(158) ومن كلام له عليه السلام بعدما بويع له بالخلافة
وقد قال أقوام من أصحابه: لو عاقبت قوماً ممَّن أجلب على عثمان، فقال لهم:
(يا إخوتا) : أي يا إخوتاه على جهة النداء لهم، أو يا إخوتي فأبدل من الياء ألفاً كما مرَّ في نظائره.
(إني لست أجهل ما تعلمون): من وجوب ذلك، والقطع على كونهم مخطئين فيما أتوه من القبيح والمنكر العظيم في قتله، وفي هذا دلالة على تنزيه ساحة أمير المؤمنين عن الرضا بما كان إليه.
نعم: قد كان وقع في خلافته أمور أنكرت عليه حتى طرق ذلك النكر في إسلامه في قلوب كثير من أفاضل الصحابة رضي الله عنهم.
ويحكى عن الحسن بن علي، وعماربن ياسر، أنهما اختصما إلى أمير المؤمنين في إسلامه، فقال عمار: قتل كافراً، وقال الحسن بن علي: قتل مسلماً.
فقال أمير المؤمنين منكراً لذلك:
(يا عمار، أتكفر برب يؤمن به عثمان) فسكت عمار .
(ولكن كيف لي بقَّوة): أين القوة التي توصلني إلى ذلك، وهو إنما يتوجه بشرط التمكن من ذلك.
(والقوم المجلبون): على قتله.
(على حد شوكتهم): من النجدة والقوة في أمرهم.
(يملكوننا): بالقهر والغلبة.
(ولا نملكهم): ولا نقدر على أخذ الحق منهم، وقوله: (يملكوننا، ولا نملكهم) من غريب الكلام وبديعه الذي يقضى منه العجب، وتحار في كُنْهِ جزالته وبلاغته الأفهام.
(وهاهم هؤلاء): ها للتنبيه وهم اسم مضمر، وهؤلاء اسم للإشارة مع التنبيه أيضاً.
(قد ثارت معهم عِبدَانكم): قامت ووثبت، والعبدان: جمع عبد.
(والتفَّت بهم أغراركم ): اجتمعت وانضمَّت، والأغرار: جمع غرِّ وهو الجاهل.
(وهم جلالكم): أكثركم ومعظمكم ، والجلة: الخيارمن الجمع، وجلائل الأمور: عظائمها .
(يسومونكم): من أجل كثرتهم ونجدتهم.
(ما شاءوا): من الأمور المكروهة.
(وهل ترون): والحال على هذه الصفه.
(مو ضعاً لقدرة على شئ تريدونه!): مما في نفوسكم من ذلك.
(إن هذا الأمر): وهو ماكان من قتل عثمان، والإجلاب عليه.
(أمر جاهلية): يريد أن ذلك إنما كان من أجل ضغائن كانت في الجاهلية، وأحداث متقدمة فسكن أمرها في حياة الرسول ثم تذكروها بعد وفاته.
ويحكى ما نقله ابن هشام في سيرته: أن النبي صلى الله عليه لما شرع في عمارة مسجده عقيب قدومه من مكة، جعل عمار يرتجز بقوله:
لا يستوي من يعمر المساجدا ... يدأب فيها قائماً وقاعدا
ومن يُرَى عن الغبار حائدا
يعرِّض بذلك إلى عثمان وكان قريب عهد بعرس، فقال عثمان: والله لئن لا تسكت لأعرض بهذه العصا على عينيك، فبلغ ذلك الرسول فغضب، وقال: ((ما لهم ولعمار، عمار يدعوهم إلى الجنة، وهم يدعونه إلى النار)) ثم قال: ((عمار جلدة ما بين عيني وأنفي فإذا بُلِغَ ذلك من الرجل، فلن يُسْتَبقَ فا جتنبوه)) ، فتلك أمور كانت سابقة .
(وإن لهؤلاء القوم): قتلة عثمان.
(مادَّة): قوماً يمدُّونهم ويكونون عوناً لهم على من قاتلهم.
(إن الناس من هذا الأمر): وهو حربهم وقتالهم.
(إذا حُرِّك): عزم عليه وهمَّ به.
(على أمور): أحوال مختلفة، ومذاهب متفرقة عند الشروع فيه.
(فرقة ترى ما ترون): قوم يرون أن قتالهم صواب كما هو رأيكم.
(وفرقة ترى ما لاترون): وقوم آخرون لايرون ذلك صواباً، إما لأنهم يصوِّبون رأيهم في ذلك، وإما لأن القتال يؤدي إلى منكر كثير ، وقتل وقتال عظيم، ويفتح الشجار والخصومة.
(وفرقة ترى لا هذا ولا هذا): وقوم آخرون يزعمون أن ما فعلوه خطأ، وأن قتالهم يكون خطأً أيضاً، فهذه مذاهب الناس في ذلك.
(فاصبروا): عن حربهم.
(حتى يهدأ الناس): تسكن سورة غضبهم.
(وتقع القلوب مواقعها): في الحلم، والأناة وتبصرالعواقب، وترجع أحلام ذوي النهى إليهم، ويزول الطيش والفشل.
(وتؤخذ الحقوق): من أهلها، هذا وغيره من الحقوق.
(مسمحة): سهلة ذات سماحة، يقال: أسمح الرجل فهو مسمح إذا صار ذا سماح.
(فاهدؤوا عني ): اسكنوا عن مراودتي في [هذا] الأمر.
(وانظروا ما يأتيكم [به] أمري): ينتجه نظري من الحرب لهم أو الكفِّ عنهم.
(ولا تفعلوا فعلة): إما تجهلون جهلة أو تفعلون قضية بجهل.
(تُضَعْضعُ قوة): تهدم أموراً قوية قد شيِّدت ومهِّدت قواعدها.
(وتُسْقِط مُنَّة): قوة من قوى الدين وتزيلها.
(وتُورث وهناً): ضعفاً في الإسلام وأهله.
(وذلَّة): على المسلمين.
(وسأمسك الأمر): أسكِّن الأمور، وأقررها بجهدي.
(ما استمسك): مهما كان الدين سالماً وأمرالإسلام نافذاً.
(وإذا لم أجد بُدَّاً): من الحرب فعلته، وصبَّرت نفسي عليه إعزازاً لدين الله، وإعلاءً لكلمته.
(فآخر الداء الكيُّ): يقول الداء يعالج بكثير من الأدوية فإذا أعضل أمره وصعبت معالجته بالأدوية فآخر المعالجة هو حسمه بالنار وكيُّهُ بها، والحرب هو غاية الأمور وقصاراها.
واعلم: أنا قد حكينا عن أمير المؤمنين إنكاره على قتلة عثمان ما فعلوه، وقوله: (اللَّهُمَّ، العن قتلة عثمان في البر والبحر، والسهل والجبل) وليس تأخره عن الانتقام منهم إلا لما ذكره وهو عذر واضح مقبول عند الله، إذ لايصلح فعل معروف بارتكاب منكر أكبرمنه، فكلامه ها هنا مؤذن بالانتقام منهم متى وجد إلى ذلك سبيلاً، وخلا وجهه عن الأمور المهمة، والعوارض العظيمة التي تكون ثلماً في الدين.
(159) ومن خطبة له عليه السلام عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة
(إن الله بعث رسولاً هادياً): بعث وابتعث أي أرسل، كله بمعنى واحد، رسولاً أراد النبي [هذا] هادياً للخلق إلى معالم دينهم.
(بكتاب ناطق): يعني القرآن ينطق بالحق.
(وأمرقائم): مستقيم لا يعوِّج.
(لا يهلك عنه): أي لا يتخلف عنه، وسمي التخلف عنه هلاكاً لما كان يؤدي إليه، فلا ينكره ويتخلف عن إمضاء أحكامه:
(إلا هالك): بتخلفه عنه، مهلك لنفسه.
(وإن المبتدعات): الأمور المبتدعة في الدين التي لا يشهد لها برهان ولا حجة واضحة.
([من] المشّبَّهات): اللواتي يُشَبَّهْنَ بالحق، ولسن منه في ورد ولا صدر.
(هن المهلكات): للدين والمبطلات له.
(إلا ما حفظ الله منها ): بالتوبة والإقبال والإنابة.
(وإن في سلطان الله): الفيء إلى دينه والا عتصام به والاستمساك بحبله.
(عصمة لأمركم): منع لما أنتم فيه من أمر البغي والمخالفة.
(فأعطوه طاعتكم): الامتثال لأمره والانقياد لحكمه، وإنما أضاف الطاعة إليهم لما لهم فيها من الاختصاص، أي الطاعة التي تليق بكم من أجل أنكم عبيده وهو إلهكم، والْمُنْعِمُ عليكم بضروب النعم وجزيلها.
(غيرمُلوَّمَةٍ): فيه وجهان:
أحدهما: غير بطيّة وغير منتظر بها، من قولهم: تلوَّم أي انتظر.
وثانيهما: أن يريد أعطوه طاعة خالصة عن الرياء فلا يكون فيها شيء يلام عليه من ذلك.
([و] لا مستكره بها): ولا يلحقها إكراه فينقص أجرها، كما قال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ }[البقرة:256].
(والله لتفعلنَّ): ما ذكرته من الطاعة لله تعالى، والانقياد لأمره.
(أو لينقلنَّ الله عنكم سلطان الإسلام): يحوِّل الله عنكم عزَّكم بالإسلام والسلطنة الذي لكم من أجله، والعزُّ الحاصل لكم بسببه.
(ثم لا ينقله إليكم أبداً): لأجل انتقاصكم له وعدم التفاتكم إليه.
(حتىَ يَأرِزَ الأمر إلى غيركم): حتى هذه متعلقة بكلام محذوف تقديره فيزول عنكم حتى يأرز أي ينضم إلى غيركم، ويكون حاصلاً في حقهم.
(إن هؤلاء): يريد طلحة والزبير وعائشة، ومن كان معهم ممن أجلبوا به.
(قد تمالؤوا): اجتمعوا وتعاونوا، وكانوا إلباً واحداً .
(على سَخْطَة إمارتي): كراهتها وبغضها .
(وسأصبر): على تلك الكراهة تحملاً للغيظ وإكراهاً للنفس على ذلك، وفي الحديث: ((ما جرع عبد قط جرعتين أعظم عند الله من جرعة غيظ يلقاها بحلم ، أو جرعة مصيبة يلقاها بصبر جميل)) فالصبر عواقبه محمودة.
(ما لم أخف على جماعتكم): على تشتيت الشمل لأهل الدين، والنكاية لأهل الإسلام وإظهار البدع.
(فإنهم إن يمموا على قُبالة هذا الرأي): القُبالة بالضم: ما واجهك ويقال: اجلس قُبالتي أي مواجهي، والقَبالة بالفتح: الورقة للقبال ، والقِبالة بالكسر مصدر قِبَلَ قِبالة أي ضَمِنَ، وَيَمَّم الشيء إذا قصده، وأراد أنهم إذا عزموا على حربي وقتالي والبغي علي.
وفي نسخة أخرى: (إذا أتموا): من التمام أي إذا تمموا ما شرعوا فيه من القتال والبغي:
(انقطع نظام المسلمين): بانشقاق العصا وتفرق الشمل.
(وإنما طلبوا هذه الدنيا): أخذ الإمرة لنفوسهم يريد طلحة والزبير، فأما عائشة فما كان مسيرها ذلك إلا بمراودتهم لها واعتضاداً بمسيرها معهما، وإلا فهي لا تطلب الخلافة مثل طلبهما، وقد حكينا من قبل سبب مسيرها معهما ونزولها البصرة، فاجتماعهم جميعاً وتألبهم:
(حسداً): لأن حقيقة الحسد حاصلة، وهو أنهم يريدون أخذ الإمرة منهم لهما، وهذا هو فائدة الحسد، ومعناه وهو: أن تريد ما لأخيك ينزع منه ويكون لك بانفرادك.
(لمن أفاءها الله عليه): أعطاها إياه، يريد الخلافة بمنزلة الفيء وهو الغنيمة.
(فأرادوا ردَّ الأمور على أدبارها): إما ردُّ الخلافة إليهم، وقد تقدمته بها وسبقته إليها، وإما ردُّ ما كان صواباً من الا ستقامة على الدين، والنصرة إلى ما يكون خطأ وهو المخالفة للدين والبغي عليَّ بذلك.
(ولكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله[ صلى الله عليه وآله وسلم] ): في الإقدام والإحجام.
(والقيام بحقه): فيما أوجب من ذلك وندب إليه من أمور الخلق.
(والنعش لسنته): إظهارها.
سؤال؛ ما وجه اتصال قوله: (ولكم علينا العمل بكتاب الله) بما قبله، وليس بينهما مداناة ولا مقاربة؟
وجوابه من وجهين؛
أما أولاً: فيجوز أن يكون هذا من باب الا ستطراد، وهو أن يذكر كلاماً عقيب كلام ليس بينهما ملاءمة، وهو كثير الورود في كتاب الله تعالى، وفي ألسنة الفصحاء، وقد نبهنا على ذلك في أثناء كلامه.
وأما ثانياً: فلأنه لما ذكر بغي أهل الجمل وكراهتهم لإمرته، عقَّب ذلك بما يدل على كونه أهلاً لها، وأحق بها لكونه عاملاً بكتاب الله وسنة رسوله، وهما الأصل في ذلك.
ثم التفت إلى كليب الجرميِّ قبل وقعة الجمل، فقال له:
(بايع) ، فقال: إني رسول قومي ولا أحدث حدثاً دونهم، فقال عليه السلام:
(أر أيت الذين وراءك): من قومك الذين أرسلوك رائداً لهم وطليعة لأحوالهم، وفي استفهامه هذا معنى التقرير.
(لو بعثوك رائداً لهم تبتغي لهم مساقط الغيث): الرائد هو: الذي يرسله القوم يبتغي لهم الكلأ، ومساقط الغيث: جمع مَسْقَطٍ وهو مكان سقوطه.
(فرجعت إليهم وأخبرتهم): بما كان من أمرك، وبما وجدت.
(عن الكلأ والماء): فإنه حاصل في الأماكن التي أخبرتهم بها.
(ثم خالفوك ): فكذبوا خبرك فيما جئت به، وصدروا.
(إلى المعاطش): أمكنة العطش.
(والمجادب): أمكنة الجدب.
(ما كنت صانعاً؟): في أمرك بعد ما تحققت ذلك.
(قال: كنت تاركهم ومخالفهم إلى الكلأ والماء، فقال [له] : امدد يدك إذاً، فقال الرجل: والله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة عليَّ فبايعته، والرجل مشهور في بني جرم).
(160) ومن كلام له عليه السلام لما عزم على لقاء القوم بصفين
(اللَّهُمَّ، رب السقف المرفوع): وهو السماء كما أقسم الله به في قوله: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ }[الطور:5]، وإنما أقسم بها لما لها من الشرف والكرامة؛ لأنها مواضع الرحمة ومستقر الملائكة.
(والجو المكفوف): عن التغيّر والزوال، والذهاب والانتقال.
(الذي جعلته مغيضاً لليل والنهار): مغيض الماء هو: الذي يجتمع فيه فينبت فيه الشجر، ومن هذا سميت الغيضة غيضة لاجتماع الماء فيها؛ لأنهما يجتمعان فيه، فالنهار عبارة عن طلوع الشمس، والليل عبارة عن غروبها، كما قال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ }[يس:37]، فهذا دليل على أن الليل هو عدم النهار لا غير.
(ومجرىً للشمس والقمر): يجريان فيه على ما قدَّر من مصالح الخلق في اختلاف جريهما، فالقمر يقطع الفلك في شهر، يقف في كل منزلة من منازل البروج ليلة، والشمس تقطعه في السنة مرة في كل برج من البروج الاثني عشر شهراً.
(ومختلفاً للنجوم السيارة): مكان اختلافها.
سؤال؛ أراه قال ها هنا: مجرى للشمس والقمر، وقال: مختلفاً للنجوم، فهل بينهما فرق أم لا؟
وجوابه؛ هو أن سير الشمس والقمر لا يختلف في الطلوع من المشرق، وغروبها في المغرب على جهة الاستقامة، بخلاف سير النجوم، فإن فيها ما يكون سيره على جهة الاستقامة، نحو هذه المنازل والبروج الاثني عشر، ومنها ما لايقطع الفلك نحو هذه الزهرة، فإنها لا تقطع الفلك، ولكن تنتهي إلى مقدار معلوم في السماء، تارة من المشرق وتارة من المغرب، وليس قاطعة للفلك، ثم بنات نعش فإنها تكون دائرة حول القطب لا غير، إلى غيرذلك من الاختلاف في سيرها، فلهذا جعله مختلفاً لها لما يظهر فيها من الاختلاف، وجعل ذلك مجرى لما كان على جهة الاستقامة.
(وجعلت سكانه): من يسكن فيه.
(سِبْطاً من ملائكتك): السِبط: البطن الواحد من القبيلة، قال الله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً }[الأعراف:160].
(لا يسأمون من عبادتك): لا تصيبهم سآمة ولا فتور على ذلك، ولا تأخذهم ملالة.
(ورب هذه الأرض التي جعلتها قراراً للأنام): مستقراً للخلق يتصرفون عليها في منافعهم.
(ومدرجاً للهوام والأنعام): مكاناً تدرج فيه في غاراتها وأماكنها.
سؤال؛ أراه جعل الأرض قراراً، وجعلها مدرجاً للهوام، فما وجه الفرق بينهما، وكل واحد من الفريقين يستقرُّ عليها؟
وجوابه؛ هو أن القرار عبارة عما يكون فيه راحة، ويكون موطّئاً ممهَّداً لمن يكون عليه، [وهذا] إنما يكون في حق الأنام.
فأما البهائم والأنعام فإنه لا يفعل لها ذلك، وإنما الغرض هو حصولها في تلك الأماكن، فلهذا جعلها لها مدارج إشارة إلى ما ذكرناه من التفرقة بينهما بما ذكرناه.
(وما لا يحصر مما نرى وما لانرى): أي ورب ما لا نهاية له ولا غاية تحصره مما يدرك بالحواس، وما لا يدرك بها.
(ورب الجبال الرواسي): الراسخة.
(التي جعلتها للأرض أوتاداً): حافظة عن الْمَيَدَان بأهلها والتحرك والاضطراب.
(وللخلق اعتماداً): يعتمدون عليها في إحراز أنفسهم بالقلاع والحصون.
(إن أظهرتنا على عدونا): من بغى علينا وخالفنا، وأراد المشاقَّة والفتنة في الدين.
(فجنِّبنا البغي): الزيادة على الاستحقاق فنكون باغين عليهم.
(وسددنا للحق): ثبتنا لأخذه منهم وإعطائه لهم.
(وإن أظهرتهم علينا): بالنصر والظفر.
(فارزقنا الشهادة): الموت عليها والتثبت لها.
(واعصمنا من الفتنة): عن أن نفتتن في الدنيا ونميل عن الحق بحبِّها.
(أين المانع الذِّمار): الذِّمار: ما وراء الرجل مما يحقُّ عليه أن يحميه من حريمه ونسائه، وأراد أين هوفأعرفه الآن.
(والغائر): من الغِيْرة.
(عند نزول الحقائق): الأمور المكروهة والشدائد العظيمة، إذا حقَّ الأمر من ذلك.
(من أهل الحفاظ!): من أهل الأنفة.
(العار وراءكم): فلا تنكصوا على أعقابكم فيتصل بكم.
(والجنة أمامكم): فا قدموا عليها، فمن هذه حاله فإنه لا مطمع له في غير الديانة، ولا حظ له في خلاف النَّصَفَةِ، فأين حاله عن حال من يقاتله في إيثار الدنيا والإعراض عن الآخرة؟!.