(بإجماعهم على باطلهم): إتفاق كلمتهم على نصرة الباطل الذي أتوه.
(وتفرقكم عن حقكم): وتشتت آرائكم عن الحق الذي دعيتم إليه.
(ومعصيتكم إمامكم في الحق): وترككم طاعة إمامكم فيما يأمركم به من إتيان الحق وفعله.
(وطاعتهم إمامهم في الباطل): وانقيادهم لما يأمرهم إمامهم من إتيان الباطل وفعله.
(وبأدائهم الأمانة): وبإيصالهم الأمانة كل ما أئتمنهم عليه.
(إلى صاحبهم): من يقوم بأمرهم ويتولى تدبير حالهم.
(وخيانتكم): لي في كل ما أمنتكم عليه.
(وبصلاحهم في بلادهم): من ترك البغي والظلم، والاحتكام لأمر صاحبهم.
(وفسادكم): بالبغي والتظالم، ومخالفة أمري.
(فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بِعِلاقته): القعب: إناء من خشب له علاقة، ومراده أن مصداق مقالتي فيما قلته من هذه الصفات الذميمة أني لو أئتنمت أحدكم على شيء حقير لم يؤده على حاله، وخان فيه، والِعِلاقة بالكسر هي: ما يحمل به القوس والقدح، والعَلاقة بالفتح هي: علاقة الحب وعلاقة الخصومة، فالأول هو اسم، والثاني مصدر.
[(اللَّهُمَّ، إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني)]
(اللَّهُمَّ): أصله يا الله، لكن طرح حرف النداء، وعوضت الميم المشددة منه.
(أمث قلوبهم): بتفرقها وتشتت أمرها.
(كما يماث الملح في الماء): ماث الملح يميثه إذا فتَّته، وأذهب أجزاءه.
(والله لوددت ): تمنيت.
(أن يكون لي بكم): عوضكم وأنتم ألوف مؤلفة وعدد جم.
(ألف فارس): هذه العدة عوضاً عن تلك العدة.
(من بني فراس بن غنم ): قبيلة من قبائل العرب مختصون بالشجاعة وجودة الفروسية، ثم تمثَّل:
(هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أتاكَ مِنهمْ
فَوَارسُ مثلُ أَرْمِيةِ الْحَمِيْمِ)
ونذكر إعرابه، وموضع التمثيل:
أما إعرابه فاللام في هنالك للبعد كما في ذلك، والأرمية: جمع أرمى، وهو السحاب.
والحميم: المطر الذي يأتي في شدة الحر، والمراد بالسحاب: سحاب الصيف، لأنه يكون أكثر ملائمة لما أراد من حيث كان أشد جفولاً وأعظم حركة؛ لأنه لا ماء فيه فيثقل به؛ لأن ذلك إنما يكون في أيام الشتاء والربيع.
وأما موضع التمثيل: فأراد وصفهم بالسرعة إذا دعوا والإغاثة إذا استغيث بهم.
(26) ومن خطبة له عليه السلام
(إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله ): اصطفاه واختاره بما أيده من المعجزات.
(نذيراً للعالمين): بما أبلغه من الوعيد.
(وأميناً علىالتنزيل): فلا يكتم شيئاً منه، ولا يغيِّره بتحريف ولا تبديل.
(وأنتم معشر العرب): المعشر: جماعة الناس، والمعاشر هي: الجماعات، وانتصابه على الاختصاص، أي أخص معشر العرب.
(على شر دين): مقيمون علىعبادة الأوثان والأصنام، وهي شر الأديان لما فيها من تعظيم غير الله وعبادته.
(وفي شر دار): لا ظلال يظلكم إلا كهوف الجبال وأوراق الشجر.
(منيخون): من قولهم: أنخت الجمل فاستناخ، أي أبركته فبرك.
(بين حجارة خشن): غلاظ.
(وحيات صم): أي لاتسمع، يشير بذلك إلى أنهم أجلاف جفاة لا يسكنون إلا القفار، وموضع الوحش وأماكن الحشرات.
(تشربون الكدر): المتغير من الأمواه.
(وتأكلون الجشب): الجشب بالجيم هو: الطعام الغليظ، وقيل: هو الذي لا إدام معه، وسماعنا له بالجيم لاغير، ومنه الحديث: ((اخشوشبوا واجشوشبوا )) ، من قولهم: طعام خشبٌ بالباء إذا كان جرزاً، واجشوشبوا بالجيم من الجشب، وهو نقيض اللين.
(وتسفكون دماءكم): أراد إهراقها من غير حقها على غير وجهها.
(وتقطعون أرحامكم): لأن التواصل والتوادد إنما يكون بالإيمان ولا إيمان هناك، وأراد بقطع الأرحام عدم التوارث إذ كان لاميراث هناك [يومئذ] .
(الأصنام فيكم منصوبة): أراد الأحجار وغيرها مما لاحياة فيه ولا تمييز له بين أظهركم منصوبة للعبادة من جهتكم.
(والآثام بكم معصوبة): الآثام جمع إثم، وهو: الذنب، وأراد أن الذنوب ملتصقة بكم لتلبسكم ، بها، لازمة لكم لزوم العصابة.
(فنظرت): ففكرت في أمري، وتدبرت عاقبة حالي في الحرب والإقدام عليها.
(فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي): ناصراً إلا من يختص بي من أولادي وأقاربي وأرحامي.
(فضننت بهم): من الضنة وهي: البخل، وهي بالضاد، وظننت من التهمة وهو بالظاء، ولا وجه له ها هنا.
(عن الموت): عن أن أقاتل بهم فيقتلوا فتركت الحرب.
(وأغضيت على القذى): الإغضاء هو: إدناء الجفون على القذى وهو ما يؤذي العين، وهو كناية عن ترك الأمر على صعوبة ومشقة.
(وشربت على الشجا): الشجا: ما يعترض في الحلق من عود أو غيره، ومراده فشربت على مكابدة الشجا في حلقي.
(وصبرت على أخذ الكظم): يقال: أخذ بكظمه أي بمخرج نَفَسِه.
(وعلى أمرِّ من طعم العلقم): العلقم: شجر مر، ويقال أيضاً للحنظل، ولكل ما أمرَّ من الشجر: علقم.
(ولم يبايع): يريد عمرو بن العاص حين بايع لمعاوية.
(حتى شرط): إلا بشرط.
(أن يؤتيه على البيعة ثمناً قليلاً): من حطام الدنيا لايدوم في يده ولا يبقى هو له.
(فلا ظفرت يد المبايع، وخزيت أمانة المبتاع): المبايع يحتمل أن يكون اسم فاعل، وأن يكون اسم مفعول، وهكذا المتبايع فإنه صالح على لفظه بهما جميعاً، وسياق الكلام وارد على وجهين:
أحدهما: أن يكون وارداً على جهة الدعاء ، والمعنى فلا أظفر الله يد كل واحد منهما؛ لأن المبايعة مفاعلة فهي حاصلة منهما جميعاً، وأخزى الله أمانة كل واحد منهما أيضاً.
وثانيهما: أن يكون وارداً على جهة الإخبار، ويكون المعنىأن يد كل واحد منهما غير ظافرة بمرادها، لما في ذلك من بيع الآخرة بالدنيا، وأن أمانة كل واحد منهما خازية؛ لما في ذلك من البغي والإعانة على الفسوق بمخالفتي وشقاقي.
(فخذوا للحرب أهبتها): من السلاح والكراع.
(وأعدوا لها عدتها): من الصبر والشجاعة، واحتمالات المكاره.
(فقد شب لظاها ): حمى جمرها .
(وعلا سناها[واستشعروا الصبر، فإنه أدعى إلى النصر] ): وارتفع ضوؤها، والنار تستعار للحرب، لما فيها من الشدة والتوقد، قال الله تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ }[المائدة: 64].
وهذه الخطبة على تقارب أطرافها، قد اشتملت على فنون متفرقة وأنواع مختلفة، لا تناسب بينها، فبينا هو يتكلم في ذكر الرسول، إذ خرج إلى ذكر حال العرب قبل البعثة، إذ خرج إلى ذكر ضِنَته بأهله، إذ خرج إلى [ذكر] بيعة عمرو، إذ خرج إلى أُهْبة الحرب، وهذا كله يسمى الاستطراد، وهو في كلامه واقع كثيراً، وقد نبهنا عليه.
(27) ومن خطبة له عليه السلام في ذكر الجهاد
(أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة): أراد أنه نوع من أنواع التكاليف الشرعية، بل هو أشرفها وأعلاها وأعظمها أجراً يستحق عليه الدخول من أبواب الجنة، فتجوَّز فيه بأن جعله باباً للجنة لما ذكرناه، كما قال عليه السلام: ((الجنة تحت أقدام الأمهات )) و((الجنة تحت ظلال السيوف )) إشارة إلى ما قلناه.
(فتحه الله لخاصة أوليائه): لأهل القرب من محبته.
(وهو لباس التقوى): شعار الخائفين من الله.
(ودرع الله الحصينة): الواقية لكل من لبسها عن كل سوء، استعارة من درع الحديد.
(وجُنته الوثيقة): الجُنة بالضم: ما استترت به من سلاح أو غيره، ومنه الْمَجَنَّة لأنها تواري من فيها، ومراده من ذلك أنها هي الحصينة المغطّية لكل عيب.
(فمن تركه ): الضمير للجهاد.
(ألبسه الله ثوب الذل): استعارة له من لبس الثوب، كما قال [الله] تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ }[النحل: 112].
(وشمله البلاء): أراد استولى عليه، والبلاء مصدر بلاه الله، والبلية واحدة البلايا.
(ودُيِّث بالصغار والقماء ): [ذُلِّل] بالامتهان، والتحقير.
(وضُرِب على قلبه بالأسداد): ضرب أي جعل، من قولهم: ضرب بينهم الحجاب، ومنه قوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ }[الحديد: 13] الأسداد: جمع سدٍّ، وهو ما يجعل حاجزاً بين الشيئين، ومنه قوله تعالى: {عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا }[الكهف: 94] على قراءة الفتح.
وفي بعض النسخ: (على قلبه بالإسهاب) ، والإسهاب هو: فساد العقل، يقال فيه: أُسْهِبَ الرجل مبنياً على ما لم يسم فاعله إذا ذهب عقله.
(وأديل منه الحق ): هو من المداولة أي غلبه الحق، وانتصر عليه.
(وسيم الخسف): أولي النقص، وفلان رضي بالخسف أي بالانتقاص في أمره.
(ومنع النَصفُ): النصف هو: الاسم من الانتصاف، ومراده حيل بينه وبين الانتصاف.
(ألا وإني قد دعوتكم): ناديتكم وصرخت في آذانكم.
(إلى قتال هؤلاء القوم): معاوية وأحزابه من أهل الشام.
(ليلاً ونهاراً وسراً وإعلاناً): في جميع الأوقات من الليل والنهار، وعلى جميع الحالات في السر والإعلان.
(وقلت لكم:): أشرت عليكم.
(اغزوهم قبل أن يغزوكم): ابدأوهم بالوصول إلى بلادهم قبل أن يصلوا إلى بلادكم.
(فوالله ما غُزي قوم قط في عقر دارهم): قُصدوا إلى وسط دارهم، والعقر هو: وسط الدار، قط لاستغراق الأزمنة الماضية.
(إلا ذلوا): أصيبوا بالذل ورموا به إذ لا يرجى لهم فلاح بعد ذلك أصلاً.
(فتواكلتم): ووكل كل و احد منكم أمره إلى الآخر، ومنه قولهم : فلان وَكَلَة أي يكل أمره إلى غيره.
(وتخاذلتم): هذا يخذل هذا وهذا يخذل ذاك أي لايقوم على نصرته.
(حتى شُنَّت عليكم الغارات): شنُّ الغارات: إتيانها من جهات مختلفة، ومنه الحديث: ((أنَّ رسول الله شنَّ الغارات على بني المصطلق ))، أي وجهها عليهم من جهات شتى.
(وملكت عليكم الأقطار): استولي على النواحي من بلادكم وأطرافها.
(هذا أخو غامد قد وردت خيله الأنبار): أمير من أمراء معاوية، قد أغار علىالأنبار، وهي من أعمال أمير المؤمنين وأهل ولايته.
(وقتل حسان بن حسان): هو العامل على الأنبار فلما دخلوها قتلوه.
(وأزال خيلكم عن مسالحها): وأزال أخو غامد: أبعد خيلكم عن الثغور، والمراقب التي تحفظ الأقطار، يقال لها: مسالح.
(ولقد بلغني): وصل إليَّ العلم.
(بأن الواحد منهم كان يدخل على من في القرية من المسلمين كالمرأة المسلمة ومن أهل الذمة كا لمرأة المعاهدة فينتزع ): يأخذ بعنف وشدة.
(حِجْلَها): وهو الخلخال.
(وقُلبَها): وهو السوار في اليد.
(وقلائدها): وهو ما في الحلق من الحلي.
(ورِعاثَها): جمع رَعْثة، وهي: الأقراط في الأذن.
(ما تمتنع منه): بشوكة ولا قوة ولا تمتنع منه إلا.
(إلا بالاسترجاع): وهو أن تقول : إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
(والاسترحام): [و] هو طلب الرحمة ممن أخذها، وفعل بها هذه الأفاعيل.
(ثم انصرفوا وافرين): ثم من جهد البلاء أنهم فعلوا ما فعلوه، انصرفوا رجعوا إلى أوطانهم وافرين، إما ذوي وفر لما أ صابوه من الغنائم وأخذوه من بلاد المسلمين من نسائهم وأهل العهد بين أظهرهم، وإما وافرين ماخدش لأحد منهم جلد.
(ولا نالهم كَلْمٌ ): ولا أصابهم جرح.
(ولا أريق لهم دم): ولاجرح واحد منهم جرحاً فخرج منه دم.
(فلو أن امرأ مسلماً): فلو أن واحداً ممن تلحقه عزة الإسلام وأنفة الدين.
(مات من بعد هذا): انقطع روحه من بعد رؤية هذا وإبصاره.
(أسفاً ما كان به ملوماً): الأسف هو: شدة الحزن، لم يلحقه بالموت لؤم من أحد أي ذم.
(بل كان به جديراً): بل لايبعد الأمر فيه أن يكون حقيقاً، والجدير هو: الحقيق، من قولهم: فلان جدير بكذا أي حقيق به.
(فيا عجبا): إما يا عجبا، وإما يا عجباه أتعجب [عجباً وطرح فعله، ولم يذكر معه لاستغنائهم بالمصدر عنه، فلا يجوز أن يذكر معه، فلا تقول: عجبت عجباً، وإنما يقال: عجباً لا غير] .
(عجباً والله يميت القلب): لامتلاء الصدر منه.
(ويجلب الهمَّ): لتعذر الانتصار منه.
(من اجتماع هؤلاء): من لابتداء الغاية وهي متعلقة بعجباً، ولاعبرة بالفاصل لأنه نازل منزلة الفعل وقائم مقامه، ويجوز تعلقها بفعل مضمر، أي أعجب من اتفاق كلمة هؤلاء واجتماع آرائهم.
(على باطلهم): علىالباطل الذي اقترحوه من غير بينة، ولا قيام برهان عليه، وإنما أضافه إليهم لما لهم به من مزيد الاختصاص.
(وتفرقكم عن حقكم!): وتشتت كلمتكم عن حقكم الذي تدعون إليه وقامت عليه البراهين.
(فقبحاً): بعداً عن الخير.
(وترحاً): أي حزناً، وهما من المصادر التي أضمرت أفعالها فلا ينطق بها معها.
(لكم): لأفعالكم هذه.
(حين صرتم غرضاً يرمى): الغرض هو: الذي يقصده الرماة بالإصابة قرطاساً كان أو غيره، أراد أن القبح والترح متعلق بكم زمان كنتم على هذه الصفة.
(يغار عليكم): تقصدون إلى بلادكم وتعلوكم العساكر.
(ولا تُغِيُرون): [و] لا تفعلون مثل ما فعلوا بكم.
(وتُغْزَون): إلى عقر دوركم.
(ولا تَغْزُون): من غزاكم، أقل أحوالكم واحدة بواحدة فواحدة بواحدة قصاص .
(ويعصى الله): بمخالفة أمره، وارتكاب مناهيه، وظهور الجور في الأرض والفساد فيها.
(وترضون): بترك النكير بمجاهدة من أتى ذلك وتظهر مخالفتكم لي ونكوصكم عن امتثال أمري بما أقوله الآن.
(فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر): فإذا أوجبت عليكم قتلهم وقتالهم وجهادهم في أيام الصيف اعتذرتم[إلي] و:
(قلتم: هذه حَمَارّة القيظ): الحمارَّة بتشديد الراء هي: شدة الحر وأعظمه.
(أمهلنا): اجعل لنا مهلة.
(حتى يسبَّخ عنَّا الحر): بسين منقوطة بثلاث من أسفل، وبباء بواحدة من أسفل، وبخاء بواحدة من أعلى، والباء مضاعفة، وسبَّخ الحر إذا فتر.
(وإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الشتاء): التي يكثر بردها.
(قلتم: هذه صبارَّة القُرِِّ): معظم البرد، بصاد مهملة، والراء مشددة.
(أمهلنا): اجعل لنا مهلة غايتها.
(حتى ينسلخ عنَّا البرد): يزول ويقلع .
سؤال؛ لم قال في الحر: حتى يسبَّخ أي يفتر، وقال في البرد: حتى ينسلخ، وكل واحد منهما مانع على زعمهم في الاعتذار؟
وجوابه؛ هو أنه يحمل أن يكون البرد في بلادهم شديداً، وإذا كان الأمر كما قلناه فالغزو لا يمكن في أيام الشتاء، حتى ينسلخ البرد ويزول بالكلية، بخلاف الحر فإن قليله لا يمنع من الغزو وإنما يمنع كثيره، فلهذا قالوا: حتى يسبَّخ أي يفتر عنا الحر، فلهذا قال في البرد: [حتى] ينسلخ أي يزول، وفي الحرِّ [حتى] يسبَّخ أي يفتر، وإن لم يزل بالكلية.
(كل هذا): الإشارة إلى هذا الجنس من الاعتذار الذي لا يعذر صاحبه، يفعلونه.
(فراراً): أي من أجل الفرار، وانتصابه على المفعول له.
(من الحرِّ والقُرِّ ): القُر بضم القاف هو: البرد، فإذا كان هذا حالكم في الفرار من الحر والبرد مع سهولة الحال فيهما .
(فأنتم والله من السيف أفر): لألمه وشدة مقاساته.
(يا أشباه الرجال): في الخلقة الإنسانية.
(ولا رجال): في الهمم العالية، والعزائم الطامحة.
(حلوم الأطفال): الحلم هو: الأناة والتؤدة في الأمور، وأراد أن أناتكم في الأمور كأناة الطفل؛ لأنه لا يتمالك في الشيء وتناوله على أي وجه كان، مصلحاً كان أو مفسداً.