وأصدق من ذلك كله قوله تعالى: ?أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ?[يونس: 35]، وقد علم الكافة أن علياً عليه السلام كان المفزع، وعليه معول الصحابة رضي الله عنهم عمر فمن دونه في الحوادث حتى قال: لا أبقاني الله لمعضلات لا أرى فيها علي بن أبي طالب، وإنما أراد أن يقطع شغب العامة، ونورد مالا يخالف فيه الكافة ولو استقصينا ذلك لطال شرحه، وإنما نذكر من الجملة زبدة ذلك جملة ليطلبه الراغب فيه، ونذكر من الجملة زبدة ?لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ?[ق:37]، وفصول ما تناوله هذه الكتب مما يختص بالعترة الطاهرة خمسة وأربعون فصلاً يشتمل على تسعمائة وعشرين حديثاً، منها من (مسند ابن حنبل) مائة وأربعة وتسعون حديثاً، ومن (صحيح البخاري) تسعة وسبعون حديثاً، ومن (صحيح مسلم) خمسة وسبعون حديثاً، ومن (تفسير الثعلبي) مائة وثمانية وعشرون حديثاً، ومن (الجمع بين الصحيحين) للحميدي ستة وخمسون حديثاً، ومن (كتاب ابن المغازلي الشافعي) مائتان وتسعة وخمسون حديثاً، ومن (الجمع بين الصحاح الستة) لرزين بن معاوية العبدري تسعة وتسعون حديثاً، ومن (الجزء الأول من غريب الحديث) لابن قتيبة الدينوري على انحرافه من العترة الطاهرة ستة أحاديث، ومن كتاب (المغازي) لمحمد بن إسحاق حديثان، ومن رواية أبي نعيم المحدث بما خرجه بكتاب (الاستيعاب) حديث واحد، ومن كتاب (الشريعة) للآجري حديث واحد، ومن كتاب الحافظ أبي زكريا [ابن مندة] حديث واحد، ومن كتاب (الملاحم) لأبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادى حديث واحد، ومن (كتاب الطبري) حديثان.

وفيما يختص بعلي عليه السلام ستمائة وخمسة وثمانون حديثاً، من (مسند ابن حنبل) مائة وثمانية وسبعون حديثاً، ومن (صحيح البخاري) تسعة وثمانون حديثاً، ومن (صحيح مسلم) أربعة وثلاثون حديثاً، ومن (مناقب الفقيه ابن المغازلي) مائتان وخمسة وخمسون حديثاً، ومن (تفسير الثعلبي) مائة وخمسة أحاديث، ومن (الجمع بين الصحاح الستة) لرزين بن معاوية العبدري أحد وأربعون حديثاً، ومن كتاب (الفردوس) حديث واحد، ومن رواية أبي نعيم المحدث مما خرَّجه من كتاب (الاستيعاب) حديث واحد، ومن كتاب ابن مندة حديث واحد، ومن كتاب (الملاحم) لأبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي حديث واحد.

فقد عيّنا لك مواضع هذه الأحاديث وكتبها لتطلبها فيها فتعلم صدق الرواية عنها؛ إذ هذه الكتب هي التي توجد في أيدي الأمة سبيلاً إلى ربها، ولسنا نأتي على جميع الأحاديث لأن ذلك لا يدخل تحت الإمكان في هذا المكان.

وإنما نذكر في المذهب دليلاً واحداً محققاً على وجه الاختصار، ونشفعه بما يؤيده من الآيات، فإذا أنصف العاقل نفسه لن يعدل عن سبيل نجاته، وطلب الرشد من مظانه، وورد الهدى من شرائعه، وتنوَّر الحق من مشكاته، ورجع إلى هداته، وانساق لدعاته ورعاته، حماة شرع الإسلام، وصفوة الصفوة من الخاص والعام.

فأما روايات السبعة على صحة نقلها وفن أصلها فقد أضربنا عنها في رسالتنا هذه ليعمل العاقل بمقتضى عقله، ويسلم الأمر لأهله، ويرد الفرع إلى أصله؛ لأن الأمة إذا كانت سنية وشيعة واتفق الثقلان على تقديم النصاب المخصوص ما العذر عند الله سبحانه في الاطراح له ورفضه والعدول عنه، إلى غيره؟ في الابتداء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى انقطاع التكليف؟ إذ التعبد لا بد له من ساق تقوم عليه، وفئة يرجع إليها، وإذ قد قررنا هذه القاعدة فلنبدأ بالدليل على أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب عليه السلام التي تدل على ذلك أدلة كثيرة وكل واحد منها يوصل إلى العلم؛ لأنها وإن كانت أدلة شرعية فقد لحقت بالعقليات في القوة، ولا يمكن ذكر الجميع فلنقصر الكلام على الآية والخبر.

أما الآية فقوله سبحانه: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?[المائدة:55].

الكلام في هذه الآية يقع في موضعين: أحدهما: أن أمير المؤمنين عليه السلام المراد بها دون غيره، والثاني: أن ذلك يفيد معنى الإمامة .

أما أنه عليه السلام المراد بها دون غيره فلوجهين:

أحدهما: إجماع أهل النقل على تباين أغراضهم إلا من لا يعتد به أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأنه المتصدق بخاتمه في ركوعه دون غيره، والثاني: أنه لا يجوز أن يكون المراد بها غير أمير المؤمنين، لوجوه :

أحدها: أنه سبحانه وصف الولي في هذه الآية بصفة لم توجد في غيره عليه السلام وهي الصدقة بخاتمه في حال الركوع، فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون المراد بذلك جماعة المسلمين وأن الركوع من شأنهم وإن لم يتصدقوا في حاله؟

قلنا: لا يجوز ذلك. ألا ترى أن مخبراً لو أخبرنا أن فلاناً تلقط الرمح من الأرض وهو راكب لعلمنا أنه تلقطه في حال ركوبه، ولو أخبرنا أن المراد بقوله وهو راكب أن الركوب من شأنه أو من عادته لكان في خبره الأول عندنا من الكاذبين وفي تأويله من الجاهلين، وكذلك لو قال: فلان يؤثر على نفسه وهو فقير أفاد ذلك الإيثار في حال فقره دون أن يكون المراد بذلك فقره في المستقبل.

ومنها أن المعطوف يقتضي في اللغة العربية التي نزل القرآن الكريم أعلاها وهو في الحقيقة مولاها، يقتضي كونه غير المعطوف عليه بالاتفاق بين أهل اللغة أو بعضه للتفخيم عندنا على خلاف في هذا الآخر، مع الإطباق على الأول على ما ذلك مقرر في مواضعه من أصول الفقه، فإذا لم يجز عطف قوله سبحانه: ?والَّذينَ آمَنُوا? على جميع من ارتد الضمير في قوله : ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ?، وحمل على الغير المتفق عليه، أو البعض المختلف فيه، والغير أو البعض المختلف فيه، والبعض والغير لا يكون إلا أمير المؤمنين عليه السلام.

فإن قيل: هذا في قصة عبادة بن الصامت، والمراد به جماعة المسلمين.

قلنا: فإذا بطل بما بيَّنا أنه لا يجوز عطف الجمع عليه لاستحالة عطف الشيء على نفسه لغة، وكان المراد بعضهم كما قال تعالى: ?وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ?[الأحزاب: 7]، فالمعطوف ها هنا بعض من تقدم، وهو علي عليه السلام وله أمثال كثيرة أو الغير كما هو موضوع في الأصل، كان المراد بذلك أمير المؤمنين عليه السلام بالاتفاق.

ومما يزيد ذلك وضوحاً أن الآية أفادت مُخَاطِبًا هو الله سبحانه، ومُخاَطَباً هم المؤمنون، وولياً هو الله سبحانه ورسوله وأمير المؤمنين، ألا ترى أن قوله تعالى: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ? يعلم بظاهره أن المراد بذلك هم المؤمنون، وقد صرح بذكر رسوله مع ذكره تعالى، فالمراد بلفظ الجمع هاهنا أمير المؤمنين عليه السلام وورود ذكره بلفظ الجمع تفخيماً لشأنه وتعظيماً لحاله، وقد قال تعالى: ?إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ?[الحجر: 9] قد ذكر لفظ الجمع هاهنا في خمسة مواضع، والمراد الحكيم سبحانه وحده ومثله كثير في اللغة العربية.

ومن (الجمع بين الصحاح) لرزين العبدري في تفسير سورة المائدة، من (صحيح النسائي) عن ابن سلام قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا: إن قومنا حادونا لما صدقنا الله ورسوله وأقسموا أن لا يكلمونا، فأنزل الله تعالى: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?[المائدة:55]، ثم أذن بلال لصلاة الظهر، فقام الناس يصلّون فمن بين ساجد وراكع، وإذا بسائل فسأل فأعطاه علي خاتمه وهو راكع، فأخبر السائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الآية، فهذا تنبيه كما ترى بقراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الآية عقيب حكايتهم له إعطاء علي عليه السلام السائل بأن علياًّ عليه السلام هو الولي للمؤمنين وهذه قرينة حال انضافت إليها قرينة مقال.

ومن (مناقب ابن المغازلي) بإسناده في تفسير قوله تعالى: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ? ما رفعناه إليه، فرفعه بإسناده إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: نزلت في علي عليه السلام.

وبالإسناد في طريق أخرى من كتابه، رفعه إلى محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده، في قوله تعالى: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا?، فقال: الذين آمنوا علي بن أبي طالب.

وفي كتابه بإسناده، رفعه إلى أبي عيسى، رفعه إلى ابن عباس - رضي الله عنه - قال: مرَّ سائل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي يده خاتم قال: ((من أعطاك هذا الخاتم؟))قال: ذلك الراكع - وكان علي يصلِّي - فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الحمد لله الذي جعلها فيّ وفي أهل بيتي: إنما وليكم الله ورسوله وقرأ الآية)) فهذا كما ترى تصريح عما تقدم في الأول في معنى الإشارة، وكان نقش خاتمه الذي تصدق: سبحان من فخري بأني له عبد.

وفي كتابه رفعه بإسناده، إلى علي وابن عباس وأبي مريم قالا: دخلنا على عبدا لله

بن عطاء، قال أبو مريم: حدِّث علياًّ بالحديث الذي حدّثتني عن أبي جعفر، قال: كنت عند أبي جعفر حالة إذ مر عليه ابن عبد الله بن سلام قلت: جعلني الله فداك، هذا ابن الذي عنده علم من الكتاب؟ قال: لا، ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عز وجل: ?وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ?[الرعد:43]، ?أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ?[هود:17]، ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ...الآية?[المائدة:55].

وفي (تفسير الثعلبي) رفعه إلى ابن أبي حكيم عتبة، والسدي، وغالب بن عبدالله: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?[المائدة:55] علي بن أبي طالب عليه السلام لأنه مرَّ به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه.

وبإسناده رفعه إلى عبد الله بن عباس قال: بينا عبد الله بن عباس رضي الله عنه جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أقبل رجل معتمٌّ بعمامة فجعل ابن عباس رضي الله عنه لا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا وقال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له ابن عباس: سألتك بالله، من أنت؟ قال: فكشف عن وجهه، وقال: يا أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهاتين وإلا فصمَّتا، ورأيته بهاتين وإلافعميتا، يقول: ((علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله)) أما إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد فرفع السائل إلى السماء، وقال: اللّهمَّ، اشهد إني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً، وكان علي راكعاً فأومأ بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: ((اللهمّ، إن موسى سألك فقال: ?رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي?[طه25-32]، فأنزلت عليه: ?سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا?[القصص:35]، اللهم وأنا محمد نبيك ووصيك وصفيك، اللهمَّ، فاشرح صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، علياًّ اشدد به ظهري)) قال أبو ذر: فما استتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلمة حتى نزل جبريل عليه السلام من عند الله تعالى، فقال: يا محمد، اقرأ.

فقال: وما أقرأ؟ قال اقرأ: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?[المائدة:55].

فهذه نبذة من الآثار المتفق عليها جعلتها تذكرة للمنتهي، وتبصرة للمبتدي، وتنكبنا رواية الشيعة على اتساع نطاقها، وثبوت ساقها، ليعلم المستبصر أن دليل الحق واضح المنهاج، مضيء السراج، فصح الموضع الأول.

وأما الموضع الثاني وهو أن ذلك يفيد الإمامة فلأن السابق إلى الأفهام من معنى لفظ: ولي المالك للتصرف، كما يقال: هذا ولي المرأة وولي اليتيم الذي يملك التصرف عليهما، فلما كان الله تعالى مالكاً للتصرف على عباده وكذلك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجب ذلك لعلي عليه السلام بمقتضى هذه الآية، فثبتت بذلك إمامته عليه السلام، وإذ قد فرغنا بما يتعلق بمعنى الآية فلنذكر الخبر وما يتعلق بمعناه.

ومن (مسند ابن حنبل) رفعه إلى البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم، ونودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)) فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

وفي مسنده بإسناده عن [ميمون أبي عبد الله] قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بواد، يقال له: وادي غدير خم، فأمر بالصلاة فصلاها قال: فخطب وظلل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بثوب بسط على شجرة من الشمس فقال النبي: ((أو لستم تعلمون، أو لستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه)). ومنه يرفعه إلى أبي الطفيل قال: جمع علي عليه السلام الناس بالرحبة، ثم قال: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم [ما سمع] لما قام، فقام ثلاثون رجلاً من الناس، فقال: قام أبو نعيم فقام أناس كثير فشهدوا حين أخذ بيده، فقال للناس: ((أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه [فهذا] مولاه. اللهم، والِ من والاه وعادِ من عاداه)).

وبإسناده يرفعه إلى زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، ومثله بغير زيادة يرفعه إلى ماذان، عن أبي عمر، ومثله بطريق غير الأولى يرفعه إلى زيد بن أرقم، وقريباً منه رفعه بإسناده إلى ابن إسحاق، قال: سمعت عمر الحديث. وزاد فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((اللهمَّ، والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه)).

وبإسناده إلى البراء بن عازب قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع حتى كنا بغدير خم، فنودي فينا إلى الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين شجرتين، فأخذ بيد علي وقال: ((ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللهمَّ، والِ من والاه، وعادِ من عاداه)) فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب!! أصبحت مولاي وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

وبإسناد فيه، رفعه إلى ابن أبي ليلى الكندي، أنه حدثه قال: سمعت زيد بن أرقم، يقول، ونحن ننتظر جنازة: فسأله رجل من القوم، فقال: أبا عامر أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي عليه السلام: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، قال: نعم. قال أبو ليلى: فقلت لزيد بن أرقم: قالها؟ قال: نعم، قالها أربع مرات.

وبإسناده إلى بريدة الأسلمي، قال: غزوت مع علي عليه السلام أرض اليمن فرأيت منه جفوة، فلماَّ قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكرت علياً فنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتغيَّر فقال: ((يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى، يا رسول الله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه)) ومثله بإسناده حديثان إلى أبي بريدة.

ومن (تفسير الثعلبي) بإسناده في تفسير قوله تعالى: ?يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ?[المائدة:67]، فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي، وقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).

2 / 10
ع
En
A+
A-