عبيد الله الزاهد، أنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو العباس بن يعقوب، أنا الحسن بن علي بن عفان، أنا أبو أُسامة، عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الضحى ؟ قالت: لا. إلا أن يقدم من مغيبة.
أخرجه مسلم عن يحيى، عن يزيد بن زريع، عن الجريري.
ورواه أيضا من طريق كهمس، عن عبد الله بن شقيق، [قرأت] على الحسن بن علي الأمير، أخبركم جعفر الهمداني، أنا السلفي سمعت إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين، قال: سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ يقول فذكر الحاكم وقال: له رحلتان إلى العراق والحج ناظر الدارقطني فرضيه، وهو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه قريبا من الخمسين جزءا... إلى أن قال: وتوفي سنة ثلاث وأربعمائة.
قلت: هذا وما تم في وفاته، ثم قال: سألني في اليوم الثاني لما دخلت عليه ويقرأ عليه في فوائد العراقيين سفيان الثوري، عن أبي سلمة، عن الزهري، عن سهل بن سعد حديث الاستئذان، فقال: من أبو سلمة؟ قلت: هو المغيرة بن مسلم السراج. قال: وكيف يروي المغيرة، عن الزهري ؟ فبقيت ثم قال: قد أمهلتك أسبوعا، قال: فتفكرت ليلتي، فلما وقعت في أصحاب الجزيرة تذكرت محمد بن أبي حفصة فإذا كنيته أبو سلمة، فلما أصبحت حضرت مجلسه وقرأت عليه نحو مائة حديث، فقال لي: هل تذكرت فيما جرى ؟ فقلت: نعم، هو محمد بن أبي حفصة، فتعجب وقال: أنظرت في حديث سفيان لأبي عمرو البحيري ؟ فقلت: لا، وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحير وأنثنى علي، ثم كنت أسأله فقال لي: إذا ذكرت في باب لا بد من المطالعة لكبر سني، فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرا، وقال لي: اعلم بأن خراسان وما وراء النهر لكل بلد تاريخ صنفه عالم منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت تاريخ النيسابوريين فتأملته، ولم يسبقه إلى ذلك أحد.
قال الحاكم في علوم الحديث في أواخره: أخبرني خلف، أنا خلف، أنا خلف، أنا خلف، أنا خلف، فأولهم الأمير خلف بن أحمد السجزي، والثاني أبو صالح
خلف بن محمد البخاري يعني الختام، والثالث خلف بن سليمان النسفي صاحب المسند، والرابع خلف بن محمد الواسطي كروس، والخامس خلف بن موسى بن خلف.
قال الحاكم: وقد سمعته من أبي صالح بإسناده لم يذكر المتن، فقرأته على أحمد هبة الله، عن عبد المعز بن محمد، أنا زاهر بن طاهر، أنا إسحاق بن عبد الرحمن قال: أنا الأمير خلف بن أحمد بن محمد، أنا خلف(1) بن محمد بن إسماعيل، أنا خلف بن سليمان، أنا خلف بن محمد كردوس، أنا خلف بن موسى العمي، أنا أبي، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( كل بني آدم محسود وبعض الناس أفضل في الحسد من بعض، ولا يضر حاسداً حسده ما لم يتكلم بلسانه أو يعمل باليد )).
هذا حديث غريب منكر(2).
قال الخطيب أبو بكر: أبو عبد الله الحاكم كان ثقة، يميل إلى التشيع، فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي وكان صالحاً عالما، قال: جمع الحاكم أحاديث وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها: حديث الطير، (( ومن كنت مولاه فعلي مولاه ))، فأنكرها عليه أصحاب الحديث، فلم يلتفتوا إلى قوله.
قال الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ: سمعت أبا عبد الرحمن الشاذياخي الحاكم يقول: كنا في مجلس السيد أبي الحسن فسئل أبو عبد الله الحاكم، عن حديث الطير؟ فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي رضي الله عنه.
قال الذهبي قلت: ثم تغير رأي الحاكم، وأخرج حديث الطير في مستدركه، ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شَانَ المستدرك بإخراجها فيه، وأما حديث الطير فله طرق كثيرة
__________
(1) في الأُم: خاف، وهو غلط واضح.
(2) قلت: الحسد هنا بمعنى الغيرة، وهي طبيعية فلا نكارة.(مؤلف).
جدا قد أفردتها بمصنف، ومجموعها يوجب أن يكون للحديث له أصل، وأما حديث (( من كنت مولاه )) فله طرق جيدة، وقد أفردت ذلك أيضا.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أبو عبد الله الحاكم هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته، يقال له: الضبي، لأن جدته هي سبطة عيسى بن عبد الرحمن الضبي، ووالدة عيسى هذا هي مثوبة بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، وبيته بيت الصلاح والورع والبادين في الإسلام، لقي أبا عبد الله الثقفي، وأبا محمد بن الشرقي ولم يسمع منهما، وسمع من أبي طاهر المحمد أبادي، وأبي بكر بن القطان، ولم يقع بمسموعه منهما، وتصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه، وقرأ على قرّاء زمانه، وتفقه على أبي الوليد، وأبي سهل الأُستاذ، واختص بصحبة إمام وقته أبي بكر الضبعي، فكان يراجعه في السؤال والجرح والتعديل والعلل، وذاكر مثل الجعابي، وأبي بكر الماسرجسي، واتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء من تخريج الصحيحين، وتاريخ نيسابور، وكتاب مزكي الأخبار، والمدخل إلى علم الصحيح، وكتاب الإكليل، وفضائل الشافعي وغير ذلك، ولقد سمعت مشائخنا يذكرون أيامه، ويحكون أن مقدمي عصره مثل الصعلوكي، والإمام بن فورك، وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم، ويراعون حق فضله، ويعرفون له الحرمة الأكيدة، ثم أطنب في تعظيمه وقال هذه جمل يسيرة، وهو غيض من فيض سيره وأحواله، ومن تأمل كلامه في تصانيفه وتصرفه في أماليه ونظره في طرق الحديث، أذعن بفضله، واعترف له بالمزية على من تقدمه وإتعابه من بعده، وتعجيزه اللاحقين، عن بلوغ شأوه، عاش حميدا ولم يخلف في وقته مثله.
قال الحافظ أبو حازم العبدوي: سمعت الحاكم يقول وكان إمام أهل الحديث في عصره، شربت ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني أيهما أفضل ابن مندة أو(كذا) ابن البيّع ؟ فقال: ابن البيع أنقى حفظا.
أبو صالح المؤذن، أنا مسعود بن علي السجزي، أنا أبو بكر بن فورك، أنا محمد بن جعفر البختري الحافظ، أنا أحمد بن محمد بن الفضل بن مطرف
الكرابيسي سنة سبع وأربعين وثلثمائة، أنا محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ، أنا النجاد، أنا محمد بن عثمان، أنا الحماني، أنا سعير بن الخمس، عن عبيد الله بن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( لا يؤذن بليل... )) الحديث.
ثم قال السجزي: وأخبرناه الحاكم فذكره.
أبو موسى المديني الحافظ، أنا هبة الله بن عبد الله، أنا أبو بكر الخطيب، أنا الأزهري، أنا الدارقطني، حدثني محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، أنا محمد بن جعفر النسوي، أنا خداش بن مخلد، أنا يعيش بن هشام، أنا مالك، عن الزهري، عن أنس مرفوعا: (( ما أحسن الهدية أمام الحاجة )). هذا باطل، وإنما رواه الموفر بن الواهي عن الزهري مرسلا، سمعت أبا الحسين اليونيني، أنا محمد بن عبد الحافظ، سمعت علي بن المفضل الحافظ، سمعت أحمد بن محمد الحافظ، سمعت محمد بن طاهر الحافظ، سمعت سعد بن علي الزنجاني الحافظ بمكة، وقلت له :أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ. قال: من ؟ قلت: الدارقطني ببغداد، وعبد الغني بمصر، وابن مندة بأصبهان، والحاكم بنيسابور، فسكت فألححت عليه؟ فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب، وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا.
قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم؟ فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث، ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا عن معاوية وآله، متظاهرا بذلك ولا يعتذر منه، قال الذهبي: قلت: أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال، فهو شيعي لا رافضي، وليته لم يصنف المستدرك، فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه.
قال الحافظ أبو موسى: كان الحاكم دخل الحمام واغتسل وخرج فقال: آه، فقبض روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري، توفي الحاكم في صفر سنة خمس وأربعمائة رحمه الله تعالى.
انتهت ترجمة الحاكم نقلا من تذكرة الحفاظ، نقلتها بكمالها وإن طالت لتتم الفائدة.
وأما كلامه في تصحيح الحاكم لبعض الأحاديث وهي عند الذهبي وأضرابه موضوعة، فقد مر الجواب عنه، وما نقموا من الحاكم إلا أنه تحرر في ذلك من التقليد ولم تأخذه في الله لومة لائم، فصحح ما رآه صحيحا، وهو يعلم أن ذلك يسوء النواصب، وأنهم سيقولون فيه رافضي، ولكن كانت همته أعلى من أن يكتم فضل أهل البيت مراعاة لجانب النواصب، أو خوفا من قيلهم وقالهم.
أما الذهبي فلم يكفه أنه تمنى أنه لم يصنف المستدرك، فقد صنف ردا عليه، ويؤخذ عليه أنه يعترض برأيه في الرجال بجرح أو تضعيف، بصورة أن ذلك أمر مفروغ منه، وقضية لا نزاع فيها، حتى كأن الحاكم غلط في التصحيح، وهذا تدليس على القاصرين وتغرير على المقلدين، والحاكم مجتهد يصحح ما يصحح، بناء على مذهبه في رجال السند، وكثير من الرجال يكون فيهم خلاف مشهور بين أهل الجرح والتعديل، فيختار الذهبي الجرح فيعترض به من دون تنبيه على الخلاف، ولا على أن الحاكم بنى على مذهبه، أو أنه وافق فيه من يقول بعدالة الراوي، وربما كان الجرح حادثا والرجل متقدم، روى عنه عدد من المحدثين الكبار، والجرح الحادث إنما هو لسبب لا يعتبره الحاكم صحيحا، فيختار التعديل كما ذكره مفصلا، ولنذكر ما تيسر من الأمثلة لخطأ الذهبي في الاعتراض.
روى الحاكم في المستدرك (ج3/ص109،وص 110) من طريق محمد بن سلمة بن كهيل حديث الثقلين والغدير، وصححه على شرط الشيخين فاعترضه الذهبي، قال: لم يخرجا لمحمد وقد وهاه السعدي.
فأما قوله: لم يخرجا لمحمد فإنه لا يضر، لأنه يكفي أن يكون على شرطهما وإن لم يخرجا له، لأن الحاكم لم يلتزم أنه لا يخرج إلا لمن أخرجا له، ولكن أراد أن يستدرك ما هو على شرطهما، وقد أفاد هذا في أول المستدرك، وهو يعني أن محمدا على شرطهما في قبول روايته لصدقه وأمانته وحفظه، فكان الحديث صحيحا على شرطهما.
وأما قوله: وقد وهاه السعدي، فالسعدي هو الجوزجاني الناصبي وهو متحامل على الشيعة، وقد ذكر هذا الذهبي نفسه في ترجمة السعدي وهو إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ومع أنه ليس حجة، لأنه لا يلزم فيمن جرحه السعدي أن يكون مجروحا عند البخاري ومسلم، فلا معنى للاعتراض به على التصحيح على شرطهما، بل ولا على شرط غيرهما، إلا أن يكون ناصبيا كالجوزجاني في درجة النصب.
وفي كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم روى عنه - أي عن محمد بن سلمة بن كهيل - حسان بن إبراهيم، وسفيان بن عيينة، وعلي بن هاشم بن البريد، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: كان مقدما على أخيه يحيى بن سلمة، وأحب إلي منه، ويحيى أكبر منه. انتهى.
مثال آخر: أخرج الحاكم في (ج3/ص119) حديث: (( انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت، ثم التفت إلى علي فقال: إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها )).
وصححه على شرطهما، كما أفاده الذهبي في تلخيصه، واعترضه بأنهما لم يخرجا لعبد الجبار.
والجواب ما مر.
مثال آخر: أخرج الحاكم حديث: (( رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار ))، وصححه على شرط مسلم واعترضه الذهبي فقال: مختار ساقط. قال النسائي وغيره: ليس بثقة.
الجواب :: أنه مختلف فيه، ففي تهذيب التهذيب أنه قال العجلي: تابعي ثقة، والنسائي ذكر ابن حجر في مقدمة شرحه على البخاري تعنته في الرواة، وأنا أعتقد أن بعض الروايات في الجرح إنما هي من طريق البرقاني، عن عبد الكريم بن النسائي، وأنا أتهم البرقاني بالتعصب وإن أثنى عليه من هو على مذهبه، فلعل السبب أنهم لم ينكروا عليه رواياته عن النسائي وعن الدارقطني في الجرح للشيعة.
هذا مع أنه لا يلزم الحاكم ولا مسلما أن يكونا على رأي النسائي، ولعل الحاكم قد وجد مسلما روى عن مختار أو عن مثل مختار، وذلك كاف في التصحيح على شرطه، وإن خالف فيه النسائي.
مثال آخر: حديث (( أنا مدينة العلم )). صححه الحاكم، واعترضه الذهبي فقال: بل موضوع، قال الحاكم: وأبو الصلت ثقة مأمون، قال الذهبي: لا والله، لا ثقة ولا مأمون. انتهى.
فأنظر هذه الصورة في الاعتراض، وانظر ما قدمناه في الحديث والرجل، وعلى هذا فقس لتعرف أنه لا التفات إلى اعتراضهم على الحاكم بصورة التخطئة والتغليط، وأنهم لو أنصفوه لقالوا: هذا رأيه، أما نحن فنرى كذا أو نحو هذا.
- - -
[ حديث: (( من أحبي فليحب عليا ... )) ]
قال مقبل(ص191): حديث (( من أحبي فليحب عليا )).
قلت: نورده بسنده من تاريخ الخطيب (ج13/ ص32) في ترجمة موسى بن سهل الراسبي أحد المجهولين على قول الخطيب، قال: روي(1) دعبل بن علي الشاعر عنه عن أبي إسحاق حديثا، أخبرناه أبو الحسين زيد بن جعفر بن الحسين العلوي المحمدي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، حدثنا إسماعيل بن علي بن علي بن رزين الخزاعي بواسط، حدثنا أبي، حدثنا أخي دعبل، قال: حدثنا موسى بن سهل الراسبي في دهليز محمد بن زبيدة، حدثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أحبني فليحب عليا، ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل، ومن أبغض الله أدخله النار )).
قال الخطيب: هذا الحديث موضوع الإسناد، والحمل فيه عندي على إسماعيل بن علي والله أعلم. انتهى.
قال مقبل عن الشوكاني: قال الخطيب: موضوع.
والجواب وبالله التوفيق: أنَّا لا نسلم صحة حكاية الشوكاني بل هي تؤكد ما سبق من أنه مجازف، قليل التثبت في النقل، فهذا كلام الخطيب في تاريخه ليس فيه أن الحديث موضوع، وإنما هو كما ترى عبارة عن وضع الإسناد.
أما الحديث فمسكوت عنه، وفرق في اللغة بين قول القائل: موضوع، وقوله: موضوع الإسناد.
والحديث له شواهد في علي عليه السلام، منها ما أخرجه الحاكم في المستدرك (ج3/130) أخبرني أحمد بن عثمان يحيى المقرئ ببغداد، ثنا أبو بكر بن العوام الرياحي، ثنا أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري، حدثنا عوف بن أبي عثمان النهدي
__________
(1) كذا في تاريخ الخطيب.(مؤلف).
قال: قال رجل لسلمان: ما أشد حبك لعلي! قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( من أحب عليا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد أبغضني )).
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قلت: وأقره الذهبي في تلخيصه، وبمثل هذا من الذهبي نحتج على الخصوم لأنه شبه الإقرار، والذهبي من أئمتهم بخلاف احتجاجهم علينا بتقرير الذهبي لكلام ابن تيمية، فهو دعوى من خصم لا يحتج بها على خصمه.
وأخرج في (ص142) عن حيان الأسدي، سمعت عليا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الأٌمة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملتي، وتقتل على سنتي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني، وإن هذه ستخضب من هذا - يعني لحيته من رأسه - ))، صحيح.
قلت: وأقره الذهبي.
وفي ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق في الأصل والتخريج، روايات عديدة عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن جده عمار، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( أوصي من آمن بي وصدقني بالولاية لعلي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل )).
ومحل الحديث في الترجمة (ج2/ص94)، ومحله في التخريج تلك الصفحة وما قبلها، وفيها (ج2/ص230) بالإسناد عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي حديث الخلال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي: (( محبك محبي ومبغضك مبغضي )).
وهذا في مناقب ابن المغازلي (ص139،وص140) بسنده عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (( يا علي محبك محبي ومبغضك مبغضي ))، فأما أحاديث (( عدوك عدوي )) فهي كثيرة، ويشهد لها حديث الغدير (( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه )).
[ حديث: (( حمل علي باب حصن خيبر )) ]
قال مقبل(ص192): (( حمل علي باب حصن خيبر ))، قال في أسنى المطالب: أورده ابن إسحاق في سيرته، قال السخاوي: طرقه كلها واهية، وأنكره بعض العلماء.
والجواب وبالله التوفيق: إن تعليق الإنكار على العلم تعصب، لأنه ليس للمنكر حجة في إنكاره، وأكثر ما عنده أنه لا يدري، ومقتضى ذلك التوقف وأن يقول لا أدري، وعدم العلم لا يدل على عدم المنفي الذي أنكره المنكر، وعلى هذا فصواب العبارة: وأنكره بعض المتعصبين.
والحديث أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده (ج6/ص8)، حدثنا عبد الله، حدثنا أبي، ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن حسن عن بعض أهله، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده، فتناول علي بابا كان عند الحصن، فترس به نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر معي سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه )). انتهى.
وأخرجه محمد بن جرير الطبري في تاريخه (ج3/ص94)، حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن الحسن، عن بعض أهله، عن أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( خرجنا مع علي بن أبي طالب... )) فذكره إلى آخره.
وأخرجه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (ج1/ص224،ط2)، أخبرنا أبو القاسم بن إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عبد الرحمن بن محمد بن العباس، أنبأنا رضوان بن أحمد (حيلولة)، وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ،