فهذا العالم رحمه الله رد على المطرفية أقوالهم وبين مذاهبهم في قصيدته هذه وأحوالهم على مثل ما رويناه عنهم، وفي ذلك الزمان قال رجل من الزيدية يقال له عيسى من أهل اليمن أبياتاً يرد فيها على المطرفية، ويبين فيها قبح أقوالهم وهي:
وليس الأصول بذات العقول ... ولو أنهنّ ملكن العقولا
وهل هنَّ يحيين أم هل يمتن ... وهل قلتم الطبع هبا السولا
لقد قلتم الان إذا فريا ... تكاد الجبال له أن تزولا
فباين الأئمة من لم يتب ... فحكم عليه القنا والصقيلا
وناد القبائل من يعرب ... ولا تدعن من..........قتيلا
قال الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان صلوات الله عليه منكراً على هذه المطرفية في أشعاره وهو:
وقال قوم أسماؤه هي هو ... قديمة كالقديم في الأبد
وهل تكون الأشياء ويحهم حشا ... زكى في المعنى وفي الصدد
قالوا وأن القرآن عندهم ... مغيث لم يزل ولم يرد
قالوا ولا يسمع القرآن ولا ... يدرك محسوس الحر ولاصرد
قالوا وإن الفروع حادثة ... من غير قاصدٍ معتمد
لو كانت الحادثات مهملة ... لم يبد ربي خلقاً ولم يعد
ولو ذكرن ما وقع من الردود وتعيين من رد على سبيل التفضيل لطال الشرح، وممن رد عليهم ذلك الزمان في الأوقات العربية من قوت وردت هذه البدعة جماعة من أهل الفضل والعلم، والزهد والورع، ومن جملة المعدود في العتاد، وأهل الجد والاجتهاد، ومن يجمع على فضله الموالف والمخالف، القاضي العالم الحسن بن عبد الرزاق، وجماعة من أهله، والشيخ العالم إسماعيل بن الحسن وجماعة من أهله، والشيخ العلامة النبيل الزاهد عبدالله بن القاسم ومن شاكله من الفضلاء، سعيد الإيلي وأولاده، ومحمد بن العباس وأولاده، وهؤلاء كلهم من رجال عبس وعلمائها، وزهادها وفضلائها.

روى القاضي الفاضل العلامة سليمان بن أحمد بن شاور قال: ذكر يوماً الحسن بن عبد الرزاق، وعبد الله بن أبي القاسم، ومحمد بن عباس بمحضر أسعد بن شريح، وهو قاضٍ عظيم من قضاة المطرفية، قال: ومن مثل أولئك الرجال في الفضل والعلم، والنبالة والكرم والورع، فأقر بعضهم أنهم الذين قاموا في وجوه المطرفية، وأنكروا عليهم إحداث بدعتهم ذلك الزمان، ولاموهم.....................يقال له أبو السعود بن محمد على قصيدته التي قال فيها أبو السعود هذا:
بأبي وأبي معشراً واليتهم ... لله ذي الملكوت والسلطان
وقال هذا الشيخ العالم عبد الله بن القاسم العنسي رحمه الله مجيباً له:
ياأبا السعود لقد نطقت بفرية ... زادت إذا ذكرت على البهتان
فزعمت أنا مهملون نفوسنا ... كالسائمات سليبة الأذهان
وزعمت أنا ليس نسمع فاعلمن ... أن التوهم مذهب العميان
........ورب محمدٍ ووصيه ... إنا لنسمع محكم القرآن
وزعمت أنا لا نرى بعيوننا ... ما كان يدرك جهرة بعيان
فبلا وعزة من تفرد بالبقا ... إنا لننظر محكم التبيان
ونرى الشخوص على جميع صفاتها ... ونرى لعمرك بهجة الألوان
وزعمت أن لا نشم......... ... جعلت لبدرك جملة الأفنان
وزعمت أنا قاتلون عدونا ... بسوى السلاح زعمت في الأيدان
والفعل فعل القائلين تأله ... سيف يكون وصعدة وسنان
عن من رويت جميع ما أضلته ... وجمعت فيه فضائل الألحان
أسماؤه الحسنى تعالى غيره ... في الحشر انزلها وفي القرآن
ونفيت تفضيل الإله لخلقه ... في كلما أولاك أو أولاني
ولله فضل في العقول وفي القوى ... والرزق لا في الكفر والعدوان

وكلامه رحمه الله كثير، وتفصيل أقوال المطرفية في هذا الشعر لا أن هذا مقدار قليل يكفي في الدلالة على ما رواه، ليتضح للعامي المغفل أنهم على هذا المذهب الردي، فإن من شياطينهم في زمننا من عطف على إنكار ذلك، وعلى القول بأنهم ما يقولون بهذه الأقوال الفاحشة، لسبب قد ظهر في الإسلام من ذمهم ولعنهم، والبراءة منهم، وإلا فكان الواحد منهم قبل إجراء الأحكام عليهم التي أجراها أمير المؤمنين المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام يتشرف أن تنسب إليهم، ويرى له الحظ الأوفر في النسبة إلى مذهبهم، لما كان قد وهن من الدين ببدعتهم، وكثرة ميل العوام إلى نصرهم، فلما جرت عليهم أحكام الله تعالى على يد أمير المؤمنين المنصور بالله عليه السلام من القتل والسبي، وغير ذلك نفر أكثر الناس عنهم، فكتم بعضهم مذهبه وربما كتم بعضهم بعد ذلك نسبته إلى المطرفية لذلك، وإن أظهر أنه منهم فقد ينكر كونه منهم، قائلين بهذا المذهب القبيح مخافة من الذم من المسلمين، وإلا فمذهبهم ظاهر بين، ومما قال أيضاً عبد الله بن القاسم رحمه الله مجيباً لشريح، وكان شريح هذا هو أحد كبارهم وعظمائهم، قال عبد الله بن القاسم:
أما والذي أرجوه ما زلت منكراً ... على من بغى في الدين واعتاب وافترى
فما الحق بالخافي على ذي بصيرة ... ولكن أدياناً مع الدين تفترى
هواً وتقليداً وبغياً وطاعة ... لمن لم يزل في دينه متحيرا
وفي العقل إجماع من الخلق كلهم ... به احتج مولانا على كل من درى
من قال إن القلب لله حجة ... فلم ويله سماه في النحل منكرا
وسماه مطبوعاً وسماه قاسياً ... وسماه أعمى بعد ما كان مبصرا
وأسمعت في الأسماء إن كنت جاهلاً ... بمذهب سوقسطا الذي كان أظهرا
وخالفت فيها بعد يحيى وقاسماً ... وزيداً وزين العابدين وحيدرا
ومولاك والتنزيل والخلق كلهم ... فبالاسم صلى الكل منهم وكبرا
سلوا كل من صلى من الناس كلهم ... وعبساً وهمدان الكرام وحميرا

فلله أسماء دعوا ربهم بها ... وصلوا بها عن كل فرض مكررا
فإن صحت الأسماء فالقول قولنا ... وإلا فقد أربى على من يبصرا
إذ قال إن الاسم والذات واحدٌ ... فمن واحدٍ قد صار مولاً أكبرا
وصيره في الوحي إذ ذاك محدثاً ... وصيره فيما يباع ويشترى
فإن قيل فالتعبير ما هو عندكم ... نكصتم وقلتم ذاك فعل لمن قرا
..................................... ... .....................................
أقام اسمه لفظاً تعالى مقامه ... كما قال في سبحان قولاً محررا
وفي اليسر والأعسار أجمعت منكراً ... بأن إله الخلق ما ذم معسرا
ولا ذم إلا من لغى من عبيده ... ولا ذم إلا من طغى وتكبرا
ولولا دفاع الله عن بعض خلقه ... ببعض لما وافيت...................
وقلت الغنى فعل الغني ومن يكن ... فقيراً فغير الله أغنى وأفقرا
وخالفت حكم الله في الخلق كلهم ... وصيرت حكم الله فيهم مؤخرا
فإن كان فقر العبد لله مسخطاً ... فويل لمن أضحى من الناس مفترا
لقد أسخط المولى وأزرى بنفسه ... إذا كان أعمى أو إذا كان أصورا
وفي صفة الرحمن أجمعت صاغراً ... لقوم سواكم اصطفاهم وطهرا
وما الفضل والتفضيل إلا زيادة ... ولله لا للخلث أن يتخيرا
وقد فضل الرحمن عيسى بروحه ... على كل من لم يأت في الدين منكرا
تعالوا نباهلكم ويروى كلامكم ... وترون منا ما اعتقدنا بلا مرا
ألستم ترون الفضل للفعل لاحقاً ... جراً لأهل الفضل كالبيع والشرى
ونحن نرى التفضيل للفعل سابقاً ... فقيسوا بمن شئتم علياً وجعفرا
أما والذي فادى من الذبح عبده ... وأخرج منه الهاشمي المطهرا
وسماه في التوراة من قبل خلقه ... رسولاً نبياً مصطفى متخيرا
لقد قال في حم ما يعرفونه ... ومن كان أعمى لم ير الصبح مسفرا
ألا فاصبروا كيما تكونوا أئمة ... إذا نالها من كان في الخلق أصبرا
فما عذركم إن لم تؤدوا فريضة ... بها قام دين الله في البدو والقرى
فإن كنت في أمر النبوة داخلاً ... فقم بالذي قاموا إذا كنت مقدرا

إذا أنت لم تفعل وقصرت عامداً ... فما عذر من عن فرض مولاه قصرا
وأجمعت في التنزيل إذ كنت جاهلاً ... بقول وليد حين في الوحي قدرا
فلما سمعهم قوله لم تخالفوا ... وكنتم على التقدير في الجبر أجترى
وقالوا أساطير فعد كلامكم ... فوافقتم المعنى الذي فيه فكرا
ولي كلام عندكم وحي ربكم ... فإن لم يكن قول فقد صار مفترا
ونحن نقول الوحي قول منزل ... به جاءنا الهادي بشيراً ومنذرا
فإن تصدقوا نكذب ونخزى بقولنا ... وإن تكذبوا نصدق وخاب من افترا
وفي أحرف التزيل قلتم مقالة ... توافق عندي كل من كان مجبرا
فإن زدت حرفاً واحداً كنت صادقاً ... وإن انت لم تفعل فقد قلت منكرا
تضيفونها فعلاً لكم وهي قبلكم ... وإلا فرد إن كنت فيه مخيرا
تحديتكم لما علمت انقطاعكم ... ومن كان مغلوباً لدينا تحيرا
وأجمعت في أن الشريعة أنزلت ... لنوحٍ وإبراهيم قولاً مسيرا
وموسى وعيسى والنبي محمدٍ ... إلى آخر الدنيا لمن كان مبصرا
فصيرتها غير الأصول معايناً ... فيا عجباً من ذا التعامي لمن يرى
كذا علم الأسماء آدم كلها ... ليدعو بها رباً كريماً ليعفرا
وليست لنا فعلاً كما فعلنا الدعا ... فكن في كلامي ناظراً متفكرا
ما عندنا التعبير إلا تلاوة ... كما ليس وحي الله فعلاً لمن قرا
ولو أن إنساناً روى قول غيره ... وسماه من ألفاظه كان معورا
كذا في حروف الوحي قولي موافق ... لما قلت في الأسماء لا غيره .....
لنا اللفظ فعل وهو في الحكم غيرها ... ومولاي هنا الكل منها ودبرا
وهذه الأبيات بعض مما ذكره في هذا الشعر، وفيه كفاية في مذاهب هؤلاء القوم، وتفاصيل أقوالهم، وإيضاح الحق عليهم، والادحاض لحجتهم، فكيف ينازع في نفي إضافة هذا المذهب إليهم منازع.

ومما يوضح مذهب هؤلاء القوم، ويفهم العوام صحة ما روينا عنهم ما قد أظهروا واشتهر أنه رجع عن مذهب المطرفية الطائفة الكبيرة في الأعصار المتباينة، فبعضهم رجع بالمناظرة، وبعضهم رجع بالنقض عليه والمراسلة، وبعضهم رجع من تلقا نفسه بتوفره على النظر في الحث والدين، رجعوا إلى الإسلام يربون على حد التواتر، كان أهل الهجرة الكاملية بتهامة كلهم مطرفية، وكان عظمها الفقيهين الفاضلين الحسن بن حسين بن شبيب، وصالح من الرجال التهاميين، فلما وصل الفقيه العلامة الزاهد زيد بن الحسن الخراساني وعرفهم مذاهب الزيدية كلها، وأنهم ممعون في الآفاق على اختلاف بلدانهم وأنسابهم، ولغاتهم وتفرقهم بأبدانهم في الجيل والديلم، وخرسان والعراق، على مذهب واحد وهو المذهب الذي عليه أهل البيت عليهم السلام، وهو الذي يخالف مذهب المطرفية، وأن مذهب المطرفية هؤلاء ما يجمع أقاويله مذهب لأحد قبلهم، وأوضح لهم الحجة وعرفهم النحجة، فرجع الفقيهان ابن شبيب وابن الرجال، ورجع برجوعهما إلى الإسلام خلق كثير ممن كان تابعاً بهما من الأشراف ومواليهم وشيعتهم في الهجرة وغيرها.

ويروى أنه كان في الهجرة ممن رجع إلى الإسلام خمسمائة سيف، وكلهم يرون هذه المذاهب التي رويناها عن المطرفية فالجاحدون لذلك يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون، وكذل كل من رجع إلى الإسلام في ذلك الزمان، تروى عنهم هذه الأقوال، ويرجع سبب انتقاصها عنده وفسادها بالحجة التي صحت له كالشيخ أبي السعود بن أبي ثور، وولده أسعد وأحمد بن منصور، والسلطان إسماعيل بن حاجب، والسلطان ربيح، وكذلك القاضي الزاهد عبد الله بن حمزة بن أبي النجم الذي رجع بسبب قراءته للمذهب على الفقيه العالم زيد بن الحسن البيهقي، وما من زمان مضى إلا ويرجع فيه جماعة منهم، ويروون هذه المذاهب، ويناظرون عليها، ويرجعون بسبب النظر الشديد والتحكيم لأدلة العقول، ولما رجع الشيخ العالك كان ذلك العالم محمد بن حميد إلى مذاهب الزيدية بعد ما كان من أرسخ الناس قدماً في مذاهب المطرفية، وكان مشهوراً بالعلم في فنون من العلم، وهو الذي كان قال فيه الشيخ العالم علي بن أبي رزين: لو كانت الإمامة تصلح في الرعية لصلحت في محمد بن حميد، وكان لعمار بن علي رحمه الله اجتهاد عظيم في رجوعه، فلما مات عمار بن علي رحمه الله رثاه محمد بن حميد هذا العالم فقال في مرثيته:
فالله يرحم عماراً ويسكنه ... في جنة ذات أنهارٍ وأشجارِ
فإنه لسبيل الخير عرضني وكنت ... قدماً عليه طاعناً زاري
أيام كنت أرى الأسماء لي صفة ... والذكر قولي وإعذاري وإنذاري
ولا أرى الوحي آيات ولا سوراً ... لكن أراها أحاديثي وأخباري
وكنت لا أسمع القرآن من أحدٍ ... بآلة السمع لكن أسمع القاري
وما أرى عرضاً ما عشت ينفعني ... ولا الدعا ينجي من شفا هاري
لولا العفيف أبو يقظان ايقظني ... من وسنة الجهل لطفاً لانطفت ناري

ولما رجع الشيخ العالم محمد بن حميد عن مذهب المطرفية إلى مذهب الزيدية لامته المطرفية وسخروا منه، وادعوا أنه قليل المعرفة، وكانوا يدعونه في أعلى المرتبة، فقال رحمه الله في ذلك أرجوزة.
قلنا بأن الأرض لم تعطل ... من قائم مؤيدٍ مفضل
إلى قوله:
..............حداد ... جانبها التوفيق والرشاد
.......الإفساد والإبعاد ... لكل من في قلبه وداد
كنا قديماً عندهم أخيارا ... وعلماء قادة أحبارا
بها احتججنا لهم مرارا ... طالوا على الناس بنا افتخارا
ومدحونا حيثما تيمموا ... ومدحوا حجتنا وعلموا
حتى إذا قلنا لهم تعلموا ... وقدموا القوم ولا تقدموا
كادن بنا تخسف الغبراء ... من تحتنا وتسقط السماء
من فوقنا وتسفك الدماء ... وذهب التوقير والحياء
وهكذا من لم يصرح بالسور ... ولم يقل بأنها فعل البشر
وقد تعدى عندهم وقد كفر ... وكان مأواه إلى حد سقر
ثم كذا في حسنات العاصي ... من لم يقل بأنها معاصي
فإنه معاند مناصي ... لخالق يأخذ بالنواصي
فإنه عند المليك ظالم ... قالوا ومردود الدعاء آثم
نعم ومحكوم به وحاكم ... وإن يكن كما حكوه ما انفصل
عن ذلك الشخص ولا عنه رحل ... وإنما نعلمه لا في محل
من غير سمع من تلاه وفعل ... فقد يخلصنا من المناظره
وسقطت فرائض المقاولة ... وحرمت مذاهب المعامله
وآلت الحال إلى المباهله ... ثمت قالوا مكن الرحمن
جميعهم من ضمتهم البلدان ... ومن نمته العرب والسودان
ومن نما عدنان أو قحطان ... من رتبة الحكمة والنبوه
فإن هذا زعموا في القوه ... وأسقطوا التخصيص والأبوه
أمن جهلهم في الهوه ... من شاء قالوا كان عبداً مرسلا
...........متصلا ... وكان جبريل به موكلا
.................................... ... وأنها جارية في الروم
..............الحلوم ... ليس لها أصل من القديم
الناس على العمومظط ... فاسمع إلى هذا العوار البادي
.........أنه بالهادي ... معتصم وهو له معادي

...........قوله مبادي ... ثم أضافوا علل الأطفال
...........أو صمم أو حال ... أو حول في العين أو سلال
.........مركب الأوصال ... وهكذا تفاضل الأشياء
.........................كالسطحا ... عندهم الأرض كالسماء
.........والثواب كالعداء ... وهكذا في الموت والطعوم
...........والظلمه والعلوم ... والحر والبرد من النسيم
.......أنفع على الجسوم ... لأنها بزعمهم أعراض
.........لها كل ولا اتعاض ... ولن تضر زعموا الأمراض
............أحب مرتاض ... قالوا ولا صدق الحنيف الخاشع
إنما المستكين الضارع ... ينفعه ما لاحت الطوالع
...ن الناطق منهم ما نطق ... وأبطل السبق الذي كان سبق
...........من أغلق ... بقوله إن الثواب مستحق
...........في العرش والكرسي ... وفي الصفات مذهب الجهمي
.................................... ... عداوة وجرأة ومينا
وناصراً قد ألزموه سننا ... وكان للهادي الله ربنا
وطالت المناقضات بين المطرفية وبين الشيخ العالم محمد بن حميد هذا لما خرج من مذهبهم، فقال محمد بن حميد بن الحجاج البرسمي هذا في وقت من سنة خمسين وأربعمائة شعراً جواباً لشيعة شناع في تصنيف كتبوه إليه، وشعر جاءه من صالح بن حسن الغويلي، وهذا من شعر محمد بن حميد وهو:
أيا قائلاً إن.......تململ ... بها من عظيم الحقد وزد واتكل
ولم أت شيئاً يقتضي ما ذكرته ... إذا ما وعى قولي الذي يتأمل
تضيقون في صدوركم غير ما ... أرى لي وصدق القول بالحر امتثل
يقولون هذا..............ورافض ... ومعتزل في ومعطل
يخالف يحيى في المقال وقاسماً ... وعن منهج القوم المحقين يعدل
وهذا مقالي تأموله إلى الذي ... سطرتم وسيروا السهل فالسهل أسهل
ومن عجب.............بالأذى ... ولا عجب من أن تقولوا وتفعلوا
ترون سباب الناس ديناً مؤكداً ... أنه ما يتم الفرض فيكم ويكمل
لكم كل يومٍ مجلس تعمرونه ... بأكل لحوم الغافلين ومحفل

إذا جاءكم نسترشد يطلب الهدى ... مضى وهو أعمى لا محالة مقفل
يجيكم يرتاد علماً وحكمة ... فيزداد جهلاً فوق ما كان جهل
يكون بآيات المهيمن عارفاً ... يكررها في عمرها ويرتل
فيرجع مرتاباً بما كان عارفاً ... يقيناً وعما بين الذكر يسأل
يقولون ما لله في الأرض آية ... ولا اسم ولا القرآن هذا المتول
ولكنه معنى سواه بزعمكم ... يدل عليه ذا الكلام المرتل
مع الملك الأعلى قريناً لذاته ... فلم يأت بالوحي المهيمن مرسل
ولم يبق وقتاً بل تلاشى وحكمه ... إذا ما طي يفنى زعمتم ويبطل
ومنه:
وهذا الكلام عندكم فهو فعلكم ... ولم يلقه الروح الأمين الوكل
وفعلكم جمع وفرق وهذه ... صفات وأحوال لكم وتنقل
وكفر وإيمان وبر وفاجرٌ ... ولا ثالث في العقل يلغى ويهمل
وفي الملك الأعلى غلوتم كما غلا ... من القبط قوم في النجوم فأبطلوا
وفي العقل قالت فرقة كمقالكم ... سواء كما يحذى المثال المتمثل
وفي النفس قالت فرقة كمقالكم ... بأن إليها يقصد المتأمل
وفي كل وقت يستبين محالكم ... لكل مريدٍ طالبٍ يتبجل
ولو أنكم ألقيتم الكبر عنكم ... والقيتم قول الذي لا يحصل
لبان لكم ما بان لي وعرفته ... وكان لكم نهج الهداية يسهل
وكل له منكم مقال ومذهب ... يرى الحق فيما يدعي ويؤمل
فذا قائل فيما يقول ويدعي ... بأن الأصول الأولية تنقل
ولا حادث من بعدها غير حالة ... وها تلك أوصاف لها وتنقل
من قال إن الله منها مصور ... لما ليس منها فهو خيرا وأميل
وذا قائل إن الفروع حوادث ... وها تلك أجسام سوى تلك.......
وهذا يقول الحس فعل لمن به ... يقوم وهذا قوله الدهر يبطل
وذا قائل ابن الثمان ممكنٌ ... من الفعل مختار لما هو يفعل
وذا قائل إن النبوة فعل من ... الحكم في أمر الورى والتطول
وذا قائل إن النبي هو الذي ... دون خلاق البرية يجعل
فمن شاء فليجعل من الناس نفسه ... نبياً إلى أهل البسيطة مرسل
وكل بني الدنيا على ذاك قادر ... ولكن أشاعوا واستهانوا وسهلوا

6 / 8
ع
En
A+
A-