عامر، حدثنا بشر بن آدم، حدثنا عبد الله والد أبي أحمد الزبير(1) ، حدثنا صالح بن رستم، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (( أمرت أن أدنيك ولا اقصيك، وأن تعي وحق لك أن تعي )). فأنزلت { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12].
وقال ابن المغازلي قبل هذا: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن القصاب، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن المفيد، حدثنا الأشج قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: لما نزلت وتعيها أُذن واعية قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت الله أن يجعلها أُذنك يا علي )). انتهى.
وفي تفسير ابن كثير: وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا العباس بن الوليد بن ضبح الدمشقي، حدثنا زيد بن يحيى، حدثنا علي بن حوشب سمعت مكحولا يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت ربي أن يجعلها أذن علي )) فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا قط فنسيته.
وهكذا رواه ابن جرير، عن ابن سهل، عن الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب، عن مكحول به، وهو حديث مرسل.
قلت: يعني أن مكحولا ليس من الصحابة، وقد أرسله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم قال ابن كثير: وقال ابن أبي حاتم أيضا: حدثنا جعفر بن محمد بن عامر، حدثنا بشر بن آدم، حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد - يعني والد أبي أحمد الزبيري - حدثني صالح بن الهيثم، سمعت بريدة الأسلمي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (( إني أُمرت أن أُدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك،
__________
(1) وهو محمد بن عبد الله. (مؤلف).

وأن تعي وحق لك أن تعي )). قال: فنزلت هذه الآية { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]. انتهى المراد.
وهذا السند والحديث موافق لسند ابن المغازلي، الذي ذكرته أولا من جعفر بن محمد بن عامر، إلا أن هذا فيه صالح بن الهيثم، وفي سند ابن المغازلي صالح بن رستم.
الحديث في ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر (ج2/ص422) وما بعدها، وفي سنده في طريق: سمعت صالح بن ميثم يقول: سمعت بريدة، وفي طريق: عن صالح بن ميثم قال: سمعت بريدة، وأخرجه المحقق هناك، وذكر حديث مكحول في (ص424) فقال: ورواه أيضا البلاذري في الحديث (82) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من أنساب الأشراف القسم الأول من (ج1/ص319)، قال: حدثني مظفر بن مرجا، عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب قال: سمعت مكحولا يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]. فقال: (( يا علي سألت الله أن يجعلها أُذنك )). قال مكحولا: قال علي: فما نسيت حديثا أو شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ورواه أيضا في ترجمة علي بن حوشب من تاريخ دمشق(ج36/ ص77، أو190) قال: أخبرنا أبو المظفر بن القشيري، وأبو القاسم الشحامي [ قالا ]: أنبأنا أبو سعد الأديب، أنبأنا محمد بن بشر بن العباس، أنبأنا أبو الوليد محمد بن إدريس، أنبأنا سويد بن سعيد، أنبأنا الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب الفزاري، أنه سمع محكولا يحدث عن بريرة (كذا لعله عن بريدة) قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت الله أن يجعلها أُذنك يا علي، ( قال علي ): فما نسيت شيئا بعد ذلك )). انتهى المراد.

وأخرجه في فرائد السمطين ( ج 1/ ص 198 ) بسنده عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن عبد الله البغدادي المعروف بالمفيد سنة ثمان وخمسين، قال: سمعت أبا الدنيا المعمر الأشج يقول: وسألت من معه من أصحابه عن اسمه؟ فقال: يكنى أبا عمرو، واسمه عثمان بن عبد الله بن عوام البلوي، قال: وإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كناه بأبي الدنيا لعلمه بطول عمره، وإنما عرفه بماء شرب منه فبشره بطول العمر، وكناه بأبي الدنيا، قال: سمعت عليا يقول: لما نزلت { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12] قال [ لي ] النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي )). انتهى.
وفي شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ومن سورة الحاقة فيها قوله تعالى:{ وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]. أخبرنا القاضي أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله الرشيدي، وأبو سعيد ( سعد نسخة ) بن أبي راشد، وأبو عثمان بن أبي بكر الزعفراني، وأبو عمرو بن أبي زكريا الشعراني وغيرهم، قالوا: أخبرنا أبو بكر المفيد بجرجرايا، حدثنا أبو الدنيا الأشج المعمر قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: لما نزلت { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]، قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي )).
وهذا الحديث رواه جماعة عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، منهم: زر بن حبيش الأسدي، حدثناه أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر، والحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد محمد بن موسى، جميعا عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الصفار الأصبهاني الزاهد، حدثنا أبو بكر الفضل بن جعفر الصيدلاني الواسطي بواسط، حدثنا زكريا بن يحيى بن حموي حدثنا سنان بن هارون، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: (( ضمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه وقال: أمرني ربي أن أدنيك ولا أقصيك، وأن تسمع وتعي وحق على الله أن تعي ))، فنزلت { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12].

وابنه عمر - أي ابن علي عليه السلام - أخبرنا أبو الحسن الأهوازي، أخبرنا أبو بكر البيضاوي، حدثنا أبو محمد القاسم بن محمد، بن جعفر، بن محمد، بن عبد الله، بن محمد، بن عمر، بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله، عن أبيه محمد، عن أبيه عمر، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأعلمك لتعي، وأنزلت علي هذه الآية { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]، فأذنك الواعية لعلمي يا علي، وأنا المدينة وأنت الباب، ولا تؤتى المدينة إلا من بابها )).
قلت: وهذا أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أمير المؤمنين ( ج 1/ ص 67 ) فقال: حدثنا محمد بن عمر بن سلم، حدثني أبو محمد القاسم، بن محمد، بن جعفر، بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد بن عبد الله، عن أبيه محمد، عن أبيه عمر، عن أبيه علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( يا علي إن الله أمرني أن أدنيك، وأعلمك لتعي، وأنزلت هذه الآية { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]، فأنت أذن واعية لعلمي )). انتهى.
ونرجع إلى رواية الحاكم الحسكاني قال: وأخبرنيه(1) الحاكم الوالد، عن أبي حفص، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا أبو عمير به كما سوّيت.
ومكحول الشامي، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن إسماعيل الواعظ، حدثنا أبو الفضل أحمد بن إسماعيل الأزدي إملاء، أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق، حدثنا أبو عمير الرملي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب، عن مكحول، عن علي عليه السلام، في قوله تعالى { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]، قال: قال علي عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( دعوت الله أن يجعلها أذنك يا علي )).
__________
(1) لعل هذا مؤخر بعد سند مكحول، ولكنه في المطبوعة كما هنا وكما في الخطية. ( مؤلف ).

أخبرنا أبو طالب الجعفري، أخبرنا أبو الحسن الكلابي، حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن أبي حذيفة، حدثنا أبو إمامة، حدثنا بشر بن آدم، حدثنا عبد الله بن الزبير، حدثنا صالح بن ميثم قال: سمعت بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (( إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وتعي، وحق على الله أن تعي ))، قال: ونزلت { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12].
ورواه جماعة عن الوليد، أخبرناه علي بن أحمد، أخبرنا محمد بن عبيد، حدثنا أحمد بن علي الخزاز، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب، عن مكحول قال: لما نزلت { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (( يا علي سألته أن يجعلها أذنك )).
وأخبرنا أبو بكر الحارثي، أخبرنا أبو الشيخ الأصبهاني، حدثنا علي بن سراج المصري، حدثنا علي بن سهل الرملي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب، عن مكحول، عن علي عليه السلام قال: لما نزلت { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]، قال لي رسو الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت الله أن يجعلها أذنك ففعل )).
أخبرنا الهيثم بن أبي الهيثم القاضي، أخبرنا بشر بن أحمد، أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجية، حدثنا إسحاق بن إسرائيل، حدثنا وليد بن مسلم، عن علي بن حوشب الفزاري قال: سمعت مكحولا يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12] فالتفت إلى علي فقال: (( سألت الله يا علي أن يجعلها أذنك )). قال علي عليه السلام: فما نسيت حديثاً أو شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أخبرنا أحمد بن علي الأصبهاني، أخبرنا زاهر بن أحمد أن أبا لبيد أخبرهم، وأخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الغرري، أخبرنا أبو سعيد محمد بن بشر البصري، أخبرنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا

الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب الفزاري، أنه سمع مكحولا يحدث عن بريدة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة:12]. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي )). قال علي عليه السلام: فما نسيت شيئا بعد ذلك.
لفظ أحمد، ولفظ محمد يا علي.
ورواه غير الوليد عن علي بن حوشب.
قلت: أسند ذلك بسندين.
ثم قال الحاكم: أخبرنا الحاكم الوالد، عن أبي حفص، حدثنا ابن عقدة، أخبرنا أحمد بن الحسن، حدثنا أبي، حدثنا حصين، عن مسكين السمان، عن محمد بن عبد الله، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي )). قال علي عليه السلام: فما نسيت شيئا سمعته بعد.
وفي الباب عن جابر الأنصاري.
قلت: أسنده عن جابر بسند واحد، ثم قال: وعن بريدة، فأسنده من طرق عديدة عن بشر بن آدم، عن عبد الله بن الزبير، عن صالح بن ميثم، قال: سمعت بريدة الأسلمي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (( إن الله أمرني... )) إلى أخره.
ثم قال الحاكم: بشر هو أخو يحيى بن آدم، وشيخه أبو أحمد الزبيري.
قلت: لعل هذا غلط في النسخة التي عندي، والصواب أبو أبي أحمد الزبيري، لأنه يقول: حدثنا عبد الله بن الزبير، وأبو أحمد هو ابنه محمد بن عبد الله.
ثم قال الحاكم: وفي الباب عن ابن عباس، فأسنده عنه من طريقين، ثم قال: وعن أنس، فأسنده عنه سندا واحدا. ثم قال: وعن الحسين بن علي، وعبد الله، وأبي جعفر. ثم قال: وغيرهم، ولقد جمع فأوعى، وزاده المحقق فائدة وجمعا، ولكن التعليق عليه للمحقق ليس عندي، إنما نقلت هذا من نسخة خطية، فمن أراد الازدياد فليراجع النسخة المطبوعة التي عليها تحقيق المحمودي، وبهذه الجملة تظهر

قوة الحديث، وتتضح جرأة مقبل ومجازفته في قوله، حيث ادعا أن ذلك موضوع بلا خلاف، وهذا مكحول من كبار علماء التابعين يرويه بصيغة الجزم كما ترى.
هذا وقد أكثر مقبل من الروايات في هذا الباب، وتكلم بمثل ما تكلم به في الماضي، دعاوى لا حجة فيها، ولا إشكال أن قليلا من الروايات التي أوردها مقبل في طليعته لا تعتمدها الشيعة، ولكنه يريد أن يشنع بها عليهم وبعضها يورده بصورة مشوهة، بتغيير يصيرها منكرة، وهي تروى بصورة سليمة عن التشويه، ولكنه يذكر الرواية المنكرة بسبب التغيير، لغرض التشنيع، وقد يذكر الرواية ويتوصل بذكرها إلى جرح بعض الشيعة، وإن كان لم تصح عنه الرواية، لأن دونه في السند من تكلم فيه، ولكنه يشتهي جرح الشيعة محاربة للفضائل الأخرى، وعداوة لهم وبغضاء، وفيما قدمناه إشارة إلى طريقته وطريقة ابن الجوزي وغيره من أسلافه، وإشارة إلى طريقة الرد عليهم، فلنقتصر في الرد عليه في بقية الجواب على بعض ما يهم الجواب عنه، على أَنَّا قد اقتصرنا في الماضي على بعض، وتركنا للمستدرك علينا مجالا واسعا.
- - -

[ حديث: (( ادعوا لي حبيبي ... )) ]
قال مقبل( 177 ) في حديث: (( ادعو إلي حبيبي )) عن الشوكاني.
قال الدار قطني: تفرد به مسلم بن كيسان الأعور، وتفرد به إسماعيل بن أبان الوراق.
وفي اللألئ: ومسلم روى له الترمذي، وابن ماجة وهو متروك، وإسماعيل من شيوخ البخاري، وقد رواه ابن عدي من طريق أخرى عن عبد الله بن عمر مرفوعا، وزاد فقيل لعلي: ما قال؟ قال: علمني ألف باب يفتح كل باب ألف باب.
قال المعلمي: هو من طريق كامل بن طلحة عن ابن لهيعة، وكامل سمع من ابن لهيعة بآخرة وليس ذلك بشيء. ا هـ.
والجواب وبالله التوفيق: أما السند الأول ولفظ الحديث، فهو في اللألئ المصنوعة ( ج 1/ ص 374 )، الدارقطني حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر البجلي الكوفي، حدثنا علي بن الحسين بن عتبة، حدثنا إسماعيل بن أبان، حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن عائشة قالت: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموت قال: (( ادعوا لي حبيبي، فدعوت له أبا بكر فنظر ثم وضع رأسه، فقال: ادعوا لي حبيبي فدعوا له عمر فنظر إليه ثم وضع رأسه، وقال: ادعوا لي حبيبي، فقلت: ويلكم ادعوا له علي بن أبي طالب فوالله ما يريد غيره، فلما رآه أفرد الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه، فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه )). انتهى.
وأما السند الثاني واللفظ الثاني: فذكره في ( ص 374، وص 375 ) فقال: وله طريق آخر.
قال ابن عدي: حدثنا أبو يعلى، حدثنا كامل بن طلحة، حدثنا ابن لهيعة، حدثني حيي بن عبد المغافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في مرضه: (( ادعوا لي أخي، فدعوا له أبا بكر فأعرض عنه، ثم قال: ادعوا لي أخي، فدعوا له عمر فأعرض عنه، ثم قال:

ادعوا لي أخي، فدعوا له علي بن أبي طالب فستره بثوب وأكب عليه، فلما خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علمني ألف باب، يفتح كل باب ألف باب )) والله أعلم. انتهى.
قلت: فانظر تدليس مقبل كيف أورد الرواية الأولى التي فيها ذكر الموت، ففيها لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموت، وفي آخرها فلم يزل محتضنه حتى قبض، فأعجبته هذه الرواية، لأنه يراها ساقطة بسبب مخالفتها، لما في الصحيح بزعمهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبض بين سحرها ونحرها، ثم حذف الرواية الثانية ولم يذكر، إلا إنه رواه ابن عدي بسند آخر، ولم يذكر لفظ الرواية الثانية، وليس فيها ذكر حضرور الموت، ولا قوله: فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه، فأوهم أنها هي بعينها، وأنه إنما زاد فيها قوله: (( فلما خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علمني ألف باب... )) إلخ.
فجمع مقبل هنا بين التدليس وبين إيراد اللفظ، الذي يعتقد أن الرواية تسقط بسببه دون اللفظ الآخر، وهذا يُنبِّه الطالب إلى أن يحذر ولا يتكل على خصومه ولا يستسلم لهم، فهذه عادتهم، وعند البحث تنكشف الحقائق.
وقد مر أول الحديث بلفظ: (( ادعوا لي خليلي ))، أورده السيوطي في اللألئ ( ج 1/ ص 361 ) فقال: عن ابن الجوزي أخبرنا عبد الله بن أحمد الخلال، أنبانا علي بن الحسين بن أيوب، أنبأنا أبو علي بن شاذان، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد الزبير، حدثنا علي بن الحسن بن فضال الكوفي، حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم، حدثني أبي، حدثنا أبو عرفجة، عن عطية قال: (( مرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرض الذي توفي فيه، وكانت عنده عائشة وحفصة فقال لهما: أرسلا إلى خليلي فأرسلتا إلى أبي بكر... إلى قوله فقال: أرسلا إلى خليلي فأرسلتا إلى علي فجاء فسلم، فلما جلس أمرهما فقامتا فقال: يا علي ادع بصحيفة وداوة، فأملى وكتب علي وشهد جبريل، ثم طويت الصحيفة )). ولم يذكر فيه حضور الموت فهو موافق لرواية ابن لهيعة، وأحسن الألفاظ لفظ ابن لهيعة.

هذا وأما قوله: ومسلم متروك، فإنه يقال لمن تركه: بعض المحدثين متروك، وإن كان ثقة، وقد قال السيوطي في اللألئ ( ج 1/ ص 11 ): وسليمان بن أرقم أخرج له أبو داود، والنسائي، والترمذي، وهو وإن كان متروكا فلم يتهم بكذب ولا وضع. انتهى.
فبان أن ليس معنى متروك أنه كذاب أو وضاع، وإنما معناه تَركُ بعض المحدثين له، وذلك كثيرا ما يكون للنفار، بسبب اختلاف المذهب أو غير ذلك، كما ترك أحمد بن حنبل من أجاب في المحنة على حد عبارة القوم، بل قد يكون الجرح بسبب ذلك.
وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله ( ص 156 ) ما يفيد ذلك، حيث قال: وربما كان تكذيب مالك لابن إسحاق في تشيعه وما نسب إليه من القول بالقدر، وأما الصدق والحفظ فكان صدوقا حافظا، أثنى عليه ابن شهاب، ووثقه شعبة، والثوري، وابن عيينة، وجماعة جلة، وقد روي عن مالك أنه قيل له: من أين؟ قلت: في محمد بن إسحاق أنه كذاب. فقال: سمعت هشام بن عروة يقوله، وهذا تقليد لا برهان عليه، وقيل لهشام بن عروة: من أين قلت ذلك. قال: هو يروي عن امرأتي، ووالله ما رءاها قط. انتهى.
أما مسلم الملائي، فقال فيه ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل: مسلم الأعور الملائي الكوفي، وهو مسلم بن كيسان، أبو عبد الله الضبي الأعور، روى عن أنس، وحبة بن جوين العرني، ومجاهد، روى عنه الثوري، وشعبة، وإسرائيل، وحسن بن صالح، وخالد الواسطي، وجرير بن عبد الحميد، سمعت أبي يقول: ذلك، نا عبد الرحمن، نا محمد بن إبراهيم، نا عمرو بن علي قال: كان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عن مسلم الأعور، وهو مسلم أبو عبد الله، وشعبة وسفيان يحدثان عنه. انتهى المراد.
قلت: أما يحيى بن سعيد فلا إشكال في تعنته على الشيعة وبغضه لهم، ويكفي في الدلالة على ذلك كلامه في جعفر الصادق، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وقيس بن الربيع، وابن إسحاق، وإسرائيل بن يونس. ويكفي في الدلالة على تعنته وتعصبه

40 / 63
ع
En
A+
A-