في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ }
[المائدة:90]
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله تعالى:
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا أبو زيد العلوي قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال: حدثنا كثير بن عياش القطان عن أبي الجارود.
عن أبي جعفر الباقر في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ }[المائدة:90]،وذلك أن أبا بكر شرب قبل أن يحرم الخمر، فشرب فجعل يقول الشعر ويبكي قتلى المشركين من أهل بدر، فسمعه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((اللهم امسك على لسانه))، فامسك على لسانه، فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر، فأنزل الله تحريمها بعد ذلك.
باب آخر في تحريم الخمر والوعيد على شربها
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله تعالى
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا علي بن الحسن بن نصر البجلي قال: حدثنا محمد بن يحيى التستري، قال: حدثنا إبراهيم بن نافع عن عمر بن موسى بن الوجيه عن زيد بن علي عن آبائه.
عن علي عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لعنت الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبايعها، ومشتريها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها)).
وروى بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي قال: حدثنا أيوب اليماني قال: حدثنا عمرو بن حفص قال: حدثني أنس بن مالك أنه كان وصيفا يدير الكأس على ناس من الأنصار في ناحية، فيهم أبو طلحة، وما بالمدينة خمر الألبسر والتمر فكانوا يشربونه، وأنا أدير عليهم الكأس ما شاءوا، فقيل إن الله عزّ وجلّ قد حرم الخمر فاهراقوا ما بقي من شرابهم، وانطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا معهم، فجاء رجل من الأنصار فقال يا رسول الله: إني كنت أبيع خمراً من التمر والبسر ليتيم في حجري، فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إحدى يديه على الأخرى، فقال: ((قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها، وأكلوا أثمانها فأهرقه)).
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا ابن أبي الربيع قال: حدثنا يحيى بن عبد الله الفراني، قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا إسرائيل عن يونس عن سعيد بن جبير.
عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من مات وهو مدمن على خمر، لقي الله كعابد وثن)).
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حميدة قال: حدثنا محمد بن القاسم بن بشار قال: حدثنا عبد الله بن سليمان الهروي عن أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه.
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن الله عزّ وجلّ لم يحرم الخمر لإسمها، إنما حرمها لعاقبتها، فمن شرب شرابا عاقبته الخمر فهو خمر)).
باب حد السرقة
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله:
قال -أي يحيى عليه السلام-، وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه: أن هذه الآية أي قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ .. }[المائدة:38] الآية نزلت في رجل من الأنصار، يقال له: طعمة بن أبيرق، وكان سرق درعاً من جار يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين، فالتمست الدرع عند طعمة فلم يوجد عنده، فحلف لهم ما أخذها، فقال صاحب الدرع: بلى والله قد أدلج علينا، فأخذها، وطلبنا أثره حتى دخل دار منزل اليهودي، فقال اليهودي: دفعها إلي طعمة بن أبيرق، وشهد له أناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر – وهم قوم طعمة -: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنكلمه في صاحبنا فيعذره ويجادل عنه فإن صاحبنا برئ وإلا هلك، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فكلموه في ذلك وسألوه أن يجادل عن صاحبهم، قالوا: إن لم تفعل يهلك صاحبنا ويبرأ اليهودي، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفعل وأن يعاقب اليهودي، فأنزل الله آيات من سورة النساء من قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}[النساء:105]، وقوله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ }[النساء:113]، وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فاقطعوا أيديهما
}[المائدة:38] نزلت في طعمة هذا حين سُرقت الدرع.
في كم يقطع السارق
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله تعالى:
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا محمد بن يندار قال: حدثنا هميم قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن عمر عن محمد بن إسحاق عن أيوب عن موسى عن عطاء.
عن ابن عباس قال: كان ثمن المجن يُقوّم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعشرة دراهم.
وأخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا محمد بن يندار قال: حدثنا هميم قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه.
عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((القطع في ثمن المجن)) ، قال عبد الله بن عمرو: وثمن المجن عشرة دراهم.
وروى يعقوب بن الجراح فال: حدثنا المغيرة قال: حدثنا سعيد عن معمر عن الزهري عن عمرة.
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((القطع في ربع دينار فصاعدا)).
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا محمد بن بلال قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا محمد بن جبلة الأحمسي قال: حدثنا محمد بن بكر الأرحبي.
عن أبي الجارود قال: حدثني زيد بن علي عليهما السلام قال: سرقت امرأة من قريش قطيفة، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما سمعت بذلك قريش، قالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فنكلمه في هذه المرأة قبل أن يقطعها، فيكون سبة علينا في العرب نعير بها، فقالوا: يا نبي الله، سبحان الله، فقال: ((إنما هلك من كان قبلكم من بني إسرائيل، باقامتهم على ضعفائهم وتركهم الحدود على أشرافهم، والله لأقطعنها، والله لأقطعنها، والله لأقطعنها))، قال فقدمها فقطعها.
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا أبو أحمد قال: حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن يحيى بن الخراز.
عن علي عليه السلام قال: لا يقطع الكف في أقل من دينار أو عشرة دراهم.
وأخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: أخبرنا أبو أحمد قال: حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الرحمن بن عبد الله عن القاسم بن عبد الرحمن.
عن ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يقطع اليد إلا في دينار أو عشرة دراهم.
في أن الحد لا يسقط التوبة
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله:
أخبرنا أبو بكر المقري قال: حدثنا الطحاوي قال: حدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا سعيد بن عون مولى بني هاشم قال: حدثنا الدراوردي عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان.
عن أبي هريرة قال: أًتي بسارق إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالوا: يا رسول الله إن هذا سرق، فقال: ما أخاله سرق، فقال السارق: بلى يا رسول الله، فقال: ((اذهبوا به فاقطعوه، ثم احمسوه، ثم ائتوني به))، فذهب به، فقطع ثم حسم، ثم أتي به، فقال: ((تب إلى الله))، فقال: تبت إلى الله، فقال: ((تاب الله عليك)).
أخبرنا أبو بكر المقري قال: حدثنا الطحاوي قال: حدثنا ربيع المؤذن قال: حدثنا أسد قال: حدثنا ابن لهيعة قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري.
عن أبيه: أن عمرو بن سمرة بن جبيب بن عبد شمس فقال: يا رسول الله إني قد سرقت جملاً لبني فلان، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالوا: فقدنا جملا لنا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقطعت يده، فقال ثعلبة: فأنا أنظر إليه حين قطعت يده وهو يقول: الحمد لله الذي طهرني مما أراد أن يدخل جسدي النار.
أخبرنا أبو بكر المقري قال: حدثنا الطحاوي قال: حدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج ومحمد بن عون الزيادي قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي المنذر مولى أبي ذر.
عن أبي أمية المخزومي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أًتي بلص اعترف اعترافاً ولم يوجد معه المتاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((ما أخالك سرقت))، قال: بلى يا رسول الله، فأعادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرتين أو ثلاثا، قال: بلى، فأمر به فقطع، ثم جئ به، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ((قل استغفر الله وأتوب إليه))، فقال: استغفر الله وأتوب إليه، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ((اللهم تب عليه)).
في أنه لا قطع على خائن ولا مختلس ولا منتهب
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله تعالى:
أخبرنا السيد أبو العباس الحسني رحمه الله قال: أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق قال: حدثنا النخعي قال: حدثنا المحاربي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا إبراهيم بن الزبرقان عن أبي خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده.
عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: (لا قطع على خائن ولا مختلس).
أخبرنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: حدثنا حامد بن معاذ الشامي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن ابن جريح عن أبي الزبير.
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطع)).