المعرفة الثانية عشرة
قال أهل الإسلام كافة: بأن الأمراض والآفات والعاهات لابد في إحداثها من أعراض، ثم قال أهل البيت عليهم السلام: لابد عليها من أعواض.
وقالت المطرفية: ليس فيها منه تعالى قصد ولا أغراض ولا فعلها لاعتبار، ولا أعواض. وهذا محال؛ لأنه أحدثها تعالى من حيث هي فعل، والفعل لا يصح إلا من فاعل، ولا فاعل سواه تعالى، وقد ثبت أنه لا يقدر عليها العباد، فإذن هي من الله تعالى، وهو تعالى...................................، ولا يجوز أن يكون عرضة لإضراره؛ لأن الظلم منه تعالى لا يجوز، فإذن غرضه مصلحة العبد، وليس إلا الاعتبار، وقد ثبت أن فيهم من لا يلزم في حقه التذكرة والاعتبار، نحو الأطفال الصغار، فثبت أنه لا بد من أعواض، والله الهادي.
المعرفة الثالثة عشرة
قال أهل الإسلام كافة: بأن الأعمار والآجال مقدرة بقدرة ذي العزة والجلال، وإن الموت والحياة في البالغين والأطفال وجميع الأعمار القصار والطوال كلها باختيار الله تعالى، وإرادته وقصده ومشيئته.
وقالت المطرفية: إن الأعمار والآجال، والموت والحياة، تقع بحسب الطبائع والموادّ، إن موت الطفل ليس من رب العباد، وأن ما نقص من عمر معمر فليس من الله تعالى كتاب ولا حكم به رب العالمين، وهذا....... الموت والحياة أمور حادثات، ولا يصح تحدث من العباد وإلا أمكنهم فيها التناقص والازدياد، فيجب أن يكون منه تعالى، وعلى هذا قال تعالى: هو {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2] وقال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا...الآية}[الزمر:42] وغير ذلك من آيات القرآن الكريم.

المعرفة الرابعة عشرة
قال أهل الإسلام كافة: إن ما نقص من الأعمار عن مائة وعشرين أو زاد فإنه من فعل الله رب الأرباب.
وقالت المطرفية: إن ما نقص عن مائة وعشرين سنة فإنه ليس من فعل الله تعالى ولا إرادته، ولا من قصده ولا مشيئته.
روى الإمام أحمد بن سليمان عليه السلام أن رجالاً من كبارهم بصوت جهيراً: أنا كافر برب يميت الأطفال، ولم يختلف المسلمون أن من قال ذلك فهو من المشركين الكفار، ومذهبهم هذا هو مذهب الفلاسفة والطبائعية وهو باطل؛ لأن ما يدل على أن الموت والحياة من الله تعالى يدل على أن ................................... قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ}[الروم:40] ولأنه قد ثبت أن كثيراً من الأعمار زادت على مائة وعشرين، فإن نوحاً لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وفيها ما قد نقص، وقد قال تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلاَ يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ}[فاطر:11].
وروى الإمام أحمد بن سليمان أن شيخاً كبيراً منهم يقال له عبد الحميد قال له: ما عدل الله في أن يميت أخي صغيراً فيدخله الجنة، ويعمرني شيخاً كبيراً حتى يصيرني في النار، فاعترض على الله تعالى في حكمته.

المعرفة الخامسة عشرة
قال أهل الإسلام كافة: ليس أحد بقادر على إصلاح حياته، وتأخير وفاته لا إلى مائة وعشرين ولا إلى أقل ولا إلى أكبر، وأنه لا يقدر على تقديم الموت وتأخيره إلا الله تعالى.
وقالت المطرفية: بل الإنسان يقدر على تأخير عمره إلى مائة وعشرين بإصلاح معيشته وغذائه، ومعرفة دائه من دوائه، وأن الإنسان لو لم يفرط في ذلك ما مات إلا لمائة وعشرين، وخالفوا بذلك قول المسلمين، وزادوا به على كفر الكافرين، فإن كل غافل يعلم بالضرورة أن زيادة العمر ونقصانه لا تحصل على قصده وداعيه، ولا تنتفي بحسب كراهته وصارفه، ولا يتعلق به لا نفي ولا إثبات، ولا مدح ولا ذم، وعلى هذا قال تعالى: {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}[الأعراف:34] وقال تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}(1)، ولبعض الموحدين شعراً:
ما للطبيب يموت بالداء ... الذي قد كان يبري
مثله فيما مضى:
إلا لأن الخلق يحكم فيهم ... من لا يرد ولا يعقب ما قضى

المعرفة السادسة عشرة
قال أهل الإسلام كافة: إن الجرذان والحيات والعقارب، وغيرها من الحيوانات الضارة كلها من خلق الله تعالى وحكمته، وحادثات بقصده ومشيئته.
وقالت المطرفية: ليست من خلقه تعالى ولا حكمته، ولا حدثت تلك بإرادته.
وروى الإمام أحمد بن سليمان عليه السلام أنه خرج جرذ ذات يوم بشياع، فقال كبير من كبراء المطرفية: الحقوا حكمتكم..............بأهل الإسلام لما قالوا هي من خلق الله تعالى وحكمته، وهذا قول باطل؛ لأن هذه الحيوانات من قبيل الأجسام، والأجسام لا يقدر على إحداثها إلا ذو الجلال والإكرام، وإلا صح منا أن نخلق لأنفسنا ما نشاء من الأموال والأولاد.
المعرفة السابعة عشرة
قال أهل الإسلام كافة: إن جميع هذه الحيوانات الضارة، والسمومات القاتلة......................... حدثت من رب الأرباب.
وقالت المطرفية: بل هي قبيحة على كل حال، وهذا القول من المحال؛ لأن الله تعالى لا يفعل القبيح، وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}[الحج:73] وإذا كان الله تعالى خالق الذباب كان من الحكمة والصواب.
__________
(1) الآية قي الأصل { قل لو كنتم في بروج مشيدة لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} والصحيح ما أثبتناه.

المعرفة الثامنة عشرة
قال أهل الإسلام كافة: إن القرآن قد نزل به الروح على محمد سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين.
وقالت المطرفية: ما نزل القرآن على محمد سيد المرسلين، ولا نزلت الكتب من الله تعالى على النبيين، وهذ رد على رب العالمين، وتكذيب لأحسن الخالقين، قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[الشعراء:193-195] وغير ذلك من آيات الكتاب المبين.
المعرفة التاسعة عشرة
قال أهل الإسلام كافة: إن القرآن قد أتانا، وبلغه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلينا.
وقالت المطرفية: إن القرآن ما أتانا، ولا بلغ إلينا، ولكنه في قلب ملك يقال له ميخائيل وهذا محال؛ لأن الله تعالى يقول: {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة:67] فلابد أن يكون قد بلغه، ولأن ذلك معلوم من ضرورة الدين بإجماع جميع المؤمنين.
المعرفة العشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن هذا المتلو في المحاريب المعروف بين المسلمين هو القرآن الكريم.
وقالت المطرفية: ليس هو القرآن الكريم، ولا أتى من رب العالمين، وهذا يخالف أقوال المسلمين، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}[النمل:76] وقال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ}[الحشر:21] فالمشار...............................

المعرفة الإحدى والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن هذا المتلو بين المسلمين هو كلام رب العالمين.
وقالت المطرفية: ليس بكلام رب العالمين، وإنما هو كلام من نطق به من القارين، وفيه تكذيب لرب العالمين، قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ}[التوبة:6] وغيره من آيات الكتاب الحكيم.
المعرفة الثانية والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن القرآن ليس بصفة ضرورية في أحد من المخلوقين.
وقالت المطرفية: بل القرآن صفة ضرورية لقلب الملك الأعلى، فطره الله تعالى على القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، والصحف، وعلى العلم بما هو كائن، وخالفوا بذلك جميع المسلمين، ولأن القرآن مشتمل على السور والآيات، والألفاظ المفيدات، فكيف يصح أن يكون صفة واحدة، ولأنه كان.............أن لا يكون نازلاً على محمد عليه السلام، وقد بينا بطلانه، ولأن الله تعالى بين أن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل، وما في قلب الملك لا يقص عليهم قليلاً ولا كثيراً، ولا يعرفهم صغيراً ولا كبيراً، ولأن الجن قد سمعوا القرآن لقوله: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً}[الجن:1] وما في قلب الملك لا يمكن سماعه، ولغير ذلك من الدلائل الظاهرات.

المعرفة الثالثة والعشرون
أن هذا القرآن من قبيل الكلام لا من العلوم، وإنما هو معلوم، وهذا قول جميع المسلمين.
وقالت المطرفية: إن القرآن هو علم الملك الأعلى، وخالفوا في ذلك العقلاء وأهل البيت النجباء، والصحابة النبلاء، ولأن الله وصف القرآن بأنه مسموع بقوله: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً}[الجن:1] والمسموع هو الكلام دون العلوم والاعتقادات، ولأن ما في القلب لا يسمع، وإنما يسمع ما في اللسان من الكلام، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((..............عيش السعداء، وموت الشهداء، والنجاة يوم الحشر، والظل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن فإنه كلام الرحمن، وحرس من الشيطان، ورجحان في الميزان)) وذلك يدل على أنه كلام، وأنه المسموع بالآذان، وأنه المدروس باللسان.
المعرفة الرابعة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن القرآن مسموع بالآذان، وأنه قد سمعه أهل الإيمان، وأنذر به الثقلان.
وقالت المطرفية: لا يسمع بالآذان ولا أدركه الثقلان، وكذبوا قول الرحمن: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأحقاف:29،30] فوصفه بأنه مسموع.......................وأنهم سمعوه، وأنه كتاب، وهذا خلاف قول الشك والاثبات، وقال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم}[الجاثية:7،8].

المعرفة الخامسة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن هذا القرآن المتلو في المحاريب من إحداث الله وإنشائه.
وقالت المطرفية: بل هو من فعل محمد وإنشائه، وهذا خلاف ما يعلم بضرورة الدين، وخلاف ما جاء عن الصحابة والتابعين، وأهل البيت أجمعين، قال الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَ يُؤْمِنُونَ}[الطور:33] أي قاله من عنده، مثل ما يذهب إليه المطرفية ومن تابعهم من المعتدين، وقد حكى الله تعالى هذه المقالة عن الوليد بن المغيرة: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ، فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ، إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ}[المدثر:18-25].
قالت المطرفية: إنه قول البشر.
المعرفة السادسة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن الصلاة لا تصح إلا بالقرآن، ومع ذلك هي صحيحة عند الرحمن و.......
وهذا غاية المعاندة والعدوان، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}[الزمل:1-3] إلى قوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[المزمل:20] فبين أن القرآن واجب في الصلاة، وذلك يدل على أن الفاتحة في الصلاة من جملة القرآن، وقد قال الرسول عليه السلام: ((كل صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خداج)).

المعرفة السابعة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن الله تعالى لا يجب عليه أن يساوي بين عباده في الخلق، ولا في الرزق، ولا في الحياة ولا في الموت، ولا في التعبد ولا في الخير، ولا في ذلك من الفرائض عند العلي الأعلى.
وقالت المطرفية: إن الله تعالى يجب عليه أن يساوي بين عباده في هذه الأشياء، خلافاً منهم على العلي الأعلى وهذا محال؛ لأنه تعالى متفضل بذلك على العباد كما تفضل بابداء الخلق وإنشائه، ولهذا أمتن به تعالى على عباده في آي كثيرة، قال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} إلى قوله: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} إلى قوله: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} إلى قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ}[الحجر:16-26] إلى غير ذلك من البيان في الامتنان، وقال تعالى مبيناً للتفضيل والإحسان: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ، وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ}[النحل:4،5] إلى آخر ما عدد من الإنعام الواقع من ذي الجلال والإكرام، ولأن الجميع واصل إلى الإنسان قبل تقدمه بصالح الأعمال، فكيف يقال بأنه واجب على ذي العزة والجلال.
المعرفة الثامنة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن الله تعالى قد فاضل بين عباده في هذه النسبة للأشياء واتبعوا في ذلك ما يعرفه العقلاء.
وقالت المطرفية: ما فاضل تعالى في ذلك بين العباد، ولو فعل لكان ذلك من الظلم والفساد وهذا مخالف الضرورة، فإن كل عاقل يعلم تفاضل الناس في الخلق، ففيهم الكامل والناقص، والطويل والقصير، والجميل والشويه، والغني والفقير، ويختلفون في الأعمار والآجال، وفي التعبد والجزاء، حكمة من العلي الأعلى، وكل ذلك معلوم من دين الإسلام، ومفصل........................... إلى قوله: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} وقال: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}[الإسراء:55] وقال: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}[الزخرف:32] وقال: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل:71] وغير ذلك كثير.

المعرفة التاسعة والعشرون
قال أهل الإسلام كافة: إن الله تعالى قصد جميع أفعاله، وأرادها عند حدودها واعتمدها.
وقالت المطرفية: ما جعل الله من أفعاله بالقصد ولا بالعمد، إلا الأصول الأربعة، وبعضهم قال: أو المعجزات، وقال بعضهم: أو النقمات.
وروى الإمام أحمد بن سليمان عليهم السلام أن رجلاً من أهل مسلم اللحجي قال في مجلس حافل وقال بصوت جهير: من قال إن الله قصد شيئاً من أفعاله غير الأصول الأربعة والمعجزات والنقم فقد كفر، فجعلوا السماوات والأرضين، والأشجار والأزهار، والأوراق والثمار، والبراري والبحار، وغير ذلك من الأجسام الكبار والصغار حادث بغير اختيار العزيز القهار الجبار، وكفروا مع ذلك الاختيار، وهذا ما يقوله إلا أحد الكفار، وهذا يخالف ما يعلم بضرورة الدين، وما يظهر من الأنبياء المرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين، وما جاء به القرآن المبين، وفيه اعتقاد العجز والجهل على رب العالمين، ولأنه تعالى أحدثها وهو عالم بها غير ساهٍ ولا مكرهٍ، وكل ما هذه حاله لابد أن يكون قاصداً إليها حالة إحداثها.

2 / 8
ع
En
A+
A-