(110) ومن خطبة له عليه السلام
(أرسله داعياً إلى الحق): التوحيد والإلهية، وإبلاغ ما أرسل به من الشرائع ، والحكم المصلحية كما قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا }[البقرة:119].
(وشاهداً على الخلق): بإبلاغ الحجة، وانقطاع المعذرة، كما قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }[الأحزاب:45].
(فبلَّغ رسالات ربه): جميع ماأرسل به إلى الخلق، مما يقرِّبهم إلى الجنة ويبعِّدهم عن النار، كما قال تعالى: {إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ }[الشورى:48].
(غير وانٍ): ضعيف، من الونى وهو: الضعف.
(ولا مقصِّر): مهوِّن، من قولهم: قصَّر في أمره إذا كان مهوِّناً فيه.
(وجاهد في الله): أي لا غرض له في المجاهدة بالسيف والسِّنان ، والقلم واللسان؛ إلا وجه الله تعالى دون غيره من سائر الأغراض.
(أعداءه): الضمير في أعداءه، إما لله وإما للرسول، ومعنى عداوة الله تعالى، أي أنه يحب إنزال الضرر والعقوبة بهم، وأعداء الرسول: الناصبين له الحرب والمكائد .
(غير واهي): وَهَى الحبل إذا ضَعُفَ.
(ولا معذِّر): فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون معناه غير معتذر عن بلوغ الغاية في دين الله ونصرته، لكنها قلبت التاء ذالاً، وأدغمت في مثلها، ونقلت حركتها إلى العين.
وثانيهما: أن يكون معناه غير مقصِّر في إبلاغ الرسالة والنصح للخلق.
(إمام من اتقى): راقب الله تعالى وخافه في كل أحواله.
(وبصر من اهتدى): أي هو بصيرة من كان مهتدياً بهديه، سالكاً لطريقته، أو يكون بمنزلة بصر الإنسان الذي يبصر به المبصرات، لأنه عليه السلام كان سراجاً لظلام الجهل، وقمراً منيراً لسواد الضلالة.
(ولو تعلمون ما أعلم): فيه وجهان:
أحدهما: أن يريد من خوف الله تعالى وعظم جلاله.
وثانيهما: أن يريد أهوال القيامة، وما أعدَّ الله لأعدائه، من النَّكال والويل.
(مما طُوِيَ عنكم علمه ): حجب وستر، إذ كان لا مصلحة لكم بالتعريف به، لما يؤدي إلى الإلحاد أو لمفسدة غير ذلك.
(إذاً لخرجتم إلى الصُّعُدات): الصعيد: وجه الأرض، وجمعه صُعُد، ثم يجمع أيضاً على صُعُدات، مثل طريق، وطُرق، وطُرقات، وجمع الجمع في الكثرة قليل نادر.
(تبكون على أعمالكم): لما فيها من التقصير والتهاون بحق الله وما ينبغي من القيام بحقه، أو لأنكم أحبطتموها بارتكاب الكبائر، وأبطلتم ثوابها المستحق عليها.
(وتلتدمون على أنفسكم): اللدم هو: ضرب الوجه، أو الصدر باليد، كما تفعله النسوان عند المصائب في النياحة.
(ولتركتم أموالكم لا حارس لها): رغبة عنها، وزهداً فيها، لما يعتريكم من الأمور الهائلة في ذلك.
(ولا خالف عليها): يقوم بها ويحفظها فشلاً، وجزعاً، ودهشاً عنها .
(ولهمَّت كل امرئ نفسه ): أي لا يهم سواها، ولا يخطر بباله أمر آخر كما قال الله تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }[عبس:37] عن النظر في شأن غيره، وكل ذلك أمارة على عظم الأهوال وشدتها.
(ولكنكم نسيتم ما ذكّرتم): من أمور الآخرة وأهوالها، أو من عظمة الله تعالى، وخوف سطوته.
(وأمنتم ما حذِّرتم): من جميع ذلك، فلا التفات إليه منكم في حالة واحدة.
(فتاه عنكم رأيكم): أي ذهبتم فيه متحيرين.
(وتشتَّت عليكم أمركم): أي تفرَّق وصار في جهات كثيرة.
(لوددت أن الله فرَّق بيني وبينكم): لما أقاسيه من اعوجاجكم، وأحتمله من مشاقكم.
(وألحق بمن هو أحق بي منكم): أعرف بقدري، وأكثر اعترافاً بحقي، أراد قرن الصحابة رضي الله عنهم، وإلحاقه بهم، إما ناصرين له على جهة التقدير لو كانوا أحياء، وإما إلحاقه بالموت، والكون معهم في الآخرة.
(قوم والله ميامين الرأي): آراءهم مباركة صادقة.
(مراجيح الحلم): أي أن حلومهم راحجة عن أن يعتريها الطيش ، أو يزعجها عن الحق الفشل.
(مقاويل الحق ): ولو على أنفسهم لا يخالفون فيه.
(متاريك الغي ): أي لايفعلونه، ولا يخطر لهم على بال قط.
(مضوا قُدُماً): بضمتين، أي متقدمين لم يسبقهم أحد غيرهم.
(على الطريقة): المرضية.
(وأوجفوا على المحجة): الوجيف: ضرب من سير الإبل والخيل، قال تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ }[الحشر:6] أي أعملتم فيه الوجيف.
قال العجاج:
ناجٍ طواه الأينُ فما وَجَفَا
طيَّ الليالي زُلَفاً فزُلفَا
(فظفروا بالعقبى الدائمة): وهي الدار الآخرة، سميت عقبى؛ لأنها في عقب الدنيا وعلى إثرها.
(والكرامة الباردة ): وهي الجنة؛ بسبب ما قدموه من الأعمال الصالحة.
(أما والله ليسلطنَّ الله عليكم): التسليط: هو القهر والغلبة.
(غلام ثقيف): أراد الحجاج، واستيلاءه على الكوفة.
(الذيَّال): الذي يستحب ذيله بطراً وأشراً، كما قال عليه السلام: ((من جر رداءه لا ينظر الله إليه يوم القيامة )) .
(الميَّال): الذي يميل في مشيه فخراً وتكبراً، ومشية خوزلى، وخيزرى فيها تخازل وتخازر ، وفي الحديث: ((إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمها أبناء فارس والروم فقد تودع منهم)) وكلها مكروهة
(يأكل خَضِرَتكم): أراد أموالكم الخضرة.
(ويذيب شحمتكم): أي يقهركم ويهزلكم.
(إيهٍ): اسم للفعل، فإن أردت به المعرفة، كتعريف أعلام الأجناس أسقطت تنوينه، وإن أردت به التنكير نوَّنته، وكلا الوجهين وارد في اللغة يستعملان كثيراً.
(أبا ودجة ): يروى بالجيم، وهو يخاطب به الحجاج، وسماه بذلك لما كان من سفكه للدماء، وقطعه للأوداج، وكان فاجراً أحمقَ، متسلطاً بالوقاحة، ويروى بالحاء المهملة أيضاً، وأبو وذحة هي كنية الخنفساء، وإنما كناه بذلك لأمرين:
أما أولاً: فلأنه حكى أبو سلمان الخطابي في (غريب الحديث): أن خنفساء مرت بالحجاج، فقال: قاتل الله أقواماً يزعمون أن هذه من خلق الله، فقيل له: ممَّ هي؟ فقال: من وذح إبليس ، فكني عنه بها.
وأما ثانياً: فلأن الوذح ما يتعلق بأذناب الشاء، وأرفاغها من أبوالها وأبعارها فيتصلب ويجفُّ، الواحدة منه وَذَحَة، قال جرير:
والتغلبيّة في أفواه عورتها
وَذَحٌ كثيرُ وفي أكتافها الوَضَرٌ
والخنفساء تعالج ذلك، وجمعها وَذَحٌ، فلهذا سميت وذحة، وكناه بذلك إشارة إلى ركة حاله، وسخف همته، ورذالة نفسه، ومعنى إيهٍ أي زد لهم من ذلك تهكماً بحالهم، وغيظاً عليهم، وأراد زد مما أنت فيه فإنهم يستاهلونه، وكان كثير الجرأة على الله تعالى، و اقتحام المحارم، وتغيير الأحكام.
سؤال؛ ما وجه الحكمة في تمكين الله تعالى للظلمة، وسائر المردة كالحجّاج وغيره، وفي تمكينهم ظلم الخلق، وتشويش أحكام الدين، وتعدي الحدود فكيف يحسن ما هذا حاله؟
وجوابه من أوجه؛
أما أولاً: فلأنه قد تقرر ببرهان العقل حكمة الله تعالى، وتنزيهه عن كل قبيح، فإذا تقرر كونه فاعلاً لهذا التمكين، وجب القضاء بحسنه لا محالة.
وأما ثانياً: فلأن تمكينهم إنما هو بالأموال، وكثرة الأتباع، من الحفدة والخدم، فهذا من فعل الله، ولاشك في حسنه، والتسلط والبغي إنما هو من أفعالهم، ولا شك في قبحه.
وأما ثالثاً: فلأنهم مأمورون بالإصلاح، ومنهيون عن الإفساد، فليس تمكينهم من ذلك بأبلغ من تمكينهم من القدرة والشهوة، فإذا كانت هذه حسنة فتمكينهم يكون حسناً لامحالة.
وأما رابعاً: فلأن تمكينهم من ذلك على جهة الابتلاء والامتحان من الله تعالى للخلق، كما كان من خلق إبليس وغيره، مما يكون فيه زيادة الأجر، وإعظام الثواب.
(111) [ومن كلام له عليه السلام]
(فلا أموال بذلتموها): أنفقتموها وجدتم بإعطائها.
(للذي رزقها): من أجل وجهه، ورجاء ثوابه، وشكراً على نعمة رزقه إياها.
(ولا أنفس خاطرتم بها): جعلتموها تعرض الخطر ، وهو الهلاك.
(للذي خلقها): جهاداً في سبيله، وإعزازاً لدينه، ولأن تكون كلمته هي العلياء.
(تَكْرُمُون بالله على عباده): أي أن الحجة لازمة لكم، ومتوجهة عليكم من أجل أن الناس يكرمونكم من أجل إيمانكم بالله، وإقراركم بتوحيده وعبادتكم له، فهذه الكرامة واصلة إليكم بسبب من الله.
(ولا تكرمون الله في عباده ): أي ولا ترون لله تعالى حقاً تكرمونه به، وهو القيام بأمره في عباده من التزام أوامره، والانكفاف عن مناهيه.
(فاعتبروا بنزولكم منازل من كان قبلكم): إما أن يريد منازلهم في الدنيا ومساكنهم فيها، فإنهم ظعنوا عنها، وسيكون لبثكم فيها مثل لبثهم ، وترتحلون عنها كارتحالهم، وإما أن يريد القبور فإنَّا عن قريب نكون فيها، كما كان من قبلنا.
(وانقطاعكم عن أوصل إخوانكم!): وهو عظيم المودة لكم بالموت وفراقكم له، وتفسير الانقطاع بالموت ها هنا كالمؤيد لتفسير النزول بالموت، كما سبق تقريره في أحد الاحتمالين.
(112) [ومن كلام له عليه السلام]
(أنتم الأنصار على الحق): هذا كلام يكلِّم به أصحابه، وهواستطراد بديع إذ لا ملاءمة بينه وبين الأول، والأنصار: جمع ناصر، وهو قليل في جمع فاعل كقلة صَحْب في جمع صاحب، وأراد أنهم الأنصار في إظهار كلمة الدين، والقيام بحق الله.
(والإخوان في الدين): أي أنه الجامع في الإخوة، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }[الحجرات:10].
(والجُنَن يوم البأس): جمع جُنّة، وهو: عبارة عن كل ما وقى الإنسان، والبأس: شدة الحرب، وفي الحديث: ((كنَّا إذا احمرَّ البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله )) نزَّلهم في دفع الشر عنه بمنزلة الجُنَّة، وهي استعارة بديعة.
(والبطانة دون الناس): البطانة: ما يلي الجسد من الثياب، بمنزلة الشعار، وأراد أنهم الخواص به دون غيرهم من الخلق لعلوهم في الدين.
(بكم أضرب المدبر): من أجل طاعتكم لي، وانقيادكم لأمري، أستعين بكم على من خالفني وأدبر عني، وأقاتله بكم.
(وأرجو طاعة المقبل): أي ومن أجل إعانتكم لي يكون ذلك سبباً في استقامة من أقبل لي، وأرجو دوامها.
(فأعينوني بمناصحة): فلتكن منكم الإعانة لي ولا إعانة كالنصح من جهتكم لي، فإنها أعظم الأعوان من جهتكم لي، وفي الحديث: ((ألا إنما الدين النصيحة )) قالها ثلاثاً، قالوا: لمن يارسول الله؟ فقال: ((لله ولرسوله ولأئمة المسلمين )).
(خليَّة عن الغشِّ): لا يشوبها ما يكدِّرها من الغشِّ، وفي الحديث عن الرسول [ صلى الله عليه وآله وسلم] : ((ليس منَّا من غشَّ )) ، وفي حديث آخر: ((ملعون من خان مسلماً أو غرَّه )) .
(بريئة من الريب): الشك؛ لأن الشك يهوِّن النصيحة ويوهي أمرها.
(فوالله إني لأولى الناس بالناس): لأن الله تعالى قال: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ] }[الأحزاب:6]، ثم قال عليه السلام: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى )) فحصل من مجموع الآية والخبر، ثبوت الولاية على المؤمنين، كولاية الرسول، كيف وذلك يحصل من إمامته، سواء كانت ثابتة بالنصِّ أو بغيره.
ثم جمع أصحابه وحضهم على الجهاد، فسكتوا ملياً، فقال :
(ما بالكم!): البال هو: الخاطر، وهو استفهام وارد مورد التعجب والإنكار عليهم.
(أمخرسون أنتم!): أي أصابكم الخرس، فأنتم لا تسمعون كلامي وتجيبونه.
(فقال قوم: يا أمير المؤمنين): أي القليل منهم.
(إن سرت سرنا معك): أي إنا متابعون لخروجك، فلانتخلف عنك مهما خرجت.
(فقال: ما بالكم !): تكريراً للتعجب من حالهم، وإنكاراً لفعلهم وصنيعهم.
(لا سدِّدتم لرشد!): أي لا هديتم لأرشد الآراء وأصوبها.
(ولا هديتم لقصد!): ولا ثبتم لأعدلها وأعلاها، والقصد: العدل.
(أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج): إنكاراً عليهم، لما أشاروا بخروجه وأنهم لامحالة خارجون معه.
(إنما يخرج في مثل هذا): إنما الرأي الأرشد في مثل هذا خروج.
(رجل أرضاه من شجعانكم): يكون مرضياً عندي في شجاعته.
(وذوي بأسكم): وأن يكون صاحب تجربة في الحروب الشديدة ممن قد حنكته التجارب فيها، يقوم مقامي، فأما أنا فلا أرى لنفسي بالخروج.
(ولا ينبغي لي أن أدع الجند): أترك النظر في أحوال الجند وتقويتهم، والتعهد لأحوالهم بالخروج.
(والمصر): والنظر في أحوال أهل المصر من أهل الفاقة، والمسكنة والوقوف وأحوال الضعفاء والأرامل.
(وبيت المال): من معرفة ما يخرج منه، وما ينتصب فيه من الأموال، وإنفاقها على وجهها.
(وجباية الأرض): وإرسال من يخرص الأموال المأخوذة من الأراضي.
(والقضاء بين المسلمين): في خصوماتهم كلها، وإنصاف المظلوم ممن ظلمه، وقطع شجارهم.
(والنظر في حقوق المطالبين): إن كان اسم فاعل، فالغرض إيفاء من وجب له حق على غيره، وهو مطالب غريمه بتحصيله بعد وجوبه، وإن كان اسم مفعول فالغرض النظر في حاله، هل يحبس حتى يوفي، أو يكون له أجل فلابد من انتهائه إليه، أو يكون مفلساً فيحكم بإطلاقه، وغيرذلك من الأحكام في الخصومات والمعاملات بين الخلق، فهذه الأموركلها لا يمكن إقامتها على الوجه اللائق إلا بوجودي وحضوري، وإحكامها بوالي ، فكيف يقال: بأني أتركها وأخليها.
(ثم أخرج في كتيبة): جماعة من الخيل.
(أتبع أخرى): لاحقاً لها ، وحاصلاً معها.
(أتقلقل تقلقل القدح في الجفير الفارغ): القدح: الواحد من السهام، والجفير هو: موضعها وهو أوسع من الكنانة، والفارغ: الخالي عن السهام، مثّل حاله بخروجه عن المصر بحال القدح الواحد في الكنانة، فإنه يضطرب من جانب إلى جانب، لا يستقر حاله.
(وإنما أنا قطب الرَحى): قطب الرحى هو: المسمار الذي تدور عليه الأرحية، التي يطحن عليها بالحيوانات والماء، وهو بمنزلة السَّفُّود في رحى اليد.
(تدور عليّ): أي أني أصلها، وقاعدتها.
(وأنا بمكاني): مستقر في موضع غير خارج منه، وهي جملة ابتدائية في موضع نصب على الحال من الياء في عليَّ، أي تدور عليَّ مستقراً فيه.
(فإذا فارقته): بالخروج كما زعمتم.
(استحار مدارها): تردد ولم يجرِ على جهة الاستقامة، ومنه قولهم: حار في أمره إذا تردد فيه، والمدار إما مصدر أي دورها، وإما مكان الدور.
(واضطرب ثفالها): الثفال: جلد يبسط تحت الأرحية التي لأهل الخيام، يسقط عليه الدقيق، وربما سمي الحجر الأسفل من الرحى بذلك، قال زهير:
فَتَعْرِككم عَرْكَ الرِّحى بِثِفَالِهَا
وتلقح كشافاً ثم ترضع فتفطم
(هذا): إشارة إلى ما ذكره من التصويب للخروج.
(لعمرالله): قسمي.
(هو الرأي السوء): الذي يسوء به الحال ولا يصلح، والسوء: عبارة عن كل ما يسوء ويكره، قال الله تعالى: {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ }[النحل:27].
(والله لولا رجائي للشهادة ): أي إن مقامي بين أظهركم، لولا أني أرجو به حصول الشهادة والفوز بها بالقتل جهاداً:
(عند لقائي العدو): مواجهتي له.
(لو قد حُمَّ لقاؤه لي): قُدِّر وقضي من جهة الله تعالى.
(لقرَّبت رِكَابي): الرِّكاب: عبارة عمَّا يركب من الإبل.
(ثم شخصت عنكم): يقال: شخص عن منزله، إذا خرج عنه.
(فلا أطلبكم ما اختلف جنوب وشَمَال ): فلا أريد وصالكم قط، والجنوب: ما كان هبوبها من ناحية القطب، والشمال من الريح: ما كان هبوبها من ناحية سهيل، واختلافهما تقابلهما؛ لأن هذه تقابل هذه وتعاكسها، لاختلاف المهوى فيهما، وهي المناوحة .