(فيخشع لها إذا ذكرت): الخشوع: هو الذل والخضوع من أجلها إذا ذكرها ذاكر، يريد بذلك نقصه، وهو بالخاء المعجمة، وروايته بالجيم تصحيف لا معنى له؛ لأن الجشع هو: الحرص، ولا وجه له هاهنا.
(ويُغْرَى بها): غري بالشيء إذا ألصق به، ومنه الغِرَى لإلصاقه بما يغرى به.
(لئام الناس): جمع لائم كقائم وقيام، وهم: سفلة الناس، ونازلوا الهمة منهم.
(كان): هو جواب الشرط.
(كالفالج): الظافر الفائز بفلجه .
(الياسر): اليسر، والياسر واحد، وهو: اللاعب بقداح الميسر.
(الذي ينتظر أول فوزة من قداحه): انتظرت فلاناً إذا ترقبته ليأتي، وفاز فلان يفوز فوزاً إذا نجا، والفوز: الهلاك أيضاً، وهو من الأضداد، والفوز إنما يظهر من أجل القداح، ومن هاهنا لابتداء الغاية، مثلها في قوله تعالى: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ }[قريش: 4].
(توجب له المغنم): وهو النصب المسماة بهذا القداح .
(ويرفع عنه بها المغرم): ويزول عنه ويجاوزه بهذه القداح الفاتحة غرم الجزور الذي يحصل بالقداح الآخر.
سؤال؛ هذه منه عليه السلام إشارة إلى قداح الميسر، وأقلامه والاستقسام بها، فلا بد من بيانه وصفته؟
وجوابه؛ هو أن الميسر عبارة عن القمار وهو مصدر من يسره ييسره، واشتقاقه من اليسر؛ لأنه أخذ مال الرجل بيسر وسهوله، والأزلام: جمع زلم كصرد وهو الواحد من القداح، وجملتها عشرة: الفذّ، والتوءم، والرقيب، والنافس، والحلس، والمسبل ، والمعلّى، والمنيح، والسفيح، والوَغْد ، لكل واحد من هذه نصيب معلوم من جزور ينحرونها ويجزؤونها عشرة أجزاء، وقيل: ثمانية وعشرين إلا لثلاثة منها وهي:
المنيح، والسفيح، والوغد، فللفذ سهم، وللتوءم سهمان، وللرقيب ثلاثة، وللنافس أربعة، وللحلس خمسة، وللمسبل ستة، والمعلى سبعة، يجعلونها في الربابة ، وهي خريطة ويضعونها على يدي عدل منهم ثم يخلخلها ويدخل يده، فتخرج باسم كل رجل منهم قدحاً، فمن خرج له قدح من ذوات النصب المقدرة أخذه، ومن خرج له قدح مما لانصيب له لم يأخذ شيئاً، وغرم الجزور كلها بدفع قيمتها، وقوله عليه السلام: توجب له المغنم، إشارة إلى القداح التي لها السهام المقدرة، وقوله: ويرفع عنه المغرم ، إشارة إلى القداح التي لا نصيب لها، وهي توجب المغرم وهو دفع قيمة الجزور.
(وكذلك): الإشارة إلى ما تقدم ذكره.
(المرء المسلم البريء من الخيانة): الخالص من الخيانة، وهو ما ذكره من الحسد لأخيه المسلم.
(ينتظر من الله إحدى الحسنيين): يترقب إحدى الخصلتين الحسنيين تثنية الحسنى، كالفضليين تثنية فضلى، يريد أنه يترقب أحد أمرين حسنين من جهة الله تعالى:
(إما داعي): من جهة:
(الله ): وهو الموت، والانتقال إلى رحمة الله الواسعة.
(فما عند الله خير وأبقى ): من الثواب العظيم والدرجات العالية أفضل وأجزل وأدوم وأكثر استمراراً.
(وإما رزق الله): وهو النفع الذي يأتي من جهته.
(فإذا هو ذو أهل): أولاد، وعشيرة.
(ومال): من العقارات، وأنواع الذخائر كلها.
(ومعه دينه): بترك الحسد، والتلبس به.
(وحسبه): أصله، لأن من كان له أصل شريف وحسب فاخر فإنه يأنف عن الحسد والتضمخ برذائله.
(إن المال والبنين حرث الدنيا): متاع الدنيا وزينتها، كما قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَالْبَنِينَ }[آل عمران:14] إلى آخر جملهما ، ثم قال بعد ذلك: {مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }[آل عمران:14].
(والعمل الصالح حرث الآخرة): فيحصل منه الفوز بالجنة ونجاة نفسه من النار من حرث الآخر ة، ويحصل من حرث الدنيا متاع أيام قلائل، والناس مقيمون، فمنهم من يحرث للدنيا، ومنهم من يحرث للآخرة، كما قال عليه السلام: ((إن للدنيا أبناء، وللآخرة أبناء، فكونوا من أبناء الآخرة )).
(وقد يجمعهما الله لأقوام): فيعطيهم الدنيا وزينتها، ولا ينقصهم من أجورهم في الآخرة، وكل ذلك مصلحة استأثر الله تعالى بعلمها والإحاطة بها.
(فاحذروا من الله): خافوه، وتحرزوا عن مواقعة سخطه، وملابسة غضبه.
(ما حذَّركم من نفسه): الذي أبلغه إليكم على ألسنة الرسل من جهة نفسه، من القيام بما أوجب وأمر، والكفّ عمَّا نهى [عنه] وحذَّر.
(واخشوه خشية ليست بتعذير): عذر في الأمر إذا كان مقصراً فيه، ومراده ها هنا أن يخافوا الله خوفاً لاتقصير فيه من جهتهم، ولا تهاون بحاله، وترك التقصير فيه القيام بحقه.
(واعملوا في غير رياء ولا سمعة): واعملوا الأعمال الصالحة سراً بينكم وبين الله، ولا تظهروها على أعين الخلق طلباً للرياء، ولا تحدثوا بها بألسنتكم فتكون سمعة.
(فإنه من يعمل لغير الله): وهو أن يقصد به الرياء والسمعة اللتين ذكرهما.
(يَكله الله إلى من عمل له): يجعل ثوابه إلى الناس الذين عمل من أجلهم، والمعنى يكل أمره إلى من لا يقدر على إعطائه الأجر.
(نسأل الله منازل الشهداء): التي أعدها الله تعالى لهم بما كان من استشهادهم في سبيله وصبرهم على ذلك، فإن لهم منازل عند الله لا يستحقها إلا هم.
(ومعايشة السعداء): المعايشة: مفاعلة من العيش، وهي غير مهموزة؛ لأن الياء فيها أصلية، بخلاف رسائل، وإسعاد المعيشة هو تيسيرها وتسهيلها، وهو المراد من قوله تعالى: {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا }[النحل:75].
(ومرافقة الأنبياء): فإن مرافقة من هذه حاله حظوة عظيمة، ومنزلة رفيعة، أما في الدنيا فيهتدي بهديهم، وأما في الآخرة فالكون معهم في الجنة، وإنما خصَّ الدعاء بهذه الأمورالثلاثة؛ لأن من رزقه الله رزقاً هنيئاً في دنياه من غير كلفة يناله في طلبه، ورافق الأنبياء وكان معهم، ورفعه الله في منازل الشهداء ففد حاز الخير بأسره في الدين والدنيا، وأحرزه بحذافيره في الآخرة والأولى.
(أيها الناس، [إنه] لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال): لايزعم جهلاً منه وظناً بخلاف الصواب، وإن أحرز المال، وكان في سعة منه أن ذلك يغنيه.
(عن عشيرته ): أهله وبنو عمه الأقربون إليه، وإنما سموا عشيرة أخذاً من التعاشر، وهو: التخالط لاشتباك أنسابهم.
(ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم): أراد منعهم له بالأيدي عمّن أراد البطش به، وبما يكون من ألسنتهم من الدفع لمن أراد ثلم عرضه.
(وهم أعظم الناس حيطة من ورائه): حاطه حيطة وحياطة، إذا كلأه ورعاه، والحيطة مضافة إلى من، والمعنى في ذلك أن القرابة هم أشد الناس رعاية وكلاءة لمن وراءه من الأولاد، وحفظ ما يتعلق به في حال الغيبة والموت؛ لأن قوله: من ورائه يحتمل الأمرين جميعاً.
(وألمهم لشعثه): وأجمعهم لما تفرق من ذلك، والشعث: انتشار الأمر وتفرقه، يقال: لمّ الله شعثك أي جمع أمرك المنتشر.
(وأعطفهم عليه عند نازلة إن نزلت به): العطف هو: الرجوع، من قولهم: عطفت الناقة على ولدها إذا رجعت لإرضاعه، والنازلة: الواحدة من شدائد الدهر، يقال: نزلت بهم نازلة، إذا أهمهم أمر عظيم، وأراد أنهم أرجع الناس لتفريج ما ينزل عليه من الشدائد والأهوال لمكان الرحم ووشيج القرابة.
(ولسان الصدق يجعله الله للمرء في الناس): لسان الصدق يحتمل أن يكون من باب إضافة الموصوف إلى صفته نحو مسجد الجامع على تأويل لسان القول الصدق، فيكون المعنى اللسان الصادق وهو الثناء الحسن والحمد العالي، وعبَّر باللسان عمّا يوجد به كما عبر باليد عمّا يكون فعله باليد، وهي العطية، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا }[مريم:50]، وقوله: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ }[الشعراء:84].
(خير له من المال يورِّثه غيره): وإنما كان خيراً من المال لأمور ثلاثة:
أما أولاً: فلأن نفع المال عائد إلى غيره بعد موته، ونفع الثناء راجع إليه نفسه.
وأما ثانياً: فلأن المال يزول ويتغير، بخلاف الثناء فإنه لايزول ولا يتغير، ويبقى على وجه الدهر.
وأما ثالثاً: فلأن لسان الصدق لشرفه جعله الله ميراثاً للأنبياء كما حكيناه، والمال لحقارته جعله الله ميراثاً للفراعنة، فلا جرم كان ما قاله عليه السلام حقاً لما قررناه.
(ألا لا يعدلنَّ أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة): [الخصاص] والخصاصة: الفقر، قال الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }[الحشر: 9] ومراده هو النهي عن العدول عن القرابة إذا رأى بهم خصاصة.
(أن يسدَّها): أن يصلحها، من قولهم: سددت الثلمة إذا أصلحتها.
(بالذي لا يزيده إن أمسكه): بالما ل أو بالنفع الذي لا يزيده غنى إن هو تركه لنفسه.
(ولا ينقصه إن أهلكه): ولا يؤثر في حاله بالنقصان، إذ ما نقص مال من صدقة، إن أهلكه بإعطائه إياهم.
(ومن يقبض يده عن عشيرته): ومن يقبض عطاءه ونعمته؛ لأن اليد عبارة عن النعمة، عن أقاربه وأهل خاصته من أهله.
(فإنما تقبض [منه] عنهم يد واحدة): فحقيقة حاله أنه قبض يده لا غير وهي يد واحدة، وهم إذا قبضوا أيديهم بالتأخر عن نصرته، وإعانته على الأمور، ومرافدتهم له نقصوه وقلّوه.
(وتقبض منهم عنه أيد كثيرة): إذ هم آحاد وأشخاص عدة فلهذا كثرت أيديهم.
(ومن تلن حاشيته): لين الحاشية، جعلها عليه السلام كناية عن حسن الخلق ولين الجانب، كما جعلوا قولهم: فلان يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، كناية عن تحيره.
(تستدم من قومه المودة): لأنهم إذا ألفوه بخفض جناحه وسهولة أخلاقه دام الوداد؛ لأن سببه لايزال متجدداً، فلهذا وجب دوامه وبقاؤه، وما أحسن ما ضمَّنه هذه الخطبة من الحكم الوافية، وحشاه في أثنائها من المواعظ الشافية، وما يعقلها إلا العالمون.
(24) ومن خطبة له عليه السلام
(ولعمري ماعليَّ من قتال من خالف الحق، وخابط الغي): العمر إذا كان مجرداً عن اللام جاز في عينه الفتح والضم، تقول: عَمُرك طويل، وعُمرك طويل، فإذا أدخلت اللام فليس فيها إلا الفتح، فلهذا تقول: لعمرك ولعمري، وهو مبتدأ محذوف الخبر أي لعمرك قسمي، ما عليَّ من حرج في قتال من خالف الحق بفسق وتمرد، وخابط الغي بجهل وضلالة، والخابط هو: الذي يسير على غير الجادة.
(من إدهان ولا إيهان): الإدهان هو: المصانعة، والإيهان هو: الضعف، وقوله: من إدهان ولا إيهان، بعد قوله: على من خالف الحق وخابط الغي من باب اللف والنشر في علم البديع، والمعنى في ذلك ما علي من قتال من خالف الحق من إدهان أي مصانعة، ولا على من خابط الغي من إيهان أي ضعف، فلف أولاً ثم نشر ثانياً بإلحاق كل واحد ما يليق به، أي لا يمنعني من قتال مخالفي الحق المصانعة له في ذلك، ولا يمنعني من قتال الخابط ضعفي عنه.
(فاتقوا الله عباد الله): فمن حق من كان متسماً بسمة العبودية أن يكون ملازماً لتقوى سيده ومولاه، ومراقبة أحواله في السر والجهر.
(وفروا إلى الله): إلجاءوا إليه بالأعمال الصالحة.
(من الله): من عذابه وسخطه وأليم عقوبته.
(وامضوا): أي استمروا، من قولهم: فلان ماضي على طريقته، أي مستمراً عليها.
(في الذي نهجه ): أي أوضحه وبيَّنه، ونهج الطريق إذا بيَّنها وأوضحها .
قال العبدي :
ولقد أَضَاءَ لَكَ الطريقُ وأَنْهَجَت
سُبُلُ الْمَسَالكِ والهدى يُعْدي
أي تُعِيْنُ وتُقَوِّي.
(وقوموا): أي انهضوا، من قولهم: قام بالأمر إذا نهض به.
(بما عصبه): أي ربطه من الأوامر والنواهي وأنواع التكاليف كلها.
(بكم): أي بنفوسكم وذواتكم.
(فعليٌّ): أي المشهور بالصفات والسمات، القائم بين أظهركم، يدعوكم إلى الله.
(ضامن): أي متكفِّل.
(بفلحكم ): فوزكم ونجائكم.
(آجلاً): في الآخرة بالثواب وإحراز المراتب العالية.
(إن لم تُمْنَحُوْهُ عاجلاً): في الدنيا بالنصر على الأعداء، والظفر بهم، والمنحة: العطية.
(25) ومن خطبة له عليه السلام، وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد
وقدم عليه عاملاه على اليمن، وهما: عبيد الله بن العباس ، وسعيد بن نمران ، لما غلب عليهما بسر بن أرطأة ، فقام عليه السلام إلى المنبر ضجراً بتثاقل أصحابه عن الجهاد، ومخالفتهم له في الرأي، فقال:
(ما هي): الضمير للقصة ، كقوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا } [الأنعام: 29]، وقوله تعالى[{إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ }[الأعراف: 155]: وقد يرد مذكراً، ويراد به الأمر كقوله:] {إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ }[المؤمنون: 25] وقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ }[الزخرف: 59] وهوضمير يفسره مابعده، ويستعمل في الأمور التي عظم شأنها وفخم أمرها.
(إلا الكوفة): أي القصة المعجبة، وهي ولاية الكوفة وأمرها.
(أقبضها وأبسطها): لا أمر لي في بلدة سواها بالقبض، والبسط، والحل، [والعقد] ، والإبرام، والنقض، فوضع القبض والبسط فيها موضع القهر والسلطنة لما كانا من فوائدهما.
(إن لم تكوني أنت): إن لم يكن شأنك وأمرك في نفسك.
(تهبُّ أعاصيرك): هبت الريح إذا هاجت، والأعاصير: جمع إعصار، وهي ريح تثير الغبار، وترتفع [إلى السماء] كالعمود، قال الله تعالى: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ }[البقرة: 266] والمراد بذلك نهوض أهل الكوفة في نصرته والإقبال إليه، والريح قد ترد عبارة عن النصر، كما قال تعالى: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }[الأنفال: 43] والمعنى في هذا إن لم يكن أمرك وشأنك نصرتي وإعانتي.
(فقبحك الله!): الفاء جواب الشرط في قوله: إن لم تكوني أنت، وقبحه الله أي نحاه [الله] عن الخير، قال الله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ }[القصص: 42].
ثم تمثل بقول الشاعر:
(لَعَمْرُ أَبِيْكَ الْخَيْر يا عمرُو إنَّني ... على وَضرٍ من ذا الألاءِ قَليلِ)
ولنذكر إعرابه، وموضع الشاهد منه:
أما إعرابه: فالعمر مبتدأ، وهو مقسم به، وخبره محذوف وتقديره: عمر أبيك قسمي، والمعنى: أقسم بعمر أبيك وبقائه.
والخير يجوز فيه الجر صفة لأبيك أي صاحب الخير، والرفع على إضمار مبتدأ، والنصب على المدح، كأنه قال: أمدح صاحب الخير، إنني هو جواب القسم.
والوضربالضاد المعجمة: ما يجده الإنسان من الرائحة في يده من طعام فاسد.
ذا: اسم إشارة.
الألاء: شجر خبيث الرائحة والطعم، وهو مجرور صفة لذا، وقليل مجرور صفة لوضر، ويروى: (من ذا الإناء)، وعلى هذا يكون ذا بمعنى صاحب، أي من صاحب الإناء أي الوضر من صاحب الإناء، وهو عبارة عما يوضع فيه.
وأما موضع الشاهد منه فإنما أورده مثلاً، على معنى أنه لم يبق معه من الولاية إلا أمر قليل فاسد رديء، ولهذا كنى عنه بالوضر لقلته ورداءته وفساده.
ثم قال [ عليه السلام] :
(أنبئت بُسراً قد اطَّلع على اليمن): أعلم بسراً مطلعاً على اليمن، واطلع افتعل من قولهم: اطلعت على باطن أمره، قال الله تعالى: {اطَّلَعَ الْغَيْبَ }[مريم: 78] ومراده إشرافه على اليمن بالقهر والاستيلاء.
(وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم): معاوية وأصحابه من أهل الشام.
(سيدالون منكم): الإدالة: الغلبة، أي يغلبونكم و يقهرونكم، لما أرى فيكم من التخاذل وفساد الآراء، وأدالنا الله من عدونا أي نصرنا عليه، وما ذاك إلا.