الولي، وأنت الوزير، عدوك عدوي وعدوي عدو الله، ووليك وليي ووليي ولي الله عز وجل )). انتهى.
واعلم أن في رواية أمالي أبي طالب (( وأنت الخليفة في الأهل والمال والمسلمين في كل غيبة ))، وزيادة قوله: (( في كل غيبة )) ليست في أمالي المرشد بالله، كما أن الكلمة كلها ليست في أمالي المؤيد بالله، ولا أمالي الصدوق، فزيادة قوله: (( في كل غيبة )) ضعيفة مع أنها مستبعدة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يغيب وعلي معه في الغزوات كلها، إلا تبوك وفي الحج والعمرة، فلم يخلفه في كل غيبة، وكذلك في رواية أمالي أبي طالب (( كما يتواجه منزل الأخوين في الله ))، وليست كذلك في الثلاث الأماليات، بل هي في أمالي المرشد بالله (( كما يتواجه منزل الأخوين في الدنيا )). وفي أمالي المؤيد بالله وأمالي الصدوق (( كمنزل الأخوين )) ليس فيهما زيادة في الله.
وهي مخلة بالمعنى المقصود فيما أعتقد، هذا ومحل الحديث في أمالي أبي طالب (ص66)، وفي أمالي المرشد بالله (ج1/ص141).

- - -

[ حديث: (( أول من يدخل عليك ... أمير المؤمنين ... )) ]
قال مقبل (158): حديث: (( يا أنس اسكب لي وضوءا، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، قال أنس: فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، إذ جاء علي عليه السلام، قال: من هذا يا أنس ؟ فقلت: علي. فقام مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه ويمسح عرق علي بوجهه، فقال علي: يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت لي قط !! قال: ما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي )).
(ش) - أي الشوكاني - رواه أبو نعيم في الحلية، وقال في الميزان هذا حديث موضوع. (ج) - أي ابن الجوزي - وقد روى هذا الحديث جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، عن أنس قال: زائدة كان جابر كذابا، وقال أبو حنيفة: ما لقيت أكذب منه.
والجواب وبالله التوفيق: أن سند الحديث في اللألئ المصنوعة ليس فيه جابر الجعفي، بل قال عن ابن الجوزي أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد بن علي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، حدثنا علي بن عابس، عن الحارث بن حصيرة، عن القاسم بن جندب، عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( يا أنس اسكب وضوءا... ))، فذكره إلى آخره.
ثم قال: ابن عباس ليس بشيء، وتابعه جابر الجعفي عن أبي الطفيل، عن أنس نحوه وجابر كذبوه، وهذا يفيد أن رواية جابر غير هذه المذكورة، وإنما هي نحوها، فقول ابن الجوزي وقد روى هذا الحديث دون أن يقول نحوه، تدليس ولعل غرضه التشنيع على جابر، لأن قضية العرق مستبعدة في بادئ الرأي، ويحتمل أن جابراً رواه بدون ذكر العرق، فإن كان رواه فهي متابعة قوية، وقضية العرق لا مانع منها، وعدم ظهور الحكمة فيها لا يدل على بطلانها، لأنه يمكن أن فيها حكمة وإن

لم نعلمها، فلا وجه لرد الحديث من أجل الجهل بالحكمة، فضلا عن جرح رواته، بناء على قول الذهبي في الميزان هذا حديث موضوع.
بل هذا محض التقليد المذموم الذي هو محاربة السنة، ودفع الدين بالتقليد، ومجرد الاستبعاد.
وقد أخرجه السيد عبد الله بن الهادي في حاشية كرامة الأولياء وهو السابع عشر من الأحاديث التي جمعها لإثبات إمامة أمير المؤمنين، نقله من مناقب محمد بن يوسف الكنجي، بإسناده من طريق علي بن عابس، عن الحارث بن حصيرة، عن القاسم بن جندب، عن أنس، فذكره بتمامه ثم قال: قال ابن يوسف: - أي الكنجي - هذا حديث حسن عال.
أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء.
ثم قال السيد عبد الله: قال الذهبي: هذا حديث موضوع، وعابه هو وغيره بعلي بن عابس، وإبراهيم بن محمد بن ميمون، وهما من ثقات الشيعة، وابن عابس أيضا من رجال الترمذي، وقد تابعه أيضا جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، عن أنس بنحوه، وجابر من ثقات الشيعة وكبراء علمائهم، ومن رجال أبي داود، وابن ماجة، لكن شيعة القاسطين لا حيلة معهم، لأنهم لا يبالون ما خرج من رؤوسهم حق أو باطل، والمرجع إلى الله.
قلت: يعني بالقاسطين: الفئة الباغية. ويعني: بشيعتهم العثمانية.
قال السيد عبد الله: مع أن الخطيب قد أخرج في التلخيص له شاهدا من حديث سلمان والطبراني، من حديث سعيد بن كرز، من حديث الوصي وعمار، وتصديق عائشة، وسكت السيوطي على رجال مسنديهما، (كذا) في اللألئ يعني المصنوعة للسيوطي.
قال السيد عبد الله: وأخرجه أيضا أبو بكر الخوارزمي، وأخرج الحديث محمد بن سليمان، عن محمد بن منصور قال: حدثنا علي بن سيف الضبي، عن صباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن القاسم بن جندب، عن أنس بن مالك، وفي هذه الرواية متابعة لعلي بن عابس.

قلت: ولإبراهيم بن محمد بن ميمون.
قال السيد عبد الله: وعلي بن سيف من رجال العلوم وأمالي أبي طالب، وصباح بن يحيى من عيون الزيدية وخيارهم. انتهى.
ويعني بالعلوم: أمالي أحمد بن عيسى عليهما السلام.
قال مقبل(ص158) حاكيا عن ابن الجوزي قال: زائدة، كان جابر كذابا.
وقال أبو حنيفة: ما لقيت أكذب منه.
والجواب :: أنَّا قد قدمنا ما فيه الكفاية في الرد على جرحهم لجابر، وذلك في الرد على رياض مقبل.
وهذه الحكاية عن زائدة مردودة ولو صحت عنه فلا حجة فيها، لأنها من خصم في خصم وهو يراه كذابا، لأجل مذهبه الذي يعتقده فيه، أعني القول بالرجعة كما يفهم من رواية ابن حبان، في كتاب الضعفاء والمجروحين، حيث قال (ج1/ص209) بسنده عن يحيى بن يعلى قال: قال زائدة: أما جابر الجعفي فكان والله كذابا يؤمن بالرجعة، فظهر سبب تكذيبه، ولعلهم حذفوا قوله يؤمن بالرجعة، لئلا يفهم المقصود بالتكذيب.
وأما الرواية عن أبي حنيفة فلا تصح عنه، لأنها من طريق خصوم جابر فلا تقبل، مع أن هذا التعبير بعيد عن أبي حنيفة، لأنه فقيه فَهمٌ، يعرف ما تتضمنه هذه العبارة، فكيف ينطق بها ! وقد لقي أُمما من الناس لا يعرف درجاتهم في الصدق والكذب، وربما كان قد رأى من الكفار والشعراء أهل الخرافات والقصاصين أهل الكذب الكثير، فكيف يتصور منه أن ينطق بهذه الكلمة على فهمه، وانتباهه لغوامض المعاني، ومعرفته بأنها تدل على معرفته بمقادير كذب مَن سوى جابر ممن لقيهم من أهل الكذب، ومعرفته بمقدار كذب جابر، أو أنه قد جازف في هذا القول وهو بعيد من المجازفة، فالراجح أنها مكذوبة على أبي حنيفة، كذبها عليه بعض خصوم جابر لعداوة المذهب.
وقد ترجم له البخاري في التاريخ الكبير فلم يذكرها ولا التي قبلها عن زائدة، وكذلك ابن أبي حاتم ترجم له ولم يذكرهما، ولم أجدهما إلا في كتاب ابن

حبان وهو متهم في هذا الباب لفرط تعصبه ضد من يخالفه في الاعتقاد، فروايته غير مقبولة في جابر.
قال مقبل( ص 158، وص 159 ) : أما الكلام على جابر الجعفي فقد قال الإمام مسلم في صحيحه.
[دفاع عن صاحب المراجعات]
والجواب :: أنه قد صرح بتكذيب صاحب المراجعات وهو إمام من أئمة العلم، طالعت في بعض كتبه فعجبت لسعة اطلاعه، حتى كأنه قد اطلع على كتب أهل الأرض، وهو ينقل عن كتب الأمة، ويذكر الكتاب باسمه والجزء والصفحة، وطريقته وكماله الظاهر، وعلو شأنه وعلو همته، كل ذلك يدل على بعده من الكذب، وإذا جوزنا عليه الكذب جوزناه على مسلم، بل هذا أبعد عن الكذب، لأنه من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، وحبه علامة الإيمان والإيمان مجانب للكذب، كما أن الكذب مجانب للإيمان، وهو أيضا صحيح العقيدة في إثبات عدل الله وحكمته، سليم من الجبر والتشبيه، فليس المقصود المقارنة بينه وبين مسلم والمناظرة إلا بمعنى أن شرف الدين عند أصحابه بمنزلة مسلم والبخاري ونحوهما عند أصحابهم. فمقبل قد أجترأ وجازف في تكذيبه بدون حجة، وصنيع مقبل في تكذيبه يرشد إلى أن طريقة النواصب هي قلة الورع عن تكذيب الشيعة، وإليك نص المراجعات حتى تعرف أنه لم يقل عنهم في جابر إلا ما قالوه، وأنه صدق في نسبته ما نسبه إليه.
قال في المراجعات ( ص 58 ): جابر بن يزيد بن الحارث الكوفي، ترجمه الذهبي في ميزانه فذكر أنه أحد علماء الشيعة.
قلت: ترجمته في الجزء الأول من الميزان في باب الجيم، وهي في الطبعة الأولى في ( ص 176 ) وعدده رقم ( 1392 ) وقال فيه: أحد علماء الشيعة، قال في المراجعات: ونقل عن سفيان القول بأنه سمع جابرا يقول: انتقل العلم الذي كان في النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي، ثم انتقل من علي إلى الحسن، ثم لم يزل حتى بلغ جعفر.

قلت: هذا في الميزان ( ج 1 ص 177 ).
قال في المراجعات: وأخرج مسلم في أوائل صحيحه عن الجراح قال: سمعت جابرا يقول: عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر ( الباقر )، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلها. وأخرج عن زهير قال: سمعت جابرا يقول: إن عندي لخمسين ألف حديث ما حدثت منها بشيء. قال: ثم حدث يوما بحديث فقال: هذا من الخمسين ألفا.
قلت: هذا في أوائل صحيح ( ج 1 ص 102 ).
قال في المراجعات: وكان جابرا ( كذا ) إذا حدث عن الباقر يقول كما في ترجمته من ميزان الذهبي: حدثني وصي الأوصياء.
وقال ابن عدي كما في ترجمة جابر من الميزان: عامة ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة، وأخرج الذهبي ترجمته في الميزان بالإسناد إلى زائدة، قال جابر الجعفي: رافضي يشتم.
قلت: هاتان عن ابن عدي، وعن زائدة في ( ص 178 ) من ترجمة جابر من الميزان.
قال في المراجعات: قلت: ومع ذلك فقد احتج به النسائي وأبو داود، فراجع حديثه في سجود السهو من صحيحيهما.
قلت: هذا قد حكاه في الميزان في ترجمته ( ص 178 )، قال في المراجعات: وأخذ عنه شعبة، وأبو عوانة، وعدة من طبقتهما.
قلت: وهذا أفاده الذهبي في أول ترجمة جابر، قال في المراجعات: ووضع الذهبي على اسمه حيث ذكره في الميزان رمزي أبي داود، والترمذي.
أقول هذا صحيح، فأول ترجمته ( جابر بن يزيد د ت ق) أي: أبو داود، والترمذي، وابن ماجة.
قال في المراجعات: ونقل عن سفيان القول بكون جابر الجعفي ورعا في الحديث، وأنه قال: ما رأيت أورع منه.

قلت: في أول ترجمته في الميزان عن سفيان كان جابر الجعفي ورعا في الحديث، ما رأيت أورع منه في الحديث.
قال في المراجعات: وإن شعبة قال: صدوق، وإنه قال أيضا: كان جابر إذا قال: أنبأنا وحدثنا وسمعت، فهو من أوثق الناس.
قلت: وهذا كله في الميزان في أوائل ترجمة جابر.
قال في المراجعات: وإن وكيعا قال: ما شككتم في شيء فلا تشكوا في أن جابر الجعفي ثقة.
قلت: وهذا في الميزان هناك.
قال في المراجعات: وإن ابن عبد الحكم سمع الشافعي يقول: قال سفيان الثوري لشعبة: لأن تكلمت في جابر الجعفي لأتكلمن فيك.
قلت: وهذا في الميزان في أوائل ترجمة جابر.
قال في المراجعات: مات جابر سنة ثمان أو سبع وعشرين ومائة رحمه الله تعالى. انتهى.
فهذه ترجمته أين الكذب فيما حكاه يا مقبل !! لقد جئت شيئا عظيما يدل على عداوة شديدة، وقلة ورع عن الكذب.
أما كلام مقبل في الإمام شرف الدين فهو في ( ص 158 ) قال: أقول: قد أطلعت على كتاب يسمى المراجعات لبعض الإمامية فأثنى على جابر، وهذا كتابه مملوء بالثناء على أناس مجروحين، والطعن على صحابة سيد المرسلين، لذلك رأيت أن أنقل لك ما تكلم به علماء الحديث في جابر الجعفي، ليتضح لك كذب صاحب المراجعات. انتهى المراد.
ثم نقل ما نقله عن صحيح مسلم، فبان بذلك كذب مقبل على صاحب المراجعات، لأنه قد تبين بالمقابلة بين كلام صاحب المراجعات، وبين ميزان الذهبي وصحيح مسلم، وسنن أبي داود والنسائي، على ما فصلناه صدق صاحب المراجعات، وقد أخذ من الترجمة ما هو بمنزلة الإقرار لجابر من خصومه، وترك

دعوى ابن حبان وأضرابه المتعصبين وأكاذيبهم التي لا يقبلها منصف من خصم متحامل متعنت في خصمه.
وفي صنيع مقبل وكذبه على صاحب المراجعات بسبب عداوة المذهب، وشدة التعصب عبرة لمعتبر مفكر، يعرف بها مدى ما يبلغ التعصب بأهله وعداوة المذهب. وقد قدمنا في تقرير هذا الأصل في الجواب على رياض مقبل ما يكفي.
قال مقبل(ص158) و(ص159): أما الكلام على جابر الجعفي فقد قال الإمام مسلم في صحيحه: حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو الرازي، قال: سمعت جريرا يقول: لقيت جابر الجعفي فلم أكتب عنه، كان يؤمن بالرجعة.
والجواب :: أن هذا قد أفاده ما نقله شرف الدين عن ابن عدي من قوله: عامة ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة.
قال مقبل عن مسلم وحدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان قال: كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر، فلما أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه، وتركه بعض الناس، فقيل له: وما أظهر ؟ قال: القول بالرجعة.
الجواب :: أن هذا إن كان جرحا فلا يصدّق فيه سلمة بن شبيب، لأنه لا يقبل في جرح إمام من أئمة الحديث رواية رجل من صغار المحدثين، لم يجمعوا على قبول حديثه، وخصوصا وسلمة قد وصفوه بأنه صاحب سنة وجماعة، فمعناه أنه مخالف في الاعتقاد في المسائل المعروفة المختلف فيها بين من يسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة، وغيرهم من الشيعة والعدلية، ولذلك فهو خصم لجابر لا يقبل فيه جرحه له.
أما القول بالرجعة فهو عند القوم إحدى الكبر، ولذلك جاء في التعبير عنه بالإبهام على طريقة قول الله تعالى: { فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } [طه:78]. ولذلك فلا التفات إلى ما فرعوا عليه من الجرح أو الكذب على جابر بسبب عداوة المذهب.

وكذلك الحميدي وصفوه بأنه صاحب سنة وجماعة، فمعناه أنه عثماني يعتقد عقائد العثمانية، في الصفات وأفعال العباد، والإمامة والتفضيل، لأنهم يعتبرون التشيع بدعة.
قال في تهذيب التهذيب في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي: قال ابن حبان كان جعفر من الثقات في الروايات، غير أنه كان ينتحل الميل إلى أهل البيتن ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كانت فيه بدعة، ولم يكن يدعو إليها الاحتجاج بخبره جائز. انتهى.
وفي تهذيب التهذيب: وقال جعفر الطيالسي: عن ابن معين سمعت من عبد الرزاق كلاما فاستدللت به على ما ذكر عنه من المذهب، فقلت له: إن أستاذيك الذين أخذت عنهم ثقات أصحاب سنة، فمِمَّن أخذت هذا المذهب ؟ فقال: قدم علينا جعفر بن سليمان فرأيته فاضلا حسن الهدي، فأخذت هذا عنه. انتهى.
فقال: أصحاب سنة، يعني ليسوا شيعة، فظهر أن الحميدي أيضا متهم في جرح جابر لا يقبل قوله فيه، مع أن كلامه لا يزيد إثبات الرجعة، وأنه السبب في اتهام جابر، وذلك يؤكد قول ابن عدي: عامة ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة، على أن نسبة القول بالرجعة إليه لا يثبت بقول خصومه الذين يريدون جرحه به بسبب عداوة المذهب، ولو لم يكن جرحا في الواقع.
قال مقبل(ص159) : عن مسلم، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان قال: سمعت رجلا سأل جابرا عن قوله عز وجل: { فلما استيئسوا منه خلصوا نجياً قال كبيرهم ألم تعملوا أن أباكم قد أخذ عليكم موعداً من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين } [يوسف:80]. فقال جابر: لم يجئ تأويل هذه الآية. قال سفيان: وكذب، فقلنا لسفيان: وما أراد بهذا ؟ قال: إن الرافضة تقول: إن عليا في السحاب، فلا نخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء - يريد عليا أنه ينادي - اخرجوا مع فلان، يقول جابر فذاك تأويل هذه الآية، وكذب كانت في إخوة يوسف.

والجواب وبالله التوفيق: أن هذا السند لا نعلمه، رواه إلى سلمة بن شبيب، ولو كانت له طريق من عند غيره لكان منظنة أن يشتهر، لشدة حرصهم على جرح جابر الجعفي.
وهذا ابن حبان على شدة حرصه على جرح جابر وغيره من المخالفين لابن حبان، لم يذكر هذه الرواية في كتاب المجروحين، وقد ذكر فيه جابرا، وروى فيه عن البخاري عن الحميدي، سمعت سفيان بن عيينة يقول: جابر الجعفي يؤمن بالرجعة، ولم يذكر غير هذا، فظهر أن سلمة بن شبيب تفرد بما رواه عنه مسلم، وهو متهم في تفرده بهذه الروايات، لأنها لو كانت صحيحة لكانت مشهورة بين أصحاب ابن عيينة، لأنه من أئمتهم، ولأن جابرا من أئمة الحديث، وللكلام فيه أهمية عظيمة عند سفيان بن عيينة، إذا كان يرى تركه من كثرة حديثه، وإذا اشتهرت بين أصحاب ابن عيينة، اشتهرت بين الرواة عنهم. فكيف لا يرويها إلا سلمة بين شبيب عن الحميدي عن سفيان ؟! وكيف لم يروها عن الحميدي غير سلمة، والحميدي شيخ من كبار المحدثين ومشاهيرهم ؟!
هذا وقد ذكرنا أن الحميدي أيضا متهم، فلو رويت عنه من طريق غير سلمة بن شبيب فهو متهم بالتحامل على جابر بسبب عدواة المذهب، وقد وجدت للحميدي رواية تؤكد أنه متهم في الشيعة، وذلك أن ابن حبان روى في كتاب المجروحين في ترجمة يزيد بن أبي زياد، أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: سمعت الشافعي يقول: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد بمكة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: (( رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه )). قال سفيان: فلما قدم يزيد الكوفة سمعته يحدث بهذا الحديث، وزاد فيه (( ثم لم يعد ))، فظننت أنهم لقنوه. انتهى.
فهذا ذكره ابن حبان توصلا إلى تضعيف يزيد بدعوى أنه تغير، وأنه صار في تلك الحال يتلقن ولم يكن عنده في الرواية هذه زيادة على ذلك، وقد رواها ابن أبي

31 / 63
ع
En
A+
A-