(فأحصاكم عدداً): فأحاط بكم في جميع أحوالكم عدة وحصراً، كما قال تعالى: {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا }[الجن:28].
(ووظف لكم أمداً ): وقدَّر لكم غاية تبلغونها، والوظيفة: ما يقدر للإنسان من كسوة ونفقة.
(في قرار خِبْرَة): موضع الاختبار وهي الدنيا.
(ودار عبرة): مكان الاعتبار.
(أنتم مختبرون فيها): أي ممتحنون بأنواع البلايا، وضروب المحن، أو مختبرون من يؤمن منكم ومن يكفر، كما قال تعالى : {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }[هود:7].
(ومحاسبون عليها):ش: على ما كان منكم فيها من الأعمال القبيحة، أو محاسبون على ما أوصل إليكم من النعم فيها.
(فإن الدنيا رَنقٌ مشربها): رنق الماء إذا تكدر، ومشرب الماء: الموضع الذي يؤخذ منه للاستقاء.
(رَدِغٌ مَشْرَعُهَا): ردغ الماء إذا تغير بالطين والوحل، وفي الحديث: ((من سقى صبياً لا يعلم خمراً سقاه الله من ردغة الخبال )) ومشرع الماء: مورده.
(مُوْنِقٌ مَنْظَرُهَا): معجبة نضارتها وحسنها لمن رءاها.
(مُوْبِقٌ مَخْبَرُهَا): مهلك خبرها، والمخبر هو: الخبر وهو: التجربة، يقال: خبرت هذا إذا جرَّبته.
(غُرُوْرٌ): كثيرة الخديعة والمكر بأهلها، ويغترون بها كثيراً، فالمبالغة حاصلة من غرورها ، وكثرة اغترار أهلها بها.
(حائِلٌ ): أي متقلبة بأهلها إلى حال بعد حال، من قولهم: حال يحول إذا انتقل من موضع إلى موضع.
(وضوء آفل): ونور بينا تراه حاصلاً إذا غاب، من قولهم: أفلت الشمس إذا غابت.
(وظل زائل): ذاهب.

(وسناد مائل): السناد: ما يستند إليه، والمائل هو: المعوج، وأراد أنها مائلة عن حد الاستقامة في أحوالها كلها، واستعاره من السناد وهي: الناقة الشديدة الخلق، قال ذو الرمة :
جُمَالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ يُقلُّها
وَظِيْف أَزَجُّ الْخَطْوِ ظَمآنُ سَهْوَقُ
فهذه أوصاف الدنياكما ذكر تها فإنها تغر الإنسان وتخدعه.
(حتى إذا أنس نافرها): سكن خاطر من نفر عنها بخدعها.
(واطمأن ناكرها): انشرح صدر من أنكرها بمكرها به.
(قمصت بأرجلها): قمص الفرس قموصاً إذا رفع يديه ووضعهما جميعاً، وأراد أنها وثبت عليه على هذه الهيئة، وهو عبارة عن شدة حالها في التغير والزوال.
(وقنصت بأحبلها): وصادت بشركها، وهي: الحبال.
(وأقصدت بأسهمها): أقصد السهم إذا أصاب وقتل في مكانه.
سؤال؛ أراه جمع السهام والحبال جمع قلة، والغرض ها هنا هو التكثير والإعلام، بأن حبال الدنيا وسهامها في غاية الكثرة، فما وجه ذلك؟
وجوابه؛ هو أن الغرض التنبيه على عظم حالها في الخدع والتغرير بأهلها ، وأن سهامها وإن قلت فهي قاتلة، وأن حبالهاوإن قلت فهي قابضة مهلكة، فلذلك لا يقال له : قليل.
(وأعلقت المرء أرهاق المنية ): العلق: الهوى والمحبة ، قال:
ولقد أردتُ الصبرَ عنكِ فعاقَنِي
عَلَقٌ بقلبي من هواكِ قديمُ
والأرهاق جمع رهق وهو: الدنو، يقال: رهقت فلاناً أي دنوت منه، والمعنى أنها صارت ذا محبة وهوى بإدنائه من المنية، وتقريبه منها، ويجوز أن يريد بأعلقت أي تعلقت به ونشبت، من قولهم: علق الظبي بالحبالة إذا نشب فيها.
(قائدة له إلى ضنك المضجع): الضنك: الضيق، وأراد أنها بمنزلة من يقوده إلى ضيق ما يضطجع فيه وهو قبره آخذة له بزمامه.

(ووحشة المرجع): الوحشة: الهم والخلوة، وأراد ووحشة ما يرجع إليه وهو وضعه في لحده.
(ومعاينة المحل): وإبصار محله بالعين إما في جنة وإما في نار.
(وثواب العمل): وتقوده إلى تحقق ثواب العمل وعقابه.
(وكذلك): وعلى مثل هذه الحالة، والإشارة إلى ما تقدم ذكره من ذكر حال المنية وفعلها بالإنسان.
(الخلف يعقب السلف): السلف هم : الماضون، والخلف هم: الذين يتلونهم، و يكون حالهم في الموت والفناء.
(لا تقلع المنية اختراماً): أقلع السحاب إذا ذهب، والخرم: نقص الشيء وإفساده، وخرم أنفه إذا قطع وترتها، ونصب الا خترام إما على أنه مفعول له أي لا تقلع من أجل الا خترام، كقولك: ضربته تأديباً، أو مصدر في موضع الحال أي لا تقلع مخترمة لهم قاطعة لآجالهم.
(ولا يرعوي الباقون اجتراماً): ارعوى عن الشيء إذا كف عنه، وامتنع منه، وغرضه هو أن من بقي لا يمتنع عن المنية وإنما هو بصدد ملاقاتها ، والاجترام هو: الامتناع، وانتصابه إما مفعول له أي من أجل الا متناع، وإما مصدر في موضع الحال.
(يحتذون مثالاً): حذا الشيء واحتذاه إذا كان مقتدياً به، وأراد أنهم يقتدون على مثال من مضىمن أسلافهم في الموت والقبر وسائر الأهوال.
(ويمضون أرسالاً): من قولهم: مضى في أمره إذا استمر على فعله وكان مقبلاً عليه، وأرسالاً جماعة بعد جماعة، وفوجاً بعد فوج، من قولهم: جاءت الإبل أرسالاً أي قطعاً بعد قطع.
(إلى غاية الانتهاء): وهي التي قدّرها الله تعالى وعلمها من انقطاع التكليف، وبطلان نظام العالم.
(وصيُّور الفناء): صيُّور كل أمر: آخره الذي يصير إليه، وتؤول إليه حالته، ووزنه إما فيعول مثل صيهود، وإما فعُّول مثل سَفُّود ، والقصد فيه المبالغة في الصيرورة.

(حتى إذا تصرَّمت الأمور): صرم الشيء قطعه، وأراد به انقطاع التكاليف، وطي الدنيا، وإقبال الآخرة.
(وانقضت الدهور): فرغت وانقطعت أيامها.
(وأزف الحشر والنشور): أزف الأمر إذا قرب وقته، الحشر هو: سوق الناس إلى المحشر، والنشور: إما نشر الصحف ، وإما نشر الأجسام بعد طيها وتفرقها.
(أخرجهم): العالم بأجزائهم بعد تفريقها ، والقادر على ردها بعد ذهابها.
(من ضرائح القبور): جمع ضريح، وهو: الشق على جهة الا ستواء، واللحد: ما كان مائلاً عن السمت، وفي الحديث: ((اللحد لنا، والضرح لغيرنا )) بالضاد المنقوطة.
(وأوكار الطيور): أماكنها.
(وأوجرة السباع): جمع وجار بالجيم وهو: مستقرها.
(ومطارح المهالك): المطارح: جمع مطرح، والمهالك: جمع مهلكة، والغرض من هذا هو أن الله تعالى يجمعهم على حالتهم الأولى وإن تفرقوا في هذه الجهات المتفرقة، وطرحوا في المهالك البعيدة.
(سراعاً): أي مسرعين، وانتصابه على الحال من الهاء في أخرجهم .
(إلى أمره): إلى امتثال أمره حيث أمرهم بالخروج.
(مهطعين): أهطع الرجل إذا مد عنقه وصوب رأسه، قال الشاعر:
تَعَبَّدَنِي نِمْرُ بن سَعْدٍ وقد أُرَى
ونِمْرُ بن سَعْدٍ لي مُطِيعٌ ومُهْطِعُ
(إلى معاده): المعاد هو: موضع العود، كالمدخل موضع الدخول، وأراد إلى معاد الله الذي جعله لهم.
(رعيلاً): جماعة بعد جماعة.
(صموتاً): لا ينطقون، كما قال تعالى: {هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ }[المرسلات:35].
(قياماً): على أرجلهم، لا يثنونها للاستراحة.
(صفوفاً): صفاً بعد صف.
(ينفذهم البصر): لتقارب أطرافهم وتلاصقهم.
(ويسمعهم الداعي): لكثرة تزاحمهم.

(عليهم لَبوس الاستكانة): اللَّبوس: ما يلبس نحو القميص والقَبَاء، قال تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ }[الأنبياء:80] أراد الدرع، والاستكانة هي: المسكنة، ولبسها من باب الا ستعارة، كما قال تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ }[النحل:112].
(وضرع الاستسلام والذلة): الضرع والضراعة: الذل، والاستسلام: الانقياد.
(قد ضلت الحيل): بطلت وانقطعت من كل وجه فلا سبيل إلى استعمالها.
(وانقطع الأمل): إما ما كانوا يأملونه في الدنيا ويسوفونه، وإما ما كانوا يرجونه في الآخرة من خلاف ما هم عليه الآن من تحقق الأمور ويقينها .
(وهوت الأفئدة كاظمة): أراد هوت أفئدتهم أي ذهبت عقولهم من شدة الفزع، وكثرة القلق، كما قال تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ }[إبراهيم:43] أي لا عقول فيها، والكاظم: المغتاظ، أي تعطلت مغتاظة من شدة الأمر وفزعه.
(وخشعت الأصوات مهينمة): الهينمة: الصوت الخفي، وأراد أن الأصوات ضعيفة لذهاب القوى وزوالها.
(وألجم العرق): يحتمل أن يكون أرادبه قد بلغ أفواههم حتى ألجمها، كما ورد في الحديث: ((إن منهم من يلجمه العرق ، ومنهم من يبلغ به إلى كعبه، ومنهم إلى أنصاف ساقيه)) ، ويحتمل أن يكون جعله كناية عن شدة الخوف وكثرة الا نزعاج حتى يصير ملجماً لا يتكلم.
(وعظم الشَّفَقُ): أشفق الرجل إشفاقاً إذا خاف، والاسم منه الشفق.
(وانهلت المدامع): انهلَّ الشحم إذا ذاب، وانهلَّت السحابة إذا سكبت ماؤها، وأراد سكبت الأعين دموعها.
(واستكت المسامع ): أي صُمَّت من عظم ما تسمعه، وضاقت عن قبوله، قال النابغة :
أتاني أبيتَ اللعنَ أنَّك لُمْتَنِي
وتلك التي تَسْتَكُّ منها المسامعُ

(لزأرة الداعي): شدة صوته، ومنه زأرة الأسد نهيمه، وأسد مزأرٌ إذا كان شديد الصيحة.
(إلى فصل الخطاب): قطع الشجار فيما بين الخلق، وإزالة الخصومة.
(ومقايضة الجزاء): قاضت السن تقيض قيضاً إذا سقطت، وأراد سقوط الثواب بالعقاب وسقوط العقاب بالثواب، وهذه إشارة إلى ما يقوله المتكلمون من الإحباط والتكفير الحاصلين في الثواب والعقاب، فإذا دلت الأدلة على بطلان اجتماعهما فلا بد فيهمامن التساقط لا ستحالة استحقاقهما مجتمعين.
(ونكال العقاب، ونوال الثواب): خير الثواب وشر العقاب، وأضاف النكال إلى العقاب لاختصاصه به، وأضاف النوال إلى الثواب لاختصاصه به.
(عباد): أي من وصفناه بهذه الصفات هم عباد ملك الله تعالى، يتصرف فيهم كيف شاء .
(مخلوقون اقتداراً): موجودون بقدرة الله تعالى ومضافون إلى إبداعه.
(ومربوبون اقتساراً): الرب هو: المالك، وأراد أنهم مملوكون قسراً بغير رضاهم لذلك.
(ومقبوضون احتضاراً): قبضهم بزوال نفوسهم بآفات كثيرة، والاحتضار بالضاد المنقوطة هو: الإصابة بالسوء، ومنه قوله تعالى: {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ }[المؤمنون:98] ومنه لبن محتضرإذا كان متغيراً بآفة طرت عليه.
(ومضمنون أجداثاً): الجدث: القبر، وتضمينه إياه إيداعه فيه، قال تعالى: {مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }[يس:51].
(وكائنون رفاتاً): الرفات: المتحطم الهشيم، قال الله تعالى: {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا }[الإسراء:49] وأراد أنهم صائرون في قبورهم لتطاول الأزمنة، وطول المكث على هذه الصفة.

(ومبعثون أفراداً): أراد أنهم يحشرون كل واحد منهم وحده، لا يجمعهم جامع، {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }[عبس:37]، {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ }[الأنعام:94] والأفراد: جمع فرد.
(ومدينون جزاء): الدين: الجزاء والمكافأة، يقال: دانه يدينه أي جازاه، ويقال: كما تدين تدان، أي كما تجازي تجازى، ومنه قوله تعالى: {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ }[الصافات:53] أي مجزيون محاسبون، وجزاء مفعول له أي مدينون من أجل الجزاء.
(ومميزون حساباً): التمييز: رفع اللبس عن الأشياء، وأراد أنهم في حسابهم متميزون، منهم من يحاسب ومنهم من لايحاسب، ومن حوسب فتارة يحاسب حساباً يسيراً، ومرة حساباً عسيراً، وانتصاب حساباً على التمييز بعد الفاعل.
(قد أمهلوا): المهل: المدة،أي جعلت لهم مدة.
(في طلب المخرج): عمَّا كلفوا.
(وهدوا): بُيِّن لهم بالأدلة الواضحة من جهة العقل والنقل.
(سبيل المنهج): طريق الحق الذي ينتهجه من كان على الطريقة المحمودة.
(وعُمِّروا): ومدَّ لهم في أعمارهم.
(مهل المستعتب): المستعتب: الطالب للرضى، وأراد أنه قد نفس لهم في الآجال التي تمكنهم بها طلب الرضى لله تعالى واستعتابه فيما كلفهم إياه.
(وكشف لهم سُدَفُ الرِّيبِ): السُّدْفة: تطلق على الضوء والظلام، وهي من الأضداد، وهي ها هنا للظلام، وأراد وأوضحت لهم بالأدلة الواضحة ظلم الشكوك في زمن التكليف، وقول من قال: إنهم إذا عاينوا يوم القيامة ترتفع شكوكهم، لا وجه له ها هنا؛ لأن كلامه إنما هو في حكاية حالهم في الدنيا.
(وخُلُّوا): تركوا، من قولهم: خليته ورأيه أي تركته.

(لمضمار الجياد): المضمار: مدة تضمير الفرس للمسابقة، ويقال للموضع أيضاً، وتضمير الفرس هو أن تعلف حتى تسمن، ثم ترد إلى القوت أربعين يوماً، وأراد أن الدنيا ومدة العمر هي كا لمضمار ليستفد منها للآ خرة بالأعمال الصالحة، والمتاجر الرابحة.
(ورَوِّيَة الارتياد): وفكرة الطلب، من قولهم: ارتاده إذا طلبه.
(وأناة المقتبس المرتاد): الأناة هي: التأني في الأمور، وأراد وتأني المستفيد الطالب لما يصلحه في كل أموره، فهم قد فعل لهم هذه الأفعال، وصرفوا على هذه التصاريف.
(في مدة الأجل): في زمان الآجال الموقتة لهم .
(ومضطرب المهل): المضطرب: موضع الا ضطراب وزمانه، وأراد ها هنا المكان، والمعنى أنهم قد مكثوا في زمان الأجل، وموضع الإمهال لبطلان حجتهم، وفساد عللهم:{لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ }[النساء:165].
(فيا): حرف للنداء ومناداه محذوف، تقديره: فياقوم اعجبوا.
(لها أمثالاً): واللام متعلقة باعجبوا، ونصب أمثالاً على التمييز أي من أمثال.
(صائبة): مطابقة للصواب، موافقة للحق.
(ومواعظ): جمع موعظة.
(شافية): فيها الشفاء لأمراض القلوب المعتلة بالإعراض عن الآخرة.
(لو صادفت): المصادفة: الملاقاة .
(قلوباً زاكية): طاهرة نقية عن الشبهات.
(وأسماعاً واعية): وعى الشيء إذا حفظه، وأراد حافظة لما يُلْقَى إليها ويُقَرُّ في أسماعها.
(وآراءً عازمة): وخواطر لها آراء قاطعة من غير تردد فيما تعزم عليه.
(وألباباً): اللب: العقل.
(حازمة): إما بالجيم من جزم الشيء إذا قطعه، وإما بالحاء أي أخذها بالحزم في جميع أحوالها، وكلاهما جيد ها هنا.
(فا تقوا الله): راقبوه.

(تقية من سمع فخشع): مراقبة من سمع هذه المواعظ والوعيدات، فخشع لها: ذل وخضع.
(واقترف): خالط المعصية واكتسبها غروراًمن نفسه وجهلاً.
(فاعترف): بكونها معصية، وفزع إلى التوبة والإنابة منها.
(ووجل): أشفق وخاف من الله تعالى.
(فعمل): الأعمال الصالحة ليأمن من خوف العقاب ووجله.
(وحاذر): الوقوع من المهلكات.
(فبادر): سارع في العمل بمايصلحه وينجيه.
(وأيقن): بالمجازاة وتحقق أمر الآخرة.
(فأحسن): الخلاص من أهوالها.
(وعُبِّر): في سلوك طريق الحق.
(فاعتبر): بمن سلف قبله من الأمم الماضية، والقرون الخالية.
(وحذّر): من العقاب.
(فازدجر): بهذه الوعيدات، وامتنع من مواقعة القبائح.
(وأجاب): دعاء الحق لما دعاه.
(فأناب): فرجع عن الغي والضلال.
(وراجع): نفسه ما كان منها من المواقعة للمعاصي، والإقدام عليها.
(فتاب): عنها ورجع إلى الصلاح في حاله.
(واقتدى): بأهل الصلاح ومتَّبعي الحق.
(فاحتذى): على مثالهم ونسج على منوالهم.
(وأري): الحق والبصيرة.
(فرأى): فعمل بمقتضى الرؤية في ذلك.
(فأسرع طالباً): فجد في الإسراع لما يطلبه.
(ونجا هارباً): ونجا بسبب هربه.
(فأفاد ذخيرة): إما استفاد ذخيرة يذخرها لنفسه من الأعمال الصالحة، وذخيرة منصوب على المفعولية، وإما أفاد ذخيرة أي حسنت ذخيرته ، وانتصاب ذخيرة على هذا يكون تمييزاً بعد الفاعل.
(وأطاب سريرة): أي طابت سريرته، وَصَفَتْ عما يكدرها ويشينها.
(وعمَّر معاداً): يرجع إليه في الآخرة بما كان منه من فعل الخيرات.
(واستظهر زاداً): أحرزه وجعله وراء ظهره.
(ليوم رحيله): انتقاله من الدنيا إلى الآخرة.
(ووجه سبيله): وجهة طريقه وسمتها.
(وحال حاجته): وفي الحال التي يكون محتاجاً فيها.

(وموطن فاقته): ومكان فقره إلى ذلك واحتياجه إليه.
(وقدم أمامه): فعل الخير.
(لدار مقامه ): لمنزل الإقامة الذي لا ظعون عنه ولا رحيل.
(فاتقوا الله عباد الله): فخافوا الله معاشر من اتصف بالعبودية.
(جهة ما خلقكم له): الجهة هي: الوجه، وأراد اتقوا الله، واطلبوا وجه ما خلقكم من أجله، وهو العبادة، كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }[الذاريات:56] واجعلوها خالصة لوجهه من غير رياء فيها، ولا مشاركة لغيره.
(واحذروا منه كنه ما حذركم من نفسه): الكنه: نهاية الشيء، وأراد وخافوا من عقابه نهاية الأمر الذي خوفكم من جهة نفسه.
(واستحقوا منه): واطلبوا من عنده بفعل الطاعات.
(ما أعدَّ لكم): ما هيَّأ لكم من الكرامة، والدرجات العالية.
(للتنجز لصدق ميعاده): لأجل تصديق ما وعد به.
(والحذر من هول معاده): والزموا الحذر من فجائع ما أعدَّ لأعدائه في الآخرة.
(جعل لكم أسماعاً): حواس تسمعون بها المسموعات.
(لتعي ما عناها): لتحفظ ما أهمَّ بها، من عناه الأمر إذا همَّه، ووقع في نفسه.
(وأبصاراً): حواس تبصرون بها المبصرات.
(لتجلو عن عشاها): العشا: سوء البصر، وأراد لتكون متجلية عما يسوء بصرها، ومنه قولهم: ناقة عشواء إذا كانت سيئة البصر.
(وأشلاء): جمع شلو، وهو: العضو الواحد من أعضاء الإنسان، وفي الحديث: ((ائتني بشلوها الأيمن )).
(جامعة لأعصابها): العصب التي تربط بين المفاصل، وتلائم بينها، فالشلو مشتمل على العظام والأعصاب.
(ملائمة لأحنائها): الحنو بالكسر: واحد الأحناء، وهي الجوانب، وأراد أنها ملائمة جوانبها.

40 / 194
ع
En
A+
A-