(إلا بنفاد ما قبلها من رزقه): لأنه لا يصل إلى هذه إلا بعد نفاد ما سبقها من الأرزاق.
(ولا يُحْيَا له أثر): من الخصال المحمودة، والمناقب العالية.
(إلا ويموت له أثر): بالاندراس والامحاء؛ لتطاول الأزمان وتكررها، فلهذا يكون الأول منها ذاهباً.
(ولا يتجدد له جديد): من عمره من الأيام.
(إلا بعد أن يَخْلَقَ جديد): لأن غداً لا يأتي إلا بعد ذهاب اليوم، وهو الآن جديد وما بعده يكون جديداً كما ذكرناه، فلهذا قال: لا يتجدد غد إلا بعد أن يخلق اليوم ويكون ماضياً.
(ولا تقوم له نابتة): أي لا ينبت له شيء من أمور الدنيا من رزق ولا عمر.
(إلا وتسقط منه محصودة): إلا ويزول [عنه شيء آخر منها، وجعل النابت عبارة عمَّا ينبت منها، والمحصود عبارة عمَّا يزول] منها ويفنى.
(وقد مضت أصول): الآباء والأمهات والأجداد.
(نحن فروعها): لأنهم لولاهم ما كنّا، وهذا هو الفائدة يكون الشيء أصلاً لغيره.
(فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله؟): ما ها هنا استفهامية، وأراد كيف يبقى فرع مع ذهاب أصله، هذا مستحيل في العقول متعذر.
(وما أحدثت بدعة إلا ترك بها سنة): البدعة هي: الحدث في الدين، ثم منها ماهو محمود وما هو أبدع، وليس مضاداً للسنة، ولا مزايلاً لها، ومنها ماهو مذموم، وهوما كان مضاداً للسنة مناقضاً لها فلهذا قال: إحداث البدعة فيه ترك السنة، يشير به إلى ماقلناه.
(فاتقوا البدع): احذروها، وفي الحديث: ((من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً يوم القيامة)) .
(والزموا المهيع): الطريق الواسع.
(إن عوازم الأمور أفضلها): أي ما كان منها متقدماً، وهوجمع عازمة وأراد ما عمل به الأفاضل من القدماء، والعيون من العلماء، فهو حق لا معزل عنه، أو يكون جمع عوزم، وهي: العجوز المسنة، استعارة من ذلك أي ما كان متقدماً معمولاً به من السلف الصالح، فهو حق فيجب اتباعه، ولا يجوز مخالفته.
(فإن محدثاتها شرارها): أي ما أحدث ولم يسبق به عمل أهل الصلاح فهو شر، وأراد ما أحدث مما يكون مخالفاً لما قد عمل عليه الأفاضل من أهل البصيرة، وفي الحديث: ((ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن )) ، وقال: ((خير الأمور أوسطها ، وشرها محدثاتها )).
(137) ومن كلام له عليه السلام يخاطب عمر رضي الله عنه وقد استشاره في حرب الفرس بنفسه
(إن هذا الأمر): يشيرإلى الدين.
(لم يكن نصره لأحد ولا خذلانه): تأييده و لانقصة بعناية، من جهة أحد من الخلق.
(بكثرة ولاقلة): غلبة في الجيوش، ولاقلة منهم.
(وهو دين الله): توحيده، وأوامره ونواهيه.
(الذي أظهره): أعلنه على أَوْجِ الشمس، وعلى رءوس الأشهاد.
(وجنده الذي أعدَّه): للأعداءممن خالف أمره ونهيه.
(وأمدَّه): من عنده بالنصروالتأييد، والغلبة والتثبيت.
(حتى بلغ ما بلغ): إلى حيث لا يمكن حدُّه ولا وصفه، من الاستطالة والعلو.
(فطلع حيث طلع): من الرفعة إلى حيث علم الله.
(ونحن على موعود من الله): إما على وعد من الله إن قلنا: إن اسم المفعول في موضع المصدر، وإما على أمر موعود به من جهة الله تعالى في النصر لدينه، وخذلان ماعداه من الأديان ومحوها وإزالتها.
(والله منجز وعده): أنجز وعده إذا أتمَّه، وحصله وصدق فيه.
(وناصر جنده): وهم جند الإسلام.
(ومكان القيِّم بالأمر): القائم بأعباء الخلافة، الصادر عن رأيه جميع أحكام الشريعة والمنفذ لها.
(مكان النظام من الخرز): أراد بمنزلة الخيط الذي ينظم فيه الخرز واللآلئ، فإنه لا محالة:
(يجمعه ويضمه): مخافة ألا يتفرق ويتبدد.
(فإن انقطع النظام): الخيط الذي سلكت فيه هذه الخرز.
(تفرق وذهب): لفقد ما يضمُّه ويجمعه.
(ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً): الواحد حذفور، وهن: أعالي الشيء ونواحيه وجوانبه، وفي الحديث: ((إذا بدا علم من أعلام الساعة وأشراطها ، تتابعت كنظام انقطع سلكه)) ، فلهذا تناثر لعدم ما يمسكه.
(والعرب اليوم): أراد به الوقت الذي هم فيه.
(وإن كانوا قليلاً): عدداً قليلاً إذ لم يفش الإسلام، وتنشر حواشيه:
(فهم كثير بالإسلام): أراد أنهم وإن كان عددهم قليلاً فسلطانهم عظيم بالإسلام، وفي الحديث: ((الإسلام يعلو ولا يعلى )).
(عزيزون بالاجتماع): أراد بالتناصر والمعاضدة، والتعاون، والمرافدة من بعضهم ببعض .
(فكن قطباً): القطب هو: المسمار الذي تدور عليه الرحى.
(واستدر الرحى بالعرب): أراد إما اجعلهم رحى لك وأدرها أنت بنفسك، أو أراد كن أنت كالرحى، واطلب إدارتها بهم.
(وأَصْلِهم دونك نار الحرب): واجعلهم يصلونها ما خلاك أي يدخلونها ويلقون شرها،، من قولهم: أصليته النار إذا أدخلته فيها، قال الله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا }[إبراهيم:29].
(فإنك إن شَخَصت): فارقت مكانك.
(من هذه الأرض): دار الإسلام وحيث إنفاذ حكم الله تعالى، والقيام بأمر المسلمين.
(انتفضت عليك العرب): يحتمل أن يكون بالفاء،، من قولهم: نفضت الثوب أنفضه إذا حركته، ومن نفضت المرأة كرشها إذا كثر ولدها، ويحتمل أن يكون بالقاف، من قولهم: تنقضت الأرض بالنبات إذا تشققت به، وأراد انتشارهم بالمخالفة عليه.
(من أطرافها): أقاصيها البعيدة.
(وأقطارها): جهاتها المتباينة، يطلبون اجتياح دار الإسلام، والغلبة عليها قهراً، ويعظم مكرهم، [وتكبر ] استطالتهم بعدك على من وراءك من المسلمين.
(حتى يكون ما تدع وراءك): من دار الإسلام، وحفظ من فيها من العلماء وكافة المسلمين.
(من العورات): الأمور المهمة التي يجب سترها وتغطيتها، وإنما قال لها: عورة لما يظهر عند انكشافها وتغيرها من القبح والمسآءة في الدين.
(أهمَّ إليك): أعظم موقعاً عندك؛ لأنها هي الأصل وماعداها كالفرع بالإضافة إليها.
(مما بين يديك): ممن غزوته وقصدته من هؤلاء.
(إن الأعاجم): جمع أعجم، وهو: الذي لا يبين كلامه.
(إن ينظروا إليك غداً): في هذه الأوقات المستقبلة.
(يقولوا): يجيلوا أنظارهم، ويضربوا سهام الرأي.
(هذا أصل العرب): قاعدة أمرهم، والذي تدور عليه الرحى، ويقولوا لأنفسهم:
(إذا اقتطعتموه): استأصلتموه قتلاً، وأخذتموه.
(استرحتم): عن الحرب وشنِّ الغارات من كل جهة إذ لا يبقى أحد منهم يقوم مقامه ويسدُّ مسدَّه.
(فيكون ذلك): يشير إلى ما قد قرروه في أنفسهم مما ذكره.
(أشد لكلَبهم): أعظم لمكرهم، وأدخل في جرأتهم.
(عليك): في قتلك واستئصال شأفتك.
(وطمعهم فيك): ويكون سبباً لأن يطمعوا فيك، فَقَبِلَ ما قاله أمير المؤمنين، وترك عمر الغزو بعد ذلك، وعرف أن هذا هو الأمر بالحزم، والوثيقة بالعزم، وأنه كلام عارف بالحرب ومكائدها، ومحيط منها بأسرارها ومقاصدها.
(فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين): لأن عمرقال: إن الفرس قد خرجوا لقتال المسلمين، يؤكد غزوهم إلى بلادهم، فقال له أمير المؤمنين:
(إن الله أكره لمسيرهم منك): فلو شاء لكفَّهم عن ذلك.
(وهو أقدرعلى تغيير ما يكره): ولكنه يريد البلوى والامتحان بالصبر على الجهاد ومشاقه، وعظيم تكاليفه.
(وأما ما ذكرت من عددهم): لأن عمرقال: إنهم عدد عظيم، وجمٌّ غفير، لا يحصي أعدادهم إلا الله، وهم زائدون على العدة التي حكى الله تعالى من أن الواحد يكون للا ثنين، وأراد أن الجهاد والحال هذه مع كثرة عددهم هل يكون واجباً أو يسقط وجوبه؟ فقال له أمير المؤمنين:
(فإنَّا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة): أراد في زمن الرسول في جميع الغزوات كلها، كبدر، وحنين، والخندق، وغيرها من الغزوات.
(وإنَّما كنَّا نقاتل بالنصر): من جهة الله تعالى بإمداد الملائكة.
(والمعونة): بالألطاف الخفية، كإلقاء الرعب في قلوبهم، وخذلانهم بالفشل والطيش، والهيبة في صدورهم، وغير ذلك مما يكون سبباً في فشلهم، وإرعاد فرائصهم، فترك عمرما في نفسه من ذلك، ولم ير إلى مخالفة أمير المؤمنين في ذلك سبيلاً، لما تحقق وجه الصلاح، وعلم أنه هو الرأي الذي لا يسع مخالفته ، وكيف لا وقد لاحت على وجهه مخايل الصواب، وزالت عنه ترجيمات الظنون، وشكوك الارتياب، وقدكان استشاره في غزو الروم أيضاً، فأشار بخلاف ذلك، وقد قدمنا كلامه في ذلك، وقيصر هو ملك الروم، ولما وصل إليه كتاب رسول الله قَبِلَه ، وكسرى هو ملك الفرس، ولما وصل إليه كتاب رسول الله مزَّقه، فقال عليه السلام: ((تمزق ملكه )) ، ثم قال النبي عليه السلام: ((إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده)) ، يشير بذلك إلى قوة الإسلام، وإبطال أمرهم، فكان كماقال من أخذهم وقتلهم، واستئصال المسلمين لشأفتهم، فقتل الله هذا كسرى أنو شروان بجند الإسلام وأنصاره، وأخذت بنته بوران سبية، وضرب عليها بالسهام، فسألها عبد الله بن عمر أباه ليطأها فأبى، فأعطاها الحسن بن علي، وقال لابنه : إئتني بأب مثل أبيه، وأم مثل أمه، وأنا أعطيك إياها.
(138) ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها القرآن
(بعث محمداً صلى الله عليه وآله بالحق): وهو علمه بما للخلق فيه من المصلحة والهداية إلى الدين القيِّم فبعثه الله.
(ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته): من الشرك إلى التوحيد، وأن تكون العبادة خالصة لله تعالى، [ولا تكون لغيره من وثن أو صنم، أو غير ذلك مما يُعْبَدُ من دون الله.
وقوله: (عباده من عبادة الأوثان) من أنواع البديع، يسمى بالتجنيس المطلق، كقوله تعالى] : {يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ }[يوسف:84] وقوله تعالى: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ }[النمل:44]، وهوموجود في القرآن كثير، ومنه قول أبي فراس :
فما السُّلاف دَهَتْني بل سوالفُه ... ولا الشَّمول ازْدَهَتْني بل شمائلُه
أَلْوِي بِعَزْمِي أصداغَ لوينَ به ... وعِيْلَ صَبْرِي بما تَحْوِي حلائلُه
وفي الحريريات قوله:
وأحْوَى حَوَى رقِّي بِرقة لطْفِهِ ... وغَادَرني أَلِف السُّهادَ لغدرهِ
(ومن طاعة الشيطان): فعل ما يريده من القبائح كلها، والكف عن الواجبات كلها.
(إلى طاعته): إلى فعل ما يريده من ذلك.
(بقرآن): الباء متعلقة بقوله: بعث، أو بقوله: ليخرج، إما على على جهة الآلة، كقولك: كتبت بالقلم، وإما على جهة الحالية، كقولك: دخل علينا بثياب السفر أي لابساً لها.
(قد بيَّنه): إما أظهر مراده منه بما أوضحه فيه من الأحكام، وإما بَّين محكمه من متشابهه ومجمله من مبيّنه، وعامه بخاصه، وغيرذلك من الأحكام المبهمة فيه.
(وأحكمه): إما جعل محكماً لا لبس فيه، وإما جعل فيه الحكمة والشفاء والنور والهدى، كما قال تعالى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ }[النحل:89].
(ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه): ليعلموا منه الأدلة [الباهرة ] على وجود الله تعالى، وتوحيده وحكمته، فإن الله تعالى رتَّب الأدلة على وجوده، وباهر حكمته وعجائب مخلوقاته على أكمل ترتيب، وساقها على أحسن سياق، بحيث لا يوجد تحريرها في كتب المتكلمين، ولا يخطر لأحد منهم على بال، وأكثر القرآن مملؤ من الدلالة على التوحيد، وإبطال إلهية غيره، وإثبات الحشر والنشر، وأحوال القيامة، وغير ذلك من العلوم الدينية، ولنذكر من ذلك آية منبهة على غيرها، وهي قوله تعالى في سورة البقرة: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ...} إلىقوله: {خَالِدُونَ} فدلّ أولاً على وجوده بخلقهم، وبخلق آبائهم، وبخلق السماء والأرض، ثم بإنزال المطر، وخلق هذه الثمرات رزقاً للخلق، ثم خرج من ذلك إلى تقرير النبوة بإظهارالمعجز والتحدي به ، ثم حذَّر من النار وبشَّر بالجنة، فجمع في هذه الآية من أ صول الديانة، وأحكام الآخرة ما يشهد له ظاهرها بالترتيب اللائق، وتشهد له العقول بالصحة والثبات ، وهكذا حال غيرها من الآيات من سورة النحل، وغيرها من السور.
(وليقروا به بعد إذ جحدوه): بإثبات غيره إلهاً.
(وليثبتوه بعد إذ أنكروه): ونفوه، وعلَّقوا هذه الحوادث بغيره من عقل، أو فلك أو نجم، أو غيرذلك من التمويهات الباطلة.
(فتجلَّى لهم سبحانه في كتابه): ظهر بما أودع في كتابه من بيان هذه الأدلة الدالة على وجوده، وإثبات حكمته وباهر قدرته.
(من غير أن يكونوا رأوه): لم يشاهدوه اكتفاء بمشاهدة العقول له، وتحققها لوجوده.
(وبما أراهم من قدرته): من خلق هذه المكونات العظيمة الدالة على باهرالقدرة، كما قال تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ }[الأنعام:102].
(وخوّفهم من سطوته): عذابه ونقماته، بقوله تعالى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ }[البروج:12]، {َإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ }[الرعد:6].
(وكيف محق من محق بالمَثُلات): محقه إذا أبطله وأفسده، والمثُلات: العقوبات.
(واحتصد من احتصد بالنقمات!): حصده إذا قطعه، قال الله تعالى: {مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ }[هود:100] وأراد وقطع دابر من قطع من الأمم الماضية، والقرو ن الخالية.
(وإنه سيأتي عليكم من بعدي): بعد وفاتي وانقطاع أيامي.
(زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق):لاندراس أحكامه وامحاء رسومه وأعلامه.
(ولا أظهر من الباطل): لعلوه وارتفاعه.
(و لا أكثر من الكذب على الله وعلى رسوله): فيكذب عليهما، ويقال عليهما ما لا يقولانه.
(وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبورمن الكتاب): بار المتاع إذا كسد، ولم يكن له قيمة ولا وزن.
(إذا تلي حق تلاوته): إذا أقيمت حروفه، وأخرجت من مخارجها، وأظهرت أحكامه، وأقرّت في مواضعها، فمتى كان على هذه الصفة كان بائراً لا يلتفت إليه، ولايعول عليه.
(ولا أنفق منه إذا حرِّف عن مواضعه): أراد أن القرآن إذا بدِّلت أحكامه وغيِّرت رسومه، كانوا أشوق ما يكون إلىسماعه، وأقبل ما يكون عليه لماكان ذلك يوافق أهواءهم، وتطيب به نفوسهم، فهم يسرعون إليه غاية الإسراع.
(ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف): لقلة من يعمل به، ويدعو إليه فهو ينكر إذا قصد.
(ولا أعرف من المنكر): لكثرة العاملين به، وإقبال الناس عليه.
(فقد نبذ الكتاب حملته): كنى بذلك عن اطراح أحكامه وإهماله، كما قال تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ }[آل عمران:187].
(وتناساه حفظته): بترك درسه حتى امَّحى عن قلوبهم.
(فالكتاب يومئذ وأهله): عنى بالكتاب القرآن، وبأهله أهل البيت، هو وأولاده، وأراد بقوله: (يومئذ) أي زمان حصول هذه الحوادث التي ذكرها، والتنوين عوض من تلك الجملة المذكورة أولاً.
(منفيان): عن أماكنهما.
(طريدان): عن مستقرهما.
(وصاحبان): لا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ لأنهما الثقلان فلايزالان مجتمعين على الحق، كما قال عليه السلام: ((قد خلفت فيكم الثقلين : كتاب الله، وعترتي أهل بيتي)).
(مصطحبان): الاصطحاب: افتعال من الصحبة، وأراد أن اقترانهما من أجل دلالتهماعلى الحق فهما لا يفترقان أبداً.
[(في طريق واحد): وهي طريق الجنة والهداية إلى الدين والتوحيد والإقرار بأمور الآخرة] .
(لا يؤويهما مؤو): آواه إذا ضمَّه وكفله، قال الله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ }[المؤمنون:50] وأراد أنه لايعمل بهما عامل، ولا يميل إليهما مائل أصلاً.
(فالكتاب وأهله): يريد من ذكرناه من أهل البيت والقرآن.
(في ذلك الزمان في الناس): كائنان وحاصلان معهم.
(وليسا فيهم): لعدم من يعمل بهما، فكأنهما في الحقيقة مرتفعان عنهم.
(ومعهم): مصاحبان لهم في جميع الحالات.
(وليسا معهم): أي أنهما بين أظهرهم، وكائنان معهم، وليسا معهم لم يتفقوا على معرفة أحكامهما، وما يتوجه من حقهما فكأنهما في الحقيقة بائنان عنهم بعيدان.
(لأن الضلالة [لا] توافق الهدى): لأنهما يدعوان إلى الحق، ويدلان عليه، وهم مكبُّون على الباطل عاملون به، فلا يتلاءمون ولا يتقاربون.