(ما يلقانا): في مستقبل أعمارنا في الدنيا وفي الآخرة، فإنه يحتملهما جميعاً.
(فإنها): الضميرللشهادة.
(عزيمة الإيمان): قاعدة من قواعده، وأصل من أصوله.
(وفاتحة الإحسان): من عند الله تعالى بمضاعفة الثواب وإعظام الأجر عليها، بما يلحق ذلك من الإحسان تفضلاً منه تعالى.
(ومرضاة الرحمن): لما فيها من إخلاص التوحيد لله تعالى، والاعتراف بالإلهية، وفيها معظم الرضى.
(ومدحرة الشيطان): الدحور هو: الطرد والإبعاد، قال تعالى: {مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا }[الصافات:8-9] أي دفعاً وإبعاداً، والمدْحرة مصدر دحر، كما أن المسعاة مصدر سعى، وهكذا المرضاة أيضاً مصدر رضى.
سؤال؛ لِمَ أدخل الفاء في مدح الشهادة في قوله: فإنها عزيمة الإيمان، وحذفها في قوله: إنه لايضل من هداه، وهما مستويان، وتوسطهما بين جملتين؟

وجوابه؛ هو: أن هذا الحرف وهو إن إذا كان متوسطاً بين جملتين، وكانت رابطة للأولى بالثانية كأنهما قد أفرغا في قالب واحد، فإنه يقبح دخول الفاء ها هنا، ولهذا لم يحسن دخولها في قوله: إنه لايضل من هداه، لما ذكرناه، ومن هذا القبيل قوله تعالى: {اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ }[الحج:1]، وقوله تعالى: {لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى }[طه:46]، وهذا في كتاب الله تعالى أكثر من أن يحصى، فأما إذا كانت الجملة الثانية قد انقطعت عن الأولى وصارت منفصلة عنها، فإنه يحسن دخول الفاء، ولهذا حسن دخولها في قوله: فإنها عزيمة الإيمان، ومن هذا القبيل، قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ }[الحج:46]، وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ }[الأنبياء:98]، فإنها لما كانت منقطعة عمَّا قبلها جاز دخولها عليها، وفي كلامه هذا دلالة على أنه عليه السلام قد أحاط بعلوم البلاغة عقده وملكه، واستولى على أسرار الفصاحة سلطانه وملكه.
(وأشهد أن محمداً عبده ورسوله): هاتان الشهادتان توأمان لا يكمل الإيمان إلا بهما، ولاتسلم الرقاب عن القتل والأموال عن التغنم والأخذ إلا بالإقرار بهما.
(أرسله بالدين): جعله رسولاً، الباء في قوله: بالدين يحتمل أن تكون للإلصاق مثلها [في قوله] : كتبت بالقلم، ويحتمل أن تكون للحال أي دالاً على الدين مثلها في قولك: خرجت بسلاحي أي متسلحاً.
(المشهور): الذي لا ينكره أحد بلغه، لما فيه من المصالح الملائمة للعقول، أو المقطوع بصحته لقوة براهينه.

(والعلم المأثور): أراد بالعلم توحيده تعالى والإقرار بربوبيته وغير ذلك، مما اشتمل عليه قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى }[النجم:10]، وأراد بالمأثور ما أبلغه من علم الأنبياء قبله، وفي بعض النسخ: (والَعَلَم) بفتح اللام، ولا معنى له هاهنا.
(والكتاب): يعني القرآن .
(المسطور): المكتوب، والسطر: الكتب.
قال رؤبة :
واعلم بأن ذا الجلال قد قدر ... في الصحف التي قد كان سطر
(والنور): مجاز ها هنا، وحقيقته الضياء، وهو هنا عبارة عن العلوم والأحكام التي جاء بها الرسول.
(الساطع): المرتفع، ومنه سطع الفجر إذا ارتفع وعلا.
(والضياء): وهو كل ما أضاء وظهر ضوؤه.
(اللامع): لمع البرق إذا ظهر ضوؤه مرة بعد أخرى.
(والأمر): وهو البيان العظيم، يقال: جاءهم الأمر لا قوة لهم به، يريد شأناً عظيماً لايوصف حده.
(الصادع): الذي يفرق بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ }[الحجر:94] فأصله الشق.
قال الفراء : {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر }[الحجر:94] أي اظهر دينك.
(إزاحة للشبهات): زاحه وأزاحه إذا أماله، وانتصابه على المفعول [له] ، والشبهة: ما كان على خلاف الحق، وإنما سميت شبهة، لأنها تلبس بالحق، ولهذا زلَّ فيها من زلَّ.
(واحتجاجاً للبينات ): أي أرسله وبعثه محتجاً للأحكام الباهرة، وهو ما ظهر عليه من الشرائع.
(وتحذيراً بالآيات): أراد بالآيات إما آيات القرآن فإنها متضمنة للتخويف والإنذار لعقاب الآخرة، وإما الآيات المفتوحة على الأنبياء من أممهم، والمعنى أن الله تعالى قدمها تحذيراً لهم من العقاب، فإنهم [لما] لم يخافوا وقع عليهم العقاب لا محالة.

سؤال؛ لِمَ عدَّى مصدر الاحتجاج باللام، فقال: احتجاجاً للبينات ، وعدَّى مصدر التحذير بالباء، فقال: وتحذيراً بالآيات، وما وجه المخالفة بينهما؟
وجوابه؛ هو أن المراد بالبينات الأحكام والشرائع، والغرض هو الاحتجاج لها، والتقرير لقواعدها بالأدلة، فلهذا دخلت اللام دالة على أن الغرض هو إظهار الاحتجاج لأجل البينات، بخلاف التحذير فإن الغرض إلصاقه بالآيات، فلهذا جاءت فيه الباء، فلهذا فصل بينهما لما ذكرناه.
(وتخويفاً لِلْمَثُلاَتِ ): وهي العقوبات، كما قال الله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ }[الرعد:6] يعني عقوبات من مضى قبلهم بالرجفة، والصيحة، وأنواع البلايا.
(أرسله والناس في فتنة ): جملة ابتدائية في موضع الحال، كما تقول: جاء زيد والناس يضحكون، والفتنة هي: الابتلاء والامتحان من قولهم: فتنت الذهب إذا خبرت جودته ورداءته.
(انجذم فيها): انقطع، وسمي المجذوم مجذوماً لانقطاع أوصاله.
(حبل الدين): متمسكاً به ، وهي التي يتوصل بها إلى إثباته، فوضع الحبل مكانها لما كان وُصلة إلى غيره، وانقطاعه إنما كان من بعد الأنبياء واندراس آثارهم.
(وتزحزحت ): تنحت ومالت، كقوله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ }[آل عمران:185].
(سواري): السواري هي: الدعائم والأساطين التي عليها قواعد البناء.
(اليقين): هوالأمرالمتيقن المتحقق [حاله] .
(واختلف النجر): النجار والنجر هو: الأصل والحسب، أراد أن أصل كل شيء من الأديان والشرائع مختلف، ليس موضوعاً في مستقره لاستيلاء الجهل بأهله.
(وتشتت الأمر): أي تفرق، وليس له جامع، ولا يشمله رابط.
(وضاق المخرج): عن ظلمة الجهل لفقد العلم.

(وعمي المصدر): وهو الذهاب بغير دليل ولا مرشد.
(فالهدى خامل): الذكر لعدم من ينشره.
(والعمى شامل): لا ستيلائه وكثرته.
(عصي الرحمن): بارتكاب محارمه، وترك أوامره.
(ونصرالشيطان): باتباعه وتحصيل مراداته.
(وخذل الإيمان): بترك التزام أحكامه.
(فانهارت دعائمه): أي تهدمت من هاره إذا هدمه، لأجل عدم ناصريه.
(وتنكرت): صارت منكورة لا تعرف.
(معالمه): المعالم هي: المعاهد والربوع، وإنما قيل لها: معالم لكثرة تحققها وثباتها.
(ودرست): امتحت، ومنه ثوب دارس، وطريق دارس إذا كان لا يُسْلَكُ.
(سبله): أي طرقه ومسالكه فلا يعرف لها أثر لعدم من يسلكها ويعبر فيها.
(وعفت): اندرست وهلكت.
(شُرُكُه): الشرك: جمع شركة مثل ملكه وملك، وهو معظم الطريق ووسطه، فإذا كان معظمه هالك مندرس فكيف حال جوانبه، ومراده من ذلك هو حصول هذه الأمور كلها لفقد الأنبياء ومن يدعو إلى الخير، وفيه شحذ للهمم في اقتفاء طريق الأنبياء، واتباع آثارهم، وتحريك لعزائم العلماء في ذلك.
(أطاعوا الشيطان): بتحصيل مراداته والانقياد لأمره.
(فسلكوا مسالكه): فاقتفوا آثاره، ونهجوا طرقه.
(ووردوا مناهله): وشربوا من حياضه، وكرعوا فيها، وارتووا من آجنها.
(بهم سارت أعلامه، وقام لواؤه): سير الأعلام، وهي: البنود، وقيام الألوية وهي الرايات، استعارة ها هنا عن استقامة الأمر وثبوته وتمكنه واستحكام نفوذه؛ لأن هذه الأمور متى كانت مستقيمة فأحوال العسكر مستقيمة، وأمرهم نافذ، وعزيمتهم ماضية، وريحهم متحركة، فهذه الأمور كلها حاصلة.
(في فتن): جمع فتنة.
(داستهم): دقتهم.
(بأخفافها): كما يدوس البعير بخفه.
(ووطئتهم): همستهم.
(بأظلافها): كما تدوس البقر بأظلافها.

(وقامت): يعني الفتن.
(على سنابكها فيهم): الخف للجمل، والظلف للبقر، والسنبك للفرس وهو طرف مقدم الحافر، واستعار ذكر هذه الأشياء كلها ليدل بها على أن الفتن قد طحنتهم بكلاكلها واستقرت قواعدها فلا يستطيعون حيلة، ولا يهتدون سبيلاً.
(فهم فيها تائهون): ذاهبون في الحيرة كل مذهب.
(حائرون): مقيمون في الفتنة، لا يجدون مسلكاً يسلكونه.
(جاهلون): بما يكون فيه النجاة، عمَّا هم فيه.
(مفتونون): ممتحنون بأنواع هذه البلاوي، ساكنون:
(في شر دار): إما الدنيا لكثرة ما يعرض فيها من ضروب المحن، وإما مواضعهم حيث كانوا في هذه الفتن مقيمون فيها.
(وشر جيران): حيث لم ينفعوهم فيما وقعوا فيه، وشر جار من لا ينقع الغصص عن اشتجارها .
(نومهم سهود): سهد يسهد سهوداً إذا قل نومه، فنومهم شارد قليل لما دهمهم من هذه الأمور.
(وكحلهم دموع): أراد ما يكتحلون من شدة الأمر وهوله إلا دموعهم، وقوله عليه السلام: وكحلهم دموع، مثل قولهم: تحية بينهم ضرب وجيع، ومن قولهم: تعليقها الأسراج والألجام، ومن قولهم:
بدت قَمَراً ومالت خَوطَ بانٍ
وفاحت عنبراً وَرَنَتْ غزالاً
وهو من علوم البيان تلفت بالتدبيج أخذاً له من الديباج، مقيمون :
(بأرض): وإنما نكرها لما في تنكيرها من الفخامة، كأنه قال: بأرض وأي أرض في الشر واحتمال المكروه.
(عالمها ملجم): فلا ينطق استهانة بكلامه، وركة في حاله عندهم.
(وجاهلها مكرم): لانقيادهم لأمره واحتكامهم لقوله، كما قال عليه السلام في شعره:
فوزنُ كلّ امرئٍ ما كان يُحْسِنُهُ
والجاهلون لأهلِ العلمِ أعداءُ
ثم وصف [الآل ] بقوله:

(هم موضع سره): أراد أنهم مكانه ومحله؛ لأن السر إنما يكون في أهل النظافة والخاصة، ولهذا قيل في الأنصار: كانوا كرشاً وعيبة للرسول عليه السلام.
(ولجأ أمره): ومستنده في الأمور كلها، من قولهم: لجأت إلى كذا، أي استندت إليه.
(وعيبة علمه): العيبة: وعاء البز، واستعاره ها هنا لأنهم موضع علمه كما كانت العيبة موضعاً للبز، وحافظة له، منهم يؤخذ العلم، وإليهم يرجع فيه.
(وموئل حكمه): وآل إلى كذا إذا لجأ إليه، والموئل هو: الملجأ، ومعناه أنهم يلجأ إليهم في الأحكام كلها وتستنهض من جهتهم.
(وكهف كتبه): الكهف: النقر في الجبل كالخزانة، ومراده هاهنا أنهم موضع كتبه، وأراد بالكتب العلم؛ لأنه يحفظ بالكتابة، ويحرس عن الإهمال والضياع.
(وجبال دينه): أراد أنهم يلاذ بهم عن المهالك كما يلاذ بالجبال بالتحرز، أو أن جانبهم مرتفع كارتفاع الجبال، وعزهم شامخ شموخ الجبال، فلا مسامون حقاً في أديانهم، فالاستعارة محتملة لما ذكرناه.
(بهم أقام): الضمير في أقام يحتمل أن يكون لله تعالى، أي أن الله تعالى أقام بهم، ويحتمل أن يكون للرسول أي أنه أقام بهم، والأول أوجه الأمرين؛ لأن ذلك من جملة ألطاف الله تعالى بهم، حيث جعلهم على هذه الصفة.
(انحناء ظهره): اعوجاجه.
(وأذهب ارتعاد فرائصه): وأزال حركة فرائصه، والفريصة: اللحمة بين الجنب والكتف من الدابة التي لاتزال ترعد، والفرائص: عروق الأوداج في العنق، والغرض من هذا هو أن الله تعالى قوَّى أمره، وشدَّ عضده، وقوَّى أزره بالآل.
ثم أردفه بما يناقض هذه الصفات من حال غيرهم، وأظن أنه يشير به إلى بني أمية، فقال عليه السلام:
(زرعوا الفجور): جعلوا بذره في أراضي مكرهم وعنادهم.

(وسقوه الغرور): لأن البذر لاينبت إلا بالسقي، فجعلوا سقيه ماء الغرور بالأهواء، واستحكم الفجور في الأفعال، والغرور بالأهواء.
(فحصدوا الثبور): فكان الْجُذاذ هو الخسران والهلاك، يقال: ثبر ثبوراً أي خسر وهلك، كما قال تعالى: {لاَ تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا }[الفرقان:14].
وقوله عليه السلام: سقوا الغرور، فحصدوا الثبور، مع قوله: زرعوا الفجور من باب توشيح الاستعارة؛ لأنه لما استعارالزرع عقَّبه بما يلائمه من السقي والحصد، وهذا كقوله تعالى: {اشْتَرَوْا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ }[البقرة:16] فإنه من علم البلاغة لبدرها المنير، وفلكها المستدير.
(لا يقاس بآل محمد [صلى الله عليه وآله] غيرهم من أحد من هذه الأمة ): يشير بكلامه هذا إلى بني أمية، وهيهات هيهات! أين الغَرَب عن النبغ! والحصى عن المرجان! ولا يستوي الخشب المعقد والدر المنضد! ، ولا الإبريز والإرزيز! وشتان ما بين رماد الكير، وخلاص الذهب الأكبر!
(لا يسوَّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً ): يشير بذلك إلى أمرين:
أما أولاً: فلما عليهم من المنة به باصطفاء الرسول ودعاؤه لهم إلى الإسلام، فإن هذه منّة لاتشبه المنن، ونعمة لاتشبه النعم.
وأما ثانياً: فلما كان من رسول الله من المنِّ يوم الفتح، وإطلاقهم عن الرق والأسر والقتل، حيث قال: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء )) ، فمن هذه حاله لا يقاس بهم غيرهم، وكيف يقاس بهم غيرهم، والمشابهة من جميع الوجوه منتفية فلا وجه إذن للمقاسة، إذ لا بد لحقيقة القياس من أن تقع عِليَّة، تكون مستندة إليه.

(هم أساس الدين): قواعده التي عليها يبنى، وإنما كرر ذكر الضمير وهو قوله: هم، لما فيه من مزيد الاختصاص، كأنه قال: لايختص بهذه الصفات سواهم، وهذا كقوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ، وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:43-44]، فكرر الضمير دالاً به على أنه لا يختص بهذه الأمور إلا هو.
(وعماد اليقين): العماد: جمع عمد، وهي: الأخشاب التي يشد إليها حبال الأخبية.
(إليهم يفيء الغالي): إنما قدم الضمير لما فيه من الإيهام بذكرهم فاء إذا رجع، والغالي هو: الذي يزيد في الشيء ويكثر منه، كقوله تعالى: {لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ }[النساء:171]، كما غلت النصارى في عيسى فاعتقدوه إلهاً، ومعناه أن الغالي يرجع إليهم لما يأخذ من البصيرة فيرجع عن غلوه.
(وبهم يلحق التالي): هذا تلو لهذا، أي تابعه، قال تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا }[الشمس:2]، أي تبعها يعني الشمس، والمعنى في هذا أنهم المتقدمون لكل الخلق ومن عداهم تابع لهم وقافٍ على إثرهم.
(ولهم خصائص حق الولاية): الخصائص: جمع خصيصة، وهي عبارة عما يكون الإنسان مختصاً به، الولاية: بكسرالفاء مصدر كالإمارة، وهي عبارة عن النصرة، والوَلاية: بالفتح هي الاسم، وهي عبارة عن السلطان، والولاية ها هنا مفسرة في كلامه بالوجهين؛ لأن المعنى أنهم المختصون بالإمارة والسلطنة، وبالنصرة والاحتماء من بين سائر الخلق.
(وفيهم الوصية): يشير بهذا إلى نفسه؛ لأن الرسول عليه السلام قال: ((ووصيي ووزيري وخير من أخلفه لقضاء ديني علي بن أبي طالب)) .

(والوراثة): إن أراد وراثة العلم فهو يعني نفسه؛ لأنه نازل منزلته صلى الله عليه وآله وسلم في العلم والولاية بالخلق، وإن أراد وراثة النسب فهو يعني فاطمة فإنها بنته ووارثة بنسبها منه، وغرضه بالآل الذين أشار إلى فضلهم هو نفسه وولداه وفاطمة، فإن هؤلاء هم الآل باتفاق أهل البيت على ذلك، ومن تلاهم من أولادهم.
(الآن): أي هذا الوقت يشير إلى زمان خلافته.
(إذ رجع الحق إلىأهله): إلى مستحقيه، ومن كان [مستحقاً] أهلاً له من قبل غيره.‍
(ونقل إلى منتقله): وحول إلى أصله الذي كان له وموضعه ، والمنتقل: ما ينتقل إليه كالمضطجع لما يضطجع فيه.
دقيقة: اعلم أن ذكره للآل بعد ذكر بني أمية كلام جار على جهة الاستطراد، وهو كل كلام خرجت منه وأخذت في ذكر غيره مما لا يناسبه، ولا يكون بينهما ملابسة، وهو جار في كلام الله تعالى في مواضع كثيرة، وفي كلام الفصحاء.

16 / 194
ع
En
A+
A-