الأول: أن هذا فعل قوم أصحاب الكهف وهم مشركون، ولا دليل على أنه فعلهم.
والثاني: أنه فعلهم وإن فرضنا أنهم قد أسلموا، ويجوز أنهم اجتهدوا وأخطأوا.
الثالث: لو سلمنا أنه شرع من قبلنا فهو منسوخ بشرعنا، فقد تواترت الأخبار بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد... إلخ.
ثم قال مقبل في (ص252): الخاتمة في واجب المسلمين نحو هذه القبة وغيرها، قد عرفت أرشدك الله مما تقدم، ما ورد من الأحاديث في النهي عن البناء على القبور، ولعن المتخذين لها مساجد، وأن اتخاذ القبور مساجد من شعار الكفار، وعرفت أيضا النهي عن الصلاة إلى القبور وعليها إلا صلاة الجنازة، وعرفت أنه ما أدخل القبر النبوي على سكانه أفضل الصلاة والتسليم إلا الوليد بن عبد الملك.
والجواب :: قد عرفنا أن ما ذكره كله لا يفيد مرامه، وعرفنا أن قوله: ما أدخل القبر النبوي إلا الوليد غير صحيح، لأنه نسبه إلى ابن جرير، واطلعنا على كلام ابن جرير وليس فيه.
ثم قال مقبل: ولم يبن القبة إلا الملك المنصور، الملقب بقلاوون.
الجواب :: أفلا تشكرون أن أخرج الحجرة الشريفة من المسجد !! بعد أن زعمتم أن القبر الشريف كان قد أدخل في المسجد، فهو محسن بالفصل بينهما بحائط القبة العظيم.
قال: وبعد هذا لا أخالك تردد في أنه يجب على المسلمين إعادة المسجد النبوي، كما كان في عصر النبوة من الجهة الشرقية.
فالجواب :: أن القبر لم يكن موجودا في عصر النبوة، فلم يكن حاله الأول كذلك.
وقد سبق منه مثل هذه العبارة في (ص239)، فقال: وإن الواجب على المسلمين هو إعادته كما كان من الناحية الشرقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

دعوا كل قول عند قول محمد ... فما آمنٌ في دينه كمخاطر

انتهى.
والجواب :: ما قامت الدنيا وقعدت من عندكم، إلا لأجل القبر، ولم يكن إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما هذه الأنظار ؟!
ولو وجب أن يبقى المسجد كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الجهة الشرقية لوجب من سائر الجهات، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
قال مقبل في (ص252): لا أخالك تردد في أنه يجب على المسلمين إعادة المسجد النبوي كما كان في عصر النبوة من الجهة الشرقية، حتى لا يكون القبر داخلا في المسجد.
الجواب :: هذا غلو مضاعف، فإن المسجد إنما هو محيط بالقبة وهي محيطة بالقبر، وليس القبر من المسجد بل ولا القبة، فأين هذا من اتخاذ القبور مساجد ؟! فكيف يلزم هدم المسجد لئلا يصدق على القبر أنه في المسجد بهذا المعنى ؟! فعلى هذا لو أحاط بالقبة من وراء كيلو متر لوجب هدمه، لأنه قد صدق عليه أن القبر فيه - أي في المسجد - لإحاطته بمسافة كيلو متر من الجهة الشرقية، وهو في ضمن المحاط به. { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } [المائدة:77].
قال: وإنه يجب - أي على المسلمين - إزالة تلك القبة التي أصبح كثير من القبوريين يحتجون بها.
فالجواب :: بل قد عرفنا أنه ليس فيما ذكره شيء يوجب إزالتها.
قال: وقلنا: إنه يجب عليهم إزالتها، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )). متفق عليه من حديث عائشة.
ولمسلم عنها (رض) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )).

ولقوله تعالى: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [الحشر:7].
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه )). متفق عليه من حديث أبي هريرة.
والجواب :: أن بناء القبة ليس حدثا في الدين لوجوه:
الوجه الأول: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دفن في بيته بالأدلة السابق ذكرها في كتابنا، فالحدث هدم بيته، أما إعادة بنائه فليس حدثا، وإن كان هذا البناء أقوى من الأول، ولو لزم هدمه لكونه أقوى للزم هدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعادة بنائه كما كان في عهده صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قدمنا الاستدلال بذلك على أن ليس المقصود بالنهي عن البناء على القبر، أن لا يكون القبر في بنيان، فيدل ذلك على جواز سائر القبب بناء على أصل الإباحة، وإذا لم ترضوا بهذا لزمكم أن يكون دفن أبي بكر وعمر في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثا، لأن الأحاديث في دفن النبي حيث قبض لم تعمهما، لأنهما ليسا من الأنبياء، فأين الدليل على جواز دفنهما في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
الوجه الثاني: أنا لا نسلم أنها حدث في الدين، لأن فيها مصالح دينية ودنيوية، وما كان كذلك لا يعتبر حدثا في الدين، وإلا لزم في كل محدث من البنايات وغيرها وخصوصا أبنية هذا الزمان، وذلك لأنها ظل للزائر من الشمس وكنان من المطر، وعَلَمٌ لموضع القبر للوافد الغريب، وذلك كله ليس حدثا في الدين، لأن جنسه من الدين، وذلك كاف لجعله من الدين وهذا واضح، وإلا كانت زيادة عمر وعثمان حدثا مردودا، وما فيه مصلحة دنيوية، وليس معصية، لمعنى آخر غير معنى الابتداع، فليس منكرا ولا يعتبر حدثا في الدين، كالطائرات وغيرها، وذلك لأن الأصل إباحة الانتفاع بما خلق الله للناس، والدين لم يمنعه، وهو غير داخل في حديث من أحدث في أمرنا. ولذلك لا يلزم إزالة الظلل المحدثة في عرفات.

الوجه الثالث: أن تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشريفه من الدين، لأنه من تعظيم شعائر الله، لأنه تعظيم لأمر الله ودينه، لأنه الذي جاء بأمر الله ودينه، وذلك شعائر الله بل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من شعائر الله وأعلامه، قال الله تعالى: { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا } [الأحزاب:46]، فجعله كالشمس التي قال فيها: { وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا } [نوح:16]. وقد قال الله تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج:32]، والشعائر كلما أُشعر بدين الله وجعله علما من أعلام الدين، ليس خاصا بالصفا والمروة ولا بالبُدن.
هذا مع أن تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقبة لا يعبر عن فضل أكثر مما يستحق، والتعبير عن فضله حق لا يعتبر بدعة، لأنه شهادة بالحق، وقيام بالقسط، وثناء على منعم يستحق الشكر، ولا يشكر الله من لا يشكر الناس، فهي ثناء فِعليٌّ في معنى القول، كالأعلام التي تنصب للدلالة على الطريق، وذلك كله يدل على أنها ليست حدثا في الدين، لأن تعظيم الرسول ليس حدثا، وشكره ليس حدثا، والشكر يكون بالأفعال كما يكون بالأقوال، فكما يكون من شكر الوالدين خفض جناح الذل من الرحمة، فكذلك يشكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالأفعال.
الوجه الرابع: أن الحديث: (( من أحدث في أمرنا ما ليس منه )). خاص بالبدع التي تعتبر حدثا في الدين، وقد قررنا فيما سبق أن البناء لو فرض أنه معصية، فهو لا يوجب خرابا للبنيان، فكذلك إذا كان البناء ردا على فاعله، أي غير مقبول منه، فليس معنى ذلك وجوب خراب البنيان، إنما معنى ذلك أنه لا يثاب على البناء، بل هو مردود عليه غير مقبول منه.
والدليل على هذا: أن الذي يعتبر من الدين أو بدعة هو الأفعال والتروك لا المنتجات الحادثة بالأفعال، وإلا لزم في منتجات هذا الزمان من السيارات وغيرها، فالمراد بقوله: (( من أحدث في أمرنا ))، من أحدث في ديننا عملا ليس منه، كما في

حديث مسلم (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا )). وحاصل هذا الجواب منع تسمية القبة حدثا في الدين، وسند المنع أنها لا تعتبر في نفسها عملا يسمى: سنة أو بدعة، إنما الموصوف بذلك الأفعال، وإذا ظهر أن البنيان نفسه ليس بدعة فلا يجوز هدمه، لأن هدم القبة يعتبر تحقيرا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعارا وخزيا على المسلمين لو فعلوه.
ألا ترى لو أن رجلا ألبس أباه رداء، أو فرض له فراشا، أو أسكنه بيتا، وأبوه غني عن ذلك كله، ثم إن الولد أخذ الثوب أو الفراش أو أخرج أباه من البيت، لكان ذلك عاراً عليه أشد مما لو ترك إلباسه الثوب، أو الفرش له، أو الإسكان وهو غني، وكذلك لو أن أُناسا أطلعوك على منبر لتخطب من عليه، فلما وصلت عليه أنزلوك، لكان الإنزال أشد من ترك الإطلاع لو تركوه في أول الأمر.
فالخفض بعد الرفع يعتبر إهانة، بخلاف ترك الرفع من أول الأمر، فقد لا يعتبر إهانة، وكذلك لو أخرج أبو بكر وعمر من القبة ودفنا في البقيع لاعتبرتم ذلك إهانة لهما، بخلاف مالو دفنا من أول الأمر في البقيع، ولم يدفنا في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصلا فليس ذلك إهانة، فكذلك هدم القبة يعتبر إهانة، فما هذا التعصب الذي يحمل غلاة التوحيد على الحرص على هدمها ؟! لئلا تكون حجة عليهم فهي عليهم أثقل من رضوى، وكذلك لتعصبهم لمذهبهم يحرصون على هدم الجهة الشرقية من مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة:114]. فمن أشنع الابتداع التدين بخراب المساجد، أو بالدعوة إلى خرابها، وجعله واجبا على المسلمين بدون وجه صحيح، وإنما هو للغلو والتعصب، نعوذ بالله من الخذلان.

ثم قال مقبل(ص253): فجدير بنا يا معشر المسلمين أن نعمد إلى تلك القباب المشيدة على القبور، فنجتثها من على الأرض كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب.
والجواب :: هذا تدليس شنيع بسبب التعصب، وهذا يدل على أنه لا يوثق بمقبل، ولا بأسلافه فيما رووه في مسائل يتعصبون لها، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر عليا بهدم القباب، وإنما روي أنه بعثه لتسوية قبور مشرفة كما مرّ، فإياك أن تغتر بالقوم فإن التدليس فيهم شائع، ومن استقرأ كتبهم مع تحرير فكره عرف هذا، وقد تقرر مما سبق أنه لا دليل على هدمها، وأن استدلالهم بتلك الأحاديث التي ذكروها وهي لا تدل على هذا، يكشف عن غلوهم وتعصبهم.
ونحن نقول: جدير بالمسلمين أن يحموا قبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقباب الأئمة والفضلاء، لتبقى لمصلحة الزائرين، وتعظيما لشعائر الدين، والله تعالى يقول: { وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا } [الأعراف:56]، ويقول تعالى: { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } [الكهف:28].
قال مقبل: ومن لم يفعل مع القدرة كان مخالفا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الجواب :: قد قدمنا أنه لم يأمر بهدمها ولا دل على ذلك دليل، وأنه لو كان بناؤها معصية، لما لزم من ذلك أن يكون هدمها واجبا لما بيِّناه فيما مر.
ثم قال مقبل في (ص253): حقا إن بناء المساجد على القبور منشأه التقليد الأعمى، قلد المسلمون فيه أعداءهم من اليهود والنصارى، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق في الحديث الصحيح (( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قيل: يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: فمن )) ؟!

ثم قلد المسملون المتأخرون آباءهم وأجدادهم في ذلك، كما قال تعالى حاكيا عن الكفار:
{ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا ...} إلخ [الزخرف:22].
والجواب :: أنه لم يكفه أن يرمي المسلمين بالشرك والغلو والابتداع، حتى جعلهم مقلدين لليهود والنصارى في منكر واضح البطلان ادعاه عليهم، فجمع بين كذبتين في كلمة، حيث قال: أنهم قلدوا اليهود والنصارى في بناء المساجد على القبور، وهم لم يبنوا المساجد على القبور، ولا قلدوا في ذلك اليهود والنصارى، والتحقيق أن النواصب هم الذين اتبعوا أهواءهم، فزعموا أن بناء القباب على أئمة أهل البيت من بناء المساجد على القبور، ليشنعوا على أعدائهم من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيعتهم، وليسلموا ما يغيظهم من تعظيم الأئمة الأبرار والتشنيع فيهم، فبالغوا في المسألة حتى جعلوا ذلك شركا أو سببا للشرك، اتباعا للهوى وتعصبا للمذهب، ثم لما جاء هذا الزمان انضاف إلى ذلك الغرض السياسي لإحلال الدماء والأموال، والتسلط على المسلمين والسيطرة عليهم، وبعضهم أحب التصنع، وبعض النواصب غرضه مع مضادة الشيعة إحراز المال والثروة المستمرة له ولمن يعنيه، فاجتمع له الغرض في التعصب لنصرة مذهبه، ولاستدرار الأموال كما هي عادة علماء السوء وعبيد الدنيا، نسأل الله العصمة والتوفيق.
وأشبهوا أهل الكتاب في خصال، منها:
أنهم سماعون للكذب، أكالون للسحت، لأنهم يصدقون الدعايات المكذوبة على ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشيعتهم من أعدائهم، ويأكلون الفلوس التي تبذل لهم لنصرة الباطل، وهي في التحقيق رشوة، لأنها في مقابلة نصرة الباطل على الحق.
ومنها: أنهم يلبسون الحق بالباطل، ويكتمون الحق وهم يعلمون، أما لبس الحق بالباطل فمثل تحريم اتخاذ القبور مساجد، ولبس ذلك بجعل القباب منه، وأما كتمان الحق وهم يعلمون، فمثل كتمان براءة من يعلمون براءته من الشرك من خصومهم، وقد مر تفصيل ذلك.

ومنها: غلوهم في الدين، فهم يدعون إلى التوحيد ويحذرون من الشرك، ويتعدون ذلك إلى إدخال غير الشرك في الشرك، وجعل تركه من التوحيد، وقد بيِّنا ذلك فيما مضى، وبيِّنا أنه غلو في الدين.
ومنها: شيوع التشبيه لله بخلقه فيهم، كما بيِّنا فيما مر، كما كان من مذاهب اليهود لعنهم الله.
ومنها: الحسد لأهل بيت النبوة على ما آتاهم الله من فضله، فأشبهوا أهل الكتاب، الذين قال الله تعالى فيهم: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } [النساء:54]. ولذلك يجهدون في محاربة فضائلهم بكل ممكن لهم، وقد أشبهوا برمي المسلمين بالشرك اليهودي الذي قال: إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت... الخ.
وأشبهوا برمينا بمخالفة السنة والمحاربة لها، اليهودي الذي قال لأمير المؤمنين عليه السلام: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه، فقال علي عليه السلام: ما اختلفنا فيه وإنما اختلفنا عنه، ولكنكم ما جفت أقدامكم من البحر حتى قلتم: { قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } [الأعراف:138]، وهؤلاء يسمون الناس مخالفين للسنة ومبتدعين، ومحتالين لدفعها، وينكرون عليهم ترك السنة، ويعظونهم ليتبعوا السنة، والخلاف ليس في وجوب اتباع السنة، وإنما الخلاف في ثبوت حديث، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو انه يدل على مطلوبهم، فالخلاف في تعيين المشروع لا في وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ومنها: الكذب على الله بواسطة الكذب على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كقول مقبل في القباب: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث عليها عليا ليهدمها، فأشبه الذين قال الله تعالى: { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آل عمران:78]

وبقي خصال غير ما ذكرت هنا، تعرف بتلاوة الآيات القرآنية والمقابلة بين الفريقين، وبهذا نكتفي والحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله الطاهرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
- - -

الفهرس
مقدمة التحقيق ... 3
أخبار الصحاح حجة على أصحابها ... 3
(لا قيمة لمناقشة المحدثين في السند) ... 9
مناقشة الصحاح الستة ... 15
حرف الألف ... 20
حرف الباء ... 26
حرف التاء ... 27
حرف الثاء ... 28
حرف الجيم ... 28
حرف الحاء ... 29
حرف الخاء ... 33
حرف الدال ... 35
حرف الذال ... 36
حرف الراء ... 36
حرف الزاي ... 37
حرف السين ... 38
حرف الشين ... 41
حرف الصاد ... 42
حرف الضاد ... 44
حرف الطاء ... 44
حرف العين ... 45
حرف الفاء ... 62

62 / 63
ع
En
A+
A-