الكتاب : مفتاح السعادة المؤلف : السيد العلامة المجتهد علي بن محمد بن يحيى العجري |
مقدمة التحقيق
كلمة شكر
أتقدم بخالص الشكر والتقدير والعرفان لكل من تعاون معي في إخراج هذا الكتاب، وأخص بالذكر (مؤسسة الإمام زيد بن علي عليه السلام الثقافية).
وكذلك السيد العلامة ـ نجل المؤلف ـ يحي بن علي بن محمد العجري، الذي أشرف على التصحيح والمقابلة، والسيد العلامة ـ نجل المؤلف ـ محمد بن علي العجري، الذي تحمّل النصيب الأكبر من المراجعة والملاحظة.
وكذلك أحفاد المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ وهم الأخوة الأفاضل، السيد العلامة عبدالرحمن بن يحيى العجري، والسيد العلامة محمد بن يحيى العجري، والسيد الأستاذ عبدالله بن أحمد بن يحيى العجري، والسيد الأستاذ عبدالكريم بن أحمد بن يحيى العجري، ولقد أبرّوا بعملهم هذا والدهم ـ رحمه الله تعالى ـ، فجزاهم الله خير الجزاء، ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، إنه على كل شيء قدير..
عبدالله بن حمود العزي
كلمة بقلم نجل المؤلف السيد العلامة
يحيى بن علي العجري حفظه الله تعالى
كتب إلي رسالة قمت باختصارها وإيرادها هنا تلبية لطلبه: جاء فيها: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله:
الولد العلامة النجيب، الأديب، الذكي الألمعي عبدالله بن حمود العزي ـ حفظه الله تعالى ـ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لقد سررنا غاية السرور بما قمتم به من هذا العمل المبرور والسعي المشكور، والإهتمام بنشر مؤلفات أئمتنا وعلمائنا، والانتفاع بعلومهم، ومنها: كتب والدنا العلامة المجتهد الولي علي بن محمد العجري ـ رحمه الله تعالى ـ فلكم في ذلك الفضل الكثير والثناء الحسن، وفقكم الله لما فيه رشدكم من المساعي المرضية والأعمال الخيرية.
ونسأل الله أن يحقق بكم الآمال في الحال والمآل، زادكم الله نوراً وتنويراً وهدايةً وبصيرةً وعلماً وحلماً وفهماً، وفي حفظ الله وحسن رعايته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
والدكم/ مستمد الدعاء وباذله
الحقير يحيى بن علي العجري
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ـ وبعد ـ
فإن القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة، ودستوره المجيد: {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت: 42] حمل في طياته عزائم الرسالة، ومعاقد التشريع، ومناهج التربية، والتوجيه، والتبليغ.
ومن المعروف أن الكلام عنه وأهميته وموضوعاته يحتاج إلى مجلدات ضخمة، ودراسات موسعة معمقة، فما من آية من آياته إلا وهي ناطقة بأصالته وفصاحته: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت: 53].
ولقد حدد القرآن الكريم مواصفاته باعتباره كلام الله تعالى، ووحيه الكامل: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ}[فاطر: 31]. ثم يذكر الذين أورثهم فهمه، ورزقهم تأويله وعلمه، فيقول: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}[فاطر: 32].
فهو المنهج السليم، والحكم العدل القويم، وصمام الأمان، والمهيمن على الزمان والمكان، يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : ((فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع، وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه قاده إلى النار، هو الدليل الذي يدل على خير سبيل، وكتاب تفصيل وبيان وتحصيل، والفصل ليس بالهزل، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى، ومنارات الحكمة، والدليل على المعرفة لمن عرف الطريقة، فليولج رجل بصره، وليبلغ الطريقة نظره، ينج من عطب، ويتخلص من أشب، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، بحسن تخلص وقلة تربص)).
ومما لا شك فيه أن المسلمين بمختلف اتجاهاتهم قد أولو القرآن العظيم جل اهتمامهم، وخلاصة جهودهم، وخصوه بالدراسات المعمقة والتفاسير المتنوعة، إلا أنها لا تخلو من ملاحظات، ولكل منها خصائص ومميزات، وسلبيات وإيجابيات.
أهل البيت ـ عليهم السلام ـ والتفسير
ولأهل البيت" الجهد الأكبر والإعتناء الأعظم بالقرآن الكريم وتفسيره، ومما يطمئن النفس، ويريح الضمير، هو الإعتماد على تفاسيرهم؛ لأن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قرنهم بهذا القرآن الكريم في حديث الثقلين المشهور، الذي أجمعت على روايته جميع الطوائف، وورد في أكثر المجاميع والمسانيد والمعاجم بأسانيد معتمدة، وروايات متعددة تؤكد شهرته وصحته.
ومن أهم كتبهم في التفسير
1- تفسير (الغريب) للإمام زيد بن علي عليه السلام ، المتوفى سنة 122هـ ـ طبع.
2- تفسير الإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام ، المتوفى سنة 246هـ. وقد تضمن كتاب (المصابيح) وهو مجموع تفاسير أهل البيت" جزءاً منه.
3- تفسير الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم عليه السلام ، المتوفى سنة 284هـ، وقد تضمن كتاب (المصابيح) في التفسير جزءاً منه.
4- تفسير الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين"، المتوفى سنة 298هـ، وقد تضمن كتاب (المصابيح) في التفسير كذلك جزءاً منه.
5- تفسير الإمام المرتضى لدين الله محمد بن الهادي عليهما السَّلام المتوفى سنة 310هـ، وقد تضمن كتاب (المصابيح) في التفسير جزءاً منه.
6- تفسير الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي عليهما السَّلام المتوفى سنة 325هـ.
وهذه التفاسير الخمسة الأخيرة توجد في بعض المكتبات الخاصة والعامة، كما أن منها ما هو ملخص في كتاب (المصابيح الساطعة الأنوار) الذي جمعه العلامة عبدالله بن أحمد الشرفي، المتوفى سنة 1062هـ، طبع منه ثلاثة أجزاء ـ والباقي يطبع تباعاً ـ ومنها ما هو مجموع في كتاب جمعه أبو العباس منصور بن موسى الخطاب، ذكره الدكتور عدنان زرزور في كتابه (الحاكم الجشمي) حيث قال: ((ولدينا اليوم من هذه التفاسير الخمسة، أو من كلام هؤلاء الأئمة ـ يعني الإمام القاسم، وابنه الإمام محمد بن القاسم، والإمام الهادي وولديه عليهم السلام جميعاًـ تفسير القرآن بعامه مجموع هام يقع في حوالي أربعمائة ورقة خطية، قام بعمله أبو العباس منصور بن موسى الخطاب ـ رحمه الله)).
ومن الملاحظ على الدكتور عدنان أنه خلط بين تفاسير أهل البيت (الزيدية) وتفاسير (المعتزلة) وجعلها تحت مسمى (تفاسير المعتزلة) وهذا خلط عجيب بلا مستند صحيح، وقد وقع فيه كثير من الكتّاب.
والذي نؤكده أن للزيدية تفاسير خاصة تخالف المعتزلة ومناهج خاصة في الأصول تخالف المعتزلة، يلاحظها القارئ الكريم عند تصفحه لهذا الكتاب الذي بين يديه، وغيره من الكتب الأصولية، كـ(مجموع السيد حميدان) للسيد العلامة الشهير حميدان بن يحيى حميدان، المتوفى في القرن السابع الهجري، وكتاب (اللآلئ الدرية شرح الأبيات الفخرية) للعلامة الكبير محمد بن يحيى بن الحسن القاسمي ـ رحمه الله تعالى ـ المتوفى في القرن الثامن الهجري.
7ـ تفسير المحدث الحبري، المتوفى سنة 286هـ، وقد طبع.
8ـ تفسير (البرهان) لأبي الفتح الديلمي، المتوفى سنة 444هـ.
9ـ تفاسير الحاكم الجشمي، المتوفى سنة 494هـ. وهي عديدة أشهرها (التهذيب) و(تنبيه الغافلين) و(المبسوط) و(الموجز) ولا شك أنه قد كان معتزلياً ثم تزيد ـ أي دخل المذهب الزيدي.
10ـ تفسير (الثمرات) للفقيه يوسف بن أحمد بن عثمان الثلائي، المتوفى سنة (832ه) وهو خاص بآيات الأحكام ـ وقد طبع مؤخراً.
وهنالك غيرها من التفاسير، والغرض الإشارة لا التفصيل.
هذا الكتاب
وهذا الكتاب الذي بين يديك الكريمتين يعد من أهم الكتب في تفسير القرآن الكريم، وقد تميز بأبحاثه الكثيرة، ومسائله العديدة.
وقد سلك فيه مؤلفه ـ رحمه الله تعالى ـ مسلكاً رائعاً، ومنهجاً فريداً، حيث مزجه بتفاسير الأئمة المتقدمين والمتأخرين، وضمنه بحوثاً رائعة احتوت مسائل هامة جداً.
وإذا كان للتفسير طرقه وأنواعه، فإن للمؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ طرقاً خاصة وابتكارات رائعة، ففي الوقت الذي نرى فيه أن كل مفسّر سلك نوعاً من أنواع التفسير وطريقة من طرق التأليف والتصنيف، فمنهم من فسر بالمأثور، كـ(ابن كثير) و(الطبراني)، ومنهم من فسر التفسير الكلامي كـ (الرازي) ومنهم من فسر التفسير البياني كـ(الزمخشري) و(البيضاوي)، وغيرهم. ندرك أن مؤلف هذا الكتاب قد جمع بين هذه الأنواع من التفاسير، مع ملاحظة عدم الوقوع فيما وقع فيه بعضهم من الهفوات والفلتات.
ففي التفسير بالمأثور: ذكر الروايات الصحيحة وفنّد الروايات الضعيفة التي تساهل فيها بعض من فسر بالمأثور.
وفي التفسير الكلامي: ناقش المواضيع العقدية والكلامية، وأوضح كيفية فهمها، وفنّد شبهاً وقع فيها بعض من فسَّرَ كلامياً كـ(الرازي).
وأما التفسير البياني: فقد وضع معنى كل آية، ووجه بيانها بعيداً عن التطويل.
ومن الملاحظ أنه جمع بين هذه الأنواع من التفاسير في تفسير واحد، وعلى هذا فقد شارك كل مفسر فيما تميز به ولم يشاركوه فيما تميز به، وتفرد بذكره ومناقشته.
وقد أودعه من الأبحاث العقائدية، والمناقشات الكلامية، والمسائل الفقهية، بما لا نستطيع وصفه، فما من موضوع حارت فيه الأفكار أو مسألة وقف عندها النظار، إلا وذكرها بأكثر مما ذكروها، وشرحها بأحسن مما شرحوها، سالكاً فيها مسالك الإنصاف، متجنباً مزالق التعصب والإعتساف.
ومن كثرة إثرائه للمواضيع، واستقصائه للأدلة، أصبحت كل مسألة أو موضوع جدير بأن يكون كتاباً مستقلاً بذاته.
أهم المواضيع الرئيسة التي ناقشها المؤلف
ومن أهم المواضيع الأصولية التي ناقشها المؤلف ـ رحمه الله تعالى:
1- خلق أفعال العباد.
2- الشفاعة.
3- خلق القرآن الكريم.
4- عذاب القبر.
5- الصفات.
6- التحسين والتقبيح العقليان.
7- رؤية الله تعالى.
8- صفات الذات وصفات الفعل.
9- حدوث العالم.
10- الرد على الملاحدة.
11- الإحباط والموازنة.
وهنالك الكثير والكثير من المواضيع المتنوعة والمسائل المتعددة الرائعة التي أوضحها أيما إيضاح.