قلت: هكذا يقول الجوزجاني في الشيعة، لأنه يعتقد التشيع زيغا وجورا عن الطريق، فاعرف أن هذا الذم معناه في الحقيقة مدح.
قال ابن حجر: والجوزجاني مشهور بالنصب والإنحراف، فلا يقدح فيه قوله.
وقال ابن حبان: في الضعفاء أي: في مصدع كان يخالف الأثبات في الروايات وينفرد بالمناكير. انتهى.
فتبين أن ابن حبان قرين الجوزجاني في هذا الشأن، حيث تكلم في هذا الرجل الراسخ العقيدة، الثابت على دينه، الذي أوذي في الله وظلم لثباته على الدين، وقد ذكره ابن حبان في كتاب المجروحين والضعفاء ( ج 3ص 39 ) فقال فيه: يروي، عن عائشة وابن عباس كان صديقا لعمرو بن دينار، روى عنه سعد بن أوس وأهل البصرة، وهو الذي روى عنه الكوفيون، ويقولون: أبو يحيى الأعرج كان ممن يخالف الأثبات في الروايات، وينفرد عن الثقات بألفاظ الزيادات، مما يوجب ترك ما انفرد منها، والاعتبار بما وافقهم فيها. انتهى.
ولم يأت بحجة لهذه الدعوى، إلا أنه قال في ترجمة محمد بن دينار الطاحي ( ج 2 ص 212 ): شبه ما قال في مصدع، ثم قال: سمعت الحنبلي يقول: سمعت أحمد بن زهير يقول: سئل يحيى بن معين، عن محمد بن دينار الطاحي ؟ فقال: ضعيف.
ثم قال ابن حبان: وهو الذي روى عن سعد بن أوس، عن مصدع أبي يحيى، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبلها ويمص لسانها. انتهى المراد.
فجعل هذا حجة لتضعيف محمد بن دينار، فكيف يجعله مع ذلك حجة لتضعيفه لمصدع ؟! وعلى هذا فلا حجة لابن حبان في تضعيف مصدع، وإنما هو

التحامل على الشيعة لعداوة المذهب، فكيف يقبل تضعيفه لفضيل بن مرزوق ؟! أو روايته عن يحيى بن معين أنه قال: ضعيف ؟!
وأما أحمد بن داود فليس في سند فضيل إلا في رواية العقيلي، الذي روى الحديث عن أحمد بن داود ،عن عمار بن مطر، عن فضيل بن مرزوق، وتكلم في عمار بن مطر فقال: الغالب على حديثه الوهم، كما حكاه السيوطي في اللألئ ( ج 1 ص 337 )، ولم يذكر رواية مقبل كان يحدث عن الثقات بالمناكير فالراجح أنها غلط من مقبل، والحديث له طرق عن فضيل بن مرزوق فرواية عمار بن مطر مأمونة، الوهم فيها، لأنها موافقة لرواية غيره من رواة الحديث عن فضيل من غير طريقه، كما في رواية الطحاوي، والطبراني، والحسكاني، وابن الجوزي في السند الأول من أسانيد الحديث، على أنا لا نسلم جرح أحمد بن داود.
والرواية عن الدارقطني مرسلة، وقد بسط ابن حجر في ترجمته في لسان الميزان بما يؤخذ منه أنه مظلوم.
وأما قول ابن الجوزي: ومن تغفيل واضع هذا الحديث، أنه نظر إلى صورة فضيلة ولم يتلمح إلى عدم الفائدة، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاء، فرجوع الشمس لا يعيدها أداء.
فالجواب عنه: أنه تغفل هو، لأن الشريعة جاءت من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالحديث دليل على أنها تعود أداء بعود الشمس، ولا مانع من ذلك لا عقلي ولا شرعي، وفيه فائدة لهذا العصر الذي قربت فيه المسافة بالطائرات، إن من غابت عنه الشمس في بلد فأدركها بالطائرة عاد الوقت في حقه، فإذا لم يكن صلى فصلى قبل غروبها، حيث هو في الأخير فقد أدركها، ويدخل في عموم: (( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ))، لأنه صلاها والشمس باقية على البلد التي يصلي فيها قبل أن تغرب عنها، ولا

يضره غروبها الأول، لأنه لحقها فرجع له حكمها، وهكذا في الصائم إذا لم يكن قد أفطر في البلد الأول فقد رجع له حكم النهار، وعليه إتمام الصيام إلى الليل، وبالله التوفيق.
قال مقبل ( ص 152 ) والتي بعدها: وقال العلامة عبد الرحمن المعلمي: هذه القصة أنكرها أكثر أهل العلم لأوجه:
الوجه الأول: أنها لو وقعت لنقلت نقلا يليق بمثلها.
والجواب وبالله التوفيق: أن النقل إنما يكون من طريق المشاهدين ولا يجب أن يشاهدها كافة الناس، لأن الشمس عند غروبها كثيرا ما تغيب في سحابة أو نحوها، ولا يراقبها الناس لاعتياد ذلك وإلفه، ثم تظهر من بين السحاب ولا يراقبها الناس، فمن الجائز أنها حين ردت لم يراقب الناس غروبها قبل ذلك، لإقبالهم على أعمالهم وأمورهم، وعدم انتباههم للمراقبة، فمن رءاها بعد أن ردت لا يعلم أنها كانت قد غابت غيبوبة حقيقية لعدم مراقبته لها، إلا من كان حاضرا عند دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه ينتبه لغروبها أولا وعودتها، وليس في الرواية من الدعاء كان في جمع كثير من الناس حتى يقال هذا، ومن الجائز أنه لم يحضره إلا من روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ألا ترى أنه روي في هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه أبو بكر أنه تبعه سراقة بن مالك بفرسه، فلما قرب منهما ساخت قوائم الفرس بالأرض (1) وكانت هذه خارقة تستحق أن ينقلها الجمع الكثير لو شاهدوها، ولم يجب كذب الرواية، لأنه لم ينقلها عدد كثير.
قال مقبل عن المعلمي: الثاني: أن سنة الله عز وجل أن تكون لمصلحة عظيمة، ولا يظهر هنا مصلحة.
__________
(1) هذا معنى الرواية، وهي في البخاري في باب علامات النبوة في الإسلام، وتفسيرها في هامشه. ( مؤلف ).

والجواب :: أنه لا يجوز نفي المصلحة لعدم ظهورها للمعلمي، وإذا لم تظهر للمعلمي فليفرض أنها كعدد خزنة سقر: { وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا }[المدثر:31]. فإن أراد أن سنة الله عز وجل أن تظهر المصلحة بعينها لكل فرد، فلا نسلم.
ثم قوله: مصلحة عظيمة، هل أراد عامة أم أراد مصلحة عظيمة ولو خاصة ؟ إن أراد عامة فلا نسلم، وإن أراد خاصة فلا يجب ظهورها لكل فرد.
وقد دعا إبراهيم الخليل عليه السلام قال: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة:260]، فكانت له تلك الخارقة إجابة لدعوته ومصلحة له.
فإن قال: هي أيضا مصلحة لمن بلغته. قلنا: وكذلك رجوع الشمس لعلي عليه السلام فيها مصلحة لمن شاهدها، حيث يزداد بها إيمانا بقدرة الله تعالى، وإيمانا برسوله لكونها رجعت من أجل دعوته، وإيمانا بما لعلي من الفضل عند الله والكرامة، ومصلحة لمن بلغته.
قال مقبل عن المعلمي: فإنه فرض عليا فاتته صلاة العصر كما تقول الحكاية، فإن كان ذلك لعذر فقد فاتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العصر يوم الخندق لعذر، وفاتته وأصحابه صلاة الصبح في سفر، وصلاهما بعد الوقت، وبيّن أن ما وقع عذر فليس فيه تفريط.
الجواب :: أنا لم ندّع أن فوات الصلاة علة موجبة حتى يمتنع تخلف الدعاء برد وقتها، ومن الممكن أن يكون هناك مصلحة في صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد الوقت للعذر، ليست في صلاة علي عليه السلام بعد الوقت، فلا يجب أن تطَّرد الخوارق لأنها تابعة للحكمة، والحكمة تختلف في الأشياء

وأمرها موكول إلى الحكيم العليم، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85].
نعم لو قلنا: إن فضل علي كان علة موجبة للدعاء، لئلا تفوته الصلاة في الوقت، لا لإظهار آية من آيات الله، ولإظهار معجزة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولا لإظهار فضل علي لمن لا يعلمه، ولا لتبشير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام بما لعلي من الكرامة عند الله، ولا لغير ذلك، إلا لمجرد أن لا تفوته الصلاة في وقتها لكان الاعتراض حسنا لو قلنا ذلك، لكنا لم نقله، والرواية لم تذكره فلا معنى للاعتراض على الحكمة.
قال مقبل عن المعلمي: وجاءت عدة أحاديث في أن من كان يحافظ على عبادة ثم فاتته لعذر، يكتب الله له عز وجل أجرها كما كان يؤديها.
والجواب وبالله التوفيق: هذه كالأولى والجواب عليها واحد.
وقال مقبل عن المعلمي: وإن كان لغير عذر، فتلك خطيئة إن أراد الله مغفرتها لم يتوقف ذلك على إطلاع الشمس من مغربها.
والجواب :: أن الرواية لا تدل على أنها خطيئة، بل في بعض الروايات: اللهم إن عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك، فلا معنى لهذا الفرض والتقدير، إلا المبالغة في الجدل.
وقال مقبل عن المعلمي أيضاً: ولا يظهر لإطلاعها معنى، كما لو قتل رجل آخر ظلما ثم أحيا الله تعالى المقتول، لم يكن في ذلك ما يكفر ذنب القاتل.
الجواب :: هذا على فرض أنها معصية ولا دليل عليه، وإنما هو وسواس يدل على جد في محاربة هذه الفضيلة، وتثور منه رائحة النصب، ومحاولة جعل ذلك رذيلة، { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }[التوبة:32].

أيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس )).
ثم يفرض المعلمي أن ذلك معصية، وكذلك سائر الروايات التي فيها ترتيب طلب هذه الكرامة العظيمة على احتباسه نفسه لله ورسوله، أو احتسابه نفسه لله ورسوله أو نحو ذلك، فإن ترتيب طلب الفضيلة عليه يدل على أنها منقبة عظيمة صار بها ومعها أهلا للكرامة العظيمة، فكيف يفرض المعلمي أنها معصية ؟!
قال مقبل عن المعلمي الثالث: أن طلوع الشمس من مغربها آية قاهرة، إذا رءاها الناس آمنوا جميعا كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، وبذلك قول الله عز وجل: { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ }[الأنعام:158] الآية. فكيف يقع مثل هذا في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا ينقل، أنه ترتب عليه إيمان رجل واحد.
والجواب :: أن طلوع الشمس من مغربها الذي هو آية قاهرة، يكون بصورة باهرة، كما في بعض الروايات الدالة على تأخر طلوع الشمس، فإذا طلعت من المغرب ورءاها الناس، وعلموا أنها آية القيامة وأولها، لم ينفع نفسا إيمانها لهذا المعنى.
فأما رجوع الشمس عقيب الغروب بصورة خفية دون أن تكون علامة حضور الساعة فليس آية قاهرة، لأنها لا تكون بمنزلة حضور الموت، حيث لم تكن محققه لأول أهوال القيامة، وارتفاع التكليف لمصير الناس ملجئين إلى الإيمان، كالمحتضر الطالب للتوبة لتيقن الموت، فالقهر إنما هو لهذا المعنى، فليس حاصلا في طلوعها ليصلي علي عليه السلام.

ألا ترى أن انشقاق القمر الذي يروى لم يكن آية قاهرة، وإن كان آية عظيمة، لأن الآية القاهرة الملجئة، إنما هي ما دل على انقطاع الدنيا، والانتقال عنده إلى الآخرة كحضور العذاب، كما قال تعالى: { فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا }[غافر:85].
أو لا ترى أن غرق قوم نوح كان آية للمؤمنين عظيمة، ولم يرفع عنهم التكليف، وكذلك إغراق فرعون وقومه.
وأما قوله: فكيف يقع مثل هذا في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا ينقل أنه ترتب عليه إيمان رجل واحد ؟! ففيه مغالطة لأن الذي في الرواية هو رد الشمس عقيب غروبها ليصلي علي، وليس فيها أنها طلعت بصورة طلوعها حين لا ينفع نفسا إيمانها، فكيف لا يكون مثل هذا مغالطة ؟ لأن المدعى ليس مثله في المعنى ولا في الظهور للناس ولا في التأخر، بحيث ينتظر طلوعها من المشرق، فالمعنى في طلوعها عند ارتفاع التكليف غير معنى رجوعها ليصلي علي عليه السلام، وظهورها عند ارتفاع التكليف يكون بحيث ينتبه له الناس، ويشعر بتخلف طلوعها من مشرقها.
فظهر أن قوله: فكيف يقع مثل ذلك ؟ مغالطة !!
وقوله: ولا ينقل أنه ترتب عليه إيمان رجل واحد، فهو كذلك مبني على تصوير رد الشمس بصورة ينتبه لها الناس، المؤمن والكافر، وليس في الرواية ما يدل على ذلك، فلا يجب أن ينقل أنه أسلم أحد عندها، وخرج من الكفر إلى الإيمان، إذا لم تدل الرواية على أن رؤيتها والانتباه لعودتها كان أمرا عاما للناس، وقد قررنا أن هذا لا يلزم في أول هذا الجواب، ولابن الأمير الصنعاني كلام مفيد في الروضة الندية شرح التحفة العلوية في شرح البيت:

وعليه الشمس ردت فغدا ... أفقها من بعد إظلام مضيا

- - -

[ حديث: (( النظر إلى علي عبادة )) ]
قال مقبل ( ص 153 ): حديث (( النظر إلى علي عبادة ))، ذكر له ابن الجوزي ثلاث عشرة طريقا، ثم قال: هذا الحديث لا يصح من جميع طرقه، ثم تكلم على الرجال المجروحين في أسانيدهن.
والجواب :: أن كلام ابن الجوزي ليس حجة فلا بد من حجة وإلا بطل الجرح، وقد ظهر أنه ليس بشيء لأنهم يجرحون برواية الفضائل التي ينكرونها، وهي مصادرة حيث يدعي بطلان الرواية بأن الراوي مجروح، ويدعي جرح الراوي بأنه روى الرواية تلك، وشبه المصادرة، حيث ترد روايته لأنه مجروح، ولم يجرح، إلا لأنه روى مثل تلك الرواية، والكل لا يوجب الجرح، وإلا لزم جرح العثمانية لأجل تفرد الراوي منهم بما يقوي مذهبه، بل هذا أظهر لأن الفضائل تكون قد عضدتها روايات موافقة في المعنى، مع أنهم قد يجرحون الراوي للفضيلة وإن رواها غيره، ويعتبرون أحد الرواة هو واضع الرواية، ويسمون الآخرين سراقا للحديث، سرقوه من ذلك الراوي، فجرحوهم لأجل الرواية، مع أنه لم ينفرد بها راو، فلا حكم لجرحهم لرواة فضائل علي عليه السلام.
ولنذكر الأسانيد وننظر في الرجال المجروحين والجارحين، قال السيوطي عن ابن الجوزي وذلك في اللألئ ( ج 1 ص 342 ): حدثني محمد بن ناصر، حدثني محمد بن علي الترسي، حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسين، حدثنا القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، حدثنا أبو الحسين بن أحمد بن مخزوم، حدثنا محمد بن الحسن الرقي، حدثنا مؤمل بن أهاب، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن أبي بكر، مرفوعا: (( النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة )).
قال ابن حبان: موضوع، آفته الجعفي. انتهى.

محمد بن عبد الله الجعفي لم أجده في كتاب الضعفاء والمجروحين لابن حبان، ولا وجدته في غيره، فلعل في اللفظ غلطا، وكذا شيخه لم أجده في كتاب المجروحين، ولا في لسان الميزان.
قال السيوطي في اللألئ: ابن حبان حدثنا الحسن بن العدوي، عن أبي الربيع الزهراني، ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني قالا: حدثنا عبد الرزاق به - يعني: بالسند السابق والحديث السابق -.
عن عبد الرزاق، حدثنا معمر، حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن أبي بكر، مرفوعا: (( النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة )).
قلت: هذا في كتاب المجروحين لابن حبان في ترجمة الحسن بن علي بن زكريا العدوي، قال ابن حبان: ولا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع ما روى الصديق هذا الخبر قط، ولا الصديقة روته، ولا عروة حدث به، ولا الزهري ذكره، ولا معمر قاله، فمن وضع مثل هذا على الزهراني والصنعاني وهما متقنا أهل البصرة لباحري أن يهجر في الروايات. انتهى.
يعني أنه موضوع كأنه يعلم الغيب من هذه الجهة، ولكنه لا يرى [ من ] يصلح للحمل عليه إلا العدوي فتعين أنه هو واضعه، وثبت بذلك أنه مجروح وذلك المقصود من إيراده في ترجمة العدوي، وروى عنه حديثا آخر في ترجمته ليحقق جرحه بزعمه، فقال: وروى، عن أحمد بن عبده الضبي، عن ابن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نفرض ( كذا ) أولادنا على حب علي بن أبي طالب )). وهذا أيضا باطل، ما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا مطلقا، ولا جابر قاله، ولا أبو الزبير رواه، ولا

23 / 63
ع
En
A+
A-