في الرمل بالبيت وهل هو سنة
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله:
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا ربيع المؤذن قال: حدثنا أسد قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم.
عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس رضي الله عنه: يزعم قومك أن رسول الله ً قد رمل بالبيت وأن ذلك سنة، قال: صدقوا وكذبوا، قلت: ماصدقوا وكذبوا؟ قال: صدقوا رمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالبيت، وكذبوا ليست بسنة، أن قريشاً قالت: زمن الحديبية دعوا محمداً وأصحابه حتى يموتوا موت النغف قتلاً، فلما صالحوه على أن يجيئ في العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام فقدم رسول الله ً على جبل قيقعان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أرملوا بالبيت ثلاثاً وليست بسنة)).
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد عن أيوب عن سعيد بن جبير.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة وأصحابه، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فلما قدموا قعد المشركون مما يلي الحجر، فأمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين، قال ابن عباس رضي الله عنه: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط الأربعة إلا إبقاءً عليهم.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا ابن مرزوق قال: حدثنا حجاج بن نضير قال: حدثنا فطر بن خليفة.
عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس رضي الله عنه: يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رمل بالبيت وأنها سنة، قال: صدقوا وكذبوا، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليست بسنة، ولكن قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمشركون على قيقعان، وبلغه أنهم يقولون أن به وبأصحابه هزلاً، فقال: لأصحابه ارملوا اروهم إن بكم قوة، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني فإذا توارى عنهم مشى.
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله: والحجة على أن الرمل سنة ولم يرمل لأجل المشركين ما روينا.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا محمد بن خزيمة قال: حدثنا حجاج (قال حدثنا حماد) عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن أبي الطفيل.
عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اعتمر من الجعفرانة فرمل بالبيت ومشى أربعة أشواط.
قال وحدثنا الطحاوي قال: حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال: حدثنا ابن المبارك عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي الطفيل قال: (رمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحجر إلى الحجر).
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: حدثني اسباط بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال كان ابن عمر يرمل من الحجر إلى الحجر ثلاثاً ويمشي أربعاً على هيئته، قال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعلهن.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: حدثنا عفان قال: حدثنا سليمان ابن أخضر قال: حدثنا عبيد الله عن نافع.
عن ابن عمر: (أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يرمل من الحجر إلى الحجر).
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا يزيد بن سنان قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه.
عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سعى ثلاثة ومشى أربعة حين قدم في الحج، والعمرة حين كان اعتمر.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال: حدثنا محمد بن إدريس عن أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله ً بمثل معناه.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا الليث قال: حدثنا ابن الهاد عن جعفر بن محمد عن أبيه.
عن جابر قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع سبعاً، ورمل منهن ثلاثاً ومشى أربعاً.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا ربيع المؤذن قال: حدثنا أسد قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا جعفر بن محمد، فذكر بإسناد مثله.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا يونس أخبرنا بن وهب أن مالكاً أخبره عن جعفر بن محمد عن أبيه.
عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طاف سبعة رمل في ثلاثة منهن من الحجر الأسود.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا فهد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الجنبي عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه.
عن عمر قال: فيم الرمل الآن والكشف عن المناكب وقد نفى الله الشرك وأهله على ذلك، لا ندع شيئاً تحملناه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: حدثنا يحيى بن عيسى عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن يعلى بن أمية قال: لما حج عمر رمل ثلاثا.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا محمد بن خزيمة قال: حدثنا حجاج بن منهال قال: حدثنا فضيل بن عياض عن منصور بن المعتمر عن شقيق عن مسروق قال: قدمت مكة معتمراً، فتبعت عبد الله بن مسعود، فدخل المسجد فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا محمد بن خزيمة قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد عن أيوب عن نافع.
عن ابن عمر: كان إذا قدم مكة رمل بالبيت ثم طاف بين الصفا والمروة، وإذا لبّى بها من مكة لم يرمل بالبيت، وأَخر الطواف بين الصفا والمروة إلى يوم النحر، وكان لا يرمل يوم النحر.
في استلام الحجر الأسود وبقية الأركان
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله والأصل فيه
ما أخبرنا به السيد أبو العباس الحسني رحمه الله قال:أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن شنبذين قال: حدثنا عمرو بن ثور قال: حدثنا الفريابي، قال: حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه.
عن جابر: أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اسلتم الحجر حين أراد أن يخرج إلى الصفا، وأنه قال: ((أبدأ بما بدأ الله به: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّه }[البقرة:158])).
أخبرنا السيد أبو العباس الحسني رحمه الله قال: أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق قال: حدثنا علي بن محمد النخعي قال: حدثنا سليمان بن إبراهيم المحاربي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا إبراهيم بن الزبرقان قال: حدثني أبو خالد قال: حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده.
عن علي عليه السلام قال: (أول مناسك الحج، أول ما يدخل مكة يأتي الكعبة فيتمسح بالحجر الأسود، ويكبر ويذكر الله ويطوف، فإذا انتهى إلى الحجر الأسود فذلك شوط، فليطف كذلك سبع مرات، فإن استطاع أن يتمسح بالحجر الأسود في كلهن فعل، فإن لم يجد إلى ذلك سبيلاً مسح ذلك في أولهن وآخرهن، وذكر الحديث).
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا ابن مرزوق قال: حدثنا أبو عاصم عن أبي داود عن نافع.
عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يمر بهذين الركنين الأسود واليماني إلا استلمهما في كل طواف ولا يستلم هذين الآخرين.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا يزيد بن سنان وابن مرزوق قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وحدثنا يزيد وأبو صالح قالا: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم.
عن أبيه قال:لم أر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين.
قلت: في الإسناد زيادة رجل وهو: أبو صالح عما في الطحاوي: فالذي في الطحاوي (ج2/183): حدثنا يزيد وابن مرزوق قالا ثنا أبو الوليد الطيالسي . ح.
وحدثنا يزيد بن سنان قال ثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم.
عن أبيه قال: لم أر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين؟ فتأمل.
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله:
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير بن معاوية قال: حدثنا أبو الزبير.
عن جابر قال: كنا نستلم الأركان كلها.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا يعقوب بن حميد قال: حدثنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر مثله.
الصلاة خلف المقام
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله:
أخبرنا السيد أبو العباس الحسني رحمه الله قال: أخبرنا محمد بن علي الصواف قال: أخبرنا عمار بن رجاء قال: حدثنا العَقَدي قال: حدثنا عدي بن الفضل عن جعفر بن محمد عن أبيه.
عن جابر بن عبد الله: أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صلى ركعتين خلف المقام، ثم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى }[البقرة:125].
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا يونس قال: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن ابن باباه عن جبير بن مطعم رفعه أنه قال: يا بني عبدالمطلب: لا تمنعوا أحداً يطوف بهذا البيت في أي ساعةٍ شاء من ليل أو نهار.
قال حدثنا الطحاوي قال: حدثنا محمد بن خزيمة قال: حدثنا محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا حسان بن إبراهيم عن إبراهيم بن يزيد عن عطاء.
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يا بني عبد مناف إن وليتم هذا الأمر فلا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار)).
قصة إسماعيل عليه السلام وأمه وحفر زمزم
قال أبو الحسن علي بن بلال رحمه الله:
أخبرنا السيد أبو العباس الحسني رحمه الله قال: حدثنا الحسن بن علي الجوسقي الرازي قال: حدثني أبو محمد الأنصاري قال: حدثني عمارة بن زيد قال: حدثني إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الزهري ويزيد بن رومان وصالح بن كيسان ويحيى بن عروة وغيرهم قالوا: لما بلغ إسماعيل عليه السلام من مولده سبع سنين كملا، فلم تصبر سارة عن الغيرة أكثر من هذا، فقالت: يا إبراهيم لا أحب أن تكون هاجر معي في منزلي، فحولها إلى حيث شئت، قال: فأوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام بوحيه وجاءَه جبريل عليه السلام بالبراق، فوثب إبراهيم عليه السلام فوثب البراق، وحمل هاجر من ورائه، وإسماعيل عليه السلام من بين يديه، حتى صار إلى الحرم بإذن ربه، فأنزل هاجر وإسماعيل قريباً من البيت الحرام، والبيت يومئذٍ كأنه ربوة، لأن الطوفان قد كان خربه أيام نوح عليه السلام، فقال إبراهيم يا هاجر كوني هاهنا أنت وإسماعيل فإني راجع إلى سارة .
قالت هاجر: فعلى من تخلفني وتخلف ولدك؟ قال إبراهيم عليه السلام: أخلفك على من أمرني أن أحملكما إلى هذا الموضع، قالت هاجر: فامض إذاً حيث شئت فإني واثق بربي، ورجع إبراهيم عليه السلام إلى منزله وترك هاجر وإسماعيل هنالك وليس معهما ثالث إلا الله تبارك وتعالى، قال: وتعالى النهار وطلعت الشمس واشتد الحر في ذلك الموضع، ونظرت هاجر إلى موضع زمزم، فإذا الشجرة هناك، وكان معها إناءٌ فيه ماءٌ، فجعلت كلما عطش إسماعيل من ذلك تسقيه من ذلك الماء، وشربت أيضاً هي حتى فني ما كان في الإناء، واشتد الحر، وعطش إسماعيل، فلم تدر هاجر ما تصنع، غير أنها تغدوا مرة نحو الصفا ومرة نحو المروة وهي تقول: إلهي وسيدي إن ولدي هذا هو ابن خليلك إبراهيم فلا تقتله عطشاً، فأوحى الله إلى جبريل عليه السلام أن أغثها فقد استغاثت بي وأنا غياث المستغيثين، قال: فانقض جبريل عليه السلام كالبرق الخاطف، ثم ناداها: أيتها المرأة ارجعي إلى ابنك فقد أتاك الغياث من ربك، قال: فرجعت هاجر إلى إسماعيل وإسماعيل يبحث هكذا بأصابعه في الأرض، وقد نبعت له عين من الماءِ وهي بئر زمزم، قال: ففرحت هاجر وخرت ساجدةً ثم إنها رفعت رأسها، فجعلت تجمع الحصى حول العين، ثم أنها ملت ذلك السقا الذي معها ولم تشرب خوفاً أن يفنى ماءُ العين فناداها جبريل عليه السلام: أيتها المراة اشربي ولا تخافي أن يفنى هذا الماء، فإن الله تبارك وتعالى سيعمر هذا البيت ويطاف بأفنيته.
وكان بعض أهل العلم يقول: لولا أن هاجر جمعت الحصى حول عين زمزم لكان ماؤها يسيح على وجه الأرض.
قال أبو الحسن علي بلال رحمه الله، وبهذا الإسناد قال: كان عبد المطلب ذات يوم في الحجر، فعلاه النوم، فرأى رجلاً طويل الباع حسن الشعر، جميل الوجه، جيّد الثوب، يهتف أن يا عبدالمطلب قم فاحفر طيبة، فانتبه فزعاً مذعوراً، وجعل يقول وما طيبة؟ ثم عاد إلى مضجعه فرقد، فهتف به ذلك الهاتف أن: يا عبد المطلب قم فاحفر برة، فانتبه فزعاً مرعوباً وهو يقول وما برة؟ قال: ثم عاد إلى مضجعه فرقد، فهتف به ذلك الهاتف وهو يقول: يا عبدالمطلب قم فاحفر المضمونة، فانتبه فزعاً مذعوراً وهو يقول: وما المضمونة؟ ثم نهض فصار إلى منزله، ثم أرسل إلى وجوه قريش فدعاهم وقص عليهم ما رآه، فقالوا له: إن كان هذا الهاتف أتاك بحق فإنه عائدٌ إليك، وإن يك غيره فهو غير عائدٍ إليك.