ابن عيينة حدّث به، ولا أحمد بن عبده ذكره بهذا الإسناد، فالمستمع لا يشك أنه موضوع. انتهى.
لم يذكر له إلا الحديثين ولعله قد انتقاهما لهذا الغرض من بين أحاديثه، وقد ادعا عليه ما يزيد على ألف حديث موضوع، وبهذا تعرف قدر تحامل ابن حبان على هذا الراوي وأضرابه وشدة حنقه عليهم وشدة إنكاره للفضائل، وإسناد حديث: (( النظر إلى علي عبادة )) من طريق عبد الرزاق له شاهد عند ابن المغازلي قال في المناقب ( ص 146 ): أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن تميم الفامي القاضي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن بمصر، حدثنا محمد بن حماد الطهراني، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه علي فقلت له: يا أبة أراك تكثر النظر إلى وجه علي. فقال: يا بنية سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( النظر إلى وجه علي عبادة )).
ورواه ابن المغازلي عن أبي القاسم عبد الله بن إبراهيم بسند آخر قبل هذا، فقال: أخبرنا أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الأصفهاني قدم علينا واسطا في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وأربع مائة، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن محمد بن حماد الطهراني، أخبرنا عبد الرزاق، إلى آخر السند والحديث.
هذا والسند الأول عن مؤمل بن أهاب، عن عبد الرزاق الذي ذكره ابن الجوزي. قال السيوطي في اللألئ ( ج 1 ص 342 ): له طريق آخر عن مؤمل. قال ابن النجار في تاريخه: كتب إلي أبو زرعة عبيد بن أبي بكر اللفتوائي، أنبأنا أبو
الخير شعبة بن أبي شكر بن معمر الصباغ، حدثنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، أنبأنا أبو القاسم الطيب بن أحمد بن الطيب بن عبد الله الشاهد، أنبأنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الوراق، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو العباس بن الوشانتينس ( كذا ولعل الصواب بتنيس ) في جامعه، حدثنا مؤمل بن أهاب، حدثنا عبد الرزاق به، فبرئ منه الجعفي وشيخه.
وقال ابن عساكر: أنبأنا أبو العباس أحمد بن الفضل بن أحمد الخياط، أنبأنا أبو بكر بن الفضل الباطرقاني، حدثني أحمد بن محمد بن عبد الله، حدثني أبو عمرو عثمان بن عمر بن عبد الواحد الشافعي، المعروف بابن أخي النجار، حدثني أحمد بن عيسى الوشاء، حدثني مؤمل بن أهاب به، والله أعلم. انتهى.
وفي ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر(ج2/ص405) روايته، عن عائشة من طريق مؤمل، فقال: أخبرني أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد الحلواني وحدي، حدثني أبو بكر بن خلف وحدي، حدثني الحاكم أبو عبد ا لله وحدي، حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الفارسي وحدي، حدثني أبو الحسين أحمد بن محمد بن مخزوم الحافظ وحدي، حدثني محمد بن موسى العسكري وحدي، حدثني مؤمل بن أهاب وحدي، حدثني عبد الرزاق وحدي، حدثني معمر وحدي، حدثني الزهري وحدي، عن عروة، عن عائشة، إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( النظر إلى علي عبادة )). قال الحاكم: لم نكتبه من حديث الزهري، عن عروة إلا بهذا الإسناد.
قلت: وفيه متابعة للجعفي، قال السيوطي في اللألئ(ج1/ص343) نقلا عن موضوعات ابن الجوزي: أخبرنا يحيى بن عيسى البناء، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو نصر محمد بن أحمد الملاحمي، حدثنا محمد بن الحسن بن علي
الجرجاني، حدثنا محمد بن أبي سعيد الحافظ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن هاشم الطرائفي، حدثنا جعفر بن الحسين بن عمر الزيات، حدثنا محمد بن غسان الأنصاري، عن يونس مولى الرشيد، عن المأمون، عن الرشيد، (عن) المهدي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، عن عثمان، مرفوعا: (( النظر إلى علي عبادة ))، رواته مجاهيل. انتهى.
قلت: في ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر (ج1/ص393/ط2): أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن، أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد الآبنوسي، أنبأنا أبو نصر محمد بن أحمد بن محمد بن موسى بن جعفر الملاحمي البخاري، أنبأنا محمد بن الحسين بن علي الجرجاني، أنبأنا محمد بن أبي سعيد الحافظ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن هاشم الطريقي، حدثني جعفر بن الحسن بن عمر الزيات الكوفي، أنبأنا محمد بن غسان الأنصاري، عن يونس مولى الرشيد، قال: كنت واقفا على رأس المأمون، وعنده يحيى بن أكثم القاضي فذكروا عليا وفضله، فقال المأمون: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي (كذا) يقول: سمعت ابن عباس يقول: رجع عثمان إلى علي فسأله المصير إليه، فجعل يحد النظر إليه، فقال له علي: مالك تحد النظر إلي ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( النظر إلى علي عبادة )). انتهى.
قال السيوطي في اللألئ (ج1/ص343) الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن بديل اليامي، حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( النظر إلى علي عبادة )). يحيى ليس بشيء. انتهى. أي قال ابن الجوزي ذلك.
قال السيوطي: له متابع عن الأعمش. قال السيرازي في الألقاب: أنبأنا أبو على زاهر بن أحمد، حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد، حدثنا أحمد بن الحجاج بن الصلت، حدثنا محمد بن مبارك اشتويه، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش به.
وقال أبو نعيم في فضائل الصحابة: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسين أحمد بن جعفر أصرم، حدثنا علي بن المثنى، حدثنا عاصم بن عمر البجلي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى وجه علي عبادة )).
قال أبو نعيم: رواه عبيد الله بن موسى، ومنصور بن أبي الأسود، ويحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، مثله انتهى.
وقال الحاكم في المستدرك (ج3/ص141، وص142): حدثنا دعلج بن أحمد السجزي، حدثنا علي بن عبد العزيز بن معاوية، ثنا إبراهيم بن إسحاق الجعفي، ثنا عبد الله بن عبد ربه العجلي، ثنا شعبة، عن قتادة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى علي عبادة )). هذا حديث صحيح الإسناد، وشواهده عن عبد الله بن مسعود صحيحة.
حدثناه عبد الباقي بن قانع الحافظ، حدثنا صالح بن مقاتل بن صالح، حدثنا محمد بن عبد بن عتبة، حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم، حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى وجه علي عبادة )).
تابعه عمرو بن مرة النخعي، حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى القاري، حدثنا المسيب بن زهير، حدثنا عاصم بن علي حدثنا المسعودي، عن عمر بن مرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى وجه علي عبادة )). انتهى.
وفي مناقب ابن المغازلي (ص145): أخبرنا أحمد بن محمد - يعني ابن عبد الوهاب - حدثنا الحسين بن محمد بن الحسين يعني العدل، حدثنا محمد بن محمود، حدثنا أحمد بن الحسين الصوفي، حدثنا أبو بشر هارون بن حاتم الملائي، حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى وجه علي عبادة )). انتهى.
وذكر السيد عبد الله بن الهادي الحسن بن يحيى القاسمي المؤيدي، في حاشية كرامة الأولياء، في شرح حديث: (( تملأ الأرض جورا وظلماً )). أنه أخرج محمد بن سليمان الكوفي، صاحب الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام، أي في كتاب المناقب (1) عن عثمان بن سعيد، عن محمد بن عبد الله المروزي، عن سهل بن يحيى، عن حميد بن الربيع اللخمي، عن محمد بن المبارك الحناط، عن منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى علي عبادة )).
وعن عثمان، عن محمد، عن أبي شعيب الدعاء، عن عبد الله بن عبيد الله، عن آدم العسقلاني، عن المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله أيضا. انتهى.
__________
(1) المناقب 1/ 247 (161).
قال السيوطي في اللألئ (ج1/ص344) عن ابن الجوزي: أخبرنا محمد بن ناصر، أنبأنا محمد بن علي بن ميمون، أنبأنا علي بن الحسن التنوخي، أنبأنا عبد الله بن إبراهيم بن جعفر الزينبي، حدثنا محمد بن سفيان الحنامي (كذا)، حدثنا عثمان بن يعقوب العطار، حدثنا محمد بن محمد البصري، عن الحِمَاني، عن ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا: (( النظر إلى علي عبادة )).
الحماني قال أحمد وغيره: كذاب ويزيد. قال النسائي: متروك. انتهى.
قلت: الحماني مختلف فيه، ترجم له في تهذيب التهذيب وأفاد أنه أخرج له مسلم، وقال في ترجمته: وقال محمد بن عبد الرحمن الشامي: سئل أحمد عنه ؟ فلم يقل شيئا. وقال الميموني: ذكر يحيى الحماني عند أحمد، فقال: ليس بأبي غسان بأس. وقال مرة: ثنا عبد الحميد، وكان صدوقاً. قلت: فابنه ؟ قال: لا أدري، ونفض يده.
وقال مطين: سألت أحمد عنه ؟ فقلت: لك به علم ؟ فقال: كنت لا أعرفه. قلت: كان ثقة ؟! قال: أنتم أعلم بمشائخكم.
قلت: فهذا يفيد توقف أحمد فيه، ثم ذكر في تهذيب التهذيب كلاما كثيراً يفيد تغيظ أحمد عليه، وإنكاره لبعض حديثه، وفي جملته قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: إن بني شيبة يقدمون بغداد فما ترى فيهم ؟ فقال: قد جاء إلى هنا ابن الحماني، وكان يكذب جهاراً فاجتمع عليه الناس، ابن أبي شيبة في حال يصدق.
وفيها وقال أبو جعفر الدقان: قلت لعبد الله بن أحمد: أبو عبد الله ترك حديث الحماني من أجل الحديث الذي ادعا أنه سمعه منه عن إسحاق الأزرق،( أي فقال: أحمد كذب ما حدثته )، فقال عبد الله: ليس هذا العلة في تركه حديثه،
ولكن حدث عن قريش ابن حيان، عن بكر بن وائل بحديث، وقريش مات قبل أن يدخل الحماني البصرة.
وفيها: وقال لنا أبو شيخ الأصبهاني، عن زياد بن أيوب الطوسي دلويه: سمعت يحيى بن عبد الحميد يقول: كان معاوية على غير ملة الإسلام، قال أبو شيخ دلويه: كذب عدو الله.
وفيها: وقال عثمان الدارمي: سمعت ابن معين يقول: ابن الحماني صدوق مشهور بالكوفة مثل ابن الحماني ما يقال فيه من حسد، قال عثمان: وكان ابن الحماني شيخاً فيه غفلة لم يكن يقدر أن يصون نفسه، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ابن الحماني ثقة، وبالكوفة رجل يحفظ معه وهؤلاء يحسدونه، وقال أبو حاتم الرازي: سألت ابن معين عنه فأجمل القول فيه، وقال: كان أحد المحدثين، وقال عبد الخالق بن منصور: سئل يحيى بن معين عن الحماني ؟ فقال: صدوق ثقة، وهكذا قال الدوري، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والبغوي، وابن الدورقي، ومطين، وجماعة، عن ابن معين.
وفيها: وقال العقيلي عن علي بن عبد العزيز: سمعت يحيى الحماني يقول لقوم غرباء عنده: لا تسمعوا كلام أهل الكوفة فيّ، فإنهم يحسدوني لأني أول من جمع المسند، وقد تقدمتهم في غير شيء، وقال علي بن حكيم: ما رأيت أحفظ لحديث شريك منه. وقال أبو حاتم: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى يحيى الحماني، في حديث شريك وذكر جماعة، وقال ابن عدي: وليحيى مسند صالح... إلى أن قال: ولم أر في مسنده وأحاديثه منكراً، وأرجو أنه لا بأس به.
وفيها: وقال الخليلي: يحيى بن عبد الحميد حافظ، رضيه يحيى بن معين وضعفه غيره، وهو مخرج في الصحيح، كذا قال.
وفيها: عن السليماني: وسمعت محمد بن إبراهيم البوشنجي يقول: وقد سئل عن الحماني؟ فقال: ثقة. قال يحيى بن معين: وابن نمير هو ثقة، وكان أبو خيثمة يقرأ علينا مسنده... إلى أن قال: وقال في الحديث الذي أنكره أحمد أنه حدثه به عن إسحاق الأزرق، ولو شاء يحيى الحماني أن يكذب لقال حدثنا شريك، فإنه قد سمع منه الكثير وكان مستملي شريك، قال: وكان يحفظ حفظا جيداً، وما هو إلا صدوق، قيل له: فأحمد كان سيئ الرأي فيه، قال: نعم.
قال الحسين: وسمعت سهل بن المتوكل يقول: سئل أحمد بن حنبل عن بن الحماني ؟ فقال: قد سمع الحديث وجالس الناس، وقوم يقولون فيه ما أدري ما يقولون وما يدعون. وقال مرة: أكَثَرَ الناس فيه وما أدري ذلك إلا من سلامة صدره. انتهى.
قلت: لعله - يعني أنه كان لا يحترس - مما يدخل عليه خصومه منه، ويدعون عليه بسببه تهمة، أو جرحاً، أو ضعفاً، وكذلك قول عثمان: لم يكن يقدر أن يصون نفسه، لأن أصحاب الحديث كانت بينهم منافسة وخلافات، وكان الرجل منهم الحازم الحذر المتيقظ يكون مظنة السلامة من الجرح، ومن لم يكن كذلك لم يسلم.
وقال الذهبي في التذكرة (ج2/ص10): يحيى بن عبد الحميد الحافظ الكبير أبو زكريا ابن الثقة أبي يحيى الحماني الكوفي صاحب المسند، سمع من عبد الرحمن بن الغسيل، وقيس بن الربيع، وسليمان بن بلال، وأبي عوانة وطبقتهم، وعنه أبو حاتم، وابن أبي الدنيا، ومطين، والبغوي، وخلق كان من أعيان الحفاظ، وليس بمتقن.
ثم قال: قال أبو حاتم: سألت ابن معين عن يحيى الحماني ؟ فقال: ما له وأجمل القول فيه، وقال: كان يسرد مسنده أربعة آلاف سرداً، وحديث شريك ثلاثة آلاف. وقال ابن عدي: هو أول من صنف المسند بالكوفة، ومسدد أول من صنف المسند بالبصرة، وقد تكلم في الحماني أحمد وعلي وغيرهما، ووثقه يحيى، مات في رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين.
قال مطين: سألت ابن نمير عن يحيى الحماني ؟ فقال: هو أكبر من هؤلاء كلهم، فاكتب عنه. انتهى المراد.
وقال ابن الأمير في الروضة الندية شرح التحفة العلوية (ص145): الذي في التذكرة للذهبي أن ابن نمير سئل عن يحيى بن عبد الحميد الحماني ؟ فقال: ثقة هو أكبر من هؤلاء كلهم فاكتبوا عنه. انتهى.
وكأن ابن الأمير نقل من نسخة مخطوطة لأنه متقدم قبل المطبوعة، ثم قال ابن الأمير: فحينئذ لم يبق إلا قدح أحمد بن حنبل فقط، وقد عارضه توثيق يحيى بن معين، وابن نمير، ورجوي بن عدي، ولا ريب أن يحيى بن معين إمام هذا الشأن والمخصوص بعلم الرجال، وقد قال فيه أحمد بن حنبل نفسه: يحيى بن معين أعلمنا بالرجال، ذكره الذهبي في التذكرة في ترجمة يحيى، فهذا كلام أحمد وتصريحه أن يحيى أعلم منه بالرجال، والأعلم بالشيء حجة على من هو دونه، فإذا تعارض كلام أحمد ويحيى، بأن يجرح أحدهما رجلاً يزكيه الآخر، فكلام يحيى مقدم على كلام أحمد، لتصريح أحمد بأنه بهذا الفن أعلم منه. انتهى المراد.
وقوله: والأعلم بالشيء حجة على من هو دونه غير مسلم، ولو قال: الاحتجاج بكلام الأعلم أولى من الاحتجاج بكلام من هو دونه، لكان أحسن بالنسبة لمن يحتج بكلامهم.
هذا وقد ترجم الخطيب ليحيى بن عبد الحميد الحماني في تاريخه (ج14/ص167) وصفحات بعدها ذكر فيها من الرواة عنه سبعة، ثم قال: وغيرهم.
وقال فيها: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأشناني، قال سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت أبا سعيد عثمان بن سيعد الدارمي يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: ابن الحماني صدوق مشهور ما بالكوفة مثل ابن الحماني ما يقال فيه إلا من حسد، قال أبو سعيد: وكان ابن الحماني فيه غفلة لم يكن يقدر أن يصون نفسه، كما يفعل أصحاب الحديث، ربما يجيء رجل فيفتري عليه، وربما يلطمه.
قلت: هذا كلام عثمان ولعله يبغض يحيى بن عبد الحميد فلا تغتر به.
ثم قال الخطيب: أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرازي، حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، حدثنا أحمد بن زهير، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: يحيى بن عبد الحميد الحماني ثقة، وما كان بالكوفة في أيامه رجل يحفظ معه وهؤلاء يحسدونه.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا هبة الله بن محمد بن حبش الفراء، حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: سألت يحيى بن معين عن يحيى بن عبد الحميد ؟ فقال: ثقة، وكان أبوه عبد الحميد بن عبد الرحمن ثقة.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن العباس، أخبرنا أحمد بن سعيد بن مرابا، حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى يقول: أبو يحيى الحماني وابنه ثقة، قال عباس: ناظرناه في هذا غير مرة. أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق، قال: حدثنا عيسى بن حامد بن بشر الرخجي، حدثنا أبو بكر أحمد بن