نا عبد الرحمن، نا أبي وأبو زرعة، قالا: أنبأنا أبو الوليد قال: سمعت شعبة يقول: ثنا علي بن زيد وكان رفاعا. انتهى.
قلت: هذا ليس جرحا، إنما معناه: أنه يرفع أحاديث وغيره يرويها موقوفة، والراجح عند شعبة أنها موقوفة، فهو في رأي شعبة يغلط في رفع بعض الأحاديث، ومقتضى هذا إذا خالف غيره في الرفع أن يرجح الوقف عند شعبة. قال في ترجمته: نا عبد الرحمن، نا أبي، نا سليمان بن حرب قال: سمعت حماد بن زيد يقول: كان علي بن زيد يحدثنا اليوم بالحديث، ثم يحدثنا غدا فكأنه ليس ذلك.
قلت: حماد بن زيد، ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمته أنه كان عثمانيا، ولذلك فهو مظنة أن يتعنت على الشيعي علي بن زيد، ويتطلب له النقص لعداوة المذهب، ولكراهيته ما يروي من الفضائل، فيوهم أنه كان يقلب الأحاديث من أجل أنه - مثلا - فسر اليوم ما أبهمه أمس، أو فسر أمس ما أبهمه اليوم في حالة نادرة، بحيث يصير حديث اليوم كأنه حديث أمس، بسبب الاختلاف في الإبهام والتفسير، كأن يقول: إنه مر رجل جنب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأراد أن يدَّعم عليه فخنس يده، فقال: ما لك. فقال: إني جنب. فقال: أبرز ذراعك.... إلخ.
ثم يرويه اليوم الثاني فيقول: مر حذيفة أو مر أبو هريرة، وهذا مثال ولا أعلم أحدا رواه بالإبهام، ولكن ذكرته للإفهام، قال في ترجمته: نا عبد الرحمن، نا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو سلمة قال: قلت لحماد بن سلمة: إن وهيبا زعم أن علي بن زيد لا يحفظ الحديث. فقال وهيب: كان لا يقدر على مجالسة علي بن زيد، إنما كان يجالس عليا وجوه الناس، وفي ترجمته بالإسناد عن عمرو بن علي قال: كان يحيى بن سعيد يتقي الحديث عن علي بن زيد... إلى قوله: وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عن الثوري، وابن عيينة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد عنه. انتهى المراد.

فظهر أنه في الأصل مرجع للحديث، أخذه عن أئمة الحديث ووجوه الناس، حتى جاء يحيى بن سعيد القطان واتقى حديثه، وتبعه في تضعيفه من ضعفه من القطانية.
قال مقبل بعد أن ذكر كلامهم في علي بن زيد نقلا من ميزان الذهبي، أقول: لو حكم على حديثٍ هؤلاء رواته بالوضع لكان أولى.
والجواب وبالله التوفيق: قد بينا الجواب عليه في هؤلاء الرواة بما يدل على أنه لا يستحق أن يحكم عليه بالضعف فضلا عن الوضع.
وقد رواه ابن المغازلي في المناقب ( ص 100، وص 101 ) من خمس طرق، فقال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي رحمه الله، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي، قال: حدثني أبو بكر محمد بن يحيى الصولي النحوي، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا جهم بن السباق أبو السباق الرياحي، حدثنا بشر بن المفضل قال: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك )).
قلت: في هذا السند محمد بن زكريا الغلابي، تكلم فيه بعض العثمانية، وذكر الكلام فيه مقبل في طليعته. وحكى السيد عبد الله بن الهادي في حاشية كرامة الأولياء في شرح حديث أحمد بن حنبل في وفاة فاطمة عليها السلام، عن صاحب طبقات الزيدية: أنه قال في محمد بن زكريا الغلابي: من رواة أخبار الأئمة وفضائلهم، فسبب جرحه لذلك.
قال السيد عبد الله: عده ابن حبان في الثقات، وخرج له من أئمتنا أبو طالب، والمرشد بالله. انتهى.
قال ابن المغازلي: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ أذنا، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، حدثنا سويد، حدثنا عمر بن ثابت، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن

سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا )).
أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ أذنا، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا سويد، حدثنا المفضل بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن ابن المعتمر، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق )).
أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي رحمه الله، حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي السقطي إملاء، حدثنا أبو يوسف بن سهل الحضرمي، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، حدثنا سليمان بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا أبو الصهباء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق )).
أخبرنا أبو نصر ابن الطحان إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطي، حدثنا أبو الطيب بن الفرخ، حدثنا إبراهيم، حدثنا إسحاق بن سنان، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال )). انتهى.
وهذا السند الأخير من مسلم بن إبراهيم، ذكره الذهبي في ترجمة الحسن بن أبي جعفر وقد مر.
وأخرج الخطيب في تاريخه ( ج 12/ ص 91 ) قال: أخبرنا النجار، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن شداد المطرز، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، حدثنا أبو سهيل القطيعي، حدثنا حماد بن زيد بمكة، وعيسى بن واقد، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله

وسلم: (( إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق )). انتهى.
وفي ترجمة الحسين بن أحمد، من المعجم الصغير للطبراني ( ج 1/ ص 139، وفي ط ص 78 ).
وفي تخريج كتاب فرائد السمطين ( ج 2/ ص 247 )، عن المعجم الكبير للطبراني ( ج 1/ الورق 130 - وفي ط الحديث ج 2/ ص 000 ) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق ومن قاتلهم [قاتلنا خ ل] آخر الزمان فكإنما قاتل مع الدجال )).
قال المحقق: ورواه أيضا الخوارزمي في مقتله ( ج 1/ ص 104/ ط 1 ) عن أبي العلاء الحسن أحمد الهمداني، عن محمود بن إسماعيل الاصبهاني، عن أحمد بن محمد بن الحسين، عن سليمان بن أحمد الطبراني، ورواه أيضا البزار، كما رواه عنه وعن الطبراني في مجمع الزوائد. انتهى.
وأخرجه المرشد بالله عليه السلام في الأمالي (ج1/ ص 151)، من طريق الطبراني فقال عليه السلام: أخبرنا أبو بكر بن ريذه، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسين (كذا والصواب الحسن) بن أبي جعفر، قال: حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال )).
وقال المرشد بالله عليه السلام في الأمالي (ج1/ ص156): أخبرنا ابن ريذه قراءة عليه بأصفهان، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن منصور سحادة، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد

القدوس، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حنش بن المعتمر قال: رأيت أبا ذر آخذ بعضادتي باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك، ومثل باب حطة في بني إسرائيل )). انتهى.
وفي كنز العمال ( ج13/ ص 85): أنه أخرجه ابن جرير، عن أبي ذر.
وقال أبو نعيم في الحلية (ج4/ص306 ط): حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الصهباء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق )). انتهى.
وذكر مشحم في تخريج صحيفة الإمام علي بن موسى الرضى، والحديث فيها بسندها المعروف عن علي عليه السلام مرفوعا، أنه أخرجه البزار عن ابن عباس، وزاد أنه أخرجه أبو داود عن ابن الزبير. وكذا في شرح الجامع الصغير للسيوطي في الطبعة القديمة، أما في الطبعة الجديدة للجامع الصغير فأبو داود غير مذكور، بل صار لفظه أخرجه البزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير، والحاكم في مستدركه عن أبي ذر حديث حسن.
وحديث ابن عباس ذكره المحب الطبري في ذخائر العقبى، وقال: أخرجه الملا في سيرته.
وفي معجم الطبراني الصغير (ج2/ ص22): حدثنا محمد بن عبد العزيز بن ربيعة الكلابي أبو مليل الكوفي، حدثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقرئ، عن أبي سلمة الصائغ، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له )). انتهى.

وفي أمالي المرشد بالله عليه السلام (ج1/ص154): أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن الحسني بقراءتي عليه بالكوفة، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن أبي السري البكائي، قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد البجلي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الكلابي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أبي سلمة الصائغ، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق )). انتهى.
والحديث قواه ابن حجر في الصواعق المحرقة (ص152)، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير، وصححه الحاكم.
وقال الإمام القاسم بن محمد: أجمع علماء الآل وشيعتهم على صحة حديث السفينة، وقال القرشي: هو متلقى بالقبول، أفاد هذا السيد عبد الله بن الهادي في حاشية كرامة الأولياء، وبهذه الجملة تبين أن تضعيفه تعصب، وأن الحديث صحيح لقوة الأسانيد التي تكلمنا في رجالها، وتعدد الطرق ورواته عن علي عليه السلام، وابن عباس، وأبي ذر، وأنس، وأبي سعيد الخدري، وسلمة بن الأكوع، وفي ذلك الكفاية لمن أنصف، فأما من خذله الله فلا يفيده ذلك ولا أضعافه.
{ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } [يونس:96-97]. صدق الله العظيم.
قال مقبل: أقول: لو حكم على حديثٍ رواته هؤلاء بالوضع لكان أولى، وحاشا الرسول أن يقول فيهم هذا القول، ونحن نجده يصدر منهم ما يصدر من غيرهم، فكما أن في غيرهم من الأُمة من يرتكب الكبائر، ففيهم من يرتكب الكبائر، وعلى هذا فقس.
والجواب وبالله التوفيق: أما قوله: وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول فيهم هذا القول. فقد رويتم في الصحابة ما رويتم، ولم تقولوا

حاشاه أن يقول فيهم هذا القول، وفيهم منافقون، وفيهم من أحدث بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما مر ذكره في الجواب عن رياض مقبل.
وأما قوله: ونحن نجده يصدر منهم ما يصدر من غيرهم، فهذه فرية ما فيها مرية، والباعث له عليها الحقد والنصب لهم، ولولا ذلك لقال: ونحن نجد منهم من يصدر منه بعض المعاصي التي تصدر من غيرهم، لكنه لا يتم له غرضه بهذه العبارة وإلى الله المصير.
وأما قوله: فكما أن في غيرهم من يرتكب الكبائر ففيهم من يرتكب الكبائر.
فالجواب :: أنه لا يتناول حديث السفينة من يفعل كبيرة، فلا يحكم له بمعنى حديث السفينة، وقد فعل كبيرة محققة، وثبت عنه ذلك بوجه صحيح، لا دعاوى النواصب الذين يكفرونهم، كما كفر سلفهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولا دعاوى النواصب الحاقدين عليهم والمجازفين، وخروج الفساق من ذلك واضح لا يحتاج إلى استثناء، لأن علم السامع به يغني عن استثنائه، وقد قال الله تعالى: { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } [الكهف:28]. ومن العجيب أن يقول مقبل: وحاشا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول فيهم ذلك، مع أن سلفه يوجبون طاعة الولاة الظلمة، ويعتبرون القائلين بذلك من أهل السنة والجماعة، والمخالف له خارجا عن السنة والجماعة، حتى من خرج على الحجاج بن يوسف.
أفلا يقول مقبل: حاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمر بطاعة الظلمة !! وأن يجعل الخروج عليها خروجا عن السنة والجماعة !! مع أن طاعة العلماء لهم، وأمر الناس بطاعتهم، والتحذير من الخروج عليهم، تدعيم للظلمة وتقوية لهم على الظلم والعدوان، والله تعالى يقول: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [المائدة:2].

أفلا يقول مقبل: حاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمر بطاعتهم ؟!
أما علي وفاطمة والحسن والحسين والأخيار الأبرار الأطهار من ذريتهم مثل: زين العابدين، وأولاده، وعبد الله بن الحسن، وأولاده، وأمثالهم الذين هم أُمة يهدون بالحق وبه يعدلون، فحاشا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - بزعم مقبل - أن يقول فيهم: (( أهل بيتي كسفينة نوح )) !!!
وأما الملوك الجبابرة فطاعتهم سنة وجماعة، لا ينزه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الأمر بها، بزعم أسلاف مقبل، أين الإنصاف ؟!! وأين أتباع الحق ؟! { ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا }.

- - -

[ حديث: (( الثقلين )) ]
قال مقبل(ص215): ومثل هذا الحديث الزيادة في بعض الأحاديث التي حث فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على التمسك بكتاب الله، وأوصى بأهل البيت عليهم السلام، والزيادة هي قوله: (( فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض )).
قال في التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة، وقال: إنها ليست من الحديث.
والجواب وبالله التوفيق: أنه لم يذكر من طعن في الحديث ولا أظنه إلا ابن تيمية، وأشباهه من النواصب، العاملين لإطفاء نور الله، المحاربين لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الجارحين لأولياء الله، الموثقين لأعداء الله، وقد بسطنا الكلام في الحديث، وأسانيده ووجوه دلالته على المقصود فيما مضى في الجواب عن رياض مقبل.
ونورد هنا ما تيسر مما يتعلق بالمراد.
قال ابن كثير في تفسير آية المودة، من سورة الشورى (ج7/ص189) من تفسيره: وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في خطبته بغدير خم: (( إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي، وإنهما لم [لن] يفترقا حتى يردا علي الحوض )). انتهى.
وأخرج السيوطي في الجامع الصغير هذا الحديث بلفظ: (( إني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )).
أفاد أنه أخرجه أحمد في المسند، والطبراني في الكبير، كلاهما عن زيد بن ثابت، وأنه حديث صحيح.

وقال الحاكم في المستدرك (ج3/ص109): حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا يحيى بن حماد، وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار، قالا: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن حماد، وثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي، ثنا خلف بن سالم المخرمي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش قال: ثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (( لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع ونزل بغدير خم أمر بدوحات فقممن فقال: كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه... )). وذكر الحديث بطوله.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله. انتهى.
ولم يعترضه الذهبي في تلخيصه.
وقال الحاكم في المستدرك (ج3/ص148): حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن مصلح الفقيه بالري، ثنا محمد بن أيوب، ثنا يحيى بن المغيرة السعدي، ثنا جرير بن عبد الحميد، عن الحسين بن عبد الله النخعي، عن مسلم بن صبيح، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وأهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )).
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.
وذكره الذهبي في تلخيصه، ورمز لصحته على شرط البخاري ومسلم وأقره.
وفي البداية والنهاية لابن كثير (ج5/ص209) ما لفظه: وقد روى النسائي في سننه، عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم قال: (( لما رجع رسول الله

54 / 63
ع
En
A+
A-