[آية التقوى]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ومما أيضاً تكلم فيه الناس واختلف في ناسخه ومنسوخه قول الله عز وجل: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ? [آل عمران:102] فزعم قوم أنها منسوخة نسخها قول الله عز وجل: ?فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ? [التغابن: 16] ، فتأولوا ذلك أنه ليس عليهم جهاد ولا غيره مما يحمل عليه التقوى، ورخصوا في هذا الباب حداً من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم قليل، وقال آخرون إنها محكمة، وإنها ناسخة لما فيه الرخصة، وهذا قولنا وعليه نعتمد، والمعنى عندنا وعند أكثر الناس في قوله عز وجل: ?اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِه? أي جاهدوا في الله حق الجهاد، ولا تأخذ أحداً في الله لومة لائم إذا رآه يعصى، وأن يقام بالقسط في بلاده وعباده على القريب والبعيد، وأن يطاع سبحانه فلا يعصى، وأن نذكره عند كل أمر يريده فلا ينسى، فهذا هو المعنى عندنا وهو قولنا وعليه نَعْمَلْ، والحمد لله ولي كل نعماء ووارث الأرض والسماء.
[قتل النفس وتوبة القاتل]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ومما [92 أ –ب] اختلف فيه أيضاً قول الله تعالى في القرآن [33ب-أ] : ?وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [15-ب] إلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا? [الفرقان:68-70] ، فزعم قوم: أن الآية التي في النساء نسخت هذه الآية، وهي قول الله تعالى: ?وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا…?الآية [النساء: 93] .
وقال آخرون: إن آية الفرقان محكمة وهذه محكمة لم تنسخ إحداهما الأخرى، وكل من مات على غير توبة فهو من أهل الوعيد، وكل من تاب من شيء من الذنوب كلها وأخلص تاب الله عليه، وهذا قولنا وبه نأخذ، وقد زعم قوم: إن القاتل لا توبة له وإن تاب، وهم الذين قالوا: إن آية الفرقان نسختها الآية التي في النساء، وهذا عندي غير صواب؛ لأنه لا شئ أكبر من الشرك بالله ومن تاب من ذلك قبله الله، ومن ذلك: أن جماعة ممن كانوا أسلموا ارتدوا ورجعوا إلى مكة منهم: طعمة بن أشرف والحارث بن سويد بن الصامت ، ثم ندم الحارث فكتب إلى أخيه وكان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجلاس بن سويد إني قد ندمت وأني أشهد أن لا إله إلى الله وأن محمد رسول الله، فاسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل لي توبة؟ وإلاّ ذهبت في الأرض، فنزلت: ?كيف يهدي الله قوماً كفروا... ?الآية [آل عمران:86] [34أ-أ] ؛ فكتب إليه أخوه أنه لا توبة لك عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتب إلى الله حتى يجعل لك مخرجاً، فأنزل الله تعالى بعد ذلك: ?إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ... ?الآية [آل عمران: 89] ؛ فكتب إليه أخوه: إن الله قد أنزل توبتك فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعتذر إليه، وتب إلى الله مما صنعته ففعل، وقبل منه [92/ب-ب] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسمع ذلك الذين كانوا ارتدوا معه، فقالوا: ما نحن إلاَّ كالحارث نقيم بمكة ونتربص بمحمد ريب المنون، فإن بدا لنا رجعنا إليه فقبل منا كما قبل منه، فأنزل الله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا... ?الآية [آل عمران:90] ، فأقاموا على الكفر حتى فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة فجاءه من كان بقي منهم فأسلم فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان قد مات بعضهم فأنزل الله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا
وَهُمْ كُفَّارٌ... ?الآية [آل عمران:91] ، وتوبة القاتل المؤمن مقبولة إذا أقاد من نفسه فرجع عن خطيئته، وندم على فعله، واستغفر الله سبحانه لذنبه، وأناب إلى ربه، فقال سبحانه وتعالى: ?يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ? [الزمر: 53] ، وقال سبحانه: ?إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ? [النساء:48] فحرم الله المغفرة على [34ب – أ] من تاب على شركه، وأرجأ أهل الذنوب فلم يخص أحداً منهم بترك قبول توبته إذا تاب، وهذه آية مبهمة أخبر الله فيها عن قدرته وأنه يغفر ما يشاء لمن يشاء، غير أنه لا يشاء أن يغفر لأهل الكبائر الذين يموتون عليها، والذين قد انتضمهم الوعيد.
وقد بلغني من حيث أحب [65/2] أن هذه الآية التي في الفرقان نزلت من أجل قوم من المشركين قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا له: يا محمد، إن جميع ما تدعوا إليه لحسن، ولكن كيف نفعل بما مضى [93أ- ب] من كثرة ذنوبنا وقتلنا، من قتلنا فلوا أخبرتنا أن لما عملنا كفارة لأجبناك إلى ما تدعونا إليه، فنزلت الآية ?وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ... ?الآية [الفرقان:68] .
ولعمري أن من مات على غير توبة من أهل الوعيد، فأمّا ما احتج به من ذكرنا من الآية التي في النساء، وزعم أنها نزلت بعد ذلك بسبعة أشهر أو ستة أشهر، وزعم أن آية الفرقان مكية وآية النساء مدنية، فكل هذا عندنا على ما قد تقدم عليه قولنا، ولمن مات على غير توبة، والتوبة النصوح عندنا تغسل كل شيء، وعلى ذلك يوم الوعد والوعيد وهذا وجه الحق. والله أعلم. ولا يلتفت إلى ما ذكر من هذه الأخبار وناسخ وما ذكر ومنسوخه.
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ولا أعلم بين الناس اختلافاً في قبول التوبة من جميع من تاب إلاَّ ما تكلم به من ذكرنا في القاتل وحده، فإنهم زعموا أنه لا توبة له فأمّا ماسوى القتل [35أ-أ] فقد أجمعوا على قبول التوبة فيه، وفي ناسخ ذلك [16أ-جـ] ومنسوخه قال الله عز وجل: ?وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا? [النساء:18] فشق ذلك على المسلمين وتشاكوا ذلك، فأنزل الله عز وجل: ?إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ? [النساء:48] فنسخت هذه الآية التشديد الذي كان قبلها، ولا أعلم بين الناس اختلافاً في أن هذه الآية ناسخة لما قبلها، والتوبة عندنا مقبولة ممن تاب من جميع الذنوب، وأخلص لله تعالى ما لم يقع في [93ب-ب] السياق، وقد ذُكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأجمعوا في ذلك عنه أنه قال: [66/2] (من تاب قبل أن يغرغر بنفسه تاب الله عليه) حدثني من أثق به يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: [66/2] ((من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه، والسنة كثيرة، ومن تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه والشهر كثير، ومن تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه والجمعة كثير، ومن تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه واليوم كثير، ومن تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه والساعة كثير، ومن مات قبل أن يغرغر بنفسه تاب الله عليه)) وهذا مما لا أعلم فيه اختلافاً. ختم الله لنا بخير.
[ما يخفيه المرء في نفسه ويعلنه]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ومما ذكر في مؤاخذة الله للعباد بما يُسّرون وما يعلنون، وناسخ ذلك ومنسوخه [35ب-أ] ومحكمه.
قال الله سبحانه وتعالى: ?وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ? [البقرة: 284] فاختلف الناس في هذه الآية وفي تأويلها وفي ناسخها، فقال قوم: تأويلها من شك في الله علانية أو سراً حاسبه بذلك أو أيقن به علانية أو سراً جزاه الله بذلك، وقال آخرون: إنها نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها، وإن الله تعالى يثيب على إقامتها ويحاسب على كتمانها، وقد بلغني من حيث أحب [67/2] أنها لما أنزلت هذه الآية جاء الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جمع من أصحابه المهاجرين والأنصار فقالوا: يا رسول الله، ما نزلت آية أشد علينا من هذه، وإن أحدنا ليحدث نفسه، بأشياء ما يحب أن له الدنيا وما عليها وأن ذلك يثبت في نفسه فأنزل الله عند ذلك توسيعاً لهم: ?آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ? [البقرة: 285] إلى آخر السورة [94أ-ب] ،
والقول عندي -والله أعلم- إن الآية محكمة، وإن الآية التي ذكروا محكمة ولكل تأويل ومعنى، وإن الله سبحانه يحاسبهم فيه بالشك والارتياب وفي رسوله فيما أعلنوه من ذلك أو أسروه إذا كانوا عالمين به معتقدين له، وأما ما سوى ذلك مما يحدثون به أنفسهم فإنه بلغني من حيث أثق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: [68/2] ((عفى الله لأمتي ما تحدث به أنفسها حتى تفعله)) والدليل على ما قلنا به من هذا القول: قول الله عز وجل: ?مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ? [النساء: 123] والعمل فهو الإجماع - أي النية - على فعل شيء واعتقاده [36أ-أ] والعمل به؛ لأن من الأعمال ما يعمل به اللسان والقلب، ومنها ما يعمل بالأيدي والأرجل فهذا ما في الباب عندي. والله أعلم.
وقد بلغني عن ابن عباس أنه يقول: إن الآيتين محكمتان ويتأول في ذلك شبه بما تأولنا.
[الإكراه في الدين وعلته]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليها: ومما اختلف فيه الإكراه في الدين وعلته [16ب-جـ] وما نسخ من ذلك، قال الله عز وجل: ?لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ? [البقرة: 256] فزعم قوم أنها منسوخه نسخها قوله تعالى: ?يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ? [التوبة:73] ، وزعم آخرون أنها محكمة، والقول عندي -والله أعلم- إن الآيتين محكمتان، وأما قوله عز وجل:?لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ?فهي في أهل الكتاب الذين أعطوا الجزية ورضوا بالذل والصغار، وأما الجهاد وما أمر به منه فلغيرهم من الكفار والمنافقين والفساق، وذكر ذلك ما افترض الله منه في كتابه كثير، وفرضه مؤكد بين والحمد لله رب العالمين.
وأما قوله تعالى: ?لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ? [آل عمران: 28] يقول الله عز وجل للمؤمنين لا تتولوا الكافرين و [94ب-ب] عادوهم دون المؤمنين ولا تؤثروهم عليهم بالموالاة والمودة فحصر ذلك على المؤمنين ونسخ هذا بالرخصة لهم ?إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً? [آل عمران:28] .
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: [36ب- أ] يقول الله سبحانه وتعالى: إلاَّ أن تكونوا تخافونهم على أنفسكم فتعطونهم بألسنتكم ما لستم معتقدين في قلوبكم حتى يجعل الله لكم من ذلك مخرجاً، ثم قال: ?وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ? [آل عمران:28] يقول سبحانه: ?َيُحَذِّرُكُمْ? عقوبته في فعل ما لم يجعل لكم إليهم سبيلا، ثم قال:?وإليه المصير?أي مرجع كل شيء ومصيره.
[الاستغفار للمشركين والتبرؤ منهم]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ومما ذكر من نسخ الإذن بالاستغفار للمشركين قول الله عز وجل: ?وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا? [الإسراء:23ـ24] ثم نسخ ذلك بقوله: ?مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ? [التوبة: 113-114] ، فزعم قوم أنه تبرأ منه وترك الاستغفار له وهو حي، وقال آخرون: لم يترك الاستغفار له ولا تبرأ منه إلاَّ بعد موته، والقول عندنا الأول.
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: فهذا ما ذكر في الإذن في الاستغفار وناسخه بعد ذلك، وقد ذكر قوم [96/2] أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى على عبدالله بن أبي بن سلول لما طلب ذلك منه ابنه، وذكر أن ابنه طلب منه قميصه ليكفنه فيه فدفعه إليه، وزعم قوم أن رسول الله [37أ-أ] لما أنزل الله عليه: ?اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ? [التوبة:80] قال عند ذلك: ((سوف أزيد على السبعين في [95أ-ب] الاستغفار)) فأنزل الله عند ذلك على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في سورة المنافقين عزماً منه بترك المغفرة لهم: ?لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ? [المنافقون:6] ، ولست أدري ما هذه الأخبار، غير أني أذكر ما تكلم الناس فيه، وكيف يجوز هذا عندي أو عند من عقل والله يقول لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم [17أ-جـ] : ?وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ? [التوبة:84-85] فان تكن الصلاة وهذه الأخبار قبل نزول هذه الآية، ولا أدري ما هي أيضاً غير أني أقول: إن هذه الأخبار كلها ضعيفة لا ينبغي أن يلتفت إليها.