وهو من دعائم الإسلام وأركان الدين . وأما جهاد أهل البدع _وهم المجبرة والمشبهة _فمن أهم الأمور وفرض على الجمهور , وقد قال الله تعالى : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } , فلا فتنة اكبر من فتنتهم ولا ضلالة اعظم من ضلالتهم , حيث شبهوا الله بخلقه وأضافوا القبيح إلى صنعه , وقد بلغنا من رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في ذم المبتدعة آثار جمة , فقال _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام , وقال لعائشة وقد سألته عن قول الله تعالى : {إن الذين فرقوا دينهم } من هم ؟ قال _صلى الله عليه وآله وسلم _ : هم أصحاب البدع من هذه الأمة , يا عائشة ! لكل ذنب توبة إلا أصحاب البدع فإنه ليست له توبة , أنا منهم بريء وهم مني براء . وأما جهاد أهل الكبائر فقوله تعالى : {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك } . والقوم حوله يبكون وإياي وإياكم يلعنون . فأخذني ما قرب وما بعد , لا أقدر على منع ولا أجد عوناَ على دفع .
ولقد مررت بقاص منهم يقص و القارئ يقرأ : {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة } وهو يقول : بلغنا عن الحسن وجماعة من العلماء أن قالوا : يؤتى بالشيطان يوم القيامة فيقال له : هلا سجدت إذ أمرت ؟ قال : فيقول الشيطان ما قدرت عليه ولا مكنت منه وحيل بيني وبين السجود وخلق في الإباء , ولو خليت لسجدت . فيقال له كذبت بل من نفسك أتيت . فيقول لي شهود يشهدون على ما قلت , فينادي : أين شهود الشيطان و خصماء الرحمن ؟ فيقوم جماعة من المجبرة فيقولون : صدق الشيطان , فيشهدون له , فيخرج من أفواههم دخان اسود تسود وجوههم ثم يبعث بهم معه إلى النار . وذكر عن علي _عليه السلام _ حديثاَ طويلاَ أن المجبرة خصماء الرحمن وشهود الشيطان وقدرية هذه الأمة و مجوسها . والقوم يرفعون أصواتهم باللعن علي وعليكم , ويقولون لعن الله الشيطان وأتباعه وأشياعه . فقال بعض المشايخ ممن كان معي : أيها الشيخ ! إليك المشتكي في عظيم هذه البلوى , دبرنا في أمرهم . فقام معتزلي من ا لجن , فقال : التدبير هو الصبر أو القبر . ثم أنشاء يقول :
رب من أشجاه ذكري وهو لم يخطر ببالي
قلبه ملآن من بغـ ـضي وقلبي منه خالي
لقد مررت بقاص من أصحابنا شيخ كبير وحوله جماعة من أصحابنا المجبرة وهو يقص , فقرأ قارئ قوله تعالى : { وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين } .
فقال ذلك الشيخ : أيها القوم ! الصدق منجاة , و ما ذنب الشيطان في الوسوسة ؟ وما ذنب آدم وحواء في أكل الشجرة ؟ أما علمتم أن الله خلق الوسوسة في الشيطان ومنعه من خلافها , وأرادها منه وقضاها عليه , وخلق الأكل فيهما ولم يقدرا على تركه وأراد منهما الأكل ثم يقول : { ألم أنهكما عن تلكما الشجرة } , ومن الشيطان حتى يقدر على شيء ؟ ومن آدم وحواء حتى يقدرا على أكل الشجرة ؟ الكل من الله . وبكى و بكى الناس حوله وقالوا : صدقت ! فقام من غمار الناس معتزلي أخذته الرعدة وعينه تفيض من الدمع , وقال أف لكم يا معشر المجبرة و سوأة لكم ! أتبرئون الشيطان وتوركون الذنب على الرحمن ؟ أما تستحيون من ربكم ؟ أما لكم عقل يردعكم ؟ أما لكم دين يمنعكم ؟ { أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون }وارتفعت الضجة وتفرق الناس , وأنا شاكر لسعيكم ذاكر لما كان منكم .
واجتمع عندي المشايخ يوماَ يتذاكرون . فقام معتزلي من الجن وقال : يا قوم لٍمً لم يسجد هذا الشيطان لآدم وقد أمر به ؟ فقالوا : لأنه منع منه بموانع كثيرة , لم يخلق الله فيه السجود ولا أراده ولا قضاء ولا أقدره عليه , بل خلق فيه تركه وأراده وقضاه وقدره , وخلق فيه القدرة الموجبة لتركه وأغراه بتركه وزين ذلك في قلبه , ثم كلفه ما لا يقدر عليه , فما ذنب هذا المسكين ؟ فقال المعتزلي : فلماذا لعنه وعاقبه؟ فقالوا : الملك ملكه , لو عاقب آدم وسائر الأنبياء والأبرار وأثاب فرعون وسائر الكفار كان عدلاَ منه . فقال لهم : بعداَ لكم وسحقاَ مع هذه المقالة ! فقصدوه بالنعال فهرب . وعرفتم حقي وحميتم ذماري . ولقد جمعني وإياكم وإياهم مجلس فقراء قارئ : {ألم أعهد إليكم يا بني أدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين . وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم . ولقد أضل منكم جبلا كثيراَ } فقال صدر من صدور المجبرة وشيخ من مشايخهم : ما ذنب هذا المسكين يلعنه ويوبخه ؟ أليس خلق فيه العداوة والإضلال , فما بال هذا الاعتلال ؟ فقال القوم : صدقت ! فقام معشر من المعتزلة وقالوا : كذبت وكذبوا ! بل الله بريء من ذلك . ولعنوني وإياكم , وارتفعت الضجة , وتعدى المقال إلي القتال , وتفرقنا ونحن على شر حال .
و حضرني مشايخ يوم عيد وشكوا المعتزلة وقالوا : فعلوا بنا كذا وكذا وقالوا لنا كذا , وإذا واحد من غمار الناس يصيح ويقول : من فعل ذلك ومن قاله ؟ انحن فعلناه فقد تركتم مذهبكم , أم الله فعله , فارضوا بقضائه وإلا كفرتم .
ولقد علمتم ما فعل الناقص بأخينا الوليد حين خرج عليه في الغيلانية , وسمعتم ما فعل من الأفاعيل بالمروانية , وبلغكم ما فعلوا بأصحابنا في أيام العباسية , وما فعلوه المأمون وأقرانه بنا من تشتيت كلمتنا والإغراء بأهل مقالتنا , وما جراء من القتل والصلب في أيام ابن أبي دؤاد , وما كان من قطع الألسن في أيام ابن عباد , وما كان من نصرة العلوية الخارجين في نصرة الاعتزال , وما جرى على أصحابنا من ملوك آل بويه من الإذلال , ثم ما كان في أيام ركن الدولة من محن جمة وبلية وغمة من شيخ مصفوع ومجلس مرفوع ومذهب مدفوع . ولقد اجتمعت معتزلة الجن عليً وعلى أتباعي وأعواني و أشياعي و أخواني بالمقال والفعال , فنحن بين ثلاث : بين فقيه منبره منكوس وحظه مبخوس ونجمه منحوس , وبين ثان في السجن محبوس وله من الذل والصغار ملبوس , وبين ثالث ترك عمره ودخل بغمه قبره , فأليكم المشتكي وبكم المستعان .
الباب الثاني في التوحيد والتشبيه
فكرت وقلت : مدار هذا الأمر على التوحيد وبذلك باينت هذه الفرقة سائر الفرق وهذا الدين سائر الأديان , وعلمت أن مما اجمعوا عليه وعلم من دين الرسول _صلى الله عليه وآله وسلم _ ضرورة أن الله تعالى واحد لا ثاني له ولا شبه له ولا مثل له , و أني إن ألقيت إليهم خلاف ذلك لا يقبلونه , فدبرت وأتيتهم من خلفهم وعن إيمانهم وعن شمائلهم كما وعدت , وقلت : لابد لهذا الأمر من تحصيل ولهذه الجملة من تفصيل . ألقيت إليهم التثنية والتثليث معنى وإن خالف لفظاَ , وقلت : إن مع الله قدماء : قدرة قديمة وعلم قديم وحياة قديمة حتى ألقيت أن القدماء تسعة وأكثر .
فقبلتم عني أحسن قبول وصنفتم فيه الكتب ودرستم بذلك في المدارس وناظرتم فيه بالمجالس . غير هؤلاء المعتزلة من الجن والأنس فإنهم آبوا اشد الإباء وقابلوني بالعداوة والبغضاء , وقالوا : هذا موافقة للمانوية في التثنية وللنصارى في التثليث , و للطبائعية في قدم الطبائع الأربعة , وللمنجمين في القول قدم الكواكب السبعة . و إنما الدين القويم بأن الله واحد قديم وما سواه محدث فهذا موافقة جمل دين المسلمين وما أتى به خاتم النبيين . وزاد شيخنا أبو عبد الله بن الكرام حتى عد قدماء كثيرة وسماها أعراضاَ و أغياراَ . فكفرهم المعتزلة بذلك , وذكروا في ذلك حججاَ وتلوا : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا اله واحد } وذكروا أن نصرانياَ كان يناظر بالكلام في الكلام , فإذا أتاه مجبر قال : أليس أن الله خلق في الكفر وأنا لا اقدر على تركه ؟ فيقول : نعم , فيقول : فما معنى مناظرتك لي ؟ وإذا أتاه مشبه قال : أنت يا أخي زدت علي ! فإني قلت ثالث ثلاثة وأنت تقول رابع أربعة وخامس خمسة وتاسع تسعة , وإذا جاء المعتزلة قال : خذ السلاح وآخذه فالقتال بيني وبينك .
فصل
فكرت وقلت : إن ألقيت إليهم عبادة الوثن لا يقبلون , فألقيت ما هو في معناها وهو أن الله ذو صورة و أعضاء , له وجه وجنب ويد وساق وعين ولسان , وأنه جسم . أما المعتزلة فقابلوني بالرد وقالوا : هذه عبادة الأوثان ونعوذ بالله من نزغات الشيطان , وذكروا أن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض ولا يشبه شيئاَ , وأنه تعالى ليس له أعضاء ولا أكفاء ولا أنداد ولا أضداد , وأنه واحد { ليس كمثله شيئاَ وهو السميع البصير } , وأنه لو كان جسماَ لكان مؤلفاَ مركباَ مصوراَ محدثاَ _تعالى الله عن ذلك .وأما انتم فقبلتم احسن قبول وصنفتم فيه التصانيف ورويتم فيه الأحاديث ووضعتم فيه الأسانيد , وفصلتم عضواًَ عضواَ وجعلتم لكل عضو بابا ودونتم في كل بابِ كتاباَ وسميتموها مذاهب السنة والجماعة .
فسُئل شيخنا الهليجي عن قوله تعالى : { ليس كمثله شيء } ما معناه مع قولك إنه جسم ذو أبعاض وأعضاء ؟ فقال : هذا لا معنى له ؟
وسُئل أحمد بن العباس عن قوله تعالى : {وإن له عندنا لزلفى } , قال: هو الدنو . وكان يقول بالمؤانسة والمجالسة والمحادثة والخلوة .
وسئل بعضهم عن قوله تعالى : { عند مليك مقتدر } فقال : يقعده معه على سريره ويعلفه بيده .
وسأل بعضهم معاذ العنبري : أله وجه ؟ قال : نعم . قلت : فعين ؟ قال: نعم , حتى عددت جميع الأعضاء من أنف وأذن وصدر وبطن وهو يقول نعم, فاستحييت أن اذكر الفرج فأوميت بيدي إلى فرجي , فقال : نعم !! فقلت : ذكراَ أو أنثى ؟ قال : ذكر !!! ففرح القوم .
غير هؤلاء المعتزلة فإنهم لعنوه وكفروه ولقد شكرنا جميعاَ سعي ابن خزيمه في تصنيفه كتاباَ في أعضاء الله , وذكره ما شهد به . وذكر بعض أصحابنا أنه أشكل عليه من أعضاءه الفرج وقال : لا نجد ذلك في الكتاب والسنة أنه ذكر أو أنثى , فقيل له أنه أنزل في كتابه : { وليس الذكر كالأنثى } , فقال : أفدت و أجدت ! وأودعه كتابه .
ودخل إنسان على معاذ بن معاذ في أيام التشريق _ وهو شيخ جليل من مشايخنا _ وبين يديه لحم سكباج يأكله , فسأل عن مسألة التشبيه , فقال : هو والله مثل الذي بين يدي , لحم ودم !! .
وشهد معتزلي عند معاذ بن معاذ وعدل , فقال : لقد أحببت أن أسقطك لكنك عدلت , لأني سمعت أنك تلعن حماد بن سلمة . فقال : أما حماد فلم ألعنه , ولكن ألعن من روى أنه تعالى ينزل يوم عرفة على جمل أحمر في قميص من ذهب , فإن كان حماد يروي هذا فهو ملعون . فقال: أخرجوه ! فأخرجوه .
وعن محمد بن أبي الأسود خرجنا إلى المصلى يوم العيد , وإذا جماعة مع الأمير يضرب بالطبول ويؤتي بالأعلام . فقال واحد من خلفنا : اللهم لا طبل إلا طبلك ! فقيل له : لا تقل فليس لله طبل . فبكى وقال : أرأيتم هو يجيء وحده ويجلس وحده ولا يضرب بين يديه طبل ولا ينصب له علم؟ إذاَ هو أدون من هذا الأمير !!! فأنظر كيف رد على هذا المعتزلي .
وروى مشايخنا أنه تعالى أجرى خيلاَ فخلق نفسه من عروقها , وأنه لما أراد خلق آدم نظر في الماء فرأى نفسه فخلق آدم على صورته .
ورووا أنه تعالى يضحك حتى تبدوا نواجذه .
ورووا أنه أمرد جعد قطط في رجليه نعلان من ذهب , في روضة خضراء على كرسي تحمله الملائكة , وأنه يضع رجلاَ على رجل ويستلقي وأنها جلسة الرب .
ورووا أنه خلق ملائكته من زغب ذراعيه .
ورووا أنه يحاسب الناس يوم القيامة وهو على صورة آدم .
ورووا أن له حجباَ يحجبونه .
ورووا أنه اشتكت عينه فعادته الملائكة .
ورووا عن النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ قال : ( رأيت ربي في أحسن صورة فسألته في ما يختلف الملأ الأعلى فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها فعلمت ما اختلفوا فيه ) .
ورووا أنه ينزل إلى السماء الدنيا في النصف من شعبان .
ورووا أنه جالس على العرش وقد فضل منه أربع أصابع فيقعد معه النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ وذلك المقام المحمود .
ورووا أنه يأتي يوم القيامة فيقول أنا ربكم ! فيقولون : نعوذ بالله منك ! فيقول : أتعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون بيننا وبينه علامة فيكشف لهم عن ساقه وقد تحول في الصورة التي هو عليها فيعرفونه .
ورووا أن العرش إذا رضي الله خف وإذا غضب ثقل فيعرف بذلك حملة العرش غضبه ورضاه .
ورووا أنه يأتي في غمام تحته هواء وفوقه هواء .
ورووا أن له خنصراَ وبنصراَ وإبهاماَ , فتركوا السبابة والوسطى وعدوا بأصابعهم .
وقال بعض المعتزلة يوماَ _ وقد حضر مجلسنا _ : أنتم يا معشر المشبهة تروون الحديث وضده , كما قال بشر بن المعتمر :
يروي أحاديث ويروي نقضها مخالف بعض الحديث بعضها
ثم تصححون الجميع ولا تعرفون وتروون مالا تعلمون . مثلكم كما قال الله تعالى : { كمثل الحمار يحمل أسفارا } . ثم أخذ في رواية معايب مشايخنا فقال : من عجيب أمركم أن شيخاَ من شيوخكم روى حديثاَ فقال : حدثني فلان عن فلان عن النبي عن جبريل عن الله عن رجل ! فقيل : هذا لا يكون . فنظروا فإذا هو عز وجل .
وذكر الفقيه أبو الأسود أنه كان بطبرستان قاص يقص من المشبهة , فقال يوماً في قصصه: إن يوم القيامة تجيء فاطمة ومعها قميص الحسين تلتمس القصاص من يزيد , فلما يراها الله من بعيد يقول ليزيد : أدخل تحت العرش لا تظفر بك فاطمة , فيدخل و يختبأ وتتظلم فاطمة بين يدي الرب وتبكي , فيقول لها الرب : يا فاطمة ! انظري إلى قدمي به جرح من سهم نمرود وقد عفوت عنه فاعف عن يزيد , فعفت عنه .
وروى آخر حديثاَ فقال : وجدت في كتابي < الرسول > ولا أجد < الله > فاكتبوا : شك الشيخ في الله !!!!
ومرض أبو علي الحافظ النيسابوري , فدخل عليه أبو القاسم الزجاجي يعوده , فأخرج إليه كتاب وصية يشهده عليه , فقال : هذه وصية لابنتك وهذا لا يجوز , قال : لا نأخذ بقياسكم وإنما نقول بالأحاديث . فقال : ليس هذا بقياس , هذا نص رسول الله _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ : ( لا وصية لوارث ) . قال : هذا الحديث معي مكتوب مسموع بستة عشر إسناداً لكن لم اعرف أن الوصية للبنت لا تجوز .
ودخل بعض الفقهاء على يحيى بن معين , فلما خرجا من عنده سُئلَ عنه فقال : دينه شك وفتياه وقف وكلامه طعن ! قيل : كيف ؟ قال : إذا قيل له أمؤمن أنت ؟ قال : إن شاء الله , وإذا سئل عن مسألة روى أقاويل الناس , فإذا قيل له بما تأخذ ؟ وقف , وإذا قيل له قتادة قال قدري , وإذا قيل جابر قال رافضي .
ثم أنشأ يقول :
ولابن معين في الرجال مقالة سيسأل عنها والمليك شهيد
فإن كان صدقاَ فالمقالة غيبة وإن كان كذباَ فالعذاب شديد
وأنشد بعض المعتزلة يوماَ بحضرة جماعة من مشايخنا , مشافهاً لهم :
يا خائضاَ في غمرة الشكوك مفكراَ في صفة المليك
كفكرة المشبه الركيك فكرك فيه مالك الملوك
ومالك ليس بذي شريك لا يدرك المالك بالمملوك
وحضرت يوماَ مجلساَ قد جمعهم وإيانا , فقال بعض المعتزلة لبعض المشبهة : أتقولون لله يد ؟
قال : نعم .
قال : لِم ؟
قال : لقوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم } .
قال : فقل له يدان لقوله تعالى : { بل يداه مبسوطتان }.
قال : كذا نقول .
قال : فقل له ثلاثة أيدي لقوله تعالى : {مما عملت أيدينا }.
فانقطع ...
ثم قال له : أتقول له عين ؟
قال : نعم .
قال : لِمَ ؟
قال : لقوله تعالى : {ولتصنع على عيني }.
فقال له : فقل له أعين لقوله تعالى { تجري بأعيننا } .
ثم قال : ألستم تقولون أن كلتا يديه يمين ؟
قال : بلى !!