والجواب : هذه دعوى من ابن الجوزي بلا حجة، والرواية عن ابن عدي مرسلة، وهو متهم في الشيعة لمخالفتهم مذهبه، والحديث أصله له طرق غير طريق جعفر بن أحمد، فرواه ابن المغازلي في المناقب ( ص 74 وص 75 ) من ثلاث طرق عن سلمان، وأبي ذر، وجابر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس في أسانيدها جعفر بن أحمد.
وأصل الحديث أيضا في ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر ( ج 1 ص 151، وص 152 ) بطريقين ليس فيهما جعفر بن أحمد، وذكر المحقق المحمودي أنه أخرجه أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل في الحديث ( 252 ) من باب مناقب علي، قال: حدثنا الحسن، حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، حدثنا الفضيل بن عياض، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان، عن سلمان، قال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قَسم ذلك النور جزأين، فجزء أنا وجزء علي )).
قال المحقق المحمودي: ورواه الخوارزمي في الفصل ( 14 ) من كتاب المناقب ( ص 88 )، وذكر سندا له ليس فيه جعفر بن أحمد، ثم قال: ورواه أيضا في آخر الفصل الرابع من مقتله ( ج 1 ص 50 ط 1 )، وذكر له سندا آخر ليس فيه جعفر بن أحمد.
- - -
[ حديث: (( لقد صلت الملائكة على علي... )) ]
قال مقبل( 3 ): حديث: (( لقد صلت الملائكة على علي سبع سنين، وذلك أنه لم يصل معي رجل غيره ))، حكى مقبل عن ابن الجوزي أنه قال: موضوع فيه محمد بن عبيد الله، قال يحيى: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث.
قال مقبل: ( ص 146 ): أبى الله إلا أن يفضح الكاذبين، ورحم الله سفيان إذ يقول: ما ستر الله عز وجل أحدا يكذب في الحديث... إلى أن قال مقبل : فإن الذي يقرأ في التاريخ يعلم أن عليا، وأبا بكر، وبلالا، وزيد بن حارثة، وخديجة، وابن مسعود، وعمارا، وحمزة، وغيرهم كانوا قد أسلموا مع علي.
قال في حاشيته: أعني معه في السبع السنين مع قطع النظر عن أول من أسلم.
والجواب :: أن الحديث هذا روي بطريق آخر.
قال السيوطي في اللألئ المصنوعة ( ج 1 ص 321 ) بعد ذكر سنده في ( ص 320 ) من طريق محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وله طريق آخر عن أبي ذر، قال ابن عساكر: أنبأنا أبو الحسن الفرضي، حدثنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا أبو الحسن بن السمسار، أنبأنا أبو سليمان محمد بن عبيد الله بن منصور بن نصر بن إبراهيم، حدثنا أبو عقيل الخولاني، حدثنا عيسى بن سليمان أبو موسى، حدثنا عمرو بن جُميع، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الملائكة صلت عليّ وعلى علي سبع سنين قبل أن يسلم بشر )).
ثم ذكر حديثا عن علي عليه السلام من قوله من طرق.
وأما قول مقبل: إن عليا، وأبا بكر، وبلالا، وزيد بن حارثة، وخديجة... إلى قوله: أسلموا مع علي، أي: في السبع السنين الأولى بعد البعثة.
فالجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أن المنفي في هذا الحديث الصلاة لا الإسلام، لأنه قال: لم يصل معي رجل غيره، فمن الجائز أنهم لم يصلوا معه، وإن كانوا قد أسلموا في السبع السنين، ويشير إلى أنه لا يلزم من الإسلام في أول البعثة الصلاة معه، قول الله تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ } [المزمل:20]. فظهر أنه لا تلازم، ولو
كان يلزم من الإسلام الصلاة معه لكانوا معه كلهم، ولو كانوا معه كلهم لقال: { الَّذِينَ مَعَكَ }. ولم يقل: { وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ }، وهذا لاحتمال أن الصلاة لم تكن قد وجبت عليهم، أو أن الجماعة لم يكن قد وقع الحث عليها، لعدم الأذان، فكان علي يصلي معه اختياراً لملازمته له من قبل الإسلام، وكونه معه بمنزلة الابن مع أبيه، بخلاف غيره من الرجال.
الوجه الثاني: أنه يحتمل أن الصلاة كانت قبل البعثة، هي التحنث الذي روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعله، أو هي [ العبادة التي ] كان يفعلها في الغار الذي كان يتحنث فيه، وكان علي يصلي معه، وهذا يستقيم على أنه بُعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي له خمس عشرة سنة أو نحو ذلك، وهذا قد روي فلا وجه للقطع بكذب الرواية بالنظر إلى التاريخ، كما أنه لا وجه للقطع بوضعها بالنظر إلى السند، لوجود الشواهد، مع أن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عندنا مقبول الرواية، ولا نقبل فيه جرح ابن معين، لما قدمنا، ولا إنكار البخاري، لما قدمنا أيضا من أنهم ينكرون ما ليس منكراً في الواقع.
قال السيد العلامة عبد الله بن الهادي الحسن بن يحيى القاسمي في حاشية كرامة الأولياء، في شرح حديث أحمد بن حنبل عن علي عليه السلام، اللهم إني لا أعترف أن عبدا لك من هذه الأُمة عَبَدَك قبلي غير نبيك صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرات، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعاً. وتكلم في سنده ورد جرح الذهبي لبعض رجاله، ثم خرجه، وأورد حديث محمد بن عبيد الله بن أبي رافع بسنده من أمالي أبي طالب، ومناقب محمد بن سليمان الكوفي، وقال في محمد بن عبيد الله ما لفظه: وأما ابن أبي رافع فهو محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وثقه ابن حبان، والحاكم، وأخرج له ابن ماجة، وعداده في ثقات محدثي الشيعة. انتهى.
قلت: قد ظهر أنهم لم يجرحوه إلا لهذا الحديث، وما يرويه من الفضائل، فقد ذكره ابن حبان في كتاب المجروحين والضعفاء، وقال: منكر الحديث جدا، يروي عن أبيه ما ليس يشبه حديث أبيه، ثم أورد له حديثين، عن أبيه، عن جده،
أحدهما: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل عليّ وليقل ذكر الله بخير من ذكرني )).
قال ابن حبان: أخبرناه أبو يعلى، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا حبان بن علي، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي رافع.
والثاني: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكتحل بالأثمد وهو صائم.
قال ابن حبان: أخبرناه أبو يعلى، قال: حدثنا أبو الربيع، قال: حدثنا حبان بن علي عنه. انتهى.
ولا نكارة في الحديثين، وليس لحديث أبيه لون مخالف ينافي الحديثين، فبان أن سببه التشيع، ورواية فضائل علي عليه السلام، والحديث الأول رواه المرشد بالله عليه السلام في الأمالي ( ج 1 ص 129 ) بسند آخر عن معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي رافع قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (( إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل عليّ وليقل ذكر الله من ذكرني بخير )). انتهى.
- - -
[ حديث: (( أنا عبد الله وأخو رسول الله... )) ]
والكحل روي فيه في أمالي أحمد بن عيسى، الترخيص فيه للصائم عن علي عليه السلام، وهو ظاهر لأنه ليس أكلا.
قال مقبل( ص 147 ): قول علي: (( أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب، صليت قبل الناس لسبع سنين )). ( ج ) أي ابن الجوزي موضوع، والمتهم به عباد بن عبد الله، قال علي بن المديني: كان ضعيف الحديث.
وقال الأزدي: روى أحاديث لا يتابع عليها.
وأما المنهال وهو أحد الرواة فتركه شعبة.
وقال أبو بكر الأثرم: سألت أبا عبد الله، عن حديث علي (( أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر )) ؟ فقال: اضرب عليه، فإنه حديث منكر.
والجواب وبالله التوفيق: أن هذا الجرح مرسل عن ابن المديني فلا يقبل، ثم إن قوله: ضعيف الحديث، مبني على إنكاره لبعض ما روي، كما أنكر أحمد هذا الحديث، وكذا الأزدي، مع أنه فيه مقال قد مر ذكره، فالحكم بأن الحديث موضوع باطل، لأنه لا دليل عليه، والتقليد لابن الجوزي فيه باطل آخر، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك ( ج 3 ص 112 )، وصححه كما يفيده تلخيص الذهبي.
وقال السيد عبد الله بن الهادي الحسن بن يحيى القاسمي في حاشية كرامة الأولياء في الباب الأول في سبق علي عليه السلام إلى الإسلام بعد ذكر الحديث: وأخرجه أيضا الحاكم من حديث عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي عليه السلام، قال: (( أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصدق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب، صليت قبل الناس بسبع سنين )).
ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ورواه الذهبي، ثم قال: هذا كذب على علي عليه السلام.
قال ابن المديني: عباد ضعيف.
وقال البخاري: سمع منه المنال وفيه نظر.
قال السيد عبد الله: كلام الذهبي هذا مجازفة، وكم حاول إطفاء نور الله لوصيه عليه السلام، والله متممه على رغم أنف الذهبي وقبيله.
وأما كلام البخاري وابن المديني فهما متأخران، وعباد من خيار التابعين وثقات شيعة الوصي، والمتشبث بحب أهل السفينة، وقد وثقه أيضا ابن حبان، وصحح الحاكم حديثه. انتهى.
وقد خرج الحديث هناك فليطالع.
وأما ابن أبي حاتم فترجم له في كتاب الجرح والتعديل، ولم يزعم أنه منكر الحديث بل قال في ( ج 6 ص 82 ): عباد بن عبد الله الأسدي كوفي، سمع عليا رضي الله عنه، سمع منه المنهال بن عمرو، سمعت أبي يقول ذلك. انتهى.
وأما قوله: المنهال تركه شعبة. فإليك ترجمة المنهال من كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم قال: منهال بن عمرو الأسدي مولى لبني عمرو بن أسد بن خزيمة كوفي، روى، عن زر بن حبيش، وسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعباد بن عبد الله، وقيس بن السكن روى عنه منصور، والأعمش، وميسرة بن حبيب، وعبدربه بن سعيد، وأبو خالد الدالاني، والقاسم بن الوليد الهمداني، والحجاج بن رطأة، وابن أبي ليلى، والصبي بن أشعث السلولي، سمعت أبي يقول ذلك: نا عبد الرحمن، أنا عبد الله بن أحمد ( بن محمد ) بن حبنل فيما كتب إلي، قال: سمعت أبي يقول: ترك شعبة المنهال بن عمرو على عمد. قال أبو محمد: لأنه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب، نا عبد الرحمن، قال: ذكره أبي، عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين أنه قال: المنهال بن عمرو ثقة. انتهى.
وقد مر الكلام على الكتاب الذي يقول: نا عبد الله بن أحمد فيما كتب إلي، أنه يحتمل أنه وضع على عبد الله بن أحمد، وشبه على عبد الرحمن، لأنه يشتمل على كثير من الجرح للشيعة، يسبب اتهامه والله أعلم.
وفي ( ج 1 ص 172 ) في ترجمة شعبة حدثنا عبد الرحمن، نا صالح بن أحمد، حدثنا علي - يعني ابن المديني - قال: سمعت يحيى - يعني ابن القطان - يقول: أتى شعبة المنهال بن عمرو فسمع صوتا فتركه، حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: يعني سمع صوت قراءة بألحان، فترك الكتابة عنه لأجل ذلك. انتهى.
قلت: يحتمل كلام يحيى بن سعيد أنه تركه تلك المرة عند سماع الصوت، ولا يدل على أنه لم يعد إليه أصلا، بل يحتمل أن شعبة تركه في تلك الحال لئلا يثقل عليه صرفه عن حزبه المعتاد أو نحو ذلك من الأسباب، ولكن بعض العثمانية يتصيدون لجرح الشيعة تصيدا لفرط حرصهم على جرحهم، ومن أشدهم على الشيعة يحيى بن سعيد، وابن حبان، والذهبي.
- - -
[ حديث: (( أنت أول المؤمنين إيمانا... )) ]
قال مقبل ( ص 147 ): عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (( كفوا عن علي فلقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه خصالا، لأن تكون واحدة منهن في آل الخطاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس )).
كنت أنا، وأبو بكر، وأبو عبيدة، في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانتهين إلى باب أم سلمة رضي الله عنها وعلي نائم على الباب، فقلنا: أردنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال: يخرج إليكم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فثرنا إليه فاتكأ على علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم ضرب بيده على منكبه، ثم قال: إنك مخاصم مخصم، أنت أول المؤمنين إيمانا، وأعلمهم بأيام الله، وأوفاهم بعهده، وأقسمهم بالسوية، وأرفقهم بالرعية، وأعظمهم مزية، وأنت عضدي وغاسلي ودافني، والمتقدم إلى كل شديدة وكريهة، ولن ترجع بعدي كافرا، وأنت تتقدمني بلواء الحمد وتذود عن حوضي.
ثم قال ابن عباس رضي الله عنه: ولقد مات علي رضي الله عنه بصهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبسطة في العسرة، وبذل للماعون، وعلمٌ بالتنزيل، وفقهٍ في التأويل، وقتلات الأقران. ( ج ) أي: ابن الجوزي هذا حديث موضوع من عمل الأبزاري، وكان كذابا. انتهى.
قال في حاشية مقبل: وهو الحسن بن عبيد الله.
والجواب :: أنه ذكره في لسان الميزان باسم الحسن، وقال: هو الحسين، ثم تكلم فيه في الحسين.
وقال: قال أحمد بن كامل: كان كذابا. قلنا: هذه دعوى من أحمد بن كامل لا تقبل بدون حجة.
قال الذهبي فيما حكاه في لسان الميزان: فمن أكاذيبه حدثنا إبراهيم بن سعد الجوهري، عن المأمون، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما، كان النبي يقبل فاطمة.
وقال: (( إن جبريل ليلة أسرى بي أدخلني الجنة فأطعمني من جميع ثمارها، فصار ماء في صلبي فحملت خديجة، فإذا قبلتها أصبت رائحة تلك الثمار )).
والجواب :: أن هذا مبني على تأخر الإسراء، ولا وجه لهذا البناء، لأن الراجح وقوع إسراء سابق، وإن الإسراء كان مرتين أو ثلاثا، فالحديث هذا محمول على ذلك، فلا وجه لتكذيبه وجرح راويه.
وأما قول الذهبي: فاطمة ولدت قبل أن ينزل جبريل بسنوات. فالذهبي لا يعلم الغيب، فكيف يقطع بأنه لم ينزل قبل ولادتها !! وقد روي أنها نزلت عليه صلى الله عليه وآله وسلم الملائكة وهو صبي فشقوا قلبه وغسلوه، وروي أنه نهي أن يمشي وهو عريان، وكان ذلك سابقا قبل البعثة، فلا مانع أن يكون نزل عليه جبريل عليه السلام قبل البعثة، وأن يكون لم يعرفه باسمه أنه جبريل إلا بعد البعثة.
هذا وترجم للحسين بن عبيد الله الخطيب في تاريخه، ولم يذكر أحدا كذبه إلا أحمد ابن كامل القاضي، وترجم لأحمد بن كامل، وبسط في ترجمته، وقال فيها: هو أحد أصحاب محمد بن جرير الطبري، ثم قال في أواخر ترجمته: حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف يقول: سأل أبو سعد الإسماعيلي أبا الحسن الدار قطني، عن أبي بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي ؟ فقال: كان متساهلا وربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه، وأهلكه العجب فإنه كان
يختار ولا يضع لأحد من العلماء الأئمة أصلا. فقال له أبو سعد: كان جريري المذهب.
قال أبو الحسن: بل خالفه واختار لنفسه ... إلخ.
فظهر من هذا أنه يتهمه بقلة التثبت، فلعل تكذيبه للحسين بن عبيد الله من قلة تثبته استغرب الروايات أولا، فأنكرها ثانيا فجعلها كذبا بلا حجة في الحقيقة، والحديث له شواهد ليس في سندها الحسين بن عبيد الله، منها ما ذكره السيوطي في اللألئ المصنوعة بعد ذكر رواية أخرجها، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ( ج 1 ص 65، وص 66 ) حدثنا إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا خلف بن خالد العبدي، حدثنا بشر بن إبراهيم الأنصاري، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع، ولا يحاجك أحد من قريش، أنت أولهم إيمانا بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله مزية، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله )).
وقال أبو نعيم في الحلية أيضا ( ج 1 ص 66 ) حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الأنماطي، حدثنا القاسم بن معاوية الأنصاري، حدثني عصمة بن محمد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وضرب بين كتفيه: (( يا علي لك سبع خصال لا يحاجك فيهن أحد يوم القيامة، أنت أول المؤمنين بالله إيمانا، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم مزية يوم القيامة )).