يكاد يجري معه شوطا (1) أو شوطين ، إلا أن يكون استعان على علمه بشيء من كلام متكلمي الاسلام .
ثم الفقهاء الذين أصَّلوا أصول الفقه وفروعه ، دققوا وأتقنوا ، وبلغوا من ذلك المبلغ الذي لا تخفى مرتبته على أحد من العلماء ، وليس لغير أهل الكتاب شيء منها . فإنهم صنفان: يهود ، ونصارى .
أما النصارى فليس لهم من الحلال والحرام ، إلا اليسير الذي لا يؤبه ل‍ه . فإنهم يعولون في حوادثهم على أحكام التوراة .
وأما اليهود مع كثرة التوراة ، فليس لهم من الفقه إلا ما يكاد يبلغ عُشْرَ عُشر ما للمسلمين .
ثم القراء من المسلمين ضبطوا أصول القراءات ووجوهها ، ضبطا لا يحكى أقله عن أحد من أهل الكتاب ، ثم النُّحاة منهم ضبطوا الإعراب ، وفرعوا وأصلوا ، كما ترى . وليس ذلك إلى هذا الحين لشيء من الأمم .
ثم تأمل نقل أصحاب الحديث وضبطهم ل‍ه ، واختصاصهم منه بما لم يختص به أحد من الأمم .
ومن ذلك استمرار دعواه ، وظهور شريعته صلى الله عليه وآله وسلم ، وتطبيقهم شرق الأرض وغربها ، لا تزيدهم الأيام إلا قوة وبقاء ، ولا تكسبهم مر الأعوام إلا هدوءاً وثباتاً ، بل لا يحاول تضعيف شيء منها محاول إلا عاد مغلولا ، ولا غالَبَها مغالب إلا عاد مغلوبا ، ولا
__________
(1) في المخطوط: شوط . والصواب ما أثبت .

يعاديها معادٍ إلا قصمه الله وأهلكه ، حتى يجعل كلمة الذين كفروا السفلى ، وكلمة الله هي العلياء .
فتأمل - رحمك الله - بعد النطق (1) في الأدلة التي ذكرناها ، والآيات التي بيَّناها ، هذه المحاسن التي اختص بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه أولا . ثم ما اختصت بها ذريته عليهم السلام ثانيا ، ثم ما اختص بها أصحابه ، ثم ما اختصت بها دعوته ثالثا . لتعلم أنه رسول مرسل ، ونبي مبتعث صلى الله عليه وآله وسلم ، وأي عاقل يتأمل هذه المحاسن التي ذكرنا اليسير منها من جملة الكثير ، فيُخيِّل إليه الشيطان أنها أجمع حصلت على سبيل الاتفاق ، مع أن مثلها لم يحصل لبشر إلا خذله الله وأضله ، لعدوله عن طلب الرشد والهدى ، واتباعه الغي والهوى .
وهل يكون في نقض العادة ، أبلغ من أن يختص بشر بما لم يختص به أحد قبله ولا بعده ؟!!
تم الكتاب والحمد لله رب الأرباب ، العزيز الغلاب ، { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) } [آل عمران] .
- - -
__________
(1) كذا في المخطوط .

الفهرس
مقدمة ... 3
المعجزة بين الرسالة الخاتمة والرسالات الأولى ... 6
مقترحات كافرة ... 8
حقيقة الاعجاز المادي ... 9
النبي الانسان ... 12
بينَ النبوة والعبقرية ... 13
العباقرة ... 13
الأنبياء ... 15
مسك الختام ... 17
موئل البطولات ... 19
الوصفُ بالعبقرية ... 21
ترجمة المؤلف ... 22
ترجمة المؤلف ... 23
المؤلف ... 24
أبوه ... 24
أمه ... 24
مولده ... 24
نشأته ... 25

شيوخه ... 25
تلامذته ... 26
مؤلفاته ... 27
من مؤلفاته: ... 28
علمه ... 29
شعره ... 37
ورعه وزهده وحلمه ... 40
جهاده ... 42
منهجه في الحكم ... 43
وفاته ... 47
هذا الكتاب ... 48
[الباطنية] ... 52
الباب الأول ... 62
البيان عن إعجاز القرآن ... 62
الكلام في أن التحدي قد وقع ... 63
الكلام في أن التحدي قد وقع ... 64
الكلام في أن معارضة القرءان لم تقع ... 85
[ قرآن مسيلمة الكذاب ] ... 98
الكلام في بيان أن الإعراض عن المعارضة إنما كان للتعذر ... 116
الكلام في بيان أن القرءان يجب أن يكون معجزا إذا تعذرت معارضته ... 129
الكلام في بيان ماله كان معجزاً ... 174
الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة ... 191
الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب ... 232

الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب ... 233
ذكر جملة من المعجزات التي وردت بها الأحاديث ... 255
ذكر ما وجد في الكتب المتقدمة من البشارات بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ... 286
ذكر ما قيل في أمره صلى الله عليه وآله وسلم على سبيل التأكيد ... 301
ذكر ما قيل في أمره صلى الله عليه وآله وسلم على سبيل التأكيد ... 302
الفهرس ... 317

32 / 32
ع
En
A+
A-