وبالجملة أنه أعلم بآخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقوله عندنا حجة، وأما قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ }[الأعراف:205 ] فهي مثل قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا }[الإسراء:110 ] أعني أن المراد بها النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالذكر بدليل قوله: {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ }[الأعراف:205 ] مع التخيير بينه وبين الذكر الخفي، وكذلك الكلام في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً }[الأعراف:55 ] فإن المراد به التخيير بين الجهر والإسرار مع النهي عن المبالغة في رفع الصوت، وهذا على ما ورد من تفسير التضرع بالعلانية والاعتداء برفع الصوت، وأما على غيره فالآية واردة في الدعاء وللإسرار به سر كما أن للجهر بالبسملة سراً.
فإن قيل: إذا جعلتم الآية الأولى واردة في التخيير بين الجهر والإسرار على ما قررتم، وكذلك الآية الثانية على التأويل الذي حكيتم، فلم لا تقولون بالتخيير في البسلمة إذ هي من جملة ذكر الرب عز وعلا؟
قيل: الأحكام تختلف باختلاف المصالح، والأسرار المتعلقة بمحالها والمكلفين بها، وقد نعرف تلك المصالح والأسرار وقد لا نعرفها، لكن يجب علينا الإقرار بها جملة لما تقرر من عدل الله وحكمته، وأنه لا يفعل شيئاً ولا يشرع حكماً إلا لمصلحة.

[علل الجهر بالبسملة]
إذا عرفت هذا فنقول: لما قامت الأدلة الصحيحة الصريحة على وجوب الجهر بالبسملة خصصنا بها ما ورد من التخيير في تلك الآيتين، وقطعنا أن في الجهر بها لنا مصلحة وسر، كما خصصنا غيرها من الأذكار بوجوب الجهر بها لذلك السر، وتلك المصلحة المعلومة جملة أو تفصيلاً، وقد ذكر العلماء رحمهم الله في بيان السر في الجهر بالبسملة وجوهاً:
أحدها: ما ذكره الإمام القاسم بن محمد عليه السلام في الاعتصام، وهو أن الأصول من الكتاب والسنة شهدت بإغاضة الكافرين ومراغمتهم، قال الله سبحانه وتعالى:{ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً...} [التوبة:120 ]الآية.
وقال سبحانه: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً}[النساء:100 ]وما سيأتي إن شاء الله من شرعية الرمل في طواف القدوم، والسعي بين الميلين لإغاضة المشركين وإرغاماً لأنوفهم، وقد ثبت بالنص الجلي أنهم كانوا يكرهون الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم كما حكى الله عنهم حيث قال: {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَانُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً}[الفرقان:60 ] ولما تقدم ذكره أنهم كرهوا أن يكتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عام الحديبية في كتاب الصلح بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبينهم بسم الله الرحمن الرحيم، فألزم الله سبحانه المؤمنين كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها، وهي بسم الله الرحمن الرحيم، وشرع الله سبحانه وتعالى الجهر بها كما قدمناه من الأدلة إغاضة للمشركين وإرغاماً لأنوفهم.
قلت: وكان على الإمام عليه السلام أن يزيد: وبقي ذلك الحكم مستمراً كما بقي الرمل في الطواف والسعي.
الوجه الثاني: ما ذكره الرازي من كونها ثناءً على الله بالتعظيم، وقد مر تقريره.

الوجه الثالث: ما في الجهر بها من الافتخار والشرف للذاكر كما قال علي عليه السلام : (يا من ذكره شرف للذاكرين) مع ما فيه من الدلالة على عدم المبالاة بمن أنكره، ولا شك أن الجهر لأجل هذه الوجوه مستحسن عقلاً وشرعاً.
فإن قيل: فما تقولون فيما ورد في الحث على إخفاء الأعمال من الأقوال والأفعال مع ما فيها من الشرف والفخر؟
قيل: لم يرد الحث على إخفائها لذاتها، بل لدفع ما يحبطها من العجب والرياء.
فإن قيل: فلم لا تقولون بذلك في البسملة فيسن إخفاؤها لما ذكرتم؟
قيل: لأن الرياء ونحوه لا يصحب إلا الأعمال الذي يختص بها أفراد من الناس بحيث ينسب صاحبها إلى العبادة والتأله، وأما الأعمال العامة التي يستوي الناس فيها وربما ينسب المخل بها إلى التقصير كالفرائض ورواتبها، وتلاوة القرآن، وذكر الله في أوقات معتادة فلا يدخلها الرياء، والبسملة من هذا القبيل، وليس الجهر بها إلا كالجهر بسائر آيات الفاتحة في موضعه مع اشتمالها على الذكر والدعاء.
وعلى الجملة فربنا أعلم بالمصالح، وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه.
وأما قولهم: إن أدلة القائلين لا تنتهض للاحتجاج بها، فقد ذكرنا تصحيحها عن المحدثين مع أن بعضها مروي من طريق الأئمة الهادين كزيد بن علي، والهادي إلى الحق، والمؤيد بالله وغيرهم.

وأما ما حكوه عن الدار قطني فمعارض بما تقدم من تصحيحه لبعض أدلة الجهر، وأما قولهم: إن ما ورد في الجهر بها مطلقاً لا يفيد المطلوب وهو الجهر بها في الصلاة، فنقول: دفع إفادته للمطلوب عناد ومكابرة، فإن المطلوب من جملة الأفراد التي يصدق عليها المطلق لا يخرج عنه إلا بدليل ولم يوجد، بل قام الدليل على دفع احتمال خروجه بالنص عليه، بل لو قيل: إن المراد بذلك المطلق هو المقيد من باب حمل المطلق على المقيد لكان صواباً، وأما قولهم لا ملازمة بين ما ورد في قراءته صلى الله عليه وآله وسلم إياها وبين الجهر لاحتمال إخباره بذلك، فهذا الاحتمال خلاف الظاهر، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا لموجب، سلمنا فأحاديث الجهر بها تدفع هذا الاحتمال وتوجب البقاء على الظاهر، وأما إجماع العترة" فقد قام الدليل على حجيته، ورواه العدل العارف بهم وبأقوالهم، وأما معارضتهم للحجة الرابعة بقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ }[الأعراف:205 ]فقد مر الكلام على هذه الآية الكريمة قريباً.

[أدلة القائلين بالتفصيل]
احتج القائلون بالتفصيل بأدلة:
أحدها: ما ذكره الخازن، وهو أنه إذا ثبت بما تقدم أن البسملة آية من الفاتحة وغيرها حيث كتبت كان حكمها في الجهر والإسرار حكم الفاتحة، وهذه الحجة هي التي اعتمدها المقبلي فإنه قال: العمدة في ذلك أنها آية من عرض آيات السور، فمن ادعى صفة مخالفة فعليه الدليل الناقل عن هذا الأصل.
الدليل الثاني: ماروي من ملازمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإ سرار بالقراءة في الصلاة السريةولم يفصل، ومثله ما روي عن علي عليه السلام .
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((صلاة النهار عجماء )). وما ورد في بعض روايات الجهر بالبسملة من تقييده بالجهرية نحو ما رواه في الاعتصام عن الحكم بن عمير وكان بدرياً قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة المغرب، وفي العشاء الآخرة، وفي الفجر، وفي يوم الجمعة. ونسبه إلى أمالي أحمد بن عيسى ولم أجده فيه، ونسبه في الدر المنثور إلى الدار قطني، وفي تفسير الخازن عن محمد بن أبي السري العسقلاني قال: صليت خلف المعتمربن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها، وسمعت المعتمر يقول: ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك، وقال أنس بن مالك: ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
قال: أخرجه الدارقطني وقال كلهم ثقات، وأخرجه الحاكم أبو عبدالله وقال: رواة هذا الحديث كلهم ثقات.
الدليل الثالث: الإجماع على شرعية المخافتة في العجماوين ذكره الأمير الحسين وظاهره الإطلاق.

الدليل الرابع: إن في القول بالتفصيل خروجاً عن موضع الخلاف، فيكون العمل به أحوط، وقد قال تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِي ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر:18]، ولا شك أن الأخذ بالأحوط من اتباع الأحسن، وبيان كونه أحوط أن القائلين بالإسرار مطلقاً أو الترك يقولون لاتفسد صلاة من جهر بها، والقائلين بالتفصيل يقولون لا يصح صلاة من لم يجهر بها في الجهرية، ويسر بها في السرية، وأجابوا عن حجج القائلين بالإسرار مطلقاً بمثل ما أجاب به عليهم القائلون بالجهر مطلقاً، وأجابوا عما أستدل به القائلون بعموم الجهر بها من الأحاديث والآثار بما تقدم عن صاحب الروض، وهو أن ذلك محمول على أن المراد بالجهر بها ثبوتها قرآناً فقط، وقد مر حكاية كلامه، وتحقيق جوابه أنه إذا لم يكن مرادهم إلا ثبوت قرءانيتها فصفة قراءتها تابعة لما هي فيه، أما الحجة الثانية وهي استلزام قراءته صلى الله عليه وآله وسلم للجهر بها، ففيه ما مر عن القائلين بالإسرار مع احتمال أنهم فهموا ذلك من ثبوتها آية من الفاتحة، مع كون قراءة الفاتحة فرضاً، فأخبروا أنه كان يقرؤها لإخباره صلى الله عليه وآله وسلم أنه لاصلاة إلا بفاتحة الكتاب، وهذا الاسم يتناول جميع آياتها، ومع هذا فلا يثبت ما ادعيتموه من استلزام الجهر إذلم يزد ذلك على كونه يقرؤها في الصلاة، وصفة قراءته لها تحتاج إلى دليل، وقد ثبت الإسرار في العصرين بمطلق القراءة والجهر في غيرهما، والبسملة من جملة ما يُقرأ في الصلاة، فيكون حكمها حكم الفاتحة، وأما مارووه في الجامع الكافي من الإجماع فمطلق مقيد بما رواه في الشفاء والروضة، وغيرهما من الإجماع على شرعية الجهر في الجهرية، وأين الإجماع مع خلاف الهادي عليه السلام كما يفيده شرح التجريد، بل أين الإجماع وبعض آل محمد لم يوجب الجهر والإسرار بالقراءة في جميع الصلوات، وأما الحجة الرابعة التي ذكرها الرازي، فالمراد

بالآية المبالغة في كثرة ذكر الله من دون نظر إلى الجهر والإسرار، مع أن القول بالتفصيل مذهب أمير المؤمنين عليه السلام كما في البحر.

[جواب القائلين بالجهر بالبسلمة على القائلين بالتفصيل]
والجواب من جهة القائلين بالجهر مطلقاً إن ما ذكره أهل التفصيل من الأدلة مرجوحة بالنظر إلى أدلة التعميم، ونحن نوضح ذلك مفصلاً فنقول:
أما الدليل الأول فقد قام الدليل الناقل عن الأصل، وقد بينا السر في تخصيصها بالجهر، وأما الثاني وهو ملازمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للإسرار في العصرين فمحمول على غير البسملة جمعاً بين الأدلة، وأما حديث صلاة النهار عجماء فقد أجيب عنه من وجوه:
أحدها: أنه باطل لا أصل له قاله النووي، وقال الدارقطني: هو من كلام بعض العلماء.
الثاني: أن راويه كان عاملاً لمعاوية على المدينة ذكره في الاعتصام، وقال الإمام الحسن بن يحيى القاسمي عليه السلام في بعض فتاويه، وهو القائل: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إن لكل نبي حرماً ، وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأشهد بالله أن علياً أحدث فيها)).
وذكر عليه السلام في هذا الجواب قوادح أخر في راوي الحديث -أعني أبا هريرة- منها تصريح أمير المؤمنين عليه السلام بتكذيبه، ومنها قدح عمر، وابن عباس، وعائشة في روايته.
وحكى عن أبي جعفر الإسكافي في أنه كان مدخولاً عند شيوخ العدلية غير مرضي الرواية، وكان أبو حنيفة لا يقبل روايته إلى غير ذلك من القوادح، ودون ما ذكر يوجب رد روايته.
الوجه الثالث: أنا إذا فرضنا قبول روايته، وأنه رواه مرفوعاً فإن القواعد الأصولية تقتضي ترجيح أخبار الجهر؛ لأن رواتها أعدل واظبط، وفيهم المعصوم وهم أكثر عدداً، وقد روي أن رواية الجهر عنه صلى الله عليه وآله وسلم رواها فوق عشرين صحابياً.

الوجه الرابع: أنه معارض لما رواه أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب، ويسمعنا الآية أحياناً.. الحديث وفيه: (وهكذا في العصر) متفق عليه، ولأبي داود والنسائي نحوه.
وروى في الاعتصام نحوه من حديث أبي قتادة وعزاه إلى أمالي أحمد بن عيسى ولم أجده فيه، قال بعض العلماء: وقوله: (أحياناً) يدل على أنه تكرر ذلك منه، وهذا نص في جواز الجهر ببعض الآيات في العجماوين فما ظنك بالبسملة التي قد ورد في الجهر بها ما ورد، بل قد قيل: بجواز حمل الآية المسموعة عليها.
قال الإمام (القاسم بن محمد) عليه السلام : لام التعريف في لفظ الآية إن كانت للعهد فدلالتها على بسم الله الرحمن الرحيم أرجح من دلالتها على غيره لما تقدم، وإن كانت للجنس فبسم الله الرحمن الرحيم من الآيات.
الوجه الخامس: أنا وإن تنزلنا لكم على صحة الحديث سنداً ومتناً، وأنه متناول للبسملة بعمومه، فإنا نقول القاعدة الأصولية أن العمومين إذا كان يصلح تخصيص كل منهما بالآخر، وذلك فيما كان بينهما عموم وخصوص من وجه فإنه يسلك في تخصيص كل منهما مسلك الترجيح، وهذا الحديث وحديث: ((من لم يجهر في صلاته...)) إلخ وما في معناه من هذا القبيل، فإنه يصلح تخصيص كل منهما بالآخر، فنقول: تخصيص حديث صلاة النهار عجماء بحديث الجهر بالبسملة أرجح لأمور:
أحدها: أن حديث صلاة النهار... إلخ قد تواردت عليه المخصصات؛ إذ قد أخرج منه الفجر، والجمعة، والكسوف، وصلاة العيدين وغير ذلك، وما تواردت عليه المخصصات كان أولى بالتخصيص.
الثاني: أن بعض أحاديث الجهر مؤكد بما يدل على فساد صلاة من لم يجهر كذكر الخداج والنقصان، وحديث أبي هريرة إنما يدل على شرعية الإسرار من دون تعرض لصحة ولا فساد؛ إذ ليس في الخبر ما يقتضي ذلك.

فإن قيل: بل قد ورد في رواية الشفاء وغيره ما يدل على الفساد، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إذا رأيتم من يجهر في صلاة النهار فارموه بالبعر )).
قيل: لعله أمر برميه بالبعر لمبالغته في الجهر وقد نهي عنه بقوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ ...} [الإسراء:110 ]إلخ.
ويدل على هذا ما في الجامع الكافي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى رجلاً يصلي بالنهار رافعاً صوته بالقرآن فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يرمى بالبعر، على أن أمره برميه بالبعر لا يدل إلا على أن ترك الجهر أولى، وإلا لكان يمكنه أن يقول: لا تجهر أو نحوه مما يدل على الفساد.
وعلى الجملة فليس صريحاً في الفساد بخلاف حديث الجهر بالبسملة، فثبت أن حديث صلاة النهار أولى بالتخصيص.
الأمر الثالث: أنا لو أجرينا هذا الحديث على ظاهره لخلت أحاديث الجهر بالبسملة عن الفائدة؛ لأنه لو كان حكمها حكم الفاتحة في الجهر والإسرار لكفى أن يقول: هي آية منها، وإذا كان بقاء ذلك الحديث على ظاهره يؤدي إلى مثل هذا المحذور وجب القول بأنه أولى بالتخصيص صوناً لكلام الحكيم عن العبث.
فإن قيل: قد ذكر الأصوليون من المرجحات للتخصيص في مثل ما نحن فيه عمل الأكثر، والأمة مطبقة وجمهور الآل على إسرارها في النهارية، فيكون تخصيص حديث: ((كل صلاة لا يجهر فيها ...)) إلخ بحديث: ((صلاة النهار عجماء)) أولى.
قيل: لا نسلم أن عمل الأكثر يفيد الترجيح؛ إذ ليس بحجة والقرآن مملوء بمدح القلة، سلمنا فالظاهر عن جمهور مشاهير السلف القول بالجهر بها مطلقاً، وقد مر تعداد كثير منهم، ثم إن هذا المرجح معارض بمرجح أقوى منه وهو عمل أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد تقدم تحقيقه عنه، وتصريح الرازي بأن مذهبه عليه السلام الجهر بها في جميع الصلوات.

40 / 329
ع
En
A+
A-