من ذلك حديث البساط رواه ابن المغازلي الفقيه الشافعي الواسطي في مناقبه،رويناه عنه ورفعه بإسناده إلى أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بساط من خزف فقال لي: ((يا أنس ابسطه فبسطته، ثم قال: ادع العشرة. فدعوتهم، فلما دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط، ثم دعا علياًّ فناجاه طويلاً، ثم رجع، ثم جلس على البساط، ثم قال: ياريح احملنا. فحملنا الريح قال: فإذا البساط يدف بنا دفاً، ثم قال: يا ريح ضعينا، ثم قال: تدرون في أي مكان أنتم؟ قلنا: لا. قال: هذا موضع أصحاب الكهف والرقيم قوموا فسلموا على إخوانكم. قال: فقمنا رجلاً رجلاً فسلمنا عليهم، فلم يردوا علينا السلام، فقام علي بن أبي طالبٍ عليهم السلام فقال: السلام عليكم معاشر الصديقين والشهداء. فقالوا: عليك السلام ورحمة الله وبركاته قال: فقلت: مالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا فقال لهم علي: ما بالكم لا تردوا على أصحابي؟ فقالوا: إنا معاشر الصديقين والشهداء لا نكلم بعد الموت إلا نبياً أو وصياً. قال: يا ريح احملينا فحملتنا تدف بنا دفاً. قال: يا ريح ضعينا. فإذا نحن بالحرة، قال: فقال علي: ندرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في آخر ركعة، فطوينا وأتينا وإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في آخر ركعة: ?أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا?[الكهف:9]، فتأمل معنى هذا الحديث ما أعجبه وأغربه.
ومنها حديث السطل روينا عنه رفعه بإسناده إلى أنس أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر وعمر: ((امضيا إلى علي حتى يحدثكما ما كان في ليلته، وأنا على إثركما، قال أنس: فمضيا ومضيت معهما فاستأذن أبو بكر وعمر على علي. فخرج عليهما فقال أبو بكر: حدث أمر؟ قال: لا وما حدث إلا خير قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولعمر: امضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته، وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا علي حدثهما ما كان منك في ليلتك. قال: أستحي يا رسول الله. فقال: حدثهما إن الله لا يستحي من الحق، فقال علي: أردت الماء للطهارة وأصبحت وخفت أن تفوتني الصلاة فوجهت الحسن طريق والحسين في طريق في طلب الماء فأبطئا علي فأحزنني ذلك، فرأيت السقف قد انشق، ونزل علي منه سطل مغطى بمنديل، فلما صار في الأرض نحيت المنديل عنه، فإذا فيه ماء فتطهرت للصلاة، واغتسلت، وصليت، ثم ارتفع السطل والمنديل، والتأم السقف. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: أما السطل فمن الجنة، وأما الماء فمن نهر الكوثر، وأما المنديل فمن إستبرق الجنة من مثلك يا علي في ليلته وجبريل يخدمه)).
ومنها حديث الشمس رفعه إلى فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت عميس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن كان علي في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس))، فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعدما غربت.
وقد روي هذا الحديث بطرق منها رفع إلى أبي رافع وغيره وذكر في آخره الحديث، فقام فصلى العصر فلما قضى صلاته غابت الشمس فإذا النجوم مشتبكة.
ومنها حديث القضيب رويناه عنه، ورفعه بإسناده إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحب أن يستمسك بالقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله في جنة عدن فليتمسك بحب علي بن أبي طالب)).
وقد روي بطريق أخرى، وإنما ميلنا إلى الاختصار للتنبيه والهداية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ومنها حديث الوصية، رويناه عنه، رفعه بإسناده إلى عمار، قال: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل))، فانظر رحمك الله هل كان معاوية تولاه أم عاداه أم أحبه أم أبغضه؟.
ومنها مسألة الغنى، رويناه عنه، ورفعه بإسناده إلى يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى عن عمه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((اللهم إني أسألك غناي وغنى مولاي من بعدي - يعني ابن عمه -)) والمراد بذلك غنى التقوى، وقد كان ذلك لم يفتقرا مع التقوى إلى شيء.
ومنها حديث الكوكب، رويناه عنه، ورواه بإسناده إلى ثابت وأنس قال: انقض كوكب على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله: ((انظروا إلى هذا الكوكب فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي))، فنظروا فإذا هو قد انقض في منزل علي، فأنزل الله تعالى: ?وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى?[النجم:1، 2، 3، 4].
فهذا كما ترى مجة من لجة، وقطرة من مطرة، ولو أردنا الاستقصاء لطال الشرح واتسع الميدان، ولكنا نورد ما نرجو أن يكون نافعاً لمن نظر بعين البصيرة، ولم يملك زمامه الهوى، ولم يستسلم للحيرة المردية.
وكما قد وقع لك الإرهاص في حق علي عليه السلام فلنذكر طرفاً مما يتعلق بالذرية الزكية، والعترة المرضية، إذ ذلك من مرادنا، وأصل اعتقادنا، تأكيداً لما تقدم مما نصبنا عليه الأدلة في أمرهم وفي أن الإمامة فيهم، ونرجو من الله التوفيق والإعانة على الهداية والإثابة.
فمن ذلك ما رويناه في باب تختموا بالعقيق، رويناه عنه، ورفعه إلى كثير بن زيد قال: دخل الأعمش على المنصور وهو جالس للمظالم؛ فلما بصر به قال له: يا سليمان تصدر. فقال: أنا صدر حيث جلست، ثم قال: حدثني الصادق قال: حدثني الباقر قال: حدثني السجاد قال: حدثني الشهيد قال: حدثني التقي وهو الوصي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أتاني جبريل عليه السلام آنفاً فقال: تختموا بالعقيق فإنه أول حجر شهد لله بالوحدانية ولي بالنبوة ولعلي بالوصية ولولديه بالإمامة ولشيعته بالجنة))، فقال: فاستدار الناس بوجوههم نحوه فقيل له: تذكر قوماً فتعلم من لا يعلم فقال: الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، والباقر بن محمد بن علي بن الحسين، والسجاد علي بن الحسين، والشهيد الحسين بن علي، والوصي وهو التقي علي بن أبي طالبٍ.
ورويناه عنه، ورفعه بإسناده إلى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم))، ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال: ((هم شيعتك وأنت إمامهم)).
ومن مسند ابن حنبل في معنى قوله تعالى: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33] رفعه إلى واثلة بن الأسقع قال: كان عنده قوم فذكروا علياً عليه السلام فشتموه فشتمته معهم، فلما قاموا قال لي: شتمت هذا الرجل. قال: رأيت القوم يشتمونه فشتمته معهم. قال: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قلت: بلى. قال: أتيت فاطمة أسألها عن علي عليه السلام فقالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فجلست أنتظر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجلس ومعه علي وحسن وحسين آخذاً كل واحدٍ منهما بيده حتى دخل، فأتى علياًّ وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسناً وحسيناً كل واحدٍ منهما على فخذه، ثم لف عليهما ثوبه، أو قال: كساءه، ثم تلا هذه الآية: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33]، ثم قال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق)).
وبإسناده رفعه إلى أم سلمة قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي يوماً إذ قال للخادم: ((إن علياًّ وفاطمة عليهما السلام في الشدة قالت قال لي: قومي فتنحي عن أهل بيتي قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً، فدخل علي وفاطمة، والحسن والحسين عليهما السلام وهما صبيان صغيران قالت: فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبَّلهما، واعتنق علياًّ بإحدى يديه وفاطمة باليد الأخرى وقبل فاطمة وأردف عليهم خميصة سوداء وقال: اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي، قلت: وأنا يا رسول الله، قال: وأنت)).
ومن (مسند بن حنبل) مثله إلا أنها قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33]، قالت: فأخذ فضل الكساء فكساهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء وقال: ((اللهم هؤلاء من أهل بيتي وخاصتي اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت: فأدخلت رأسي البيت وقلت: وأنا معكم يا رسول الله، قال: ((إنك إلى خير إنك على خير)).
وبإسناده روى مثله إلا أنه زاد في آخره قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من بين يدي. وقال: إنك على خير.
وبإسناده رفعه مثله بالثبات مثله رفعه إلى وائلة وذكر طرفاً من حديث الحسين بن علي عليه السلام يوم أتي برأسه إلى الشام وسرد الحديث.
وبإسناده رفعه إلى ابن عباس أدرجه في حديث طويل فيه ذكر الغدير والراية ومثله رواه وسرده.
ومن (صحيح البخاري) في الجزء الرابع منه، ومن (صحيح مسلم) في الجزء الرابع منه أيضاً، وفي آخر البخاري من ثمانية في جميع المصنف، وأخرى مسلم من ستة وهذا من المتفق عليه فيهما، رفعه البخاري إلى الشيخ الإمام أبي بكر عبدالله بن منصور بن عمران الباقلاني المقرئ صدر الجامع بواسط العراق.
ورواه أيضاً من طريق الشيخ العدل الثقة أبي جعفر إقبال بن المبارك بن محمد السكوني رفعه إلى الشيخ مسلم بن الحجاج العنتري النيسابوري المصنف، رفع بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال: ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)).
ومن (تفسير الثعلبي) رويناه عنه، ورفعه بإسناده إلى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته عن علي بن أبي طالب [عن النبي] صلى الله عليه وآله وسلم قال:((في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش أحدهما بيضاء والأخرى صفراء في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة أبوابها وأكوابها من عرق واحد، فالبيضاء لمحمد وأهل بيته والصفراء لإبراهيم وأهل بيته)) .
ومن تفسيره أيضاً بإسناده رفعه إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ، وفي علي، وفي حسن، وحسين، وفاطمة، ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33] فهل من بعد هذا من تصريح وإشكال.
وبإسناده رفعه إلى إسماعيل بن عبد الله بن جعفر قال: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرحمة هابطة من السماء قال: ((من يدعو أمرين؟ قالت: زينب أنا يا رسول الله. قال: ادعي علياًّ وفاطمة والحسن والحسين، قال: فجعل حسنا عن يمينه وحسينا عن شماله وعليا وفاطمة تجاهه، ثم غشاهم كساءً خيبرياً وقال: اللهم، لكل نبي أهل وهؤلاء أهل بيتي فأنزل الله عز وجل: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33]، قالت زينب: يا رسول الله، ألا أدخل معكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مكانك فإنك إلى خير)) .
وقد روي هذا الحديث بأسانيد كثيرة وألفاظ متقاربة كلها تمت إلى معنى واحد، وقد رفعه بإسناده على وجه آخر عن أبي داود عن أبي الحمراء قال: أقمت بالمدينة سبعة أشهر كيوم واحد، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجيء كل غداة فيقوم على باب علي وفاطمة عليهما السلام، فيقول: الصلاة ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33]، فهذا نهاية التأكيد لمن كان له بصيرة.
ومن (الجمع بين الصحيحين) للحميدي رفعه إلى القاضي الأجل العالم أبي الفتح نصر بن علي بن منصور الباقلاني، رفعه إلى أبي علي السلامي البغدادي عن أبي عبدالله محمد بن أبي نصر الحميدي المصنف، وروى ما رويناه عن عائشة سواء سواء ليس فيه زيادة، وليس لمصعب بن سلمة عن صفته عن مسند عائشة من الصحيح غير هذا من الجمع بين الصحاح الستة: موطأ مالك بن أنس الأصبحي، وصحيح مسلم والبخاري، وسنن أبي داود السجستاني، وصحيح الترمذي، والفسحة الكبيرة من صحيح النسائي، جمع الشيخ أبي الحسن رزين بن معاوية العبدري السرفسطي الأندلسي.
ومن طريق أبي جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد بن زريق الحداد إليه أيضاً، وبإسناده أيضاً في الجزء الثاني من أجزاء ثلاثة في تفسير سورة الأحزاب من صحيح أبي داود السجستاني وهو كتاب السنن في تفسير قوله تعالى: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33]، قالت عائشة: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله وجاء الحسين فأدخله، وجاءت فاطمة فأدخلها، [ثم جاء علي فأدخله]، ثم قال: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33].
وعن أم سلمة أن هذه الآية نزلت في بيتها ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33] قالت: وأنا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ فقال: ((إنك إلى خير إنك من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).
وقد تكرر هذا الحديث من جهات شتى وألفاظ متقاربة ومتباعدة تمت إلى معنى واحد في تفسير هذه الآية، ويدل على أنه قد وقع مرات متقاربة تأكيداً لأن في بعضها ثوبه، وفي بعضها كساء، وفي بعضها برداء، وبعضها عن عائشة، وبعضها عن أم سلمة، وبعضها عن زينب رحمة الله عليهن، وبعضها عن وائلة، وبعضها عن مروره صلى الله عليه وآله وسلم على منزلهم، كل ذلك يفيد تأكيد الأمر في ثبوت عصمتهم؛ لأن الآية إن حملت على التطهير من رجس الأدران كما يكون في سائر الناس، فذلك لم يكن لهم، بل كان ينجسهم ما ينجس الناس، ويقع منهم من الأمور ما يقع من الناس، فلم يبق إلا التنزه من أسباب المعاصي وأنواعها وإلا خرجت الآية عن الفائدة ولا يجوز ذلك في كلام الحكيم سبحانه فتفهم ذلك موفقاً؛ فإذا صح لهم من نص الله سبحانه ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما روي في الصحاح وغيرها من الكتب المبسوطة في أيدي الأمة خارجاً عما روته الشيعة والأئمة السابقون من العترة عليهم السلام ، كل ذلك تحرياً بما يكون أقرب إلى الملاءمة بين هذه الأمة لعل الله سبحانه يرأب صدعها، ويلم شعثها، ويرفع أسباب الفرقة عنها، فأثبتناها بما لا يمكنها دفعه من كتاب الله سبحانه، والصحاح التي قطعت الأمة عن إخراجها بصحتها، وكفرت من أنكرها وردها، فلم نرَ الاحتجاج عليها بشيء لا تعرفه،، ولا بما نقلها خصمها من الشيعة المحدودين على هذه العترة المجفوة المغلوبة على حقها المستأثر عليها بفيئها، المخصوص بيتها بما قال فيه الشاعر:
طال علواً على الفرقد
بيت تقاصر عنه البيوت
فهذا مما تقرر في سورة الأحزاب. فلنذكر ما تقرر في معنى آية سورة حم وهي قوله تعالى: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23].
ومن (مسند ابن حنبل) رويناه عنه، ورفعه بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: ((علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام)).
ومن (صحيح البخاري) بإسناده من الجزء السادس من صحيح البخاري على حد كراستين ونصف من أوله في تفسير قوله تعالى: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قال: حدثني محمد بن يسار، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن قوله تعالى: ?إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلوات الله عليهم.
ومن (صحيح مسلم) بإسناده موضعه من الجزء الخامس قال: وسئل في أوله رفعه إلى ابن عباس في تفسير الآية قال: هي قربى آل محمد صلوات الله عليهم.