مشهورة حتى تكلم المتكلمون في كيفية خبر الشاة ، وأن ذلك يكون كلامها ، أو كلاما يخلقه الله تعالى فيها ، ومن يكون متكلما به .
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال عند وفاته: (( ما زالت أكلة خيبر تعاودني ، فالآن قطع أبهري )) (1) ، وكل ذلك يبين اشتهارته واستفاضته .
ومن ذلك حديث الاستسقاء ، وهو (( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شُكي إليه الجدب وهلاك المواشي ، لانقطاع الأمطار ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى السماء ، وجعل يدعو الله عز وجل وما في السماء سحابة ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى نحره وصدره ، حتى ابتدأت السحائب ترتفع وتجتمع وأرخت عزاليها ، ثم جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولون: الغرق . الغرق . تهدمت البيوت .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: حوالينا ، ولا علينا . اللهم على الظهران والجبال ، وبطون الأودية . فانجاب السحاب عن المدينة ، وصار حولها كالإكليل ، ومطروا بعد ذلك مدة طويلة ، وقد اختلفوا في مقدار تلك المدة .
__________
(1) أخرجه أبو داود في سننه 4/ 175(4513) ، وابن ماجه في سننه 2/ 1174(3546) ، و ابن حنبل في مسنده 6/ 18(23978) .
( ) أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 1526(3921) ، و النسائي في سننه 1/ 60(76) ، وأبو طالب في أماليه/69 (20) .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لله درُّ أبي طالب ، لو كان حياً لقرت عيناه . من ينشدنا قوله . فقام علي عليه السلام فقال: يا رسول الله . كأنك أردت:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
. . . إلى آخر الأبيات (1) .
وهذه قصة مشهورة ، حتى صار قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( حوالينا ولا علينا )) (2) . مثلاً يضرب لاشتهاره .
ومن المشهور (( أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما احتاج أصحابه إلى الماء ، وضع يده في الإناء فانفجر الماء من بين أصابعه ، حتى توضأوا وشربوا )) (3) .
وقد ذكر في مواضع عدة ، وفي أوقات مختلفة .
ومن المشهور حنين الجذع وذلك (( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خطب في المسجد خطب إلى جذع فيه ، فلما عُمِل
__________
(1) شرح البخاري للقسطلاني 2/ 227 ، والسيرة الحلبية 1/ 125 ، والخصائص الكبرى للسيوطي1/146 .
(2) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 1313(3389) ، ومسلم في صحيحه 2/ 614(897 ).
(3) أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 1526(3921) ، و النسائي في سننه 1/ 60(76) ، وأبو طالب في أماليه/69 (20) .
له المنبر ، وقام عليه حنَّ الجذع حنين الناقة ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاحتضنه ومسحه بيده ، حتى سكن )) (1) .
ومن ذلك ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين نزل بالحديبية ، فقيل له: (( ليس بالوادي ماء ينزل عليه الناس . فأخرج سهما من كنانته ، فأعطاه رجلا من أصحابه ، فنزل في قليب هناك ، فغرزه فيه ، فجاش الماء حتى أخذ الناس حاجتهم ، وصدروا عنه )) (2) .
وروي (( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصق فيها )) ، ولشهرة ذلك بصق مسيلمة الكذاب في بئر فيه وشل . فغار ماؤها ، وجفت قرارها (3) .
ومن المشهور (( تعريفه صلى الله عليه وآله وسلم أويس القرني ، وأنه به برص ، دعا له الله فبرىء منه ، إلا قدر الدرهم )) (4) ، إلى غير ذلك من أحواله ، حتى ذكره عمر ، وسأل عنه وطلبه حتى ظفر به .
__________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 1314(3392) ، والنسائي في سننه 3/ 102(1396) ، وأبو طالب في أماليه/61 (9) .
(2) أخرجه ابن حنبل في مسنده 4/ 323(18930) ، وابن خزيمة في صحيحه 4/ 290(2906) .
(3) بحار الأنوار 21/295 - 296.
(4) عن أسير بن جابر قال: (( لما أقبل أهل اليمن جعل عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق ، فيقول: هل فيكم أحد من قرن ؟ حتى أتى عليه قرن ، فقال: من أنتم ؟ قالوا: قرن ، فرفع عمر بزمام أو زمام أويس فناوله عمر ، فعرفه بالنعت ، فقال له عمر: ما اسمك ؟ قال: أنا أويس . قال: هل كان لك والدة ؟ قال: نعم . قال: هل بك من البياض ؟ قال: نعم ، دعوت الله تعالى فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي . فقال له عمر: استغفر لي . قال: أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم . فقال عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول: إن خير التابعين رجل يقال له: أويس القرني ، وله والدة ، وكان به بياض ، فدعا ربه فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته . قال: فاستغفر له ، قال: ثم دخل في أغمار الناس فلم يدر أين وقع ، قال: ثم قدم الكوفة فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان إذ ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعا لا يقع حديث غيره ، ففقدته يوما ، فقلت لجليس لنا: ما فعل الرجل الذي كان يقعد إلينا ، لعله اشتكى . فقال رجل: من هو ؟ فقلت: من هو ؟ قال: ذاك أويس القرني ، فدللت على منزله فأتيته ، فقلت: يرحمك الله أين كنت ، ولم تركتنا ؟ فقال: لم يكن لي رداء فهو الذي منعني من إتيانكم . قال: فألقيت إليه ردائي فقذفه إلي ، قال: فتخاليته ساعة ، ثم قال: لو أني أخذت رداءك هذا فلبسته فرآه علي قومي ، قالوا: انظروا إلى هذا المرائي ، لم يزل في الرجل حتى خدعه وأخذ رداءه ، فلم أزل به حتى أخذه . فقلت: انطلق حتى أسمع ما يقولون ، فلبسه فخرجنا فمر بمجلس قومه ، فقالوا: انظروا إلى هذا المرائي لم يزل بالرجل حتى خدعه وأخذ رداءه ، فأقبلت عليهم فقلت: ألا تستحيون ؟! لِمَ تؤذونه ؟ والله لقد عرضته عليه فأبى أن يقبله . قال: فوفَدَت وفود من قبائل العرب إلى عمر ، فوفد فيهم سيد قومه ، فقال لهم عمر بن الخطاب: أفيكم أحد من قرن ؟ فقال له سيدهم: نعم أنا . فقال له: هل تعرف رجلا من أهل قرن يقال له: أويس ، من أمره كذا ومن أمره كذا . فقال: يا أمير المؤمنين ما تذكر من شأن ذاك ومن ذاك ؟ فقال له عمر: ثكلتك أمك أَدرِكه مرتين أو ثلاثا . ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قال لنا: إن رجلا يقال له: أويس من قرن ، من أمره كذا ومن أمره كذا . فلما قدم الرجل لم يبدأ بأحد قبله ، فدخل عليه فقال: استغفر لي . فقال: ما بدا لك ؟ قال: إن عمر قال لي كذا وكذا ، قال: ما أنا بمستغفر لك حتى تجعل لي ثلاثا . قال: وما هن ؟ قال: لا تؤذيني فيما بقي ، ولا تخبر بما قال لك عمر أحدا من الناس ، ونسي الثالثة )) .
أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده 1/39 (266) ، والحاكم في مستدركه 3/457(5720) .
ومن ذلك (( أن الطعام أعوز أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك ، وضاق عليهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من كان عنده فضل طعام فليأتنا به . فأتي بنيف
وعشرين صاعا ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعا بالبركة ، ثم دعا الناس . فقال: خذوا فأخذوا حتى اكتفوا وصدروا ، وفضلت فضلة )) (1) .
وهذه الآية - أعني تكثير القليل من الطعام ، وإشباع الكثير منه - قد تكررت في مواضع واشتهر منها (( بمكة في أول البعثة ، لما نزل قوله عز وجل: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) } [الشعراء] ، دعا صلى الله عليه وآله وسلم رهطا من عشيرته ، فقدم إليهم يسيرا من الطعام ، فأكلوا منه وشبعوا )) (2) .
ومنها خبر (( دعائه صلى الله عليه وآله وسلم جابرا إلى الطعام - وكان أعد له يسيرا - فدعا صلى الله عليه وآله وسلم عدداً كثيراً من أصحابه ، حتى أكلوا وشبعوا )) (3) .
ومنها حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: (( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثين ومائة ، فقال صلى الله عليه وعلى أهله: هل مع أحد منكم طعام ؟ فإذا مع رجل صاع واحد ، فأطعم الجميع منه إلى أن شبعوا وفضل )) (4) .
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده 3/418 (15487) ، وابن حبان 1/456 (221) ، والحاكم في المستدرك3/675 (4234) .
(2) مناقب الكوفي1/95 (47) .
(3) أخرجه مسلم في صحيحه 1/ 56 (27) ، وأحمد بن حنبل في مسنده 3/ 11 (11095) .
(4) أخرجه مسلم في صحيحه 3/1626(2056) .
ومن ذلك حديث جابر (( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى رجلا وسق شعير ، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته ، حتى كالوه ، فقال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: لو لم تكيلوه لأكلتم منه ، وأقام لكم )) (1) .
وغير ذلك فيما يكثر عدده .
ومن المستفيض (( أن جابر بن عبد الله الأنصاري أتى محمداً بن علي بن الحسين عليهم السلام ، وهو في الكُتَّاب فقبَّله ، وقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني أن أقرأك السلام )) (2) .
ومن ذلك (( أنه صلى الله عليه وآله وسلم نعى جعفر بن أبي طالب وهو على بعد منه )) (3) .
ومن ذلك (( مجيء الشجرة فإنه تكرر في مواضع منها: مكة والمدينة ، حتى أقبلت إليه تشق الأرض شقا )) .
__________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه 4/ 1784(2281) ، وأحمد بن حنبل في مسنده 3/ 337(14661) .
(2) ينابيع النصيحة /413 ، ومناقب الكوفي 2/275(743) ، وفي ترجمة الباقر من تاريخ دمشق لابن عساكر الحديث (23) ، روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (( إنك ستعيش حتى تدرك رجلا من أولاديي اسمه اسمي يبقر العلم بقرا ، فإذا رأيته فأقره مني السلام . فلما دخل محمد بن علي على جابر وسأله عن نسبه ، فأخبره ، قام إليه فاعتنقه وقال له: جدك يقرأ عليك السلام )) . أخرجه الكليني في أصول الكافي 1/469 ،470 ، والكشي في رجاله 27-28 ، والمجلسي في بحار الأنوار46/227باب/3 ، وكشف الغمة2/119 ، والهيثمي في المجمع 1/22 ، وابن عساكر في تاريخه 51/41 ، وهو في الوافي بالوفيات 4/102 ، والذهبي في سير أعلام النبلاء 4/241 ، وقال: وأقرأه جده الحسين السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
(3) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 1372(3547) ، والنسائي في سننه 4/ 26(1878) .
و(( مرتين في الصحراء ، حين أراد قضاء الحاجة اجتمعت له صلى الله عليه وآله وسلم شجرتان فاستتر بهما ، وقضى الحاجة ، ثم افترقا وعادا إلى مكانهما )) (1) .
و(( دعا صلى الله عليه وآله وسلم غصنا من شجر فأتاه ، حتى رأى ذلك من كان طلب الآية ، ثم عاد إلى مكانه )) (2) .
ومن ذلك (( انشقاق القمر )) ، وقد رواه عدة من أصحابه . وإن كان الأشهر رواية عبد الله بن مسعود ,فقد قال: (( إني رأيته فلقتين )) (3) .
وروى أنس: (( أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية ؟ فأراهم انشقاق القمر )) (4) ، وكان يحدث به في تفسير قوله عز وجل: { وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) } [القمر] .
وعن عبد الله بن مسعود ، قال: (( انشق القمر بمكة .
فقالت قريش: هذا سحر سحركم به .
__________
(1) أخرجه ابن حنبل في مسنده 1/ 268(2418) ، وابن عمرو الشيباني في الآحاد والمثاني 3/ 252(1612) ، وابن حبان في صحيحه 14/ 435(6505) ، و الدارمي في سننه 1/ 22(16) .
(2) مناقب الكوفي 1/ 57 ( 22 ) .
(3) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 1331(3437) ، ومسلم في صحيحه 4/ 2158(2800) ، و الترمذي في سننه 4/ 477(2182) .
(4) أخرجه الطيالسي في مسنده1/265(1960) .
فقال بعضهم: انظروا إلى السفار ، فسألوهم ؟ فقالوا: قد رأينا القمر انشق )) (1) .
وروى ذلك عن حذيفة ، وابن عباس ، وجبير بن مطعم ، ويدل على صحته: (( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلا عليهم قوله عز وجل: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2) } [القمر] )) (2) .
ولو لم يكن ذلك ظاهرا بينهم لأنكروا ذلك ، وكذَّبوا قوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولقالوا: لم ينشق القمر ، ولم يُحْوَجُوا إلى أن يقولوا: إنه سحر مستمر ، فوضح بذلك أنهم كانوا شاهدوا ذلك وعرفوه ، ولا وجه لتأويل من يتأوله على أنه بمعنى: ينشق يوم القيامة ، لوجوه:
منها: أنهم لا يقولون في الآيات يوم القيامة: إنها سحر ، لأنهم يعرفون تلك الأحوال ضرورة .
فإن قيل: لا نسلِّم لكم يوم القيامة ولا كون الآيات فيها ، فكيف نسلم أنها تعلم ضرورة ؟!
__________
(1) أخرجه الطيالسي في مسنده 1/ 38(295) ، وأحمد بن حنبل في مسنده 1/ 377(3583) ، والحاكم في مستدركه 2/ 513(3758) .
(2) أخرجه الترمذي في سننه5/398 (3289) ، والطبراني في المعجم الكبير10/303 (10734) .
قيل له: لسنا نحتاج إلى تسليمكم صحة ذلك ، لأن ذلك معلوم من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأديان سائر الأنبياء صلوات الله عليهم ، ولا يجوز أن يخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخبر يعلم خلافه من دينه ضرورة .
ومنها: أنه ليس في القرآن ولا في شيء من الأخبار الصحيحة ، أن القمر ينشق يوم القيامة ، وإنما في القرآن: { وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) } [القيامة] .
ومنها: أن ظاهر الآية خبر عن الماضي ، فلو لم يكن ذلك معلوما عند الكفار لراجعوه فيه ، حتى يعرِّفهم صلى الله عليه وآله وسلم مراده ، ولَمَّا لم يجز ذلك ، ثبت صحة ما قلناه .
ولا وجه أيضا لتأويلِ مَن يتأول فيه فيقول: إن المراد به ضربُ المثل لوضوح الأمر . كما يقال: هذا أمر قد طلع فجره ، وأشرقت شمسه ، لأن ضرب المثل بطلوع الفجر وإشراق الشمس يصح ، لأن طلوع الفجر وإشراق الشمس يزيدان في الضوء ، ولو انشق القمر لم يجب أن يتزايد الضوء ، بل يكون ذلك إلى تناقصه أقرب . فكيف يصح ضرب المثل به لوضوح الأمر ؟!
ولا معنى لقولِ مَن يقول: إن ذلك لو كان لم يخف على أهل الشرق والغرب ، لأنه لا يمتنع أن يعلم ثقة أن الأصلح إظهاره لقوم بعينهم دون سائر الخلق ، فيخفيه على سائر الخلق بالغمام ، في بعض المواضع ، وبالشغل أو النوم لآخرين .
ومن المشهور قوله صلى الله عليه وآله وسلم لسراقة بن جعشم ، وقد نظر إلى ذراعيه: (( كأني بك وقد لبست سواري كسرى . وكان سراقة أشعر الذراعين دقيقهما ، ولما كان ما كان في زمان عمر بن الخطاب ، وفتحت خزائن كسرى ، حمل المال فوضع في المسجد ، فرأى عمر منظراً لم ير مثله ، والذهب والياقوت والزبرجد واللؤلؤ يتلألأ .
فقال: أين سراقة بن جعشم ؟ فأتي به .
فقال: البسهما .
فَفَعَلَ .
فقال: الله أكبر ، الحمد الله الذي سلبهما كسرى ، وألبسهما سراقة بن جعشم )) (1) . فكان ذلك آية ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
ومن المشهور ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (( لما غسلت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أردت عضوا أغسله إلا قُلِبَ لي حتى أغسله . ولقد أردت يد غيري عليه ، وسمعت مناديا ينادي في جانب البيت: لا تخلعوا القميص . ولقد رأيت أن أكبه فنوديت: ألا تكبه )) (2) .
__________
(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى 6/357 (12812) .
(2) الأحكام 1/151 .