قلنا: الخير والشر يحصل من فاعل مختارٍ، كالواحد منا يضرب مظلوماً ويُطعم جائعاً.
وبعد أليس يجوز في الجسم المتحرك أن يسكن، وفي الحار أن يبرد!.
فإن قال: لا، كابر، وإن قال: نعم.
قلنا: فإذا كان القديم مريداً بإرادة لا في محلٍّ واختصاصها بهما على السواء، فإذا صار أحدهما مريداً لشيء صار أحدهما مريداً له، فوجب أن لا يصح أن يريد أحدهما شيئاً لا يريده الآخر، وذلك ينقض كونهما قادرين.
ويقال لهم: أيصح من الواحد مناّ أن يصدق بلسان ويكذب به؟.
فإن قالوا: لا، كابروا، وإن قالوا: نعم، أضافوا الخير والشر إلى واحد، وكذلك يلزمهم في القلب يريد به الخير والشر ويعتقد العلم والجهل، ويلزمهم في اليد يصرف بها ويتصرّف.
ويقال لهم: هذه الأشخاص الحية أليس هي مركبة من النور والظلمة عندكم؟ فلا بد من بلى، فيقال: إذا كان النور حياً والظلمة ميتة وجب أن يكون الشخص حياً ميتاً، حسناً قبيحاً، خيراً شراً وهذا باطل.
ويقال: ما تقولون في شخص حسن اللون خيّر لا يقدر على شرّ، وآخر قبيح المنظر شرِّير، هل الأول من النور والآخر من الظلمة أو هما من النور والظلمة؟.
فإن قالوا بالأول بطل أصلهم في الامتزاج، وإن قالوا بالثاني.
قلنا: فَلِمَ اختص أحدهما بالخير والحسن، والآخر بالقبح والشر؟.
فإن قالوا: لأن النور في الأول غالبة والظلمة في الثانية.
قلنا: وما الذي أوجب الغلبة لهما في موضعين والامتزاج وقع على السواء؟.
وبعد فإن صار هذا الشرير خيّرا والخيّر شرّيراً أيجوز أم لا؟.
فإن قال: لا كابر، وإن قال: نعم.
قلنا: فَلِمَ صار الغالب مغلوباً وكان يجب أن لا يتغير.

مسألة في نفي المكان والجهة
الَّذي يقوله مشايخنا: أنه تعالى لا يجوز عليه المكان والجهة، والمشبهة بأسرها يثبتون له مكاناً وجهةً، ومنهم من يقول: هو على العرش مستقر.
يقال لهم: المصحح لكون الشيء في مكان وجهة التحيز، أفتقولون إنه متحيزٌ أو لا؟.
فإن قالوا: لا أحالوا الوصف مع عدم التحيز بالجهة كالأعراض، وإن قالوا متحيِّزٌ.
قلنا: فوجب أن يكون مثلاً للأجسام؛ لأن التحيز من الصفات الواجبة التي توجب التماثل.
ويقال: التحيز كما نصحح كونه في جهة الفوق نصحح كونه في سائر الجهات، فوجب أن يكون في جهة أخرى، وإذا جاز الجميع وجب أن يكون في الجهات لمعنى، فيدلّ على حدثه وذلك باطل، وعند هذا قالوا: إنه غير متناهي من خمس جهات ومتناهي من جهة التحت فالتحقوا بالثنوية، وما قالوا في النور أنه غير متناهٍ من خمس جهات متناه من جهة التلاقي مع الظلمة.
ويقال لهم: إذا كان في جهة هل يقدر أن يصير إلى جهةٍ أخرى؟.
فإن قالوا: نعم.
قلنا: فقد جوّزتم عليه المجيء والذهاب وذلك يوجب حدوثه.
فإن قالوا: لا.
قلنا: ألستم تقولون في إثبات المكان على الشاهد، وما علمنا في الشاهد من جهة يجب أن يصير في جهة أخرى.
ويقال لهم: أيجب كونه في هذه الجهة التي هو فيها أم لا وهو جائز؟.
فإن قالوا: يجب.
قلنا: فكلّ ما شاركه في كونه في جهة وجب أن يكون واجباً أيضاً، إذ لا فاصل والمصحّح واحد.
فإن قالوا: يجب ولا يجوز.
قلنا: فيجب أن يحصل فيها بمعنى وذلك يدلّ على حدوثه.
ويقال لهم: أهو على العرش أم لا؟.
فإن قالوا: بلى.
قلنا: فهو مثل العرش أو أكبر أو أصغر؟.
فإن قالوا: مثل العرش أو أصغر أثبتوه محدوداً، وإن قالوا أكبر جعلوه محدوداً؛ لأن الشيء لا يوصف بأنه أكبر من شيء إلا وهما محدودان.

ويقال لهم: أكلّه على العرش أم بعضه؟ أم هو على بعض العرش؟.
فإن قال: هو على بعض العرش بطل أصلهم أنه غير متناهي، وإن قالوا كله على العرش بعّضوه وكل ذلك باطل.
ويقال: أيصح أن يوصف الله تعالى بأنه على حمار؟.
فإن قالوا: نعم، قلنا: فما الفرق بيننا وبينه، وإن قال: لا.
قلنا: أيقدر أن يقلب العرش حماراً؟.
فإن قالوا: نعم.
قلنا: فهو فعله، أليس كان على حمار، وحسبهم بهذا خزياً.
ويقال لهم: أليس قال تعالى: ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ?[الشورى:11]، فكيف له مكان وجهة وذلك من صفات الأجسام؟!.
ويقال لهم: أليس من في الشرق يدعو ويرفع يديه، ومن في الغرب كذلك، فلا بد من: بلى.
قلنا: أهو في مكان أم لا؟.
فإن قالوا: بلى.
قلنا: فقد ناقضت حيث أثبته محتاجاً إلى مكان وجهة.
قالوا: إذا كان قائماً بنفسه وجب أن يكون في جهة.
قلنا: ولِمَ؟.
قالوا: لأن في الشاهد كذلك.
قلنا: فوجب أن يكون جسماً؛ لأن كل قائم بنفسه جسم، ويجب أن يجوز أن يصير إلى جهة أخرى، وإنما كان في الشاهد كذلك لكونه جسماً.
قالوا: أين هو؟ خارج العالم أو في العالم؟.
قلنا: أين، سؤال عن المكان وليس لله مكان.
فإن قالوا: كل موجودين إذا لم يكن أحدهما بجنب الآخر كان بجهة منه كالشاهد.
قلنا: ولِمَ وجب ذلك في الغائب؟ وبعد فإن في الشاهد الجواهر بجهة منه، والله تعالى ليس بجوهرٍ ولا عرضٍ فلذلك اختلفنا.
فإن قالوا: أليس الله تعالى قال: ?الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى?[طه:5].
قلنا: معناه استولى، أي: هو قادر على خلق العرش، وإنما خص العرش لعظمه، كقوله: ?رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ?[التوبة:129].
فإن قالوا: قال تعالى: ?وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ?[الأنعام:18].

قلنا: المراد فوقهم بالقهر والقدرة لا بالمكان.
فإن قالوا: قال تعالى: ?وَجَاءَ رَبُّكَ?[الفجر:22].
قلنا: المراد أمر ربِّك، كقوله: ?فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ?[النحل:26].
فإن قيل: أليس المسلمون يرفعون أيديهم في الدعاء نحو السماء؟.
قلنا: إن العرش قبلة الدعاء كما أن البيت قبلة الصلاة.
فإن قالوا: قال تعالى: ?أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ?[الملك:17].
قلنا: ليس في الآية من الذي في السماء فيحتمل أنه أراد الملائكة، ويحتمل أنه أراد من في السماء عذابه وحكمه.

مسألة في الرد على النصارى
الذي نعقل من كلام للنصارى أن يقولوا في التثليث أنه ثلاثة آلهة، ويقولوا واحدٌ له ثلاث صفات، فإما أن يقولوا ثلاثة في الحقيقة واحدٌ في الحقيقة فيستحيل ويتناقض ولا يعقل، والمعقول من الاتحاد الحلول أو المجاورة، فأما أن يقال يصير الشيئان شيئاً واحداً والقديم محدثاً والمحدث قديماً فغير معقول.
فإن قالوا بثلاثة آلهة، فما بيَّنا في نفينا الاثنين يُبطل قولهم، وإن أثبتوا ثلاث صفات قديمة، فما بينَّا في الكلام على الكلابية يُبطل قولهم، وإن قالوا بالمجاورة فذاك من خاصة الجسم، وقد بينا أنه ليس بجسم.
فإن قالوا: كل فيه، فذاك من صفة العرض، وقد بينا أنه ليس بعرض.
وبما قدَّمنا يبطل قول عبّاد الأصنام والصابين في نفي الاثنين يبطل قول جميع أصحاب المتوسطات، وكذلك ما قدمنا على المنجمين والمفوّضة فلا معنى للإكثار.

مسألة في نفي الرؤية
الذي يقوله مشايخنا - رحمهم الله - أنه تعالى ليس بمرئيٍّ في ذاته، ومن خالفنا فيه على أقوال:
فمنهم: من يثبته جسماً فلا بد أن يرى، فلا نكلمهم في ذلك بل نكلمهم في الأصل.
ومنهم: من يقول: ليس بجسمٍ ويثبت الجهة، وهم المشبهة فهم كالأولين.
ومنهم: من نفى التشبيه والتجسيم والجهة وأثبت الرؤية، فهؤلاء الذين نكلمهم في مسألة الرؤية.
فيقال لهم: أتثبت الرؤية وتنفي الجهة؟.
فإن قال: نعم، قلنا: ناقضت؛ لأنك أثبت الرؤية فلما نفيت الجهة، والرؤية لا تكون إلا في جهة فقد نفيتها.
ويقال لهم: أهو مدركٌ بجميع الحواس أو بحاسة مخصوصة؟.
فإن قال: بحاسة العين – وهو مذهب أكثرهم-.
قلنا: فكل ما يختص إدراكه بحاسة البصر يكون من جنس الألوان.
ويقال لهم: أليس القديم تعالى على الصفة التي لو رأى كان عليها؟ فلا بد من: بلى؛ لأن التغير عليه مستحيل، فيقال: أليس نحن على صفة تدرك المدركات؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أليست الموانع من الرؤية التي هي معقولة تستحيل عليه، كالبعد المفرط والقرب المفرط والحجاب واللطافة والدقة أو يكون بين محله وبين الرائي أحد هذه الوجوه؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فلو كان مرئياً لوجب أن نراه، ولئن جاز مع هذا أولى لجاز أن يكون بين أيدينا فيلة عظيمة لا نراها.
فإن قال: إنما يدرك المدرك منا بإدراك وذلك الإدراك فعل الله تعالى، فإذا فعل في الحاسة أدركناه.

قلنا: فهذا يؤدي إلى ما ألزمناكم من كون فيلة بين أيدينا لا نراها مع صحّة الحواس، وتضرب طبول وبوقات لا تسمع مع صحة الحاسة، ويؤدي إلى أن يدرك منا بقّةً في الصين ولا يدرك خيلاً بين يديه، ويؤدي إلى أن يكون بين يديه شيئان مستويان يدرك أحدهما دون الآخر، وأن يدرك من الشيء بعضه دون بعض، ويؤدي إلى أن يكون بين يديه صغير وكبير ويرى الصغير دون الكبير.
ويقال لهم: أليس الواحد كما لا يرى إلا ما كان مقابلاً أو في حكم المقابل؟ فلا بد من: بلى.
قلنا: فإذا لم يجز على القديم سبحانه وتعالى وجب أن لا يصح أن يُرى.
ويقال: أهل الجنّة يرونه في جميع الأوقات أو في بعضها؟ فإن قال بالأول كان سائر النعيم لغواً، وإن قال بالثاني كان النعيم مُنغصاً.
ويقال: أليس المرئيات أجناساً مخصوصة، كما أن المسموعات أجناس مخصوصة، وكذلك المذوقات والمشمومات؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أليس ما كان مسموعاً كان من جنس الأصوات، كذلك كل ما كان مرئياً كان من جنس المرئيات وهو الجوهر واللون.
ويقال: أليس القديم سبحانه تمدح بنفي الإدراك بقوله: ?لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ?[الأنعام:103]، وكل ما كان نفيه مدحاً يرجع إلى ذاته كان إثباته نقضاً؛ لأن النفي بمجرده لا يكون مدحاً فوجب أن لا يرى بحال، كقوله: ?لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ?[البقرة:255].
ويقال لهم: أليس لما سأل موسى الرؤية بقوله: ?رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي?[الأعراف:143]، فنفى الرؤية نفياً عاماً من غير تخصيصٍ.
فإن قال: لولم تجز لما سأل موسى.

قلنا: سأل عن قومه ولذلك أخذتهم الصاعقة، وقد قالوا: ?أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً?[النساء:153]، ولذلك عظّم فعلهم بقوله: ?فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ?[النساء:153].
فإن قال: أليس قال: ?وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ?[القيامة:22-23]؟
قلنا: كلامنا في الرؤية لا في النظر، والمراد بالآية قيل: الانتظار، وقيل النظر إلى الثواب ويحمل عليها، فكأنه قيل: ينظر إلى ثواب الله ونعمته وينتظر أمثالها أبداً وذلك من تمام النعمة.
فإن قيل: إذا كان موجوداً وجب أن يُرى كالشاهد؟.
قلنا: فيجب أن يكون جسماً أو عرضاً كما في الشاهد كل مرئي جسم أو عرض كما أن كل مرئي موجود.
ويقال: أليس هاهنا أعراض لا تدرك؟، فإن قالوا: يصح أن يدرك الجميع، لزمهم أن يصح إدراك المعدوم.
ويقال لهم: كما نرى في الشاهد إذا لم يكن حالاً كان محلاً، والقديم لا يصح أن يكون حالاًّ ولا محلاً.
فإن قيل: قد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته)).
قلنا: ظاهره يوجب التشبيه، والمراد أنكم ستعلمونه ضرورة من غير كلفة نظر ومن غير دخول شك أو شبهة، وزعم الأشعري أنه يصح إدراكه بجميع الحواس، وقد سبق الإجماع بخلافه، ويلزمه أن يكون من جنس الصوت والطعم وأن يكون جسماً تعالى عن ذلك.

القسم الثالث الكلام في التعديل والتجويز
مسألة في أن الله تعالى لا يفعل القبيح
عندنا: يقدر على القبيح ولا يفعله، وعند المجبرة: يفعله ولا يقبح منه، وعند النظام: لا يقدر على فعل القبيح، وقد ثبت أنه قادرٌ لذاته فلا جنس إلا وهو مقدورٌ له، ولأن القبيح من جنس الحسن، فإذا قدر على الحسن قدر على القبيح.
فأما الكلام في أنه لا يفعل القبيح، فيقال لهم: أليس هو تعالى عالم بقبح القبيح وبغناه عنه، فلا بد من: بلى، فيقال: فمن هذه حاله لا يختار القبيح البتّة إذ كان حكيماً، كالواحد مناَّ إذا استوى عنده الصدق والكذب في النفع والضر فإنه لا يختار إلا الصّدق.
ويقال: الحكيم الذي يقصد الفعل ويفعله مع العلم به لا يفعله إلا لداعي وغرض أو يفعل لا لداعي وغرض؟.
فإن قال: يفعل لا لداعي وغرض كابر العقول، وإن قال لا بد من غرض وداعي.
قلنا: فالقبيح لا داعي فيه إذا علم قبحه وغناه بل قبحه، وإنما الداعي إليه الحاجة والجهل بحاله وهذا لا يجوز عليه، وإنما يقال لهم: إذا خلق الظلم والكذب وسائر القبيح أيحسن منه أم يقبح ويفعله وأي ذلك كان جاز أن تظهر المعجزة على يد كذّاب ويبعث رسولاً يدعو إلى الكفر والكذب؛ لأن ذلك دون خلق الكفر والكذب.
ويقال لهم: أيقدر أن يظهر المعجز على يدي كذاب أم لا؟ فإن قالوا لا فقد وصفوه بالعجز.
وبعد فإحياء الميت مقدور له سواء كان عقيب دعوى عيسى أو كاذبٍ، وإذا كان مقدوراً له فما المانع من فعله؟.
فإن قالوا: يقدر، قلنا: فما تنكر أن جميع ما ظهر على أيدي الأنبياء إنما كان كذلك.
ويقال لهم: أيجوز أن يبعث رسولاً يدعو إلى الضلال والكفر أم لا؟.
فإن قالوا: لا.

قلنا: وما المانع؟. فإذا جاز أن يخلق الضلال جاز أن يبعث من يدعو إليه؛ لأنه دون خلق الضلال.
وإن قالوا: نعم.
قلنا: فما الأمان من جميع من بعث دعوا إلى الضلال؟.
ويقال لهم: أليس يجوز أن يفعل ما هو قبيح في الشاهد يقبح منه أم لا؟ وعلى الوجهين وجب أن يجوز أن يكون في إخباره كذب، ولا نثق بوعده ووعيده، وأن تكون أوامره أمراً بقبيح ونواهيه نهياً عن الحسن.
ويقال لهم: أيجوز أن يفعل كل قبيح ولا يقبح منه عندكم؟ فلا بد من: بلى، فيقال لهم: فجوزوا أن يعاقب الأنبياء والمؤمنين ويثيب الفراعنة، ومن جاز هذا عليه لا يؤمن منه.
فإن قال: لا يجوز عليه الكذب؛ لأنه صادق لذاته.
قلنا: هذه العبارات عندكم فضلة، وبعد فإذا وعد النبي بالثواب أيقدر أن لا يثيبه؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فإذا لم يثبهُ كان وعده كذباً.
ويقال لهم: إذا جاز أن يفعل الظلم والكذب والعبث وجب أن تشتق له منها أسماء، فيقال ظالم كاذبٌ عابث.
فإن قال: أليس يفعل الحركة وليس بمحترك؟ كذلك يخلق الظلم ولا يُسمى ظالماً.
قلنا: المحترك اسمٌ لما حلّته الحركة، لا لمن فعل الحركة، والله تعالى يفعل الحركة ولا تحله، والظالم اسمٌ لمن فعل الظلم.
ويقال: لو وجد في زيد حركة من فعل عمرو أيسمّى محتركاً؟ فلا بد من: بلى، فيقال: لو وجد ظلم من فعل زيد في عمروٍ من يسمى به؟.
فإن قال: عمروٌ، كابر؛ لأنه المظلوم، وإن قال: زيد فقد ظهر الفرق.
ويقال لهم: القبيح إنما يقبح لوقوعه على وجه، نحو كونه كذباً وظلماً وعبثاً، فإذا وجد منه وجب أن يقبح، كما أن الصدق والعدل يقع على وجهٍ فيحسن، ثم يحسن منه إذا وقع على ذلك الوجه كذلك هذا.
فإن قيل: القبيح يقبح للنهي، ولا نهي عليه لأنه مالك.

10 / 21
ع
En
A+
A-