[التوارث والتبني بين الجاهلية والإسلام]
قول الله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ [25ب-أ] وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ [84ب-ب] أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا? [الأنفال:72] فأجمع الناس على أنه إذا كان الأخوان أحدهما مؤمن أعرابي، والآخر مؤمن مهاجر لا يتوارثان؛ لهذه الآية حتى أباح الله ذلك ونسخ الآية بقوله: ?وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ? [الأحزاب: 6] .
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وهذه الآية أيضاً نسخت ما كان عليه الناس في الجاهلية من المعاقدة عند الحلف ترثني وأرثك، والتبني، وذلك أن الرجل كان يتبنى الرجل فيدعى ابنه وينسب إليه ويرثه، كما كان تبنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن حارثة حتى نسخ الله ذلك بقوله: ?وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ? فنسخت الميراث كما ذكرنا ونسخ النسب بقوله تعالى: ?ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا? [الأحزاب:5] .

[المعاقدة والمحالفة والمعاهدة]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وأمَّا الأحلاف والحلف فإن الله أنزل فيهم؛ وذلك أنهم كانوا يتحالفون في الجاهلية بقول الرجل للرجل: تعاقدني على أني أرثك وترثني، فأنزل الله فيهم: ?وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ? [النساء:33] فأمر أن يؤتوا نصيباً مما تركوا بلا ميراث، ثم نسخ ذلك أيضاً بقوله [85أ-ب] تعالى: ?وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ? [الأحزاب:5] ، وقد قال قوم: إن النصيب الذي أمر الله أن يؤتى لأهل المعاقدة هو السدس، وزعموا [26أ-أ] أنهم كانوا يتوارثون في الجاهلية، ميراث الابن لأبيه وميراث الأب لابنه حتى جاء الإسلام فرجعوا، وكانوا يتوارثون السدس حتى نسخ الله ذلك بما ذكرنا، وبقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : [55/2] ((آلا لا عقد في الإسلام)).
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ولا أعلم في هذا الباب اختلافاً بين خاص ولا عام، إلاَّ في هذا الموضع وحده؛ فإنهم اختلفوا فقال بعضهم: إن النصيب الذي أمرهم الله تعالى به أن يؤتوه الذين عاقدت أيمانهم إن يوصى لهم بشيء، وقال آخرون: أمرهم الله أن يعطوهم نصيبهم في المشورة أن يحضروهم إياها، ويعطوهم النصر على عدوهم، ويعطوهم من العقل إذا كان، ومن [12ب-جـ] الدية.
قال عبد الله عليه السلام: والقول عندنا الأول، غير أنهم قد أجمعوا جميعاً أن هذا النصيب منسوخ على المعاني كلها، وأجمعوا بعد هذا أنه لما تكلم الناس في جميع ما ذكرت من هذا الباب، وخاضوا فيه أنزل الله سبحانه: ?إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ? [الأنفال:73] .
فصدق الله سبحانه، لولا ما حكم به من ذلك لاختلف الميراث، وفسدت الأنساب حتى يحرم من ذلك الحلال، ويحل الحرام من النكاح والميراث وغير ذلك، فالحمد لله على [85ب-ب] منه وفضله.

ولقد بلغني أنهم كانوا إذا تبنى أحدهم الصبي، وكان المتبني له من العرب والصبي مولى نسبه إلى العرب، وتزوج فيهم، من ذلك ما ذكر عن أبي حذيفة بن عتبة وكان بدرياً: أنه تبنى سالماًوأنكحه ابنة أخيه [26ب-أ] هند بنت الوليد بن عتبة، وسالم مولى امرأة من الأنصار.
وأما قوله تعالى: ?إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا? [الأحزاب:6] .
فإنما عنى بذلك: أن يوصى للذين عوقدوا بوصية على أحد التفضيل والجميل، لا على الإيجاب لذلك، وكذا بلغني عن ابن عباس وغيره، فأي فساد يكون أفسد عند من عقل مما ذكرنا من أن ينسب الرجل إلى غير أبيه أو يرثه غير وارثه.

[الاستئذان قبالة الدخول]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: و مما أختلف فيه: آية الاستئذان، وهي قوله عز وجل: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ? [النور:58] فقال بعض من قال وهم الأقلون: إنها منسوخة.
ونحن نقول: إنها محكمه وكذلك أكثر العلماء على قولنا، ونرى أن ذلك واجب على كل حال أن يستأذن على سيده ومن يملكه، وكذلك عندنا أن الآية محكمة في الذين لم يبلغوا الحلم، وذلك قوله سبحانه وتعالى: ?وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ? [النور:58] وهذه في الأحرار دون المماليك.

[الوصية]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: فأما ناسخ الوصية ومنسوخها، فما أقل ما في ذلك من الاختلاف، وأنا أذكره في موضعه إن شاء الله تعالى، نسأل الله التوفيق لذلك. قال الله تعالى: ?كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ? [البقرة:180] ، فكان الميت يوصي [27أ-أ] بماله كله ولا ينفذ ذلك الورثة، فأنزل الله تعالى: ?فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ? [البقرة:181] فجعل الإثم على المبدل وبرئ منه الميت، فنفذت الوصية للميت حين نزلت آية المواريث فنسخت ذلك كله، واقتصر في الوصية على الثلث حين سأل الرجل الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكم يوصي [56/2] فقال: ((بالثلث والثلث كثير)) ولم أعلم أحداً من أهل المعرفة اختلف أنها منسوخة، نسخها قول الله تبارك وتعالى: ?لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا? [النساء:7].
فأما الوالدان فإنهم كانوا يعطونهم المال كله، وتكون الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله وصية الوالدين والأقربين وسهاماً للوالد وغيره، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل السدس لكل والد مع الولد، وبما جعل للزوج في الحالتين، وللزوجة في الحالتين، وبما شرع ذلك كله، وجعله فرضاً مفروضاً وبيَّنه.
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: فالمواريث نسخت الوصية لكل وارث وما جعل من النصيب المسمى المفروض، وصارت الوصية عندنا [13أ-أ ] لمن أحب الميت من قريب أو بعيد، وقد زعم قوم وهم شاذون قليل: إن الوصية لا تجوز إلاَّ لذي قرابة.

قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: والحجة عندي على من قال بهذا، ما فعل رسول الله صلى الله [86ب-ب] عليه وآله وسلم في رجل أوصى بعتق ستة [27ب-أ] أعبُد لم يكن يملك غيرهم، [57/2] فأعتق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم اثنين فكيف جاز ذلك وهم عبيد الميت لا نسب بينهم وبينه، ولا قرابة؟! وقد أنفذ العلماء جميع الوصايا إلى من أوصى له من قريب أو بعيد، لم يسألوا عن نسبه ما لم يكن وارثاً.
وكيف يصح هذا والله يقول: ?إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا? [الأحزاب: 6] ولا يختلف في أن المعروف الذي ذكره الله تعالى إنما يثبت بالوصية، والأولياء غير القرابة على ما ذكرنا وفسرنا، وليس القريب يسمى ولياً، وإنما يمسي الأقرباء عصبة، وليس يلتفت أحد إلى هذا القول لضعفه، وقد أجمع من أجمع من الناس أنه لا وصية لوارث، واحتجوا في ذلك بما قد ذكر من الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منها أنه قال في حجة الوداع: [58/2] ((لا وصية لوارث))، قد نسخ الله ذلك بآية المواريث، وقد قال قوم: إن الوصية للوارث جائزة، واحتجوا في ذلك بحجج كثيرة ليس هذا موضعها، وللإمام في ذلك نظر وتفصيل.

[كتاب الأطعمة والأشربة]
[أموال اليتامى ومخالطتهم]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وأمَّا ما نسخ من أموال اليتامى، قال الله سبحانه: ?إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا? [النساء:10] ، فلما نزلت هذه الآية كره المسلمون أن يكفلوا اليتامى، وتحرجوا من أن يخالطوهم، وسألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف يفعلون في أمرهم؟ فأنزل الله سبحانه: ?وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ? [البقرة: 220] يريد الله عز وجل (بأعنتكم) -أي: ضيق عليكم، لكن قد وسع عليكم وسهل بقوله: ?مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ? [النساء: 6] فنسخ الله الأكل بالظلم والعدوان لأموال اليتامى، بأن يؤكل منها بالمعروف عند الحاجة والفقر، فأذن في مخالطتهم بالنفقة، مع النفقة وكذلك قال تعالى:?وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ? فهذا ما ذكره الله من النسخ في أموال اليتامى، ولا أعلم فيه اختلاف عند خاص ولا عام، إلاَّ أن قوماً قالوا: يجب لمن كفل اليتيم أن يأكل من ماله بالمعروف إذا كان فقيراً كائناً من كان ويخالطه بالنفقة، فإن كانا يتغابنان عند الأكل فيكون الولي أكثر أكلاً من اليتيم لا حرج عليه؛ لأن الله قد أباحه بالمخالطة، وقال آخرون: لا يحل البتة لمن كفل يتيماً أن يأكل من ماله إلاَّ أن يكون من عصبته ممن ترثه ويرثك، فإذا كان كذلك جاز له أن يأكل من ماله إذا كان فقيراً، كما يجب عليه نفقته إذا كان أحدهما موسراً والآخر معسراً وجبت نفقة أحدهما على الآخر إذا كانا يتوارثان، واحتجوا في هذه

النكتة.
وإيجاب النفقة على أحدهما للآخر؛ لقول الله عز وجل: ?وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ? [البقرة: 233] ، وقالوا أيضاً: إنه لا يجب على اليتيم أن ينفق من يكفله -قريباً كان أو بعيداً- على عياله من ماله، فأمَّا الذين أجازوا النفقة لمن كفل اليتيم [ 28ب-أ] من [78ب-ب] ماله غير أقاربه، فإنهم قد أجازوا ذلك إذا كان مال اليتيم شاغلاً للولي بالقيام فيه والإصلاح له أن يأكل وينفق بالمعروف.
(قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: ولا أحب ذلك لمن كفل يتيماً، ولا أراه أن يكون إلاَّ بإجماع من أقاربه إن لم يكن أمام أن يجعل شيئاً معروفاً على قيامه كما جعل لغيره من الوكلاء فقط).

[كتاب الأحكام ومسائل متفرقة]
[الحكم بين أهل الكتاب]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: فأما ما اختلف فيه من ناسخ الحكم بين أهل الكتاب ومنسوخه فسأبين ذلك إن شاء الله تعالى، قال الله تعالى: ?وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ? [المائدة:49] فزعم قوم أنها منسوخة، نسخها قوله: ?فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ? [المائدة:42] . وقال آخرون: إن [ 13ب-جـ] قوله تعالى:?وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ? هي الناسخة لقوله:?فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ? وهذا قولنا وبه نأخذ، فالواجب عندنا أن نحكم بين أهل الكتاب بما أنزل الله في كتابه وعلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى ذلك وقع الصلح، وأخذت الجزية منهم على أن يسلموا للحق، ولا يظهروا شيئاً من المنكر فإن أظهروا منه شيئاً مما لا يحل لزمهم في ذلك ما يلزم غيرهم من المسلمين من الحدود وغيرها، وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم [59/2] أنه أقام الحدود عليهم، وذكر أيضاً أنه رجم يهودياً ويهودية، والحكم فيهم عندنا أن يقام عليهم من الحدود ويحكم بينهم بما يحكم به على المسلمين، ويقام فيهم من الحدود ما يقام على المسلمين.

فأما ما يحتج به من لم يرى الحكم بينهم ولا إقامة [ 29أ-أ] الحدود عليهم، فلا يلتفت إلى قوله [ 88أ-ب] ولا إلى ما احتج به، ومن أكبر حججهم أنهم زعموا أنهم قد صولحوا على شركهم وتركوا عليه، والشرك أكبر من غيره، فكذلك يتركون على ما هم عليه، لا يقام بينهم حد ولا يحكم فيهم بحكم، وتأولوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما أقام عليهم الحدود؛ لأن ذلك كان قبل أخذ الجزية منهم، وهذا كله عندنا وعند أهل المعرفة فاسد ضعيف قاسوه على غير قياس، ولعمري لئن كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقام عليهم الحدود قبل أخذ الجزية منهم، وهم أهل هدنة كغيرهم من المشركين، أن ذلك لهم بعد إقرارهم بالجزية وتسليمهم واستكانتهم للإسلام والمسلمين، وأداء الجزية والذل والصغر والرضا بما فعل فيهم من أخذها أن ذلك لازم لهم، والحكم بينهم أوكد؛ إذ رضوا بالإقامة في دار الإسلام، وهم يعلمون ما يلزم كل متعبد فيها من الحكم، وما جاء به الكتاب من الحدود وغيرها.
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وكيف يرد أهل الجزية إلى حكامهم، وهم يحكمون بغير الحق وبخلاف ما أنزل الله تبارك وتعالى، ويأخذون الرشا، وينفقونها في معاصي العلي الأعلى، قال الله سبحانه: ?سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ? [المائدة: 42] والسحت: الربا والرشا، وهذا قولنا وهو الحق عندنا. والله أعلم.

11 / 16
ع
En
A+
A-