وجوابه؛ هو أن الصلاة من الله تعالى على الرسول إنما هي الرحمة واللطف، ومن الملائكة إنما هي الاستغفار، ومن الثقلين إنما هو الدعاء، ويجمع هذه الأشياء كلها العناية بأمر الرسول صلوات الله عليه من جهة الكل، وعلى هذا يكون لفظ الصلاة من الألفاظ المتشابهة التي تدل على المعاني المختلفة بجامع واحد، كالنور فإنه دال على نور العقل ونور الشمس، وهما مختلفان.
وأما حكم الصلاة على الرسول فليس يخلو الحال، إما أن تكون في الصلاة أوفي غيرها، فإن كان في الصلاة فالذي عليه أئمتنا " أنها واجبة ولا تكون مجزية من دونها، وهو رأي الشافعي ، وذهب أبو حنيفة إلى أنها غير واجبة فيها، وأما في غير الصلاة فمنهم من أوجبها في العمر مرة، ومنهم من أوجبها في كل مجلس مرة إذا تكرر ذكره، ومنهم من أوجبها عند جري ذكره وإن تكرر مرات كثيرة في المجلس الواحد، وهو ظاهر ما تقضي به الأخبار، وفي الحديث: ((تعس وانتكس ، وإذا اشتاك فلا انتقش من ذُكِرْتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ))، وفي حديث آخر: ((من ذُكِرْتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ فدخل النار فأ بعده الله )) .
(حتى واريناه في ضريحه): لحده، وفي الحديث: ((اللحد لنا، والشق لغيرنا )).
(فمن ذا أحق به من‍ي ): أولى به وأخص في الأمور كلها.
(حياً وميتاً!): في حال حياته بالنصرة والتأييد والمعونة والإخاء والمودة، وفي حال موته بالخلافة في أمته والوصية في قضاء ديونه، وحياً وميتاً انتصابهما على الحال من الضمير في قوله: به.
(فانفذوا على بصائركم): فيه روايتان:
أحدهما: بالقاف، من قولهم: نقدت الدراهم إذا أخرجت زيوفها.

وثانيهما: بالفاء والذال بنقطة من أعلاها، من قولهم: نفذ أمر فلان إذا كان ماضياً، وأراد أعرضوها عليَّ لأنقدها وأخرج رديئها أو لأمضيها أو أردها.
(ولتصدق نياتكم في جهاد عدوكم): في الصبر والإبلاء، والنصيحة والألفة.
(فوالذي لا إله إلا هو): أي المتفرِّد بالإلهية.
(إني لعلى جادة الحق): الجادة هي: أوسط الطريق.
(وإنهم): يعني معاوية وأهل الشام وأهل الجمل، وغيرهم ممن خالفه.
(لعلى مزلة الباطل): مكان الزلل.
(أقول ما تسمعون): من هذه المواعظ الواضحة.
(وأستغفر الله لي ولكم): من جميع الذنوب و المعاصي.

(179) ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها الإسلام
(ال‍حمد لله الذي يعلم عجيج الوحوش في الفلوات): العجيج هو: رفع الصوت، والفلاة هي: الموضع القفر، والوحوش: جمع وحش، وهو عبارة عن جميع حيوان البر، يقال: حمار وحش، وحمار وحشي.
(ومعاصي العباد في الخلوات): في الأمكنة الخالية التي لا يشعر بها أحد.
(واختلاف النينان في البحارالغامرات): النينان: جمع نون وهو: الحوت، وبحر غامر إذا كان كبيراً واسعاً.
(وتلا طم الماء بالأمواج العاصفات): واصطكاك الماء بعضه ببعض، بتحريك الرياح الشديدة، والموج: عبارة عن حركة البحر وزفيره.
(وأشهد أن محمداً نجيب الله): مختاره من بين الخلائق كلها.
(وسفير وحيه): المتوسط بالصلاح بين الله وخلقه.
(ورسول رحمته): المبشّر بالرحمة من جهة الله تعالى.
(أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله الذي ابتدأ خلقكم): أوجدكم من غير شيء، كما قال تعالى: {اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ }[النساء:1].
(وإليه معادكم ): مرجعكم، كما أشار إليه تعالى بقوله: {اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ }[الحج:1].
(وبه نجاح طَلَبِتكُمِ): فراغ ما تطلبونه، وترجون حصوله من جهته.
(وإليه منتهى رغبتكم): أي وهو الغاية فيما يرغب إليه مما عنده من الفضائل.
(ونحوه قصد سبيلكم): النحو ها هنا: ظرف مكان، أي وعنده مقاصد الطرق إلى النجاة ونجاحها، بالهداية إليها واللطف فيها.
(وإليه مراقي مفزعكم): المراقي: جمع مرقاة وهي الدرجة، أي لا يُرْتَقَى في الفزع من النوائب والعظائم إلا إليه.
(فإن تقوى الله دواء داء قلوبكم): من الوَحَر والصدأ الذي يلحقها بكثرة الذنوب، وارتكاب الخطايا.

(وبصر عمى أفئدتكم): أي وهو بمنزلة البصر لعمى الأفئدة.
(وشفاء مرض أجسامكم ): أراد أن الأجسام إذا عرض لها المرض فلا شفاء لها عن الأجرام المؤلمة لها إلا بالتقوى.
(وصلاح فساد صدوركم): فإن الصدور إذا فسدت بالقسوة، فصلاحها إنما يكون في تقوى الله تعالى وخوفه.
(وطهور دنس أنفسكم): أي أن النفوس إذا كانت متدنسة بما يلحقها من الخطايا فطهورها يكون بتقوى الله.
(وجلاء عشا أبصاركم): العشا: فساد البصر، وأراد أن بالتقوى يزول العشا ويذهب عمى الأعين.
(وأمن فزع جأشكم): الجأش: القلب، يقال: فلان واسع الجأش، وأراد أنها أمنٌ من فزع القلوب.
(وضياء سواد ظلمتكم): من ظلم الكفر والشبَه، وغير ذلك مما يُعَبَّر عنه بالسواد، والإخبار عن الله تعالى بكونه قصد السبيل ونجاح الطَّلِبة، إما على حذف المضاف أي ذو، وإما على جهة المبالغة على طريقة: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ }[البقرة:177] وهو الأخلق بالبلاغة، وأرق في المسموع، وهكذا وصف التقوى بأنه بصر العمى، وشفاء المرض، وجلاء الأبصار على جهة المبالغة أيضاً، كأنه جعلها نفس ذلك الشيء لحصوله عندها بكل حال.
(فاجعلوا تقوى الله شعاراً دون دثاركم): الشعارمن الثياب: مايلي الجسم، والدثار: فوقه، وأراد أنها تكون مباشرة لكم في الأحوال كلها خاصة بكم.
(ودخيلاً دون شعاركم): الدخيل والدخلل هو: الذي يداخل الرجل ويلابسه في جميع أموره، والدخيل من الثياب: ما كان دون الشعار الملاصق للجسم.
(ولطيفاً بين أضلاعكم): أي وأمراً لطيفاً يدخل تحت أضلاعكم، بالغ فيها حتى جعلها شعاراً ثم دخيلاً، ثم بالغ في ذلك حتى جعلها داخلة بين الضلوع في باطن الجسد.

(وأميراً فوق أموركم): أي يريد مالكة لأموركم، كما أن الأمير ملك للجند والعسكر يتصرف فيهم كيف شاء .
(ومنهلاً لحين وُرْدِكم ): تشربون منه عند عطشكم، والمنهل: مكان الماء، والورد: وقت ورود الماء لأهله، يقال: هذا وُردك أي يوم وَردك.
(وشفيعاً لِدَرْكِ طَلِبَتِكُم): وذريعة إلى إدراك ما تطلبونه من ذلك.
(وجُنَّة ليوم فزعكم) الجُنَّة: ما يستر الإنسان من ثوب ودرع وغيره، وقت خوفكم من كل ما تخافونه.
(ومصابيح لبطون قبوركم): تضيء لكم القبور لمكانها.
(وسكناً): تسكنون فيه، وتطمئن إليه نفوسكم.
(لطول وحشتكم): في القبور ونزولها.
(ونفساً لكروب مواطنكم): النفس: المتنفس، والكرب: ضيق الخاطر وتعبه، والمواطن: مواضع الحرب.
(فإن طاعة الله حرز من متالف مكتنفة): الحرز: ما يُلاذ به من جبل وغيره، والمتالف هي: المهالك، والاكتناف هو : الاشتمال، وأراد أنها مُسَلِّمَةٌ لصاحبها من شرور كثيرة شاملة من خلفه وقدامه، وعن يمينه وشماله.
(ومخاوف متوقعة): يتوقع حصولها، ويظن وقوعها.
(وأُوار نيران موقدة ): الأُوار بالضم هو: حرُّ النار والشمس والعطش، تمثيله للتقوى بالأوار لأمرين:
إما لإحراقها للشبهات، وإبطالها كإبطال لهب النار وحرها للأشياء، وإما من إضاءتها ونورها، كإضاءة النيران ولهبها.
(فمن أخذ بالتقوى): في جميع أموره.
(عزبت عنه الشدائد): زالت وذهبت.
(بعد دنوها): قربها إليه قبلها.
(واحلولت له الأمور بعد مرارتها): وإنما كانت الأمور مرة من غير تقوى؛ لأدائها إلى المرارة في الآخرة.
(وانفرجت له الأمواج بعد تراكمها): شبَّه كثرة الشُّبَه ومواقعة المعاصي بالأمواج العظيمة إذا تراكمت، فإذا حصلت التقوى زالت هذه الأمور كلها.

(وأسهلت له الصعاب): أي وصارت الأمور الصعبة سهلة يسهل فعلها، ويقرب أخذها على سهولة.
(بعد إنضائها ): تصعبها، وهو بالضاد المنقوطة.
(وهطلت عليه الكرامة): هطلت السماء إذا دام مطرها، وأراد الكرامة من الله تعالى ومن خلقه.
(بعد قحوطها): القحط: ذهاب المطر.
(وتحدَّبت عليه الرحمة): من قولهم: فلان حَدْبٌ على أقاربه إذا كان مشفقاً عليهم كثير الرحمة لهم.
(بعد نفورها): شرودها عنهم وزوالها.
(وتفجرت عليه النعم): من كل جانب بالخيرات.
(بعد نضوبها): نضب الماء إذا زال عن البئر وذهب.
(وثلت عليه الكرامة): أَثُل الرجل بالثاء بثلاث من أعلاها، إذا كثر ماله، وكثرت عنده الثُّلّة وهي: الضأن الكثيرة.
(بعد إرذاذها): الرذاذ هو: قليل المطر، قال:
يوم رذاذ عليه الدجن مغيوم
(فاتقوا الله الذي نفعكم بموعظته): وغاية النفع الوصول إلى الجنة، والعمل لها .
(ووعظكم برسالته ): على ألسنة أنبيائه، وخاصة أوليائه.
(وامتن عليكم بنعمته): إما بالهداية إلى الدين، وإما بما أعطى من هذه النعم الجزيلة في الدنيا.
(فعدوا أنفسكم لطاعته): من العدد، كقولهم: فلان يعد نفسه للحروب والعظائم، ويجوز أن يكون من الإعداد وهو التهيئة، من قولهم: فلان قد أعدَّ للحرب عدته أي هيَّأ له ما يحتاج إليه فيه، ومنه قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }[آل عمران:133] وأراد هيئوها للطاعة لله تعالى.
(واخرجوا إليه من حق طاعته): اعطوه ما يستحق منها، أخذاً من قولهم: خرجت إلى غريمي من دَيْنِه إذا أعطيته إياه.
(ثم إن هذا الإسلام دين الله ): الذي هو الدين والإيمان، وهي أمور واحدة عبارة عن القول والعمل والاعتقاد.

(الذي اصطفاه الله لنفسه): أي هو حقه الذي أخذ على عباده فعله، والقيام بأمره، كما قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ }[الزمر:54]، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ }[النساء:136] وغير ذلك من الآيات الدالة علىذلك .
(واصطنعه على عينه): أي جعله بمرأى منه ومراقبة في كل أحواله، كما قال تعالى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي }[طه:41] أي من أجل نفسي.
(وأصفاه خيرة خلقه): إما آثره به، وخيرة خلقه يعني الرسول عليه السلام، والخيرة بسكون الياء هو: المختار، كما قال تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ }[الإسراء:40] يريد آثركم بهم، وإما أخلصه من الشوائب له بأن جعله صافياً لا كدر فيه.
(وأقام دعائمه ): أشادها وقوَّاها ومكنها وأعلاها.
(أذل الأديان بعزِّه ): صارت ذليلة لا يلتفت إليها كاليهودية، والنصرانية، وسائر الملل بعزِّه، وتعلق الباء على وجهين:
أما أولاً: فبأن يكون عزه آلة في ذلها، وذلك لأنها صارت منسوخة أحكامها به، والإسلام ثابت الأحكام فذلها: نسخهابه.
وأما ثانياً: فبأن يكون على جهة التعليل، أي أنه أذلها من أجل عزه، كما تقول: أعطيتك بالمعروف والإحسان أي من أجل المعروف والإحسان إليك.
(ووضع الملل برفعه): أي لا وجه في وضعها إلا رفعة له وإشادة منزلته.
(وأهان أعداءه بكرامته): صغَّرهم وأقل أعدادهم تكريماً له وتشريفاً بحاله، وهذا ظاهر فإن الاستخفاف بعدوك والإهانة له هو رفع من منزلتك وغيرة عليك لا محالة.
(وخذل محاديه بنصره): أهان بالخذلان وترك النصر المعادين له والمشاقين لأمره بما جعل له من النصر والتأييد، وقوة الأمر والمكانة.

(وهدم أركان الضلالة ): من اليهودية والنصرانية، أو من عبادة الأوثان والأصنام وسائر الملل الكفرية.
(بركنه): بقوة جانبه، وظهور حاله.
(وسقى من عطش): أروى أهل العطش، وهو استعارة ها هنا في إنقاذ أهل الضلال عن ضلالهم به.
(من حياضه): لما استعار ذكر العطش [والسقاء منه ذكر على عقبه الحياض؛ لمناسبتها للعطش] ، وهذا من أنواع البلاغة يسمى توشيح الاستعارة.
(وأتأق الحياض): ملأها.
(بمواتحه): الماتح: المستقي، وأراد من أجل الجماعات المواتح له، وهو جمع لماتحة، وهي: الجماعة والفرقة.
(ثم جعله): خروج من نوع من الثناء إلى نوع آخر مخالف لما ذكره أولاً.
(لا انفصام لعروته): فصم الشيء إذا كسره من غير أن يبين، قال الله تعالى: {لاَ انفِصَامَ لَهَا }[البقرة:256]، قال ذو الرمة يصف غزالاً:
كأنَّهُ دُمْلُجٌ مِن فِضَّةٍ نَبَهُ
فِيْ مَلْعَبٍ مِنْ جَوَارِي الْحيِّ مَفْصُومُ
(ولا فك لحلقته): فككت الشيء إذا خلصته، ومنه فكُّ الرهن، وهو: خلاصه.
(ولا انهدام لأساسه): الأس والأساس هو: الأصل.
(ولا زوال لدعائمه): عن القرار والثبوت والدوام.
(ولا انقلاع لشجرته): عن أصلها وثباتها في منبتها.
(ولا انقطاع لمدته): بالنسخ والتغيير، كما عرض لغيره من الأديان.
(ولا عَفَاءَ لشرائعه): أي لا اندراس لأحكامه ومعالمه.
(ولا جَذَّ لفروعه): قطع لأ غصانه العالية المنيفة، والْجَذُّ: القطع، قال الله تعالى: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }[هود:108].
(ولا ضنك لطرقه): الضنك: الضيق، قال الله تعالى: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً }[طه:124].

(ولا وعوثة لسهولته): الوعث: المكان الرخو الذي تغيب فيه الأقدام، فإن المشي فيه يكون شاقاً، وأراد أنه لا يكون صعباً على من سلك طريقه، والوعث: المشقة، ومنه وعوثة السفر أي مشقته.
(ولا سواد لوضحه): الوضح: البياض، وأراد أنه لا سواد لبياضه، وهو مجاز في ظهور حجته وبيان أمره.
(ولا عوج لانتصابه): فيحتاج إلى مقوِّم.
(ولا عصل في عوده): العصل بالصاد المهملة: التواء في عسيب الذَّنَبِ ، حتى يبدو بعض باطنه، وروايته بالضاد بنقطة من أعلاها تصحيف لا وجه له.
(ولا وعث لفجه ): الفج: الطريق في الجبل، والوعث: المشقة والتعب، وغرضه أنه لا مشقة على من تلبَّس به.
(ولا انطفاء لمصابحه ): المصابح: جمع مصبح، وغرضه أن أنواره مضيئة لا يتعرض لها الذهاب والانطفاء: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ }[الصف:8].
(ولا مرارة لحلاوته): إنما أطلق عليه لفظ الحلاوة؛ لكونه مؤدياً إلى ذوقها وهو الجنة.
(فهو دعائم): أقامها الله تعالى، وقوَّى أركانها.
(أساخ في الحق): ساخ الماء في الأرض إذا ذهب فيها، وأراد أذهب في الأرض.
(أسناخها): السنخ بالسين بثلاث من أسفلها ونون هو: الأصل، يقال: سنخ هذا العود قوي إذا كان أصله متمكناً في الأرض.
(وثبَّت لها آساسها): قرَّر أصولها.
(وينابيع): جمع ينبوع، وهو: عين الماء.
(غزرت عيونها): كَثُرَ ماؤها وعَظُمَ.
(ومصابيح): جمع مصباح.
(شُبَّتْ نيرانها): فلا تطفئ لهبه، ولا تخبو أنواره.
(ومنارات اقتدى بها سُفَّارها): أعلام للطريق يهتدي بها القاصد لها من أهل السفر؛ لأن الضلال كثيراً ما يعرض في الطريق لأهل الأسفار.

(وأعلام قصد بها فجاجها): طرقها المستوية التي لا اعوجاج فيها،
(ومناهل رَويَ بها ورَّادها): فلايحتاجون معها إلى شيء سواها.
(جعل الله فيه منتهى رضوانه): غاية المطلوب من رضاه فلا غاية بعده .
(وذروة دعائمه): أعلاها.
(وسنام طاعته): السنام من كل شيء: أفضله وأعلاه، تشبيه له بسنام الناقة.
(فهو عند الله وثيق الأركان): أشدها وأصلبها.
(رفيع البنيان): مبانيه عالية، وقواعده مرتفعة.
(عزيز السلطان): إما عزيز الحجة والبرهان لا يردُّها راد، وإما عزيز الولاية لا يضام أهله.
(منير البرهان): أدلته واضحة.
(مضيء النيران): أنواره مضيئة ، لا يلحقها قترة ولا غبار.
(مشرق المنار): من الإشراق وهو: الإضاءة.
(معوز المثار): فيه روايتان:
أحدهما: بالعين المهملة والزاي أي لا يقدر أحد على تحريكه وإزالته عن مكانه.
وثانيهما: مغور بالغين المنقوطة والراء، وغور كل شيء قعره، والمثار: مكان الإثارة، وأراد أن الأمكنة التي يستثار منها دقائقة وأسراره بعيدة؛ لاشتماله على الأسرار، والرموز الدينية.
(فشرِّفوه): عظِّموا قدره وارفعوه.
(واتبعوه): وكونوا تبعاً له في جميع أموركم وأحوالكم.
(وأدُّوا إليه حقه): من التزام أحكامه، والوفاء بها.
(وضعوه مواضعه): في الأمكنة التي رفعه الله بها، وأعلا حكمه وشرَّف اسمه.

104 / 194
ع
En
A+
A-