فيه متقن فارع، وجادلت الخصوم نضحاً عن الدين، ونضالاً عن الحق المبين، حتى عُرِفَتْ مواقعي، وكُتبت وحُفظت طرائقي وأثبتت، هذا وما أبرئ نفسي في أثناء هذه الأحوال ومجامع هذه الخصال من تقصير وتعذير، ولا أزكيها بل أتبرأ إلى الله من حولها وقوتها، وإن جميع ذلك من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر. ومن شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن ربي غني كريم. وأما نسبتي إلى جدي رسول الله÷ فدونه فلق الصباح، ولا عذر لكم أيها الناس في التأخر عني والاستبداد دوني، وقد ناديت فأسمعت؛ لتجيبوا دعوتي، وتتحروا لنصرتي، وتعينوني على ما نهضت له من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}[المائدة:78]،{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران:110]. ألا فعينوني على أمري، وتحروا بجهدكم نصرتي، أُوْرِدْكم خير الموارد، وأُبَلِّغُكُم أفضل المحامد. عباد الله، أعينوني على إصلاح البلاد، وإرشاد العباد، وحسم دواعي الفساد، وعمارة مناهل السداد. ألا ومن تخلف عني وأهمل بيعتي ــ إلا لسبب قاطع أو لعذر مانع بَيِّنِ الحجة ــ فإني أجاثيه للخصام يوم يقوم الأشهاد، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار يوم الآزفة، فأقول: ألم تسمع قول جدي رسول الله:((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يُجبها كبّه الله على منخريه في النار))، ألا فاسمعوا وأطيعوا {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ الله ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[التوبة:41]،{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} [التوبة:24] فلتتفق كلمتكم وليجتمع شملكم{وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال:46].
ألا وقد سلكتُ سبيل من مضى من آبائي الأخيار، وسلفي النجباء الأبرار في منابذة الظالمين، ومجاهدة الفاسقين مبتغياً به مرضاة رب العالمين، فاسلكوا أيها الإخوان سبيل أتباعهم الصالحين، وأشياعهم البررة الخاشعين في المعاونة والمظاهرة والمكاثفة والموازرة، وتبادروا رجالاً وسارعوا إليَّ أرسالاً، وإياكم والجنوح إلى الراحة طالبين لها وجوه العلل، مغترين بما فسح الله لكم من المهل، وعن قليل يُحِقّ الحقّ ويبطل الباطل، ويعاين كل امرئ ما اكتسب، ويُجازى كل بما اجترم {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ الله دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}[النور:25]،{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى الله إِنَّ الله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}[غافر:44])).
تلك النصوص تبين حقيقة أهداف أئمة أهل البيت من الإمامة.
الخروج والدعوة
قضية أخرى تتعلق بالإمامة، وهي اعتقاد البعض أن الخروج هو طريق الزيدية الوحيد للإمامة. وسبب هذا الأمر أن الإمامة في أول أمرها كانت تشترط الخروج حيث إنها كانت في زمن ولاة الجور. وإلا فالأصل أن الإمامة تكون لمن تجرَّد لأمرها، ودعا الناس إلى بيعته. فإن كان ثَمَّة ضَرورة لثورة على ظالم، وكانت الظروف مواتية فبها، وإلا كفت الدعوة إلى النفس وبيعة الناس. وفي حالما يكون هناك أكثرمن داع لنفسه في وقت واحد، فإن الواجب الشرعي عليهم وفق ما نص عليه الأئمة والعلماء هو الاجتماع أمام أهل الحل والعقد من الناس، بحيث يقوم أولئك باختيار من يرونه الأكفأ من بين المرشحين. وللأسف فإن هذا الأمر لم يطبق دائماً ولأسباب مختلفة، أبرزها في تصوري ضعف السيطرة المركزية على الأقاليم التي كانت تخضع للإمام المتوفى، وذلك بسبب الطبيعة الجغرافية للبلاد التي كان لأئمة أهل البيت فيها دول، وهي المغرب الأقصى، واليمن، وبلاد الجيل والديلم وطبرستان. هذا الأمر كان يؤدي في كثير من الأحيان إلى نزاع بين أتباع المرشحين للإمامة.
إمامة المفضول مع وجود الأفضل
هذه مسألة فرعية للغاية، ومع ذلك فقد تُكلم فيها وكأنها شعار للزيدية. والقضية فيها بحوث طويلة، وسواء قال بها الإمام زيد، أو بعض الزيدية، أم لم يقولوا بها، فهي في النهاية مسألة فقهية يعود أمرها إلى ترجيح المجتهد، فهل تجوز إمامة المفضول لاعتبارات خاصة ترجح المصلحة في بيعته واختياره؟ هذا هو خلاصة الموضوع. وأغلب الزيدية ترى أن الأفضل هو الأولى لقيادة الأمة في كل الأحوال، ولكنهم يجيزون ولاية المفضول إذا كان كفؤاً في نفسه. سبب كثرة اللغط حول المسألة يعود إلى ظن البعض أن القول بها يؤدي إلى القول بصحة إمامة أبي بكر، حيث إنه الإمام المفضول الذي تمت بيعته، والإمام علي% هو الأفضل الذي لم يبايع. هذا الظن خطأ، لأن إمامة علي بن أبي طالب لم تكن بالأفضلية فحسب، وإنما بها مع النص عليه. وقبول خلافة أبي بكر لم يكن باعتبار هذه القاعدة، وإنما باعتبار أنه حكم فعدل، وأن الإمام علياً لم يكن له موقف عدائي منه.
سلبيات تجربة الإمامة
ينتقد البعض الزيدية بسبب غياب آلية واضحة تبين كيفية انتقال الحكم من إمام إلى آخر، مما أدى ـ على حد زعمهم ـ إلى اقتتال كثير بين قيادات الزيدية. العودة إلى كتب الزيدية يظهر بجلاء أن لهم آلية محددة لاختيار الإمام، وآلية تبين كيفية انتقال الإمامة. خلاصتها: بعد غياب الإمام القائم، فإنه يحق لكل من رأى في نفسه أهلية لتولي أمر الإمامة أن يدعو الناس إلى نفسه. فإذا كان أهلاً لتولي الإمامة، ولم يوجد غيره، ولم يكن ثمة مانعاً، فإن بيعته واجبة باعتبار أن المصلحة تقضي ملء الفراغ في السلطة. فإذا وجد غيره ممن رشح نفسه، أو رشحه غيره، فعندها يجب عليهما الاجتماع أمام مجموعة من العلماء وأهل الحل والعقد لتتم المفاضلة بينهما وتعيين الأولى منهما لقيادة الأمة. هذه الآلية مورست في حالات كثيرة. وفي حالات أخرى نجد أن الذي حصل لم يتوافق معها. الأسباب تتعدد وتتداخل. أهمها أن الآلية تحتاج إلى أن تتحول من نظرية بين الخاصة إلى ثقافة عامة تمتلك حماية المجتمع كله. أيضاً فإن الظروف السياسية، والاجتماعية، والجغرافية، التي تحيط بالآلية تؤثر كثيراً على تطبيقها، والأسوأ من ذلك فإنها تؤثر سلباً على التحول الضروري للنظرية إلى ثقافة عامة. يجب أن نلحظ أثر الطموح الفردي السلبي على ممارسة تلك الآلية. ولكن هذا الطموح لم يكن ليؤثر لولا ضعف سيطرة الجيش على أطراف الدولة من جهة. هذا الضعف كان للجغرافيا وصعوبة المواصلات دور كبير فيه. ومن جهة أخرى على عدم كون الآلية ثقافة عامة.
مفهوم الفرقة الناجية
سُئل الإمام محمد بن الهادي× عن حديث الافتراق والفرقة الناجية، فقال إن الفرقة الناجية:((فهم المؤمنون بالله ورسوله، الناسبون له إلى ما نسب إليه نفسه، المبرئون له من شبه خلقه، المثبتون لعدله، النافون الظلم عنه، القائلون بالحق فيه، المصدقون بوعده، المقِرُّون بوعيده، المتبِّعون لسنة نبيه، المقيمون لما افترض الله عليهم من أحكامه، المقتدون بكتابه، الآمرون بأمره، المنتهون عن نهيه، العاملون بطاعته، الموالون لأوليائه، المعادون لأعدائه، المجاهدون في سبيله، فهم الناجون من عذابه، المستوجبون لثوابه، صبروا يسيراً من دهرهم، فسروا كثيراً في آخرتهم، قد أمنوا الخزي والنيران، واستوجبوا الرضا والرضوان، في جنات النعيم مخلدون {فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}[هود: 108])) فلم يذكر فرقة بعينها، ولم يسم طائفة محددة، وإنما ذكر أوصافاً لا يختلف مسلم على أن صاحبها ناج.
مصادر الزيدية
لا بد لمن أراد أن يعرف فكرًا ما أن يتعرف على مصادر ذلك الفكر. ولأسباب وظروف عديدة فقد تأخر تحقيق وطبع كتب الزيدية تأخراً كبيراً. فقد طبعت مجموعة من المصادر الهامة في الثلاثينيات والأربعينات والخمسينات، ثم توقف الأمر حتى طبع القليل في الثمانينات، ثم نشأت حركة تحقيق وطباعة واسعة في التسعينات.
ومن أهم ما طبع:
الروض النضير شرح المجموع الكبير للقاضي العلامة الحسين بن أحمد السياغي (ت1221هـ)، وهو موسوعة فقهية استدلالية مقارنة. وقد قرضه جماعة من كبار العلماء من الأزهر الشريف وغيره نحو العلامة محمد زاهد الكوثري، والعلامة محمد بخيت المطيعي، والمحدث أحمد بن محمد الصديق الغماري.
ومنها البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار وهو موسوعة فقهية شملت مذاهب الأمة الإسلامية، وهو من تأليف الإمام أحمد بن يحيى بن المرتضى (ت 840هـ)، وقد انتزعه من كتاب الانتصار للإمام يحيى بن حمزة(ت 749هـ). والكتاب الأخير لم يطبع منه ثلاثة أجزاء من 18 جزءاً مخطوطاً إلى الآن.
ومنه كتاب الغاية، وهو في أصول الفقه، جمع فيه مذاهب المسلمين باختصار غير مخل، لمؤلفه العلامة الحسين بن الإمام القاسم (ت 1050هـ)، وغيرها.
وفيما يلي إشارة موجزة إلى بعض مصادر فكر الزيدية التي ألفت قبل القرن الرابع: أصول الدين: رسائل الإمام زيد بن علي صلوات الله عليهما. وهي من المصادر التي لم يتم تداولها بين الزيدية بكثرة. والسبب هو حالة الشتات التي عاشها أئمة أهل البيت وشيعتهم الزيدية في القرون الثلاثة الأولى؛ ولهذا السبب بالذات لم تحفظ لنا نصوص طويلة ومفصلة عن أئمة أهل البيت قبل الإمام القاسم بن إبراهيم% بعد رسائل الإمام زيد% نجد الرسائل التي وضعها الإمام القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليهما. وهي من أهم المصادر في أصول الدين لما تحتويه من تفصيل مفيد فيه. ثم رسائل أبنائه البررة خصوصاً رسائل ولده الإمام محمد بن القاسم صلوات الله عليه. ثم رسائل حفيده الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم صلوات الله عليهم. والأخيرة مفصلة وواسعة ولا تخلو مسألة من مسائل أصول الدين المبتلى بها العبد إلا وقد عرضها الإمام% وقد طبعت أخيراً. ثم رسائل ومؤلفات الإمام الناصر الأطروش% ثم رسائل ابني الإمام الهادي الإمامين محمد(ت310هـ) وأحمد(ت 325هـ)، ويُخص بالذكر منها كتاب النجاة للإمام أحمد بن الهادي الذي يتناول موضوع خلق الأفعال، فقد فصل فيه الموضوع خير تفصيل، وأجاب عن جميع الشُّبه التي أخذها الجبرية من متشابهات القرآن وقد طبع بتحقيق المستشرق ماديلنغ.
أما في الفقه والحديث: فأول ما يأتي مجموع الإمام زيد بن علي صلوات الله عليهما. وهو مجموع فيه آراءٌ فقهية للإمام زيد بالإضافة إلى أحاديث مرفوعة إلى رسول الله صلوات الله عليه، وإلى الإمام علي%. وقد روى هذا المسند أبو خالد الواسطي الذي عدّله أهل البيت. بعد هذا هناك كتاب أمالي الإمام أحمد بن عيسى الذي جمعه العلامة محمد بن منصور المرادي(290هـ)، وفيه روايات كثيرة مرفوعة إلى رسول الله صلوات الله عليه من طرق أهل البيت، ومن طرق غيرهم. وكذلك إلى الإمام علي%، بالإضافة إلى نصوص عن الأئمة. بعد هذا مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم%، وهي من أعمدة الفقه الزيدي. بعدها كتب الإمام الهادي ورسائله الفقهية نحو المنتخب، والأحكام، وهي قطب الرحى لدى الزيدية حتى اليوم. وهناك مؤلفات للإمام الناصر الأطروش، ولأبناء الإمام الهادي ولغيرهم من الأئمة. ومن المصادر المهمة المتأخرة الجامع الكافي، الذي جمع فيه المؤلف أبو عبدالله العلوي(ت 445هـ) الآراء الفقهية التي رويت له عن الأئمة القاسم بن إبراهيم، وأحمد بن عيسى بن زيد، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، وعبدالله بن موسى الجون، وشيخ العترة محمد بن منصور المرادي عليهم جميعاً السلام. وقد اقتصر على هؤلاء دون من سواهم، لأنه أراد أن يجمع أراء الأئمة المعتمد عليهم في الكوفة.
أما التفسير: فقد فُقِد أكثر ما كتب قبل القرن الرابع. فللإمام القاسم ولأبنائه ولحفيده الإمام الهادي والإمام عبدالله بن الحسين أخي الإمام الهادي، ولأبناء الإمام الهادي تفاسير. وقد بقي منها الشيء المفيد ولله الحمد، وقد طبعت ضمن كتاب المصابيح في التفسير. هذا ويمكن جمع بعض آرائهم في التفسير بتتبع كتبهم في أصول الدين، وفي الفقه، حيث يجد المرء الكثير النافع. هذا وتوجد كتباً كثيرة بعد هذه الفترة في شتى العلوم، ويمكن العودة إلى أعلام المؤلفين الزيدية للاستزادة.
ملاحظة حول المصادر الحديثية
يتهم الزيدية من قبل البعض بعدم العناية بعلوم الحديث، ويستشهد من يتهمهم بذلك بقلة المرويات الحديثية مقارنة بغيرهم من المدارس، إضافة إلى قلة عنايتهم بعلم الحديث. وليس من تهمة أبعد من هذه، فقد اهتم الزيدية بالرواية مثلهم مثل غيرهم، كما وضعوا للحديث الضوابط التي تحكم قبوله أو رده. والبحث يظهر أن قلة الرواية عند الزيدية لها أسباب، أهمها أن شروطهم في قبول الرواية شديدة. ثم إن التكرار في الروايات عندهم قليل. كما أن الروايات التي في كتب المدارس الأخرى إما في العقائد، وأغلب ما روي في ذلك إما هو في التجسيم، أو الجبر أو الإرجاء ونحوها مما لا يرضاه الزيدية لمخالفته العقل والقرآن،وإما في الفقه، وما روي في ذلك لا يكاد يزيد إذا حذف المكرر على الموجود في مثل كتاب العمدة للمقدسي، وبلوغ المرام لابن حجر، ومثل تلك الروايات موجودة ومروية في كتب أهل البيت، وإما أحاديث في الأخلاق أو الفضائل وهي مروية أيضاً ولكن بغير تكرار، ومن دون الإكثار مما ضاعف منها. وبذلك يظهر أن هذه الدعوة لا أصل لها.
الزيدية اليوم
في الوقت الحالي ليس للزيدية وجود معتبر إلا في اليمن. وكل من بخارجها من الزيدية يعود إليها بوجه من الوجوه. وقد كان للزيدية وجود في المغرب إبَّان تأسيس دولة الإمام إدريس بن عبدالله، إلا أن وجودهم انتهى بانتهاء الدولة، وبعدم وجود حركة علمية بينهم تغذي وجودهم الفكري، إضافة إلى كثرة خصومهم آنذاك. كما كان لهم وجود في العراق، ولكن شيئاً فشيئاً اضمحلوا لغياب إمامة تجمعهم. كما كان لهم وجود في شمال إيران، في بلاد الديلم وطبرستان على بحر قزوين، ولكن مع القرن العاشر تقريباً انتهى وجودهم كما انتهى وجود أغلب الفرق مع الحركة الصفوية. كما كان لهم وجود في الهند، ولكن لا نعلم كثيراً عن هذا سوى ما أخبرنا به أحد علمائها من ذرية الإمام علي بن موسى الرضا% اسمه: مهدي رضوي. وهو موجود حالياً بألمانيا، وقد تتلمذ على يديه الدكتور محمد كالش وهو ألماني مسلم قام مع غيره بتأسيس معهد علمي لخدمة فكر أئمة أهل البيت"، واسم هذا المعهد "معهد الإمام زيد بن علي". وقد أخبرنا السيد مهدي أسماء مجموعة من علماء هذا القرن ممن كان زيدي المنهج نحو العلامة شبلي نعماني، والسيد سليمان الندوي، والشيخ أمين أحسن إصلاحي، والشيخ حميدالدين فرّاحي. والذي يظهر وفق ما أخبرنا به السيد مهدي أن الكثير من الأسر الزيدية هناك رأت أن الانتساب إلى مدرسة فكرية معينة يهدد الوحدة الإسلامية، ولذلك لا يتسمون زيدية، وإن كان بعضهم يحمل بعض أفكار الزيدية في التوحيد والعدل. كما كان للزيدية وجود في الحجاز وعلى وجه الخصوص في مكة وينبع، حيث كان أشرافها جميعاً من الزيدية حتى أوائل القرن 14 هجري. والحديث عن الزيدية المعاصرة يتناول قضايا متعددة، وليس هذا مقامها، ولذلك فسأتجه إلى إعطاء لمحة تاريخية عن نشأتها.