(في لجة تياره): معظم تغيره وشدة موجه، وسمي الموج تياراً؛ لأنه يحصل تارة بعد تارة.
(وردَّت من نخوة بأوه واعتلائه): النخوة: العظمة ، والبأو: الكبر، والاعتلاء هو: العلو، وفي نسخة أخرى: (وغلوائه): بغين منقوطة وهو العلو أيضاً، ومفعول ردت فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون محذوفاً، ويكون تقديره: وردت من نخوة بأوه ما كان سيوجد لولاها.
وثانيهما: أن يكون مفعوله هو الجار والمجرور، ومن دالة على التبعيض أي وردت بعض ما كان من ذلك.
(وشموخ أنفه وسمو غلوائه): شموخ الأنف كناية عن التكبر، والغلو هو: العلو، وأراد وارتفاع صوته.
(وكعمته): شدت على فِيْهِ.
(على كظة جريته): الكظة هي: الامتلاء في البطن، وأراد أنها سكنته على شدة حركته وجريانه.
(فهمد بعد نزقاته): فسكن بعد طيشه وخفة حركته، والنزقات بالقاف هو: السرعة في الحركة.
(وبعد زيفان وثباته): زاف يزيف أي تبختر واختال، وأراد بعد تبختره في وثبه ونزوانه.
(فلما سكن هيج الماء): وثبه وتدافعه .
(من تحت أكنافها): جوانبها.
(وحمل شواهق الجبال): الشاهق: ما ارتفع من الجبال.
(البذَّخ) : الراسخة أصولها في الأرض.
(فجَّر ينابيع العيون): الينبوع واحد الينابيع، وهي: الأنهار الجارية.
(من عرانين أنوفها): عرنين كل شيء: أوله، وعرنين الأنف: تحت مجتمع الحاجبين، وأراد أنه أظهر هذه العيون من المواضع المرتفعة من الأرض.
(وفرقها في سهوب بيدها): السهب: الفلاة من الأرض، والبيد: جمع بيداء كحمراء وحمر وهي: الأرض المتسعة.
(وأخاديدها): جمع أخدود وهي: الأودية والشعوب.
(وعدَّل حركاتها): أقام الأرض عن الاضطراب.
(بالراسيات من جلاميدها): وهي الجبال، والجلاميد: واحدها جلمود وهي: الصخرة العظيمة.

(وذوات الشمِّ الشناخيب من صياخيدها): الشمم هو: الارتفاع، والشم جمع أشم، والشناخيب: واحدها شنخوب وهي: رؤو س الجبال، والصياخيد هي: الشديدة الصلبة، واحدها صيخود.
(فسكنت من الْمَيَدَان): من الحركة والاضطراب.
(برسوب الجبال): رسب في الماء إذا انغمس فيه، وأراد بانغماسها.
(في قطع أديمها): جوانبها وأركانها، وأديم الأرض: ظاهرها.
(وتغلغلها): أراد الأنهار، والضمير لها أي تخلخلها في الشجر.
(متسربة في جوبات خياشيمها): منصبة في فرجها، الجوبة بالجيم: الفرجة من الأرض، والخياشيم: ما ارتفع منها، وشبه نفوذ الماء في الأرض بما يقطر في الأنف فيذهب [في] الخياشيم متغلغلاً فيها مايعاً بينها.
(وركوبها أعناق سهول الأرضين): ما ارتفع من الأراضي، والضمير للأنهار.
(وجراثيمها): وأصولها، وجرثوم كل شيء: أصله.
(وفسح بين الجو وبينها): أراد أن الجو جعله واسطة بين السماء والأرض، وهو الفتق الذي أشار إليه تعالى بقوله: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا }[الأنبياء:30] بتوسط الجو بينهما.
(وأعدَّ الهواء): هيَّأه وسواه.
(متنسماً لساكنها): من الحيوانات، فإنه لولا هذا الجو لم يكن للأرواح بقاء، ولهذا فإن الحيوان متى غم نفسه ومنع عن التنفس بطلت حياته وذهبت.
(فأخرج إليها أهلها): من كان مخلوقاً فيها من الملائكة والجن وبني آدم.
(على تمام مرافقها ): إكمال منافعها التي هم يحتاجونها ولا بد لهم منها، ليكمل الغرض بخلقهم بالتمكين مما كلفوه، وعلى في موضع نصب على الحال أي وأخرجهم مستوية له المنافع مكملة.
(ثم لم يدع جرز الأرض): وهي التي لا نبات فيها.

(الت‍ي تقصر مياه العيون عن روابيها): ما كان مرتفعاً منها، لا تناله العيون والأنهار لارتفاعه عما يصلحه من سقيها.
(ولا تجد جداول الأرض ذريعة إلى بلوغها): الجداول هي: الأنهار الصغار، والعيون: ما كبر منها، أي لاتجد سبيلاً لارتفاعها وعلوها إلى أن تكون متصلة بها.
(حتى أنشأ لها ناشئة سحاب): خلق لها وابتدأ من أجلها، والناشئة: المرتفع من السحاب، وقوله: أنشأ مع قوله ناشئة من أنواع البديع الملقب بالاشتقاق، كقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ }[الروم:43] والبدعة شرك الشرك.
(تحيي مُوَاتَها): تنبت شجرها المنبث باليبس.
(وتستخرج نباتها): ما كان حاصلاً في بطن الأرض فإنه لا يخرج إلا بالمطر.
(ألّف غمامها): جمعه من جهات متفرقة، والضمير للناشئة.
(بعد افتراق لمعه): اللمع: القطع من السحاب المتفرقة.
(وتباين قزعه): القزعة: قطعة من السحاب رقيقة، أي جمع من السحاب ما كان منه غليظاً ورقيقاً.
(حتى إذا تمخضت): تحركت واضطربت، ومنه تمخض الجنين في الرحم وهو اضطرابه.
(لجة المزن فيه ): ماء السحاب العظيم المتراكم.
(والتمع برقه): ظهر سناه ونوره.
(في كففه): قطعه المستديرة، والكفة تطلق على ما كان مستديراً نحو كفة الميزان وغيره.
(ولم ينم وميضه): نما السعر إذا ارتفع وعلا، والوميض: لمعان البرق الخفي.
(في كَنَهْورِ ربابه): الكنهور: السحاب المتراكم، والرباب: السحاب الأبيض، وأراد أن البرق لم يكن لمعانه يميناً وشمالاً؛ لأنه إذا لمع واعترض في جوانب السحاب فهو الحفو وهو أمارة ضعف المطر، وإذا استطال في وسط السحاب وشقه فهو العقيقة، وهو أمارة على جود المطر وغزراة مائه.
(ومتراكم سحابه): الغليظ منه الأسود.

(أرسله سحاً): الضمير للماء، سحاً: متوالياً دفعة بعد دفعة.
(متداركاً ): متصلاً لا يقلع.
(قد أسَّف هيدبه): أسف الطائر إذا دنا من الأرض، والهيدب: شآبيب المطر التي كأنها خيوطه متصلة من السماء إلى الأرض.
(تمريه الجنوب): أَمرْت الناقة إذا در لبنها، والجنوب هي: الريح التي تهب من مطلع سهيل.
(دِرَرَ أهاضيبه): الدرر: جمع درة، وهي: عبارة عن كثرة المطر، والأهاضيب جمع أهضاب جمع هضب، وهي: عبارة عن تدارك القطر [بعد القطر] ، وانتصابه على البدل من الضمير في تمريه السحاب، أو مفعول لفعل محذوف تقديره: ويرسل درر أهاضيبه.
(ودفع شآبيبه): الدُّفعة بالضم مثل الدُّفقة، والشآبيب: جمع شئبوب، وهو ما يكون مثل الخيط الممدود من المطر.
(فلما ألقت السحاب برْكَ بوانيها): البرك: الصدر، والبواني هي: عظام الصدر، جعل للسحابة صدراً وعظاماً، كما جعل امرؤ القيس في الليل صلباً وكلكلا ًفي قوله:
فقلتُ له لما تَمَطّى بِصُلبِهِ
وأردفَ أعجازاً وَنَاءَ بِكَلْكَلِ
استعارة عجيبة.
(وبَعَاع ما استقلت به ): البعاع: الثقل، قال امرؤ القيس:
فألقى بِصحراء الغبيط بَعَاعَه
أي ثقل ما أقلته.
(من العبء المحمول عليها): العبء هو: الحمل، وأراد ما أقلت من الماء المحمول عليها.
(أخرج به من هوامد الأرض): صحاري الأراضي التي لا نبات فيها.
(النبات): وهو عبارة عن جميع ما تشققت عنه الأرض.
(ومن زعرالجبال): أماكنها التي لا نبات فيها.
(الأعشاب): وهو عبارة عن جميع الحشائش مما تأكله الأنعام.
(فهي تبتهج ): البهج هو: الحسن والنضارة، قال الشاعر:
كان الشباب ردآءً قد بَهِجْتُ به
فقد تطاير مني للبلى خِرَقُ

(بزينة رياضها): بما يحصل في متونها من الحسن بسبب الخضرة.
(ويزدهي ): يتكبر ويفخر.
(بما ألبسته): الأرض وأعشب إياه.
(من ريط أزاهيرها ): الرِّيْطُ جمع رَيْطَة وهي: الملاءة، قال:
درس الجديد جديد مَعْهَدِها
فكأنَّما هي رَيْطَةُ جَرْدُ
والأزاهير جمع لأزهار جمع زهر.
(وحلية ما سمطت به): خلطت.
(من نواظر أنوارها): الأنوار جمع نَوْرِ وهو: زهر الشجر.
(وجعل ذلك): الإشارة إلى ما تقدم ذكره مما تخرجه الأرض.
(بلاغاً للأنام): رزقاً يبلغهم إلى ما أرادهم له من العبادة وتستقيم أحوالهم معه.
(ورزقاً للأنعام): وقوتاً للمواشي وسائر الحيوانات، وإنما خص الأنام بالبلاغ، وجعل الرزق في حق الأنعام، وكل واحد منهما رزق إشارة إلى أن غرض الله تعالى ومراده بإعطائهم أعني بني آدم الرزق، إنما هو من أجل أن يبلغوا به إلىعبادته ويكون وصلة لهم إليها.
(وخرق الفجاج في آفاقها): سلك الطرق في جوانبها لطلب المنافع وسائر الا رتفاقات.
(وأقام المنار للسالكين على جواد طرقها): أعلام الطرق، وهو: ما يهتدى به إليها من الجبال والروابي والآكام، وغير ذلك مما يكون هداية إلى الطرقات، ودليلاً عليها، كما جعل النجوم في البحر أمارة لها.
(فلما مهد أرضه): بما جعل فيها من المنافع والأرزاق والخيرات لمن فيها.
(وأنفذ أمره): أمضاه وقدره بما يريده من خلق هذه العوالم كلها، ولما سبق في علمه من ذلك.
(اختار آدم): اصطفاه.
(خيرة من خلقه): الخيرة بسكون الياء الاسم من خار الله له خيرة، وبتحريكها الاسم من اختار الله، وكلاهما حاصل في حقه عليه السلام، والرواية بهما جميعاً.
(وجعله أول جِبلَّته): خليقته من بني آدم؛ لأن قبله قد كان غيره من الملائكة والجن.

(وأسكنه جنته): كما قال تعالى: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ }[الأعراف:19].
(وأرغد فيها أكله): هنَّأه، كما قال تعالى: {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا }[البقرة:35].
(وأوعز إليه): أي قدم.
(فيما نهاه عنه): كما قال: {وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ }[البقرة:35].
(وأعلمه أن في الإقدام عليه): الضمير في عليه لما نهاه عنه من أكل الشجرة.
(التعرض لمعصيته): بالوقوع فيها.
(والمخاطرة بمنزلته): المخاطرة: الإشراف على الهلاك، وهو ما يكون من ذهابها وزوالها.
(فأقدم على ما نهاه عنه): بأكل الشجرة التي نهي عن أكلها.
(موافاة لعلمه السابق ): لأن الله تعالى قد علم في سابق أزله أنه يأمره بدخول الجنة، وينهاه عن أكل الشجرة، وأنه يأكلها لا محالة، وما علم الله وجوده فلا بد من وقوعه، وليس العلم بأنه يأكلها موجباً لأكلها، كما تزعمه المجبرة، وإنما أكلها بمعصيته وسوء اختياره لنفسه، وانقياده لإبليس واغتراره به، ولو كان العلم موجباً لمعلومه لبطل الأمر والنهي والمدح والذم، فتباً لهذه المذاهب ما أبعدها،وسحقاً لهذه الآراء، فما أسخفها!.
(فأهبطه بعد التوبة): أراد فأخرجه من الجنة مكافأة له على مخالفة ما نهي عنه، ثم تاب عليه رحمة من الله تعالى ولطفاً به، ثم أهبطه بعد ذلك إلى الدنيا.
(ليعمر أرضه بنسله): بأولاده الذين يخرجون من صلبه.
(وليقيم الحجة به على عباده): لأنه أهبطه بالنبوة والشريعة لمصالح الخلق وإزاحة عللهم كغيره من الأنبياء، وهو أولهم.
(ولم يخلهم بعد أن قبضه): يتركهم بعد موته.
(مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته): توحيده وكونه رباً تجب عبادته.

(ويصل بينهم وبين معرفته): أي ولتكون بعثة الأنبياء سبباً إلى الحث بالنظر في معرفته.
(بل يعاهدهم ): إضراب عن الترك، وإثبات التعهد، والتعهد هو: التحفظ على الشيء، وهو أفصح من التعاهد؛ لأنه لا يقع إلا بين اثنين.
(بالحجج على ألسنة الخيرة من أنبيائه): بالأدلة الواضحة والتنبيه عليها من جهة الأنبياء الذين اختارهم الله تعالى لإبلاغ ذلك وإيصاله.
(ومتحملي ودائع رسالاته): والمؤتمنين على العلوم الغيبية التي أودعوا إياها.
(قرناً فقرناً): أي ما من قرن إلا ويُبعَثُ فيهم نبي من الأنبياء من أجل صلاحهم .
(حتى تمت بنبينا محمد صلى الله عليه وآله حجته): فختم به الرسالة، وجعله حجة على من بعث إليه كغيره من الأنبياء.
(وبلغ للقطع عذره ونذره): وبلغ غاية الأمر وقصاراه ما كان من جهة الله تعالى على لسانه من الإعذار بالحجج والإنذار للعقوبات الأخروية.
(وقدَّر الأرزاق): على ما يعلم من المصلحة.
(فكثّرها): لمن يعلم ذلك صلاحاً في حقه.
(وقللّها): لمن يعلم ذلك صلاحاً في حقه.
(على الضيق ): في بعضها.
(والسعة): في بعض آخر.
(فعدل فيها): فجعل ذلك عدلاً من جهته وحكمة بالغة.
(ليبتلي من أراد): ليختبر على حد إرادته في ذلك.
(بميسورها ومعسورها): الميسور والمعسور، إما صفتان على رأي سيبويه، وإما مصدران على رأي غيره، وكلاهما محتمل ها هنا.
(وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها): لأن صاحب اليسر يحتاج إلى الشكر على تمام نعمة الله تعالى، من إرخاء الرزق وإدراره عليه، وصاحب العسر يفتقر إلى الصبر على ما ابتلاه الله، من الحاجة وضر الفقر والمسكنة.
(ثم قرن بسعتها): ضم إلى السعة وألزمها.

(عقابيل فاقتها): آثار الفاقة، والعقبول: واحد العقابيل وهي آثار الشيء وبقاياه.
(وبسلامتها طوارق آفاتها): أراد أنه ألزم السعة بالفاقة والسلامة بالآفات.
(وبفرج أفراحها غصص أتراحها): الفرح: هو السرور، والترح: الغم، فهذه الأمور كلها متعاقبة بعضها في إثر بعض كما مر ذكره.
(وخلق الآجال فأطالها وقصرها): فإطالتها ببلوغ سن الهرم، وتقصيرها بلبث ساعة في الدنيا، ثم ما بين الأمرين أعمار مختلفة يعلمها علامها، ويقدرها محكمها.
(وقدّمها وأخرّها): فهذا يموت قبل هذا، وهذا يعيش بعد هذا.
سؤال؛ هل يمكن تفرقة بين الإطالة والتقصير، [وبين التقديم فيها والتأخير، أو يكون كلاماً مترادفاً] ؟
وجوابه؛ [نعم، فإن الإطالة والتقصير] بالإضافة إلى المدة نفسها، فمنهم من بلغ حد الهرم وبعضهم حد الشيخوخة، وحد الكهولة، وحد الطفولية، وأما التقديم والتأخير فهو بالإضافة إلى المعمرين أنفسهم، بتقديم بعضهم على بعض في الحياة والموت.
(ووصل بالموت أسبابها): وجعل منتهاها وغايتها، سواء طالت أو قصرت الموت.
(وجعله خالجاً لأشطانها): جاذباً لحبالها بالقطع، والأشطان: الحبال، قال عنترة :
كيفَ التَّقدّمُ والرماحُ كأنَّها
أَشْطَان بِئْرٍ في لَبانِ الأدْهَمِ
(وقاطعاً لمرائر أقرانها): المرير: الحبل الدقيق، والأقران: جمع قرن بفتح الراء وهو: الحبل الشديد الفتل.
وحين فرغ من الكلام في لطائف هذه المخلوقات، في القدرة وبديع خلق هذه المكونات ذكر دقيق علمه وكيفية إحاطته بكل المعلومات فقال:
(عالم السر من ضمائر المضمرين): فيه وجهان:
أحدهما: أن تكون (من) لبيان الجنس، ويكون المعنى أنه يعلم السرَّ الذي هو ضمائر المضمرين.

وثانيهما: أن تكون (من) للتبعيض، ويكون معناه عالم السرِّ وهو بعض ما أضمره المضمرون؛ لأن ما في ضميرك بعضه تجهربه للغير، وبعضه تسرُّه في نفسك، وهذا كقوله تعالى: {يَعْلَمُ السِّرَّ }[طه:7] وهو ما تسرُّ به على غيرك {وَأَخْفَى}، وهو ما تضمره في نفسك.
(ونجوى المتخافتين): والمخافتة التي فوقها جهر ودونها لايسمع، قال الشاعر:
أخاطب جهراً إذ لهنَّ تخافت
وشتان بين الجهر والمنطق الخفت
(وخواطر رجم الظنون): وبرجيم الخواطر بظنونها الكاذبة.
(وعُقَدِ عزائم اليقين): وما قطع به من العقود اليقينية العلمية، وإنما عبَّر عمَّا يتعلق بالظن بالرجم والخواطر، وعبَّر عمَّا يتعلق بالعلم بالعقد والعزيمة، لما كان الظن على شرف الزوال فيخطر في حالة دون حالة، ولما كان ما يعلم ثابت لا يتغير عبَّر عنه بالعقد والعزيمة؛ إلحاقاً لكل شيء بما يليق به، وهذا من عجائب كلامه ولطيف أسراره.
(ومسارق إيماض الجفون): يقال: أومضت المرأة إذا سارقت نظرها ، وفلان يسارق النظر إذا كان مرتقباً للغفلة فينظر في حالها.
(وما ضمنته أكنان القلوب): حُجَبُهَا وأستارها المتضمنة بها.
(وغيابات الغيوب): غيابة البئر: قعرها، وأراد بعيدات الغيوب وأقاصيها.
(وما أصغت لاستماعه مصائخ الأسماع): الإصغاء في السماع بمنزلة التحديق في رؤية العين، ومصائخ الأسماع: إصاخاتها ، قال أبو داود:
ويصيخ أحياناً كما استم ‍ ... ‍ع الْمُضِلُّ لصوتٍ ناشد
(ومصايف الذر): جمع مصيف.

(ومشاتي الهوام): جمع مشتى، وهما عبارتان عن زمن الصيف والشتاء، وإنما خص الذر بالمصايف لأنها لا تحتفل بالبرد، وإنما تهرب من الحر في أماكن مخصوصة حذراً على نفسها وعلى فساد أرزاقها من الحر، وأما سائر الهوام فتخاف من البرد فتفزع إلى المغارات والأمكنة الضيقة.
(ورجع الحنين من المولهات): وما ترجعه المولهة من البهائم وهي الثكلى شديدة الوجد بفقد ولدها من أصواتها من الحزن.
(وهمس الأقدام): أصواتها الخفية عند السير.
(ومنفسح الثمرة من ولائج غُلُف الأكمام): الوليجة: خلاصة الثمرة، والغلاف والكمام: وعاؤها التي هي فيه، ومنفسح الثمرة: انفصالها من كمامها.
(ومتقمع الوحش ): موضعه من القماع وهي: الأماكن المرتفعة.
(من غيران الجبال وأوديتها): وموضعه من المواضع المنخفضة كالمغارات والأجحرة.
(ومختبإ البعوض): موضع اختبائه.
(بين سُوْقِ الأشجار): جمع ساق.
(وألحيتها): بين أصل الشجرة وقشرها.
(ومغرز الأوراق): موضع اتصالها.
(بالأفنان): وهي الشماريخ وأعواد الشجر.
(ومحطِّ الأمشاج): وموضع قرار النطفة من الرجال والنساء.
(من مسارب الأصلاب): جمع مسرَبة بفتح الراء وضمها وهو: ما يوضع فيه، وأراد به النساء.
(وناشئة الغيوم): وهي السحائب.
(ومتلاحمها): ما اختلط بعضها ببعض.
(ودرور قطر السحاب ومتراكمها ): والمتفرِّق من قطر المطر والمجتمع منه.
(وما تَسْفِي الأعاصير): جمع إعصار وهي: الريح التي تثير الغبار وترتفع إلى السماء كالعمود.
(بِذُيُولها): شبَّه انسحابها على الأرض بالذيل المبسوط.
(وتعفو الأمطار بسيولها ): تمحوه بجري السيول عليه.

50 / 194
ع
En
A+
A-