الراوي هو الدليل على أن الحديث موضوع، وذلك خلاف الظاهر من مذهب ابن معين. لأن الدليل عنده على سقوط الراوي هو أن حديثه موضوع وحكمه بوضعه، لأنه مخالف لمذهبه في الصحابة.
فلهذا لا يجوز تقليده ولا تقليد ابن الجوزي المقلد له، وكذلك أبو حاتم، فقد قال الذهبي في الميزان في ترجمة إبراهيم بن الحكم بن ظهير: شيعي جلدٌ له عن شريك، قال أبو حاتم: كذاب، روى في مثالب معاوية فمزقنا ما كتبنا عنه. انتهى.
فكيف يقبل جرح من يجرح بمخالفة مذهبه { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى } [النجم:23].
فلنذكر سند حديث ميناء، قال السيوطي في اللألئ المصنوعة ( ج 1 ص 25 ): الطبراني، حدثنا الديري ( الصواب الدبري بالباء الموحدة )، حدثنا عبد الرزاق، عن أبيه، عن ميناء، عن ابن مسعود، قال: (( كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم... إلى أن قال: قلت: فاستخلِف. قال: مَن ؟ قلت: أبو بكر. فسكت... إلى أن قال: قلت: فاستخلف. قال: مَن ؟ قلت: عمر. فسكت... إلى أن قال: قلت: فاستخلف. قال: مَن ؟ قلت: علي بن أبي طالب. قال: أما والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين )).
قال السيوطي: رواه الطبراني من طريق آخر، فقال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا علي بن الحسين بن بردة العجلي الذهبي، حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن حرب بن صبيح، حدثنا سعيد بن مسلم، عن أبي مرة الصنعاني، عن أبي عبد الله الحذلي ( الصواب الجدلي بالجيم والدال المهملة ) عن ابن مسعود، قال: (( استتبعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الجن فانطلقت معه حتى بلغنا أعلى مكة، فخط عليّ خطا وقال: لا تبرح، ثم انصاع في جبال فرأيت الرجال
ينحدرون عليه من رؤوس الجبال حتى حالوا بيني وبينه، فاخترطت السيف، وقلت: لأضربن حتى استنقذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ذكرت قوله: لا تبرح حتى آتيك، فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا قائم، فقال: ما زلت على حالك ؟ قلت: لو مكثت شهرا ما برحت حتى تأتيني، ثم شبك أصابعه في أصابعي وقال: إني وعدت أن يؤمن بي الجن والإنس، فأما الإنس فقد آمنت بي. وأما الجن فقد رأيت. قال: وما أظن أجلي إلا قد اقترب. قلت: يا رسول الله ألا تستخلف أبا بكر، فأعرض عني فرأيت أنه لم يوافقه. فقلت: يا رسول الله ألا تستخلف عمر، فأعرض عني فرأيت أنه لم يوافقه. فقلت: يا رسول الله ألا تستخلف عليا ؟ قال: ذاك والذي لا إله غيره لو بايعتموه وأطعتموه أدخلكم الجنة أجمعين )) انتهى.
والحديث من رواية ميناء في ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر ( ج 3 ص 95 ) قول ابن معين الماص بظر أمّه، قال في القاموس: البظر ما بين أسكتي المرأة... إلى أن قال: وهو يُمصه يبظره، أي قال له: أمصص بظر فلانة. انتهى.
وهذه الكلمة في الميزان الماص - بالمهملة - وفي كتاب مقبل الماض - بالمعجمة - والمعنى متقارب أو اللفظ مترادف.
- - -
[ حديث: (( أولكم ورودا علي الحوض ... )) ]
قال مقبل( ص 146 ): حديث: (( أولكم ورودا عليّ الحوض )). قلت: نورده بسنده لتمام الفائدة. قال في اللألئ المصنوعة ( ج 1 ص 326 ): ابن عدي، حدثنا محمد بن جعفر بن يزيد، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن ميمون، حدثنا أبو معاوية الزعفراني عبد الرحمن بن قيس، حدثنا سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم الكندي، عن سليمان ( كذا والصواب سلمان ) مرفوعا: (( أولكم ورودا عليّ الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب ))، أبو معاوية كذاب يضع الحديث، وتابعه سيف بن محمد، عن الثوري وهو شرُ منه. انتهى.
قال مقبل بعد ذكر الحديث ( ج ): - أي ابن الجوزي - هذا الحديث لا يصح.
قال أحمد بن حنبل: أبو معاوية الزعفراني لم يكن حديثه بشيء ومتروك، وكذا قال النسائي متروك.
وقال البخاري ومسلم: ذهب حديثه.
وقال أبو زرعة: كذاب. وقال أبو علي بن محمد: كان يضع الحديث، وقد روى هذا الحديث سيف بن محمد، عن الثوري، وسيف شر من معاوية. انتهى.
والجواب :: أنهم لا يُقلَّدون في الجرح لمخالفتهم في سببه، مع أن هذه الحكايات عنهم مرسلة، والرواية عن أحمد بن حنبل في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم بواسطة الكتابة فهي معلولة، وقد قدمنا تهمة هذا الكتاب لكثرة جرح الشيعة فيه، والرواية عن النسائي لعلها من طريق ابنه عبد الكريم، ولا يثبت عندنا ما رواه عن أبيه بل هو متهم، مع أنهم قد ذكروا أن النسائي يتعنت في الجرح كما قدمناه.
وأما قول من قال: ذهب حديثه، فلعلهم أرادوا ذهبت كتبه فضاع حديثه، بل هو الظاهر، لأن عبارة الجرح المعروفة ذاهب الحديث لا ذهب حديثه.
وأما الرواية عن أبي زرعة فلعله أراد ما رواه في الفضائل، بناء على ظنه لمخالفتها لعقيدته في الصحابة.
وأما سيف فقد أفاد في الميزان أنه أخرج له الترمذي، فدّل ذلك على أنه لا يرى فيه رأي ابن الجوزي، ومع هذا فللحديث أسانيد.
قال السيوطي في اللألئ ( ج 1 ص 326 ): أخرجه الخطيب، أنبأنا أحمد بن محمد بن غالب، حدثنا أبو بكر الإسماعيلي، حدثنا أحمد بن حفص السعدي، حدثنا محمد بن أبان، حدثنا داود بن مهران، حدثنا سيف بن محمد، عن سفيان به.
وأخرجه الحاكم في المستدرك، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا عبيد بن حاتم الحافظ، حدثنا محمد بن حاتم المؤدب، حدثنا سيف بن محمد، حدثنا سفيان الثوري به. والحديث في مستدرك الحاكم ( ج 3 ص 136 ).
قال السيوطي: وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، حدثنا يحيى بن هاشم، حدثنا الثوري به.
ويحيى هو السمسار كذاب. قلت: إذا كان من أصولهم جرح من روى ما يخالف عقيدتهم في الصحابة من الشيعة، فلا ينبغي الالتفات إلى جرحهم لرواة هذه الفضائل.
قال السيوطي: وقال أبو بكر بن أبي عاصم: حدثنا أبو مسعود، حدثنا عبد الرزاق، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم الكندي، عن سلمان، قال: (( أول هذه الأمة ورودا على نبيها، أولها إسلاما علي بن أبي طالب )). وهذه متابعة قوية جدا ولا يضر إيراده بصيغة الوقف، لأن له حكم الرفع.
وقال المؤلف في العلل - أي ابن الجوزي - روى أبو بكر بن مردويه، قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن صدقة المصري، حدثنا محمد بن أحمد الواسطي، حدثنا إسحاق بن الصيف، حدثنا محمد بن يحيى المازني، حدثنا سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم الجدلي، عن عليم الكندي، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( أول هذه الأمة ورودا عليّ الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب )). ثم قال محمد بن يحيى: منكر الحديث. انتهى.
والعجب من المصنف - يعني ابن الجوزي - أنه قال في العلل باب فضل علي بن أبي طالب: قد وضعوا أحاديث خارجة عن الحد، ذكرت جمهورها في كتاب الموضوعات، وإنما اذكر هاهنا ما دون ذلك، ثم أورد هذا الحديث وهذا يدل على ( أن ) متنه غير موضوع، فكيف يورده في الموضوعات ؟! وقد عاب عليه الحافظ ( كذا ) هذا الأمر بعينه، فقالوا: إنه يورد حديثا في كتاب الموضوعات ويحكم بوضعه، ثم يورده في العلل وموضوعه الأحاديث الواهية التي لم ينته إلى أن يحكم عليها بالوضع، وهذا تناقض.
وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد في إيضاح الاشكال: حدثنا علي بن عبد الله بن الفضل، حدثنا محمد بن جرير، حدثنا محمد بن عماد الرازي، حدثنا أبو الهيثم السندي، حدثنا عمر بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق الأسدي، قال: سمعت عليا ( كذا ولعل الأصل عليما ) قال: قال سلمان: (( إن أول هذه الأمة ورودا على نبيها الحوض أولها إيمانا، علي بن أبي طالب )) والله أعلم. انتهى.
فظهر بهذه الجملة قوة الحديث مع أن له شواهد في الدلالة على أن عليا عليه السلام أول الأمة إسلاما منها ما قد مر.
والحديث بالسند الذي من طريق أبي معاوية الزعفراني، هو في ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر ( ج 1 ص 82 )، وقال في ( ص 83 ) قلت: ورواه يحيى بن يمان، عن الثوري وزاد في إسناده عليما، أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، وأبو محمد بن أبي عثمان، وأبو القاسم بن البسري، قالوا: أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت المجبّر، أنبأنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا أبي، أنبأنا ( يحيى ) بن يمان، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم، عن سلمان قال: (( إن أول هذه الأمة ورودا على نبيها صلى الله عليه وآله وسلم الحوض يوم القيامة أولهم إسلاما علي بن أبي طالب )).
وقال في ( ص 86 ): أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين عاصم بن الحسن، أنبأنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الله، أنبأنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، أنبأنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي، أنبأنا إسماعيل بن عامر، حدثني كامل أبو العلاء، عن عامر بن ( السمط )، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم، عن سلمان قال: (( إن أول هذه الأمة ورودا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولها إسلاما علي بن أبي طالب )). انتهى.
وفي مناقب ابن المغازلي ( ص 27 ): أخبرنا أحمد بن موسى بن الطحان إجازة، عن القاضي أبي الفرج الخيوطي، حدثنا ابن عبادة، حدثنا جعفر بن محمد الخلدي، حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم بن قعين الكندي، عن سلمان رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أول الناس ورودا عليّ الحوض أولهم إسلاما علي بن أبي طالب عليه السلام )).
وفي الكتاب المطبوع بجنب مناقب المغازلي تحت عنوان ( 32 من كتاب المسند لأبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي المعروف بابن أخي تبوك مسند دمشق المتوفي سنة 396 ه- ) وذلك الحديث (10) حدثنا عثمان بن محمد، قال: حدثنا محمد بن يونس بن موسى الكديمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن حبان، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم الكندي، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما علي بن أبي طالب )).
قال محقق ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ ابن عساكر ( ج 1 ص 83 ): رواه أيضا أبو بكر بن أبي شيبة في باب فضائل علي من المصنف ( ج 6 الورق 158 ) قال: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا قيس ( كذا )، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم، عن سلمان قال: (( إن أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما، علي بن أبي طالب )).
قال: ورواه الطبراني في الكبير، كما في باب فضائل علي عليه السلام من مجمع الزوائد ( ج 9 ص 102 ) قال: ورجاله ثقات، ورواه أيضا عنه - أي عن الطبراني - في الحديث ( 367 ) في باب فضائل علي عليه السلام من كنز العمال ( ج 15 ص 126 ) قلت: هو في كنز العمال في فضائل علي عليه السلام في قسم الأفعال.
قال المحقق المذكور ( ص 84 ): ورواه أيضا في ترجمة أمير المؤمنين من كتاب الآحاد والمثاني لأحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل الورق 15/ ب. قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، أنبأنا معاوية بن هشام، أنبأنا قيس، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم، عن سلمان رضي الله عنه قال: (( أول هذه الأمة ورودا
على نبيها صلى الله عليه وآله وسلم أولها إسلاما، علي بن أبي طالب رضي الله عنه )).
ورواه أيضا ابن الأعرابي في معجم الشيوخ ( ج 5 الورق 160/ وفي نسخة الورق 125/ ب ) قال: أنبأنا جعفر ( بن محمد بن الحسين بن زياد بن صالح بن مدرك أبو يحيى الزعفراني، مولى بني قيس الرازي، قدِمَ علينا بغداد سنة 78 )، أنبأنا عبد السلام بن صالح، أنبأنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم بن قيس الكندي، عن سلمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أول الناس ورودا عليّ الحوض أولهم إسلاما، علي بن أبي طالب )).
وفي تاريخ الخطيب ( ج 2 ص 81 ) في ترجمة محمد بن أبان المخرمي، أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب، قال: أنبأنا أبو بكر الإسماعيلي، قال: أنبأنا أحمد بن حفص السعدي إملاء، قال: نبأنا محمد بن أبان المخرمي، قال: نبأنا داود بن مهران، قال: نبأنا سيف بن محمد، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الأغر، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( أولكم واردة علي الحوض أولكم إسلاما، علي بن أبي طالب )). وقد مرت حكاية السيوطي له عن الخطيب.
قال محقق ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر ( ص 85 ): ورواه أيضا في ترجمة أمير المؤمنين من أسد الغابة ( ج 4 ص 17 ) قال: و، أنبأنا أبو الطيب محمد بن أبي بكر بن أحمد المعروف بكلى الأصبهاني كتابة، وحدثني به عثمان بن أبي بكر بن جلدك الموصلي عنه، أخبرنا أبو علي الحداد، أنبأنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق، أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب، حدثنا ابن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم
الكندي، عن سلمان الفارسي قال: (( أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما، علي بن أبي طالب )). وأيضا رواه الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن قيس بن مسلم.
قال المحقق في ( ص 85 ): ورواه أيضا في أول ترجمة أمير المؤمنين من الاستيعاب ( ج 2 ص 457 ) وفي ط أخرجها من الإصابة ( ج 3 ص 28 ) قال: حدثنا أحمد بن قاسم، عن قاسم بن أصبع، عن الحارث بن أبي أسامة، عن يحيى بن هشام ( كذا )، عن الثوري، عن سلمة، عن أبي صادق، عن خنين ( كذا، ولعله عن أبي صادق، وعن حنس بن المغتمر والله أعلم )، عن عليم الكندي، عن سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أولكم ورودا علي الحوض أولكم إسلاما، علي بن أبي طالب )).
قال المحقق في هذه الصفحة: ورواه أيضا الخوارزمي في الحديث الثالث من الفصل الرابع من مناقبه ( ص 17 ) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرني إسماعيل بن أحمد، أخبرني والدي أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرني محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن القرشي، حدثني أبو الصلت الهروي، حدثني عبد الرزاق ويحيى بن اليمان، قالا: قال سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل - أي إلى آخر السند والحديث - فظهر أن للحديث طرقا عديدة يقوي بعضها بعضا.
قال مقبل( ص 149 ): حديث: (( إن أخي ووزيري ))، قلت: نورده بسنده قال في اللألئ المصنوعة ( ج 1 ص 326 ) ( ابن حبان ) حدثنا محمد بن سهل بن أيوب، حدثنا عمار بن رجاء، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا مطر بن ميمون الإسكافي، عن أنس مرفوعا: (( إن أخي ووزيري وخليفتي من بعدي أهلي ( كذا )، وخير من أترك بعدي يقضي ديني، وينجز موعودي، علي )) آفته مطر.
قال السيوطي: قال في الميزان: هذا موضوع والمتهم به مطر، فإن عبيد الله ثقة شيعي ولكنه آثم برواية هذا الإفك، والله أعلم.
قال مقبل: ( ج ) - أي ابن الجوزي - قال: ابن حبان مطر بن ميمون يروي الموضوعات لا تحل الرواية عنه.
والجواب وبالله التوفيق: قد ظهر أن السابق في هذا هو قول ابن حبان، وتبعه الذهبي وابن الجوزي، وقلدهم مقبل، والجامع لهم بغض الشيعة وكراهية أحاديث الشيعة، في فضل علي عليه السلام، وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أما مطر فإنه لا حجة لهم في جرحهم له، وهذا زعيمهم ابن حبان لما ذكر ترجمته في كتابه المسمى كتاب المجروحين، من المحدثين والضعفاء والمتروكين، وادعا أنه كان ممن يروي الموضوعات عن الإثبات، احتج لهذه الدعوى بقوله: يروي عن أنس ما ليس من حديثه في فضل علي بن أبي طالب، وغيره، لا تحل الرواية عنه، روى عن أنس بن مالك إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( إن أخي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي، يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب )).
أخبرناه محمد بن سهل أبو تراب، قال: حدثنا عمار بن رجاء، قال: حدثنا عبد الله ( كذا ) بن موسى، قال: حدثنا مطر، عن أنس بن مالك. انتهى.
فهذه هي حجته التي احتج بها، وكذلك فعل الذهبي في ترجمته، أورد هذا الحديث وأضاف إليه من الأحاديث التي تنكرها قلوب النواصب، فقال ابن عدي: حدثنا حاجب بن مالك، حدثنا علي بن المثنى، حدثني عبيد الله بن موسى، حدثني مطر بن أبي مطر، عن أنس قال: النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( النظر إلى وجه علي عبادة )).