبسوط تستقر عليه حكاية مذهبهم لتراكم جملهم وأتباعهم في مقالتهم لمشائخ منهم جهَّال قلدوهم أمرهم، وأخذوا مذهبهم عنهم تلقيناً، وهم يرجعون إلى قريب من مذهب الباطنية في التعطيل؛ لأنهم ينفون عن الله تدبير خلقه وزيادته ونقصه، وربما نفوا عنه أن يكون خلق شيئاً في العالم بعد أصوله، قالوا: التي هي الماء والهواء والريح والنار، فقد جهلوا مذهب الفلاسفة، وخالفوا مذهب الإسلام، لأن الهواء والريح عند أهل التحصيل واحد، وإنما إذا تحرك الهواء كان ريحاً وإن سكن فهواء، فهؤلاء أهل الأصول من نفاة الصانع سبحانه عمَّا يقولون، يجعلون الأرض رابع العناصر والكل باطل.

8 / 10
ع
En
A+
A-