وأما علي بن محمد بن الزبير فترجم له الخطيب في تاريخه، وقال: كان ثقة، وعلي بن الحسين بن أيوب لم أجده في تهذيب التهذيب ولا الميزان، ولا لسان الميزان ولا غيرها، فظهر أنه مجهول، فظهر أن الرواية لا تصح عن نصر ولا عطية، وإنما حملوها عليهما لحرصهم على تضعيفهما، نِعَمَ للرواية هذه ما يقويها، وهي رواية (( ادعوا لي حبيبي )) وتأتي إن شاء الله.
ولكن ليس في آخرها ذكر الصحيفة
أما قوله:فمن حدثكم... إلخ، فهو مدرج ليس من الحديث ظ، وإنما هو من بعض الرواة.

[ قول علي: بايع الناس لأبي بكر ... ]
قال مقبل(ص160) : قول علي رضي الله عنه: (( بايع الناس لأبي بكر وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجعوا كفارا، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر وأحق، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجعوا كفارا، يضرب بعضهم رقاب بعضهم بالسيف، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان إذا أسمع وأطيع...)) إلى آخر حديث المناشدة، وفيه: قال: أكان أحد غيري حين سد أبواب المهاجرين وفتح بابي ؟ فقام عماه حمزة والعباس. فقالا: يا رسول الله سددت أبوابنا وفتحت باب علي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أنا فتحت بابه، ولا سددت أبوابكم، بل الله فتح بابه وسد أبوابكم. فقالوا: اللهم لا ))... إلى أن قال (ج): - أي ابن الجوزي - هذا حديث موضوع لا أصل له، وزافر مطعون فيه، قال ابن حبان: عامة ما يرويه لا يُتابع عليه وكانت أحاديثه مقلوبة، وقد رواه عن رجل لم يسمه ولعله الذي وضعه، قال العقيلي: وقد حدثني به جعفر بن محمد، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، وأسقط الرجل المجهول، قال: وهذا الحديث لا أصل له عن علي، وقد ذكرنا عن ابن زرعة وابن وارة أنهما كذبا محمد بن حميد.
والجواب وبالله التوفيق: أما سنده فهو في اللألئ المصنوعة (ج1/ص361) هكذا: العقيلي، حدثنا محمد بن أحمد الوراجيني، حدثنا يحيى بن المغيرة الرازي، حدثنا زافر، عن رجل، عن الحارث بن محمد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني، قال: (( كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم فسمعت عليا يقول: بايع الناس لأبي بكر وأنا والله أولى بالأمر منه...)) إلخ.
أما زافر فإليك ترجمته من كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم قال فيه: زافر بن سليمان أبو سليمان الأيادي القهستاني، سكن الري، روى عن الثوري، وشعبة، وابن جريح، وإسرائيل، وعبيد الله الوصافي، وأصبغ بن زيد، وأبي سنان الشيباني، وورقاء وأبي بكر الهذلي، وجعفر الأحمر.

روى عنه يعلى بن عبيد، والحسين بن علي الجعفي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعبيد الله بن موسى، وهشام بن عبيد الله، ومحمد بن سعيد الأصبهاني، وعبد الله بن الجراح، ومحمد بن مقاتل المروزي، ومحمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي، والحسين بن عيسى بن ميسرة، والحسن بن عرفة، سمعت بعض ذلك من أبي وبعضه من قبلي، حدثنا عبد الرحمن، نا عبد الله بن أحمد ( بن حنبل) فيما كتب إلي، قال: سمعت أبي يقول: زافر ثقة رأيته.
حدثنا عبد الرحمن، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: زافر بن سليمان ثقة، سمعت أبي يقول: زافر بن سليمان محله الصدق. انتهى.
وترجمته في الميزان يفيد أنهم اختلفوا فيه، ومما قال فيه: روى عن ليث بن أبي سليم، وابن جريح وطائفة، وعنه ابن معين وابن عرفة وخلق، وثقه أحمد وابن معين، وكان يجلب الثياب القوهية إلى بغداد.
وقال البخاري: عنده مراسيل ووهم.
وقال أبو داود: ثقة صالح. انتهى المراد.
وأما قوله: والصواب ما قال يحيى بن المغيرة عن رجل فلا نسلّم، لأن يحيى بن المغيرة قد تُكلم فيه، ففي ترجمته في تهذيب التهذيب قال أبو حاتم: صدوق ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب، ثم قال ابن حجر: وقال مسلمة في الصلة: ليس بالقوي له مناكير، أخبرنا عنه أبو زيد المخزومي. انتهى.
فكيف يجعل حجة على ابن حميد مع احتمال أن الغلط منه ؟!
ومحمد بن حميد ترجم له في تهذيب التهذيب وأفاد أن تلاميذه الذين رووا عنه أبو داود، والترمذي وابن ماجة، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وماتا قبله، وعبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش وهو من أقرانه، ومحمد بن إسحاق الطاغاني، ومحمد بن يحيى الهذلي، وصالح بن محمد الأسدي، وأحمد بن علي الأبار، وجعفر بن أحمد بن نصر، والحسن بن علي المعمري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل،

وأبو بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن هارون الرؤياني، والقاسم بن زكريا المطرز، ومحمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن محمد البغوي، وآخرون.
قال أبو زرعة: الرازي من فاته ابن حميد، يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث.
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد حيا.
قال عبد الله: قدم علينا محمد بن حميد حيث كان أبي بالعسكر، فلما خرج قدم أبي وجعل أصحابه يسألونه عنه ؟ فقال لي: ما لهؤلاء ؟ قلت: قدم هاهنا فحدثهم بأحاديث لا يعرفونها، قال لي: كتبت عنه ؟ قلت: نعم، فأريته إياه، فقال: أما حديثه عن المبارك وجرير فصحيح، وأما حديثه عن أهل الري فهو أعلم. وساق ابن حجر في هذا المعنى حتى قال: وقال ابن أبي خيثمة سئل ابن معين فقال: ثقة لا بأس به، رازي كيّس، وقال علي بن الحسين بن الجنيد عن بن معين: ثقة، وهذه الأحاديث التي يحدث بها ليس هو من قبله، إنما هو من قبل الشيوخ الذين يحدث عنهم، وقال أبو العباس بن سعيد: سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي يقول: ابن حميد ثقة. انتهى المراد.
وأما قول ابن حبان: وقد ذكرنا عن أبي زرعة وابن وارة أنهما كذّبا محمد بن حميد. فالجواب:: أنه حكى ذلك في كتاب المجروحين، في قصة يذكر فيها أنهما قالا لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله رأيت محمد بن حميد ؟ قال: نعم. قال: كيف رأيت حديثه ؟ قال: إذا حدث عن العراقيين يأتي بأشياء مستقيمة، وإذا حدث عن أهل بلده مثل إبراهيم بن المختار وغيره أتى بأحاديث لا تعرف، لا تدري ما هي. قال: فقال أبو زرعة وابن وارة: صح عندنا أنه يكذب، قال: فرأيت أبي بعد ذلك إذا ذكر ابن حميد نفض يده. انتهى.
فقد ظهر سبب تكذيبهما له، وهو أنه يروي عن أهل بلده أشياء لا يعرفها أحمد، لكنه قد تقدم عن أحمد أنه قال: وأما حديثه عن أهل الري فهو أعلم.

فهذه الرواية ضعيفة عن أحمد، لمخالفتها الرواية السابقة، لأن الرواية السابقة تدل على أنه حمله فيما رواه عن أهل بلده على أنه أعلم. فلا وجه لإنكاره، فكيف ينفض يده بناء على قول أبو زرعة وابن وارة، وهما إنما حكما عليه بالكذب بناء على أن روايته عن أهل بلده منكرة ؟! وأحمد لا يراها منكرة. فكيف يقلدهما في هذا وهو يرى أنهما بنياه على أصل فاسد ؟! فرواية ابن حبان هذه ضعيفة.
ولا يخفى أنه متهم في جرح من يخالفه في المذهب، وأنه وغيره من أصحابه يتطلبون جرح من يروي الفضائل ويتعنتون عليه، ويجلبون عليه التهم بقدر ما يستطيعون، وإذا روي لهم فيه سبب تضعيف أو جرح سارعوا إلى قبوله بدون تثبت.
ولذلك فينبغي التأكد فيما قالوه وما رووه، من ذلك ما روي عن أبي زرعة أنه قال: كُتِب إلي من بغداد بنحو من خمسين حديثا، من حديث ابن حميد منكرة، فيه أحاديث رواه شبابة عن شعبة، حدّث به عن إبراهيم بن المختار، عن شعبة، فهذه الحكاية تحتمل الإرسال وتحتمل الغلط.
أما الإرسال فإن الكتاب إذا كان أبو زرعة قبله اعتماد على خبر الرسول أنه كتاب فلان، فالرسول مجهول والرواية مرسلة، لإسقاط الواسطة الذي هو الرسول.
وإن كان اعتمد على ظنه في نسبة الخط، فيحتمل الغلط بمشابهة الخط، والغلط بالاعتماد على قرائن كاذبة، يظن بسببها أن الخط خط فلان. مع أن الذي نسب إليه الكتاب مجهول، وقد يكون كذب على محمد بن حميد، توصلا إلى جرحه أو تضعيفه، فكيف نعتمد نحن على كتاب مجهول صاحبه؟ أو نعتمد على ظن أبي زرعة ولعله غالط فيه، أو متكل على خبر الرسول، وهو غير مذكور وهو مجهول.
وتوثيق من قد عرف محمد بن حميد وأخذ عنه أولى من جرح من لم يعرفه، وإنما نظر في الحديث الذي يروى عنه أو يرويه هو. وقد تقدم أن يحيى بن معين ممن أخذ عنه وأنه وثقه، وأنه قال: هذه الأحاديث التي يحدث بها ليس هو من قبيله، إنما هو من قبل الشيوخ الذين يروي عنهم، فقد وثقه ودفع شبهة من ضعفه.

فظهر أن روايته أرجح من رواية يحيى بن المغيرة، الذي زاد في السند رجلا مجهولاً، ولم يزده ابن حميد.
هذا والحديث في ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر (ج3/ص113) وما بعدها بسند آخر، وفيه في ذكر سد الأبواب فقام عمه، ولم يذكر العباس ثم ذكره في (ص118) بسنده عن يحيى بن المغيرة الرازي، أنبأنا زافر عن رجل ... إلخ السند والحديث.
كما ذكره العقيلي، وذكره بعده في (ص120) كلام العقيلي في سنده، وسنده الآخر عن زافر عن الحارث.
وأخرجه ابن المغازلي في المناقب(ص88) بسند آخر فقال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع البغدادي، أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد أبي مسلم الفرضي، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة الحافظ، حدثنا جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي، حدثنا نصر وهو ابن مزاحم، حدثنا الحكم بن مسكين، حدثنا أبو الجارود، وابن طارق عن عامر بن واثلة، وأبو ساسان، وأبو حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عامر بن واثلة، قال: كنت مع علي عليه السلام في البيت يوم الشورى فسمعت عليا يقول لهم: لاحتّجن عليكم... إلخ، فذكره بطوله.
والألفاظ في حديث المناشدة فيها بعض اختلاف، وفي هذا سد الأبواب وفتح باب علي، وليس فيه ذكر عمه.
وأخرجه المؤيد بالله أحمد بن الحسين عليه السلام في أماليه (1) بسند آخر من طريق ابن عقدة، فقال: حدثنا القاضي أبو الفضل زيد بن علي الزبيري أبو الفضل النجار قراءة عليه، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن بشر بن مجالد بن نصر البلخي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدثنا مرثد بن الحسن بن مرثد بن باكر أبو الحسن الكاهلي الطبيب، قال: حدثنا خالد بن يزيد الطبيب، قال: أخبرنا كامل بن العلاء، قال: أخبرنا جابر بن يزيد، عن عامر
__________
(1) الأمالي /113(25).

بن واثلة، قال: (( كنت على الباب يوم الشورى وحضرهم عبد الله بن عمر فسمعت عليا عليه السلام يقول: بايع الناس أبا بكر فسمعت وأطعت، ثم بايعوا عمر فسمعت وأطعت، ويريدون أن يبايعوا عثمان إذاً أسمع وأطيع، ولكني محتج عليكم... )) إلخ. ذكره بطوله مع بعض اختلاف في بعض الألفاظ، وفيه سد الأبواب ولم يذكر عمه، بل قال فيه: وأمر نبيه بسد أبواب المهاجرين من القرابة وغيرهم، وأخرجهم منه غيري. ولم يذكر عمه الحمزة ولا العباس.
ورواه صاحب فرائد السمطين (ج1/ص16) وما بعدها بسنده عن زافر بن سليمان، حدثنا الحارث بن محمد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، وفيه سد الأبواب وفتح باب علي، وفيه حتى قام إليه عماه حمزة والعباس... إلخ.
نعم يمكن أن يكون زافر رواه أولاً عن رجل سمعه منه قبل أن يسمعه من الحارث، ثم سمعه من الحارث فرواه عنه، فلا تعارض بين السندين، كما أنه يمكن أن العباس حين هاجر وإن تأخرت هجرته كان له بيت عند المسجد كما قد روي ما يفسد ذلك، ففتح له بابا إلى المسجد رجاء أن يأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بقائه كما أذن لعلي فأمره فسدّه، فقال له ذلك، كما قال له حمزة، يوم سد الأبواب.
وليس في الرواية ما يدل على أن الحمزة والعباس قالا ذلك في وقت واحد، ولا مانع أن يتفق للعباس مثل ما وقع لحمزة لكون كل منهما عمه صلى الله عليه وآله وسلم، وأما قول العقيلي: وهذا الحديث لا أصل له عن علي، فهو قول لا نرى تقليده فيه، بل نرى أن المناشدة ثابتة في الجملة لتعدد طرقها.
ويؤكد ذلك ما رواه السيوطي في اللألئ المصنوعة (ج1/ص341) حاكيا عن أبي الحسن شاذان الفضلي، حدثنا أبو الحسن بن صفوة، حدثنا الحسن بن علي بن محمد العلوي الطبري، حدثنا أحمد بن العلاء الرازي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم التيمي، حدثنا محل الضبي، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن أبي ذر، قال علي يوم الشورى: (( أنشدكم بالله هل فيكم من ردت عليه الشمس غيري حين نام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعل رأسه في حجري حتى غابت الشمس،

فانتبه فقال يا علي: صليت العصر ؟ قلت: اللهم لا. فقال: اللهم ارددها عليه فإنه كان في طاعتك وطاعة رسولك )). انتهى.
وهذا الخصلة مذكورة في رواية ابن المغازلي.
وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب، في حرف العين، في القسم الأول ( ج، 3 ص 35، ط 1 سنة 1328 هجرية ) بعض المناشدة فقال: حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا عمرو بن حماد القتاد، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي، عن معروف بن خربوذ، عن زياد بن المنذر، عن سعيد بن محمد الأزدي، عن أبي الطفيل قال: لما احتضر عمر جعلها شورى بين علي وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد، فقال لهم علي: أنشدكم الله هل فيكم أحد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبينه إذ آخى بين المسلمين غيري؟ قالوا: اللهم لا. انتهى.
قال مقبل: ( ش ) أي: الشوكاني وقال في الميزان: هذا خبر منكر غير صحيح وحاشا أمير المؤمنين من قول هذا.
فالجواب :: أنه عندنا غير منكر، لأنه أحق بالأمر وأولى به، بدليل حديث المنزلة وحديث الغدير وغير ذلك، وإنما أنكره الذهبي بناء على اعتقاده في أبي بكر وعمر، وكذلك قوله: وحاشا أمير المؤمنين.
وقال مقبل: وقال العلامة عبد الرحمن المعلمي: في هذا الخبر احتجاجات ركيكة يجل قدر أمير المؤمنين علي عنها، وإنما تناسب عقول الجهلة.
والجواب :: أن المحاجة للخصم تكون بما يلتزمه، وقد روى البخاري في صحيحه ( ج 1 ص 194 ) في خبر السقيفة احتجاج أبي بكر بقوله: هم أوسط العرب دارا، وأعربهم أحسابا، فكيف يكون احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام بمناقبه وفضائله، وما له من أسباب الشرف وقوة الإتصال برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجاجا ركيكا ؟!‍! فلماذا لا يرد حديث البخاري في السقيفة، وفيه عن عمر أنه قال لأبي بكر: بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاعتبر الإتصال برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

في قوله: وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعتبر الحب. فكيف لا يحتج عليهم أمير المؤمنين ويسلك في احتجاجه هذه الطريقة المعتبرة عندهم ؟! فيبين اختصاصه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويبين ماله من اتصال ومن دلائل الحب وكيف لا يذكر أسباب الشرف التي بها تعرف العامة أنه أهل للخلافة، كما ذكرها أبو بكر في جوابه على الأنصار في رواية أخرى في البخاري ( ج 8 ص 27 ) ؟! حيث احتج الأنصار فأجاب عنهم أنهم أهل لما ذكروه من الخير، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا، فلا ركاكة في بيان جمعه لأسباب الشرف التي بها يعرفون أهليته للولاية، ويعترفون إن أنصفوا أنه أولى من غيره.

- - -

[ حديث: (( كانت راية رسول الله يوم أحد مع علي ... )) ]
قال مقبل( ص 163 ) : خبر كانت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد مع علي بن أبي طالب وكانت راية المشركين مع طلحة بن أبي طلحة.
قلت: ننقل الحديث بسنده قال السيوطي في اللألئ المصنوعة ( ج 1 ص 364 ) ابن عدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، حدثنا ابن مهران، حدثنا مكحول - وفي لسان الميزان مخول - حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده قال: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد مع علي وراية المشركين مع طلحة بن أبي طلحة. فذكر خبرا طويلا وفيه: (( وحمل راية المشركين سبعة ويقتلهم علي، فقال جبريل: يا محمد ما هذه ( كذا ) المواساة؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنا منه وهو مني، ثم سمعنا صائحا في السماء يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي )).
عبيد رافضي يحدث بالموضوعات، ثم قال السيوطي: يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: صاح صائح يوم أحد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. يحيى متروك.
قلت: لا نسلّم وقد مر الجواب فيه، قال السيوطي: عمار بن أخت سفيان، عن طريف الحنظلي، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: (( نادى مناد من السماء يوم بدر يقال له: رضوان، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي )). عمار متروك.
قال السيوطي: كلا بل بل ثقة، ثبت حجة من رجال مسلم، وأحد الأولياء الأبدال، والمصنف ( أي: ابن الجوزي ) تبع ابن حبان في تجريحه وقد رد عليه. انتهى.
قلت: هذا مما يلفت نظر المنصف لئلا يغتر بمجازفة ابن حبان وابن الجوزي، وقد رماه الذهبي أعني رمى ابن حبان بالمجازفة في ترجمة حجاج بن أرطاة في الميزان لما تكلم فيه ابن حبان فقال: تركه ابن المبارك، ويحيى القطان، وابن معين وأحمد.
قال الذهبي: كذا قال ابن حبان، وهذا القول فيه مجازفة. انتهى.

33 / 63
ع
En
A+
A-