(وأحيوا السنة): بتشييدها وإظهار معالمها، والعمل بأحكامها.
(وأماتوا البدعة): بإبطالها وإنكارها، وقتل الداعي إليها وإذهابه.
(دُعُوا إلى ال‍جهاد): للبغاة، وأهل البدع، والأهواء.
(فأجابوا): من دعاهم إلى ذلك، وتحققوا وجوب الإجابة إليه، وعلموا ذلك بما عرفهم الله وأعلمهم.
(ووثقوا بالقائد فاتبعوا ): يشير إلى نفسه في أنهم وثقوا بنفوذ بصيرته في حرب أهل القبلة، ويعرِّض بمن توقف عنه من الصحابة كالذين حكينا عنهم ممن تأخر عنه نحو عبد الله بن عمر وغيره ممن تخلَّف عنه لعارض.
(ثم نادى بأعلى صوته): تحريضاً لهم على الجهاد وحثاً لهم على المواظبة عليه:
(ال‍جهاد ال‍جهاد): أي الزموا الجهاد، وتكريره إنما يكون على جهة التأكيد، وإضمار الفعل هاهنا واجب لأجل التكرير فلا يبرز بحال.
(عباد الله!): أي يا عباد الله، من كان مقرّاً بالعبودية لله فليكن مؤتمراً بأوامره، ومن أعظم أوامره الجهاد في سبيله.
(ألا وإني معسكر): جامع للعساكر.
(في يومي هذا، فمن أراد الرواح إلى الله): بالشهادة عند خروج نفسه.
(فليخرج): معي.
(قال نوف: ثم عقد للحسين بن علي): يعني أعطاه الراية، وأمّره عليهم.
(في عشرة آلاف): وأمرهم باتباعه والاحتكام لأمره؛ لأن عند كثرة العساكر وازدحامهم فلابد لهم من الأمراء لينتظم الأمر، وتشتد النكاية للعدو، وتتسق أحوال الحرب وأموره.
(ولقيس بن سعد في عشرة آلاف): أمير من أمرائه.
(ولأبي أيوب الأنصاري [في عشرة الآف] ): وهذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الذي قعد في بيته عند قدومه مهاجراً من مكة .
(ولغيرهم على أعداد أُخَر، وهو يريد الرجعة إلى صفين): يريد لإنجاز الحرب بينه وبين معاوية.

(فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه الله): لعناً وبيلاً، وفي الحديث: ((أشقى الناس رجلان : أحيمر ثمود عاقر الناقة واسمه قدار، والذي يضربك على هذه -يعني قرينة رأسه- فيبل منها هذه)) يعني لحيته.
قال: (فتراجعت العساكر) من حيث أرادوا، وحيث كانت بُغْيتُهم من الجهاد.
(فكنَّا كالأغنام فقدت رعاتها تخطفها الذئاب من كل مكان).

(173) ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها صفة النار وحالها
(ال‍حمدلله المعروف من غير رؤية): يشير إلى أن العلم به ليس من طريق الرؤية والمشاهدة، وإنما طريق معرفته غير ذلك، إما بالنظر والاستدلال والتفكّر في أفعاله، والشواهد الدالة على وجوده من أفعاله، وهذا عليه تعويل الأكثر من العلماء من المتكلمين، وإما أن يكون معلوماً بالضرورة غير الإدراك، وهذا هو قول طائفة من نُظَّار العلماء من أهل الكلام فإنهم جوَّزوا ذلك، أعني أن يكون العلم به ضرورياً.
(وال‍خالق من غير مَنْصَبَةٍ): يريد أنه فيما خلق لا يلحقه نصب ولا تعب كما يلحق غيره من سائر الفاعلين لهذه الأفعال، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:38] نزلت تكذيباً لليهود، ورداً عليهم، حيث زعموا أن الله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما، من يوم الأحد إلى يوم الجمعة، ثم استراح يوم السبت .
(خلق ال‍خلائق بقدرته): أنواع المخلوقات وضروب المكوّنات كلها بالقدرة الإلهية التي يستحقها ولا تكون لغيره، ولهذا أضافها إلى نفسه، تنبيهاً على ما قلناه.
(واستعبد الأرباب بعزته): أراد جعلهم عبيداً له، والرب: هو المالك، أي جعل كل رب ومالك عبداً له، يتصرف فيه كيف شاء؛ لاختصاصه بالعزة والعظمة والجلال والكبرياء.
(وساد العظماء بجوده): من كان عظيماً في حاله بما أعطاه من جوده وفضله، وفي هذا تنبيه على أن أحداً لا يسود غيره إلا بإفضاله وإنعامه عليه، والسيد: هو المالك المنعم، وفي بعض كلام أمير المؤمنين سنذكره من بعدُ: (أحسن إلى من شئت تكن أميره).

(هو الذي أسكن الدنيا خلقه): جعلها مسكناً لهم ومستقراً لأحوالهم؛ لما يريد من إنفاذ حكمته فيما كلفهم به وهو لا يمكن إلا بذلك، فلهذا عمرها وجعلها مساكن يسكنونها ، وإنما أعاد الضمير وهو قوله: هو الذي؛ ليدلَّ بذلك على أنه هو المختص بذلك، لا يقدر عليه غيره.
(وبعث إلى الجن والإنس رسله): يريد أنه أرسل إليهم الأنبياء.
(ليكشفوا لهم عن غطائها): الضمير للدنيا، وأراد ليعرفوهم بحالها، وزوالها، ونفادها.
(وليحذِّروهم من ضرَّائها) الضرَّاء: هي الضر، والسراء: هو السرور، وأراد ليحذِّروهم من الميل إليها فتضرهم .
(وليضربوا لهم أمثالها): كما قال تعالى في مثل الدنيا: {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ }[يونس:24] وغير ذلك من الأمثال التي تؤذن بانقطاعها عن أيديهم، وزوالها عن أنفسهم.
(وليبصروهم عيوبها): ما فيها من الخدع لأهلها والمكر بمن ركن إليها، والغش لمن استنصحها، وفي الحديث: ((هي الغارَّة لمن استنصحها ، والخاتلة لمن اطمأنَّ إليها)) .
(وليهجموا عليهم): يدخلوا، من قولهم: هجمت عليه إذا دخلت، وهجم الشتاء إذا دخل.
(بِمُعْتَبَرٍ): تذكر الاعتبار، وإنما نكَّره مبالغة في حاله أي بمعتبر عظيم لا يمكن وصفه ولا حده.
(من تصرّف مَصاحِّها): جمع مِصَحة بكسر الميم، وفي الحديث: ((الصَّوم مِصَحة )) .
(وأسقامها): أي ما يعرض فيها من الصحة والسقم.
(وحلالها وحرامها): وما يكون فيها من الحلال والحرام، فأحوالها لا تزال متقلبة بأهلها، ومنتقلة بهم من حالٍ إلى حالٍ.
(وما أعدَّ الله سبحانه للمطيعين منهم والعصاة): أي وبما أخبر، أو بما وعد الله أهل الطاعة، وأوعد أهل المعصية من الجزاء على أعمالهم.
(من جنة): جزاءً على الطاعة.

(ونار): جزاءً على المعصية، حتى صار هذا -أعني العلم بالجنة والنار، واستحقاق الثواب والعقاب- ضرورة من دين الأنبياء صلوات الله عليهم، فلا يمكن تصديقهم إلا بالعلم بما ذكرناه.
(وكرامة): لأوليائه وأهل محبته.
(وهوان): لأهل عداوته.
(أحمده إلى نفسه): أي أن حمدي له إنما هو بالإضافة إلى ذاته لا غير، وكونه أهلاً له، وذلك لأن الحمد وهو الثناء على وجهين:
أحدهما: أن يكون بالإضافة إلى نفس الذات؛ لكونها مختصة بالصفات الحسنى، فيكون الثناء متوجهاً إليها لما اختصت به من الصفات لاغير، وهذا هو مراده عليه السلام بقوله: (أحمده إلى نفسه) أي لما اختص به في نفسه من الثناء.
وثانيهما: أن يكون بالإضافة إلى فعل الإحسان والابتداء بعوارف النعم والإفضال، وعلى هذا يكون استحقاقه للثناء؛ لأجل ما فعله من إعطاء هذه النعم وتخويلها من عنده، فاستحقاقه للحمد والثناء لذاته، واستحقاقه للحمد والثناء على فعله، فلا يخلو في استحقاق الثناء عن هذين الوجهين، والأول أبلغ ولهذا قصده؛ لأن استحقاقه إنما هو لمجرد الذات لا لعارض، بخلاف الثاني، فيكون المعنى أجعل غاية حمدي هي نفسه وذاته لا غير.
(كما استحمد إلى خلقه): كما طلب الحمد من خلقه لأجل إفضاله عليهم وإنعامه، فمن إحكاماته البديعة وإتقاناته العجيبة:
(جعل لكل شيء قدراً): لا يتجاوزه ولا يتعداه؛ حيث قال: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ }[الرعد:8].
(ولكل قدر أجلاً): لا يزيد عليه ولا ينقص منه، ولهذا قال: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ }[الأعرف:34].
(ولكل أجل كتاباً ): مدون في اللوح المحفوظ، كما قال تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ }[الرعد:38].

(فالقرآن آمر زاجر): فعل من أفعال الله تعالى، وأمر من أموره الناجزة ، زاجر، إماذا زجر لاشتماله على هذه الزواجر والقوارع الوعيدية، وإما على المبالغة بإضافة الزجر إليه؛ كأنه الذي فعله، كما قالوا: صائم نهاره، وقائم ليله.
(وصامت ناطق): يعني أنه صامت؛ إذ لا آلة له من لسان فينطق به، وهو ناطق أيضاً لما فيه من الحجج البالغة والأدلة النافعة، وهو آمر أيضاً لما فيه من الحث على الطاعات، وزاجر لما فيه من المنع عن المعاصي، وهذا من الطباق الفائق، والتكافؤ اللائق، حيث ذكر النقيضين وأومئ فيه إلى الضدين جميعاً.
(حجة الله على خلقه): جعله حجة عليهم بما أودعه من الشرائع والأحكام، والأوامر والنواهي، والزجر والتهديد، وضمَّنه من الوعد والوعيد، وبيَّن فيه مراده فيما رغَّب وحذَّر.
(أخذ عليهم ميثاقه ): الضمير إما لله أي أخذ الله عليهم ميثاق نفسه، فيما كلفهم إياه من أمر ونهي، وإما أن يكون للقرآن أي أخذ عليهم ميثاق القرآن الذي أودعه فيه، على تأدية ما اشتمل عليه، وأضاف الميثاق إلى القرآن لتعلقه به.
(وارتهن عليهم أنفسهم): فيما كسبوه وعمَّا اجترحوه من السيئات، كما قال تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }[الطور:21].
(أتمَّ نوره): حيث قال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }[الأنعام:38] فهو مستكمل لجميع العلوم كلها مما يحتاج إليه المكلفون.
(وأكمل به دينه): لأن الشريعة كلها مأخوذة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، فهما أصلان لها، وقاعدتان من قواعدها، فلا كمال لها إلا به.
(وقبض نبيه [صلى الله عليه وآله] ): اختار الله له ما عنده من عظيم الزلفة، وقرب المنزلة، وشرف الجوار.

(وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به ): يريد أنه ماقبض الله نبيه إلا بعد أن أوضح لهم معالم دينهم وأكملها لهم، ولم يترك ملتبساً عليهم إلا أوضحه، ولا مبهماً إلا بيَّنه، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...}الآية[المائدة:3].
(فعظمِّوا منه سبحانه ما عظَّم من نفسه): يريد فاعطوه ما يستحق من التعظيم لما اختص به في نفسه من الصفات الإلهية التي يستحق لمكانها التعظيم، ولمكان نعمه الواصلة إليكم من جهته.
(فإنه لم يُخْفِ عليكم شيئاً من دينه): مما أحلَّ لكم أو حرَّمه عليكم، ولا كتم ذلك منكم، بل أظهره وتعبدكم به.
(ولم يترك شيئاً رضيه): من الأمور المقرِّبة إليه من الطاعة.
(أو كرهه): من الأمور المبعدِّة عنه، والمعاصي المسخطة له.
(إلا وجعل عليه علماً بادياً): دلالة واضحة من جهة العقل أو من جهة الشرع تبدو لكل من أراده أو طلبه، والعلم هو: منار الطريق.
(وآية محكمة): لا اشتباه فيها، ويظهر مراده منها.
(تزجر عنه): تمنع من فعله، إذا كان مكروهاً.
(أو تدعو إليه): تحث على فعله إذا كان مراداً.
(فرضاه فيما بقي واحد، وسخطه فيما بقي واحد): يريد أنه وإن بقي شيء لم يذكر في القرآن، وهو يُرْضِي الله فرضاه به هو رضاه بما ذكره من غير تفرقة بينهما، وهكذا القول فيما سخطه مما لم يذكره فيه، فإن سخطه به مثل سخطه عمَّا ذكره أيضاً.
سؤال؛ أليس قد قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }[الأنعام:38] فكيف قلتم هاهنا: إن هناك مرضياً ومسخوطاً من الأفعال لم يذكره في القرآن، وحكمه مثل حكم ما ذكره في الرضا والسخط؟

وجوابه؛ هو أن القرآن وإن لم يكن دالاًّ عليه بظاهره وصريحه؛ فإنه دالٌّ عليه بمعناه واستنباطه منه، ولهذا فإن الحوادث لا تزال غضة طرية على وجه الدهر، وكل واحد من المجتهدين، والعلماء الماهرين في النظر يأخذونها من رموزه وإشاراته، فهو وإن لم يتضمنها بظاهره فقد اشتمل عليها بمعناه ، فقد ظهر بما لخَّصنا مصداق قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }[الأنعام:38].
(واعلموا أنه لن يَرْضَى عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم، ولن يسخط عليكم بشيء رضيه على من قبلكم ): يريد أن ما كان مرضياً من غيركم من الإعمال، فهو مرضي منكم، وما كان مسخوطاً من الأعمال من غيركم، فهو مسخوط منكم، وهذا كله محمول على وجهين:
أحدهما: أن يريد من الاعتقادات الدينية من التوحيد، والوعد والوعيد، والزجر وأحكام الآخرة، فهذه الأمور كلها مأخوذة عليكم الاعتقاد لها والتصديق بها، كما أُخِذَت على من غيركم من الأمم الماضية، فإن الكل منكم ومنهم فيها علىسواء من غير مخالفة فيها.
وثانيهما : أن يريد من ذلك من الأمور الشرعية ما لا تختلف فيه المصالح نحو القصاص، وتحريم المسكر، وأخذ الأموال واستحلال الفروج، فإن هذه الأمور كلها ثابتة باقتراحات الشرع، وتحكماته، ولا يخلو شرع عن ذلك لمافيها من مراعاة مصالح الخلق، وانتظام أمورهم كلها.
(قد كفاكم مؤونة دنياكم): بتكفله بأرزاقكم، وإعطاكموها عفواً من فضله.
(وحثكم على الشكر): لما أنعم به عليكم من هذه النعم.
(وافترض على ألسنتكم الذكر): فيه وجهان:
أحدهما: أن يريد الحمد والثناء، فيستحق بالنعمة الشكر والحمد والثناء.

وثانيهما: أن يريد بذلك ما افترض من هذه الأذكار الشرعية، الصلوات وأنواع العبادات كلها.
(وأوصاكم بالتقوى): أمركم بها غير مرة في كتابه، كما قال تعالى: {وَاتَّقُونِي يَاأُوْلِي الأَلْبَابِ }[البقرة:197].
(وجعلها منتهى رضاه): غاية مطلوبه وقصاراه، فلا مطلوب بعدها له، وهو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر.
(وحاجته من خلقه): ذكر الحاجة هاهنا مجاز واستعارة، وليس الغرض حقيقة الحاجة، فإن الله تعالى غني عن العالمين، وإنما الغرض أنها هي المطلوب من غير زيادة.
(فاتقوا الله الذي أنتم بعينه): فلا يخفى عليه من أموركم خافية، من طاعة ولا معصية.
(ونواصيكم بيده): يصرِّفها كيف شاء، كما قال تعالى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا }[هود:56].
(وتقلبكم في قبضته): تصرّفكم في جميع أحوالكم وأموركم، وهو محتكم عليكم كما يحتكم الإنسان على ما في قبضة يده، واضعاً عليه أنامله.
(إن أسررتم): شيئاً من أعمالكم.
(علمه): أثبته وكتبه.
(وإن أعلنتم): أظهرتموها ،دونته الحفظة.
(كتبه ): أمر الحفظة بوضعها في الكتب، والصكوك والسجلات، حفظاً لها عن الإهمال والضياع.
(قد وكل بذلك): الإشارة إلى الكتب.
(حفظة كراماً): ملائكة مكرمون عنده، متحفظين على كل صغيرة وكبيرة، لا يعتريهم سهو في ذلك ولا غفلة.
(لا يسقطون حقاً): أي لا يهملون شيئاً مما قد تحققوا فعله.
(ولا يثبتون باطلاً): أي لا يكتبون مالم يكن، أو لا يجعلون مكان السيئة حسنة، ولا مكان الحسنة سيئة.
(واعلموا أن من يتقِ الله): يراقبة في جميع أحواله، بالخوف منه.
(يجعل له مخرجاً من الفتن): بالألطاف الخفية.
(ونوراً من الظلم): يريد من ظلم الجهل والعمى، والمحارات العظيمة.

(ويُخَلِّدْهُ فيما اشتهت نفسه): من الملاذ العظيمة، والتُّحَفِ النفيسة في الجنة، كما قال تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ }[الزخرف:71].
(وَيُنْزِلْهُ منزل الكرامة): بما يحصل له من الإجلال والتبجيل، كما قال تعالى: {وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ، سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ}[الرعد:23-24] يشير بذلك إلى ما يحصل لهم من الإعظام.
(عنده): يشير به إلى ما يحصل لهم من الكرامة منه.
(في دار اصطنعها لنفسه): أي لمن يختصه ويكون ذا مكانة عنده، كأنه فعله من أجل نفسه؛ لأن كلما يفعله الإنسان لنفسه فهو في غاية الرصانة، والقوة والنصيحة.
(ظلها عرشه): تختص من الشرف والكرامة بأن صار العرش -وهو أشرف المخلوقات- سقفاً لها يظل من فيها.
(ونورها بَهْجَتُهُ): البَهْجَةُ هاهنا هي: الشرف والكرامة، والحسن والنضارة، قال الله تعالى: {حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ }[النمل:60]، و{مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }[الحج:5].
(وزوارها ملائكته): يردون عليهم بالكرامة، والمسرة من جهة الله تعالى.
(ورفقاؤها رسله): الرفيق هو: المرافق، يشير إلى قوله تعالى:{مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً}[النساء:69].
(فبادروا المعاد): بالأعمال الصالحة، وأراد الانقلاب إلى الآخرة، والعودة إليها.
(وسابقوا الآجال): حذراً أن تحول بينكم وبين الأعمال.

99 / 194
ع
En
A+
A-