(وتعقبهُ الشمس ذات النور): أي وتكون عقيبه أي بعده طلوع الشمس ذات الضياء المشرق على الآفاق كلها، والضميرفي تعقبه راجع إلى الليل.
سؤال؛ أراه خالف بين وصف القمر والشمس، فقال: المنير في القمر، وقال: ذات النور في وصف الشمس، وكل واحد منهما موصوف بالإنارة؟
وجوابه من وجهين:
أما أولاً: فلأنه أراد المطابقة في التسجيع لأن الشمس مؤنثة، والقمر مذكر، فلو قال: والشمس المنيرة لم يتفقا في التسجيع فلهذا قال: ذات النور.
وأما ثانياً: فلأن قوله: ذات النور أبلغ من قوله: المنيرة، فلما كان نور الشمس أبلغ وأظهر وصفها بأبلغ الصفات، كما قال تعالى: {حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ }[النمل:60]، وقال: {ذَاتَ لَهَبٍ }[المسد:3]، و {ذَاتِ الرَّجْعِ }[الطارق:11]، و{ذَاتِ الصَّدْعِ }[الطارق:12]، مبالغة في ذلك، بخلاف ما لو قال: ناراً متلهبة ، وحدائق متبهجة لم يكن كذلك.
(في الكرور والأفول): أي هي غير خافية عليه في طلوعها وغروبها.
(وتقلب الأزمنة والدهور): اختلافها وجريها.
(من إقبال ليل مقبل): من هذه مفسرة لتقلب الأزمنة، أي أن تقلبها يكون بإقبال الليل.
(وإدبار نهار مدبر): وقوله: إقبال مع قوله: مقبل، وإدبار مع قوله: مدبر، من أنواع البديع يلقب بالتجنيس المطلق، وقد مرَّ نظائره والاستشهاد عليه، ومنه قوله:
وَمَا زالَ معقولاً عِقَالٌ عن الندى ... وما زال محبوساً عن المجد حابسُ
وهو تعالى سابق:
(قبل كل غاية ومدة): متقدم عليها فلا غاية ولامدة إلا وهي متأخرة عن وجوده.
(وكل إحصاء وَعِدَّة): أي وهو متقدم على كل إحصاء وعلى كل عدة من الأعداد.
(تعالى): بالصفات الإلهية.

(عما ينحله المحددون ): يعطيه أهل التحديد من نحله إذا أعطاه، أي يعطونه من الصفات الدالة على كونه محدوداً، كا لمجسمة وأهل الجهة والمثبتين له في الأماكن، فهؤلاء كلهم قد حدَّوه ونحلوه.
(من صفات الأقدار): الأمور المقدرة المحدودة وهي الأجسام.
(ونهايات الأقطار): وما نحلوه أيضاً من أن تكون الأقطار محيطة به بجهاتها وحاوية له بنهاياتها.
(وتأثُّل المساكن): مجد أثيل أي راسخ، والتأثل هو: اتخاذ أصل المال، وأراد أن تنفى عنه اتخاذ هذه المساكن والرسوخ فيها والكون في جهاتها.
(وتمكَّن الأماكن): أي واستقراره في الأماكن وحصوله فيها على جهة المكانة والاستقرار.
(فالحد بخلقه مضروب): أرادبالحد إما الإحاطة، وإما التقدير، وكلاهما مضروبان بجميع المخلوقات، ولاشيء من المخلوقات إلا وهو مقدر بحد وغاية [تحتويه] وتكون مشتملة عليه.
(وإلى غيره منسوب): من سائر المكونات مضاف.
(لم يخلق الأشياء من أصول أزلية): يشير بذلك إلى مذاهب كثيرة للفلاسفة وغيرهم من الفرق كلها باطلة؛ كإبطال مذهب الفلاسفة في الهيولي والصورة، وإبطال مذهب الطبائعية في أن أصل العالم حركات أزلية تصادمت فنشأ عنها كالعالم ، وإلى مذهب الثنوية في النوروالظلمة، وغير ذلك من المذاهب الركيكة والآراء الردية، ومن أ راد الا طلاع على حصر هذه المذاهب فعليه بكتابنا الملقب بكتاب: (النهاية في المباحث الكلامية والمسائل الإلهية) .
(ولا من أوائل أبدية): تكون أصلاً لها وسبباً في تركيبها وائتلافها وانتظامها على حدودها وتقديراتها.

(بل خلق ما خلق): أراد بل خلق هذه المخلوقات العظيمة، والمكونات الباهرة، وأتى بما دالة على ذلك لما فيها من الإبهام، كما قال تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ }[طه:69]، أي ألق هذا الأمر الباهر، وكما قال: {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ }[يونس:80] أي هذه الأسحار الهائلة، أوجده اختراعاً وفعله ابتداء.
(فأقام حده): على جهة الاستقامة، ونعت الأحكام والتقدير.
(وصوَّر ما صوَّر ): من هذه الصور المختلفة، والأشكال المتباينة.
(فأحسن صورته): لما جعل فيه من الا نتظام المحكم، والمطابقة لمصلحته، والمراعاة لأحكام منفعته، فإيجادها كلها على وفق داعيته وانقيادها كلها بحسب أمره وإرادته.
(ليس لشيء منه امتناع): عن تكوينه إذا أراده، كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }[يس:82].
(ولا له بطاعة شيء انتفاع): أي أن الأشياء وإن أطاعته بعضها بالانقياد لأمره والوقوف على حسن داعيته، وبعضها بالعبادة له والتذلل له، فإنه لاينتفع بشيء من ذلك وكيف يقال: بأنه ينتفع وهو مستحيل [عليه] جري المنافع لا ستحالة الملاذ والآلام عليه.
(علمه بالأموات الماضين): في التحقق والثبوت، وجزاء الأعمال، وتقديرالأعمار وكتابتها وحفظها، وجميع أحوالهم كلها.
(كعلمه بالأحياء الباقين): في ذلك كله لا يغادر شيئاً من أمورهم إلا أحصاها وحفظها.
(وعلمه بما في السماوات العلا): من أحوال العالم العلوي كالملائكة وما يتعلق بأحوالهم من العبادات، وأنواع الأقضية والتدبيرات.
(كعلمه بما في الأرضين السفلى): من عالم الحيوانات والجمادات وغير ذلك.
ثم أردفه بعجيب خلقة الإنسان، بقوله:

(أيها المخلوق السوي): المستوية أعضاؤه بالإحكام والتقدير، أو المخلوق في أحسن التقويم وأكمله.
(والمُنْشَأ المرعيُّ): الْمُوجَدُ من العدم، المحفوظ بالرعاية:
(في ظُلَمِ الأرحام): تعلق الحرف هذا إما بقوله: المنشأ أي أنه أنشئ في ظلم الأرحام، أو بقوله: المرعي، أي وحفظ في ظلم الأرحام، فكلاهما صالح للتعلق كما ترى، ويجوز أن يكون متعلقاً بهما على [حد] إعمال الفعلين كقولك: أكرمت رجاء طيب زيداً ، وظلم الأرحام: مستقرها، وما اشتملت عليه.
(ومضاعفات الأستار): أي والأستار المضاعفة: ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة.
(بُدئت من سلالة من طين): يشير إلى خلق آدم عليه السلام، ولقد أشار الله تعالى في كتابه الكريم في خلقة آدم إلى أطوار سبعة:
أولها: التراب وهو المبدأ الأول ، كما قال تعالى: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ }[آل عمران:59].
وثانيها: الطين بقوله: {مِنْ طِينٍ} وهو عبارة عن الجمع بين الطين والماء.
وثالثها: قوله: {مِنْ طِينٍ لاَزِبٍ }[الصافات:11] إشارة إلى الطين الحاصل على ضرب من الاعتدال.
ورابعها: قوله: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ }[الحجر:26] يشير به إلى الطين الصالح لقبول الصورة.
وخامسها: قوله: {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ }[الحجر:26] إشارة إلى يبسه وسماع صَلْصَالِهِ.
وسادسها: قوله: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ }[الرحمن:14]، وهو الذي أُصلح بأثر النار فيه فصار كالخزف.
وسابعها: قوله: {إِنّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ }[ص:71] إشارة إلى إكمال خلقته.
(ووضعت في قرار مكين): يشير به إلى كيفية خلقة أولاده، ولقد أشار الله في كتابه الكريم في خلقة بني آدم إلى أطوار سبعة أيضاً:

أولها: قوله تعالى: {مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ }[المؤمنون:12].
وثانيها: النطفة، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ }[يس:77].
وثالثها: العلقة، كقوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً }[المؤمنون:14]، وقوله تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }[العلق:2].
ورابعها: المضغة، كقوله تعالى: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً }[المؤمنون:14] والمضغة: القطعة من اللحم.
وخامسها: العظام، كقوله تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً }[المؤمنون:14].
وسادسها: الجمع بين اللحم والعظم، كقوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً }[المؤمنون:14].
وسابعها: إكمال الخلقة بمجموع الأمور كلها، كقوله تعالى: {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ }[المؤمنون:14]، بما جعل فيه من قوة العقل والتفكر والنطق، فقد أشار عليه السلام إلى مبتدأ خلقة آدم بقوله: بدئت من سلالة خالصة صافية من الكدورة ، ومن الأولى لابتداء الغاية، ومن الثانية لبيان الجنس، على تلك الأطوار والدرج، ثم أشار إلى الخلق الثاني بقوله: (ثم وضعت في قرار مكين) أي ذا مكانة وهو الإحراز والتحصن عما يريب، وفي الحديث: ((إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه نطفة أربعين يوماً وأربعين ليلة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله الملك فيكتب رزقه وأجله)) .
(إلى قدر معلوم): من أجله في الزيادة والنقصان، كما قال الله تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ }[الرعد:8].
(وأجل مقسوم): مقدار لبثه في الدنيا، ومدة عمره فيها من غير زيادة فيه ولا نقصان منه.

(تمور في بطن أمك): المور: الحركة والاضطراب، أي تختلج في أحشائها يميناً وشمالاً.
(جنيناً): محتجباً بالحواجب الكثيفة، والسواتر المضاعفة.
(لا تحير دعاءً): لا تجيبه، والتحاور هو: التجاوب، يقال: كلمته فما أحارني جواباً أي ما ردَّه.
(ولاتسمع نداء): من يناديك، وأراد أنك كنت جماداً فصيرك حيواناً، وكنت أبكم فأنطقك، وأصم فأسمعك، وأكمه فجعلك بصيراً، وأودع ظاهرك وباطنك مكنونات علوم، وخزائن أسرار لا يحصرها لسان، ولا يطلع على فجِّها إنسان، فسبحان الله ما أبعد حالة الا بتداء من حالة الانتهاء، كما قال تعالى: {انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ }[الأنعام:99] فإذا كان ذلك عجب، فهو في خلقة الإنسان أدخل وأعجب.‍‍!!
(ثم خرجت من مقرك): بطن أمك الذي كنت مستقراً فيه.
(إلى دار): وهي الدنيا.
(لم تشهدها): بعينك ولا خطرت لك على بال.
(ولم تعرف سبل منافعها): الطرق التي تهتدي فيها إلى تحصيل المنافع فهداك إليها، وألهمك إلى تحصيل ما ينفعك فيها، ولا هادي لك سواه، وإلا:
(فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمك): ومصداق هذه المقالة، من هداك لالتقام ثدي أمك، لتعيش به ويكون غذاء لك؟
(وعرَّفك عند الحاجة مواضع طلبك): وألهمك عند الضرورات مواضع المطالب التي تحتاجها، فتطلب الماء من الكوز، ولا تطلبه من الحجر، وتطلب الخبز من السفرة، ولا تطلبه من الجدار، إلى غير ذلك من الإلهامات العجيبة.
(وإرادتك!): مراداتك المطلوبة من مواضعها .
(هيهات): اسم فعل من الأفعال الخبرية، أي بَعُدَ، وأراد ما أبعد الوصول إلى كُنْهِ حقيقة الخالق لهذه الأشياء، والإحاطة بحقيقة أوصافه.

(إن من يعجز عن صفات ذي الهيئات ): الهيئة: الشارة، يقال: فلان حسن الهيئة، وأراد الأحوال المختلفة، والشارات المتفاوتة.
(والأدوات): الجوارح والحواس؛ لمافيها من البدائع والعجائب فلا يمكن حصرها ولا إدراكها.
(فهو عن صفات خالقه): الذي أقدره وأحكمه.
(أعجز): أدخل في العجز وأبلغ فيه.
(ومن تناوله): الوصول إليه، من قولهم: نال الشيء إذا وصل إليه بيده.
(بحدود المخلوقين): بأوصافهم الموصلة إلى فهم حقائقهم.
(أبعد!): أدخل في البعد والمجاوزة.

(154) ومن كلام له عليه السلام في أمر عثمان
ولما اجتمع الناس على عثمان، وشكوا ما نقموه منه على أمير المؤمنين، وسألوه مخاطبته عنهم، واستعتابه لهم، فدخل على عثمان، فقال:
(إن الناس ورائي): يطالبونني أشد المطالبة، من قولهم: فلان ورائي إذا كان شديد الملاحقة في الحاجة، شُبِّه بمن يكون وراءك يحثك على السير من خلفك.
(قد استسفروني بينك وبينهم): جعلوني سفيراً فيما عرض بينكم من الخطوب، وقطع المشاجرة والأمر في ذلك صعب.
(ووالله ما أدري ما أقول لك!): مما يصلح الله به شأنك، ويجمع به الشمل.
(ما أعرف شيئاً تجهله!): فأعلمك به، وأحقق لك طريقه .
(ولا أدلك على أمر [لا] تعرفه): فأكون سبباً في الإعلام به، والتعريف بحاله.
(إنك لتعلم): عن الله وعن الرسول.
(ما نعلم ): من ذلك كله.
(ما سبقناك إلى شيء): من علوم الشريعة، وأحكام الدين وحزناه دونك.
(فنخبرك عنه): فيكون طريقك إلى العلم به إخبارنا عنه.
(ولا خلونا بشيء): أخذناه عن الرسول واستبددنا به.
(فنبلغكه): كما سمعناه منه، وقد جمع بين ضميري المفعولين ها هنا، كما قال تعالى: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا }[هود:28].
(وقد رأيت كما رأينا ): إما رأيت الرسول عليه السلام كرؤيتنا له، أو رأيت أفعاله وطريقه وسيرته كما رأيناها.
(وصحبت رسول الله كما صحبناه): فعليك التأسي بأفعاله، والاقتداء به كالذي علينا من ذلك.
(وما ابن أبي قحافة ولاابن الخطاب): يشير إلى أبي بكر وعمر مع تقدمهما، واعترافك بالفضل لهما.
(بأولى بعمل الحق منك): لأن عليك من التكليف مثل ماكان عليهما والنصيحة للأمة، وفي كلام أمير المؤ منين هذا دلالة على إتيانهما للحق وعملهما به.

وأنا أقول: اللَّهُمَّ، إني أحبهما وأتولاهما، وأبرأ إليك ممن يبغضهما، وآذنتك بحبهما وتواليهما ، وإن كنت تعلم مني خلاف ذلك فلا تغفر لي ذنوبي .
(وأنت أقرب إلى رسول الله وشيجة رحم منهما ): الوشيجة هي: القرابة المشتبكة، وإنما كان أقرب إلى الرسول؛ لأن منافاً يجمعهم، وكان له بنون أربعة: هاشم، وعبد شمس، وعبد الدار، وعبد العزى، فالرسول عليه السلام من أولاد هاشم، وعثمان من بني عبد شمس، بخلاف غيره من قريش فإن بينهم بُعْداً متفاوتاً، كأبي بكر وعمر فأراد بالقرب ما ذكرناه.
(وقد نلت من صهره ما لم ينالا): أراد أنه نكح رقية بنت رسول الله وماتت تحته، خلف عليها بعد أختها أم كلثوم أيضاً بنت رسول الله، وكان يسمى ذا النورين؛ لنكاحه لبنتي رسول الله.
(فالله الله في نفسك): تحذير له عما وقع فيه، والمعنى احذر الله، واجهد في نجاة نفسك.
(فإنك والله ما تبصّر من عمى): بمعنى أنت مبصر في نفسك ببصيرة العلم عن عمى الجهل، فيستحيل منَّا أن نبصرّك من عماه ، وأراد أنك لا تبصَّر من أجل عمى.
(ولا تعلَّم من جهل): أ ي ولا أنت جاهل فتعلَّم من أجل الجهل.
(وإن الطريق لواضحة): لمن يسلكها لا لبس فيها.
(وإن أعلام الدين لقائمة): العلم: منار الطريق، وأراد بقيامها ثبوتها.
(واعلم أن أفضل عباد الله عند الله): أعلاهم حالة في الدين، وأرفعهم درجة عند الله.
(إمام عادل): لا يحيف في سيرة ولا حكم، وفي الحديث: ((إمام عادل خير من مطر وابل )).
(هُدِي): هداه الله تعالى للأعمال المرضية له.
(وهدى): غيره بإرشاده إلى الخيرات والتقوى.

(فأقام سنة معلومة): أحياها، ودعا إليها، وحمل الخلق على ملازمتها، وحثهم على فعلها مما علم من حال الرسول المواظبة على فعله، وحال غيره من الأنبياء.
(وأمات بدعة مجهولة): ما ابتدع من الأمور المضادة للسنن مما يُجْهَلُ أمره، ولا يُعْرَفُ له طريق.
(وإن السنن لنيرِّة): ظاهر أمرها، بِّينٌ حالها.
(لها أعلام): ترشد إليها، وتكون دالَّةٌ عليها.
(وإن البدع): وهو ما كان مخالفاً للدين مما قد عرف حاله من الرسول، وَرَغِبَ عنه، وحذّرَ عن مواقعته.
(لظاهرة): جليٌّ أمرها، واضحة أعلامها.
(لها أعلام): قد أوضحها الرسول، وأرشد إليها؛ من أجل اجتنابها، كما أشار إليه بقوله تعالى: {وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ }[النساء:26]، يعني من الأنبياء {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا }[النساء:27] مخالفاً للحق مخالفة ظاهرة لا لبس فيها.
(وإن شر الناس عند الله): أسخفهم طريقة، وأنزلهم رتبة عنده.
(إمام جائر): عن الحق إما لظلمه للخلق حقوقهم، وأخذها على غير وجهها، وصرفها في غير أهلها، وإما جائر عن الطريق المستقيمة عند الله تعالى ، وعادل عنها إلى ما يخالفها من الطريق الجائرة.
(ضَلَّ): عنها باتباع هواه، وإيثار دنياه على آخرته.
(وضُلَّ به): إما اقتدي به في الضلال ، وإما كان سبباً في وقوع الفتن، وإثارة الشبهات والمحن والضلالات.
(فأمات سنة مأخوذة): يعمل بها، ويهتدي الخلق بهديها.
(وأحيا بدعة متروكة!): نعشها بالعمل عليها، والمأخوذ عليه تركها وإهمالها وهجرها.

86 / 194
ع
En
A+
A-