بمخالفتها عمل المسلمين بلا نكير في الزمان الأول قبل ابن تيمية وابن القيم والوهابية.
فأما جعل ذلك دليلا على منع القباب فهو أبعد، لأنه ينضاف إلى ضعف السند ضعف الدلالة على ذلك، لأن الظاهر في البناء على القبر هو البناء فوقه بوضع جدار فوق تراب القبر، أو يؤسس من قعر القبر، ويبنى حتى يرتفع فوق القبر، فيكون عليه حقيقة، وذلك لأن كلمة على للفوقية الحقيقية، في مثل: ركبت على الفرس، واستعمالها في غير ذلك خلاف الأصل، وذلك لا يدل على منع البناء حوله محيطا به لحفظ ترابه لئلا تسيله الأمطار، أو لتشريفه حيث كان فاضلا، فيكون دليلا على فضله وتعبيرا عنه.
وعلى هذا فإن صح حديث النهي عن البناء على القبر، فهو كالنهي عن القعود عليه، فليس المراد به النهي عن القعود حوله، لأنه خلاف الظاهر.
فأما منع القباب من أجل هذا الحديث فكذلك، لأن بناءها حول القبر ولا مانع من البناء حول القبر، ولذلك وسع عمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يُنكر ذلك بدعوى أن بناء زيادة المسجد كان على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي حول قبره صلى الله عليه وآله وسلم ولو أنكروه لاشتهر.
وقد حكى توسيع المسجد مقبل في (ص239) عن ابن تيمية، بلفظ: وأما عمر بن الخطاب فإنه وسعه، لكن بناه على ما كان بناؤه من اللبن، وعمده جذوع النخل، وسقفه الجريد، ولم ينقل أن أحدا كره ما فعل عمر. انتهى.
وكذلك نرى المسلمين يبنون حول القبور بيوتا لهم، ولو كان البناء حول القبر ممنوعا لمنع بناء البيوت وغيرها من الحوائط والبساتين ونحو ذلك، ولا نعلم أحدا منع من ذلك، فظهر أن البناء المنهي عنه إن صح النهي إنما هو البناء فوقه كما بيِّناه، ولعل المقصود به احترامه، كما لا يقعد عليه، والله أعلم.
وعلى هذا فإكثارهم في القباب، ومبالغتهم فيها، وتشديد النكير فيها، حتى كأنها أصنام، غلو في الدين، لأنه لو فرض أنه عندهم يتناولها اسم البناء على القبر حقيقة فهو رأيهم، كما أن رأيهم صحة حديث النهي عن البناء على القبر، ولا

يجب على غيرهم تقليدهم في الرأيين ولا في غيرهما، وليس لهم حق في إلزام الناس برأيهم بدون حجة واضحة، بل بنظريات تختلف فيها الأنظار، وإلزام الناس بها إلزام بالتقليد، وتحكم على الناس بغير حق.
أما النهي عن الكتابة على القبر فهو أضعف من النهي عن البناء عليه، فإنه في رواية الترمذي عن محمد بن ربيعة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: (( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ )).
وفي هذا السند أبو الزبير، وقد مر الكلام فيه، مع أن فيه علة وهي أن أبا داود رواه عن حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( نهى أن يقعد على القبر، وأن يقصص، ويبنى عليه )).
قال أبو داود: وزاد سليمان بن موسى (( أو أن يكتب عليه )). وهذا لأن أبا داود روى الحديث عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، وعن أبي الزبير، وأفاد أن سليمان بن موسى زاد (( أو أن يكتب عليه ))، دون أبي الزبير، فكانت زيادة الترمذي لها في سند أبي الزبير معلة، لأن السند عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، والحديث واحد من دون الزيادة.
نعم، قد غفلت عن هذه الطريق من طرق رواية النهي عن البناء، وهي عن سليمان بن موسى، عن جابر، ولكن سليمان بن موسى لم يسمع من جابر، كما أفاده في تهذيب التهذيب في ترجمة سليمان بن موسى، فهي رواية مرسلة، فلا تعد طريق رابعة.
أما زيادته: (( أو أن يكتب عليه ))، فإنه قد ضعف كما في ترجمته، ففيها: قال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب... إلى أن قال في ترجمته: وقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث، وفيها: أنه أموي دمشقي.

قلت: فهم غير متهمين في تضعيفه، بل في توثيقه، ولو صح النهي عن أن يكتب عليه، فليس ذلك نهيا عن وضع حجر قد كتب فيه، وهو بعيد عن القبر، وإنما وضع على القبر بعد ذلك، ولا يقال لمن وضعه على القبر: قد كتب على القبر، ألا ترى أنك لو جعلت عليه مصحفا لما كنت قد كتبت عليه.
فالكتابة على القبر، إنما هي أن تكتب فيه نفسه، مثلا: في ترابه، أو تكتب وأنت قاعد عليه مثلا.
فأما طرح حجر عليه قد كتب قبل أن يطرح عليه، فإنه يستطيعه الأمي الذي لا يكتب، ولا يسمى كاتبا بطرح اللوح على القبر، فظهر أن ما أنكره ابن القيم ليس مما يستحق إنكاره على فاعله كما فصلناه.
وأما ما ذكره بعد هذا الكلام الذي قد أجبنا عنه من الأمور التي شنّع بها على القبوريين على حد تعبيره، فليست عند الزيدية، وقد أجاب عنه غيرنا، والذي هو ظاهر في بلاد الزيدية هو الزيارة، وتلاوة القرآن، وذكر الله، ومن الزائرين من يقعد للتلاوة، ومنهم من يكون متجولا حول القبر بأناة.
فأما الدوران على القبر بصورة الطواف فلم نجد أحدا يفعله في بلاد الزيدية، فمن نسب إليهم الطواف فغرضه التشنيع، وهو منه تعصب معيب عليه، لأنه كذب عليهم اتبّاعا لهواه، وانقيادا لداعي التعصب للمذهب.
هذا وبعد كلام ابن القيم حكى مقبل كلاما لابن الأمير، وكلاما للشوكاني، وقد تضمن الجواب عنه الجواب على كلام ابن القيم.
قال مقبل: ونحن نشهد الله أنَّا ندين الله بمحبة أوليائه الأحياء منهم والأموات.
الجواب:: قال الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } [البقرة:204]. أين حبه لمن يذمهم ويحقرهم ويفتري عليهم الكذب ؟! فقد تكلم في (ص2) من كتابه الرياض في جملة من الأخيار، فقال: وغالب هؤلاء المفتين

أعرفهم أنهم ليسوا من أهل العلم، ثم قال: وإنما استغربت من توقيع علي العجري وقد كنت أسمع عنه خيرا، فلما وقفت على توقيعه قلت: الأمر كما قيل: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وعرفت أنه لا يميز الصحيح من السقيم من السنة، اللهم إلا أن تكون حملته الحمية الجاهلية على المذهب، وعلى سمعة الأباء والأجداد.
فهذه أشنع من الأولى، وهذا سب للعلماء من أجداده.
ثم قال في الحاشية على قوله: كنت أسمع عنه خيرا، وهذا السماع من العامة ولا عبرة بهم، فإنهم يظنون كل صاحب عمامة عالم.
ثم قال: خطر الفتوى بغير علم، فجعل يعرِّض بأن الذين قال فيهم هذا القول أفتوا بغير علم.
ثم قال: وقد قرن الله تعالى القول عليه بغير علم بالإشراك بالله، ثم يعرض بهم أن سبب ذلك قد يكون تكبرا وقد يكون سببه الحسد، ثم يمثل باليهود في (ص3) ثم يقول: وقد يكون سبب الفتوى بغير علم خشية المزاحمة على الدنيا والمناصب، ثم يعرض بهم في (ص4) فيقول: تخوف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على أُمته من المفتين الجائرين، ويذكر حديث: (( وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين )).
ثم يعرض بهم في (ص5) ويذكر الحديث: (( أخوف ما أخاف جدال منافق عليم اللسان ))، وهؤلاء المفتون الذين نثل لهم ما في كنانته ودل على بغضه لهم، فيهم أهل العلم والفضل والعبادة، فأين صحة ما يدعيه من حب أولياء الله الأحياء منهم والأموات ؟‍! هيهات هيهات { قد بدت البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر }!!!
ثم قال في (ص10): وينفر عنهم هذا وقد ظن أهل صعدة أنهم ومن اتبعهم هم الفرقة الناجية... إلى أن قال: وإنما قلت هذا، لأنهم لا يثقون بعلماء صنعاء وعلماء الحجاز، ولا الهند وباكستان، ومنهم من لا يصلي مع المسلمين في أرض الحرمين، كما قد شاهدهم العوام، وأنكروا عليهم ذلك، نسأل الله لنا ولهم الهداية.

ثم قال يعرض بهم: ومن أعظم ثمراته - أي سؤال الشيخ القرحزة - أنه سيخرج الجواب (يعني مقبل جوابه) عن هذه الفتوى في كتاب ينتفع به، ويكون قمعا للمتعصبين، ونصرا لسنة سيد المرسلين، وذبا عن صحابته الكرام الميامين.
ثم قال في (ص12،وص13) - يعني أهل الفتوى - ولا سيما وهي صادرة من قوم حاقدين على أهل السنة وعلى كتب السنة، فأكبر همهم هو التشكيك في دعوة أهل السنة وفي كتب السنة، وهذا إنما هو تشكيك في الدين، والصراع قديم بين أهل السنة وبين الشيعة المبتدعة، وبحمد الله لم يزل الشيعة مقهورين، لأنهم كما يقول شيخ الإسلام: أجهل الناس بالمعقول والمنقول، وعند أن اطلعت على هذه الفتوى أردت أن أنقل خلاصتها وأرسل بها إلى مفتي إذاعة صنعاء، وأقبض الفتوى بيدي، فإن الشيعة تستعمل التقية، فبعد أيام تقوى إن شاء الله شوكة أهل السنة، ويقول هؤلاء المفتون: ما قلنا !! فإنهم يتلونون.
وقال في (ص14): تخالفون السنن جهارا.
وقال في (ص27): فمن متى أصبح الحاقدون على السنة يهاجمون حملتها ؟! ومن متى تدنست فطر أهل اليمن ؟!
قال: الجواب تاريخ دخولهم إلى اليمن معروف.
فهل يقول هذه الأقاويل محب لمن يعرض بهم ويقول فيهم هذه الأقاويل ؟!! وفيهم العلماء الأبرار أهل المصنفات الزاخرة بالعلوم والإرشاد، وأهل الجهاد في سبيل الله، والصبر على إحياء الدين وحمايته، فمن الذين يحبهم أحياءهم وأمواتهم ؟! وسياق الكلام في أهل القبور من أئمة الزيدية الأبرار وعلمائهم الهداة، مثل: يحيى بن الحسين الهادي إلى الحق، وابنيه المرتضى، والناصر، والإمام أحمد بن سليمان، ومثل المنصور بالله عبد الله بن حمزة، والمهدي أحمد بن الحسين، والإمام يحيى بن حمزة، وغيرهم.
أصل السياق في أمثال هؤلاء أهل القبب والقبور التي شبهها مقبل باللات والعزى، فقال في كتابه الطليعة (ص198): نحن نشهد الله أنا ندين الله بمحبة

أوليائه الأحياء منهم والأموات، أما القبور المشيدة والقباب المزخرفة على القبور التي قد أشبهت اللات والعزة ومناة وهبل... الخ.
وقال في (ص38): وغير هؤلاء كثير ممن يعلم أن التأمين سنة، ولكنه لا يستطيع أن يعمل بها، لأنه من تظاهر بالعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ضم وتأمين ونحوهما سلطتم عليه السفهاء، ثم أودعتموه السجون، واستحللتم منه ما لا يجيزه الإسلام.
ويقول يعرض بهم في (ص41): ويا حبذا لو سلكتم مسلك علي رضي الله عنه في حرصه على السنن والعمل بها.
ثم يقول في (ص48): وإذ أبهرتهم كثرة الروايات وغلبتهم صحة الحديث قالوا: هو منسوخ، والتحيل على إبطال السنن شأن من لا يخاف الله، فهل يقول فيهم هذا محب لأولياء الله منهم ؟!
ثم قال في (ص80): وأما ما وقع من الأمويين من التغيير في الصلاة كحذف بعض تكبير النقل، وتأخير خطبة العيد، فاعتقد أنه قد وقع منكم أضعافه، والسبب في هذا أن الأمويين إذا غيروا شيئا أنكر عليهم الصحابة والتابعون، وأما أنتم في اليمن فقد خلا الجو لكم، ومن أراد أن يظهر السنة قمعتموه، حتى أن علماء السنة صاروا لا يستطيعون أن يعملوا بالسنة، فضلا عن أن يدعوا إليها، فلسان حالهم من تعسفهم قائلا (كذا):

حكوا باطلا وانتضوا صارما ... وقالوا صدقنا فقلنا نعم

وإذا كان الأمويون قد وقع منهم بعض التغيير في الصلاة فقد غيرتم في الأصول.
فهل تؤمنون بأسماء الله وصفاته على ما وردت في القرآن ؟!
وهل تؤمنون أن الله يرى في الآخرة ؟!
وهل تؤمنون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشفع لأهل الكبائر من أُمته ؟!
وهل تؤمنون أنه يخرج من النار أقوام من الموحدين بسبب شفاعة الشافعين ؟!

ولماذا تبغضون إلى العامة صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم نقلة الدين، أوليس القدح فيهم يؤدي إلى القدح في الدين ؟!
ولماذا كنتم لا تنهون عن الذبح لغير الله ؟!
ولماذا كان منكم من ينجم ويتكهن ويزعم أنه يعرف موضع السرقة ؟!
ولماذا تركتم الشعب اليمني جاهلا ؟!
هذا وإننا نحمد الله فقد شعر الشعب اليمني أنكم أعظم أعدائه، وأنكم تعملون على تأخره وانحطاطه، وعلم أن دعوتكم سياسية لا دينية، ولقد سألني رجل عن مسألة فأفتيته بالدليل وأبنت له الحق، فإذا هو يدعو على الذين كانوا ملبسين على الناس، ونحن نعلم أنكم تشغلون الناس بمساوئ بني أُمية لكي تنفروهم عن السنة، وعن كتب السنة، فهلا اشتغلتم بواقعكم وبما أنتم عليه وبما شبابكم عليه.
ثم قال في (ص81) أقول: يا حبذا لو فعلتم ذلك ابتغاء مرضاة الله، ولكنكم تتجلدون في الدفاع عما عليه الآباء والأجداد، وتحببون إلى العامة البقاء على الجهل خشية أن يتفقهوا في دين الله، فينكشف لهم ما أنتم عليه من الضلال والزيغ عن السنة.
أوليس من التلبيس أن يقوم خطيبكم يبث الأحاديث الضعيفة والموضوعة، مثل: (( أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى ))؟!
و(( النجوم أمان لأهل السماء ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يودعون )) ؟!
(( علي خير البشر من أبى فقد كفر )) ؟!
(( أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن يرد المدينة فليأت الباب )) ؟!
(( يا علي لولا أن تقول فيك طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في عيسى، لقلت فيك مقالا لا تمر بأحد إلا أخذوا التراب من أثرك للبركة )) ؟!

كنتم تظنون أنكم تسترون بالدعوة إلى حب أهل البيت رحمهم الله، وما كنتم تعلمون أنه سيأتي يوم تنكشف فيه أباطيلكم، ومن أعظم مطاياكم الدعوة إلى التقليد الأعمى حتى لا يعلم الناس إلى أين تدعونهم ؟!
ويكونون كما قيل:

وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وأين ترشد غزية أرشد

ثم قال: ولكن أين أنتم وأين أهل بيت النبوة رحمهم الله، ولقد أحسن من قال:

ما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهلة

أقول: بالله عليك أيها المطلع المنصف هل تصدر هذه الأقاويل من محب لأولياء الله من أئمة الزيدية في اليمن ؟!! وعلمائهم الأفاضل الذين تعظمهم الزيدية وتزور قبورهم، والذين عليهم القباب!! أم هو الخصم الألدّ المبغض المعادي!! وبذلك تبين أنا أصبنا بكتابة الآية الكريمة:{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } [البقرة:204]. عندما وصلنا عند قوله: نحن نشهد الله أنا ندين الله بمحبة أوليائه... إلخ.
ومن كلماته الدالة على البغض والعداوة، قوله في (ص84): وهل تعلم أنكم الآن لستم متمسكين بما عليه أهل اليمن ؟! ولكن بما عليه الروافض من إيران وغيرها.
وقوله في (ص86): فمن الذي أفسد فطر اليمنيين وجعلهم متأخرين في العلم؟!
من الذين جعل أهل ذيبين ينادون أبا طير ؟! وأهل يفرس ينادون ابن علوان ؟! وأهل ذمار ينادون يحيى بن حمزة ؟! وأهل صعده ينادون الهادي ؟! إن كنت لا تعرف فالعامة الآن تعرف بحمد الله، وما عرف أحد العلم من اليمنيين إلا وهو يعلم أنكم الذين أفسدتم الشعب اليمني.

وقال في (ص92): فلن يقبل هذا الحديث الباطل من محمد بن الهادي، ولا من ألف مثل محمد بن الهادي. انتهى.
وفي قوله: ولا من ألف مثل محمد بن الهادي، دلالة على مباينة بالغة وتعصب شديد، لأن الألف أكثر من عدد التواتر بكثير، لكن مقبلا خرج عن صوابه غيظا وحنقا.
وقال في ( ص 128 ): هل هذا الحديث صحيح يا صلاح ؟! ومن أخرجه من المحدثين ؟! فإنا لا نعتمد عليك، ولا على المؤيد بالله، ولا على أبي العباس، ولا على صاحب الشفاء في فن الحديث، لأنكم لستم من أهل الحديث !!
ثم قال في ( ص 128 ): نقل صلاح عن صاحب البحر أن الهادي والقاسم وأبا طالب يقولون: إن الضم يبطل الصلاة إذ هو فعل كثير... إلخ.
فعلى قول هؤلاء الجاهلين سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باطلة، لأنه كان يضم !!! انتهى.
فهل هذا محب للهادي والقاسم وأبي طالب، وهو هذا يسميهم: جاهلين. ثم تكلم على كتاب حي على خير العمل تأليف أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي، فقال في ( ص 132، وص 133 ): ثم أنا لسنا نعتمد على المؤلف، لأنه شيعي فيخشى أن يزيد في الحديث ما ليس منه، وإليك مثالا على ذلك، فقد ذكر ( ص 26 ) حديثا من طريق الطحاوي، وفيه: حي على خير العمل، فراجعناه في شرح معاني الآثار، فوجدنا الحديث ولم نجد هذه الزيادة، فعلمنا أنه لا يعتمد على هذا المؤلف، فحذار حذار أن تعتمد على أباطيل الشيعة. انتهى.
فمَن أولياء الله الذين يدين الله بحبهم ؟! فهو هنا يسب الشيعة جملة، ويقرر أنه لا يوثق بهم، وهناك يجهل الهادي والقاسم وأبا طالب.
وقال في ( ص 198 ): فإن قلت: إنا نجد من علماء كبار يتمسحون بأتربة القبور، أفترونهم على ظلال ؟!
قلت: أولئك وإن كبرت عمائمهم فهم أضل من حمر أهلهم، وهم في الحقيقة أجهل الجاهلين.

والجواب :: هذا تصيد لسب العلماء وتجهيلهم، وهكذا استمر مقبل في ذم الزيدية تعميما وتخصيصا كما فصلناه، فظهر أن قوله: أنا ندين الله بمحبة أوليائه الأحياء منهم والأموات، أما القبور المشيدة والقباب المزخرفة على القبور التي قد أشبهت اللات والعزى ومناة وهبل، فإنا نتضرع إلى الله أن يعجل بهدمها... إلخ.
فقد وضع إشهاد الله في غير موضعه، تدليسا وتعمية وتلبيسا والله أعلم بنِيَته !!!
ومن هم عنده أولياء الله ؟! لأن الكلمة معناها مفهوم بالنسبة إلى اللغة والشرع، ولكن الناس يختلفون فيمن هم الموافقون لمعناها، الذين يستحقون أن يسموا: أولياء، بحسب اختلافهم في تعيين المتقين، وفيمن هم المطيعون لله ؟! وهذا ابن حطان يعتبر ابن ملجم لعنه الله من المتقين، فيقول:

يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

فمقبل نرى أنه يضمر قريبا من ذلك في قوله: إنا ندين الله بمحبة أوليائه، فقد أعلن العداوة والبغضاء لكثير من أولياء الله، الذين هم أولياؤه عندنا، وزاد في سبهم والكذب عليهم في كتابه وحاشيته غير ما ذكرناه.
وقال في ( ص 207 ) عند ذكره قول ابن عباس: (( سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه؟ فقال: قال: بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليَّ فتاب عليه )).
قال مقبل: وهذا الحديث وأمثاله من الموضوعات مما اتخذه المخرفون أصلا في جواز دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وطلب الحاجة منهم.
أما قوله تعالى: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } [الجن:18]، وقوله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } [الحج:73] ، وقوله: { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ

59 / 63
ع
En
A+
A-