الكتاب : حي على خير العمل- محمد سالم عزان
[موقع يعسوب الدين عليه السلام]

[ 1 ]
محمد عزان
حي على خير العمل بين الشرعية والابتداع
---

[ 2 ]
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الاولى 1419 ه‍ - 1999 م
تم الصف والاخراج النور للدارسات والبحوث والتحقيق
اليمن صعدة
---

[ 3 ]
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن صحابتة الراشدين. وبعد.. فإن كثيرا من الخلافات بين المسلمين أفرزتها ردود الأفعال، وظروف الدول، والتعمق في بحث الجزئيات والتفاصل بتعصب أعمى وسوء فهم، إلى جانب السهو والغلط والركود الفكري، ونحو ذلك من العوامل المؤثرة على نقاء الفطرة وسلامة التفكير. وقد ورثت الأجيال تلك الخلافات، وضاعفها الزمن، وتجاذبها المختلفون حتى بلغت إلى ما هي عليه اليوم حيث يسعى كل من المختلفين إلى تشويه وطمس معالم
---

[ 4 ]
مخالفة، واتهامه بالابتداع، ومخالفة السنة النبوية، واتباع غير سبيل المؤمنين، مما يؤدي إلى التنازع والفشل. ولا شك أن ذلك الواقع يدعونا إلى مراجعة كثير من المسائل الموروثة عن البيئة المذهبية، الناتجة عن تأثير المحيط الثقافي، ويلزمنا أن ننفذ بأبصارنا إلى ما وراء جدر المذهبية، ونعود إلى منابع الشريعة الصافية، وندرس ما التبس علينا على ضوئها دراسة موضوعية، بعيدة عن الجمود القاتل، والحرفية الخانقة، كخطوة أولى على طريق التوحد في مناهج التفكر والفهم. ولاشك أن مما يساعد على ذلك: العمل على كشف الحقائق وإبراز البراهين والتعليلات الصحيحة لكل المسائل المتنازع فيها، علمية كانت أو عملية، لأن إبراز الحجة وإيضاح الدليل على أي مسألة خلافية بين المسلمين تعرف المخالف أن لمخالفة حجة، وأنه يستند إلى دليل فيما يذهب إلية، فيعذره ولا يتعامل معه كمستهين بالشرع ومبتدع ما لا يجوز، وقد يتبين له أن ما عند مخالفة هو الصواب الذي يجب الذهاب إليه والعمل بمقتضاه، وهذا
---

[ 5 ]
بدوره يقرب بين المسلمين ويرشدهم إلى إمكانية الاختلاف بعيدا عن التفرق والتنازع. وهذا مما دفعني للبحث في هذه المسألة، إلى جانب محاولة توثيقها من الناحية الشرعية، خصوصا مع شدة تأثير الثقافة المجلوبة من هنا أو هناك والتي صيرت البعض يدعو إلى الغاء (حي على خير العمل) في البلدان التي ما زالت تذكر فيها بدعوى التوحد مع الأذان الرسمي لبقية البلدان العربية، وكأن المسألة مسألة قومية لا شرعية. وهنا أود أن أؤكد على أن كتابتي لهذا البحث لاتعني أنني أعتقد أن من للا يؤذن (بحي على خير العمل) قد ارتكب جرما لا يغتفر، وإنما قصدت طمأنت من يلازم التأذين بها بأن له أدلة ومستندات شرعية لا يستهان بها. هذا إلى جانب تنبية من لا يؤذن بها على أن لمخالفية حججا وبراهين تدعوهم إلى التأذين بها وتمنع من وصفهم بالبتداع وملازمة ما لم يشرع. ومعرفة ذلك من شأنة أن يخفف وطأة التعصب وأثر الخلاف، فهو يدفع بالمنصف نحو التأمل ومراجعة
---

[ 6 ]
المسلمات الموروثة، ويشجعة على قبول الحجج المعقولة بعيدا عن الحرفية والتحجر. أما المتعصب فلا يجد أمامه إلا التخبط والاضطراب الذي يكون سببا في انكشاف حقيقة أمام الآخرين. وأنا أرحب بأي حوار موضوعي حول هذه المسألة شريطة أن ينبني على أسس وضوابط علمية معقولة، فمعرفة الحقيقة مطلب كل منصف، وضالة كل باحث. وأحب أن أنبه هنا أنني قد اعتمدت كثيرا في هذا البحث على كتاب (الأذان بحي على خير العمل) للحافظ أبي عبد الله العلوي، وما ضمنتة من الهوامش والتعليقات أثناء تحقيقة، وإنما لم أكتف به لأسباب لاتخفى، من أهمها أن أسلوبة أسلوب المراجع في الاكتفاء بسرد الأدلة بعيدا عن المناقشة والاستنتاج. فأسأل الله أن يكون هذا البحث مما يساعد على معرفة الحقيقة ويبعث على التساؤل والتأمل في هذه المسألة وما يشابهها، وينفع به كل مطلع عليه، أنه سميع مجيب.
---

[ 7 ]
مدخل البحث إن مما يثير الإستغراب ويدعو إلى التساؤل ما وقع بين المسلمين من الخلاف في صفة الأذان للصلاة، وذلك أننا نسمعة اليوم يؤدي بكيفيات فيها شئ من الاختلاف، فتارة يؤدى وفية: (حي على خير العمل)، وتارة يؤدى وهو خال منها، وأخرى يدرج فيه، أن كان لصلاة الفكر: (الصلاة خير من النوم) ومن الناس من يحشر فيه: (أشهد أن عليا ولي الله)، ومن الناس من يربع التكبير ومنهم من يثنية، كل ذلك رغم أنه كان ينادى به في حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحضرة أصحابة رضي الله عنهم مدة طويلة، يسمعة آلاف المسلمين ويتناقلونه!! والسؤال الذي يطرح نفسة بإلحاح، هو: ما هي الألفاظ التي كان الأذان أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتكون منها؟ ولماذا حشر فيه ما ليس منه؟ وهل هناك مبرر مقبول ومعقول لتنحية بعض الفاظة؟ ولعلة يمكنني القول أن منشأ الخلاف في ذلك أن من
---

[ 8 ]
أهل النظر والفقة من رأى أن الأذان ألفاظ شرعية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان، وأنه ضمن الدائرة المغلقة التي لا يجوز الاجتهاد فيها، وليست قابلة للتغيير تحت أي مبرر. ومنهم من رأى أنه مجرد نداء لحضور الصلاة فليس ثمة ما يدعو للحرج - في نظرهم - من حشر لفظة فيه أو تنحية أخرى منه، إذا وجد المبرر لذلك. فأما بالنسبة لزيادة: (أشهد أن عليا ولي الله) فهي إضافة يختص بها اتباع المذهب الجعفري، ولم يزعم أحد من علمائهم المحققين أنها كانت في أذان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد برروا إدخالها في الأذان بأن ولاية الإمام علي خالفة للنبوة والإيمان بها ركن لايتم الإيمان إلا به، إضافة إلى أن الإمام علي بن أبي طالب علية السلام تعرض للسب فوق المنابر أيام الأمويين، ومن الوفاء له أن يرفع اسمه في الأذان. وقد ذكر الشيخ الصدوق - وهو من كبار علماء الجعفرية - صفة الأذان وفية لفظ: حي على خير
---

[ 9 ]
العمل، وليس فيه لفظ: علي ولي الله. ثم قال: هذا هو الأذان الصحيح الذي لا يزاد فيه ولا ينقص منه. ثم انتقد من زاد فيه لفظ: علي ولي الله، وقال: لاشك أن عليا ولي الله، ولكن ذلك ليس في أصل الأذان (1). وأما بالنسبة لزيادة: (الصلاة خير من النوم)، فذلك خاص بأذان الفجر، وإنما يقولها البعض بحجة أنها تذكر الإنسان بأن قيامة لصلاة الفجر خير مما هو فيه من الراحة والنوم، وقد روي أنها لم تكن في الأذان وزيدت فيه أيام رسول الله صلى اللهه عليه وآله وسلم، وروي أنها إنما أضيفت إلى الأذان في زمن متأخر عنه. وأما بالنسبة (لحي على خير العمل) فقد رويت أحاديث تؤكد ثبوتها في أذان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي أذان كثير من الصحابة.. كما وردت روايات متعددة تشير إلى أنها ما نحيت من الأذان إلا في أيام الخليفة عمر بن الخطاب لمصلحة رآها، وهذا
---

1 / 9
ع
En
A+
A-