(وفي آبائكم الماضين منكم ): الذين شاهدتم أحوالهم وعاشرتموهم أزماناً .
(تبصرة): عن عمى الغفلة.
(ومعتبر): واعتبار زاجر عن اللهو.
(إن كنتم تعقلون !): تعقلون أفعال العقلاء في أنهم إذا وعظوا انزجروا، وإذا خُوِّفُوا حَذِرُوا.
(أولم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون): من مضى منكم موتاً فإنه لا يرجع إلى الحياة أبداً.
(وإلى الخلف الباقي لايبقون!): يخرمهم الموت في كل حين.
(أو لستم ترون أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى): فكفى لكم عبرة في تغير ما أنتم فيه ، وإبطال ما أنتم عليه.
(فميت يُبْكى): يبكيه أهله وأولاده لا نقطاعه عن الدنيا.
(وآخر يعزّى): أي ومن كان حياً فإنه يعزّى له فيمن مات من أقاربه.
(وصريع مبتلى): ومصروع قد ابتلي بالألم والوجع.
(وعائد يعود): ورجل يزور إخوانه من الأمراض.
(وآخر بِنَفْسهِ يجود): أي يسمح بنفسه للموت لما يلاقي من جرضه وشدة غصصه.
(وطالب للدنيا): جاهد في تحصيلها.
(والموت يطلبه): لأخذ روحه.
(وغافل): عن أمور الآخرة مشغول بالدنيا.
(وليس بمغفول عنه): بل تشاهد أعماله وأفعاله ويحا فظ عليها {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ }[الإنفطار:10]، {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }[ق:18].
(وعلى أثر الماضي مايمضي الباقي!): أي وعلى هذه الأحوال والسلوك على هذا المنوال يكون حال من بقي من غير مخالفة، وماهاهنا زايدة، مثلها في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ }[آل عمران:159].
(ألا فاذكروا هادم اللذات): ألاهاهنا للتنبيه، وهدم الجدار إذا أسقطه.
(ومُنَغِّص الشهوات): نغَّصه إذا أذهب كمال لذته.
(وقاطع الأمنيات): واحدها أمنية، وهو مايتمناه الواحد منَّا في عمره، وهو الموت، فإنه فاعل لهذه الأشياء عند هجومه.
(عند المساورة للأعمال القبيحة): المساورة هي: المواثبة، فإنَّه يفتُّ في الأعضاد ويوهي القوى عن فعلها.
(واستعينوا بالله ):واطلبوا منه الإعانة بالألطاف.
(على أداء واجب حقه): ما أوجب عليكم من حقوقه.
(وما لا يحصى من أعداد نعمه وإحسانه): وعلى أداء شكر مالايحصى مما أقرَّ من النعم، وأرخى من الآلآء والمنن.
(95) ومن خطبة له عليه السلام
(الحمد لله النا شر في الخلق فضله): نشر الثوب إذا مدَّه.
(الباسط فيهم بالجود يده): بسط الثوب إذا فرشه، وأراد هاهنا أن فضل الله تعالى وجوده على الخلق منشور عليهم من فوقهم، ومبسوط من تحتهم، فهما شاملان لهم في كلِّ أحوالهم وتصرفهم .
(نحمده في جميع أموره): سرائه وضرائه وشدته ورخائه.
(ونستعينه على رعاية حقوقه): من أداء واجب أو كفٍّ عن محرَّم فنطلب الإعانة منه باللطف على ذلك.
(ونشهد أن لا إله غيره): أي أنَّ أحداً لا يستحق الإلهية وهي استحقاق العبادة سواه.
(وأن محمداً عبده): أهل لأن يكون عبداً له.
(ورسوله): ومستحق للرسالة من جهته.
(أرسله بأمره صادعاً): أي مظهراً ، من قولهم: صدع بكذا إذا أظهره.
(وبذكره قاطعاً ): إما قاطعاً على أن ذكره حقٌّ لا شكَّ فيه، وإما قاطعاً بذكره غير معرِّج على سواه، فالقطع مستعمل فيهما جميعاً، يقال: قطعت بكذا إذا تحققته، وانقطعت في حاجتي إذا كنت مشغولاً بها غير معرِّج على غيرها.
(فأدَّى): ما أرسل به من الشرائع والأحكام.
(أميناً): عليه، من غير زيادة فيه ولا تحريف ولا تبديل.
(ومضى): انقضى عمره.
(رشيداً): إما مرشداً لغيره هادياً له، وإما راشداً في أفعاله.
(وخلَّف فينا راية الحق): أراد القرآن.
(من تقدَّمها): خارج عنها غير معرِّج عليها.
(مرق): خرج، ومنه مرق السهم من الرمية إذا خرج من بطنها.
(ومن تخلَّف عنها): نكص عن اتباع أحكامها.
(زهق): إما اضمحل من قولهم: زهق الباطل إذا اضمحل، وإما جاوز الحد، من قولهم: زهق السهم إذا جاوز الهدف.
(ومن لزمها): لازمهاولم ينفك عنها.
(لحق): بالنجاة وكان متقدماً فيها.
(دليلها): أراد به الرسول عليه السلام فإنه الدالُّ على كون القرآن من جهة الله تعالى، ولا دليل لنا علىذلك سوى كلامه وخبره، ولولا ذلك لكنّا نجوِّز أنّ القرآن من جهته عليه السلام؛ لأنه كلام، والكلام مقدور للبشر.
(مكيث الكلام): كثير الأناة في الكلام والتؤدة، لا ينطق إلا بالحكمة، قليل البطش والانزعاج.
(بطيء القيام): أراد أنه إذا قعد لتعليم معالم الدين لم يقم على العجلة والفشل من غير إتمام لما هو فيه من التعليم للخلق وإرشادهم.
(سريع إذا قام): أراد أنه إذا قام فهو نشيط في قيامه خفيف في حركته ليس متثاقلاً بعد فراغه مما هو فيه.
(فإذا أنتم ألنتم له رقابكم): أراد ها هنا بلين الرقاب إسراعهم إلى أمره وامتثالهم لما يقوله، كما كان ليٌ الرؤوس عبارة عن التكبر والمخالفة، كما قال تعالى: {لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ }[المنافقون:5] وهو مجاز رشيق واستعارة بديعة.
(وأشرتم إليه بأصابعكم): من بين سائر الخلائق وقلتم هذا هو.
(جاءه الموت فذهب به): لما استكمل عمره وبلَّغ ما أرسل به.
(فلبثتم بعده ما شاء الله): من الأوقات والأزمنة.
(حتى يطلع عليكم ): يشرف عليكم، من اطلع على القوم إذا أشرف عليهم.
(من يجمعكم): بعد التفرّق.
(ويضم شملكم): بعد التشتت، وفي نسخة أخرى: (يَضُمُّ نَشْرَكُم): أي ما انتشر من أمركم، ويحتمل أن يريد بهذا الكلام نفسه؛ لأن هذا هو حاله بعد وفاة الرسول عليه السلام في ضمِّ النشر ، وجمع المتفرّق، ويحتمل أن يريد بعض أولاده، وأن هذا سيكون بعده، فيطابق ما روي عن الرسول عليه السلام: ((أنه سيظهر من أولاده من يملاء العالم عدلاً ، ويقهر الظالمين، ويهلك القاسطين)) .
(فلا تطمعوا في غير مقبل): أي لا تطلبوا الخير إلا ممن كان مقبلاً من أولادي على اتباع الحق، عالماً مقيماً للطاعة، متمسكاً بحبل الديانة.
(ولا تيأسوا من مدبر): فمن زلَّ منهم عن سنن الهدى وارتكب المعاصي فإنه سيدَّاركه الله بالتوبة والإنابة .
(فإن المدبر عسى أن تزل إحدى قائمتيه): رجْليه لأنه يقوم عليهما.
(وتثبت الأخرى): على الطريقة المرضية.
(فترجعا حتى تثبتا جميعا): وفي هذا دلالة على حسن الرعاية لهم من الله واللطف لهم من جهته، وفي الحديث عن الرسول عليه السلام: ((سألت الله لكم يا بني عبد المطلب جوداً ومجداً ، سألت الله يا بني عبد المطلب أن يُثَبِّت قائمكم، ويَرْشُد ضالكم)) .
(ألا إن مثل آل محمد [صلى الله عليه وآله] كمثل نجوم السماء): إنما مثَّلهم بالنجوم لأمور ثلاثة:
أما أولاً: فلأنَّه يهتدى بهم في أحكام الدين كما يهتدى بالنجوم في البحار والقبلة.
وأما ثانياً: فلأنَّهم أمان لأهل الأرض كما أنَّ النجوم أمان لأهل السماء، كما جاء في حديث عن الرسول عليه السلام .
وأما ثالثاً: فلأنَّ الله تعالى شرَّفهم ورفع مراتبهم كما شرَّف النجوم ورفع مكانها فلهذا شبههم بالنجوم.
(إذا خوى نجم طلع نجم): خوى أي سقط، وهذا التشبيه الذي ذكره تشبيه مركب، وأراد أن مثل آل محمد في الأرض كمثل النجوم في السماء، ونظيره قول ذي الرمة:
وكأنَّ أجْرامَ السَّماءِ تواقعاً ... دُرَرٌ نُثِرْنَ على بِسَاطٍ أَزْرَقِ
وهو من محاسن التشبيه وغرائبه.
(فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم ما كنتم تأملون): من اطلاع من ذكره من أهل البيت، ممن يجمع الله به الشمل، ويضمّ به الشَّعَثَ، ويصنع الله به الأمر كله.
(96) ومن خطبة له عليه السلام مشتملة على ذكر الملاحم
(الحمد لله الأول قبل كل أول): الذي ثبتت له حقيقة الأولية فلا تعقل أولية قبله.
(والآخربعد كل آخر): وهو الآخر الذي تثبت له معقول الآخرية فلا تعقل آخرية بعده.
(بأوليته وجب أن لا أول له): أراد من أجل أن أوليته بلا نهاية ولا بداية لها ولا غاية وجب بحكم العقل أن لايكون له أول يشارإليه.
(وبآخريته وجب أن لا آخر له): ومن أجل أن آخريته بلا غاية وجب ببرهان العقل أن لا يكون له آخر يشار إليه، وكيف يمكن تحديد أوليته وآخريته، وقد دل البرهان العقلي على فقد التناهي فيهما.
(وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة): انتصابه على المصدرية المؤكدة.
(يوافق فيها السرُّ الإعلان): السرُّ: ما يُسَرُّ في النفوس، وتشتمل عليه جوانح الأفئدة، والإعلان: ما يظهر على الجوارح من الأعمال المطابقة لذلك.
(والقلب اللسان): أي ويطابق اعتقاد القلوب من التوحيد وانشراح الصدوربه ما يظهر على الألسنة من الإقرار منه.
(أيها الناس): خطاب عام.
(لا يجرمنَّكم): يكسبنكم، وهو يتعدى إلى مفعولين في قوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ }[هود:89] وقد حذف ها هنا أحد مفعوليه، وتقديره لا يجرمنَّكم شقاقي أن تخالفوني.
(شقاقي): مشاقتكم إياي، وأصله من الشقِّ وهو: الانفصال؛ لأن المشاقَّة نقيض الملاءمة.
(ولا يستهوينَّكم عصياني): استهواه الشيطان إذا استهامه، والهيام: ضرب من الجنون، والمعاصاة هي: المخالفة.
(ولا تتراموا بالأبصار): رمى ببصره إذا حدق إليه، حيرة في أمركم وفشلاً وجزعاً.
(عندما تسمعونه مني): وقت سماعكم لكلامي ومواعظي وما آمركم به من صلاحكم.
(فوالذي فلق الحبة): إما خلقها، وإما شقَّها بنصفين، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى }[الأنعام:95].
(وبرأ النَّسمة): وخلق الإنسان، وهذان الأمران لايقد رعليهما إلا الله، فلهذا كان القسم بهما؛ لأن القسم إنما يكون بالذات أو بالصفات الذاتية أو بصفات الأفعال كالخالق.
(إن الذي أنبأتكم به): أخبرتكم به وأبلغتكم إياه.
(عن النبي صلى الله عليه وآله): أخذته عن الرسول، وأقرَّه في قلبي من جميع ما أمرتكم به ونهيتكم عنه.
(ما كذب المبلِّغ): في كل ما نقله وأبلغه.
(ولا جهل السامع): فيحرِّف ويبدِّل، وأراد نفسه في ذلك كله، أي أنه بريء من الكذب والجهل فيما رواه وحكاه عن صاحب الشريعة، أو أخبر به عن العلوم الغيبية.
(لكأني أنظر إلى ضليِّل قد نعق بالشام): الضلِّيل مبالغة وهو: كثير الضلالة كالشريب والضحيك لمن يكثر ذلك منه، والنعيق: تصويت للبهائم.
(وفحص براياته في ضواحي كوفان): فحص برجله التراب أي أثاره، وفي الحديث: ((من بنى مسجداً ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له قصراً في الجنة )) ، وضواحي البلد: ظواهره، وأراد أنه نصب راياته ومكَّنها في الأرض.
(فإذا فغرت فاغرته): فغر فاه إذا فتحه، وأراد ملأت فتنته الأرض
(واشتدت شكيمته): الشكيمة في اللجام هي: الحلقة التي فيها فأسه، وأراد استفحل أمره وعظم .
(وثقلت في الأرض وطأته): لتمكنه في الأرض واستطالته فيها .
(عضت الفتنة أبناءها بأنيابها): كنا ية عن شدة الأ مر وتفا قمه، ولهذا يرى الإنسان لايفعله إلا عند شدة الغضب وقوته، ويقال: فلان يعضض شفتيه إذا غضب .
(وماجت الحرب بأمواجها): أي اضطربت من أجل الأ مواج وهي الفتن التي فيها.
(وبدا من الأيام كُلُوحُها): الكُلُوح: تكشير في الشفة مع عبوس.
(ومن الليالي كُدُوحها): الكُدوحُ: آثار في الوجه وهو أكثر من الخدش، وفي الحديث: ((المسألة كدوح وخدوش في وجه صاحبها )) وأراد وظهر من الأ يام والليالي مكروهاتها وفجائعها من ذلك.
(فإذا ينع زرعه): استحكم وبلغ الحصاد.
(وقام على ينعه ): واستقام ساقه على نضاجه.
(وهدرت شقاشقه): الشقشقة قد فسرناها، وأراد عظم خطبه وغضبه؛ لأن الجمل لا يخرج شقشقته إلا عند هيجه وشدة أمره.
(وبرقت بوارقه): لاحت مخايل الضلال والفتنة فيه.
(عقدت رايات الفتن المعضلة): أعضل الأمر إذا اشتدَّ وتقوَّى.
(وأقبلن كالليل المظلم): الذي لايهتدى فيه لإبصار شيء.
(والبحر الملتطم): بالأمواج من جانب إلى جانب. وعندي أنه أراد بذلك ما يكون في آخر الزمان من فتنة الدجال التي كان الرسول عليه السلام تعوذ منها في دعائه بقوله: ((وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، ومن غلبة الدين وقهرالرجال)) ويدل عليه آخر كلامه.
(هذا): وهي كلمة فصيحة تستعمل بين جملتين يشار بها إلى جملة متقدمة من أجل تحقيقها، كقوله تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ }[ص:49]، وقوله: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ }[ص:55] ومعناها هذا على ما قررته.
(وكم يخرق الكوفة من قاصف): وهي: الريح الشديدة؛ لأنها تقصف الأشجار أي تكسرها، ولهذا قال فيها: يخرق الكوفة.
(ويمر عليها من عاصف!): وهي الريح التي تعصف الأشجار أي تميلها من جانب إلى جانب.
(وعن قليل تلتف القرون بالقرون ): يجمع الله الأولين من الخلق والآخرين، أراد على إثرذلك.
(ويُحْصَدُ القائم): من الزرع، استعارة لموت من كان باقياً من الخلق.
(ويحطم المحصود!): يدقُّ ما حصد من الزرع، وأراد ويفنى من كان ميتاً ويتفتت بالتراب .
(وذلك يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين): من سلف من أول الخلق إلى آخرهم.
(لنقاش الحساب): التحفظ فيه والاستقصاء، ومنه الحديث: ((من نُوْقِشَ الْحسابُ عُذّب )) .
(وجزاء الأعمال): من خيرها وشرها.
(قياماً خضوعاً): حالان من قوله: الأولين والآخرين، والخضوع هو: الذلة، وإنما كانوا قياماً؛ لأن القعود موضع استراحة.
(قد ألجمهم العرق): بلغ إلى أفواههم فصار ملجماً لهم عن التكلم.
(ورجفت بهم الأرض): أي تحركت تحركاً شديداً هائلاً، كما قال الله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ }[النازعات:6].
(فأحسنهم حالاً): فأسهلهم وأخفهم.
(من وجد لقدمه موضعاً): يضعه فيه من شدة الازدحام.
(ولنفسه متسعاً): ينفذ فيه من شدة الكظم.
(فتن كقطع الليل المظلم): إنما مثلت الفتن بقطع الليل المظلم لخلوها عن نور الهداية والأدلة الواضحة لما يلحق القلوب فيها من الغم كما يلحقها بسبب الظلمة.
(لا تقوم لها قائمة): أي حجة واضحة.
(ولا تُرَدُّ لها راية): لعظمها، فلا يقدر أحد على دفعها لقوة أمرها.
(تأتيكم مزمومة مرحولة): ترد عليكم مستعدة أمورها، آخذة أهبتها، محزومة بزمامها، مجعولاًعليها رحالها لتمهيد الركوب عليها.
(يحفزها قائدها): يعجلها من يقودها.
(ويجهدها راكبها): ويتعبها بالاحتثاث من هو راكبها من الجهد وهو التعب، وأراد من هذا كله الإشارة إلى شدة هذه الفتنة وعظم حالها بما ذكر.
(أهلها قوم شديد كلبهم): االكَلَب بالفتح هو: التكالب على الخلق والتسلط عليهم بالشدائد.
(قليل سَلَبُهُمْ): يعني أنه لا يوجد فيهم وفر ولا هم أهله.
(يجاهدهم في الله): أي في سبيله وابتغاء وجهه.
(قوم أذلة عند المتكبرين): أراد أنهم يخالهم المتكبرون أذلة بالإضافة إليهم.
(في الأرض مجهولون): لتواضعهم وخمولهم.
(وفي السماء معروفون): لعلوهم وشرفهم عند الله تعالى، وأظن أن مراده بما ذكر هو المهدي وأصحابه فإنه هو الذي يقتل الدجال هو وأصحابه، وصفتهم عند الله كما ذكر.
(فويل لك يا بصرة ): الويل: كلمة دعاء، وقد قدمنا ذكر حكمه في الإعراب.
(من جيش من نقم الله!): من عقوباته.
(لا رهج فيه): الرهج: الغبار.
(ولا حس له): الحس: الصوت الخفي.
(وسيبتلىأهلك بالموت الأحمر): إنما يوصف بالحمرة لشدته، ومنه الحديث: ((كنَّا إذا أحمر البأس اتقينا برسول الله )) معناه اشتد الأمر.
(والجوع الأغبر!): الشديد الوقع، وقولهم: اغبرت السماء إذا اشتد وقعها.