(189) وقال عليه السلام لما اضطرب عليه أصحابه في أمرالحكومة
(أيها الناس، إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب): من الجهاد والنصيحة، وقبول الأمر والإعانة.
(حتى نهكتكم الحرب): بالغت في أخذكم بالقتل، يقال: نهكت الثوب إذا لبسته حتى تقطَّع.
(وقد والله أخذت منكم وتركت): أراد أنه قُتِل منكم بعضكم وبقي الأكثر، ويحكى أن عدة القتلى في عسكر أمير المؤمنين سبعة عشر ألف قتيل.
(وهي لعدوكم أنهك): أقطع وأكثر قتلاً.
ويحكى أن عدة القتلى من عسكر معاوية كانوا أربعة وعشرين ألف قتيل.
(لقد كنت أمس أميراً): ينفذ أمري، ويُحْتَكَمُ لقولي.
(فأصبحت اليوم مأموراً): تابعاً لغيري، سيقة لكلامه.
(وكنت أمسِ ناهياً): مانعاً لما أردت.
(فأصبحت اليوم منهياً): ممنوعاً عمَّا أردت، وأراد بالأمس ما مضى، وأراد باليوم ما يُسْتَقْبَلُ.
(وقد أحببتم البقاء): على ما أنتم عليه من تصويب التحكيم، والرضاء به.
(وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون): إذ لاطاقة لي على ذلك مع مخالفتكم لي، وعصيانكم لأمري، وفي كلامه هذا دلالة على أنه قد بلغ الغاية في ترك الحكومة وإهمالها، فما كان منهم إلا المكابرة على خلاف رأيه، والاعوجاج عنه ونبذ رأيه واطِّراحه.

(190) ومن كلام له عليه السلام بالبصرة، لما دخل على العلاء بن زياد [الحارثي] يعوده
وكان من أصحابه، فلما رأى سعة داره، فقال له:
(ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا): يشير إلى أن البناء فوق الكفاية لا حاجة إليه، وفي الحديث: ((من بنى فوق ما يكفيه طوقه الله به إلى سبع أرضين )).
(أنت إليها في الآخرة كنت أحوج): فيه وجهان:
أحدهما: أن يريد أن التوسع في عمارة المساكن إنما يكون في الآخرة؛ لأنها موضع استقرار وتوطن واستمرار، فأما الدنيا فهي دارقلعة.
وثانيهما: أن يريد أن إنفاق ثمنها والذي بنيت به ابتغاء وجه الله تعالى، وإصلاح أمر الآخرة كان أحسن وأعجب؛ لكونه دائماًباقياً.
(وبلى): إضراب عما قاله من أنه لا حاجة إليها في الدنيا، وإثبات الحاجة.
(إن شئت بلغت بها الآخرة): كانت طريقاً إلى الآخرة، ووُصلة إليها.
(تَقْرِي فيها الضيف): تطعم فيها الطعام من جائع ومسكين، وغريب وابن سبيل، وغير ذلك مما يكون قربة إلى الله تعالى، وطلباً لثوابه.
(وتصل فيها الرحم): بإعطائهم فيها ومواساتهم، وكهفهم واستقرارهم فيها.
(وتطلع الحقوق مطالعها!): وتضع الحقوق فيها مواضعها، من شرائف الخصال، ومحامد الشيم، ومكارم الأخلاق، فإن هذه الأمور كلها مما يقرب إلى الله تعالى، ويرفع الدرجات عنده، وفي الحديث: ((إن الله يحب مكارم الأخلاق، ويكره سفسافها )) يعني الدنيء منها.

ويحكى أن بنت حاتم الطائي لما أتي بها سبية إلى الرسول عليه السلام فجعلوها مع غيرها من السبايا في حظيرة، ومرَّ الرسول عليه السلام للصلاة فأومؤا إليها أن تكلمه في إطلاقها عن الإسار، فلما بصرت به قالت: يارسول الله، إن أبي كان يطعم الجائع ، ويفك العاني، ويقري الضيف، ويحب مكارم الأخلاق، فقال لها: ((ياجارية، ومن أبوك؟ هذه صفة المؤمنين)) فقالت له: أنا بنت حاتم الطائي ، فقال لها: ((لو كان أبوك إسلامياً لترحمنا عليه))، ثم قال لهم: ((أطلقوا إسارها)) وكساها وألحقها بأخيها عدي بن حاتم بعد أن هرب وتركها فأخذوها، فإذا فعلت ذلك:
(فإذاً أنت قد بلغت الآخرة بها): لأن هذه الأشياء إذا كانت مفعولة على هذه الأوجه، فهي من أعمال الآخرة والمقربات إليها.
(فقال له العلاء ): يعني العلاء بن زياد:
(يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد): شكوت فلاناً أشكوه إذا أخبرت عنه بسوء فعله معك شكواً، والاسم منه الشكوى.
(فقال: ماله ): أي شيء عرض في حاله حتى شكوته.
(فقال: لبس العباء): جمع عباءة على حد تمرة وتمر، وهو: جبة من صوف.
(وتخلى عن الدنيا): تركها واطَّرحها زهداً فيها.
(فقال: عليَّ به): أي أحضروه، وعلي اسم فعل كما تقول: عليك زيداً أي ألزمه، وعليَّ زيداً أي أولنِيه.
(فلما جاء): قعد بحضرته.
(فقال له: يا عُدَّي نفسه!): العدي: تصغير العدو، وإنما كانت عدواً له، لأن غاية العدو وقصارى أمره هو الاجتهاد في إتلاف النفس، والنفس حالها هذا، فإنها أمَّارة بالسوء، وهو هلاك الدين وإفساده، وفي ذلك استحقاق العذاب السرمد، فلا عداوة أعظم من ذاك .

(لقد استهام بك الخبيث): هام على وجهه من شدة العشق، والهيام: أشد العطش، والهيام كالجنون من العشق، والخبيث: الشيطان، وسمي خبيثاً لكثرة خبثه ورداءته.
(أما رحمت أولادك وأهلك! ): فتهجرهم وتستوحش منهم، وتكدِّر عليهم معيشتهم وتنغّصها.
(أترى أن الله أحل لك الطيبات): من الأكل والشرب، والملاذ الحسنة وأباحها بما قرر من الأدلة العقلية والنقلية.
(وهو يكره أن تأخذها!): تستعملها، وتتنعم فيها.
(أنت أهون على الله من ذاك ): من أن يبيح الله لك شيئاً ثم ينهاك عنه، أو من أن يحل شيئاً ثم يحرمه، أو غير ذلك مما يكون مناقضة في الحكمة، وطعناً فيها، أو يبدو له من ذلك خلاف ما علمه، فهذه الأمور كلها مستحيلة على الله تعالى، فأمرك أقل وأحقر من أن يجري فيه ذلك.
(قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك): فيما تلبسه من ملابسك الخشنة، كالْمِدْرَعَةِ التي رقعها حتى استحيا من راقعها .
(وجشوبة مأكلك): فكان يأكل الشعير بغير نخل، فقيل لخادمته يوماً: ألا تنخلينه؟ فقالت: يأكله وهو المهنأ قد أمرني ألاَّ أنخله .
(قال: ويحك!): كلمة دعاء، وهي منصوبة على المصدرية.
(إني لست كأنت): أي إن حالك مخالف لحالي في ذلك؛ لأني إمام للخلق، وأنت لست إماماً لهم.
(إن الله فرض على أئمة الحق): من اختصه بالإمامة، واصطفاه لها.
(أن يقدِّروا نفوسهم): أن يجعلوا حالهم مثل حال الضعفاء في لباسهم وأكلهم، وسائر تصرفاتهم ويمثلوا حالهم:
(بضعفة الناس): أهل الفاقة والمسكنة، ويكون في ذلك غرضان:
أحدهما: أن يكون ذلك طريقاً للخلق إلى ترك الدنيا والزهد فيها.

وثانيهما: تهوين الحال على الضعفاء وأهل المسكنة، في التأسي بالأفاضل من الخلق؛ لأن ذلك يهوِّن ما في نفوسهم من الفقر والحاجة، فإذا ضاقت عليه المسالك كان له أن يقول: هذا الإمام على عظم قدره، وارتفاع خطره عند الله على مثل حالتي، فيسكن عند ذلك جزعه وتطمئن نفسه.
(كيلا يتبيغ على الفقير فقره! ): فيه روايتان:
أحدهما: يتبيغ من قولهم: تبيغ الدم إذا هاج، وكثر به .
وثانيهما: يتسيع بالسين بثلاث من أسفلها، والاتساع: خلاف الضيق، أي لا يكبر عليه حال فقره فتضيق نفسه من أجله.

(191) ومن كلام له عليه السلام وقد سأله سائل عن أحاديث البدع، وعما في أيدي الناس من اختلاف الأخبار، فقال:
(إن في أيدي الناس حقا وباطلاً): يريد من أحاديث الرسول ما هو حق يعمل به، وما هو باطل مكذوب على الرسول فيه.
(وصدقاً وكذباً): بعضها على ما هو به، وبعضها على غير ما هو به.
(وناسخاً ومنسوخاً): أي وبعضها ناسخ لغيره تستمر فيه المصلحة، وبعضها منسوخ لا مصلحة فيه.
(وعاماً وخاصاً): فالخاص: ما لم يكن مندرجا فيه غيره، والعام: ما كان شاملاً لأفراد متعددة، وصور متماثلة.
(ومحكماً): أريد به ظاهره، فلا يحتاج إلى تفسير وبيان.
(ومتشابهاً): يحتاج فيه إلى تفسير.
(وحفظاً): أُخِذَ على جهته وقصده.
(ووهماً): أُخِذَ على غير وجهه.
(وقد كذب على رسول الله): أُبْلِغَ عنه ما لا يقوله، ولهذا قال عليه السلام: ((إنه سيكذب علي )) .
(على عهده): مفي زمنه من غير مبالاة ولا مراعاة لجلالة منصبه في النبوة.
(حتى قام خطيباً): حتى هذه متعلقة بكلام تقديره: فأزعجه ذلك حتى قام خطيباً:
(فقال: ((من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ))) .
(وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال): أراد أن الرواة وإن كثروا واضطربوا فيما نقلوه من هذه الأخبار، فلا يخرجون عن هذه العدة، وهي جامعة لكثرة أعدادهم.
(ليس لهم خامس): مبالغة في الحصر والضبط.
(رجل منافق مظهر للإيمان): بلسانه، وهو يبطن الكفر.
(متصنِّع بالإسلام): التصنّع: إظهارحسن السمت ، وأراد أنه مظهر للإسلام، والأمر على خلاف ذلك.
(لا يتأثم ): لا يجانب الإثم.
(ولا يتحرَّج): أي لا يجانب الحرج، وهو الإثم، بل يقع فيهما من غير مبالاة.
(يكذب على رسول الله متعمداً): من غير شبهة له في ذلك.

(فلو علم الناس أنه منافق لم يقبلوا منه): قوله ولا خبره الذي يخبر به.
(ولم يُصَدِّقُوا قوله): فيما نقل إليهم.
(ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله): كان معه مدة من الزمان ورافقه.
(رآه): بعينه.
(وسمع منه): أخباره التي نقلها.
(ولقف عنه): لقف الشيء وتلقفه إذا أخذه بسرعة.
(فيأخذون بقوله): يقبلونه ويعملون عليه في هذه الأحكام كلها، في التحليل والتحريم لما قرر من حاله، وبما يظهر من أمره، ثم أخذ في شرح حال المنافقين، وبيان حالهم، بقوله:
(وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك): حيث كانوا نهاية في الخبث والرداءة والعداوة في الدين والفساد.
(ووصفهم بما وصفهم به لك): فتارة بالكذب، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }[المنافقون:1] ومرة بالعداوة، حيث قال تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ }[المنافقون:4] ومرة بالخدع، حيث قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ }[النساء:142] وغير ذلك من الصفات الدالة على فساد بواطنهم، واشتمال قلوبهم على الغل والحسد والعداوة.
(ثم بقوا بعده عليه السلام): يريد من كانت هذه صفته من رواة الأحاديث من إظهار الدين، وإبطان النفاق.
(فتقربوا إلى أئمة الضلالة): إلى أئمة الجور، وأخدان الظلم وأعوانه، وأهل البدع، وسائر الأهواء الضالة.
(والدعاة إلى النار): بالبدع، وسائر الضلالات.
(بالزور والبهتان): متعلق بقوله: تقربوا، أي تقربوا إليهم بتزويرهم لهم الأحاديث الكاذبة، والبهتانات الباطلة، ويجوز أن يكون متعلقاً بقوله: الدعاة إلى النار، بما كان من جهتهم من الكذب والباطل.
(فولوهم الأعمال): الخراجات العظيمة والجبايات من الأقطار والأقاليم.

(وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس): بأن جعلوهم أمراء على الخلق، وملكوهم رقاب الناس بالقهر، والاستظهار عليهم في ذلك.
(وأكلوا بهم الدنيا): فيه وجهان:
أحدهما: أن يريد أن الآكلين هم أئمة الضلال من الملوك والسلاطين، وسائر الجورة وأعوان الظلمة، والمعنى: أن العلماء وأهل الرواية سهَّلوا لهم الحال، وجرّأوهم على أخذ أموال الناس بالباطل، والشُّبَه الفاسدة.
وثانيهما: أن يكون الآكل هم الرواة، والمعنىأن الرواة أكلوا بالملوك الدنيا، لما استندوا إليهم، وعوَّلوا في أمورهم عليهم.
(وإنما الناس مع الملوك والدنيا ): يريد أن أكثر ميل الناس إلى من كان ملكاً لأجل قهره ودولته، وإلى من كان معه شيء من الدنيا فتراهم حوله، وكلمتهم قوة لكلمته، وفي كلامه هذا نعي على علماء السوء أفعالهم، وتسجيل عليهم بسوء صنيعهم، وتحذير عن الوقوع في مثل هذه المزال الزلقة، والعظائم الموبقة، ومبالغة في الحث على منافرة الظلمة والبُعد عنهم بمبلغ الجهد؛ لما في مخالطتهم من الفساد في الدين وهلاكه.
واعلم: أن كلام أمير المؤمنين ها هنا دالٌّ على ردِّ أخبار أهل التصريح بالكفر، كأهل النفاق والملاحدة والثنوية وغيرهم، والمصرِّحين بالفسق، فأما أهل التأويل من أهل الكفر كالمجبرة والمشبهة عند القائلين بإكفارهم، فهي مسألة خلاف بين أهل القبلة، وهكذا القول فيمن كان فسقه من جهة التأويل، والمختار تفريعاً على القول بالإكفار في التأويل، إذ لا تهمة لهم في أديانهم، قبول أخبارهم في تأويلهم بالكفر والفسق.
(ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحفظه على وجهه): إما بالزيادة عليه، وإما بالنقصان منه.
(فَوَهِمَ فيه): فتطرق إليه الوهم فيه في بعض وجوهه.

(ولم يتعمد كذباً): يقصد رواية ما لم يكن قط، ولكنه روى شيئاً وأخطأ فيه من غير قصد إلى الخطأ فيه.
(فهو في يديه): من قولهم: حديث فلان على يديك، أي أنه حافظ له، ومحتكم عليه.
(يرويه): يأثره عن الرسول.
(ويعمل به): في الإقدام والإحجام من أفعاله.
(ويقول): من لسانه :
(أنا سمعته من رسول الله): ينطق به ويتكلم.
(فلو علم المسلمون أنه وَهِمَ فيه): بزيادة أو نقصان، أو تحريف أو تبديل أو تغيير أو غير ذلك ممَّا يُطرق تهمة في حقه:
(لم يقبلوه منه): لم يرووه عنه، ولا عملوا به؛ حراسة لحديث رسول الله عن النقص والتغيير.
(ولو علم ذلك ): يشير إلى الوهم الذي وقع منه في الحديث.
(لرفضه): تركه عن الرواية والعمل به، وكلامه ها هنا دال على أن كل من كان من الرواة يتطرق إليه الوهم في روايته بالزيادة والنقصان، فإنه مردود لا محالة، وهذا محصول كلام الأصوليين على الجملة في ردِّ من كان يعتريه الوهم.
(ورجل ثالث): يريد من الأربعة الذي ذكرهم أولاً.
(سمع من رسول الله شيئاً يأمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم): النهي فيرويه، أو يكفُّ عن رواية ما أمربه.
(أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم): الأمر فيرويه، أو يكفُّ عن رواية المنهي عنه.
(فحفظ المنسوخ): ورواه، وحدَّث به غيره.
(ولم يحفظ الناسخ): لأنه لم يعلمه ولا طرق سمعه، وهذا كثير ما يعرض في الأخبار، ومن ثَمَّ كثر اختلاف الفقهاء، ونشأ النزاع في المسائل الشرعية.
سؤال؛ فإذا كان الشرط في العمل على الخبر، هو ألاَّ يكون منسوخاً، فمتى يعلم كونه غير منسوخ فيعمل عليه ؟

وجوابه؛ هو أن مستند العمل على الأخبار الأحادية إنما هو غلبة الظن بالصدق فيما تناولته من مخبراتها، وإذا كان الأمر كما قلناه فلا بد من ضرب من العناية ليغلب على الظن، كون الخبر غير منسوخ خاصة مع ضبط الأخبار، وتدوينها في هذه الصحاح، فإنه يسهل إدراك ذلك مع العناية والاجتهاد في طلبه.
(فلو علم أنه منسوخ): أراد الراوي له.
(لرفضه): تركه عن الرواية.
(ولو علم المسلمون إذ سمعوه ): وقت سماعهم له.
(أنه منسوخ لرفضوه): تركوا العمل به أيضاً، لما قد فهموه من جري النسخ في هذه الشريعة في الكتاب والسنة، وأن كل ما كان قد نسخ، فلا وجه للعمل به بحال.
(وآخر رابع لم يكذب على الله تعالى، ولا على رسوله، مبغض للكذب).
سؤال؛ ليس لكلام الله تعالى ها هنا ذكر، فما وجه قوله: لم يكذب على الله تعالى، وإنما كلامنا في كلام الرسول وأخباره؟
وجوابه؛ هو أنه عليه السلام لا ينطق عن الهوى، ولا يقول ما يقول إلا عن وحي من الله تعالى وعصمة فيما يقوله وتأييد، فهو في الحقيقة مخبر عن الله، فالكذب عليه في الحقيقة هو كذب على الله تعالى، كما أن الطاعة له طاعة لله تعالى، كما قال تعالى: و{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ }[النساء:80].
(خوفا لله تعالى ): عن أن يكذب عليه.
(وتعظيماً لرسوله [ صلى الله عليه وآله وسلم] ): في أن يكذب عليه، وإنما قال: خوفاً لله تعالى؛ لأن الله هو المتولي للعقوبة على ذلك والإهانة العظيمة، وأما الرسول فترك الكذب في حقه إنما يكون تعظيماً له أن يقال عليه ما لم يقله، ولا يخطر له على بال.
(ولم يَهِمْ): يتطرق إليه الوهم في شيء من روايته.
(بل حفظ ما سمع على وجهه):من غير زيادة فيه ، ولا نقصان عنه.

108 / 194
ع
En
A+
A-