قال السيوطي: هو من رجال الترمذي. قال في الميزان: وقد قواه الحاكم وحده، وأخرج له في المستدرك فلم يصب، والله أعلم.
قال السيد عبد الله بن الهادي في حاشية كرامة الأولياء في شرح حديث أحمد بن حنبل، عن علي عليه السلام: اللهم إني لا أعترف أن عبدا لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك صلى الله عليه وآله وسلم من طريق يحيى بن سلمة.
قال السيد بعد أن ذكر كلامهم فيه: ولا يعزب عنك ما تقدم من اشتراط اتحاد المذهب، وهذا - أي يحيى بن سلمة - من ثقات الشيعة، وهؤلاء الجارحون من كبار الحشوية، ثم ما مر ( أي اشتراطه ) من تبيين الجرح وسببه ومشاهدته، وليس في هذه الكلمات شيء. انتهى.
أي: كلمات الجارحين له ليس فيها شيء من ذلك.
قلت: قد صار الظاهر من كلامهم في الرجل أن معناه أنهم نظروا في حديثه، فحكموا فيه بما رأوه يقتضي حديثه.
أما قول أبي حاتم: منكر الحديث، فهو واضح في هذا المعنى، ولكنها دعوى من أبي حاتم لا يحتج بها على من يخالفه في المذهب، لإن الإنكار كثيرا ما يكون سببه مخالفة حديث الراوي لمذهب المنكر كما قدمناه، وكذلك ترك من تركه قد يكون لاختلاف العقائد، والنفار عنه بسبب ذلك، وقد يكون لإنكار حديثه، فيكون كقوله: منكر الحديث، فلا بد من تبيين السبب بعينه، ثم ننظر أهو جارح أم لا.
وقول الذهبي: وقد قواه الحاكم وحده، نقول: قد صحح له في المستدرك في كتاب التفسير ( ج 2 ص 246 ) فقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، واعترضه الذهبي في تلخيصه، فقال في يحيى بن سلمة: قال النسائي: متروك.
ثم صحح له الحاكم في ( ج 4 ص 608 ) فقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة عن أبيه من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصه بأحاديث يتفرد بها عنه. انتهى.
قلت: وهذا يصحح ما سبق لنا أن تصحيح الحاكم لمن جرحوه ليس تساهلا، بل هو خلاف في الجرح، ومعنى كلامه أن إنكار حديثه لا وجه له، لجواز أن يختص عن أبيه بما لا يرويه غيره عن أبيه وهذا واضح، وهو يؤكد أنهم يتحاملون على الشيعة، فيتطلبون لهم الجرح ويغلطون في ذلك، ويتعنتون ويتساهلون في جرح الشيعة.
والحديث في ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر ( ج 2 ص 404 )، قال: أخبرناه أبو القاسم - أي: ابن السمرقندي - أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة، أنبأنا حمزة - أي: بن يوسف - أنبأنا أبو أحمد - أي: ابن عدي - أنبأنا حاجب بن مالك، أنبأنا علي بن المثنى، حدثني الحسن بن عطية البزار، حدثني يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن سالم بن ثوبان قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى علي عبادة )).
وفي مناقب ابن المغازلي ( ص 145، وص 146 ): أخبرنا أحمد بن محمد، حدثنا الحسين بن محمد بن الحسين العدل، حدثنا محمد بن محمود، حدثنا إبراهيم بن مهدي الأبلي، حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، حدثنا محمد بن راشد، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى علي عبادة )).
وفيه ( ص 84، وص 85 ): أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي أذنا أن أبا طاهر إبراهيم بن محمد بن عمر بن يحيى العلوي حدثهم قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن المطلب الشيباني، حدثنا محمد بن محمود بن بنت الأشج الكندي الكوفي نزيل أسوان سنة ثماني عشرة وثلاث مائة، حدثنا محمد بن عنبس بن هشام الناشري، حدثنا إسحاق بن يزيد، حدثني عبد المؤمن بن القاسم، عن صالح بن ميثم، عن يريم بن العلاء، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل علي فيكم - أو قال: في هذه الأمة - كمثل الكعبة المستورة - أو قال: المشهورة - النظر إليها عبادة، والحج إليها فريضة )).
قال محمد بن عبد الله بن المطلب: ذاكرت به أبا العباس بن عقدة الحافظ فاستحسنه وقال لي: يريم بن العلاء يكنى أبا العلاء، حدث عن أبي ذر، وقيس بن سعد، شهد مع علي مشاهده ثم مات في حبس الحجاج، حدث عنه أبو إسحاق، وعمران، وصالح بن ميثم. انتهى.
وبهذه الجملة يتضح ثبوت حديث: (( النظر إلى علي عبادة )). والحمد لله رب العالمين.
- - -
[ حديث: (( خرجنا نمشي في طرقات المدينة ... )) ]
قال مقبل ( ص 154 ): قول علي: (( خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم نمشي في طرقات المدينة، إذ مررنا بنخل من نخلها صاحت نخلة بأخرى هذا النبي المصطفى وعلي المرتضى، ثم جزناها صاحت ثانية بثالثة هذا موسى وأخوه هارون، ثم جزناها فصاحت رابعة بخامسة هذا نوح وإبراهيم، ثم جزناها فصاحت سادسة بسابعة هذا محمد سيد المرسلين وهذا علي سيد الوصيين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: يا علي إنما سمي نخل المدينة صيحانيا، لأنه صاح بفضلي وفضلك )).
( ج ) أي: ابن الجوزي هذا من أبرد الموضوعات وأقبحها، فلا رعى الله من عملها ولا نشك أنه من عمل الذراع، وقد ذكرنان عن الدارقطني أنه قال: هو دجال كذاب. انتهى.
والجواب :: أما سند الحديث فهو كما في اللألئ المصنوعة ( ج1 ص 354 ) عن ابن الجوزي: أخبرنا إبراهيم بن دينار، أنبأنا محمد بن سعيد بن نبهان، أنبأنا الحسن بن الحسين بن دوما، حدثنا أحمد بن نصر الدارع، حدثنا صدقة بن موسى، حدثنا أبي، حدثنا علي بن موسى الرضى، عن أبيه موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين (1) ، عن علي قال: (( خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم، إذ مررنا بنخل صاحت نخلة [ بـ ] أخرى هذا النبي المصطفى وعلي المرتضى ))، فذكره إلى آخره.
أحمد بن نصر الذارع قد مر الكلام فيه في الجواب على رياض مقبل، في الجواب على قوله: أليس من التلبيس أن يقوم خطيبكم يبث الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وذلك عند الكلام في حديث: (( علي خير البشر ))، وحديث: (( أنا مدينة العلم )). ورجحنا بطلان جرحه لعدم الدليل، وكونهم لم يجرحوه إلا لرواية
__________
(1) في الأُم الحسن، وهو غلط في النسخة. (مؤلف).
هذا الحديث، ونحوه من الفضائل التي ينكرونها وليست منكرة، ودعواهم أنها منكرة لا يصح اعتمادها بدون حجة، بل اعتمادها بدون حجة تقليد لهم، وهم عندنا غير محقين في استبعادهم للفضائل العلوية، وما تقترن به من المعجزات النبوية، وقد نبهنا فيما سبق على أن من الدور أن يعتمد ابن الجوزي في إبطال الحديث على كلام الدارقطني أو غيره في راويه، والمتكلم في الراوي جرحه لأجل روايته للحديث، هذا من ذاك فقد تقدم عن الدارقطني منقولا من لسان الميزان احتجاجه للقدح في أحمد بن نصر الذارع بروايته لهذا الحديث، وحديث: (( علي خير البشر )). فكيف يحتج ابن الجوزي بكلام الدارقطني لإبطال الحديث !!
قال مقبل ( ص 154 ): ولا سامح الله من نقله لأجل الاحتجاج به.
والجواب :: أي مصيبة في ذلك يا مقبل ؟ أساءك تشبيه علي بالأنبياء؟ فقد ثبت تشبيهه بهارون، واشتهر تشبيهه بعيسى، فأي منكر في ذلك؟ أم ساءك إثبات وصاية علي عليه السلام ؟ فالروايات فيها كثيرة شهيرة، وهي لا تخالف كتابا ولا سنة.
قال مقبل: ولقد عرف بولس سلامة النصراني سخافة عقول الشيعة، ونظم هذه الأحاديث الموضوعة في كتاب سماه (عيد الغدير)، فترى الشيعة معجبين بذلك الكتاب، ويقولون لقد عرف فضل علي مسيحي، والنواصب منكرون له.
الجواب :: إن رمي الشيعة بسخافة العقول لا دليل عليه من الكتاب ولا من السنة، ولكنه حمله عليه بغضه لهم، وهي دعوى كاذبة قلد فيها سلفه من النواصب الذي يتجاهلون الحقائق، ويصدقون في الشيعة أكاذيب خصومهم المنفرة عنهم، مثل ما في كتاب الملل والنحل للشهرستاني من الروايات المرسلة، وما في كتاب الفصل لابن حزم، وما في منهاج ابن تيمية من الدعايات التي يحاولون بها تقرير سخافة عقولهم.
ولا شك أن تصديق خصوم الشيعة المبغضين لهم ميل عن الإنصاف ولو أسندوا، فأما المراسيل تلك فقبولها إنما هو لأن القابل لها يبغضهم، ويتطلب لهم المعايب كما قال الشاعر:
إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحا ... عني وما سمعوا من صالح دفنوا
وكيف تتصف بسخافة العقول أُمة صفوتها آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم !! وهم أهل بلدان مختلفة وأقطار متباينة، وأعصار مختلفة وأنساب متعددة، والعقول فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي حجة الله الأولى على عباده، وقد أتم خلق الشيعة وأكمل لهم العقول كما أكملها للناس، ومع ذلك ازدادوا هدى ونورا باتباعهم للحق وأهله، فالأولى أن يرمى بسخافة العقول سفهاء الأحلام، الذين ورد فيهم الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه (ج8/ص52) من النسخة المجردة عن الشروح عن علي عليه السلام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ...)) الحديث.
وقد بينا الوجه في دخولكم في هذا الحديث، وأنكم أحق بالدخول فيه من الخوارج الأولين، لاجتماع الصفات فيكم بوضوح وجلاء، كما فصلناه في موضع آخر.
أما قوله: ويقولون لقد عرف فضل علي مسيحي.
فجوابه: أن فضل علي ظاهر ونوره باهر، وإنما أرادوا إن كانوا قالوا ذلك أن المسيحي عرفه لجلائه ووضوحه ، وانتشار أدلته ووضوحها، وسلامته من التعصب ضدها، حيث لا مذهب له في ذلك يحامي عنه، كما تحامي النواصب عن مذهبها، ولو حررت النواصب أفكارها، وتخلصت من تقليد أسلافها في الجرح والتعديل لعرفوا ما عرف غيرهم، ولكنهم كرهوها فانصرفوا عنها، فنقول لهم كمال قال نوح عليه السلام لقومه: { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ } [هود:28].
ومن طالع في هذا الجواب مع سلامته من تقليد العثمانية، فإنه يتجلى له وضوح فضل علي عليه السلام، ويعجب من عمى ابن الجوزي وأضرابه، حيث يردون حديث: (( أنا مدينة العلم ))، وحديث: (( النظر إلى علي عبادة ))، وحديث: (( رد الشمس لعلي ))، مع كثرة الطرق وورود الروايات فيها من
جهات مختلفة ومصادر متباينة، وما أشبه تلك الروايات المشهورة، بحيث لا ينكرها إلا متعصب أو مقلد أعماه حسن ظنه بأسلافه، واعتقاده أنهم يعلمون ما لا يعلم.
قال مقبل: وهم لا يعلمون أن عمله مكيدة للإسلام.
والجواب :: أن هذه جهالة واضحة، فإن هذه الفضائل لا تهدم الإسلام ولم يخترعها بولس، إنما جاء بما في كتب المسلمين قد سبقوه إليها. فكيف يجعلها مكيدة للإسلام ؟!
وهذه مبالغة في دعوى بطلانها، ولكنا قد أوضحنا بحمد الله في جملة منها بطلان دعوى مقبل، ونزيد إن شاء الله بيانا في غير ما قد ذكرناه.
وقال مقبل: وهم لا يعلمون أن عمله مكيدة للإسلام، واقتداء بعبد الله بن سبأ، وشيعته الذين كانوا سببا في إشعال الفتن بين المسلمين، من وقت الخليفة الراشد إلى يومنا هذا.
الجواب :: أن هذه أسطورة مختلقة لا أساس لها من الصحة، وضعها النواصب لتعمية الناس عن الحقيقة ولو استطاع مقبل أن يورد لها سندا صحيحاً لجاء به، لشدة حرصه على تصحيح الأسطورة هذه، أعني قوله: كانوا سببا في إشعال الفتن... إلخ، ولقد خيل ما لا يقبله ذو فهم ومعرفة، كيف جعل بقايا القرن الذي قد قرر أنهم خير القرون، ومن معهم من القرن الثاني الذي هو يليهم فيما قد قرره مقبل، وروى في ذلك الحديث: (( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ... )) إلخ، كيف جعلهم من الغباوة والجهل بحيث يصرفهم يهودي من صنعاء عن الحق الذي عليه الأمة مجمعة بزعمهم، وفيهم بقايا الصحابة المنظور إليهم مثل علي عليه السلام، وابن عباس وجمع كبير منتشر في أقطار الإسلام من علماء الصحابة والتابعين، ثم يخدعهم بزعمهم ابن السوداء ويصرفهم عن مسألة مفروغ منها، أجمعت عليها الصحابة بزعمهم من بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستمرت عليها الأمة نحو أربعة وعشرين عاما، وأكَّدتها بزعمهم فضائل للمتقدمين على علي عليه السلام، وأكدتها بزعمهم الآيات الكريمة الدالة على فضل السابقين الأولين، وعلى فضل الصحابة، ثم يأتي يهودي يظهر الإسلام فيقول لهم:
أنتم غالطون ،إنما الولاية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وهو الوصي بعده، فيتقبلونها من هذا الرجل المجهول دون أن يسألوا علماءهم أو يسألوا عليا نفسه، وهو موجود يمكن أن يسألوه فيتضح الحق بجوابه.
ويبلغ بهم اتباع اليهودي إلى أن يقوموا بالثورة على عثمان بناء على ما أصَلَّ لهم ابن السوداء، وعلي حاضر لا يسألونه وعلماء الصحابة غيره في المدينة ومصر والعراق، العلماء الذين يعرفون علمهم وفضلهم ويأخذون دينهم عنهم ما زالوا على ذلك، فكيف يتصور أن يقبلوا أقوال رجل مجهول دون أن يسألوا علماءهم، ثم يصروا على العمل به في أمر عظيم، يجتمعون عليه في مرأى ومسمع الأُمة، وتستمر قضيتهم حتى يقتلوا الخليفة دون أن يسألوا عالماً، أو يرشدهم عالم، أو يصغوا لقول عالم، كل ذلك يكون منهم اتباعا لابن السوداء المزعوم، واتباعا للرجل المجهول، هذا ما لا يقبله عقل عاقل مفكر.
بل هي خرافة وضعتها النواصب لتزيين مذهبهم، والتشنيع على عدوهم، وأسندوها من طريق ابن الفقعس الذي لا يصح أنه كان موجوداً في الدنيا فضلا عن صحة سنده. بل السند موضوع والقصة فرية ما فيها مرية، وأسباب الثورة على عثمان معروفة مشهورة بين الأمة، والخلاف بين الأمة سابق من يوم السقيفة، وقد روى بعضه البخاري في صحيحه، وكذلك أسباب حرب صفين والجمل.
قال مقبل: فما أشبه بولس سلامة صاحب الكتاب المسمى ( بعيد الغدير ) ببولس اليهودي الذي زعم أنه دخل في النصرانية، وكان ذلك مكيدة ليفسد على النصارى دينهم.
والجواب :: أن هذا تضليل واضح، لأن بولس سلامة نصراني لم يدخل في الإسلام ولا هو متبوع عند الشيعة، وإنما جاءهم بما وافق مذهبهم فأعجبهم لا غير، فلا معنى للإطالة فيه إلا التدليس وإيهام أنه متبوع، وذلك من مقبل اتباع لطريقة أسلافه في رمي الشيعة بالمذاهب المنفرة عنهم، والتهجين عليهم بما لا أصل له.
قال مقبل: ولكن غلاة الشيعة لا يعقلون، وليتهم عرضوا دعوى بولس سلامة أنه يحب عليا على قول الله سبحانه: { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ... } الآية [البقرة:120]. ليتضح لهم كذبه والله المستعان.
والجواب :: أن أول قول مقبل في الشيعة إنهم يقولون: لقد عرف فضل علي مسيحي. وهذا ظاهر لأنه جاء بما هو معروف عندهم، فأما دعوى أنه يحب عليا، فهي غير مقبولة منه إن كان ادعاها، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق )). فهذا في علي عليه السلام.
أما الآية فهي في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مع أن الرضا والحب غير مترادفين، ولا يلزم من نفي الرضا نفي الحب، فقد يسخط الإنسان على من هو محب له، فاجتمع أنه محب له وأنه غير راض عنه.
هذا وحديث النخل الصيحاني ذكر له السيوطي سندا ثانيا فقال في اللألئ المصنوعة ( ج 1 ص 355 ): قال أبو زكريا عبد الرحيم بن نصر التجاري في فوائده، حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني، حدثنا حمدان بن عبد الله الرازي، حدثنا ابن يحيى المعيطي، عن جرير بن عبد الحميد الضبي، عن محمد بن بشار، عن الفضل بن هارون، عن أبي الصديق قال: (( بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعقيق السفلى في بستان عامر بن عبد القيس والبستان يخترق بالصياح نخلة بنخلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتدرون ما قالت النخلة ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: صاحت هذا محمد رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب. قال: فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصيحاني )) والله أعلم. انتهى.
قلت: رواية أحمد بن نصر الذراع أقرب إلى الصواب من جهة النظر، وفي فرائد السمطين في فضائل علي وفاطمة والسبطين، تأليف المحدث الكبير إبراهيم بن محمد الجويني ( ج 1 ص 137 ) أخبرنا الشيخ الزاهد جمال الدين محمد بن [ أحمد بن ] أبي بكر بن أحمد بن الخليل الصوفي الخليلي القزويني بقراءتي عليه بـ [ جرآباد ]
في شهر بيع الآخر سنة سبع وستين وست مائة، قال: أنبأنا الشيخ أبو حفص عمر بن أبي بكر بن محمد بن عامر التميمي في منزلنا برباط الغزاونة الملاصق بالمسجد الحرام تجاه القبلة المعظمة في العُشر الأخير من شوال سنة سبع وثلاثين وست مائة بقراءتي عليه، عن أبي الهدى عيسى بن يحيى ( بن أحمد ) الصوفي السبي الأنصاري، قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله يعلى بن أبي مسلم بن يعلى الصوفي القزويني بقراءته علينا في السادس من رجب سنة ثمان وست مائة بالحرم الشريف، قال: أخبرني الشيخ أبو الهدى صواب بن عبد الله الحبشي خآدم الضريح النبوي صلى الله عليه وآله بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة زادها الله شرفا في التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة ست وست مائة بقراءتي عليه، قال: أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأصبهاني بدمشق، قال: أنبأنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو نصر منصور بن عبد الله، قال: حدثنا عثمان بن طالوت، قال: حدثنا كثير بن بشر أبو عمرو بن علي النحوي ( كذا )، قال: حدثني أبو عمرو بن العلاء القاريء عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (( كنت يوما مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض حيطان المدينة ويد علي عليه السلام في يده فمر بنخل فصاح النخل هذا محمد سيبد الأنبياء وهذا علي سيد الأوصياء، أبو الأئمة الطاهرين، ثم مررنا بنخل فصاح النخل هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا علي سيف الله، فالتفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي صلوات الله عليه وآله فقال: يا علي سمه الصيحاني (قال): فسمي من ذلك اليوم بالصيحاني )). انتهى.
والمؤلف ذكره الذهبي في التذكرة ( ج 4 ص 288 ) في طبعة الهند. فقال: وسمعت من الإمام المحدث الأوحد الأكمل فخر الإسلام صدر الدين إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني شيخ الصوفية قدم علينا حديث ( كذا )، روى لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطوسي، وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء، على يده أسلم غازان الملك، مات سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة وله ثمان وسبعون سنة رحمه الله تعالى. انتهى.