(وإن السباع همُّها العدوان على غيرها): لا همَّ لها سواه لما خلقت عليه من الضراوة، وشكس الخلقة، فطبعها التعدي على غيرها كالأسد فإن همَّه الافتراس، وهكذا سائر السباع.
(وإنَّ النساء همُّهُن زينة الحياة الدنيا): ولهذا قال صلى الله عليه وآله: ((النساء حبائل الشيطان )) ، وفي حديث آخر: ((ما خلفت على أمتي أضر من النساء )) ، ولقد صدق من قال :
يُرِدْنَ ثراءَ المالِ حيثُ عَلِمْنَهُ
وَشَرخُ الشبابِ عندهنَّ عجيبُ
إذا شابَ رأسُ المرءِ أو قلَّ مالُه
فليس له في ودِّهنَّ نصيبُ
فلا غرض لهنَّ إلا ما كان من زينة الدنيا، ومتاعها وغرورها.
(والفساد فيها): إما بالدعاء إلى أنفسهنَّ بالفجور والزنا، وإما بالدخول في الأطماع والمكاسب الخبيثة رغبة فيهنَّ، وإما من أجل تهييج الحرب بدعائهن، فالفساد في الدين يدخل من هذه الأوجه وغيرها.
(إنَّ المؤمنين مستكينون): خاضعون ذليلون، من الاستكانة وهي: الذلة لربهم.
(إنَّ المؤمنين مشفقون): خائفون لله وجلون منه.
(إنَّ المؤمنين خائفون): لعذاب الله وأليم سخطه.
سؤال؛ إنَّ المؤكدة إذا تكررت مصدَّرة في أول الجمل، فقد تأتي بالواو كقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }[الأعراف:167] وقد تأتي بغير واو ، كما قاله ها هنا في هذه الجمل، فهل بينهما تفرقة؟
وجوابه؛ هو أن الواو إذا جاء ت فإنها دالة على الجمعية، وإن لم يُؤْتَ بها كان كل واحد من هذه الجمل على استقلال وانفراد، من غير إشعار بالجمعية، وهذا يسمى التجريد، وقد جاء التجريد في الصفات، كقوله تعالى: {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ }[الحشر:24] وغير ذلك.
(145) ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها الظاهر والباطن
(وناظر قلب اللبيب): الناظرهو: الحافظ للشيء، أي قلب اللبيب حافظ للأشياء متقن لها بخلاف قلب الأحمق.
(به يبصر أمده): الضمير للقلب، أراد أنه يعرف غايته ومنتهاه به.
(ويعرف غوره ونجده): الإغوارهو: السير في بطون الأودية، والإنجاد هو: السير في الأماكن المرتفعة، وهو كناية ها هنا عن معرفته بحال نفسه في جميع أموره كلها.
(داعٍ دعا): إلى الحق ومنهاج الرشد.
(وراعٍ رعى): أحسن رعاية، وأعظم حياطة لمن يرعاه، وأراد بذلك نفسه فإنه دعا الخلق إلى طاعة الله تعالى، وسار فيهم أحسن السير وأعدلها، ورعاهم بالعدل وإكمال الحقوق، كما يشهد له ظاهر سيرته، وكرم سجيته، وشريف شيمته.
(فاستجيبوا للداعي): لما يدعوكم إليه.
(واتبعوا الراعي): فإنه يدلكم على الخير.
ثم قال:
(قد خاضوا بحارالفتن): حكاية عن حال قوم آخرين خاضوا بحارها بما ارتكبوه من الشبهة.
(وأخذوا): فيما هم عليه من الحال.
(بالبدع دون السنن): بالأمورالمبتدعة والأهواء الضالة، وتركوا السنن وراء ظهورهم.
(وأرز المؤمنون): أرز فلان بتقديم الراء على الزاي إذا تضامَّ وتقبَّض أَرْزاً وأُرُوزاً، وأراد أنهم تجمَّعوا وانقبضوا لضعف حالهم وعلو غيرهم عليهم، وفي الحديث: ((إن الإسلام ليأرِزُ إلى المدينة ، كما تأرِزُ الحية إلى جحرها )) أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها، قال أبو الأسود الدؤلي : فلان إن سئل أرز، وإذا دعي اهتز- يعني إلى الطعام- يذمه بذلك.
(ونطق الضالون): عن الطريق الواضحة.
(المكذبون): بالله ورسوله، واليوم الآخر.
(نحن الشِّعار): البطانة الخاصة وهي: ما يلي الجسم من الثياب.
(والأصحاب): أهل المودة والإخاء.
(والخزنة): للعلم الذي أودعه الله في قلب رسوله.
(والأبواب): لتلك الخزائن، إشارة إلى ما قاله الرسول: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها )) .
(لا تؤتى البيوت إلا من أبوابها): إما لا تؤخذ العلوم إلا من أهلها، وإما لا تؤتى المدائن التي للعلم إلا من أبوابها.
(فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقاً): لتسلقه لها من غير بابها.
(فيهم): أراد أهل بيت النبوة.
(كرائم القرآن): إما فيهم نزلت آيات كريمة، وإما فيهم توجد معاني القرآن كريمة لا يطلع عليها أحد غيرهم.
(وهم كنوز الرحمن): معادن الجوهر، تؤخذ منهم كل نفيسة في الدين وعلومه، فلهذا أضافهم إلى الله تشريفاً لهم، وكرامة لما لهم فيه من الاختصاص بهداية خلقه، وإظهارأحكامه، كما يقال: بيت الله، وحرم الله.
(إن نطقوا): بالعلم، وأحكام الشريعة.
(صدقوا): فيما يحكمون، ويعلِّمون الناس من ذلك.
(وإن صمتوا): سكتوا عن الكلام حلماً وتوقراً.
(لم يسبقوا): فيما سكتوا عن حكمة لفقد علم غيرهم به، فلهذا يسكت عن الكلام في ذلك.
(فليصدق رائد أهله): الرائد هو: الذي يبعثه القوم ليطلب لهم الماء والكلأ، وأراد ها هنا أن الإ نسان إذا سمع الموعظة من أهلها فليتعظ بها، ولا يَخُنْ نفسه ولا يكذبها.
(وليحضر عقله): ليفهم ما يلقى إليه منها.
(وليكن من أبناء الآخرة): ممن عمل للآخرة، وجعله ابناً إنما هو تجوِّز واستعارة.
(فإنه منها قدم): أي من أجلها خلق، فإن الله تعالى ما خلق الخلق إلا من أجل عبادته ، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }[الذاريات:56] ليستحقوا بذلك الخلود في الجنة.
(وإليها ينقلب): لأجل الجزاء على الأعمال، كما قال تعالى: {إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ }[يونس:23].
(فالناظر بالقلب): في أمر دينه.
(العامل بالبصر): أي بالبصيرة النافذة.
(يكون مبتدأ عمله): أوائله.
(أن يعلم): يتحقق ويستيقن.
(أعمله عليه): باستعماله في غير وجهه.
(أم له): استعمله في وجهه، وعلى رضوان الله كان صدوره، فهذا أول ما جعله العاقل في عمله.
(فإن كان له): أي فإن كانت له ثمرة تعود عليه في الآخرة.
(مضى فيه): استمر عليه وأكمله.
(وإن كان عليه): لم يقصد به وجه الله تعالى.
(وقف عنه): أحجم عن فعله إذ لافائدة فيه.
(فإن العامل بغيرعلم): يهتدي به، ويكون مستضيئاً بنوره.
(كالسائر على غير طريق): فهو يخبط في سيره خبطاً لا غاية له، ولا منتهى لآخره.
(فلا يزيده بُعُده عن الطريق الواضح ): مجانبته لها، وانحرافه عنها.
(إلا بُعداً عن حاجته): لأنه إنما يصل إلى حاجته بسلوكه لطريقها، ومع المخالفة لا يقرب عنها، ولا يدنومن حصولها بحال.
(والعامل بالعلم): على البصيرة النافذة.
(كالسائر على الطريق الواضحة ): المؤدية إلى الغرض المقصود؛ لأنه قد بنى عمله على الأساس، وأحكمه غاية الإحكام.
(فلينظر الناظر): يتحقق حاله ويستيقن أمره.
(أسائر هو أم راجع): أراد أن كل من توجه إلى سفر من الأسفارفإنه يستعد للصدور، ويتأهب له أكثر من استعداده للرجوع، والمقصود من هذا هو أن الإنسان سائر إلى الآخرة، وليس راجعاً إلى الدنيا، فلا جرم فلتكن أهبته كثيرة إليها، ولا يخادع نفسه في ذلك.
(واعلم أن لكل ظاهر باطناً على مثاله): أراد أن الباطن يكون مناسباً للظاهر ودالاً عليه مماثلاً له وملائماً لحاله .
(فما طاب ظاهره طاب باطنه، وما خبث ظاهره خبث باطنه): أراد بذلك هو أن الله تعالى إذا أحسن ظاهرالإنسان بإكمال خلقه في حسن القَدِّ والرشاقة التامة، والنضارة المعجبة، فهذا دليل على حسن عناية الله تعالى به، وحبه له، ومن صدق العناية وكمال المحبة، أن يجعل باطنه موافقاً لظاهره، بإفاضة الألطاف الخفية عليه والتوفيقات المصلحية للعمل الذي يحبه ويرضاه، والاجتناب عمَّا يسخطه من الأعمال، وعكس هذا أن الله تعالى إذا قبَّح صورة الإنسان بأن جعل فيه الشناعة ، وسؤ المنظر ففيه دلالة على عدم عناية الله به، وبغضه له، واللائق بعدم العناية والبغض والكراهة له، أن يحرمه لطفه ويمنعه الألطاف من أعمال الخير، ويكله إلى نفسه بالخذلان له فيفعل الأفعال الخبيثة السيئة فيكون ذلك موافقاً لخبث ظاهره، ويؤيد ماذكرناه من هذا التأويل أمران:
أحدهما: استشهاده بكلام الرسول عليه السلام في قوله:
(حكاية عن الرسول ).
(((إن الله يحب العبد، ويُبْغِضُ عمله))): فمحبة العبد لأجل كمال خلقه وحسن صورته.
(((ويحب عمل العبد، ويُبْغِضُ بدنه))): ومحبته للعمل لكونه مرضياًله، وبغضه للبدن من أجل شناعته وسوء منظره، وبغضه للعمل من أجل مخالفته لأمره ومباينته لرضاه، فمحبة البدن وبغضه لا يعقلان في حق الله تعالى إلا بمعنى الكمال والنقص مجازاً، كما أشرنا إليه؛ لأن خلافه محال، ويحتمل أن [تكون] محبته للبدن بمعنى أنه حبَّبه إلى الغير، وبغضه للبدن بمعنى أنه بغَّضه إلى الغير مجازاً، ووجه الشاهد من كلام الرسول هو أنه تارة يحب العبد بحسن خلقه، ويكره عمله لقبحه، وتارة يكره بدنه لقبحه، ويحب فعله لحسنه، فإذا كان المحبة والكراهة منقسمة على هذا الاعتبار جاز أن يحبه ويحب فعله، وهذا هوالذي طاب ظاهره وباطنه، وجاز أن يكرهه ويكره عمله، وهذا هو الذي خبث ظاهره وباطنه، فالظاهر هو البدن، والباطن هو العمل.
وثانيهما: قوله بعد هذا:
(إن لكل عمل نباتاً): أراد ثمرة، وفائدة، ومنفعة.
(وكل نبات لا غنى له عن الماء): لأنه لا يبدو رونقه ولا يظهر حسنه إلا به.
(والمياه مختلفة): فمنها المالح الزُّعاق، وهو الذي لا ينبت، ومنها العذب الفرات وهو المنبت.
(فما طاب سقيه): الماء الذي يسقى به، ولم يكن مالحاً زُعَاقاً.
(طاب غرسه): الذي يسقى به، وكمل وبدت نضارته، وظهر حسنه.
(وحَلَت ثمرته): وكانت حلوة عذبة حسنة المطعم.
(وما خبث سقيه): ماؤه الذي يسقى به بأن كان مالحاً زُعَاقاً.
(خبث غرسه): الذي يشرب منه؛ لأنه يأخذ من أجزائه ويكتسب منه.
(وأمرَّت ثمرته): صارت مرَّة لا يمكن مذاقها؛ لما فيها من المرارة، ووجه الشاهد من هذا هو أنه جعل الماء والغرس والثمرة مثالاً للإنسان وعمله الصالح والطالح، ووجه المطابقة فيه لما قال في الباطن والظاهر واضح جلي، فجعل الغرس وطيبه [والسقي عبارة عن حسن خلقة الإنسان، وجعل حلاوة الثمرة عبارة عن صلاح فعله، وجعل خبث الغرس] والسقي عبارة عن قبح الصورة، وجعل مرارة الثمرة عبارة عن فساد فعله ورداءته ، فنزَّلناه على هذا التنزيل ليكون مطابقاً لماذكره أولاً، وليحصل التطابق بين كلامه وكلام الرسول ، كما ذكرناه، فهذا هو التأويل الذي تشهد له الأصول ويتطابق علىصحته المنقول والمعقول، وأين هذا عن هذيان الملاحدة من الباطنية حيث جعلوا كلامه هذا سُلماً يعرجون به إلى إبطال نصوص القرآن، وظواهر الشريعة ونصوصها، على تهويسات لفَّقوها، وزخارف كذبوها، لم تقم عليها دلالة ولا برهان، ولا أُيِّدت بحجة ظاهره ولا سلطان، فحملوا العصا على الحجة ، والثعبان على البرهان، في قوله تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ }[الأعراف:107]، إلى كفريات مسترقة من الملاحدة الثنوية فتباً لتلك الأهواء! وبعداً وسحقاً لهذه الآراء! {أَنَّى يُؤْفَكُونَ}، {فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }[الإنشقاق:20]، {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْض ُ وَمَنْ فِيهِنَّ}[المؤمنون:71]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ }[الصف:8]، ويأبى الله إلا إتمام نوره على رغم أنافهم.
و لقد أطنبنا عليهم في الرد لهذه المقالة، وأظهرنا فضائحهم ، {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ }[القصص:69].
(146) ومن خطبة له عليه السلام يذكرفيها بديع خلقة الخفاش
وهو حيوان يطير بالليل، وسمي خفاشاً: إما لصغر عينيه، وإما لأنه لا يظهر إلا بالليل، وإنما خصَّها بالذكر لما فيها من عجائب الخلقة، وبدائع الصنعة.
(الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف): انحسر الثوب عن الجسم إذا انكشف عنه، وأراد أن الأوصاف منكشفة ومتعطلة.
(عن كُنْه معرفته): الْكُنْهُ هو: الغاية، أي منقطعة عن الوصول إليها وإحراز ماهيتها.
(وردعت عظمته العقول): الردع هو: الكف، والعظمة هي: التعاظم والكبرياء، وأراد أنه كف العقول والبصائر عن الإحاطة به.
(فلم تجد مساغاً): مجرى يسهل الدخول فيه، والجري إليه والسعي.
(إلى بلوغ غاية ملكوته): ملكه أي بلوغ تلك الغاية متعذرفي العقول لا سبيل لأحد إليه.
(هو الله): الضمير راجع ها هنا إلى ما تقدم، أي الموصوف بالصفات الجليلة هو الله.
(الحق): الذي لا حق سواه وما عداه فهو باطل.
(المبين): إما الظاهر بالأدلة، وإما ذو البيان.
(أحق وأبين): أي هو أظهر وأكشف.
(مما ترى العيون): تدركه الأبصار بأحداقها؛ لأنه ربما جرى في المبصرات لبس واضطراب وتغيّر في الإدراك.
سؤال؛ كيف قال ها هنا: إن العلم بالله أعظم حالاً من المدركات بالأبصار، وبعضهم أثبته وبعضهم نفاه ، والمدركات لا سبيل لأحد من العقلاء إلى جحدانها ونفيها؟
وجوابه؛ هو أن المدركات القريبة يقع فيها الا ضطراب في الإدراك لها، ويحصل فيها اللبس الكثير، والمدركات البعيدة يستحيل إدراكها لبعدها، وحاله تعالى في القرب والبعد على سواء، بالإضافة إلى الأدلة العقلية، لا يختلف حال معرفته فلهذا كان أدخل في التحقيق، وأقوى من هذا الوجه.
(لم تبلغه العقول بتحديد): تناله وتصل إليه على جهة أن له حداً وغاية ومنتهى.
(فيكون مشبَّهاً): لسائر المكونات من حيث كان محدوداً مثلها، وقوله: فيكون منصوب لأنه جواب النفي.
(ولم تقع عليه الأوهام بتقدير): الأوهام هي: الظنون، أي ولم تقع عليه وقوع إحاطة على أن له قدراً.
(فيكون ممثَّلاً): بهذه المخلوقات في القدر والصورة، والباء في قوله: بتقدير وتحديد للمصاحبة، أي لم تبلغه ولم تقع عليه مصاحبة لتقدير فيه ولا تحديد لذاته مثلها في قولك: لم أبلغ هذا الأمر بجهد ولا تعب.
(خلق الخلق): أوجده واخترعه وقدَّره.
(على غير تمثيل): من خالق غيره، أو لم يخلق قبلها خلقاً فيكون خلق هذه على مثاله وشكله.
(ولا مشورة مشير): يكتسبها منه ويأخذها من جهته.
(ولا معونة معين): تقوية مقوي.
(فتم خلقه): كمل واستحكم.
(بأمره): بإرادته وقدرته وكمال علمه.
(فأجاب): حين دعاه للتكوين والوجود.
(ولم يدافع): أمره بالمخالفة له.
(وانقاد): من غير تصعُّب في انقياده.
(ولم ينازع): يمتنع، أخذاً له من منازعة الفرس لصاحبهارأسها، وهو يجذبها بعنانها، وقوله: (لم يدافع، ولم ينازع) من أنواع البديع، يلقب بالتجنيس الناقص؛ لأن الكلمتين لم يتجانسا إلا في بعض حروفهما لاكلها، وهذا كقول أبي تمام :
يمدُّون من أيد عواصٍ عواصم ... تَصُوْلُ بأسيافٍ قواضٍ قواضبِ
وكقول البحتري:
فيا لك من حزمٍ وعزمٍ طواهما
جديد البلى تحت الصَّفا والصَّفائحِ
وهو من نادرالبلاغة وعجيبها.
(ومن لطائف صنعته): دقائق مصنوعاته، ومن هنا للتبعيض، من قولهم: لطف الشيء إذا دق.
(وعجائب خلقته): والأمور المعجبة من مخلوقاته.