تابع الحاشية رقم ([4])
______________
= قلت: ذكر في مطلع البدور، وطبقات الزيدية رواية عن القاسم بن علي العياني أنه حبس في سجن الخليفة العباسي الملقب الهادي ما يقرب من ثماني عشرة سنة لما خافه لما ظهر فيه من إستحقاق الإمامة واشتهر أمره في الناس، وعلا صيته فقبض عليه وهو في غفلة وكان من المبايعين للإمام الحسين بن علي الفخي وخرج معه وجاهد معه، وذكر في الطبقات نقلاً عن المقاتل أنه توفي بالحجاز بعد التسعين ومائة.
قال الإمام -عَلَيْه السَّلام-: وأخذ العلم عن أبيه إسماعيل الديباج، وهو الذي ذكره في حبس بني حسن في الهاشمية عن بعضهم قال فيه: غلام كأنه سبيكة الذهب كلما اشتدت عليها النار بالوقيد ازداد حسناً إسماعيل بن إبراهيم -عَلَيْه السَّلام-.
وأخذ العلم والدين عن أبيه إبراهيم الشِّبه لما فيه من شبه رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-، وكان إذا أتى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام خرجت العواتق من البيوت لتنظره لما فيه من شبه رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-، وأمه فاطمة بنت الحسين -عَلَيْهم السَّلام-.
قال في مقاتل الطالبيين: وتوفي إبراهيم بن الحسن بن الحسن في الحبس بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وهو أول من توفي منهم في الحبس وهو ابن سبع وستين سنة، انتهى. وقبره بالكوفة.
قال الإمام -عَلَيْه السَّلام-: وأخذ العلم عن أبيه الحسن الرضا -عَلَيْه السَّلام- وهو المتولي لأوقاف علي -عَلَيْه السَّلام- وفضله أشهر من أن يطنب في شرفه.
قلت: وكان قيامه في عهد عبد الملك بن مروان وجرى بينه وبين الحجاج حروب كثيرة وسمه الوليد بن عبد الملك وله من العمر ثمان وثلاثون أو سبع وثلاثون سنة، ودفن -عَلَيْه السَّلام- بالبقيع إلى جنب أبيه وجدته فاطمة بنت رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-.
قال الإمام -عَلَيْه السَّلام- : وأخذ العلم عن أبيه الحسن السبط سيد شباب أهل الجنة، وخامس أهل الكساء، وريحانة النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- من الدنيا، وولد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، عليهم الصلاة والسلام، وأخذ أساس العلم من النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- وأساسه من الوصي صلوات الله عليهم]، انتهى ما ذكره الإمام -عَلَيْه السَّلام- في الشافي مع اختصار في بعض المواضع والله ولي التوفيق.=

ومن أراد بحثنا مما ذكرنا وجد ؛ بحمد الله، عندنا من ذلك علماً جماً، وقد أنصف من نفسه من عرضها للإختبار، وأجراها في المضمار([5])، على أعين النظار،
قوله: (فلم تكن صفقتنا بخاسرة): أي بيعتنا التي تاجرنا بها ربَّنا وهي طاعته، واتبعنا فيها آباءنا الذين هم سلفنا الصالح، وقد أوجب الله -تعالى- علينا متابعتهم كما أوجب على أهل عصرنا متباعتنا وعلى أهل عصرهم - عليهم السلام - متابعتهم، وإن كره ذلك أهل العناد ، وراموا منه بداهية تآد([6])، فلم نتعبد بإرضاء أحد من الناصبين ، ولا إيناس أحد من الظالمين ؛ إلا أن نكون له إلى الحق المبين مُقَرِّبين ، ونراه في ذلك من الراغبين ، فقد ورد بذلك الأثر عن جدنا خاتم النبيئين ، وهو قدوتنا وقدوة الخلق أجمعين -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-،وقد قال رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- في وجوب الرجوع إلينا والتمسك بنا ما رويناه بالإسناد الموثوق به إليه -عليه وآله السلام- أنه قال:
__________________
([5])ـ في الأصل : الضمار . انتهى.
([6]) - بمعنى تعظم وتفظع.

((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض([7]))) فأخبر -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-، وهو الصادق الذي لا يكذب أنَّا لا نفارق الكتاب إلى إنقطاع التكليف ؛ لأن ورود الحوض لا يكون إلا في القيامة.
______________
([7]) - حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة الصحيحة التي أجمع الموالف والمخالف على صحتها، ورواه المحدثون وغيرهم في كتبهم، وصحاحهم، فرواه من أئمة أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- الجم الغفير.
قال الإمام الحافظ الحجة الولي مجد الدين بن محمد المؤيدي - أيده الله تعالى- في لوامع الأنوار (ط2) (1/83)
وقد أخرج أخبار الثقلين والتمسك أعلام الأئمة وحفاظ الأمة فمن أئمة آل محمد صلوات الله عليهم: الإمام الأعظم زيد بن علي، والإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم، وحفيده إمام اليمن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، والإمام الرضا علي بن موسى الكاظم، والإمام الناصر الأطروش الحسن بن علي، والإمام المؤيد بالله، والإمام أبو طالب، والسيد الإمام أبو العباس، والإمام الموفق بالله، وولده الإمام المرشد بالله، والإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، والسيد الإمام أبو عبدالله العلوي صاحب الجامع الكافي، والإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين، وأخوه الناصر للحق حافظ العترة الحسين بن محمد، والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، وولده إمام التحقيق الحسين بن القاسم وغيرهم من سلفهم وخلفهم.
ومن أوليائهم: إمام الشيعة الأعلام قاضي إمام اليمن الهادي إلى الحق محمد بن سليمان -رضي الله عنه- رواه بإسناده عن أبي سعيد من ست طرق، وعن زيد بن أرقم من ثلاث، وعن حذيفة.
وصاحب المحيط بالإمامة الشيخ العالم الحافظ أبو الحسن علي بن الحسين، والحاكم الجشمي، والحاكم الحسكاني، والحافظ أبو العباس بن عقدة، وأبو علي الصفار، وصاحب شمس الأخبار -رضي الله عنهم-، وعلى الجملة كل من ألف من آل محمد -عَلَيْهم السَّلام- وأتباعهم -رضي الله عنهم- في هذا الشأن يرويه ويحتج به على مرور الزمان، انتهى من لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده (4/ 366)، ورواه البيهقي أيضاً في سنده (2/ 148)، و(7 / 30) باختلاف يسير في اللفظ، ورواه الدارمي أيضاً في سننه مختصراً (2/ 431)، والمتقي في كنز العمال (1/ 45) مختصراً وفي الجزء (7/ 102)، وقال: أخرجه ابن جرير، ورواه الطحاوي أيضاً في مشكل الآثار (4/ 368)، انظر فضائل الخمسة (2/ 52).
ورواه أيضاً الدولابي في الذرية الطاهرة (166) رقم (228)، والبزار (3/ 89) رقم (864) عن علي -عَلَيْه السَّلام-، وأخرجه مسلم (15/ 179)، والترمذي (5/ 622) رقم (3788)، وابن خزيمة (4/ 62) رقم (2357)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 418)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 369)، والطبري في ذخائر العقبى (16)، والطبراني في الكبير (5/ 166) رقم (4969)، والنسائي في الخصائص رقم (276) ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب (234 - 236) ، وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 12)، والحاكم في المستدرك (3/ 148)، وصححه وأقره الذهبي عن زيد بن أرقم وأخرجه عبد بن حميد (107 - 108)، وأحمد (5/ 182)، وأورده السيوطي في الجامع الصغير (175) رقم (2631)، وهو في كنز العمال (1/ 186) رقم (945)، وأيضاً (ص185) رقم (943)، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 197) رقم (376)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 177)، والطبراني في الصغير (1/ 131، 135، 226)، وأحمد في المسند (3/ 17)، (6/ 26)، وللإستكمال انظر التحف (ص429) حاشية.

وقد سمعنا من رفضة أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- مراراً، وفهمنا من لحن قولهم أسفاراً، من يقول إنَّا نتبع من تقدم منهم دون من تأخر، وجعل ذلك ذريعة إلى ستر ما هو عليه من رفض المتقدم وعناد المتأخر ، ولو ساغ ذلك له لساغ لأهل العصر المتقدم مثله ؛ فكان لهم أن يقولوا إنَّا نتبع من تقدمك ولا نتبعك ؛ لأن الطريقة في ذلك واحدة، فحينئذٍ يحصل العلم -إن لم يكابر عقله- أن الحق واجب علينا للمتأخرين من أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- وجوب الحق على من يتقدم من أمثاله وأسلافه للمتقدم، وأن المسألة في ذلك واحدة، وأن أمرهم مبني على موافقة الكتاب العزيز بشهادة النبي الصَّادق -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-، فكيف يجوز قصر ذلك على وقت دون وقت، هذا إتباع الهوى، ومجانبة الهدى، وسلوك منهاج الردى.
[ذكر أنه لا يمر عصر من الأعصار إلا وفي أهل البيت(ع) من يصلح للإمامة]
واعلم أن ممَّا يجب أن يعلمه كل مسلم: أنه لا يمرّ عصر من الأعصار، ولا وقت من الأوقات إلا وفيهم من يصلح للإمامة، ويؤهل للزعامة، وأن الأمة إنما أتيت من قبل أنفسها لا من قبل عترة نبيئها -عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام- وكيف لا يكونون كذلك، وأهل ذلك، وهم أمناء الله في بلاده، وشهوده على عباده، وهم حفظة هذا الدين ورعاته ، وأمناؤه وثقاته ، وبهم يحرس الله هذه الأمة من عاجل النقمات، وينزل عليهم نافع البركات، فما يكون حال من إسودّت جبهته من السجود، وتقطعت مساجده من القيام والقعود، وأكثر إشتغاله بعد الفراغ من وظائف عبادته بتلقين المسترشدين، نفي فضل عترة خاتم النبيئين -سلام الله عليهم أجمعين- وأنه لا فرق بينهم وبين غيرهم من العالمين، ولا حق لهم على أحد من المؤمنين ؛ إلا كما يجب لغيرهم من العاملين !!، ذلك هو الخسران المبين، والضلال بيقين.

[ذكر أقوال الأئمة(ع) في التفضيل]
[كلام الإمام القاسم بن إبراهيم(ع) في التفضيل]
[14]
قَد قال جَدِي القاسِمُ العلاَّمَهْ .... في أوَّلِ التَّثْبِيتِ للإمامهْ
قولاً نَفَى عَنْ دِينِنَا ظِلَامهْ .... وَحَلَّ عن مذهبنا لِثَامَهْ
[ذكر طرف من أمر الإمام القاسم بن إبراهيم(ع)]
(القاسم) بن إبراهيم -عَلَيْه السَّلام- هو أشهر من أن يعرف بلقب، أو يشهر بنسب، ولكنَّا نذكر طرفاً من أمره لنتبرك بذكره، هو أبو محمد القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام-، وأمُّه هند بنت عبدالملك بن سهل بن مسلم بن عبد الرحمن بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن عمر بن فاتك بن حسل بن عامر بن لؤي، فهو المتقدم في آل النبي -عَلَيْهم السَّلام-، والسابق المبرز في عصره، وأطبقت أعيانهم -عَلَيْهم السَّلام- على تفضيله، واعترف المخالف والموالف بغزارة علمه، وعموم معرفته لأصناف العلوم، والرد على جميع الفرق، والمعرفة بمذاهبهم، ونقضها وإبطالها، وكان يطلق عليه إسم القائم، ويلقب بترجمان الدين ، وله في علم الكلام نسق لم يعرف من غيره من أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- البلوغ إليه، يعرف ذلك في تصانيفه، وأجوبته عن المسائل الوارادة عليه، مثل مسائل الملحد، ومسائل ابن المقفع، وكتاب (الدليل) الذي حكى فيه مذهب الفلاسفة وتكلم عليها إلى غير ذلك.

فأمَّا الزهد والخشونة: فمما ارتفع فيه الخلاف من أهل العداوة له ولأهله، وقد بقيت بركات ذلك في أولاده، وشملت في أسباطه بمن الله -تعالى- وحمده، فما مر عصر من الأعصار إلا وفي أولاده -عَلَيْهم السَّلام- عدة يشار إليهم بالكمال، أو يرجى منهم التمام؛ بل يقع ذلك، وقد أشار السيد أبو طالب([8]) -عَلَيْه السَّلام- إلى قريب من ذلك([9]).
______________
([8]) - الإمام أبو طالب هو : يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام- ولد سنة (340) وهو أخو الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني -عَلَيْه السَّلام- .
دعا إلى الله عز وجل بعدوفاة أخيه المؤيد بالله سنة (411) وبايعه العلماء والفضلاء في جهات الجيل والديلم، ولم يتخلف عنه أحد لمعرفتهم بكماله ، ولم يزل مشتغلاً بنشر العلم وتجديد رسوم الإسلام ، وإصلاح أمر الأمة ، وإنفاذ أحكام الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجهاد الظالمين ، ومنابذة الفاسقين ، وعبادة الله حتى أتاه اليقين، بلغ -عَلَيْه السَّلام- في العلم مرتبة عالية كما قال الإمام المنصور بالله -عَلَيْه السَّلام- : لم يبق فن من فنون العلم إلا طار في أرجائه ، وسبح في أثنائه . انتهى .
وله الكثير من المؤلفات في الأصول والفروع وغيرها مثل المجزي في أصول الفقه ، وكتاب جامع الأدلة، وكتاب التحرير في الفقه وشرحه اثنا عشر مجلداً ، وكتاب الدعامة في الإمامة ، وكتاب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة ، والأمالي المشهورة . وتوفي -عَلَيْه السَّلام- سنة (424) عن نيف وثمانين سنة.
([9]) - حيث قال في الإفادة في تاريخ الأئمة السادة ص(90): وأما زهده -عَلَيْه السَّلام- فمما اتفق عليه الموافق والمخالف، ومن أحب أن يعرف طريقته فيه فلينظر في كتابه سياسة النفس وكان الناصر رضي الله عنه إذا ذكره يقول : زاهد خشن.

وكانت وطأته -عَلَيْه السَّلام- على بني العباس بقلبه، وكان قد أعيى هارون الرشيد([10]) -لعنه الله- إلى أن مات، وقد بذل الأموال الجليلة الأخطار في قتله أو سمه؛ فصرف الله عنه كيده، وسلمه من شره.
____________
([10]) - هارون بن محمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس الملقب بالرشيد وهو من الغاوين المعتدين يكنى أبا محمد وقيل أبا جعفر، وأمه الخيزران كان عالياً من المفسدين وطاغياً من المتكبرين، وظالماً من الغاشمين، ولاهياً من الفاسقين، وكان شديد العداء لله ولرسوله ولأهل البيت -عَلَيْهم السَّلام-، قتل العترة وطردهم وشردهم في عصره فمنهم يحيى بن عبدالله بن الحسن قتله بالسم بعد أن أعطى له العهود والمواثيق والأيمان المغلظة، وكذلك سم أخاه إدريس بن عبدالله دس إليه وبعث إليه من سمه وهو بناحية المغرب، وقتل أيضاً عبدالله بن الحسن الأفطس وغيرهم من فضلاء العترة.
ولمزيد إطلاع على من قتل هارون من العترة راجع مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني، وتوفي هارون الغوي ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، انظر الشافي 1/ 220 مقاتل الطالبيين وغيرها.

وكذلك المأمون([11]) بعده، طلبه بالجد والهزل، وتصنع أنواع التصنع إمَّا بالظفر بموادعته، والركون إلى جانبه، وإمَّا سمه أو قتله، فلم يقع له واحد من الأمرين، أمر إليه بوقر سبعة أبغل مالاً على أن يصالحه ويكاتبه فامتنع -عَلَيْه السَّلام- من ذلك.
ثم قام المعتصم([12]) بعد المأمون فكان أشد البليَّة منه خوفاً، وأعظمهم في أمره -عَلَيْه السَّلام- تشدداً، حتى أنه جرد لطلبه -عَلَيْه السَّلام- جيشاً، وأنفذ عليهم أميراً.
_____________
([11]) - المأمون، هو: عبدالله بن هارون الرشيد أمه زباد عبسية تدعى مراجل كان على وتيرة آبائه وإخوانه في الظلم والفساد مؤثراً للذات متبعاً للشهوات، مائلاً إلى المنكرات، وكان على منهاج سلفه من سفك دماء أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- قتل في عصره الكثير منهم علي بن موسى الرضا سمه بعد أن عقد له البيعة، وأعطاه الأمان وغيره منهم -عَلَيْهم السَّلام-، وتوفي لثمان خلون من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين، الشافي 1/ 242، المقاتل.
([12]) - المعتصم، هو: محمد بن هارون الرشيد كان على منهاج سلفه في الظلم والفساد والتجبر والعناد والفسوق والعصيان والعداوة لأهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- وظهر في أيامه محمد بن القاسم صاحب الطالقان فقتله بالسم وقيل: توارى أيام المعتصم والواثق، وآخر أيام المتوكل فمات في الحبس، وقيل بالسم، وغيره من أهل البيت. وتوفي المعتصم ليلة الأربعاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين ومائتين.

[دعوته(ع)]
وكان قد دعا إلى نفسه بعد إستشهاد أخيه محمد بن إبراهيم([13]) -عَلَيْهما السَّلام-، وبايعه خلق كثير، وجاءته البيعة من مكة، والمدينة، والكوفة، وبايعه أهل الري، وقزوين، وطبرستان، والديلم، وكاتبه أهل العدل من البصرة، والأهواز، وحضوه على القيام، وكذلك بايعه أكثر أهل مصر.
وكانت دعوته من مصر، فلم تنتظم الأمور على ما أراد، ولم يتمكن من الجهاد، ومات([14]) وقد أعطي حظ المجاهدين ، لإخافته الظالمين وخوفه منهم، وكان الحرج لاحقاً لمن خذله من الأمَّة ولم يكثر سواده، ويصل إلى حرب الظالمين جناحه.
ومن المنكرين لفضل أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- من ينتسب إليه، ويتعازى في إظهار محبته، تألفاً لمن يصغي إلى جانبه، ويعتقد وجوب متابعته -عَلَيْه السَّلام-، وتلبيساً على العوام بأني سالك منهاجه، غير متنكب لسبيله.
_____________
([13]) - محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام- أبو القاسم، وقيل أبو عبدالله أمه أم الزبير بنت عبدالله كان -عَلَيْه السَّلام- على طريقة سلفه في العلم والفضل والزهد والدين والورع والسخاء وكان أشجع من ركب فيه الروح، ظهر في الكوفة يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين ومائة، فبايعه الفضلاء من أهل البيت وغيرهم، وبعث دعاته في الآفاق وله وقعات كثيرة مع الجنود العباسية في الكوفة، وأصابه سهم في أحد المعارك في حروبه وطعن فاعتل، وكان أبو السرايا يقوم بقتال القوم حال علته، وتوفي رحمة الله عليه شهيداً يوم السبت لليلة خلت من رجب سنة (199هـ) . عمره : ست وعشرون سنة، ودفن بالكوفة عليه الرحمة والرضوان، انظر الشافي ص247، التحف شرح الزلف ص(144) (ط3)، الإفادة ص(83)، المقاتل ص528، وغيرها.
([14]) - توفي القاسم بن إبراهيم -عَلَيْه السَّلام- سنة ست وأربعين ومائتين وله سبع وسبعون سنة، ودفن في الرس أرض إشتراها وهي وراء جبل أسود بالقرب من ذي الحليفة وقبره بها -عَلَيْه السَّلام-، مع جماعة من أهل بيته وبعض أولاده انظر الإفادة (100).

[بيان سبب الإحتجاج بقول الإمام القاسم(ع) في التفضيل]
فاحتُجَّ بقوله -عَلَيْه السَّلام- لقطع شغب المخالف ؛ لأنه -عليه السلام- صرح تصريحاً لا مساغ فيه للتأويل بأن الله -تعالى- فاضل بين عباده إبتداءً بغير عمل،وأن المفاضلة بينهم من أسباب التكليف، ولسنا نشك في أن ذلك مذهبه -عليه السلام-، ومذهب الأئمة من آبائه -عليه وعليهم السلام- والأئمة من أولاده -عليهم السلام- إلى يومنا هذا ؛ لأن الأدلة العقلية والسمعية قاضية بذلك، فإيرادنا لكلامه -عَلَيْه السَّلام- لنكشف([15]) لكل مسترشد أن من أنكر مفاضلة الله - تعالى - بين عباده وأنكر فضل العترة الطاهرة -عَلَيْهم السَّلام- مخالف له -عَلَيْه السَّلام -، وأن انتسابه إليه لا حقيقة له، وأنه إنما انتسب إليه ليتغطى حاله، وينفذ في الأغمار كيده، وقد كان ذلك، فنسأل الله -تعالى- العون على تطهير دينه من كل شائبة.
فأمَّا من خالف في فضل أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- من اليهود وغيرهم من فرق الكفر فلسنا نحتج عليهم بكلام الأئمة لأنهم ينكرون الصَّانع والنبوءة فضلاً عن الإمامة، فالكلام ينقل مع نفاة الصَّانع إلى إثباته تعالى، وتوحيده، وما يجوز عليه، وما لا يجوز، والمعترفون بالصَّانع كاليهود ومن شاكلهم ينقل معهم الكلام إلى إثبات نبؤة نبيئنا -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-، ثم نحتج بعد ذلك على الفريقين بقول الأئمة -عَلَيْهم السَّلام- ؛ لأنه لا يتعرى من الأدلة العقلية، ولأن المخالف لنا في إثبات فضل أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- والمفاضلة بين العباد يوهم الناس أن متابعتهم -عَلَيْهم السَّلام- واجبة، وذلك حق إن إستمر ولم ينقض.
_____________
([15]) - نخ (ن) : لينكشف.

39 / 63
ع
En
A+
A-